جنائي

هل اعتراف المتهم سيد الادلة و شروط صحة الاعتراف

هل اعتراف المتهم سيد الادلة

اعتراف المتهم هو سيد الادلة فهو دليل الإثبات الأول فى القانون الجنائي ، إلا أنه لا ينبغى المبالغة فى قيمته ، حتى لو توافرت له كل شروط الاعتراف القضائي الصحيح ، فقد لا يكون اعتراف المتهم  صادقاَ ممن أقرّ به ، وقد يكون صادرا عن دوافع أخرى ليس من بينها قول الحقيقة ، مثل الفرار من جريمة أخرى ، أو تخليص الفاعل الحقيقى من العقوبة مقابل المال ، أو لوجود صلة قرابة معينة ، أو يكون قد انتزع بالتعذيب والتهديد .

اعتراف المتهم

إذن فهنا سنغير هذه المقولة الشهير ونقول أن اعتراف المتهم ليس سيد الادلة كما يعتقد انما هو احد الادلة وعنصر من العناصر التي تستدل بها المحكمة علي صحه الاتهام من عدمه ولكن بشرط ان يكون اعتراف المتهم يوافق الواقع والحقيقه فثمة شروط لصحة «اعتراف المتهم بالجريمة» وتخضع لتقدير المحكمة.

اعتراف المتهم سيد الادلة ؟

فيعتبر اعتراف المتهم  دليل إثبات للحكم على المتهم بالادانة وهو كما سبق القول إنه إقرار المتهم على نفسه بصحة إرتكابه للتهمه المنسوبة اليه وهو يعتبر أقوى الادلة تأثير فى نفس القاضى وكافيه لتوجيه عقيدته إلى الحكم بالادانة .
واكتفى المشرع باعتراف المتهم و أجاز أن تحكم المحكمة بناء عليه و دون سماع شهادة الشهود ونصت المادة 271 من قانون الاجراءات على إنه ” يسأل المتهم عما إذا كان معترفا بأرتكاب الفعل المسند إليه فأن إعترافه جاز للمحكمه الاكتفاء بإعترافه والحكم عليه بغير سماع شهادة الشهود وإلا فستسمع شهادة شهود الاثبات ”

رأى محكمة النقض فى إعتراف المتهم

وتقول محكمة النقض أن الاعتراف المعتبر فى المواد الجنائيه والذى يؤخذ به المتهم يجب أن يكون نصا فى إقتراف الجريمه وأن يكون من الصراحة والوضوح بحيث لا يحتمل تأويلا فإن رضاء المطعون ضدها بتفتيش منزل الزوجية وقولها أنها مسئولة عن نتيجة التحليل ومستعدة للتنازل عن المضبوطات لا يتحقق به معنى الاعتراف مادامت لم تقر على نفسها بصدور الواقعة الإجرامية عنها .

( الطعن رقم 5196 لسنة 57 ق جلسة 10/2/ 1988 )

شكل اعتراف المتهم

اعتراف المتهم  أما أن يكون شفهيا أو أن يكون مكتوبا وأى منهما كاف فى الاثبات ، ويمكن أن يثبت الاعتراف الشفوى بواسطة المحقق أما الاعتراف المكتوب فليس له شكل معين.والاعتراف أمر متروك لتقدير المتهم ومشيئته فاذا رأى أن الصمت أحسن وسيلة يدافع بها عن نفسه ضد الاتهام الموجه له. فله الحق فى عدم الاجابة على الاسئلة التى توجه اليه كما لايجوز تحليف المتهم اليمين القانونية قبل الادلاء بأقواله وإلا كان اعتراف المتهم باطلا وإذا تضمن اعتراف المتهم  أقوالا غير صحيحة فلا يعد تزويرا ولا يعاقب عليه.

رأى محكمة النقض فى إعتراف المتهم
والاعتراف لا يعد حجة فى ذاته وانما يخضع دائما لتقدير قاضى الموضوع ولا يعفى سلطة الاتهام والمحكمة من البحث فى باقى الأدلة

وللمتهم أن يعدل عن اعترافه فى اى وقت دون ان يكون ملزما باثبات عدم صحة الاعتراف الذى عدل عنه ، وهذا الامر يخضع لتقدير المحكمة.

وفى هذا تقول محكمة النقض

الأصل أن تجرى التحقيق او المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهى اللغة العربية ما لم يتعذر على احدى سلطتى التحقيق او المحاكمة مباشرة إجراءات ذلك التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعا لتقديرها.
( نقض 348 سنة 60 ق 11 ابريل سنة 1991).

إن الاعتراف المعتبر في المواد الجنائية والذى يؤخذ به المتهم يجب أن يكون نصا في ارتكاب الجريمة وأن يكون من الصراحة والوضوح بحيث لا يحتمل تأويلا ، أما سوق الأدله على نتف متفرقه من أقوال المتهم قيلت في مناسبات ولعلل مختلفة وجمعها على انها اعتراف بالتهمة ، فلا يعد اعترافا اذا كانت حقيقته تحميلا لألفاظ بما لا يقصده منها.
( نقض 13 مارس 1968، مجموعه أحكام النقض ، سنة9 ق)

بطلان الاعتراف و شروط صحة الاعتراف

الشروط الاتى بيانها لابد من توافرها فى اعتراف المتهم والا كان باطلا

ولاً: أن يكون من المتهم على نفسه

يشترط فى اعتراف المتهم الذى يعتد به والذى يجيز للمحكمة الاكتفاء به والحكم على المتهم بغير سماع الشهود أن يكون من المتهم وقبل سماع الشهود وأن يكون من المتهم على نفسه. والفرد لا يكتسب صفة المتهم الا منذ تحريك الدعوى الجنائية ضده ، وقبل هذا الاجراء فان مايدلى به من أقوال يكون له قيمة الاستدلالات.

وحجية الاعتراف قاصره على المتهم فقط ولذلك فالأقوال الصادرة من المتهم في الدعوى على متهم آخر فيها لاتعد اعترافا صحيحا في حكم المادة رقم 271 اجراءات وهى في حقيقتها ليست الا شهادة متهم على متهم آخر وتعد من قبيل الاستدلالات ولا تصح بالتالي أن تكون سببا في عدم سماع الشهود. وإن كان ليس هناك بداهه مايمنع القاضى من التعويل عليه بوصفه استدلالات اذا اطمأن اليه ويستوى ان يكون المتهم الذى اخذ بأقوال زميله المتهم الآخر مقرا بالتهمه أم منكرا لها.

والاعتراف مسأله شخصية تتعلق بشخص المتهم المقر نفسه ، فاذا سلم المحامي بالتهمة المنسوبة الى موكله ولم يعترض ،فإن ذلك لايعد اعترافا.

وفي هذا تقول محكمة النقض

من المقرر ان قول متهم على آخر هو في حقيقه الامر شهادة يسوغ للمحكمة ان تعول عليها في الادانة وان تقدير الاقوال التي تصدر من متهم على آخر إثر إجراء باطل وتحديد صله هذه الاقوال بهذا الإجراء وما ينتج عنه هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث اذا قدرت ان هذه الاقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الاجراء الباطل .

و جاز لها الاخذ بها وكان الحكم المطعون فيه فيما اوردة رد على ما اثاره المدافع عن الطاعن من بطلان اعتراف المتهم الثاني من اقوال في حق نفسه وفى حق الطاعن وخلوها مما يشوبها واستقلال هذه الاقوال عن التحريات و الاستدلالات التي يزعم الطاعن بطلانها وكان ما أورده الحكم من اقوال المتهم الثاني لا يماري الطاعن في ان له معينه الصحيح من الاوراق

فانه لا تثريب على الحكم اذا هو استمد من تلك الاقوال ما يدعم الادله الاخري التي اقام عليها قضاءه بالإدانة. فمن ثم لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة فى تسمية أقوال المتهم اعترافا طالما أن المحكمه لم ترتب عليه وحده الأثر القانونى للاعتراف.
( الطعن رقم 6840 لسنة 60 ق جلسة 3/10/1991 ).

ثانيا: توافر الأهلية الإجرائية للمعترف

الأهلية الإجرائية هي الأهلية لمباشرة نوع من الاجراءات على نحو يعتبر معه هذا الاجراء صحيحا وينتج آثاره القانونية وهذه الأهلية تقوم على عنصرين هما:

1- أن يكون المعترف متهما بارتكاب الجريمة التي يعترف بها.
2- أن يتوافر لديه الادراك والتمييز وقت الإدلاء بهذا الاعتراف.

ويقصد بالإدراك والتمييز ، وهى قدرة الشخص على فهم ماهية افعاله وطبيعتها وتوقع آثارها و ليس المقصود فهم ماهية التكييف القانوني للفعل .

فالشخص يسأل عن فعله ولو كان يجهل بأن القانون يعاقب عليه اذن لا دخل للنية في الاعتراف لأن القانون هو الذى يرتب الآثار القانونية على هذا الاعتراف ولو لم تتجه نية المعترف الى حصولها. و ينعدم هذا الادراك والتمييز بسبب صغر السن والجنون و العاهة العقلية و الغيبوبة الناشئة عن سكر او مواد مخدره.

و القانون المصري يعفى من المسئولية الصغير الذى لم يبلغ من العمر 7 سنوات حيث افترض الشارع أن التمييز يكون منعدما فى هذا السن ولا يعتد في الاثبات باعتراف المتهم المجنون او المصاب بعاهة في العقل نظرا لأن هذه الامراض تعدم الشعور و الإدراك ونفس الشىء بالنسبة السكران لأنه يكون فاقد الادراك أما اذا لم يفقد الشعور تماما فلا يبطل اعترافه ولكن لا يجوز للمحكمة أ ن تكتفى به وحده بل لا بد من تأييده بأدلة أخرى.

