الأمر الجنائي رؤية شاملة لتطبيقاته وآثاره القانونية 2024
Contents
الأمر الجنائي
الأصل في الخصومة الجنائية أن تنتهي بحكم قضائي عقب المرافعة الشفوية لكن بعض النظم القانونية رأت في الحالات البسيطة من الإجرام التجاوز عن هذا المبدأ العام في حدود معينة، وأجازت تقرير العقوبة دون أن تسبقها مرافعة شفوية أمام المحكمة، وذلك عن طريق إصدار ما يسمى بالأمر الجنائي.
وقد أدخل هذا النظام إلى مصر في سنة ۱۹۳۷ بمقتضى قانون تحقيق الجنايات المختلط ثم عمم تطبيقه على المحاكم الوطنية بمقتضى القانون رقم ١٩ السنة ١٩٤١ بشأن الأوامر الجنائية. وقد صدر قانون الإجراءات الجنائية الحالي فأخذ هذا النظام بعد أن أدخل عليه بعض التعديلات.
وقد استبعد هذا القانون عند صدوره المخالفات اكتفاء بخضوعها لنظام الصلح، واقتصر تطبيق نظام الأمر الجنائي على الجنح التي يحكم فيها بالحبس والغرامة، مستبعدا الجنح التي يقرر لها القانون عقوبات أخرى كالعقوبات التكميلية.
وقد طرأت على هذا القانون عدة تعديلات جوهرية، أولها بالقانون رقم ١١٦ لسنة ۱۹٥٢ الذي وسع نطاق الأمر الجنائي فأجازه في جميع المخالفات والجنح التي لا يعاقب عليها بغير الحبس والغرامة وثانيها القانون رقم ٢٥٢ لسنة 1953 الذي أجاز أن يقضي الأمر الجنائي بالعقوبات التكميلية،
وأعطى لوكيل النائب العام اختصاصا بإصدار الأمر الجنائي في المخالفات التي لا يوجب فيها القانون الحكم بالحبس أو بعقوبة تكميلية والتي لا يطلب فيها التأمينات أو الرد، مع إلغاء نظام الصلح في المخالفات الذي كان ينص عليه القانون من قبل في المادتين ۱۹ و۲۰ إجراءات.
وثالث هذه التعديلات، كان بالقانون رقم ۱۷۰ لسنة ١٩٥٨، فرفع قيمة الأمر الجنائي الذي يجوز إصداره من القاضي إلى مائة جنيه بعد أن كان عشرة جنيهات، ورفع قيمة الحد الأقصى للأمر الجنائي الذي تصدره النيابة العامة إلى مائة جنيه بعد أن كان مائتي قرش .
ثم جاء التعديل الرابع بالقانون رقم ١٧٤ لسنة ۱۹۹۸، فحذف المخالفات من الأمر الجنائي الذي يصدره القاضي وقصره على الجنح التي لا يوجب القانون فيها الحكم بعقوبة الحبس أو الغرامة التي يزيد حدها الأقصى على ألف جنيه فضلا عن العقوبات التكميلية والتأمينات وما يجب رده والمصاريف.
وأجاز أن يقضي الأمر الجنائي بالبراءة أو برفض الدعوى المدنية أو بوقف تنفيذ العقوبة، كما أجاز لعضو النيابة من درجة وكيل نيابة من الفئة الممتازة أن يصدر الأمر الجنائي، ووسع من نطاق الجنح التي يجوز له إصدار الأمر الجنائي فيها، وأوجب هذا القانون إصدار الأمر الجنائي في المخالفات.
أما التعديل الخامس فبمقتضى القانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦، والذي أوجب على عضو النيابة إصدار الأمر الجنائي في المخالفات والجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها والتي لا يزيد حدها الأدنى على خمسمائة جنيه، ولا يجوز أن يؤمر بغير الغرامة التي لا تزيد على خمسمائة جنيه والعقوبات التكميلية وما يجب رده والمصاريف.
كما أجاز هذا القانون للمحامي العام ولرئيس النيابة – حسب الأحوال – في ظرف عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر الجنائي أن يأمر بتعديله أو بإلغائه وحفظ الأوراق أو التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها أو برفعها إلى المحكمة المختصة، ولم يجز إعلان الأمر الجنائي للخصوم قبل انقضاء تلك المدة.
وأخيرا جاء التعديل السادس والأخير بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ على النحو الذي سنبينه فيما بعد. وما يلفت النظر في هذا التعديل أنه أجاز للقاضي أن يصدر أمرا جنائيا ضد المتهم إذا تغيب عن الحضور رغم إعلانه، بدلا من أن يصدر ضده حكما غيابيا.
الهدف من نظام الأمر الجنائي
يهدف نظام الأمر الجنائي الصادر من القاضي إلى تحقيق السرعة في الفصل في الدعوى الجنائية قليلة الأهمية وتبسيط إجراءاتها، والتخفيف من أعباء المحاكم حتى تتفرغ لنظر الدعاوى المهمة. ويهدف نظام الأمر الجنائي الصادر من عضو النيابة العامة لأن يكون بديلا عن الدعوى الجنائية.
ولكن يثور التساؤل حول مدى اتفاق هذا النظام مع مبدأ لا عقوبة بغير حكم قضائي – وهو ما لا يتصور بغير محاكمة منصفة – ومع ما قرره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة ۱۰) من الحق في نظر الدعوى في علانيــة أمــام محكمة مستقلة ومحايدة.
وتكمن الإجابة عن تلك التساؤلات فيما خوله نظام الأمر الجنائي للمتهم من حق الاعتراض عليه، والسماح في هذه الحالة بمحاكمته وفقا للإجراءات العادية. ولهذا، لا يصير الأمر الجنائي نهائيا إلا إذا أخطر به المتهم ولم يعترض عليه في الميعاد الذي حدده القانون.
ويعد الأمر الجنائي الصادر من القاضي أحد أساليب تبسيط إجراءات الخصومة الجنائية. أما الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة فإنه رغم كونها من السلطة القضائية، لكن نظرا إلى أن القانون لم يعهد إليها بسلطة الحكم وكان الأمر الجنائي الصادر فيها يعد نافذا ولو لم يوافق عليه القاضي – فإن الأمر الجنائي الصادر منها يعد أحد بدائل الدعوى الجنائية.
حتى إذا ما ألغي أو اعترض عليه تبدأ محاكمة المتهم وفقا للإجراءات العادية.
والأمر الجنائي سواء صدر من القاضي أو من النيابة العامة يعد أحد صــــور العدالة الجنائية الرضائية، لأن المتهم بعدم الاعتراض عليه يرتضي الأمر الجنائي الصادر ضده، فإن اعترض عليه سقط الأمر وخضع للإجراءات الجنائية العادية.
إصدار الأمر الجنائي
ينقسم الأمر الجنائي من حيث سلطة إصداره إلى نوعين :
- أمر يصدر من القاضي وهو قاضي المحكمة الجزئية التي من اختصاصها نظر الدعوى (المادتان ۳۲۳ و٣٢٣ مكررا إجراءات).
- أمر يصدر من النيابة العامة حيث أجاز القانون للنيابة العامة إصدار الأوامر الجنائية في حدود معينة (المادة ٣٢٥ مكررا إجراءات).
أولا : الأمر الجنائي الذي يصدر من القاضي
حالات إصدار الأمر الجنائى الذي يصدر من القاضى
طبقا للمادتين ٣٢٣ و٣٢٣ مكررا إجراءات يكون إصدار الأمر الجنائي في حالتين (الأولى) من بدائل الدعوى الجنائية، و(الثانية) من وسائل تبسيط الإجراءات الجنائية.
– الحالة الأولى من بدائل الدعوى الجنائية
للنيابة العامة – طبقا للمادة ۳۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية – أن تطلب من قاضي المحكمة الجزئية إصدار الأمر الجنائي، فلا يملك المدعي المدني حق طلب إصدار هذا الأمر. ولكن للمدعي المدني أن يدعي بالحقوق المدنية قبل صدور الأمر الجنائي، وفي هذه الحالة ينظر القاضي طلب إصدار الأمر الجنائي مقرونا بالادعاء المدني.
وطبقا للمادة ٣٢٤ إجراءات المستبدلة بموجب القانون رقم ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ – يجوز للقاضي أن يقضي في الأمر الجنائي بالتأمينات (أي التعويضات بما يعد فصلا في الادعاء المدني داخل الأمر الجنائي. ولا يجوز الادعاء المباشر من المدعي المدني من خلال طلب إصدار أمر جنائي في الدعويين الجنائية والمدنية.
ويعد طلب النيابة العامة إصدار أمر جنائي من القاضي رفعا للدعوى الجنائية أمامه، مما يخرجها من حوزتها، فلا يجوز لها بعد ذلك أن تتصرف فيها بالحفظ أو بالتقرير بالا وجه أو برفعها بالطريق المعتاد.
الحالة الثانية من وسائل تبسيط إجراءات الخصومة
أجاز القانون لقاضي المحكمة الجزئية وفقا للمادة ٣٢٣ مكررا المضافة بالقانون رقم ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ – من تلقاء نفسه عند نظر إحدى الجنح التي يجوز له فيها إصدار أمر جنائي طبقا للمادة ۳۲۳ إجراءات – أن يصدر أمرا جنائيا، وذلك إذا تغيب المتهم عن الحضور رغم إعلانه ولم تكن النيابة العامة قد طلبت توقيع أقصى العقوبة.
والواضح من ذلك أن سلطة القاضي الجزئي في إصدار الأمر الجنائي من تلقاء نفسه عند نظر إحدى الجنح التي كان يجوز له فيها إصدار أمر جنائي بناء على طلب النيابة العامة لا يستطيع ممارستها إلا بشرطين متلازمين هما أن يغيب المتهم عن الحضور رغم إعلانه، وألا تكون النيابة العامة قد طلبت توقيع أقصى العقوبة.
ولا يغير من ذلك وجود الدعوى المدنية التبعية مع الدعوى الجنائية، لأن للقاضي أن يفصل في الادعاء المدني داخل الأمر الجنائي. فلا يملك القاضي هذه السلطة إذا لم يكن المتهم قد أعلن قانونا على أنه في هذه الحالة الأخيرة تملك النيابة العامة سحب القضية من الرول وتقديم طلب إلى القاضي لإصدار أمر جنائي طبقا للحالة الأولى المنصوص عليها في المادة ٣٢٣ إجراءات.
الجرائم التي يجوز فيها إصدار الأمر الجنائي
يشترط في هذه الجرائم شرطان
1- أن تكون من الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بعقوبة الحبس (المادة۳۲۳).
2- أن تكون الجريمة بحسب ظروفها تكفي فيها عقوبة الغرامة، فضلا عن العقوبات التكميلية وما يجب رده والمصاريف. وهذا الشرط وإن كان واردا في المادة ۳۲۳ إجراءات فقط التي تسري على الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي بناء على طلب النيابة العامة، إلا أنه يسري كذلك على الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي من تلقاء نفسه، مراعاة لذاتية الأمر الجنائي من حيث مصدره في الحالتين.
إجراءات إصدار الأمر الجنائي
في الحالة الأولى : تقدم النيابة العامة الطلب بناء على محضر جمع الاستدلالات أو أدلة الإثبات الأخرى (المادة ٣٢٣ إجراءات).
وبعد تقديم النيابة العامة للطلب يصدر القاضي الأمر الجنائي دون إجراء تحقيق نهائي ودون سماع مرافعة الخصوم المادة) (٣٢٥ / أولا إجراءات)، فإذا رأى أنه بحاجة إلى اتخاذ شيء من ذلك وجب أن يرفض إصدار الأمر. وبناء على ذلك، فلا يجوز للنيابة العامة إعلان الشهود كما لا يجوز لها إعلان المتهم، وإلا عد ذلك رفعا للدعوى الجنائية بغير طريق طلب إصدار الأمر الجنائي
وفي الحالة الثانية : تكون الدعوى مرفوعة وفقا للقواعد العامة أن تتصل بها المحكمة، إلا أن المتهم غاب عن الحضور رغم إعلانه ولم تكن النيابة العامة قــــد طلبت توقيع أقصى عقوبة، فيصدر القاضي الجزئي الأمر الجنائي من تلقاء نفسه
– سلطة القاضي في البت في طلب إصدار الأمر الجنائي
يملك القاضي عند طلب إصدار الأمر الجنائي أي في الحالة الأولى المشار إليها إما الموافقة على هذا الطلب فيصدر الأمر، وإما رفض الطلب ويصدر القاضي قراره بناء على اطلاعه على الأوراق بحالتها دون تحقيق ودون سماع مرافعة، ويكون إصدار الأمر الجنائي في هذه الحالة على الوجه الآتي:
إصدار الأمر الجنائي
1– في الدعوى الجنائية :
يصدر الأمر الجنائي إما بالإدانة أو بالبراءة. فإذا كان الأمر بالإدانة، لا يقضى في الأمر الجنائي بغير الغرامة كعقوبة أصلية في الحدود التي سمح لها القانون دون حد أقصى. هذا بالإضافة إلى العقوبات التكميلية التي نص عليها القانون سواء بصفة جوازيه أو وجوبية كالمصادرة والإزالة، والغلق، علاوة على التعويضات وما يجب رده والمصاريف القضائية.
ويجوز للقاضي طبقا للمادة ٣٢٤ إجراءات. أن يقضي بوقف تنفيذ العقوبة وفقا للقواعد العامة، أي إذا رأى من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون (المادة ٤٥ عقوبات). ويبني القاضي هذا الاعتقاد على ما يراه في أوراق الدعوى بحالتها دون تحقيق موضوعي..
ولا يجوز للنيابة العامة بعد تقديم طلب الأمر الجنائي أن تجري تحقيقات تكميلية وتقدم المحضر إلى المحكمة، لأن هذه السلطة قاصرة على حالة صدور الأمر بالإحالة إلى المحكمة طبقا للمادة ٢١٤ مكررا إجراءات، وكل ما للنيابة العامة في هذه الحالة أن تطلب رفض إصدار الأمر الذي طلبته من قبل لكي تسترد سلطتها على الدعوى الجنائية.
وقد يصدر الأمر الجنائي بالبراءة، سواء لأن الواقعة غير ثابتة من ظاهر الأوراق أو كان القانون لا يعاقب عليها بفرض ثبوتها (المادة ٣٠٤ إجراءات). وقد أكدت المادة ٣٢٤ إجراءات المعدلة بالقانون رقم ١٧٤ لسنة ١٩٩٨ والمستبدلة بموجب القانون رقم ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ – هذه الرخصة للقاضي بما يتفق مع الأصل في المتهم البراءة.
ولم يكن القانون قبل التعديل الرابع الذي أتى به القانون رقم ١٧٤ لسنة ١٩٩٨ يسمح للقاضي بإصدار الأمر الجنائي بالبراءة، وكان لا مناص من أن يرفض القاضي إصدار الأمر الجنائي إذا رأى براءة المتهم.
أما الآن فإنه يملك الحكم البراءة وليس مجرد رفض إصدار الأمر. وهو انتصار للأصل العام في المتهم وهو البراءة وانتصار أيضا لوظيفة القضاء في إقرار العدل وفقا للقانون.
2 – الدعوى المدنية التبعية :
إذا ادعى من لحقه ضرر من الجريمة مدنيا في الشكوى التي يقدمها إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي طبقا للمادة٢٧/١إجراءات، أو في أثناء التحقيق طبقا للمادتين ٧٦ و۱۹۹ مكررا إجراءات، وعرضت الأوراق على القاضي لإصدار أمر جنائي منطوية على هذا الادعاء المدني، فعلى القاضي أن يفصل فيه سواء بالحكم بالتعويض أو برفض إصدار الأمر في هذه الدعوى.
وفي صدد التعويض يكون للقاضي سلطة إصدار الأمر بشأن مبلغ التعويض غير مقيد بطلبات المدعي المدني.
ولا يجوز للنيابة العامة إدخال المسئولين عن الحقوق المدنية طبقا للمادة٢٥٣/٢ إجراءات، كما لا يجوز للمسئول عن الحقوق المدنية أن يدخل من تلقاء نفسه عند طلب إصدار أمر جنائي بالتعويضات استنادا إلى المادة ٢٥٤ إجراءات، فمجال ذلك فقط عندما ترفع الدعوى أمام المحكمة، وذلك يقتصر على حالة نظر الدعوى وفقا للقواعد العامة لا عند نظر بديل لها.
ومما يؤكد عدم جواز صدور أمر جنائي ضد المسئول عن الحقوق المدنية أن القانون لم ينص على إعلانــه بالأمر الجنائي في المادة ٣٢٦ إجراءات.
كما لا يجوز أيضا إصدار الأمر الجنائي بالتعويضات قبل المؤمن لديه طبقا للمادة ۲٥٨ مكررا إجراءات، لأن مجال رفع الدعوى المدنية قبل المؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة جاء على سبيل الاستثناء، فيجب الالتزام بحدوده وعدم الحكم به إلا وفقا للقواعد العامة، بالإضافة إلى أن القانون لم ينص على إصدار هذا النوع من الأوامر الجنائية أسوة بالمسئول عن الحقوق المدنية.
ويسري ما تقدم على القاضي الجزئي عند ممارسة سلطته في إصدار الأمر الجنائي من تلقاء نفسه طبقا للمادة ٣٢٣ مكررا إجراءات.
3- شكل الأمر الجنائي
يجب أن يعين في الأمر الجنائي – فضلا عما قضى به – اسم المتهم والواقعة التي عوقب من أجلها ومادة القانون التي طبقت (المادة٣٢٦/١إجراءات).
ولم ينص القانون صراحة على تسبيب الأمر الجنائي، وكان هذا النص موجودا بقانون الإجراءات الجنائية ثم ألغاه القانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٥٢.
وقد نص قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي صراحة في المادة ٢-٤٩٥ على وجوب أن يكون الأمر الجنائي مسببا، وخاصة فيما يتعلق بما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة ٤٩٥ إجراءات حول ثبوت الوقائع المنسوبة للمتهم وكفاية المعلومات المتعلقة بشخصيته للسماح بتحديد العقوبة.
ونحن نرى أنه مادامت المادة ٣٢٦ إجراءات أو جبت أن يعين في الأمر الجنائي الواقعة التي عوقب من أجلها المتهم ومادة القانون التي طبقت – فإن هذا التعيين في حد ذاته يعد تسبيبا للأمر، وخاصة أنه لا يصدر إلا بناء على محضر جمع الاستدلالات أو أدلة الاثبات الأخرى (المادة ۳۲۳ إجراءات).
فبيان الواقعة التي عوقب من أجلها المتهم ومادة القانون التي طبقت هو في حد ذاته تسبيب كاف للأمر الجنائي في نظر المشرع، فإذا خلا الأمر من هذا البيان كان باطلا.
4- إعلان الأمر الجنائي
نصت الفقرة الثانية من المادة ٣٢٦ من قانون الإجراءات الجنائية على أن يعلن الأمر إلى المتهم والمدعي بالحقوق المدنية على النموذج الذي يقرره وزير العدل، ويجوز أن يكون الإعلان بواسطة أحد رجال السلطة العامة. ومن خلال هذا الإعلان يمكن لكل منهما العلم بالأمر الجنائي لممارسة حق الاعتراض الذي كفله لهما القانون في المادة ٣٢٧ إجراءات.
رفض إصدار الأمر الجنائي
نص القانون في المادة ۳۲٥ إجراءات على أن يرفض القاضي إصدار الأمر في حالتين
أولاهما : أن يرى القاضي أنه لا يمكنه الفصل في الدعوى بحالتها التي هي عليها أو بدون تحقيق أو مرافعة. وهذه الحالة يرى فيها القاضي أنه يتعذر عليه إصدار الأمر الجنائي بناء على الأوراق المعروضة عليه بحالتها، كما إذا رأى وجوب تحقيق الدعوى بما فيه تحقيق دفاع المتهم. وهذه الحالة تصلح سبا لرفض إصدار الأمر في كل من الدعويين الجنائية والمدنية التبعية.
وثانيتهما : حين تستوجب الواقعة – نظرا لسوابق المتهم أو لأي سبب آخر – توقيع عقوبة أشد من الغرامة التي يجوز صدور الأمر بها. وهذه الحالة تتعلق بتفريد العقوبة من خلال تشديدها في حدود القانون، وتصلح فقط للدعوى الجنائية دون الدعوى المدنية التبعية. ولكن يلاحظ أن القانون أجاز تفريد العقوبة لمصلحة المتهم من خلال وقف التنفيذ في الأمر الجنائي، وذلك من واقع الأوراق نفسها بحالتها.
إجراء الرفض
يكون رفض إصدار الأمر الجنائي بناء على طلب النيابة العامة بتأشير القاضي على الطلب الكتابي المقدم له المادة (٣٢٥/٢إجراءات) ولا يشترط وجوبا أن يسبب القاضي تأشيرته في أي من حالتي الرفض. وإذا رفض القاضي إصدار الأمر الجنائي فلا يجوز أن يأمر به في الدعوى المدنية التبعية حيث يشمل الرفض الدعويين معا.
أثر الرفض
يترتب على رفض إصدار الأمر الجنائي أثران أحدهما عدم جواز الطعن في قرار الرفض، والآخر وجوب السير في الدعوى بالطرق العادية. فالرفض لا يتمشى مع أسلوب الإجراءات المبسطة للخصومة الجنائية، ولا يعني براءة المتهم أو رفض الدعوى المدنية. فبعد الرفض تسترد النيابة العامة حريتها في التصرف في الدعوى الجنائية ويجب السير بها بالطرق العادية (المادة ٣٢٥ إجراءات)، فيكون لها أن تكلف المتهم بالحضور أمام محكمة الجنح، ولها أن تأمر بحفظ الأوراق إن لم تكن قد أجرت من قبل تحقيقا في الدعوى،
كما يكون لها أن تأمر بألا وجه لإقامة الدعوى إذا كانت قد أجرت فيها تحقيقا مسبقا أو أن تحيلها إلى المحكمة المختصة. وإذا رفعت النيابة العامة الدعوى فلا يجوز للقاضي الجزئي من تلقاء نفسه أن يصدر الأمر الجنائي طبقا للمادة ۳۲۳ مكررا إجراءات إذا كان سبق أن رفض إصداره بناء على طلب النيابة العامة طبقا للمادة ٣٢٣ إجراءات.
الأمر الجنائي الذي تصدره النيابة العامة
ظهرت لأول مرة فكرة إعطاء النيابة العامة سلطة إصدار الأوامر الجنائية بموجب القانون رقم ٢٥٢ لسنة ١٩٥٣. وقد جرى الأمر في البداية على إعطاء هذه السلطة لوكيل النائب العام، ثم طرأ تعديل اشترط أن يكون مصدر الأمر عضو نيابة من درجة رئيس نيابة أو وكيل نيابة من الفئة الممتازة. وبمقتضى القانون رقم ٧٤ لسنة ۲۰۰٧ اكتفي بأن يكون مصدر الأمر بدرجة وكيل نيابة على الأقل.
وقد جاء تخويل النيابة العامة سلطة إصدار الأوامر الجنائية كنوع من بدائل الدعوى الجنائية وليس كأحد الإجراءات المبسطة للخصومة الجنائية كما هو الشأن في الأمر الجنائي الصادر من القاضي.
الجرائم التي يجوز فيها للنيابة العامة إصدار الأمر الجنائي
طبقا للمادة ٣٢٥ مكررا إجراءات يجوز للنيابة العامة إصدار الأمر الجنائي في نوعين من الجرائم
1- الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بالحبس أو الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصى على ألف جنيه، فضلا عن العقوبات التكميلية والتأمينات وما يجب رده والمصاريف.
2- نصت المادة١١٩/١من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣ المستبدلة بالقانون رقم ١٧٥ لسنة ۱۹۹۸ ثم بالقانون رقم ١٦٠ لسنة ۲۰۰۲ على أن يقضى بالغرامات المنصوص عليها في المواد ١١٤ و١١٥ و١١٦ و١١٧ و١١٨ من هذا القانون بأمر جنائي وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية بناء على طلب رئيس مصلحة الجمارك أو من ينيبه.
ومؤدى ذلك أن الدعوى الجنائية لا ترفع في هذه الجرائم إلا من خلال القواعد والإجراءات التي نص عليها القانون لإصدار الأمر الجنائي. ولما كانت الدعوى الجنائية تدخل في ولاية النيابة العامة فإن إصدار هذا الأمر يكون منوطا بها وحدها، بوصفها السلطة المختصة برفع الدعوى الجنائية، فلا يملك القاضي من تلقاء نفسه إصدار الأمر الجنائي طبقا للمادة ۳۲۳ مكررا إجراءات،
لأن شريطة ذلك أن يكون المتهم معلنا بالجلسة ثم يغيب عن حضورها، وهو ما لا تتبعه النيابة العادة عند طلب إصدار الأمر الجنائي من القاضي الجزئي طبقا للمادة ٣٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية حيث تكتفي بمجرد الطلب دون الإعلان. ولكن يجوز للنيابة العامة أن تباشر هذا الطلب من القاضي الجزئي دون أن تصدره طبقا للمادة ٣٢٥ من قانون الإجراءات الجنائية.
3- المخالفات بجميع أنواعها وهي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه (المادة ۱۲ عقوبات).
وقد أوجب القانون في الفقرة الثانية من المادة ۳۲٥ مكررا إجراءات على النيابة العامة إصدار الأمر الجنائي في المخالفات وفي الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها التي لا يزد حدها الأقصى على خمسمائة جنيه، والتي لا تصدر أمرا بحفظ الأوراق بشأنها. وأمام هذا الوجوب لا يجوز للنيابة العامة أن تحرك الدعوى الجنائية في هذا النوع البسيط من الجرائم بالطرق العادية.
ولكن ذلك لا يسلب القاضي سلطته في إصدار الأمر الجنائي في هذا النوع من الجنح إذا ما طلبته النيابة العامة طبقا للمادة ۳۲۳ إجراءات طبقا للقواعد العامة في الأوامر الجنائية.
والحكمة من تخويل النيابة العامة هذا الاختصاص هو الحد من الأسلوب العادي للدعوى الجنائية في الجرائم البسيطة.
إجراءات إصدار الأمر الجنائي
يُصدر الأمر عضو النيابة من درجة وكيل نيابة على لا أقل، فيكون لمن هـو أعلى درجة من أعضاء النيابة العامة سلطة إصداره بشرط أن يكونوا أعضاء بالنيابة العامة لدى المحكمة التي من اختصاصها نظر الدعوى.
خضوعه لرقابة المحامي العام أو رئيس النيابة
في الأحوال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، يكون للمحامي العام ولرئيس النيابة – حسب الأحوال، وفي ظرف عشرة أيام منذ تاريخ صدور الأمر الجنائي – أن يأمر بتعديل الأمر أو بإلغائه أو حفظ الأوراق أو التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها أو رفعها إلى المحكمة المختصة والسير في الدعوى الجنائية بالطرق العادية (المادة ٣٢٥/٣مكررا إجراءات).
ولذلك، لا يجوز إعلان الأمر الجنائي للخصوم قبل انقضاء هذه المدة التي يجوز فيها إلغاؤه
ويباشر المحامي العام هذه السلطة سلطته الرئاسية وبناء على وحدة النيابة العامة وعدم تجزئتها. ويعد هذا الإلغاء من إجراءات الاتهام ما لم تكن الدعوى مشتملة على أحد إجراءات التحقيق، ففي هذه الحالة يعد الإلغاء من إجراءات التحقيق. وللمحامي العام عند إلغاء الأمر الجنائي أن يطلب استيفاء الأوراق بأحد إجراءات الاستدلال أو التحقيق والتصرف في الدعوى على هذا الأساس.
ويلاحظ أن المادة٣٢٥/٣إجراءات وقد خولت المحامي العام ورئيس النيابة سلطة التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية تكون قد أجازت الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة بعد التحقيق أي بعد تحريك الدعوى الجنائية، مما يجعله من بدائل الدعوى الجنائية عند مباشرتها.
ويجب أن يمارس المحامي العام أو رئيس النيابة سلطته في التعديل أو الإلغاء بما لا يمس وجوب إصدار الأمر الجنائي في المخالفات وفي الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها التي يزيد حدها الأقصى على خمسمائة جنيه طبقا للمادة ٣٢٥ مكرر / إجراءات مادام هذا الأمر في حدود القانون.
مضمون الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة
فيما يخص الدعوى الجنائية فطبقا للفقرة الثانية من المادة ٣٢٥ لا يجوز أن يؤمر بغير الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصى على ألف جنيه والعقوبات التكميلية كالمصادرة والغلق، والإزالة وما يجب رده والمصاريف القضائية. وبطبيعة الحال في الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها والتي يوجب القانون إصدار أمر جنائي فيها فلا تزيد قيمة الأمر الجنائي على خمسمائة جنيه وهو الحد الأقصى للغرامة في هذا النوع من الجنح ولا يجوز أن يتضمن الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة الحكم بالبراءة أو بوقف تنفيذ الغرامة، لأنها تملك حفظ الأوراق.
في الدعوى المدنية التبعية، فيكون للنيابة العامة أن تصدر أمرا جنائيا – طبقا للمادة ٣٢٥ مكررا – بالتعويض، وذلك في الأحوال التي يدعى فيها مدنيا في مرحلة الاستدلالات طبقا للمادة ٧٦ إجراءات أو في مرحلة التحقيق أما الابتدائي طبقا للمادة ۱۹۹ مكررا إجراءات.
أحكام عامة
مع مراعاة ذاتية هذا الأمر يسري على الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة ذات القواعد التي تسري على الأمر الجنائي الصادر من القاضي من حيث. شكله أو إعلانه أو تسبيبه، وذلك على النحو سالف البيان.
الاعتراض على الأمر الجنائي
ماهيته وإجراءاته
للنيابة العامة أن تعلن عدم قبولها للأمر الجنائي الصادر من القاضي سواء صدر طبقا للمادة ۳۲۳ إجراءات بناء على طلب من النيابة العامة أو صدر من تلقاء نفس القاضي طبقا للمادة ۳۲۳ مكررا إجراءات.، ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الصادر من القاضي أو من عضو النيابة العامة.
ويكون هذا الاعتراض بتقرير في قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الجنائي الصادر من القاضي طبقا للمادة ۳۲۳ مكررا إجراءات، وفي غير هذه الحالة يكون بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح في ظرف عشرة أيام منذ تاريخ صدوره بالنسبة للنيابة العامة ومنذ تاريخ إعلانه بالنسبة لباقي الخصوم (الفقرة الأخيرة من المادة ٣٢٧ إجراءات).
ويلاحظ هنا أن الاعتراض على الأمر الجنائي الصادر من القاضي (طبقا للمادة ۳۲۳ مكررا إجراءات يكون في قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة لأن القانون نظر إلى هذا الأمر بحساباته بمثابة حكم ابتدائي، هذا بخلاف الحال بالنسبة إلى الاعتراض على الأمر الجنائي الصادر من القاضي بناء على طلب النيابة العامة طبقا للمادة ٣٢٣ إجراءات، فإنه يكون قلم كتاب أمام محكمة الجنح الجزئية.
تكييف الاعتراض
لا بعد اعتراض الخصم على الأمر الجنائي بمثابة طعن بالمعارضة فيه، وإنما كما قدمنا يعد بمثابة إعلان لرغبته في المحاكمة بالطريق العادي، وعدم قبوله إنهاء الدعوى بتلك الإجراءات بغير هذا الطريق بالنسبة إلى الأمر الصادر من القاضي)، أو عدم قبوله إنهائها بغير طريق الدعوى (بالنسبة إلى الأمر الجنائي الصادر من عضو النيابة العامة).
ولا يشترط لصحة عدم قبول النيابة للأمر ألا يكون القاضي قد استجاب لطلبها، فهي حرة في قبوله أو عدم قبوله دون قيد. وذلك لأن الفقرة الثانية من المادة ۳۲۷ إجراءات نصت على أن يحدد الكاتب اليوم الذي تنظر فيه الدعوى أمام المحكمة بعد الاعتراض عليه في قلم الكتاب.
آثار الاعتراض على الأمر الجنائي
1- أثر التقرير بالاعتراض يترتب على التقرير بعدم قبول الأمر الجنائي سقوطه واعتباره كان لم يكن، وهو ما يؤكد ممارسة الأمر الجنائي في إطار نظام العدالة الجنائية الرضائية. وإذا كان الأمر الجنائي يتضمن التأمينات ومــا يجب رده فإن الاعتراض عليه من النيابة العامة يسقطه بالنسبة إلى الدعويين معا، لأنه لا يمكن الفصل في الدعوى المدنية وحدها من خلال الإجراءات المبسطة للدعوى الجنائية ما لم تكن معها وتدور في فلكها.
ويحدد الكاتب اليوم الذي تنظر فيه الدعوى أمام المحكمة، مع مراعاة مواعيد التكليف بالحضور المقررة في المادة ۲۳۳، إجراءات وهي يوم كامل في المخالفات وثلاثة أيام كاملة على الأقل في الجنح، غير مواعيد مسافة الطريق. وينبه على المقرر بالاعتراض على الأمر الجنائي بالحضور في هذا الميعاد ويكلف باقي الخصوم والشهود بالحضور في الجلسة المذكورة.
2- أثر حضور الخصم المعترض في الجلسة المحددة لنظر الاعتراض إذا حضر الخصم الذي لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة – تنظر الدعوى في مواجهته وفقا للإجراءات العادية بغض النظر عن غيابه في إحدى الجلسات اللاحقة، فالعبرة هي بحضوره في الجلسة المحددة لنظر الاعتراض على الأمر الجنائي، لأن مجرد هذا الحضور يجعل الدعوى منظورة وفقا للإجراءات العادية.
ويجوز للمحكمة أن تحكم في حدود العقوبة المقررة بعقوبة أشد من الغرامة التي قضى بها الأمر الجنائي، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الدعوى المدنية التبعية.
وهذا المبدأ يختلف عما هو مقرر في نظرية الطعن في الأحكام من أن الطاعن لا يضار بطعنه، لأن الاعتراض ليس طعنا في الأمر، وإنما هو عدم قبول إلهاء الدعوى الجنائية بذلك الإجراء المبسط إذا كان الأمر صادرا من القاضي، أو عدم قبول الأمر الجنائي الصادر من عضو النيابة العامة بديلا عن الدعوى الجنائية.
ومن جانب آخر فإنه إذا لم يكن هناك ادعاء مدني فيجوز للمدعي المدني أن يرفع دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية لأول مرة بناء على عدم قبول الأمر الجنائي.
3- أثر عدم حضور الخصم المعترض في الجلسة المحددة لنظر الاعتراض أما إذا لم يحضر الخصم المعترض في الجلسة المحددة لنظر الدعوى تعود للأمر الجنائي قوته ويصبح نهائيا واجب التنفيذ (المادة٣٢٨/٢ إجراءات). فهذا الغياب يفيد أن الخصم لم يشأ استعمال حقه في المحاكمة بالطرق العادية.
ورغم أن الأمر الجنائي قد سقط بقوة القانون واعتبر كأن لم يكن بمجرد اعتراض الخصم لكن نهاية هذا الأثر القانوني ترتبط بحضور المعترض الجلسة المحددة لنظر اعتراضه، فإن تخلف عنها استعاد الأمر قوته وصار نهائيا واجب التنفيذ)، هذه الحالة لا تجوز المعارضة في هذا الأمر أو استئنافه.
وهذا الأثر القانوني مرتبط بغياب المعترض عن الجلسة المحددة لنظر الدعوى للفصل في الاعتراض، فحضوره هذه الجلسة يكفي لنظر الدعوى وفقا للإجراءات العادية ولو تغيب بعد ذلك في الجلسات التالية وهو ما أكدته محكمة النقض إذ قضت أنه إذا تخلف المتهم الذي اعترض على الأمر الجنائي في الجلسات اللاحقة على الجلسة المحددة لنظر اعتراضه والتي كان قد حضرها سواء بنفسه أو من خلال وكيله، فلا يجوز الحكم باعتبار الأمر الجنائي واجب التنفيذ، وإلا كان هذا الحكم مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون.
4 – أثر استعادة الأمر الجنائي قوته بسبب عدم حضور المتهم الجلسة المحددة لنظر الاعتراض يجدر التنبيه إلى أنه إذا استعاد الأمر الجنائي قوته وأصبح نهائيا واجب التنفيذ بسبب عدم حضور الخصم المعترض في الجلسة المحددة لنظر الدعوى، لا يجوز الطعن فيه بالمعارضة أو بالاستئناف ففي هذه الحالة نكون حيال أمر جنائي لا أمام حكم صادر من المحكمة بالطرق العادية.
والأمر الجنائي بحسب طبيعته لا يقبل الطعن فيه بالطرق المقررة للطعن في الأحكام. فإذا أخطأت محكمة أول درجة فقضت عند غياب الخصم المعترض في الجلسة المحددة لنظر الدعوى باعتبار المعارضة كأن لم تكن – جاز استئناف هذا الحكم الأخير، ويتعين على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة أن تلغي هذا الحكم وأن تقضي بما كان يتعين على محكمة أول درجة أن تقضي به وهو اعتبار الأمر الجنائي نهائيا واجب التنفيذ ،،،
وكذلك الشأن إذا أخطأت المحكمة الاستئنافية فقضت بقبول استئناف الحكم الذي صدر باعتبار الأمر الجنائي واجب التنفيذ لتخلف المعترض عن حضور جلسة الاعتراض، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ويتعين نقض حكمها وتصحيحه بالقضاء بعدم جواز استئناف هذا الحكم.
على أنه إذا أخطأت المحكمة الاستئنافية التي تنظر الاعتراض على الأمر الجنائي الصادر من القاضي طبقا للمادة ۳۲۳ مكررا من قانون الإجراءات الجنائية عند نظر الدعوى فقضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وهو في حقيقته قبول الاعتراض شكلا وفي الموضوع بإدانة الطاعن عن الجريمة المسندة إليه بذات العقوبات التي صدر بها الأمر الجنائي،
فإن الحكم يكون قابلا للطعن فيه بالطرق المقررة قانونا وهو في خصوص تلك الدعوى طريق الطعن بالنقض، لصدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية بعد نظر الدعوى بالطرق العادية وفقا لأحكام القانون .
تعدد المتهمين
إذا تعدد المتهمون وصدر ضدهم أمر جنائي وقرروا عدم قبولهم له حضر (المادة ٣٢٩ إجراءات). ويسري ذلك أيضا عند تعدد المدعين بالحق المدني. وبناء على ذلك، فإن الدعوى الجنائية تتحدد بالنسبة إلى المتهمين كل على بعضهم في اليوم المحدد لنظر الدعوى ولم يحضر البعض الآخر تنظر الدعوى بالطرق المعتادة بالنسبة لمن حضر بينما يصبح الأمر نهائيا بالنسبة لمن لم يحضر حدة في حالة الأمر الجنائي.
الاعتراض على الأمر الجنائي في الدعوى المدنية
كما بينا من قبل فقد أجاز القانون إصدار أمر جنائي في الدعوى المدنية. ويجوز للمدعي المدني – بوصفه من الخصوم – أن يعترض على هذا الأمر، وفي هذه الحالة يسقط الأمر الصادر في الدعوى المدنية وحده دون الأمر الصادر في الدعوى الجنائية.
طبيعة الأمر الجنائي
ما طبيعة الأمر الجنائي، وهل هو حكم جنائي يتمتع بما للأحكام من قوة، ام هو شيء آخر؟
الأمر الجنائي الصادر من القاضي
إذا استعرضنا نظام الأمر الجنائي الصادر من القاضي سوف نجد أن هذا الأمر هو قرار قضائي، لأنه يصدر من هيئة قضائية فاصلا في نزاع معين بحكم اختصاصها بذلك.
وقد رأينا من قبل كيف أن الأمر الجنائي الصادر من القاضي يأخذ أحد صورتين
(الأولى) يعد من بدائل الدعوى الجنائية في الحالة التي يكون فيها بناء على طلب النيابة العامة طبقا للمادة ۳۲۳ إجراءات.
(الثانية) يعد أداة لتبسيط إجراءات الخصومة الجنائية، فقد أجاز القانون في المادة ۳۲۳ مكررا إجراءات للقاضي من تلقاء نفسه إذا تغيب المتهم عن الحضور رغم إعلانه أن يصدر أمرا جنائيا ما لم تكن النيابة العامة قد طلبت توقيع أقصى العقوبة. وتنص في المادة ٣٢٧ إجراءات على أن الاعتراض على الأمر الجنائي الصادر من القاضي في هذه الحالة يكون بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة.
وبالنظر في هذين التعديلين نجد أن تعديل المادة ۳۲۳ مكررا إجراءات يكشف عن أن الأمر الجنائي قد يصدر في دعوى جنائية في أثناء المحاكمة عند غياب المتهم بعد إعلانه، وهو ما يعني اعتباره صورة خاصة من الأحكام وفقا لإجراءات جنائية مبسطة.
ويكشف تعديل المادة ٣٢٧ إجراءات بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ عن معاملة المشرع للأمر الجنائي في هذه الحالة وكأنه حكم ابتدائي؛ إذ جعل التقرير بالاعتراض على هذا الأمر أمام قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة، شأنه في ذلك شأن أحكام محكمة أول درجة، مما يكشف عن قصد المشرع في اعتباره صورة الأحكام بمقتضى هذين التعديلين.
هذا بخلاف الحال في الأمر الجنائي الصادر من القاضي بناء على طلب النيابة العامة طبقا للمادة ٣٢٣ إجراءات، فلا يجوز إصداره بعد إعلان المتهم بالجلسة، ويكون الاعتراض عليه أمام قلم كتاب خاصة من المحكمة التي أصدرت الأمر، أي محكمة أول درجة.
الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة
لا يمكن تصور الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة حكما مهما جاز الاعتراض عليه، فلا يمكن أن تملك سلطة الاتهام سلطة الحكم في وقت واحد،
كما أن إعطاء المحامي العام أو رئيس النيابة سلطة إلغاء الأمر الصادر من وكيل النيابة لا يتفق مع طبيعة الأحكام القضائية. فالأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة بصورته الحالية هو بمثابة عرض بالتصالح إن شاء المتهم أن يقبله أصبح صلحا وإن شاء رفضه وعندئذ تسترد النيابة العامة حريتها في رفع الدعوى الجنائية بالطريق العادي. وفضلا عن ذلك فإن النيابة العامة لا تملك ولاية الفصل في الدعوى كما هو الشأن بالنسبة للقاضي.
ولا يصل هذا القرار القضائي إلى مرتبة الأحكام لأنه ليس صادرا في خصومة جنائية بالمعنى الدقيق. فالخصومة لا تنعقد في إجراءات الأمر الجنائي لأن الدعوى الجنائية لم تتحرك قانونا قبل المتهم أمام جهة تختص قانونا بالفصل في الدعوى، مما يستحيل معه المثول أمام المحكمة لمواجهته بالتهمة المسندة إليه وإبداء دفاعه.
ولما كان الحكم لا يصدر قانونا إلا في خصومة جنائية، فإن القرار الذي يصدر في غير خصومة والمسمى بالأمر الجنائي الصادر من عضو النيابة لا ينطبق عليه هذا الوصف، بل هو أحد بدائل الدعوى الجنائية.
حجية الأمر الجنائي
كما أشرنا فقد نص القانون على أن الأمر الجنائي يصبح نهائيا واجب التنفيذ إذا لم يحصل اعتراض عليه (المادة ۳۲۷ إجراءات) أو حصل الاعتراض ولكن الخصم المعترض لم يحضر الجلسة المحددة لنظر الدعوى المادة ٣٢٨ إجراءات).
وحسنا فعل المشرع في الفقرة الأخيرة من المادة ۳۲۷ من قانون الإجراءات الجنائية إذ نص فيها على أنه لا يكون لما قضى به الأمر الجنائي في موضوع الدعوى الجنائية حجية أمام المحكمة المدنية. وقد لاحظ في ذلك أن هذا الأمر يصدر دون
حضور الخصوم ولم تسبقه مرافعة شفوية، وأنه في جميع الأحوال لم تتوافر فيه جميع الضمانات التي يشترطها القانون في الخصومة الجنائية بالطرق العادية، ولأن مبررات إصدار الأمر الجنائي جاءت لاعتبارات خاصة بتحقيق العدالة الجنائية، إما من خلال بدائل معينة أو إجراءات مبسطة فهي اعتبارات لا علاقة لها بالدعوى المدنية.
لا تنسي مشاهدة https://youtube.com/watch?v=hq_FWBbp_jM
الوضع في فرنسا
أخذت فرنسا في الجنح والمخالفات بأسلوبيين
الأول باستحداث بدائل للدعوى الجنائية.
الثاني بتبسيط إجراءات تحريك الدعوى الجنائية.
وبالنسبة للأسلوب الأول وهو بدائل الدعوى الجنائية، فقد استحدثه المشرع الفرنسي كطريق ثالث يتوسط ما بين رفع الدعوى الجنائية وحفظ الأوراق. فقد لاحظ هذا المشرع أن حفظ الأوراق يولد شعورا بعدم العقاب لدى الجاني وشعورا بعدم العدالة لدى المجني عليه ولذلك جاء بالطريق الثالث لتحقيق رد فعل جنائي بغير طريق المحكمة الجنائية.
وقد بدأ بإنشاء الوساطة الجنائية la mediation penile وتدبير التعويض المباشر للمجني عليه بقانون صدر في ٤ يناير سنة ١٩٩٣)، ثم مجموعة من التدابير التي تمارسها النيابة العامة بموجب قانون صدر في ٢٣ يونية سنة ۱۹۹۹ نصت عليها المادة ٤١-١ إجراءات فرنسي.
ولا تؤدي هذه التدابير إلى انقضاء الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن اتخاذها يوقف التقادم. فإذا لم ينفذ الجاني هذه التدابير يكون أمام النيابة العامة إما أن ترفع الدعوى الجنائية أو تتخذ أسلوب التسوية الجنائية.
وقبل الأخذ بنظام التسوية الجنائية كان قد ظهر مشروع قانون بنظام الأمر الجنائي الذي يحمل اسم injunction penile. وبمقتضاه يجوز للنيابة العامة فرض التزامات معينة على شخص يحتمل إقامة الدعوى الجنائية ضده عن جريمة من الجرائم المحددة على سبيل الحصر إذا اعترف بجريمته،
ومن بين هذه الالتزامات أداء مبلغ معين تحدده النيابة العامة للخزانة العامة أو أداء نشاط معين لصالح شخص معنوي عام أو لصالح جمعية تمارس نشاطا عاما.
وكان يمكن أن يتضمن الأمر تعويض المجني عليه أو أن يرد للدولة الشيء الذي سهل ارتكاب الجريمة أو أداة لها أو خصص لذلك أو كان ناتجا عنها إلا أن المجلس الدستوري الفرنسي قضى بعدم دستورية هذا النظام قبل أن يرى النور، وذلك بقراره الصادر استخدم في ٢ فبراير سنة ١٩٩٥.
وقد استند المجلس الدستوري في قضائه بعدم الدستورية إلى أن التدابير التي تفرضها النيابة العامة بمقتضى الأمر الجنائي الصادر منها ما يمكن أن يكون مر شأنه المساس بالحرية الشخصية وأن تنفيذها ولو كان برضاء المتهم يتطلب أن يصدر به حكم من السلطة التي تملك إصدار الأحكام وفقا للضمانات الدستورية.
وتفاديا للعيب الدستوري لمشروع الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة أخذ المشرع الفرنسي بنظام آخر يجيز للنيابة العامة – مادامت الدعوى العمومية لم تتحرك بعد – أن تقترح على المتهم الذي يعترف بارتكاب جنحة أو معاقب عليها بالغرامة أو بالحبس مدة خمس سنوات أو أقل أو مخالفات معينة – أن ينفذ بعض التدابير ذات طابع الجزاء بشرط موافقة رئيس المحكمة على هذا الاقتراح،
فإذا أصدر رئيس المحكمة أمرا بموافقته على اقتراح النيابة العامة ونفذت التدابير المقترحة في هذا الأمر، ترتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية (المادتان ٢-٤١ و ٣-٤١ المعدلتان بالقانون الصادر في ٩ مارس سنة ٢٠٠٤). وقد أطلق عليه المشرع الفرنسي تعبير التسوية الجنائية La composition penile.
وفي جميع الأحوال لا يكون الحبس ضمن التدابير المقترحة والتي تتخذ في إطار التسوية الجنائية. وتتمثل هذه التدابير في الغرامة والمصادرة وسحب الترخيص بقيادة سيارة، أو الترخيص بعمل عام، أو منع إصدار الشيكات، أو منع الظهور في أماكن معينة، أو غير ذلك من التدابير.
وبمقتضى هذا النظام يمكن للنيابة العامة اقتراح تعويض المجني عليه بموافقة الجاني، وذلك خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر. وإذا وافق مرتكب الجريمة على الاقتراحات المقدمة – من النيابة العامة – تطلب النيابة العامة من رئيس المحكمة إصدار قرار بصحة هذه التسوية،
ويخطر بذلك كل من مرتكب الجريمة والمحني عليه ويمكن لرئيس المحكمة أن يحدد جلسة للاستماع إلى مرتكب الجريمة والمحسني عليه بحضور محام لكل منهما. فإذا أصدر رئيس المحكمة أمرا بصحة الأمر – تنفذ التدابير المقترحة في الأمر الصادر من النيابة، فإذا لم يوافق رئيس المحكمة يعد هذا الأمر كأن لم يكن.
وفي هذه الحالة وكذلك إذا لم تنفذ التدابير المقترحة ترفع النيابة العامة الدعوى الجنائية. ويعد قرار رئيس المحكمة بصحة هذه التسوية هو الفارق الجوهري بين هذا النظام ومشروع نظام الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة والذي قضى المجلس الدستوري بعدم دستوريته كما بينا آنفا.
ويعد هذا النظام قريبا من الأمر الجنائي الصادر من القاضي وفقا للقانون المصري مع اختلاف نوع العقوبات أو التدابير التي يجوز أن يتضمنها. وقد أجاز هذا النظام المسمى بالتسوية الجنائية Composition penile في فرنسا أن يتضمن الغرامة والعقوبات التكميلية مثل المصادرة وسحب رخصة القيادة أو رخصة الصيد أو منع إصدار شيكات أو منع ارتياد أماكن معينة أو منع مقابلة أشخاص معينين، إلى غير ذلك).
لا تتردد في التواصل معنا اضغط هنا
او الاتصال علي رقم : 01019252393
وبالنسبة إلى الأسلوب الثاني، وهو تبسيط الإجراءات الجنائية، فقد اتخذ شكل الأمر الجنائي الصادر من القاضي l’ordonnamce pénal بناء على طلب النيابة العامة (المادة ٤٩٥-٧ إجراءات فرنسي). وقد كان مأخوذا به في المخالفات فقط ثم امتد إلى الجنح بمقتضى قانون صدر في ٩ سبتمبر سنة ٢٠٠٢،
وبمقتضاه لا يملك القاضي سوى الأمر بعقوبة الغرامة أو بأحد العقوبات التكميلية التي نص عليها القانون. وقد قضى المجلس الدستوري الفرنسي في ٢٩ أغسطس سنة ۲۰۰۲ بدستورية هذا القانون قبل إصداره. وبجانب هذا الأمر الجنائي، فإنه بموجب القانون رقم ٢٠٤ الصادر سنة ۲۰۰٤، وتأثرا بنظام التسوية الجنائية – أخذ المشرع الفرنسي في المواد من ٧-٤٩٥ الى ١٦-٤٩٥ بنظام الحضور بناء على الإقرار المسبق بالجريمة La Comparation sur Reconnaissance Préalable de Culpabilité (CRPC)
وبمقتضى هذا النظام إذا أقر شخص بالغ بارتكاب جريمة لا تزيد علـــى جسامة معينة (جنح معاقب عليها بصفة أصلية بالغرامة أو بالحبس لمدة خمسة عوام أو أقل – المادة ٤٩٥-٧ إجراءات)، فيمكن للنيابة العامة أن تقترح على ذا الشخص عقوبة معينة قد تكون الحبس أو بعض العقوبات الأصلية أو التكميلية المقررة للجنحة التي ارتكبها،
فإذا وافق على العقوبات المقترحة قدمت النيابة العامة طلبا إلى رئيس المحكمة للتصديق على هذا الاتفاق. ولرئيس المحكمة أن يصدق على الاتفاق أو يرفضه ولكنه لا يملك تعديل شروطه. وفي حالة التصديق عليه يمكن لرئيس المحكمة – في ذات قرار الاعتماد – أن يفصل في طلب التعويض المقدم من المجني عليه، وإذا ما نطق رئيس المحكمة أصبحت العقوبة واجبة التنفيذ كما هي الحال في الحكم.
ويكون اللجوء إلى هذا النظام في القضايا البسيطة التي يمكن أن يتوافر فيها توقيع معين بالجزاء، ولكن لا يجوز تطبيقه إذا وقع ضرر بالغ يصعب تقديره أو يتطلب تدخل صندوق التأمين الاجتماعي أو مسئول عن الحقوق المدنية.
ويتعين وفقا لهذا النظام أن يحضر المتهم أمام النيابة العامة بحضور محاميه، ولا يجوز له التنازل عن حقه في حضور المحامي، فله أن يختاره أو تندبه له نقابة المحامين وبعد أن يقر المتهم بالوقائع المنسوبة إليه أمام النيابة العامة وبحضور محاميه – تحدد النيابة العامة العقوبة التي تقترح تنفيذها وفقا لمبدأ تفريد العقوبة،
فإذا اقترحت عقوبة الحبس لا يجوز أن يزيد على سنة ولا أن يجاوز نصف عقوبة الحبس المقررة للحريمة. ويمكن أن تشمل العقوبة بوقف التنفيذ كليا أو جزئيا، وأن تفرض عليه بعض التدابير المنصوص عليها في المادة ٦-٧١٢ إجراءات (مثل تدبير إيقاف العقوبة أو الخضوع للرقابة الإلكترونية. وبالنسبة إلى الغرامة يجوز أن تكون مشمولة بوقف التنفيذ.
المحكمة ويجوز للمتهم قبل أن يبدي موافقته على اقتراح النيابة العامة بالعقوبة أن يطلب مهلة للتفكير، فإن طلبها يمكن للنيابة العامة إحالة المتهم إلى قاضي الحريات والحبس لكي يضعه تحت الرقابة القضائية أو يأمر بحبسه احتياطيا لحين حضوره أمام النيابة وذلك خلال مدة تتراوح بين عشرة أيام إلى عشرين يوما تبدأ منذ تاريخ صدور قرار قاضي الحريات والحبس.
فإذا وافق المتهم بحضور محاميه على اقتراح النيابة العامة بالعقوبة – قدمت النيابة العامة طلبا إلى رئيس الابتدائية أو القاضي الذي ينتدبه لذلك بالتصديق على قرارها. وعلى هذا القاضي التحقق في جلسة علنية بحضور المتهم ومحاميه والمجني عليه إذا ادعى مدنيا) من حقيقة الوقائع المنسوبة إليه ومن إقراره بحرية ونزاهة بتلك الوقائع.
وكان مشروع القانون ينص على أن تكون الجلسة مغلقة ولكن المجلس الدستوري الفرنسي اشترط أن تكون علنية، وقرر أن الحكم في الدعوى الجنائية الذي يؤدي إلى تقييد الحرية يجب أن يكون في جلسة علنية ما لم تتوافر ظروف خاصة تتطلب جلسة مغلقة.
ويكون للأمر الذي يصدر بالتصديق الآثار نفسها التي للحكم وواجب التنفيذ فورا. ويجوز استئنافه من جانب المحكوم عليه أو من المدعي المدني خلال عشرة أيام منذ يوم صدوره ويجوز للنيابة العامة أن تقدم بشأنه استئنافا فرعيا ولكن ليس لها أن تستأنفه أصليا. ولم يفتح القانون باب الطعن في الأمر الصادر برفض التصديق على اقتراح النيابة العامة.