جنائي

جريمة زراعة النباتات المخدرة م 28

زراعة النباتات المخدرة

تعد زراعة النباتات المخدرة من القضايا الحيوية والمعقدة التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث. إذ تتداخل فيها الجوانب القانونية، الصحية، والاجتماعية، مما يجعلها موضوعًا ذا أبعاد متعددة تتطلب الدراسة والتحليل.

جريمة زراعة النباتات المخدرة

زراعة النباتات المخدرة ليست مجرد نشاط زراعي عادي، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجرائم المخدرات والتأثيرات السلبية على الأفراد والمجتمعات.

جريمة زراعة النباتات المخدرة

تناول قانون المخدرات رقم ۱۸۲ لسنة ۱۹٦٠ المعدل الحظر الخاص بـ زراعة النباتات المخدرة فنص في المادة ۲۸ منه على أنه لا يجوز زراعة النباتات المخدرة المبينة بالجدول رقم (٥) وهي:

1- القنب الهندي (كأنابيش سايفا) ذكراً كان أو أنثى بجميع مسمياته مثل الحشيش أو الكمنجة أو البانجو أو غير ذلك من الأسماء التي تطلق عليه.

2- الخشخاش (بابا فيرسو مني فيرم) بجميع أصنافه ومسمياته مثل الأفيون أو أبو النوم أو غير ذلك من الأسماء التي تطلق عليه.

3- جميع أنواع جنس البابا فير.

4- القات بجميع أصنافه ومسمياته.

واستني المشرع من هذا الحظر أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم (٦) وهي:

  • الياف سيقان نبات القنب الهندي.

٢-بذور القنب الهندي المحمسة حمسا يكفل عدم إنباتها.

٣-بذور الخشخاش المحمسة حمسا يكفل عدم إنباتها.

٤-رؤوس الخشخاش المجرحة الخالية من البذور.

وأعطى القانون الصلاحية للوزير المختص طبقا للمادة ٣٠ بأن يرخص للمصالح الحكومية والمعاهد العلمية بزراعة أي من النباتات الممنوع زراعتها للأغراض والبحوث العلمية.

أو يرخص في جلب النباتات المبينة بالجدول (٥) وبذورها وتخضع تلك النباتات والبذور في حالة الجلب للأحكام الواردة بالفصلين الثاني والثالث من قانون المخدرات.

ثم وضع المشرع في الفصل التاسع من قانون المخدرات العقاب علـى مـن يتجاوز هذا الحظر بالنص في المادة ٣٣ الفقرة (أ)، ج على عقوبة الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.

كل من زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم (٥) أو صدره أو جلبه أو حازة أو أحرزه أو اشتراه أو باعة أو سلمة أو نقلة أيا كان طور نموه وكذلك بذوره وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيه بأية صورة في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

وقد تم إضافة هذه الجريمة بالبند (ج) إلى المادة ۳۳ من قانون المخدرات وهي الجرائم المعاقب على مقارفتها بالإعدام بعد أن كانت ملحقة بالبند (ب) من المادة ٣٤ من ذات القانون تقديراً من المشرع لخطورة بروز ظاهرة زراعة النباتات المخدرة.

أركان جريمة زراعة النباتات المخدرة

أركان جريمة زراعة النباتات المخدرة

١- الركن المادي

وهو فعل الزراعة لأي نبات من النباتات الواردة بالجدول رقم (٥) المرفق بالقانون ويستمر الركن المادي للجريمة لفترة وجود الزرع في الأرض.

زراعة النباتات المخدرة تعد جريمة تامة بمجرد قيام المتهم بوضع البذور في الأرض أيا كانت النتيجة المترتبة على ذلك وسواء تحقق للمتهم النتيجة المرجوة بحصاد محصوله من النبات المخدر أم لا، إذ لا يشترط للعقاب على الجريمة بلوغ النبات مرحلة معينه من النضج.

ومن ثم فلا يصح تعييب تقرير المعمل الكيماوي لعدم بيان مدى احتواء النبات المخدر المضبوط على مادته الفعالة من عدمه، أو التمسك بأن تقرير التحليل لم يبين ماهية الأجزاء النباتية التي قام بتحليلها.

هل جريمة زراعة النباتات المخدرة من الجرائم المستمرة ؟

جريمة زراعة النباتات المخدرة من الجرائم التي يستمر ركنها المادي لفترة وجود الزرع في الأرض، فلا يقتصر الركن المادي على مجرد وضع البذور بل يتسع ويمتد ليشمل كل ما يتخذ من إعمال التعهد المختلفة للزرع إلى حين نضجه وقلعه.