وفى هذا تقول محكمة النقض

أن المقرر أنه ينبغي في الاعتراف لكى يكون صحيحا يمكن الاستناد اليه كدليل في الحكم أن يكون المتهم أدلى به وهو في كامل ارادته ووعيه ، فلا يجوز الاستناد الى الاعتراف الذى يصدر من المتهم في حالة فقدان الارادة كما لو كان تحت تأثير مخدر أو عقار يسلبه ارادته .

ذلك ان الاعتراف هو سلوك انساني ، و القاعدة أنه لا يعتبر سلوكا الا ما كان يجد مصدرا في الارادة ، لما كان ذلك وكان الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره وليد اراده منعدمه غير واعية وتحت تأثير المخدر هو دفاع جوهري في خصوصية هذه الدعوى وفق الصورة التي اعتنقتها المحكمة – يتضمن المطالبة الجازمة بتحقيقه عن طريق المختص فنيا وهو الطبيب الشرعي – ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ، وكان المطعون فيه قد استند – من بين ما اسند اليه في ادانة الطاعن الى اعترافه واكتفى على السياق المتقدم – بالرد على الدفع بما لا يواجهه وينحسم به أمره ويستقيم به اطراحه ودون ان يعنى بتحقيق هذا الدفاع عن طريق المختص فنيا فإن الحكم فوق قصوره يكون منطويا على الاخلال بحق الدفاع بما يعنيه.
( الطعن رقم 9367 لسنة 65 ق جلسة 21/7/1997 )

أنه من المقرر ان المرض العقلي الذى يوصف بانه جنون او عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا – على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات – هو ذلك المرض الذى من شانه ان يعدم الشعور والادراك ، اما سائر الاحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وادراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ، فان ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه اخذا بتقرير الطبيب الشرعي ان مرض الطاعن وهو الاضطراب العصبي والهبوط العام لا يؤثر على سلامة عقله وصحة ادراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذى وقع منه يكون صحيحا في القانون.
( نقض 600 سنة 62ق جلسة 22 ديسمبر 1993).

ثالثا: أن يكون الاعتراف قضائيا

الاعتراف القضائي

هو الذى يصدر من المتهم أمام احدى الجهات القضائية أى يصدر امام المحكمة أو قضاء التحقيق. وهذا الاعتراف يكفى ولو كان هو الدليل الوحيد فى الدعوى لتسبيب حكم الادانه مادامت قد توافرت شروط صحته.

الاعتراف غير القضائي

فهو الذى يصدر أمام جهة أخرى غير جهات القضاء ، ومثال ذلك ما قد يرد ذكره في التحقيقات نقلا عن أقوال منسوبة الى المتهم خارج مجلس القضاء أمام الشهود مثلا أو فى محرر صادر منه او في محضر جمع الاستدلالات أو في تحقيق ادارى. وليس هناك ما يمنع من أن يكون هذا الاعتراف سببا للحكم بالادانه لأنه لا يخرج عن كونه دليلا في الدعوى يخضع لتقدير القاضي كباقي الأدلة ولكن قيمته في الاقناع تتوقف على الثقة في السلطة التي صدر أمامها الاعتراف أو على ما لشهادة الشاهد الذى نقله من قيمة فيه أو قيمة المحضر أو الورقة التي دون فيها. ويلاحظ ان هذا الاعتراف لا يصلح على اية حال لأن يكون سببا في عدم سماع الشهود طبقا للمادة رقم 271 اجراءات.

وفى هذا تقول محكمة النقض

لما كان البين مما اورده الحكم المطعون فيه ان المحكمة قدرت في حدود سلطتها التقديرية ان الاعتراف الذى صدر من الطاعن امام النيابة العامة في اليوم التالي لضبطه وفى غير حضور اي من مأموري الضبط القضائي كان دليلا مستقلا عن الاجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت الى صحته وسلامته والتفتت عن عدول الطاعن عن هذا الاعتراف بجلسة المحاكمة فان النعي على الحكم بدعوى القصور في هذا الصدد يكون على غير اساس ، و اذ كان الحكم المطعون فيه قد عول في ادانة الطاعن على اعترافه باحراز المخدر المضبوط ولم يستند في ذلك الى واقعة ضبط هذا المخدر فان النعي بخلوه من بيان تلك الواقعة يكون في غير محله.
( نقض 348 سنة 60 ق 11 ابريل سنة 1991).

اعتراف المتهم على متهم 

الاعتراف لا يكون الا على النفس اما اعتراف المتهم على متهم لايجوز  والاعتراف لا يجوز ايضا ان يأخذ حكم الشهادة على الغير ولا يجوز الاستناد الى اعتراف متهم على غيره حتى على سبيل الشهاده لان قانون الاجراءات الجنائية اشترط حلف اليمين حتى يؤخذ بالشهادة ولكن المحكمة اذا اطمئنت الى الاقوال ممكن الاخذ به على سبيل الاستدلال وليس دليل لان الاقوال تمت بغير يمين والمسئولية لا تقام الا على ادلة فاذا لم يكن هناك دليل صار الاستدلال بلا قيمة

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .