Contents
الحكم فى الإشكال وطرق الطعن فيه
يعتبر الإشكال وسيلة قانونية يستخدمها الأفراد للطعن في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدهم. يهدف الاشكال إلى وقف تنفيذ الحكم أو تأجيله بناءً على أسباب قانونية قد تؤثر على صحة أو قانونية تنفيذ الحكم في الوضع الراهن.
هل يجوز للمحكمة ان تبحث فى موضوع الحكم المستشكل فيه
ليس لمحكمة الاشكال أن تتعرض للحكم المستشكل فيه من ناحية الموضوع أو أن تبحث في مدى إنطباقه على القانون لما في ذلك من معنى المساس بقوة الأحكام وإلا كان الحكم متجاوزاً السلطة المخولة له بل إن سلطة الحكم في الاشكال مقصورة على الفصل في طلب وقف تنفيذه مؤقتاً حتى يفصل نهائياً فـي النـزاع مـن محكمـة الموضوع ،،
ولا يدخل في ولايتها أيضاً أن تأمر مؤقتاً بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه إستناداً إلى أسباب موضوعية كانـت مطروحـة علـى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم أو لاحقة لها متى كانت تسمح بوقـف تنفيذ العقوبة عملاً بالمادتين (55، 56) عقوبات
ذلك لأن من المقرر أن سلطة محكمة الاشكال محدد نطاقها بطبيعة الاشكال ذاته وهو لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه لأمر ما حتى يفصل في النزاع نهائياً وفقـاً للمادتين (٥٢٤، ٥٢٥) إجراءات فالإشكال نعي على مبدأ التنفيذ وليس درجة من درجات التقاضي في التهمة المسندة إلى المتهم”)
وقيل في ذلك أيضاً بأنه لا يصح أن تتعرض محكمة الإشكال لمـا يؤدي إلى المساس بحجية الحكم المستشكل في تنفيذه فالإشكال كما سلف القول ليس طعناً في الحكم،
وإنما هي نعي على التنفيذ ذاته ومن ثم فلا يصح أن تبني محكمة الإشكال قضاءها بوقف التنفيذ على عيب شـاب الحكم ولا يجوز لها من باب أولى أن تنظر فـي صـحة الإجـراءات السابقة على صدور الحكم وتستند إلى بطلانها في قضائها بوقف التنفيذ
كذلك لا يجوز لها أن تناقش وقائع الدعوى وتستمد منها سنداً لإيقـاف التنفيذ كما لو قالت إن المحكوم عليه كان قد تصالح مع المجني عليه أو قام بسداد قيمة الشيك بدون رصيد أو تخالص في دعـوى التبديـد ولا يجوز لها أن تناقش سلطة محكمة الموضـوع فـي تقـديرها للعقوبـة المحكوم بها كأن تقول إن المحكوم عليه كان ينبغي أخذه بالرأفة أو كان ينبغي وقف تنفيذ العقوبة عملاً بنص المادة 55 من قانون العقوبات .
كما قيل أيضاً بأنه يجب أن تتحقق المحكمة من مدى توافر شروط قبول الإشكال فإذا لم تتوافر قضت بعدم قبول الإشكال أما إذا تـوافرت شروطه فإن المحكمة تفصل في الإشكال لكي تتحقق من مـدى القـوة التنفيذية للحكم المراد تنفيذه ونطاقها ولها في سبيل ذلك أن تقضي إمـا بوقف التنفيذ أو بعدم جوازه أو برفض الإشكال حسب الأحوال ،،،
أما وقف التنفيذ فيحكم به إذا كان سبب الإشكال عارضاً يمكن زواله مثل إصابة المحكوم عليه بالجنون بعد الحكم عليه فهنا تقضي المحكمة بوقف التنفيذ حتى يشفى من مرضه ويحكم بعدم جواز التنفيذ إذا كان سبب الإشكال يمس سلامة التنفيذ في جميع الأحوال كما إذا كان الحكم مقدماً وأريـد التنفيذ على غير المحكوم، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بوقف بناء على إحتمال إلغاء الحكم المستشكل في تنفيذه لأن ذلك ينطوي على مسـاس بالموضوع .
رأينا الشخصي
مع تقديرنا الكامل لتلك الآراء السابقة وما أجمع عليه الفقهاء من أن محكمة الاشكال لا تستطيع المساس بحجية الحكم المستشكل في تنفيـذه ذلك أنه يخرج عن إختصاصها التعرض لمسألة سـبق عرضـهـا مـن المستشكل على محكمة الموضوع أو من المفروض أن مجال بحثها هو عرضها على محكمة الموضوع سواء قام بعرضها أم لا،
إلا أنه توجد بعض حالات صارخة يتعارض إستمرار التنفيذ بها مع إعتبارات العدالة الإنسانية منها مثلاً أن يقوم المتهم بتبديد مبلغ بسداده بعـد صـيرورة الحكم عليه نهائياً واجب النفاذ وقيامه بالطعن بالنقض على الحكم، أو أن يقوم المتهم بإصدار شيك بدون رصيد بسداد مبلغ الشيك بعد الحكم في الإستئناف بتأييد الحكم المتسأنف القاضي بعقوبة على المتهم، وقيامه بعد ذلك بالطعن بالنقض في الحكم، أو أن يقوم مثلاً من قضى عليـه فـي وطعنه بالنقض.
جناية إختلاس بسداد المبلغ المحكوم عليه من أجله بعد صدور الحكـم ويلاحظ أنه في جميع هذه الحالات السابقة وأمثالها يرتبط السـداد مثلا بإقامة طعن على الحكم محل الإشكال.
ففي مثل هذه الحالات وأمثالها فإن محكمة الإشكال إذا قضت بـرفض الإشكال موضوعا والإستمرار في التنفيذ فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً حرفيا ولا خلاف على ذلـك إذ أن واقعـة السـداد كـان مـن المفروض عرضها على محكمة الموضوع قبل صيرورة الحكم نهائيـا كما وأن مجرد الطعن على الحكم ليس بذاته سببا لوقف التنفيذ،،،،
ولكننـا نرى لاعتبارات العدالة الإنسانية أولا ولحسن سير العدالة ثانيـا ومـن أهل الذوق القانوني الرفيع ثالثاً أنه لا يوجد ما يمنع المحكمـة إذا رأت من وقائع الدعوى أن ظروفا إضطرارية قد حالت بين المـتهم وقيامـه بالسداد أمام محكمة الموضوع أن تقضي بوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً إلى أن يفصل في الطعن المقام عليه، ونحن من جانبنا فقد طبقنا ذلك كثيراً في العمل.
بل وأكثر من ذلك أتذكر هنا أن موظفاً بإحدى الجمعيات التعاونيـة الإستهلاكية قدمته النيابة العامة بتهمة إختلاس مـا بعهدتـه مـن أمـوال بإعتباره من الأمناء على الودائـع وطالبـت معاقبتـه بالمـادة (۲/۱۱۳) عقوبات أي بالظرف المشدد، وأمام محكمة الموضوع للجنايات قدم المتهم مخالصة معتمدة من الجمعية التي يتبعها تفيد سداده المبلغ المقدم من أجلـه بالكامل،
ولكن المحكمة لم تفطن إلى تلك المخالصة ولم توردها في حكمها رغم ثبوتها في محضر الجلسة وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى باقي العقوبات الأخرى المقررة بالقانون فإستشـكل المـتهم وأقام طعنا بالنقض على الحكم محل الإشكال، وفي الإشكال تمسك المـتهم بسبق تقديمه مخالصة أمام محكمة الموضوع لم تتنبه إليها، فقضت محكمة الإشكال بوقف تنفيذ الحكم مؤقتا إلى حين الفصل في الطعـن بـالنقض
المقام على الحكم المستشكل في تنفيذه، ولم تجد المحكمة سوى هذا الحل لإعتبارات العدالة الإنسانية وحتى لا يلقى بهذا المتهم في غياهب السجن تنفياً لحكم مرجح الإلغاء بالقطع، وقد قيل من زمن أعطني قانوناً ظالماً وقاضياً عادلاً.
هل يجوز للمحكمة الأمر بوقف نظر الاشكال؟
يرى البعض أنه إذا صادفت المحكمة عند نظرها للإشكال مسـألة متعلقة بتفسير الحكم المستشكل في تنفيذه وجب عليها أن توقـف نظـر دعوى الاشكال وتكلف المستشكل برفع دعوى تفسير للحكم وبعد الحكم في دعوى التفسير تستأنف محكمة الإشكال نظر الدعوى وتفصل فيهـا على مقتضى ما قرره حكم التفسير المذكور،
ومتى قضـت المحكمـة بوقف دعوى الإشكال في التنفيذ فإنها لا تملك العدول عن هذا الإيقـاف حتى يفصل في المسألة العارضة التي إستوجبت القضاء بإيقاف الدعوى والمحكمة حين تقضي بوقف دعوى الإشكال يظل الأمر بإيقاف تنفيـذ العقوبة أو بالإستمرار فيه جوازياً لها وفقاً لحقها العام الـوارد بالمـادة بوقف تنفيذ العقوبة في هذه الحالة .
٥٢٥ من قانون الإجراءات الجنائية إذ ليس في القانون ما يفيد إلزامهـا وقيل في تأييد ذلك بأنه يجوز لمحكمة الاشكال أن تصدر حكمـاً بإيقاف النظر في الاشكال إلى حين تفسير الحكم المستشكل في تنفيذه من المحكمة المختصة بذلك، والغرض هنا أن محكمة الإشكال هـي غيـرمن قانون المرافعات .
المحكمة التي أصدرت الحكم والتي تختص بتفسيره طبقا للمادة (۱۹۲) وفي الحقيقة فإن هذه المسألة نادرة الحدوث في المجال الجنائي إلا أن ذلك لا يعني عدم جوازها، وعموماً فإن المستفاد من نـص المـادة (۱۹۲) من قانون المرافعات هو أن المحكمة التـي أصـدرت الحكـم تختص بتفسيره وهذه القاعدة تتصل بالنظام العام فلا يجـوز مخالفتهـا ومن ثم يخرج تفسير الأحكام عن نطاق إختصاص محكمة الإشكال ،،،
إلا أنه ومع ذلك فإذا شاب الحكم غموض في منطوقه بحيث يثور خـلاف حول مرمى الحكم ومراده فإنه يجوز الإلتجاء إلـى محكمـة الإشـكال بطلب وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً حتى تقوم المحكمة المختصة بتفسير مـا وقع فيه من غموض أو إبهام فإذا ما إستبان لمحكمة الإشكال عدم جدية القول بغموض الحكم وبأن ظاهره واضح الدلالة على مراده تعين عليه رفض طلب وقف التنفيذ والإستمرار فيـه،
أمـا إذا إستبان لمحكمـة الاشكال جدية القول بغموض الحكم بحيث تعذر معه الإستدلال على مراده تعين عليها وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً حتى تقوم المحكمة المختصـة بتفسير ما وقع في منطوق حكمها من غموض أو إبهام، وهذا هو مـن وجهة نظرنا المحتمل حدوثه عملاً إذ إن المستشكل هنا قد تعود عليـه منفعة من الإشكال إذ قضت تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً لحين الفصل في دعوى تفسير الحكـم وذاك إعمـالاً لحقهـا المقـرر بمقتضى نص المادة (٢/٥٢٥) من قانون الإجراءات الجنائيـة، وقـد تجيبه محكمة الإشكال إلى طلبه.
هل يجوز لمحكمة الاشكال تعديل العقوبة بحيث تكون مطابقة للقانون ؟
ذهب رأي في الفقه إلى أنه يجوز لمحكمـة الاشكال أن تقضي بتعديل التنفيذ إذا كان المستشكل يقتصر على إثارة النزاع حـول نـوع العقوبة أو مقدارها أو الإجراءات التي تتبع في تنفيذها وثبت للمحكمـة المطابق للقانون .
صحة ما يحتج به إذ تقضي بتعديل التنفيذ بحيث يصير علـى الوجـه وفي ذلك أيضاً قيل بأنه في محيط دعوى الإشكال لا يجوز تعـديل المسئولية الجنائية التي تثبت من المحاكمة وأيضا الآثار القانونية التي تترتب على ثبوت تلك المسئولية إلا فقط في الأحوال التي يكون فيهـا تنفيذ تلك الآثار مستحيل أو أن تنفيذها تعوقه ظروف قانونية لم تؤخـذ في الإعتبار في الحكم فمثلاً لا تجوز مناقشة الحكم فيما قضى به مـن عقوبة في حدها الأقصى أو الأدنى، ولكن إذا كان الحكم قد جاوز الحد التنفيذ .
الأقصى المقرر قانوناً فإن تعديل العقوبة يتم عن طريق دعوى إشكال وفي رأينا أن هذا الإتجاه يعطي لمحكمة الإشكال أكثـر مـا لهـا ويجعل منها رقيباً على الأحكام وجهة طعن عليها إذ أن قيـام محكمـة الإشكال بتعديل منطوق الحكم بحيث تجعله موافقا للقانون هو ولا شـك إجراء يمس بحجية الحكم محل الإشكال،
وهذا العمل هو مـن محكمة الطعن وليس محكمة الإشكال، وكل ما لمحكمة الإشكال في هذه الحالة هو أنه إذا كان باب الطعن في الحكم مـا زال مفتوحـاً أو قـام المستشكل بالطعن على الحكم، إذا ما رأت جدية القول بمخالفة العقوبة المحكوم بها للقانون أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يفصل في الطعن المقام، ومحكمة الطعن هي التي تقوم بتصحيح الحكم وفقاً للقانون.
هل يجوز إقامة إشكالات متعددة ؟
لا يوجد في القانون ما يمنع المستشكل الذي قضـى بـعـدم قبـول إشكاله أو برفضه موضوعا من معاودة الإستشكال مرة ثانيـة ولكـن يشترط أن يكون ذلك لأسباب أخرى جدت بعـد صـدور الحكـم فـي الإشكال السابق، أما إذا بني الإشكال الجديد على ذات أسباب الإشكال السابق تعين القضاء بعدم جوازه لسبق الفصل فيه.
طرق الطعن في الحكم الصادر في الاشكال
لم ترد في القانون نصوص في شأن الطعن في الحكم الصادر في الاشكال وبالتالي ينبغي الرجوع إلى القواعد العامة التي تحكـم طـرق الطعن بحيث يجوز الطعن في الحكم الصادر في الاشكال إذا توافرت الشروط التي يتطلبها القانون ولا يتصور أن يتم الطعن بالإستئناف في الحكم الصادر في الإشكال لأن محكمة الإشكال إما أن تكـون محكمـة الجنايات أو محكمة الجنح المستأنفة والأحكام الصادرة مـن هـاتين الهيئتين لا يجوز فيها الإستئناف .
أما بالنسبة للمعارضة فقد قيل بأنها مقصورة عملاً إذا صدر الحكم غيابياً على المستشكل خصوصاً وأنه ليس هو الذي يرفع النـزاع إلـى المحكم بل إن النزاع يقدم إلى المحكمة بواسطة النيابة العامة على وجه السرعة ويعلن ذوو الشأن بالجلسة التي تحدد لنظره” عملاً بالمادة (٥٢٥).
فإذا غاب المستشكل لسبب ما مثل عدم الإعلان أو لغيابه بالخارج أو لعذر قهري، ومع ذلك فصلت المحكمة غيابياً في الإشكال فليس ثمة ما يمنع من القول بجواز المعارضة طبقا للقواعد العامـة فيهـا، مـع مراعاة أن المعارضة في أي حكم غيابي توقف تنفيذه طبقـاً للقواعـد العامة
إلا أنه يلاحظ هنا أن المعارضة لا تنصب على الحكم الصادر في موضوع الدعوى، وإنما هي تنصب على الحكم الغيابي الصادر في الإشكال، وإذا كان مجرد رفع الإشكال أصلا لا يوقـف تنفيـذ الحكـم الجنائي وذلك بخلاف الحكم المدني، ومن ثم فإن المعارضة في حكـم الإشكال لا يترتب عليها وقف تنفيذ الحكم الصادر في موضوع الدعوى إذ إن المعارضة ليست فيه وإنما في الحكم الغيابي الصادر في الإشكال.
وعموماً فإن الضابط في تحديد قابلية الحكم في الإشكال للطعـن بطريق معين هو بالرجوع إلى الحكم المستشكل فيه ومعرفة ما إذا كان يقبل الطعن بهذا الطريق فالحكم في الإشكال يتبع الحكم المستشكل فيـه من حيث قابليته للطعن بطريق معين فإذا كان الحكم المستشكل فيه يقبل الطعن بهذا الطريق كان الحكم في الإشكال قابلاً بـدوره الطعـن بـه ويستتبع ذلك أنه إذا كان الحكم المستشكل فيه لا يقبل الطعـن بطريـق معين كان الحكم في الإشكال لا يقبل بدوره فيه .