وجريمة الزراعة لا تتطلب وجود النبات قائما وملتصقا بالأرض ذلك أن الجريمة تتوافر حتى ولو كان النبات جافا منفصلا عنها طبقا لصريح نص الفقرة (ج) من المادة ۳۳ والتي تشير إلى ” أيا كان طور نموه ” ومن ثم فلا مجال للتفرقة بين ضبط النبات المخدر مزروعاً وملتصقا بالأرض أو ضبطه جافاً ومنفصلاً عنها باعتبارها تفرقة لا سند لها في القانون وتؤدى إلى نتيجة غير منطقية مفادها أن يخرج من دائرة التجريم حصد شجيرات النبات وتجفيفها مع أنها المرحلة اللازمة لاستخراج الجوهر المخدر.

فقد قضى بأن مدلول زراعة النبات المخدر المنهى عنها تشتمل على وضع البذور والتعهد اللازم للزرع إلى حين نضجه وقلعه.

٢-الركن المعنوي

جريمة زراعة النباتات المخدرة بقصد الاتجار جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي العام والخاص.

القصد العام

هو توافر علم المتهم بأن النبات الذي يزرعه هو من النباتات الممنوع زراعتها، والمحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالا عن ركن العلم بحقيقة النبات إذا كان ما أوردته في حكمها كافيا في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته.

ذلك أن استظهار القصد الجنائي في جريمة زراعة النبات المخدر هو من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة على بساط البحث مادام موجب هذه العناصر وتلك الظروف لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج.

أما إذا تمسك المتهم بانتفاء العلم بكنه النبات المزروع فإنه يلزم في حالة القضاء بالإدانة أن تبين المحكمة ما يبرر اقتناعها بعلم المتهم بأن النبات المضبوط هو من النباتات المحظور زراعتها قانونا.

القصد الخاص

جريمة زراعة النباتات المخدرة بالفقرة (ج) من المادة 33 من قانون المخدرات من الجرائم التي تتطلب قصداً خاصاً.. هو قصد الاتجار فلا يكفي مجرد القول بتوافر الزراعة وعلم الجاني بأن ما يزرعه هو من النباتات المخدرة بل يلزم توافر قصد الاتجار.

ذلك أن جريمة زراعة النباتات المخدرة من الجرائم ذات القصد الخاص ومن ثم يلزم استظهار هذا القصد في الحكم الصادر بالإدانة … فلا يكفي مجرد القـول بتوافر الزراعة وعلم الجاني بأن ما بزرعه من النباتات المخدرة.

وقد قضى بأنه: إذا كانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطبقت عليه المادة ٣٣/ج من القانون المشار إليه من غير أن تستظهر توافر القصد الخــاص وهو قصد الاتجار لدى الطاعن فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور ويتعين نقضه

وزراعة نبات مخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها … مادام استخلاصه سائغا تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها.

فإذا انتهى الحكم إلى ثبوت قصد الاتجار لدى المتهم من سعة المساحة المزروعة بالنباتات المخدرة وضخامة عند النباتات المزروعة بهذه المساحة ” كان ما أورده الحكم كاف لإثبات هذا القصد.

كما يكفي لإثبات القصد الخاص قول الحكم بأن المتهمين قصدوا من زراعة نبات الخشخاش المضبوط إنتاج مادة الأفيون التي تستخلص من هذه النباتات والاتجار فيها.

ويتعين لصحة الحكم الصادر بالإدانة أن يثبت مباشرة المتهم لزراعة النبات المخدر.

ماهي عقوبة زراعة النباتات المخدرة

١- العقوبة التي قررها القانون لجريمة زراعة النباتات المخدرة بقصد الاتجار والتي تضمنتها المادة ۳۳ هي الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه.

ماهي عقوبة زراعة النباتات المخدرة

٢- مصادرة المخدر المضبوط والأدوات والآلات ومصادرة الأرض التي زرعت بالنباتات المشار إليها إذا كانت هذه الأرض مملوكة للجاني أو كانت له بسند غير مسجل … أو إنهاء سند حيازة المتهم للأرض إن كان مجرد حائز لها، طبقا لنص المادة ٤٢ من قانون المخدرات.

٣- وجوب القضاء بالتعويض الجمركي طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة من قانون المخدرات وهي فقرة مستحدثة بالقانون ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ كي لا يكون إعمال حكم الفقرة الأولى من المادة ٣٢ من قانون العقوبات سببا في عدم الحكم على مرتكبي هذه الجرائم بالتعويض الجمركي المقرر كعقوبة تكميلية لجريمة التهريب الجمركي وفق ما استقر عليه قضاء النقض.

هل يمكن تخفيف عقوبة زراعة النباتات المخدرة ؟

للمحكمة في حالة توافر مبرر الرأفة أن تخفف العقوبة طبقا لنص المادة ٣٦ من قانون المخدرات واستثناء من المادة ۱۷ من قانون العقوبات إلى عقوبة السجن المؤبد.

التطبيقات القضائية

جريمة زراعة النباتات المخدرة – ما يجب بيانه في حكم الأداة.

لما كان ذلك، وكان القانون رقم ۱۸۲ لسنة ۱۹٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والذي يحكم واقعة الدعوى قد جعل جريمة زراعة النباتات المخدرة الواردة في الجدول رقم ٥ المرافق للقانون المذكور. من الجرائم ذات المقصود الخاصة حين اختط عند الكلام على العقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها ووازن بين ماهية كل من المقصود التي يطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة زراعة هذه النباتات وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها.

ولما كان لازم ذلك وجوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الزراعة وعلم الجاني بأن ما زرعه من النباتات المخدرة، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطبقت عليه المادة ٣٣/ج من القانون المشار إليه من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الإتجار لدى الطاعن فإن حكمها يكون مشويا بالقصور ويتعين نقضه والاحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

(نقض جنائي ١٧/١٠/١٩٩٥ س ٤٦ ص ١١١٥)

جريمة زراعة النباتات المخدرة المدرجة بالجدول رقم (5) الملحق بالقانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠. تمامها. بمجرد إتيان فعل الزراعة سواء تحقق للجاني حصاد محصوله أم لا.

من المقرر أن المشرع حظر في المادة ۲۸ من قانون المخدرات رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠. زراعة النباتات التي أدرجها بالجدول رقم 5 الذى الحقه بالقانون والتي اعتبرها من النباتات المخدرة ومنها النباتات محل الضبط ، ومعاقب عليها في حالة زراعتها بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة ۳۸ من القانون المذكور و المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ وزراعة النباتات المخدرة تعد جريمة تامة بمجرد إتيان فعل الزراعة أيا كانت النتيجة المترتبة على ذلك وسواء تحقق للجاني حصاد محصوله من النبات المخدر أم لا ، فزراعة تلك النباتات مؤثم في أي طور من اطوار نموها ، ومن ثم فلا محل للبحث في مدى احتواء النبات المخدر على مادته الفعالة.

(الطعن رقم ۲۸۲۰۹ لسنة ٦٤ ق. جلسة ١٢/١/١٩٩٧ص ٤٨ ص ۷۹)

مدلول زراعة المخدر المنهى عنها. يشتمل على وضع البذور والتعهد اللازم للزرع إلى حين نضجه وقلعه.

لما كان مدلول الزراعة المنهى عنها يشمل وضع البذور في الأرض وما يتخذ نحو البذر من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع إلى حين نضجه وقلعه وكان الطاعن الثاني قد أقام دفاعه – على نحو ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة وما حصله الحكم المطعون فيه. على أنه لا سلطان له على الأرض ولا علم له بزراعة النبات المخدر بها، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثاني على سند من القول بأنه مالك للأرض التي ضبط بها النبات المخدر والتي يتولى

زراعتها الطاعن الأول على ما جاء بالتحريات من أنه يتولى مع الطاعن الأول رعاية المزروعات والعناية بها. لما كان ذلك، وكان مجرد ملكية الطاعن الثاني للأرض المزروع بها النبات المخدر لا يدل بذاته على أنه هو الذي قام بزراعة هذا النبات بها، خاصة بعد أن أورد الحكم في مدوناته أن الطاعن الأول هو الذي يتولى زراعة الأرض، كما أن ما ورد بالتحريات لا يصلح وحده دليلا يعول عليه في شأن تولى الطاعن الثاني رعاية المزروعات مع الطاعن الأول، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالفساد في الاستدلال الذي يبطله.

(الطعن رقم ٤٢٣ لسنة ٦٧ ق. جلسة ١٤/١/١٩٩٩)

 

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .