مدني

دعوى الحساب الشروط والاجراءات

Contents

دعوى الحساب

تعتبر العلاقات والتعاملات بين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين ينشأ عنها حقوق والتزامات بين أطرافها نتيجة هذه العلاقـات والتعـاملات، وهذه الحقوق والالتزامات قد تنشأ نتيجة معاملات جرت بين الأشخاص سواء في صورة شراكه أو في صورة معاملات نشأ عنهـا التزامـات مالية،

دعوي الحساب

وقد تنشأ بدون معاملات بين الأطراف مثل وجود میراث خاص بمجموعة من الورثة يديره أحدهم، نشأ عنه حقـوق والتزامـات بـين الأشخاص، وفي هذه الأحوال حينما يريد كل طرف أن يطالب بحقوقه، فإذا فشلت المطالبات الودية فيتم الالتجاء إلي القضاء للمطالبة بالحقوق، حسب نوع التعامل وكيفية نشأته، ومن بين الطرق التي قد يلجأ إليهـا الأشخاص، المطالبة بإجراء محاسبة بين الطرفين .

 ماهية دعوى الحساب 

دعوى الحساب هي الدعوى التي ترفع بطلب فحص المعاملات بين أطراف لبيان حقوق والتزامات كل منهم في مواجهة الأخـر وتـصفية الحساب وتحديد المستحق منه لكل طرف.

ومثالا، فإذا كان الطاعن قد أقام دعوى الحساب بطلب نـدب خبيـر فيهـا لفحص الدفاتر والمستندات التي تحت يد الشركة المطعون ضدها لبيان قيمة ما أنفقته من مبالغ مالية في سبيل أعمال الصيانة والخدمات بالقرية المملوكة لها والكائن بها الفيلا مشتراه، وتحديد مقدار المستحق عليـه وتصفية الحساب بينها في ضوء المبالغ المسندة منه, والحكم بالزامهـا بأن تدفع له ما يسفر عنه لحمل الخبير من مبالغ مالية يكون قد سددها بالزيادة عما هو مستحق عليه, ومن ثم فإن الدعوى بهذه المثابـة هـي دعوی الحساب

لا يفوتكرفض الدعوي بحالتها في القانون المصري

كيفية رفع دعوى الحساب 

لم ينص القانون علي إجراءات معينة تتبع في حالة رفـع دعـوى الحساب، لذلك يمكن رفعها بطريق الدعوى الأصلية ترفع بـالإجراءات المعتادة وفقا للمادة 63 من قانون المرافعات، بصحيفة تودع قلم الكتاب وتعلن للخصوم وفقا للمقرر في قانون المرافعات، أو في أي قانون آخر ينظم هذه المسألة.

كذلك يجوز توجيه دعوى الحساب في صورة طلب عارض فـي دعوى مرددة بين الخصوم، أي أن يقوم طرف الخصومة بالرد علـي دعوى شخص أخر ضده بتوجيه طلب دعوى الحساب لبيان المستحق لكل منهم قبل الآخر.

فإذا رفعت دعوى من شخص بالمطالبة بدين قبل طـرف آخـر، فيجوز لهذا الطرف الآخر أن يوجه دعوى الحساب بشكل فرعي بطلب الحساب عـن هذه المعاملات، سواء بصحيفة تودع قلم الكتاب أو توجه في مواجهـة الخصم الحاضر، وفقا للقواعد المقررة في قانون المرافعات.

ويلاحظ أن دعوى الحساب ليست من الدعاوى التي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة، ومثلا قضي بأن قرار المحكمـة بـضـم الـدعويين ليصدر فيهما حكم واحد ليس من شأنه أن يدمجهما في دعـوى واحـدة بحيث تفقد كل منهما استقلالها ولو أتحد الخصوم أو فصل فيهما بحكـم واحد بل تظل كل منهما محتفظة بذاتيتها واستقلالها، وبطـلان الحكـم بالنسبة إليهما يقبل التجزئة بحسب الأصل،

ولما كانت دعوى الحـساب ليست من الدعاوى التي يجب على النيابة العامة أن تتدخل فيهـا، فـلا محل لتحدي الطاعن بأن البطلان الذي يشوب الحكم في شقه الخـاص بدعوى الإفلاس – بفرض وجوده يمتد إلى ما قضى به في دعـوى الحساب، وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فـإن النعـي عليـه بالبطلان يكون على غير أساس.

بحث المحكمة لطلب دعوى الحساب 

دعوى الحساب ترفع لبحث معاملات أو علاقات مالية بين طرفين لبيان الموقف المالي لكل طرف، وبالتالي فهي تتسع دائما لبحث النزاع الذي يقوم بين طرفي الخصومة حول انشغال ذمة كل من طرفيها قبـل الآخر، بما يحق لكل منهما إيراد دفاعه، فيتعين على المحكمة أن تبحثه تمهيدا لإصدار حكمها على ضوء ذلك.

وإذا قدم في دعوى الحساب سندات مديونية وحدث بشأنها نـزاع بين الخصوم فيجوز لمحكمة الموضوع أن تتعرض لذا النزاع وتفـصل فيه طالما يدخل في صميم دعوى الحساب، فقد قضت محكمة النقض بأن لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه ضد البنك الطاعن بطلب ندب خبير لإجراء المحاسبة عن العمليات الجارية بينهما توصلا إلى حقيقة الحساب والقضاء بما يسفر عنه التقرير,

وكان بيـان ما آلت إليه قيمة الأوراق التجارية التي سلمها المطعون ضده للطـاعن لتحصيلها هو أمر يقتضية الفصل في دعوى الحساب فإن الحكم المطعون فيـه إذ تعرض لبحث النزاع حول هذه الأوراق يكون قد فصل فـي مـسألة داخلة في صميم دعوى الحساب المطروحة على المحكمة ويكون النعي عليه بأنه قضى بما لم يطلبه الخصوم على غير أساس.

 تقدير قيمة دعوى الحساب والاختصاص 

إذا رفعت دعوى الحساب بطلب الحساب بين طرفين أو أكثر، ف دعوى الحساب في هذه الحالة تكون غير مقدرة القيمة، وبالتالي تختص بها المحكمـة الابتدائية، وإذا كانت الدعوى ناشئة عن تطبيق أي من القـوانين التـي نصت عليها المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية،

فقـد قضت محكمة النقض مثالا بأن دعوى الحساب تعتبر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – غير مقدرة القيمـة ومـن ثـم ينعقـد الاختصاص بنظرها للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية متى كانت ناشئة عن تطبيق أي من القوانين التي نصت عليها المادة السادسة مـن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية سالف الذكر.

لما كـان ذلـك، وكـان الطاعن قد أقام دعواه المبتدأة على البنك المطعون ضده بطلب الحكـم ببيان المبالغ التي تم توريدها وتلك التي تم تحصيلها على حسابه وما تم خصمه من المبالغ المتحصلة وبيان الفوائد التي قام البنـك باحتـسابها بالمخالفة للاتفاق والمبالغ المستحقة لصالحه لدى البنك ومن ثم تكـون دعواه في حقيقتها وقت رفعها ووفقاً لطلبات الطاعن هي دعوى تقـديم حساب غير مقدره القيمة هذا إلى أن البنك المطعون ضده ادعى فرعيا بطلب إلزام الطاعن وآخرين بمبلغ ٥٢٨٢٣٤٤،١٩ جنيها ،،،

 ماهية دعوى الحساب 

وما يستجد من عائد تأخير بواقع 16% حتى تمام السداد ومن ثم فـإن الـدعويين الأصلية والفرعية وفقاً للطلبات المبداة في كل منهما تدخل فـي نطـاق الاختصاص القيمي للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية وإذ التـزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع المبدى من الطاعن بعـدم الاختصاص القيمي يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.

تقدير قيمة الطلب العارض في دعوى الحساب 

إذا أقيمت دعوى الحساب الأصلية بطلب المحاسبة، وكذلك بتقديم كشف حساب، فإن هذه دعوى الحساب تكون غير مقدرة القيمة، وإذا أبدي المـدعي فيها طلب عارض، بطلب الحكم له بما أثبته تقرير الخبير من حـساب، فإن هذا الطلب العارض والطلب الأصلي يكونا ناشئين عن سبب قانوني واحد،

وتقدر قيمة دعوى الحساب في هذه الحالة بقيمة هذين الطلبين طبقا لنص المادة 1/38 من قانون المرافعات، وتطبيقا لذلك، قضي بأن مؤدى نص المادة 41 من قانـون المرافعـات أن الأصل في الدعاوى أنها معلومة القيمة ولا تخرج عن هذا الأصـل إلا الدعاوى التي ترفع بطلب غيـر قابـل للتقديـر كتلك التي تتضمن طلبات تتنافى بطبيعتها مـع إمكـان تقديرها فتعتبر مجهولـة القيمة.

فإذا كانت دعوى الحساب قد رفعـت بطلـب إلزام المدعى عليه بتقديم كشف حساب فيكون طلب غير قابل للتقديـر بحسب القواعد الواردة في قانون المرافعات تختص محكمـة الـنقض بنظره، فإذا طلب المدعى بعد فحص الحساب المقدم الحكم له بنتيجة هذا الحساب حسبما أظهره الخبير _ المنتدب في الدعوى _ لا يعتبر ذلـك عدولاً عن الطلب الأصلي الخاص بتقديم الحساب حتى يقال إن الطلبات الختامية قد انحسرت في الطلب الذي أبدى أخيرا وإنما هذا الطلب يعـد طلباً عارضاً مكملاً للطلب الأصلي الخاص بتقديم الحساب ومترتباً عليه وتختص بنظره محكمة النقض مهما كانت قيمته.

 الفرق بين دعوى الحساب ودعوى إثبات الحالة 

في حالة وجود تعاملات مالية بين شخصين أو أكثر، وفـي حالـة رغبة أحدهم أو جميعهم تصفية الحساب بينهم، فإذا لم يتم تصفية هـذا الحساب وديا بينهم، فيجوز لكل منهم أو يقوم برفـع دعـوى بـإجراء المحاسبة بينهم، في شأن هذا الحساب، وإلزام المدين بإعطـاء الـدائن نصيبه الذي أسفر عنه الحساب، وهنا نجد أن دعوى تصفية الحـساب تتسع لبحث النزاع الذي يقوم بين طرفي الخصومة حول انشغال ذمـة كل من طرفيها قبل الأخر,

بينما دعـوى إثبـات الحالـة لا تعـدو أن تكون دعوى إجرائية تحفظية صرفة لا تتضمن ثمة طلب موضـوعى عقدت تلك الخصومة ابتغاء الحكم, وإنما يقيمها دافعها على نفقته ليكون ما يثبت فيها من وقائع خلص إليها الخبير المنتدب فيها سنداً له يتقدم به إلى محكمة الموضوع بما قد يدعيه مستحقاً له، وتملك هذه المحكمة أن تطرحه أو أن تأخذ ببعض ما جاء به.

وبالتالي فإذا رفعت الدعوى بأنها دعوى الحساب فيحب علي المحكمة أو تقوم ببحث موضوع دعوى الحساب والانتهاء إلي حكم موضوعي فيها سواء بالرفض أو بتـسليم صـاحب الحق ما يسفر عنه الحساب من مال له، وبالتالي لا يجوز للمحكمة فـي دعوى الحساب أن تبحثها باعتبارها دعوى إثبات حالة فترفضها إذا لم تتوافر شروطها، ولكن يجب أن تبحثها من حيث موضوعها،

فقد قضت محكمة النقض مثالا بأن ومثلاً قضي بأنه لما كان الطاعن قد أقام دعوى الحساب بطلب ندب خبير فيها لفحص الدفاتر والمستندات التي تحت يد الـشركة المطعون ضدها لبيان قيمة ما أنفقته من مبالغ مالية في سبيل أعمـال الصيانة والخدمات بالقرية المملوكة لها والكائن بهـا الفـيـلا مـشتراه، وتحديد مقدار المستحق عليه، وتصفية الحساب بينها في ضوء المبـالغ المسددة منه,

والحكم بإلزامها بأن تدفع له ما يسفر عنه لحمل الخبير من مبالغ مالية يكون قد سددها بالزيادة عما هو مستحق عليه, ومن ثم فإن الدعوى بهذه المثابة هي دعوى حساب، وذلك في ضوء ما تضمنته من طلب موضوعي عقدت الخصومة فيها ابتغاء الحكم بـه للطـاعن،

 تقدير قيمة دعوى الحساب والاختصاص 

وإذ خالف الحكم المطعـون فيـه هـذا النظـر وكيـف الـدعوى علـى أنها دعوى إثبات حالة وقضى بعدم قبولها على هذا الأساس فإنه يكون قد خرج ب دعوى الحساب عن نطاقها المطروح عليه, وقد خالف قاعدة أصـلية من قواعد المرافعات توجب على القاضي التقيد فـي حكمـه بـحـدود الطلبات المقدمة في الدعوى, وقـد حجبـه هـذا التكييـف الخـاطئ للدعوى عن بحث دفاع الطاعن وطلبه الموضوعي بما يعيبه ويوجـب نقضة .

ويلاحظ أن دعوى الحساب ليست من الدعاوى التي يجـب علـى النيابة العامة أن تتدخل فيها.

إلا أنه في رأينا إذا نص القانون علي وجوب تدخل النيابة، فيجب عليها ذلك، وإلا كان الحكم باطلا.

أثر عدم طلب المدعي الإلزام في دعوى الحساب 

إذا أقام المدعي دعوى الحساب بطلب الحساب بينه وبين أخـر، دون أن يطلب إلزامه بما يسفر عنه هذا الحساب، فإن دعوى الحساب في هذه الحالة لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تحفظية على نفقة رافع الدعوى تمهيـداً لرفع دعوى الموضوع أمام المحكمة المختصة. وفي هذه الحالة تقضي المحكمة في دعوى الحساب بانتهاء الدعوى،

فقد قضت محكمة النقض بأن لما كان البين من الأوراق أن الدعوى أقيمت من المطعـون ضـده الأول بصفته بحسب مرمى طلباته فيهـا لتصفية حساب استهلاك الكهرباء وإثبات ما قام بسداده من مبالغ دون أن تتضمن الطلبات فيهـا أي طلب موضوعي،

كما أن الشركة الطاعنة لم تطلب إلزامه بثمة مبالغ واقتصرت دعوى الحساب على اتخاذ المطعون ضـده بـصفته الإجـراءات التحفظية بقصد إعداد الدليل مقدما لتقديمه عند نظر موضوع النزاع أمام محكمة الموضوع لتفصل فيه مما كـان يتعـيـن معـه علـى محكمـة الاستئناف من بعد أن أودع الخبير المنتدب فيها تقريـره, وقـد بلغـت الدعوى منتهاها, أن تقضي بانتهاء الدعوى

وإذ قضى الحكم المطعـون فيه على خلاف ذلك, دون أن يفطن لحقيقة المقصود من الطلبات, فإنـه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن, وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم تعين القضاء بانتهاء الدعوى.

 دعوى الموكل ضد الوكيل بطلب المحاسبة عن طريق دعوى الحساب  

إذا كان الأصل أنه يجوز رفع دعـوى الحـساب بين الأفـراد الطبيعيين أو الاعتباريين بشأن المعاملات بينهم، فيجوز أيضا للموكـل أن يرفع دعوى الحساب علي الوكيل المعين مـن قبلـه وفقـاً لأحكام الوكالة المقررة في القانون المدني،

بطلب المحاسبة عما تم مـن أعمال الوكالة، وقد قضي بأن النص في المادة 705 من القانون المدنى على أنه – على الوكيل أن يوافي الموكل بالمعلومات الضرورية عمـا وصل إليه في تنفيذ الوكالة وأن يقدم له حسابا عنها – يدل علـى أنـه يجب على الوكيل عند إنهاء الوكالة أن يقدم للموكل حساباً مفصلاً شاملاً لجميع أعمال الوكالة مدعما بالمستندات حتى يتمكن الموكـل مـن أن يستوثق من سلامة تصرفات الوكيل وعليه أن يوفى إليه صافي ما فـي ذمته ما لم يكن قد اتفق صراحة أو ضمنا على إعفاء الوكيل من تقـديم الحساب أو تقضى الظروف بالإعفاء.، وفي هـذه الـدعوى يرجع إلي القواعد الخاصة بالوكالة في القانون المدني.

 مثال علي القصور في التسبيب في طلب الموكل كشف حـساب من الوكيل 

لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمـسك أمـام محكمـة الموضوع بدفاع حاصله أنه أرسل عشرة شيكات تضمنت المبالغ محل المطالبة إلى المطعون ضده الأول أثناء فترة وكالته عنه لإيداعها فـي حسابه الشخصي وقد قام بصرفها وقبض قيمتها ولم يـتم إيـداع هـذه المبالغ في حسابه وقدم المستندات الدالة على دفاعه والمتضمنة ما يفيد أن المطعون ضده الأول قام بصرف الشيكات من البنك،

غير أن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى أن الـدعوى إنمـا هـي دعـوى الحـساب مقامة من الطاعن على المطعون ضده الأول ابتغاء الحكم بإلزام الأخير بالمبالغ محل المطالبة وأقام قضاءه برفض الدعوى استنادا إلى ما انتهى إليه الخبير في تقريره من عدم أحقية الطاعن في طلباته لأنه لم يقدم ما يدل على انشغال ذمة المطعون ضده الأول بالمبالغ محل المطالبة وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعن المشار إليه

ورغم أن الخبيـر لـم يبحث هذا الدفاع ولم يناقش دلالة المستندات التي استدل بها على هـذا الدفاع وبالتالي فلا يصلح ردا على ما أثاره الطاعن في هذا الشأن ولا يواجه دفاعه المشار إليه مع أنه جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

 سلطة محكمة الموضوع في بحث دعوى الحساب 

الدعوى بطلب المحاسبة هي دعوى موضوعية إذا طلب المـدعي فيها الإلزام بما يسفر عنه الحساب، وفي هذه الحالة تقوم المحكمة _ بعد استيفاء شكل الدعوى _ بنظر الموضوع، وللمحكمة أن تتخذ من وسائل الإثبات ما يؤدي إلى الوصول لحقيقة الطلبات فيها، فلها أن تبحث فـي أوراق الدعوى ومستنداتها وأوجه الدفاع فيها،

مستعينة بما يقدم الخصوم فيها من مستندات وأوراق وأدلة، ولها أن تقوم هـي باتخـاذ وسـائل الإثبات مثل الاستعانة بالخبراء لفحص طلبات الخصوم مـن الناحيـة المحاسبية، ولها أن تطلب أوراق ومستندات تري أنها ضرورية للفصل فيها، وسوف نعرض هنا للوسيلة الغالبة في بحث مثل هـذه الـدعوى وهي ندب الخبراء لفحص الحسابات وإعداد تقرير يخضع في النهايـة لتقدير محكمة الموضوع:

 سلطة المحكمة في ندب الخبراء فى دعوى الحساب  

محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب ندب خبير في دعوى الحساب ، إذ أن هذا ليس حقا له تتحتم إجابته بل لها أن ترفض مـا دامت قد رأت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها والفصل في موضوعها دون حاجة إليه، وتعتبر عدم الإشارة صراحة إلى طلب ندب خبير بمثابة قضاء ضمنی برفض هذا الطلب، إذ أن إقامة الحكم علـى اعتبارات مبررة يعتبر ردا ضمنيا على ما أبدى من دفاع.

كما أن المحكمة ليست ملزمة بإجابة طلب ندب خبير آخر في دعوى الحساب متـى رأت في تقرير الخبير السابق ما يكفي لتكوين عقيدتها.

وليس ثمة ما يمنع من أن يكون الخبير المرجح رئيسا للخبير السابق ندبـه فـي دعوى الحساب ، ذلك أن الوضع الوظيفي للخبير ليس هو المناط في الاستناد إلى عمله.

  ندب ثلاث خبراء ( لجنة ثلاثية) فى دعوى الحساب

إذا تبين للمحكمة وجود خطأ أو غموض أو نقص في عمل الخبير الأول المنتدب من المحكمة أو في بحثه، أو إذا لم تطمئن لـه، أو رأت أن المسألة المنتدب فيها الخبير تحتاج إلي تكاتف الآراء فيها من جانب الخبراء، ورأت أنه لا يساعد المحكمة علي بيان الحقيقة في دعوى، الحساب فلها أن تندب ثلاثة خبراء في الدعوى بدلا من خبير واحد،

وإذا نـدبت المحكمة ثلاثة خبراء وجب أن يشتركوا جميعـاً فـي الأعمـال التـي تقتضيها المأمورية المعهود إليهم بها وأن يشتركوا أيضاً في المداولـة وتكوين الرأي فإذا ثبت أنهم لم يشتركوا معاً في تلك الأعمـال أو فـي المداولة وتكوين الرأي كان التقرير باطلاً، ذلك أن ندب المحكمة ثلاثـة خبراء يفيد بذاته أن المسألة التي رأت أنها في حاجة إلى الاستعانة فيها بأهل الخبرة لا يكفي فيها خبير واحد، وما كانت لتـستطيع أن تنـدب خبيرين فقط طبقا لمفهوم نص المادة 135 من قانون الإثبات.

لا يجوز رفض طلب الخصم ندب خبير فى دعوى الحساب إذا كان وسيلته الوحيدة للاثبات  

طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة مـن وسائل الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له إذا كانت هي الوسيلة الوحيـدة في الإثبات.

وبالتالي فإذا كان طلب التحقيق بواسطة أهل الخبرة جائزاً قانونـاً وكان هذا التحقيق هو الوسيلة الوحيدة للخصم في إثبات مـدعاه، فـلا يجوز للمحكمة رفضه بلا سبب مقبول، باعتبار أن إعراض الحكم عن تحقیق دفاع الخصم بندب خبير دون سبب مقبول، هو مصادرة لحقه في وسيلته الوحيدة في الإثبات، وهو دفاع جوهري قد يتغير به ـ إن صح – وجه الرأي في دعوى الحساب .

وعلي ذلك فإذا أقام المدعي دعواه أمام محكمة الموضوع، بطلـب إلزام الخصم بمبلغ مالي، أو بتحديد التزام مالي عليه، وطلب ندب خبير لبيان ذلك، والحكم بما ينتهي إليه تقرير الخبير،

فـلا يجـوز لمحكمـة الموضوع أن تقضي برفض الدعوى متعللة بأنه لم يقدم ما يؤيد طلباته، ذلك أنه إذا كانت طلبات المدعي لا يمكن إثباتها إلا عن طريـق نـدب خبير، وكان هذا الندب هو الوسيلة الوحيدة لإثباته، فقـضاء المحكمـة برفض دعوى الحساب خطأ في حكمها يوجب نقضه.

سلطة المحكمة في تقدير آراء الخبراء فى دعوى الحساب

رأى الخبير لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الإثبات وأن لمحكمة الموضوع السلطة في فهم الواقع في دعوى الحساب وتقـدير عمـل الخبير وفي الموازنة بين الأدلة للأخذ بما تطمئن إليه وإذ أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير بأسباب سائغة فلا عليها أن هي لم تـرد على الطعون التي وجهت إليه وأن النعي على الخبير بتجاوزه لمهمتـه في تقريره لا يعدو أن يكون جدلا في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

كما أن للمحكمة أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو ببعض ما جـاء بـه وتطرح بعضه لأنها غير مقيدة بآراء أهل الخبرة إذ هي لا تقـضى إلا على ما تطمئن إليه دون أن يشوب حكمها في ذلك أي تناقض ويلاحظ أن المناط في اتخاذ الحكم من تقرير الخبيـر دلـيـلا فـي دعوى الحساب أن يكون قد صدر حكم بندب الخبير وباشـر مأموريتـه بـين خصوم ممثلين فيها وذلك تمكينا لهم من إبداء دفاعهم وتحقق الغـرض من إجراء الإثبات .

  مخالفة المحكمة لتقرير الخبير فى دعوى الحساب 

إذا كان تقرير الخبير قد استوى على حجج تؤيدها الأدلة والقرائن الثابتة بالأوراق, وكانت المحكمة قد أطرحت النتيجة التي انتهى إليهـا التقرير وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى نتيجة مخالفة وجب عليها وهي تباشر هذه السلطة أن تتناول في أسباب حكمها الـرد على ما جاء بالتقرير من حجج, وأن تقيم قضائها على أدلـة صـحيحة سائغة من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا تخالف الثابت بالأوراق.

 الدفع ببطلان أعمال الخبير لعدم دعوة الخصوم  فى دعوى الحساب 

أوجبت المادة 146 من قانون الإثبات رقم ٢٥ لسنة 1968 في فقرتها الأولى على الخبير أن يدعوا الخصوم بكتب مسجلة ترسل قبـل تاريخ بدء العمل بسبعة أيام على الأقل يخبرهم فيها بمكان أول اجتماع ويومه وساعته، ولئن نصت في فقرتها الأخيرة على أنه يترتب علـى عدم دعوة الخصوم بطلان عمل الخبير إلا أن البطلان إنما يترتب على عدم دعوة الخصم للحضور لا على مخالفة الشكل الذي نظم به القانون دعوى الحساب ،

بمعنى أن مطلق دعوى الحساب للخصم أيا كان وسيلتها هو إجراء جوهری قصد منه تمكين طرفي الخصومة من الحضور والدفاع عـن صوالحهم أمام الخبير فإن لم تحصل دعوى الحساب علـى وجههـا الـصحيح ونازع الخصم في أنها لم تبلغ محلها الواجب إبلاغها إليه فإنـه يتعـين على قاضي الموضوع أن يمحص هذا الدفاع.

وينبغي التفرقة بين مخالفة حكم هذه المادة بعـدم دعـوة الخبيـر للخصوم أصلاً وبين مخالفتها بدعوتهم للحضور بوسيلة أخـرى غيـر الكتب المسجلة، اعتبارا بأن مطلق دعوى الحساب للخصم أيا كانت وسيلتها هو إجراء جوهري قصد منه تمكين طرفي الخصومة من الحـضور لـدى الخبير والدفاع عن صوالحهم أمامه تنويراً للدعوى وهي التي يترتـب على مخالفتها وحدها بطلان عمل الخبير،

أما حـصول هـذه الـدعوة بوسيلة أخرى فهو إجراء خادم للإجراء الأول مقصود به الاستيثاق من حصولها بدليل يقيني، فلا يقتضي البطلان إلا إذا لـم يطمـئن قاضـي الموضوع إلى أن الدعوة بهذه الوسيلة قد بلغت محلها الواجب إبلاغهـا إليه، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه نفـى مظنـة البطلان تأسيسا على ما أثبت بالتقرير من إرسال إشارة للطـاعن عـن طريق جهة الإدارة للحضور في الموعد المحدد وكانت أوراق دعوى الحساب قد جاءت خلوا مما يفيد عدم وصول ذلك الإخطار إليه فإن مفاد ذلك أن قاضي الموضوع قد اقتنع بأن دعوة الطبيب الشرعي للطـاعن قـد صادفت محلها، ويكون النعي على غير أساس .

ولئن كانت المادة 1/١٤٦ من قانون الإثبات قد أوجبت على الخبير دعوة الخصوم للحضور أمامه في الميعاد المحدد للبـدء فـي مباشـرة مأموريته ورتبت الفقرة الأخيرة منها على عدم دعوة الخصوم بطـلان عمل الخبير،

إلا أنه يتعين أن يكون عدم وصول الخطابات للخـصم لا يرجع إلى فعله بحيث إذا قام بتغيير عنوانه الذي حدده بصحيفة دعوى الحساب أو أغلق منشأته التجارية التي اتخذ منها موطنا له بالـصحيفة دون أن يفصح عن ذلك أثناء سير الدعوى فإن ما يتخذ فيهـا مـن إجـراءات و إخطارات توجه إليه على هذا العنوان تكون صحيحة ومنتجة لآثارها، ولا يصح له أن يتمسك بعدم وصول الإخطارات إليه أو عدم علمة بمضمونها.

 الرد على الدفوع المبداة أمام الخبير فى دعوى الحساب

توجب المادة ١٤٦ من قانون الإثبات على الخبير دعوة الخـصوم للحضور أمامه لإبداء دفاعهم في الدعوى، ومحاضر أعماله تعتبر مـن أوراقها، وكل ما يثبت فيها من دفاع للخصوم يعتبر دفاعـاً معروضـاً على المحكمة.

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الدفاع عن الطاعنة قد تمسك بمحضر أعمال الخبير بأن عقد الشركة محل النزاع صوری، قصد بـه حرمان موكلته من حقوقها في الميراث،

وأقامت المحكمة حكمها علـى أن أوراق دعوى الحساب قد خلت من التمسك بصورية هذا العقد ولا يحق لها من تلقاء نفسها أن تثير دفاعا لم يتمسك به الخصوم، فإن هـذا الـذي قررته المحكمة يخالف الثابت في محضر أعمال الخبير، وقد جرها إلى عدم الأخذ بنتيجة التحقيق الذي أجرته، وبذلك تكون قد حجبت نفسها عن بحث دفاع الطاعنة، وهو دفاع جوهرى يتغير به إن صـح، وجـه للرأي في الدعوى مما يعيب حكمها.

حجية أقوال الشهود أمام الخبير فى دعوى الحساب  

ما يجريه الخبير من سماع شهود ولو أنه يكون بناء على ترخيص من المحكمة لا يعد تحقيقاً بالمعنى المقصود إذ هو مجرد إجراء لـيس الغرض منه إلا أن يهتدي به الخبير في أداء المهمة، ولا يجوز الاعتماد على أقوال الشهود أمام الخبير إلا باعتبارها مجرد قرينـة قـضائية لا تصلح وحدها لإقامة الحكم عليها, وإنما يتعين أن تكون مـضافة إلـى قرائن أخرى تؤدي في مجموعها إلـى النتيجـة التـي انتهـت إليهـا المحكمة. ((؟))

فإذ كانت محكمة الموضـوع قـد اعتبـرت الطـاعنين عاجزين عن إثبات دفاعهم باكتساب ملكية عين النزاع بوضع اليد المدة الطويلة لمجرد اطمئنانها إلى التحقيق الذي أجراه الخبير، وبذلك تكـون قد جعلت هذا التحقيق في مرتبة التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا ممـا يـصلح رداً علـى طلـب الطاعنين الإحالة إلى التحقيق لإثبات تملكهم العين محل النزاع بالتقـادم المكسب الطويل المدة وبذلك يكون هذا الحكم مشوباً بالقصور عـلاوة على مخالفته للقانون.

 محاضر أعمال الخبير من أوراق دعوى الحساب وما يثبت فيهـا مـن دفاع يكون مطروحاً على المحكمة. ويسقط الحـق فـي التمـسك بالدفوع الشكلية:

المادة 146 من قانون الإثبات توجب على الخبير دعوة الخـصوم للحضور أمامه لإبداء دفاعهم في دعوى الحساب وتعد محاضر أعماله – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من أوراق الدعوى وكل ما يثبت فيها من دفاع الخصوم يعتبر دفاعاً مطروحاً على المحكمة ومن ثم يـستوى مع ما يثار من دفاع أمام المحكمة نفسها أثناء نظـر دعوى الحساب ، ممـا مقتضاه أن ما يبديه المدعى عليه أمام الخبير ويثبت في محاضر أعماله من دفاع يمس موضوع الدعوى يترتب عليه سقوط حقه فـي التمـسك بالدفوع الشكلية.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبـر أن دفاع الشركة المطعون ضدها المتعلق بموضوع الدعوى أمـام الخبيـر المنتدب والمثبت بمحاضر أعماله بجلستي ۲۰۱۰/۳/۳۰، ۲۰۱٠/٤/۲۱ ليس من شأنه إسقاط حقها في التمسك بشرط التحكيم فإنه يكون معيبـاً بمخالفة القانون وحجبته هذه المخالفة عن نظر موضـوع الاستئناف فيكون معيباً أيضاً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .