جنائي

الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائى ماده 266 اجراءات

 

الدعوى المدنية التبعية

الدعوى المدنية التبعية

الدعوى المدنية التبعية : تتمثل الجريمة في فعل غير مشروع يقرر له القانون عقابا، وهذا الفعل غير المشروع ليس مجرد جريمة يسأل عنها مرتكبها جنائيا، وإنما قد يعد في الوقت ذاته فعلا ضارا يستوجب مسئولية مرتكبه

مدنيا. وفي هذه الحالة يتولد عن الجريمـــة حقان حق عام، وهو حق الدولة في العقاب وحق خاص وهو حق المضرور من الجريمة. ولحماية هذين الحقين يخول القانون للدولة حق الدعوى الجنائية، ويخول للفرد حق الدعوى المدنية التبعية

الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائى ماده 266 اجراءات

والأصل أن الدعوى الجنائية من اختصاص القضاء الجنائي وأن الدعوى المدنية التبعية من اختصاص القضاء المدني،

لكن بعض التشريعات – ومنها القانون المصري – لاحظت الطابع الجنائي التبعي لدعوى التعويض، الدعوى المدنية التبعية المترتبة على الجريمة، وقدرت أن انفصالها عن الدعوى الجنائية وسيرها في طريقها الطبيعي أمام القضاء المدني المختص بنظرها قد يؤدي إلى تعطيل الإجراءات وضياع الحقوق واحتمال تضارب الأحكام، فاتجهت إلى تخويل

\القضاء الجنائي الاختصاص بالفصل في الدعوى المدنية. هذا بالإضافة إلى أن القضاء الجنائي أكثر قدرة على الفصل في النزاع المدني الناشئ عن الجريمة. لكن هذا الاختصاص الاستثنائي للقضاء الجنائي مقيد بتبعية الدعوى المدنية التبعية للدعوى الجنائية التي حركت أمامه، كما أن قبول الدعوى المدنية التبعية يتوقف على عدم كونها معطلة للفصل في الدعوى الجنائية.

لا يفوتك:صيغة دعوي جنحة مباشرة و اجراءات رفع الدعوي

ماهو الهدف من الدعوى المدنية التبعية

دور المدعي المدني لا يقتصر في دعواه المدنية على مجرد المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه الجريمة، بل يمتد إلى العمل على إدانة المدعى عليه في دعواه بصفته متهما في الدعوى الجنائية. ويتحقق ذلك في مظاهر شتى، تبدو في حقه في تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر في الجنح، وحقه هذه الصفة في الحضور أثناء

التحقيق (المادة ٧٧ إجراءات)، واستئناف الأوامر الصادرة بألا وجه لإقامة الدعوى (المادة ١٦٢إجراءات)، وسؤال شهود الإثبات (المادة ۲۷۲ إجراءات). فهو يشترك مع النيابة العامة في العمل على إظهار الحقيقة باستخدام حقوقه الإجرائية في الخصومة الجنائية، ويستفيد من إجراءات تنفيذ المبالغ المحكوم بها في الحصول على المبالغ المستحقة له (المادة٥٠٨/٢إجراءات). ويمارس المدعي المدني هذا الدور تأثرا بالنظام الإجرائي الاتهامي.

خضوع الدعوى المدنية التبعية لقانون الإجراءات الجنائية متى رفعت الدعوى المدنية التبعية إلى القضاء الجنائي فإنها تخضع في سيرها لقانون الإجراءات الجنائية وليس لقانون المرافعات. وبهذا نصت المادة ٢٦٦ إجراءات على أنه يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التبعية التي ترفع أمام المحاكم الجنائيةالإجراءات المقررة هذا القانون.

 

وعلة ذلك هو اتصاف الدعوى المدنية التبعية بالصبغة الجنائية في حدود معينة، هي

١ – أن موضوعها هو تعويض الضرر الناشئ عن الجريمة.

٢ – أن الحكم بالتعويض من المحكمة الجنائية يكمل أهداف العقوبة، فيهدئ من روع المجني عليه أو ورثته.

٣-أن إجراءات الإثبات في الدعوى المدنية التبعية تفيد في جمع الأدلة لإثباتالجريمة.

٤-يحق للمدعي المدني الطعن في الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوىالجنائية.

٥– تلتزم المحكمة الجنائية بحسب الأصل بالفصل في الدعوى المدنية التبعية معالحكم الصادر في الدعوى الجنائية.

٦ – يتوقف الحكم برد الاعتبار على وفاء المحكوم عليه بالتعويضات المدنية.

٧-يتوقف تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر على تحريك الدعوى المدنية التبعية في ذات التكليف بالحضور الخاص بالدعوى الجنائية.

 

وبناء على ما تقدم، تخضع الدعوى المدنية التبعية لقواعد الإجراءات الجنائية، ولا يجوز في شأنها تطبيق قواعد قانون المرافعات كتلك التي تتعلق بوقف الخصومة أو انقطاعها أو سقوطها. وإذا أجيز تطبيق قواعد المرافعات عليها، فإنه يجب أن يكون ذلك في الحدود التي لا تتناقض فيها مع قواعد، كما يجب أن يكون مفهوما أن هذه القواعد تطبق لا

بوصفها من قواعد المرافعات وإنما بحسبانها من القواعد الإجرائية العامة التي تسري على الخصومتين الجنائية والمدنية معا. وقضت محكمة النقض أنه لا يجوز للمحكمة الجنائية الحكم باعتبار المسئول عن الحقوق المدنية تاركا لاستئنافه إذا تخلف عن الحضور، بل يتعين الحكم في موضوع الدعوى المدنية التبعية غيابيا، وأن مخالفة ذلك يعد خطأ في تطبيقالقانون.

ومن أمثلة خضوع الدعوى المدنية التبعية لقواعد قانون المرافعات لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية وفي الحدود التي لا يتوافر فيها تعارض مع قواعد الإجراءات الجنائية، تطبيق المادة ۲۱۸ مرافعات التي أجازت لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليه أو قبل الحكم أن يطعن فيه في أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضما إليه في طلباته إذا كان صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة وفي التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب فيها القانون اختصام أشخاص معينين، وتطبيق المادة ۱۹۳ مرافعات إذا أغفلت المحكمة الجنائية الفصل في الدعوى المدنية التبعية.

 

ولكن هذا المبدأ قاصر على الإجراءات التي تحكم الدعوى المدنية، دون القواعد التي تحكم موضوع الدعوى المدنية التبعية، سواء فيما يتعلق بفكرة الضرر أو التعويض، ففي هذه الحالة يتعين الرجوع إلى القانون المدني. وتطبيقا لذلك نصت المادة ٢٥٩ إجراءات على أن الدعوى المدنية التبعية تنقضي بمضي المدة المقررة في القانون المدني.

ويلاحظ أنه بالنسبة إلى دعوى الحضور المباشرة قبل المؤمن في التأمين الإجباري عن حوادث السيارات طبقا للمادة الخامسة من القانون رقم ٦٥٢ لسنة ١٩٥٥ – وهي ليست الدعوى المدنية التبعية – فإن الدعوى المدنية التبعية تخضع للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة ٧٥٢ من القانون المدني باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين على أن هذا التقادم، وعلى ما جرى به قضاء محمة النقض تسري في شأنه القواعد العامة بوقف مدة التقادم وانقطاعها.

 شروط اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية التبعية وشروط قبولها أمامه

يتوقف وجود الدعوى المدنية التبعية على توافر ثلاثة عناصر، هي السبب والموضوع والخصوم. وسبب الدعوى المدنية التبعية هو الضرر وموضوعها هو التعويض، وخصومها هم المدعي المدني والمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية.

ويشترط لاختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية التبعية أن يتخذ سبب الدعوى المدنية التبعية وصفا خاصا، وهو أن يكون الضرر مترتبا مباشرة على الجريمة،

وأن يتمثل الموضوع في تعويض هذا الضرر. هذا بالإضافة إلى أن تكون الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجريمة قد تم تحريكها أمام القضاء الجنائي. فإذا لم تتوافر هذه الشروط مجتمعة في الدعوى المدنية التبعية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية تعين الحكم بعدم الاختصاص.

فإذا انعقد الاختصاص للقضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية التبعية – وجب لقبولها أمامه شروط خاصة في الخصومة، وهي صفة المدعي، وصفة المدعى عليه ومباشرة إجراءات الادعاء المدني، وعدم التجائه إلى الطريق المدني. فإذا لم تتوافر هذه الشروط جميعا وجب على المحكمة الجنائية أن تقضي بعدم قبول الدعوى المدنية التبعية.

فإذا لم تتوافر شروط الاختصاص ولا شروط القبول في وقت واحد، تغلب أثر عدم الاختصاص على أثر عدم القبول وذلك لأن سلطة المحكمة في نظر الدعوى من حيث الشكل أو الموضوع متوقف على اختصاصها أصلا بذلك. وبعبارة أخرى، فإن استيفاء شروط الاختصاص يتعلق بالسماح بوجود الدعوىالمدنية أصلا أمام القضاء الجنائي.

 

ماهى شروط اختصاص القضاء الجنائي ب الدعوى المدنية التبعية

 الدعوى المدنية التبعية هي التي يرفعها من ناله ضرر مباشر من الجريمة طالبا تعويضه هذا الضرر، تبعا للدعوى الجنائية المرفوعة عن هذه الجريمة. فإذا نشأ الضرر عن فعل لا يعد جريمة، فإن الدعوى المدنية التبعية تكون دعوى تعويض عادية. والفرق بين الاثنتين أن الدعوى المدنية التبعية يجوز رفعها سواء أمام المحاكم المدنية أو أمام المحاكم الجنائية تبعا للدعوى الجنائية. هذا بخلاف دعوى التعويض العادية، فــــلايجوز رفعها إلا أمام المحاكم المدنية.

ويتوقف اختصاص المحكمة الجنائية ب الدعوى المدنية التبعية على أن يكون الضرر ناشئا مباشرة عن الجريمة، وأن تكون الدعوى الجنائية قد دخلت حوزة هذه المحكمة. فإذا نشأ الضرر عن فعل آخر غير الجريمة مهما كانت علاقته بها، أو كان ناشئا عن جريمة لم ترفع عنها الدعوى الجنائية أمام ذات المحكمة، فإن المطالبة بالتعويض تكون بدعوى مدنية عادية أمام المحاكم المدنية لا بدعوى مدنية أمام المحاكم الجنائية.

وبالإضافة إلى ذلك، يتعين لاختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية التبعية أن يكون موضوعها هو المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة ولا يكون الغرض منها طلبا آخر غير التعويض، مثل دعوى الطلاق أو دعوى فسخ العقد.

وإذا لم يتوافر الضرر المدعى به تعين الحكم برفض الدعوى المدنية التبعية، أما إذا توافر الضرر ولكنه لم يكن ناشئا مباشرة عن الجريمة فإنه يتعين الحكم بعدم اختصاص المحكمة الجنائية. وكذلك الشأن إذا لم يكن موضوع الدعوى المدنية التبعية هو طلب التعويض، فإن المحكمة الجنائية تكون غير مختصة به.

والتجاء المضرور من الجريمة إلى القضاء الجنائي لتعويض ما أصابه من ضرر هو – كما قالت المحكمة الدستورية العليا – لا يعدو أن يكون استثناء من أصل اختصاص القضاء المدني بنظر الدعوى المدنية.

 السبب

الفعل الضار

الضرر المترتب على الجريمة

 أولا: وقوع الجريمة

يجب أن يكون الفعل الضار قد توافرت فيه أركان الجريمة، ف الدعوى المدنية التبعية المرفوعة عن هذا الفعل إن هي إلا دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تحركت من أجل هذه الجريمة. فكل خطأ منسوب إلى المتهم بعيدا عن هذه الجريمة لا يجوز رفع الدعوى المدنية التبعية عنه أمام القضاء الجنائي. ويشترط في هذه الجريمة أن تكون متوافرة الأركان، فلا يكفي مجرد ركنها المادي، لأن عدم توافر الركن المعنوي يرفع عن الفعل أيضا وصف الجريمة قانونا.

 

وقد أفصحت المادة ٢٥١ إجراءات عن هذا العنصر حين أعطت الحق لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية. فإذا تبينت المحكمة أن الفعل المنسوب إلى المتهم لا يعد جريمة، تعين الحكم براءة المتهم في الدعوى الجنائية وعدم اختصاص المحكمة ب الدعوى المدنية التبعية.

 

ونتيجة لهذا المبدأ، قضى أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية صندوق التوفير عن إهمال ،موظفين فإن المحكمة تكون قد خرجت عن ولايتها حيث ينبغي أن يكون الدعوى المدنية التبعية المدعى به أمام المحكمة الجنائية مترتبا على الواقعة الجنائية المطروحة على المحكمة ترتيبا مباشرا وقضي أنه متي كــان الواضح مما أثبته

الحكم المطعون فيه أن إخلال المتهم بالتعاقد الذي يدعيه الطاعن لا تتكون به جريمة الغش المرفوعة بها الدعوى فإن قضاءه بالبراءة اعتمادا على هذا السبب يترتب عليه عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية التبعية . وبناء على ذلك، فإن القضاء الجنائي لا يختص بنظر الدعوى المدنية التبعية المؤسسة على خطأ حارس المبنى، أو على المسئولية عن الأشياء، أو على أي أساس آخــــر غير الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائية.

 

ويجدر التنبيه إلى أنه لا يشترط لاختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية التبعية أن يثبت للمحكمة ارتكاب المتهم لهذه الجريمة. وكل ما يشترط ابتداء هو أن يؤسس المدعي المدني طلب التعويض على الادعاء بوقوع الجريمة من المتهم. أما إذا أسس ادعاءه على خطأ آخر غير الجريمة، فإنه يتعين الحكم بعدم الاختصاص

أما إذا كان الادعاء المدني يقوم على نسبة الجريمة إلى المتهم، ثم ثبت للمحكمة بعد ذلك أن المتهم لم يرتكب الجريمة، فإنها تكون مختصة بنظرها لكنيتعين عليها الحكم برفض الدعوى.

 ثانيا : الضرر

الضرر ركن عام في الدعوى المدنية التبعية المبنية على المسئولية التقصيرية، أما كونه ناشئا عن الجريمة فهو عنصر خاص في ركن الضرر في الدعوى المدنية التبعية التي يختص القضاء الجنائي بنظرها وهذا العنصر الخاص هو.

مناط اختصاص القضاء الجنائي الدعوى المدنية التبعية. وقد قضت محكمة النقض أن إثبات الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله يكفي لبيان وجه الضرر المستوجب للتعويض.

 

وهناك فرق بين الضرر الذي يشترطه قانون العقوبات لوقوع بعض الجرائم والضرر الذي يجب توافره لانعقاد المسئولية المدنية. فالضرر المدني يتسع للضرر (النتيجة) الذي يشترطه قانون العقوبات لوقوع الجريمة وكافة الأضرار الأخرىالمترتبة على هذا الضرر. فالإصابة مثلا هي الضرر الذي يكفي لوقوع جنحة الجرح غير العمدي، لكن قد تترتب

عليها أضرار مادية أخرى أو أضرار أدبية تستوجب المسئولية المدنية. وما لم يوجد هناك ضرر معين، فلا مجال للدعوى المدنية التبعية. وقد قضي أنه لا تثريب على المحكمة إن هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به، إذ الأمر في ذلك متروكلتقديرها بغير معقب.

 أنواع الضرر

الضرر قد يكون ماديا أو أدبيا، وقد ثار الخلاف حول معيار التمييز بين النوعين، فذهب البعض إلى القول بأن الضرر يكون ماديا إذا أصاب جسم المحني عليه، ويكون أدبيا إذا اقتصر على المساس بالعواطف والأحاسيس دون الجسد. وفي

ذلك خلط بلا شك بين الضرر البدني والضرر غير البدني. والراجح أن أساس التمييز بين الضرر المادي والأدبي هو المساس بالذمة المالية للمجني عليه فيكون الضرر ماديا إذا أدى إلى خسارة مالية تحيق به، ويكون أدبيا إذا لم

يرتب هذا النوع من الخسارة واقتصر على المساس باعتباراته الأدبية كالشرف والكرامة والعاطفة. وبناء على هذا التمييز، فإن الضرر المادي هو الضرر المالي، والضرر الأدبي هـو الضرر غير المالي. ويلاحظ أن الفعل الواحد كثيرا ما

يرتب نوعي الضرر معا، فمثلا حادث التصادم الذي يؤدي إلى إصابة المجني عليه على نحو يقعده عن العمل، كمايتسبب عنه ضرر مادي يتمثل في الخسارة المالية التي لحقته نتيجة علاجه وتعطله عن العمل، وضرر آخر أدبي يتمثل في الآلام التي أحس ها أثناء فترة علاجه

 

٢٢/١ مدني على أنه لا يجوز الحكم بالتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم حراء موت المصاب. ولا يشترط للحكم بالتعويض الأدبي في هذه الحالة أن يكون المضرور وارثا للمحني عليه.

وقد قيد القانون المصري انتقال الحق في التعويض بالنسبة إلى الضرر الأدبي،فنص في المادة ٢٢٢/٢ مدني على أنه لا يجوز أن ينتقل الحق في التعويض عن الضرر الأدبي حال الحياة أو بسبب الوفاة إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء.

شروط الضرر الموجب للتعويض

يشترط في الضرر الموجب للتعويض أن يكون محققا، لأن الدعوى هي المطالبة بحق، فيجب أن ينشأ هذا الحق حتى يمكن رفع الدعوى. ويكون الضرر محققا في حالتين

1 – أن يكون الضرر قد وقع فعلا وتحدد مداه بصورة نهائية.

٢ – أن يكون الضرر محقق الوقوع ولكن مداه يتوقف على المستقبل.

  الضرر المحقق

هنا يجب التمييز بين الضرر المحقق الوقوع والذي يتوقف مداه على المستقبل والضرر المحتمل، وهو الذي يمكن أن يقع في المستقبل أو لا يقع. فالضرر المحقق الوقوع، وإن تراخى مداه إلى المستقبل، هو الذي يمكن المطالبة

بالتعويض عنه إذا المحني. أمكن تقديره لحظة رفع الدعوى المدنية حتى صدور حكم فيها. مثال ذلك عليه في جنحة الإصابة الخطأ إذا كان مازال تحت العلاج ولا يعرف مدى آثار هذه الإصابة وهل تودي بحياته أم تسبب له عاهة

مستديمة، إلى غير ذلك من الاحتمالات. ففي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يقدر التعويض وفقا للضرر المحقق وقت الحكم، به وهو تعويض مؤقت لا يصادر حق المضرور بالمطالبة ببقية التعويض أمام القضاء المدني لأنه لا يجوز رفع

الدعوى المدنية إلا تبعا للدعوى الجنائية التي انقضت بصدور حكم فيها من المحكمة الجنائية. وقد قضت محكمة النقض أنه إذا دخل شخص مدعيا بحق مدني أمام محكمة الجنح طالبا أن يقضى له مبلغ بصفة تعويض مؤقت عن

الضرر الذي أصابه بفعل شخص آخر، وحفظ الحق له في المطالبة بالتعويض الكامل من المسئول عنه بقضية على حدة، وقضي له بالتعويض الموقت فذلك لا يمنعه من المطالبة بتكملة التعويض بعد أن تبين له مدى الأضرار التي لحقته من الفعل الذي يطلب التعويض بسببه.

أما الضرر المحتمل الذي يجوز أن يقع في المستقبل أو لا يقع، فهو لا يصلح أساسا للمطالبة بالتعويض إلا إذا تحقق فعلا. مثال ذلك أنه لا يحق لإخوة المحني عليه إذا كانوا أطفالا صغارا المطالبة بتعويض عن وفاته على أساس أنه هو

الذي كان سيتولى أمرهم بعد وفاة والدهم، لأنه مجرد ضرر محتمل. وقد حكم أن الضرر يعد محتملا إذا قام أحد العمال بالغش في اللبن الذي يبيعه مما يعرضصاحب المحل لفقد زبائنه.

 

ويدق البحث بالنسبة إلى تفويت الفرصة  إن كان يعد ضر را محقق الوقوع وإن تراخي تحديد مداه على المستقبل مما يستوجب التعويض، أم هو مجرد ضرر محتمل لا يستوجبه ووجه الدقة في هذا الفرض أنه لا يمكن مطالبة المدعي بالانتظار مستقبلا حتى تنضح معالم الضرر، لأنه وقد ضاعت الفرصة تحدد موقفه نهائية سواء من حيث إلغاء الحكم الصادر ضده لو طعن فيه أو نجاحه في الامتحان لو أداه في موعده أو حصوله على التعويض من شرطة التأمين لو حدث خطأ في البناء.

 

لا شك في أن ثمة فرصة قد ضاعت على الشخص وذلك وحده ضرر محقق يستوجب التعويض، أما احتمالات الكسب أو الخسارة التي تكمن وراء هذه الفرصة، فهي التي تحدد مدى هذا الضرر، وهو أمر تقتصر فائدته على تحديد نطاق التعويض فقط.

لا تنسي مشاهدة  https://www.youtube.com/watch?v=XxcdH9-BmwU

 ثالثا: السببية المباشرة بين الجريمة والضرر

يتعين لاختصاص القضاء الجنائي ب الدعوى المدنية التبعية أن يكون الضرر مترتبا مباشرة على الجريمة، وفي هذا الصدد يجب عدم الخلط بين الدعوى المدنية التبعية وهي التي تهدف للحصول على تعويض عن الضرر المترتب مباشرة عن لها. مثال ذلك دعوى طلب الطلاق بسبب الضرر الناتج عن الاعتداء بالضرب الجريمة و الدعوى المدنية التبعية

التي تهدف إلى سبب آخر رغم أن الجريمة كانت سبيا المتكرر على الزوجة ودعوى إبطال الإرث بسبب أن الوارث قتل مورثه، فهنا لم تهدف الدعوى المدنية التبعية إلى تعويض الضرر المترتب على الجريمة وإنما تهدف إلى ترتيب آثارمدنية لحالة تسببت فيها الجريمة.

 

وعلاقة السببية الواجب توافرها بين الضرر والجريمة هي بذاتها تلك العلاقة الواجب قيامها بين الخطأ والضرر لانعقاد المسئولية المدنية. وتطبيقا لذلك فضت محكمة النقض أنه إذا كان المدعي المدني في جريمة التبديد قد بني دعوى التعويض على الضرر الذي لحق به نتيجة إخلال المتهم بواجبه في تنفيذ شروط عقد النقل لا على الضرر

الناشئ عن جريمة التبديد المسندة إليه، فإن الدعوى لا تخـتـص بنظرها المحكمة الجنائية. وقضي بعدم اختصاص المحاكم الجنائية بدعوى المسئولية الناشئة عن الأشياء. كما قضي بعدم توافر السببية المباشرة بين الجريمة

والضرر إذا اقتصر الادعاء المدني في جريمة تزوير الشيك على المطالبة بقيمة الشيكالمزور، لأن سبب الضرر الذي عاد على المدعي المدني كان راجعا إلى إهمال موظف البنك المسحوب عليه في التحقق من صحة التوقيع.

 

والخطأ المشترك لا ينفي توافر علاقة السببية. وتقدير توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها أمر موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض

مادام تسبيبه سائغا. وقد قنن المشرع هذا القضاء بنص صريح، فصدر القانون رقم ١٧٤ لسنة ۱۹۹۸ وأضاف المادة ٢٥١ مكررا إلى قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أنه لا يجوز الادعاء بالحقوق المدنية وفقا لأحكام هذا القانون إلا عن الضرر الشخصي المباشر الناشئ عن الجريمة والمحقق الوقوع حالا ومستقبلا.

 استثناء خاص بتعويض المتهم بسبب رفع الدعوى المدنية التبعية عليه

 

استثناء من مبدأ اشتراط أن يكون الضرر مترتبا مباشرة عن الجريمة أحـاز القانون للمتهم أن يطالب المدعي بالحقوق المدنية أمام المحكمة الجنائية بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب رفع الدعوى المدنية التبعية عليه إذا كان لذلك وجه المادة ٢٦٧ إجراءات).

 

ولا يحول دون توافر هذا الحق ثبوت أن خطأ المجني عليه قد ساهم مع خطا المتهم في وقوع الضرر، لأن المسئولية المدنية للمتهم لا تنتفي مادام خطأ المضرورقد استغرق خطأ المتهم.

وهنا يلاحظ أن الضرر الذي يصيب المتهم ليس ناشئا عن الجريمة وإنما من فعل للمدعي بالحقوق المدنية ولو لم يعد جريمة. وقد سمح القانون هذا الاستثناء حتى يحول دون تعسف المدعي المدني في استعمال حقه في الادعاء المدني والتحايل على اختصاص المحاكم الجنائية وهو ما يبدو بصورة بالغة الوضوح إذا رفع المدعي المدني الدعوى

الجنائية بالطريق المباشر، وذلك بحسب أن الدعوى المباشرة تفترض رفع الدعوى المدنية التبعية. وعلى أية حال فإن حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة ولا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا ثبت أن من باشر هذا الحق قد تعسف في استعماله، كما إذا استعمله استعمالا كيديا ابتغاء إلحاق الضرر بالمتهم بغض

النظر عن الباعث على ذلك، أو كان يستحق تحقيق غاية غير مشروعة. وقد قضت محكمة النقض أنه لا يسوغ لمن يباشر حق الالتجاء إلى القضاء الانحراف به عما شرع له واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير، فإذا ما تبين

أن المدعي كان مبطلا في دعواه ولم يقصد إلا مضارة خصمه والنكاية به فإنه لا يكون قد باشر حقا مقررا في القانون، بليكون عمله خطأ وتحق مسائلته عن تعويض الأضرار التي تلحق الغير بسبب إساءة استعمال هذا الحق.

ويجوز للمتهم فضلا عن ذلك أن يقيم لذات السبب الدعوى المباشرة ضد المدعي المدني أمام ذات المحكمة بتهمة البلاغ الكاذب إن كان لذلك وجه، وذلك بتكليفه مباشرة بالحضور أمامها وقد أجاز القانون في المادة ٢٦٧ إجراءات هذا التكليف إذا حضر المدعي المدني الجلسة ووجه إليه المتهم التهمة الاستغناء عن وقبل المحاكمة.

وقد جاء هذا الأسلوب الأخير (توجيه التهمة في الجلسة) استثناء من القواعد العامة، بحسب أن هذا الأسلوب تملكه النيابة العامة وحدها وفقا للمادة٢٣٢/٢ إجراءات ويشترط لاستخدام هذا الأسلوب أن يحضر كل من المدعي المدني والمتهم شخصيا الجلسة، فلا يكفي حضور وكيل عن أي منهما. ويشترط لاستعمال هذا الحق أن يطلب

المتهم التعويض أثناء مباشرة الدعوى المدنية التبعية عليه قبل ترك المدعي المدني هذه الدعوى، ففي هذه الحالة يزول عن هذه الدعوى بالترك اختصاص المحكمة الجنائية بطلب التعويض المقدم من المتهم. لكن إذا كان المتهم قد

رفع دعوى التعويض على المدعي المدني أثناء مباشرة الدعوى المدنية التبعية، فيظل اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها قائما ولو انقضت تلك الدعوى بعد ذلك.

 رابعا: دخول الدعوى الجنائية في حوزة القضاء الجنائي

إن أساس اختصاص القضاء الجنائي ب الدعوى المدنية التبعية هو تبعيتها للدعوى الجنائية. فلا اختصاص لهذا القضاء ب الدعوى المدنية التبعية إلا إذا كانت الدعوى الجنائية في حوزته (سواء بتحريكها أمام قضاء التحقيق أو الحكم أو برفعها إلى المحكمة). فإذا لم تدخل الدعوى الجنائية حوزة القضاء الجنائي على نحو صحيح بسبب أن المتهم

بجهود، أو لعدم تحريك الدعوى الجنائية، أو لانقضائها قبل رفع الدعوى المدنية التبعية، فلا توجد أية رابطة للتبعية بين هذه الدعوى وأية دعوى جنائية، مما يجعلها غريبة عن القضاء الجنائي. وكذلك الشأن إذا رفعت الدعوى المدنية تبعا لدعوى جنائية غير مقبولة، أو مرفوعة أمام محكمة غير مختصة – فإن هذه الدعوى المدنية التبعية تكون مرفوعة أمام محكمة غير مختصة بها.

وقد قضت محكمة النقض أن القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية التبعية الناشئة عنها. لواقعة ما يستوجبوالصحيح عندنا هو وجوب القضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية ب الدعوى

المدنية التبعية، لأن الشروط التي تكفل تبعية الدعوى المدنية التبعية للدعوى الجنائية هي مناط اختصاص القضاء الجنائي بها بدخولها في حوزته على وجه صحيح، ولا تبحث شروط القبول إلا إذا توافر هذا الاختصاص.

ومن ناحية أخرى، فإن الحكم إذ قضى برفض الدعوى المدنية التبعية مع ثبوت أن الضرر المدعى به ليس ناشئا عن الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية – يكون قد فصل في أمر من اختصاص المحاكم المدنية، ولهذا قضت محكمة النقض بوجوب تصحيح هذا الحكم والقضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية التبعية.

 موضوع الدعوى المدنية التبعية

تتميز الدعوى المدنية التبعية بأن موضوعها هو تعويض الضرر، وهي في ذلك تتميز عن الدعاوى المدنية الأخرى التي لا تستهدف إصلاح الضرر. مثال ذلك دعوى التطليق المترتبة على جريمة الزنا، ودعوى الحرمان من الإرث المترتبة على جريمة قتل المورث، ودعوى الرجوع في الهبة المترتبة على اعتداء الموهوب له على حياة المورث، ودعوى

بطلان الحجز الذي تم بناء على جريمة تزوير، ودعوى رد حيازة العين المتنازع عليها عندما تنظر المحكمة في جريمة انتهاك حرمة ملكالغير، ودعوى صحة التعاقد. في كل هذه الأمثلة نكون بصدد دعوى مدنية موضوعها ليس تعويض

الضرر، وإنما تحقيق أغراض مدنية أخرى. وقد أخرجهـا القانون من اختصاص القضاء الجنائي، فهذا القضاء لا يختص إلا بنظر دعـــاوى تعويض الضرر الناشئ عن الجريمة دون الدعاوى التي تهدف إلى تحقيق نتائج مدنية أخرى تسببت فيها الجريمة، كما في الأمثلة السابقة.

ومع ذلك، فإن استقلال تلك الدعاوى المدنية الأخرى – التي لا تهدف إلى – عن القضاء الجنائي ليس استقلالا كاملا فالقضاء المدني مكلف بشأنها بتطبيق مبدأ «الجنائي يوقف المدني». ومعناه أن المحكمة المدنية ملزمة حين تنظر تلك الدعاوى بوقف الفصل فيها حتى تفصل المحكمة الجنائية في الدعاوى التعويض الجنائية.

وينال الحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في هذه الدعوى بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام القضاء المدني قبل أن يفصل نهائيا في الدعاوى المدنية، وذلك فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها

إلى فاعلها. ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة. ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنيا على أن الفعل لا يعاقب عليهالقانون المادة ٤٥٦ إجراءات.

ومن المقرر أن أتعاب المحاماة لا تعد تعويضا ولهذا فإن تقديرها يرجع إلى ما تتبينه المحكمة من الجهد الذي بذله المحامي في الدعوى وما تكبده المحكوم له من أتعاب لمحاميه، وهو ما يخضع لتقدير محكمة الموضوع دون غيرها. ويترتب على ذلك أنه يجوز لمحكمة الإعادة بعد نقض الحكم أن تحكم بما يزيد على تلك السابقتعيينها بالحكم السابق نقضه.

التضامن في التعويض بين المتهمين

من المقرر أن التضامن في التعويض بين المساهمين في الجريمة واجب بنص المادة ١٦٩ من القانون المدني التي نصت على أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر، وتكون المسئولية فيما

بينهم بالتساوي، مادام قد ثبت أن كل واحد منهم قد ارتكب خطأ، وأن هذا الخطأكان سببا في إحداث الضرر، وأن الضرر الذي أحدثه كل منهم بخطئه هو ذات الضرر الذي أحدثه الآخرون.

 صور التعويض

يتخذ تعويض الضرر صورا مختلفة، والأصل أن يرد في صورة أداء مقابل من النقود، وقد يتخذ صورة رد الأشياء التي تحصلت عن الجريمة، أو دفع المصاريف القضائية. وقد يكون من عناصر التعويض نشر الحكم في الصحف أو تعليقه على المحال العمومية على نفقة المحكوم عليه. وغالبا ما يطلب المدعي المدني ذلك في الجرائم الماسة بالشرف

والاعتبار كالقذف والسب. هذا، وقد نصت المادة١٧١/٢ من القانون المدني على هذا المعنى، فقالت ويقدر التعويض بالنقد، على أنه يجوز للقاضي، تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور، أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع، وذلكعلى سبيل التعويض.

  العقوبة المنطوية على التعويض

جرى قضاء محكمة النقض على أن التعويضات المشار إليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم هي عقوبة تنطوي على عنصر التعويض. وهـوتعويض تحكمي غير مرتبط بقيمة الضرر. وقضت محكمة النقض أن قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم ۹ لسنة ۲۸ قضائية “دستورية” بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ٤٣ من

قانون الضريبة العامة على المبيعات فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، وهو أساس تدخل الطاعنة (هيئة قضايا الدولة) في الطعن – يؤدي إلى انتفاء صفتها في الطعن بالنقض ويتعين التقرير بعدم قبوله شكلا، ولا يقدح في ذلك القول بان عقوبتي الضريبة والضريبة المضافة المنصوص عليهما في المادة ٤٣ المار بيانها – التي حكم بمقتضاها ضد المطعون ضدهما – من قبيل العقوبات التي تنطوي على عنصر

التعويض بما يجيز تدخل الطاعنة بصفتها ممثلة للخزانة العامة للدولة أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم بهما، ذلك أنهما في حقيقتهما عقوبتان تكميليتان من قبيل الجزاءات الجنائية، لا تحملان بأي حال معنى التعويض، ولا تخالطانه صراحة ولا ضمنا تقضي بهما المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يتوقفالحكم هما على تدخل الخزانة العامة.

وقضت محكمة النقض أن التعويضات المنصوص عليها في القانون رقم ٦٦ لسنة ۱۹٦٣ بإصدار قانون الجمارك وإن كانت تنطوي على تأمينات مدنية تجيز لمصلحة الجمارك التدخل في الدعوى الجنائية للمطالبة بها والطعن فيما يصدر بشأن هذه المطالبة من أحكام، إلا أنها في حقيقتها عقوبات تكميلية حدد الشارع قدرها تحديدا تحكميا غير مرتبط بتحقق وقوع أي ضرر على المصلحة. فلا يجوز توقيعها إلا من محكمة جنائية ولا يتوقف قضاؤها لها على تدخل من جانبها في الدعوى،

وتلتزم المحكمة في هذا القضاء بالقدر المحدد في القانون. ومن ثم فإن إجازة هذا التدخل إنما هو على سبيل الاستثناء، فلا يجري عليه – وإن وصف بأنه دعوى مدنية – حكم اعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركا دعواه المدنية الواردة في المادة ٢٦١ من قانون الإجراءات الجنائية، لأن هذا الحكم ما وضع إلا للدعوى المدنية التي تقام بطريق التبعية ممن لحقه ضرر بالفعل من الجريمة للمطالبة بالتأمينات المدنية البحتة، أي بالتعويض الذي تقدره المحكمة

بنفسها بعد طلبه مقابل الضرر الواقع. والأصل في هذه الدعوى أن ترفع أمام المحاكم المدنية، وهي بذلك تختلف طبيعة وحكما عن ذلك التدخل من مصلحة الجمارك. ونلاحظ على هذا الحكم أنه قرر أن تدخل مصلحة الجمارك في الدعوى الجنائية للمطالبة بالتعويضات المدنية التي هي في حقيقتها عقوبة تكميلية محددة تحديدا تحكميا غير

مرتبط بتحقق وقوع أي ضرر على المصلحة فإنه قضي بنقض الحكم الصادر في الدعوى الجنائية لحسن سير العدالة ووحدة الأساس في الدعويين. ونرى أن وحدة الأساس في الدعويين أن التأمينات المحكوم بها في في حقيقتها عقوبة تكميلية مما يتعين الحكم به من تلقاءنفس المحكمة سواء طلبته النيابة العامة أو طلبته مصلحة الجمارك.

وقد قضت محكمة النقض بعدم جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة، فذلك يسري على العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة ولو كان فيها معنىالعقوبة. ۲۸۸. الرد

الرد هو إعادة الشيء الذي وقعت عليه الجريمة إلى مالكه أو حائزه القانوني كالأشياء المسروقة والنقود المختلسة. ويلاحظ أن الرد يستند إلى الحق في الملكية أو إلى الحيازة القانونية والتي تتوافر لدى المالك أو الحائز قبل وقوع الجريمة ويفترض أن

يكون مضبوطا. ولما كانت الجريمة هي التي أدت إلى حرمانه من هذا الشيء، فإن خير تعويض عن هذا الحرمان هو رده إلى صاحب الحق فيه مادام مضبوطا، وفي هذه الحالة يجب أن ينصب الرد على الأشياء التي وقعت عليها

الجريمة، ولا يجوز أن ينصب على الأشياء التي اشتراها الجاني بالثمن الذي باع به الأشياء موضوع الجريمة، وذلك لأن الحلول العيني أمر غير مقبول في صدد هذه الدعوى.

رد الاشياء المضبوطة كموضوع الدعوى المدنية التبعية

رد الأشياء المضبوطة في أثناء التحقيق

يجدر التنبيه إلى ضرورة التمييز بين نوعين من الرد

(الأول) رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها.

(الثاني) رد الأشياء إلى من فقد حيازتها بالجريمة.

في الحالة الأولى يتحقق الأمر بالرد من شرعية سند حيازة الأشياء المضبوطة فيردها إلى من كانت لديه وقت ضبطها. أما في الحالة الثانية، فإنه يتحقق من عدم شرعية هذه الحيازة المادية لمن ضبطت عنده الأشياء بردها إلى الغير الذي فقدحيازتها بالجريمة.

 

وتتوافر الحالة الأولى عندما تضبط الأشياء في أثناء تحقيق إحدى الجرائم، ولو كان ذلك قبل الحكم، ما لم تكن لازمة للسير في الدعوى أو محلا للمصادرة (المادة ۱۰۱ إجراءات). ويكون ذلك على سبيل المثال إذا انقضت الدعوى الجنائية أو ثبت أن الاشياء المضبوطة لا فائدة منها في إثبات الحقيقة أو أن ضبطها كان ثمرة إجراءات باطلة

(كالتفتيش الباطل مثلا). ففي هذه الحالة يكون الرد إلى من كانت الأشياء في حيازته وقت ضبطها (المادة ١٠٢/١إجراءات). ولا يحتاج هذا الرد إلى اتخاذ إجراءات الدعوى المدنية التبعية، وإنما يخضع للإجراءات الخاصةبرد الأشياء المضبوطة.

 

أما في الحالة الثانية بشأن الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو المتحصلة منها، يكون ردها إلى من فقد حيازتها بالجريمة ما لم يكن لمن ضبطت معه الحق في حبسها بمقتضى القانون وهذا الرد هو التعويض الطبيعي  للضرر الذي أصاب حائز هذه الأشياء. وهو الذي يصلح موضوعا للدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي. بل إنه لا يمكن لحائز

هذه الأشياء أن يستردها إذا لم تكن قد ضبطت في أثناء التحقيق إلا عن طريق الادعاء المدني، أو باتباع الإجراءات الخاصة برد الأشياء المضبوطة (المواد من ١٠٢/٢ إلى ١٠٧ إجراءات).

  إجراءات رد الأشياء المضبوطة

١-يصدر الأمر بالرد من النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، ويجوز للمحكمة أن تأمر بالرد أثناء نظر الدعوى (المادة ١٠٣ إجراءات).

 

٢-ولا يمنع الأمر بالرد ذوي الشأن (أي كل ذي مصلحة) من أمام المحاكم المدنية بما لهم من، حقوق، وإنما لا يجوز ذلك للمتهم أو المدعي بالحقوق المدنية إذا كان الأمر بالرد قد صدر من المحكمة بناءعلى طلب أيهما في مواجهة الآخر (المادة ١٠٤ إجراءات).

 

٣-يؤمر بالرد من السلطة المختصة المبينة في المادة ١٠٣ إجراءات السالف الإشارة إليها ولو من غير طلب (المادة١٠٥/١ إجراءات).

 

٤-لا يجوز للنيابة العامة ولا لقاضي التحقيق الأمر بالرد عند المنازعة، ورفع الا ـع الأمر هذه الحالة أو في حالة وجود شك فيمن له الحق في تسلم الشيء إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية بناء على طلب ذوي الشأن لتأمر بما تراه المادة ١٠٥/١إجراءات).

 

٥-للمحكمة أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أن تأمر بإحالة الخصوم للتقاضي أمام المحكمة المدنية إذا رأت موجبا لذلك، وفي هذه الحالة يجوز وضع الأشياء المضبوطة تحت الحراسة، أو اتخاذ وسائل تحفظية أخرى نحوها (المادة ١٠٧ إجراءات).

 

٦-يجب عند صدور أمر الحفظ، أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى أن يفصل في كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة، وكذلك الحال عند الحكم في الدعوى إذا حصلت المطالبة بالرد أمام المحكمــة المــادة١٠٦ إجراءات).

ومع ذلك، فقد يوجب القانون على المحكمة الرد دون طلب كما في الجرائم المنصوص عليها في المواد ۱۱۲، ١١٣/٢، ۱۱۳ مررا / ١، ١١٤، ۱۱٥، ۱۱۸ عقوبات. والرد الذي يوجب القانون الحكم به يعد عقوبة تكميلية وإن تضمن

معني العقاب، دون أن يتجرد من معنى تعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بقدر ما نسب إليه إضاعته من أموال. وقد قضت محكمة النقض أن مخالفة ذلك بالحكم على المتهم برد ما يزيد على ما نسب له إضاعته من أموال خطأ في تطبيق القانون. وعلى ذلك أيضا إذا كان المتهم قد بادر بالرد من تلقاء نفسه فلا يجوز الحكم بالرد.

 

والخلاصة فإن الرد كموضوع للدعوى المدنية التبعية هو الذي ينصب فقط على الأشياء التي وقعت

عليها الجريمة، ما لم تتبع الإجراءات التي نص عليها القانون في المواد ۱۰۳ و۱۰٤ و١٠٥و١٠٦و١٠٧ من قانون الإجراءات الجنائية، هذا ما لم يكن الرد عقوبة تكميلية فتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.

 المصادرة

فضلا عن التعويض بمقابل، والرد، فإن مصاريف الدعوى يجوز أن تكون عنصرا عناصر التعويض في الدعوى المدنية التبعية. ووجه التعويض واضح من أن هذه المصاريف نظير الرسوم القضائية المستحقة للخزانة العامة بسبب الدعوى المدنية.

 

وهذه الرسوم تستحق على المدعي المدني وعليه أن يدفعها مقدما وفقا لما هو وارد في لائحة الرسوم القضائية (المادة ۳۱۹) إجراءات عند اتخاذ إجراءات الادعاء المدني.

وقد نصت المادة ٣٢٠/١إجراءات على أنه إذا كان حكم بإدانة المتهم في جريمة وجب الحكم عليه للمدعي بالحقوق المدنية بالمصاريف التي تحملها، وللمحكمة في ذلك أن تخفض مقدارها إذا رأت أن بعض المصاريف كان غير لازم».

وفي هذه الحالة لا يشترط أن يطلب المدعي المدني ذلك صراحة، بل يجوز إلزام المتهم بهذه المصاريف ولو لم يطلبها المدعي المدني صراحة. وقد نصتالفقرة الثانية من المادة ۳۲۰ إجراءات على أنه إذا لم يحكم للمدعي بالح

بالحقوق المدنية بتعويضات تكون عليه المصاريف التي استلزمها دخوله في الدعوى. أما إذا قضي له بعض التعويضات التي طلبها يجوز تقدير هذه المصاريف بنسبة تبين في الحكم. ومن قبيل عدم الحكم بالتعويض أن تقضي المحكمة

 

برفض الدعوى المدنية أو بعدم الاختصاص أو بعدم قبولها ففي هذه الحالات يلزم المدعي المدني مصاريف دعواه، ويعامل المسئول عن الحقوق المدنية معاملة المتهم فيما يخص مصاريف الدعوى المدنية (المادة ۳۲۱ إجراءات).

 المصاريف القضائية

 

وفقا لما قضت به محكمة النقض، فإن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهرا عن صاحبها وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك واعتبرها وجوبية ولا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبتت إدانته وقضي عليه بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا

الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة. وقد تكون المصادرة في بعض القوانين الخاصة من قبيل التعويضات المدنية إذا نص على أن تؤول الأشياء المصادرة إلى المجني عليه أو خزانة الدولة كتعويض عما سببته الجريمة من أضرار. وهذا الوضع الأخير تتوافر للمحني عليه صفة المطالبة به.

 

شروط قبول الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي

 

متي اختص القضاء الجنائي بالفصل في الدعوى المدنية التبعية يكون بحث مدى قبولها أمام هذا القضاء والاختصاص مسألة متعلقة بولاية القضاء الجنائي ذاته على نظر الدعوى المدنية التبعية، أما القبول فهي مسألة متعلقة بشكل الدعوى المدنية التبعية ذاته.ولقبول الدعوى المدنية التبعية يجب توافر الشروط الثلاثة الآتية:

 

١ – الصفة.

٢ – الحق في اختيار الطريق الجنائي دون الطريق المدني.

٣- مباشرة إجراءات الادعاء المدني.

 

والدفع بعدم قبول الدعوى المدنية التبعية لعدم استيفاء أحد هذه الشروط من الدفوع الجوهرية التي يجب الرد عليها، ولكنه لا يتعلق بالنظام العام، فلا تثيره تلقاء نفسها بخلاف الدفع بعدم اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى

المدنية التبعية فإنه يتعلق بالنظام العام. وننبه إلى عدم الخلط بين اختصاص القضاء المحكمة منالجنائي بنظر الدعوى وقبولها لديه وهو خلط شائع في الفقه والقضاء.

الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائى ماده 266 اجراءات الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائى ماده 266 اجراءات

اولا: صفة الخصوم

 

المدعي المدني

من هو المدعي المدني

 

لا تقبل الدعوى المدنية التبعية إلا ممن ناله ضرر شخصي مباشر من الجريمة، والأصل أن يكون المضرور من الجريمة هو المعني عليه كمالك الشيء المسروق أو المنتفع به، أو حائر الشيء محل الإتلاف العمدي، أو المصاب في

جريمة الضرب أو الإصابة الخطأ. ومع ذلك، فإنه يجوز أن يكون المدعي المدني غير المحني عليه إذا كان قد أصابه ضرر شخصي مباشر من الجريمة. وبعبارة أخرى، فإن الضررالدعي به هو الذي يصيب المصلحة المحمية من التجريم

الجنائي للفعل. ومكانا، فإن المناط في صفة المدعي المدني ليس وقوع الجريمة عليه، وإنما هو إلحاق الضرر الشخصي به بسبب وقوع الجريمة. ويستوي في هذا الضرر أن يكون ماديا أو أدبيا بالمعنى الذي بيناه فيما تقدم.

مثال ذلك زوجة المحني عليه أو أولاده الذين أصيبوا بالضرر الشخصي بسبب وفاة عائلهم أو إصابته بعاهة أقعدتـه عـن العمل، وزوج المجني عليه أو أولاده في جريمة القذف أو السب إذا كان قد مسهم ضرر شخصي، والمتعهد بوفاء

ديون التركة أن يدعي مدنيا عن الضرر الذي أصابه بسبب تزوير سند على المتوفى لأنه يزيد في ديون التركة التي التزم بسدادها.

وقد ذهبت بعض التشريعات إلى تخويل النيابة العامة هذه الصفة في أحوال معينة. ولا يجوز للمحكمة أن تتصدى من تلقاء نفسها بالحكم بالتعويض إلا في الأحوال التي أجاز فيها القانون ذلك، كما في الغرامة الضريبية أو الجمركية، والغرامة النسبية، والرد نظرا للطابع العقابي لهذا التعويض. مثال ذلك المادة ١٨عقوبات المعدلة بالقانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥.

 

ويتحدد الضرر الشخصي مناط الصفة في الدعوى المدنية التبعية بالنظر إلى وقت مباشرة إجراءات الدعوى المدنية التبعية، فإذا بوشرت هذه الإجراءات على وجه سليم أصبح المدعي طرفا في الدعوى المدنية التبعية. ولا يؤثر في هذه الصفة حصول المضرور من الجريمة على حقه في التعويض بالتراضي مع المسئول عن الحقوق المدنية،

 

مالم يتخذالمدعى المدني إجراءات ترك الدعوى المدنية وبدون هذا الترك يظل المدعي المدني محتفظا بصفته إلى وقت ترك الدعوى المدنية.

 

هل يجوز انتقال الحق في الادعاءالمدني

 

يجب التمييز بين نوعين من الدعاوى التي  يمارسها ورثة المجني عليه، إذ توحد دعوى التعويض التي يملكهاالمجني عليه قبل وفاته عماأصابه من ضررشخصي بسبب الجريمة. ودعوى التعويض التي يملكها الورثة عما أصابهم من ضرر شخصي بسبب وفاة المجني عليه الناشئة عن الجريمة.

فلا توجد مشكلة بالنسبة إلى الدعوى الثانية التي يملكها الورثة عما أصابهم من ضرر، شخصي، وإنما يدق البحث

بشأن الدعوى الأولى والتي كان يملكها المجني عليه قبل وفاته حول مدى انتقال الحق فيها إلى ورثته الدائنين أو المحال إليهم. فهل يجوز لهؤلاء رفع هذه الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي أم أن ذلك أمر قاصر على من أصابه ضرر شخصي بسبب الجريمة؟

 أولا :الورثة

يجب التمييز هنا بين ثلاثة فروض

(الفرض الأول) أن تقع الجريمة قبل وفاة المجني عليه، ففي هذه الحالة ينتقل الحق في إقامة الدعوى المدنية التبعية إلى ورثته. فإذا كان المجني عليه قد رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء قبل وفاته، فلورثته أن يحلوا محله في دعواه مهما كان الضرر سبب هذه الدعوى، ماديا كان أو أدبيا. وذلك بحسب أن الدعوى المدنية التبعية قد انتقلت إلى ذمتهم المالية، ويكون من حقهم الحصول على تعويض كل الضرر الذي أصاب مورثهم.

 

(الفرض الثانى )أما إذا لم يكن المجني عليه قد رفع الدعوى المدنية التبعية قبل وفاته، فقد اتجه القضاء المصري بادئ الأمر إلى إقرار انتقال الحق في التعويض أمام القضاء الجنائي إلى الورثة دون تمييز بين الضرر المادي والضرر

الأدبي، ثم اتجه بالنسبة إلى الضرر الأدبي إلى عدم قبول الدعوى المدنية التبعية ما لم يكن مطابقا لنص المادة ٢٢٢ من القانون المدني التي تمنع انتقال التعويض عن الضرر الأدبي إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالــب به الدائن

أمام القضاء. ومفاد هذا النظر أن محكمة النقض لا تعترض من حيث المبدأ مادي أو ضرر أدبي، وذلك وفقا للشروط المقررة بالقانون المدني. على انتقال الحق في الادعاء المدني أمام القضاء الجنائي للورثة منى تولد عن ضرر

 

(الفرض الثالث) أن تقع الجريمة عقب وفاة المجني عليه. ويتصور ذلك بالنسبة إلى الجرائم التي تمس ذكرى المتوفى، كما في القذف والسب. وفي هذه الحالة تقع الجريمة على الورثة شخصيا وتصيبهم من جرائها بضرر

شخصي، وذلك بناء على ان عناصر اعتبار الشخص في المجتمع صفات المورثين وأيضا اعتبار الأسرة التي ينتمي إليها، مثال ذلك أن يقال عن امرأة متوفاة أنها كانت تعاشر غير زوجها وأنجبت منه ولدا غير شرعي فهذا القذف يمس ابن المتوفاة ويولد له ضررا مباشرا، وبالتالي ينشأ له حق في الادعاء المدني بوصفه أصيلا لا خلفا لمورثه.

  ثانيا: الدائنون

لا جدال في أن من حق دائني المدعي المدني أن يرفعوا الدعوى المدنية التبعية بصفتهم الشخصية إذا لحقهم ضرر مباشر بسبب الجريمة التي وقعت على مدينهم، كما إذا كان هذا المدين يسدد لهم حقوقهم من كسب عمله وتسببت الجريمة في وفاته فعجزوا عن استيفاء حقوقهم. ولكن تدق المشكلة عندما يريد الدائنون استعمال حق

مدينهم في الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي. لقد نصت المادة ٢٣٥ من القانون

المدني على أن لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين، إلا ما كان فيها متصلا بشخصه أو غير قابل للحجز.

 

وقد اعتنق القانون المصري هذه التفرقة فلم يسمح للدائن باستعمال اسم مدينه إلا في الحقوق التي تتصل بشخصه وهي التي تترتب على الضرر المادي فقط. هذا، وقد اشترط القانون لقبول الدعوى المدنية التبعية من الدائن في هذه الحال أن يثبت أن المدين له أن يستعمل هذه الحقوق وأن عدم استعماله لها من شأنه أن يسبب

إعساره أو أن يزيد في هذا الإعسار ولم يشترط إعذار المدين لاستعمال حقه، ولكنه أوجب إدخاله خصما في الدعوى (المادة ۲۳٥ مدني). ولا شك في أن هذا الإعسار يقاس بمقدار ما يفقده الضرر بسبب الجريمة، وهو ما يمثل الضرر المادي.

 

 ثالثا:المحال إليهم

أجاز القانون للمدعي المدني أن يحول لغيره حقوقه الناشئة عن الجريمة (المادة ۳۰۳ مدني) فهل يجوز للمحول إليه أن يرفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي؟

استقر القضاء والفقه في هذه الحالة على عدم قبول الدعوى المدنية التبعية من المحال إليهم، وذلك بحسب أنه لم يصب بضرر مباشر من الجريمة.

 

ويلاحظ أن شركة التأمين تلتزم بمقتضى عقد التأمين بأن تدفع للمؤمنين مبلغ التعويض على من ارتكب الخطأ الذي أدى إلى هذا الضرر. فإذا كان الضرر مترتبا على الجريمة فهل يجوز في هذه الحالة لشركة التأمين أن تدعي مدنيا قبلالمتهم أمام القضاء الجنائي بقيمة ما دفعته من تعويض للمجني عليه؟

 

لا جدال في أن الشركة لا تصاب بضرر مباشر عن الجريمة، فالتزامها بالتعويض ناشئ عن عقد التأمين، ومن ثم لا يحق لها هذا الادعاء المدني أمام المحاكم الجنائية. كما لا يجوز لها أيضا أن تدعي مدنيا باسم المجني عليــه عـــن

الضرر الذي أصابه وذلك لأن اختصاص القضاء الجنائي بالدعوى المدنية مشروط بأن يكون التعويض المطلوب قد ترتب على الضرر الشخصي المباشر منالجريمة. والتزام الشركة بتعويض المجني عليه لا يصدر عن الجريمة التي وقعت على هذا الأخير وإنما يترتب على عقد التأمين بينه وبين الشركة.

 أهلية المدعي المدني

يفترض رفع الدعوى المدنية التبعية أن تتوافر لدى المدعي المدني أهلية الالتجاء إلى القضاء. فإذا كان من لحقه ضرر شخصي من الجريمة فاقد الأهلية أو ناقصها، فلا تقبل الدعوى إلا من وليه أو وصيه أو القيم عليه حسب الأحوال.

وإذا لم يكن له من يمثله قانونا جاز للمحكمة المرفوع أمامها الدعوى الجنائية بناء على طلب النيابة العامة أن تعين له وكيلا ليدعي بالحقوق المدني بالنيابة عنه. ولا يترتب على ذلك في أية حالة إلزامه بالمصاريف القضائية (المادة ٢٥٣ إجراءات).

 

ويلاحظ هنا أن تعيين الممثل القانون هو كما عبر النص أمر جوازي، فإذا لم تقم به المحكمة وجب الحكم بعدم قبول الدعوى. ويجب على المشرع رعاية المصلحة المجني عليه تحويل المحكمة بنص صريح. سلطة الحكم بالتعويض من تلقاء نفسها عند الاقتضاء إذا لم يكن المضرور من الجريمة أهلا لمباشرة الادعاء المدني أمامها.

 

وقد قضي أن خضوع الشخص لحراسة الطوارئ لا ينتقص من أهليته، وأنه مازال للخاضع للحراسة حق التقاضي بشخصه إذا ما لحقه ضرر من جريمة وقعت على نفسه أو مست شرفه واعتباره. ويسري ذلك على من صدر في حقه أمر أو حكم بالمنع من التصرف أو الإدارة طبقا للمادتين ۲۰۸ مررا(أ) و۲۸۰ مكررا (ج) من قانون الإجراءات الجنائية.

 

ويلاحظ أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية التبعية لعدم توافر أهلية المدعي المدني (صفته في الادعاء) لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن هذا

العيب ثابتا في مدونات الحكم المطعون فيه لأنه من الدفوع التي يختلط فيهـا القانون بالواقع.

 هل يجوز لأشخاص المعنوية الخاصة ان يدعى مدنيا

يحق للشخص المعنوي أن يدعي مدنيا عن الضرر الشخصي الذي لحقه بسبب الجريمة فشأنه في ذلك شأن الشخص الطبيعي. مثال ذلك إتلاف أو تخرب مبنى شركة أو مقولاتها، فهنا يتوافر للشخص المعنوي ضرر شخصي بسبب الجريمة يخوله الحق في الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي. ولا يعد من قبيل ذلك الضرر الشخصي الذي يصيب أحد أعضاء الشخص المعنوي (الشركة أوالجمعية مثلا)

 

وتثور الصعوبة إذا كان الضرر الذي لحق الشخص المعنوي قد أصاب المصالح الاقتصادية أو الاجتماعية التي ينهض على حمايتها، كما هي الحال فيالشركات والجمعيات.

هل يجوز لأشخاص المعنوية العامة ان تدعى مدنيا

يحق للأشخاص المعنوية العامة رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي عنــــد توافر شروطها، وخاصة الضرر الشخصي المترتب على الجريمة.

وفي هذا الصدد يجب التمييز بين ما إذا كان الضرر قد لحق الذمة المالية للشخص المعنوي مباشرة أم أصاب المصالح الجماعية التي يمثلها

 

في الحالة الأولى لا جدال في حق الشخص المعنوي العام في الدعوى المدنية التبعية عن كل ضرر مادي أصابه مثل الاتلاف العمدي والسرقة هذا مع ملاحظة أن قانون العقوبات قد أوجب على المحكمة من تلقاء نفسها الحكم بهذا التعويض في بعض الجرائم كاختلاس الأموال العامة ونحوها مما نصت عليه المواد ۱۱۲ و١١٣/١، ٢، ٤ و١١٣

مكررا /١ و١١٤و١٥٥ من قانون العقوبات. وفي هذه الحالة يأخذ التعويض صورة الرد والغرامة النسبية (المادة۱۱۸)، مما لا محل معه للادعاء المدني. وقد قضي أن التعويضات المنصوص عليها في القرار بقانون رقم ٣٦٣ لسنة ١٩٥٦

الخاص بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج والاستهلاك على الكحول هي عقوبة تنطوي على عنصر التعويض، وبالتالي لا يتوقف القضاء هــا علـى دخول الخزانة في الدعوى أو حصول ضرر. على أن ذلك لا يحول دون حق الخزانة في الادعاء مدنيا هذا التعويض إذا شاءت. ونرى أنه لا يجوز أن يقتصر الضرر الشخصي الذي يصيب الشخص المعنوي على ما

يلحق مصالحه المادية فحسب، بل يجب أن يمتد إلى المصالح الجماعية التي يرعاها هذا الشخص، كمايجوز أن يمتد إلى حماية أحد أعضائه إذا أجاز القانون ذلك.

 

وبالنسبة إلى النقابات المهنية، فإن الضرر يتوافر بالمساس بالمصلحة الجماعية للمهنة التي ترعاها النقابة ولا يجوز الخلط بين هذه المصلحة الجماعية والمصلحة الشخصية لعضو النقابة ولا مصلحة المجتمع، فالأولى ترعاها النقابة والثانية يدافع عنها صاحب المصلحة الشخصية ما لم ترتبط بالمصلحة الاجتماعية للمهنةفترعاها النقابة، وأما مصلحة المجتمع فترعاها النيابة العامة. ويحمي قانون العقوبات تلك المصالح من خلال تجريم أفعال الاعتداء عليها عند

الاقتضاء كما في السب والقذف والبلاغ الكاذب. وتعد المصالح التي يمثلها الشخص المعنوي – كالدولة أو المحافظة – هي جزء من المصلحة الاجتماعية، وبالتالي فإن حمايتها في مواجهة الاعتداء يتكفل بها قانون العقوبات عن طريق العقاب لا التعويض المدني.

المدعى عليه

من هو المدعى عليه

الأصل أن ترفع الدعوى المدنية التبعية على المتهم بارتكاب الجريمة، سواء كان فاعلا أصليا أو شريكا.

ويشترط لصحة رفع الدعوى المدنية التبعية أن يكون المتهم أهلا للتقاضي، فإذا كان ناقص الأهلية وجب رفع الدعوى المدنية التبعية على من يمثله. فإذا لم يكن له من يمثله، وجب على المحكمة أن تعين له من يمثله نيابة عنه ضد

ورثة المتهم (المادة ١٥٣/١إجراءات). وهنا يلاحظ أن تعيين ممثل المدعى عليه القاصر وجوبي. وليس جوازاي كما هو الشأن بالنسبة إلى ممثل المدعي المدني القاصر. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض أنه إذا كان الثابت أن المتهم

قاصر أنه إذا كان الثابت أن المتهم قاصر وأن الدعوى المدنية قد رفعت عليه شخصيا دون أن توجه إلى وليه أو وصيه أو من يمثله قانونا، فإنه يتعين الحكم بعدم قبولها.

 

على أن مجال المسئولية المدنية أكثر اتساعا من محال المسئولية الجنائية. ولذلك، فإنه بينما لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا على المتهم بارتكاب الجريمة، فإن الدعوى المدنية التبعية يمكن رفعها على أشخاص آخرين وهم ورثة المتهم والمسئولين عن الحقوق المدنية.

 الورثة

 

إذا توفي المتهم، فيجوز أن ترفع الدعوى المدنية التبعية ضد ورثته، وذلك بناء على التزام المورث بالتعويض تتحمل به التركة لوارثه. وفي هذه الحالة لا يسأله الورثة إلا في حدود التركة وبنسبة أنصبتهم فيها. وإذا تعدد الورثة فإنهم لا

يتضامنون في المسئولية فلا تضامن إلا بنص وإذا مات المتهم دون أن يترك تركة سقط التزامه بالتعويض وبالتالي لا يجوز اختصام ورثته. وإذا توفي المتهم بعد رفع الدعوى المدنية عليه، فإنه رغم انقضاء الدعوى الجنائية فإن الدعوى المدنية التبعية تبقى وحدها، وتوجه في هذه الحالة ضد ورثة المتهم في حدود ما تلقوه من تركة.

 المسئولون عن الحقوق المدنية

يجوز للمدعي المدني أن يرفع الدعوى المدنية التبعية ضد شخص آخر غير مرتكب الجريمة، بناء على الضرر المباشر المترتب على الجريمة بسبب خطئه. ويسمى هذاالشخص بالمسئول عن الحقوق المدنية.

وتتمثل مسئوليته في نوعين من الجرائم

 

١ – ما يقع ممن تجب عليه رقابة شخص ممن في حاجة إلى رقابة، وهي ما يعبر عنه بمسئولية من تجب عليه الرقابة عمن هم في رقابته (المادة ١٧٣مدني).

٢ – ما يقع من تابعيه من عمل غير مشروع (المادة ١٧٤ مدني)، وفقـــا للشروط المبينة في القانون وهو ما يتطلب أن يكون هذا العمل غيرالمشروع واقعا منه حال تأديته وظيفته وبسببها.

ويتميز المسئول عن الحقوق المدنية عن الضامن في أن الأخير يلتزم بالتعويض بناء على عقد الضمان لا بناء على الجريمة.

 

ويحق للمدعي المدني مطالبة المسئول عن الحقوق المدنية بتعويض عن الضرر الذي حل به أمام القضاء الجنائي أسوة بالقضاء المدني. وهذا هو ما عبرت عنه المادة ٢٥٣ إجراءات في قولها بأنه يجوز رفع الدعوى المدنية التبعية

أيضا على المسئولين عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم. وكما بينا، فإن تحديد علاقة المتهم بالمسئول عن الحقوق المدني هي التي تحدد وجهة هذه المسئولية، إذ يجب أن يكون هذا المتهم إما ممن يجب رعايته أو من

تابعيه ويحكم على هذا المسئول بالتعويض وفقا لأحكام القانون المدني).

كما يشترط لمسئولية المسئول عن الحقوق المدنية أن يكون المتهم مسئولا جنائيا عن الجريمة، فإذا كان فاقد الإدراك أو التمييز امتنعت مسئوليته الجنائية والمدنية معا، مما لا محل معه لمساءلة المسئول عن الحقوق المدنية

أمام المحكمة الجنائية عن الضرر المترتب مباشرة عن هذه الجريمة.

ويلاحظ أن للمسئول عن الحقوق المدنية أن يدخل من تلقاء نفسه في الدعوى في أية حالة كانت عليها أمام قضاء الموضوع (المادة ٢٥٤/١ إجراءات)، وذلك للدفاع عن مصالحه وللحيلولة دون تواطؤ المدعي المدني مع المتهم،

فالحكم في الدعوى الجنائية سوف ينصرف حتما إلى المسئول عن الحقوق المدنية، عند المطالبة بالتعويض).

وللنيابة العامة وللمدعي بالحقوق المدنية المعارضة في قبولها تدخله (المادة ٢٥٤/٢ إجراءات). وفي هذه الحالة نرى أن قبول هذه المعارضة يجب أن يتوقف على سبب قانوني هو عدم توافر مسئوليته المدنية عنأعمال المتهم.

وللنيابة العامة أن تدخل المسئولين عن الحقوق المدنية ولو لم يكن في الدعوى مدع بحقوق مدنية للحكم عليه بالمصاريف المستحقة للحكومة (المادة ٢٥٣/٢ إجراءات).

 

ولا شك في أن تدخل المسئول عن الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي لا فائدة له وللمتهم. وذلك لأن دفاعه لن ينحصر في بحث عناصر مسئوليته المدنية عن الجريمة وإنما سوف يمتد إلى نفي وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم توصلا لدرء المسئولية المدنية. وهو دفاع عديم الجدوى إذا هو انتظر الفصل في الدعوى الجنائية ثم توجه إلى القضاء المدني، لأن الحكم الجنائي له حجيته أمام هذا يخلو منالقضاء فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى

المتهم.

وإذا توفي المسئول عن الحقوق المدنية، فيحوز رفع الدعوى ضد ورثته في حدود ما تلقوه عنه من تركته وإذا حدثت الوفاة في أثناء السير في الدعوى جازاختصامهم فيها.

  المؤمن لديه

يلتزم المؤمن لديه بالتعويض بناء على عقد التأمين لا بناء على الجريمة مباشرة. ومن ثم تطبيقا للقواعد العامة لا يعد مسئولا عن الحقوق المدنية التبعية ولا يجوز رفع الدعوى المدنية التبعية عليه. لكن المشرع – كما بينا سابقا – خرج عن هذه القواعد تيسيرا للمضرور من الجريمة، فأصدر القانون رقم ٨٥ لسنة ١٩٧٦

بإضافة مادة جديدة تحمل رقم ٢٥٨ مكررا تجيز رفع الدعوى المدنية التبعية قبل المؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ

عن الجريمة أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجنائية. وتسري على المؤمن لديه جميع الأحكام الخاصة بالمسئول عن الحقوق المدنية، والسالف بيانها فيما تقدم.

 التضامن في دفع التعويض

بينا فيما تقدم أنه إذا تعدد المدعى عليهم في الدعوى المدنية التبعية سواء كانوا متهمين أو مسئولين عن الحقوق

المدنية، يلتزمون جميعا بسداد بالتعويض المحكوم له بالتضامن طبقا لنص المادة ١٦٩ من القانون المدني. وقد جرت هذه المادة على أنه إذا تعدد المسئولون عن فعل ضار كانوا متضامنين في التزامه بتعويض الضرر، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي، إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض وهذا التضامن هو من النظام العام ولا يجوز

الاتفاق على مخالفته. ويشترط لتوافر هذا التضامن أن يكون الضرر مترتبا على أفعال المتهمين جميعا، فإذا كان الضرر الذي أحدثه أحدهم متميزا عن الضرر الذي أحدثه الآخرون فلا تضامن بينهم

 

هل يحق اختيار الطريق الجنائي دون الطريق المدني

 

الأصل أنه متى ترتب على الجريمة ضرر معين جاز للمضرور أن يرفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي تبعا لدعواه المرفوعة أمام هذا القضاء.

ويجوز له بدلا من ذلك أن يرفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، ولكن حقه في الالتجاء إلى القضائيين المدني

والجنائي ليس مطلقا من كل قيد، إذ لا يسمح للمدعي المدني بأن يتنقل بين جهات القضاء وفقا لمشيئته، ففي ذلك إضاعة لوقت القضاء وتعقيد للإجراءات.

ونص  قانون الإجراءات الجنائية الحالي في المادتين ٢٦٢ و٢٦٤ إجراءات. فنصت المادة ٢٦٢ على أنه إذا ترك المدعي

بالحقوق المدنية الدعوى المدنية التبعية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى المدنية التبعية. أما المادة ٢٦٤ إجراءات فتنص على أنه إذا رفع من

ناله ضــر مـــن الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية، ثم رفعت الدعوى الجنائية، جاز له إذا ترك دعواه أمام المحكمة المدنية أن يرفعها إلى المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية.

ماهو  أساس الحق في اختيار الطريق الجنائى دون الطريق المدني

شرع الحق في الاختيار بين الطريقين الجنائي والمدني لصالح المدعى عليه (المتهم). فلا شك في أن المدعي المدني أمام المحكمة الجنائية في سبيل الدفاع عن دعواه المدنية التبعية سوف يشترك مع النيابة العامة في إثبات

الجريمة وإسنادها إلى المتهم. وبناء على ذلك يكون من مصلحة المتهم مقاضاته مدنيا أمام المحكمة المدنية، ومن ثم فإن الحق في الاختيار بين الطريقين الجنائي والمدني يتعلق بالمصلحة الخاصة بالمتهم. ويأتي هذا الحق في إطار التوازن بين حقوق المتهم وحقوق المدعي المدني. فإذا رفع المدعي المدني دعواه المدنية أمام المحكمة المدنية بعد رفع الدعوى أمام المحكمة الجنائية بعد ذلك تعبيرا عن إرادته في التنازل عن طريق التداعيبالدعوى

المدنية التبعية أمام المحكمة الجنائية.

متى يتوافر حق الاخيار

يشترط لثبوت حق الخيار للمدعي المدني أن يكون كل من الطرفين الجنائي والمدني مفتوحا أمامه من الناحية القانونية فلا خيار إذا كان باب أحد الطريقين موصود في وجهه.

أولا: الطريق الجنائي

يجب أن يكون باب الطريق الجنائي مفتوحا أمام المدعي المدني، ويتحقق ذلك إذا ما حركت الدعوى الجنائية بالفعل. وإذا استطاع المدعي المدني قانونا تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر أمام المحكمة الجنائية، فإنه تتوافر لديه فرصة في

فتح هذا الطريق – إن شاء – ولكن لا يمكن القول بأن الطريق الجنائي مفتوح بالفعل. ولا يتوافر هذا الطريق في الأحوال الآتية:

١-إذا حال القانون دون اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية التبعية، وفي هذه الحالة يكون الطريق

الجنائي موصدا أمام الدعوىالمدنية التبعية.

وهذا هو الشأن بالنسبة إلى محاكم أمن الدولة الملغاة (المادة ٥/٢ من القانون الملغى رقم ١٠٥ لسنة ۱۹۸۰ بإنشاء محاكم أمن الدولة)، ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ (المادة ۱۱ من القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ الخاص

بحالة الطوارئ)، والمحاكم العسكرية (المادة ٤٩ من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦ بإصدار قانون القضاء العسكري) ومحكمة الطفل (المادة ١٢٩ من القانون رقم١٢ لسنة ١٩٩٦ بإصدار قانون الطفل).

فقد رأى المشرع أن هذه المحاكم قد شكلت لأغراض شغلها عن تحقيق هذه الأغراض. وتتمثل إما في حماية الطفل وفرض جزاءات أو تدابير ملائمة له محكمة الطفل، أو في حماية المصالح العسكرية المحاكم معينة، فيجب عدم العسكرية أو حماية المصالح الأساسية للدولة في وقت إعلان حالة الطوارئ (محاكم أمن الدولة المنصوص عليها في قانون الطوارئ). وعلى ذلك، فإنالمضرور من الجريمة في هذه الأحوال لا يملك غير الالتجاء إلى القضاء المدني.

 

٢-إذا كانت النيابة العامة لم تحرك الدعوى الجنائية بعد.

 

٣-إذا انقضت الدعوى الجنائية قبل تحريكها لسبب خاص بها كالوفاة أو مضي المدة أو العفو الشامل، أو انقضت بصدور حكم بات قبلرفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، أو انقضت بأمر منسلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامتها.

 ثانيا الطريق المدني

يكون الطريق المدني مفتوحا إذا جاز للمدعي المدني أن يطلب التعويض عن الضــــرر المترتب على الجريمة. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض أن مطالبة المدعي بالحقوق المدنية

 

برد كمية الذهب للمسلمة منه للطاعن أمام المحاكم المدنية لا يحول دون حقه في الادعاء بعد ذلك بالطريق المباشر أمام المحكمة الجنائية بطلب التعويض عن تبديدها.

الأصل أن الطريق المدني يكون مفتوحا دائما لدعاوى التعويض الناشئة. الجريمة، ما لم يكن موصدا لسبب خاص

يرجع إلى حكم القانون أو إلى التنازل عن الدعوى أو التعويض.

والخاصة أن فتح الطريقين معا من الناحية القانونية أمر ضروري لتوافر حق الخيار، وسلق أحدهما يضع المدعي المدني حتما أمام الطريق الآخر دون خيار.

 هل لو يحق الالتجاء للقضاء المدنى لو سقط الحق في الالتجاء إلى القضاء الجنائي

 

القاعدة أنه لا يجوز للمدعي المدني أن يستعمل حقه في الخيار كيفما شاء وقد لاحظ القانون أن حق المدعي المدني في الالتجاء إلى القضاء المدني هو حق أصيل تفرضه القواعد العامة، فلم يعلق مباشرة هذا الحق على شروط معينة.

هذا بخلاف حقه في الالتجاء إلى القضاء الجنائي، فهو حق استثنائي ومن ثم فإنه يجب أن يقدره في الحدود التي يقتضيها هذا الاستثناء. لذلك قرر القانون المصلحة المتهم سقوط الحق في الالتجاء إلى هذا القضاء إذا اختار المدعي الطريق المدني رغم أن الدعوى الجنائية كانت مرفوعة أمام القضاء الجنائي وقت هذا الاختيار.

 

والخلاصة إذا، أن السقوط لا يرد إلا على حق الالتجاء للقضاء الجنائي، أما حق الاتقاء للقضاء المدني فلا يسقط أبدا بوصفه حقا أصيلا لا استثنائيا، فيجوز له إذا التجأ للطريق الجنائي أولا أن يتركه ويلجأ للطريق المدني. وسقوط حق الالتجاء للطريق الجنائي هو جزاء إجرائي وليس تنازلا من قبل المدعي المدني.

ماهى شروط سقوط حق المدعي المدني في الالتجاء للقضاء الجنائي

 

يشترط لسقوط الحق في الالتجاء إلى القضاء الجنائي ما يأتي:

١ – أن يكون المضرور من الجريمة قد اختار الطريق المدني.

٢-أن تكون الدعوى الجنائية مرفوعة بالفعل أمام القضاء الجنائي قبل اختيار الطريق المدني.

٣- وحدة الدعوى المدنية التي يراد رفعها أمام المحكمة الجنائية مع التي رفعتأمام المحكمة المدينة في كل من الخصوم والسبب والموضوع.

(أولا) اختيار المضرور للطريق المدني

يتحقق هذا الاختيار إذا كان المضرور قد رفع دعواه بطلب التعريض عن الضرر المترتب على الجريمة بالفعل أمام المحكمة المدنية وعن طريق هذا الإجراءوحده تدخل الدعوى في حوزة المحكمة المدنية.

وقد نص قانون المرافعات في المادة٦٣/١على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك. وبذلك، أصبح رفع الدعوى المدنية قائما بمجرد إيداع صحيفة الدعوى بقلم الكتاب. لكنه كما نصت المادة ۷۰ من قانون المرافعات فيجوز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديمالصحيفة إلى قلم الكتاب

ويتعين لتوافر هذا الشرط أن يكون رفع الدعوى المدنية قد تم صحيحا، فإذا كان باطلا فإنه لا ينتج أثره. وقد نصت المادة ٢٦٤ إجراءات على أنه إذا رفع من ناله ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية، ثم رفعت الدعوى الجنائية، جاز له ترك دعواه أمام المحكمة المدنية وأن يرفعها أمام المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية.

ويستخلص من هذا النص أن يتم فتح الطريق الجنائي بعد رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، مما يعد تحديدا لقاعدة عامة. فلا يصلح وقف الدعوى المدنية دون تركها مبررا للالتجاء إلى الطريق الجنائي مع استمرار الدعوى الموقوفة أمام القضاء المدني.

وقد ثار البحث عما إذا كان يشترط أن تكون المحكمة المدنية مختصة بنظر الدعوى أو لا. وقد قضت محكمة النقض أن الحكم بعدم الاختصاص لا يمنع المدعي المدني من الالتجاء إلى الطريق الجنائي. وإذا كانت الدعوى الجنائية قد

حركت بالتحقيق، فيرى جمهور الفقه أنه يكفي لسقوط حق المدعي المدني في الالتجاء إلى الطريق الجنائي أن تكون الدعوى الجنائية قد حركت أمام قضاءتحقيق قبل رفع الدعوى المدنية.

وواقع الأمر أنه وإن كان نص المادة ٢٦٤ إجراءات الذي قرر مبدأ سقوط حق المدعي المدني في الالتجاء إلى الطريق الجنائي، قد جاء في باب المحاكم، مما يعني تبعا لذلك أن تكون الدعوى الجنائية مرفوعة أمامها. لكنه قياسا على هذا النص نظرا إلى وحدة العلة، فإن حق المدعي سالف الذكر يسقط إذا كانت الدعوى الجنائية قد حركت أمام قضاء

التحقيق قبل اختيار الطريق المدني. وقد تمدعواه أمام المحكمة المدنية المختصة يجوز أن يلجأ إلى المحكمة الجنائية إذا الدعوى الجنائية قد دخلت حوزة هذه المحكمة بواسطة النيابة العامة، وذلك قبل أن تصدر المحكمة المدنية حكما في الموضوع في الدعوى المدنية المقامة أمامها.

ويقتضي هذا الشرط أن تكون الدعوى المدنية قد رفعت أمام محكمة مصرية وتمشيا مع هذا الأصل القانوني فإن مبدأ (الجنائي يوقف المدني) لا تسري إذا كانت المحكمة الجنائية أجنبية.

(ثانيا) تحريك الدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي قبل اختيار الطريق المدني

يشترط هنا أن يكون المدعي المدني عالما أن الدعوى الجنائية قد حركت وبالتالي عالما بحقه في الالتجاء إلى الطريق الجنائي بحسب أن سقوط هذا الحق مبني على قرينة التنازل الضمني. ويفتح هذا الرأي الباب لكثير من الادعاءات بعدم العلم، مما يقتضي التدقيق في بحثها، والأمــــر متروك في ذلك لمحكمة الموضوع.

ونلاحظ أن سقوط حق المدعي المدني في الالتجاء إلى القضاء هــو جـزاء إجرائي يقرره القانون بسبب عدم رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي عند انفتاح الطريقين الجنائي والمدني أمامه، وهو ما يفرض عليه التزاما بالتحقق قبل رفع دعواه المدنية أمام المحكمة المدنية من مدى انفتاح الطريق الجنائي. وبناء على ذلك قضت محكمة النقض أنه إذا ما سلك المدعي المدني الطريق الجنائي ثم عدل عنه مسقطا حقه فيه فلا يجوز له العودة إليه مرة أخرى.

ثالثا: وحدة الدعويين في كل من الخصوم والسبب والموضوع

 

يشترط لسقوط حق المدعي المدني وحدة الخصوم والسبب والموضوع، بين الدعويين الجنائية والدعوى المدنية التبعية فإذا اختلفت الدعويان في أحد هذه العناصر ظل حقه في الالتجاء إلى القضاء الجنائي قائما. ومن أمثلة اختلاف الخصوم، أنه يجوز للزوج أن يدعي مدنيا أمام المحكمة الجنائية ضد المتهم بجريمة القذف في حق زوجته للمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر أدبي شخصي من هذه الجريمة، وذلك رغم أن زوجته قـــد أقامت أمام المحكمة

المدنية دعوى تطالب فيها المتهم بتعويض ما لحقها من ضرر بسببهذه الجريمة كما أن رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية على المسئول عن الحقوق المدنية لا يسقط حق المدعي في رفع هذه الدعوى على المتهم، وذلك لعدم وحدة الخصوم. ويجوز إدخال المسئول عن الحقوق المدنية في هذه الحالة لأن الخصم الحقيقي أمام القضاء الجنائي هو المتهم، وهو لم يكن مختصما أمامالقضاء المدني. هذا فضلا عن اخلاف السبب في الدعويين.

أمثلة اختلاف السبب كذلك أن يرفع المدعي دعواه أمام المحكمة المدنية مطالبا برد الوديعة، ثم يرفع أمام المحكمة الجنائية دعوى مدنية للمطالبة بتعويض ما ومنأصابه من ضرر بسبب تبديد هذه الوديعة.

 

وكذا يتضح اختلاف الموضوع مما قضت به محكمة النقض من أن دعوى إشهار الإفلاس تختلف موضوعا وسببا عن دعوى التعويض عن جنحة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم، إذ تستند الأولى إلى حالة التوقف عن دفع الديون وتستند الثانية إلى الضرر الناشئ عن الجريمة لا إلى المطالبة بقيمة الدين محلالشيك.

 

وأيضا فإن رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية للمطالبة بقيمة الدي المثبت في الشيك موضوع الدعوى لا يسقط حق المدعي المدني في المطالبة أمام المحكمة الجنائية بتعويض الضرر من عدم قابلية الشيك للصرف. وكذلك الشأن، فإن دعوى الطرد للغصب أمام القضاء المدني تختلف في موضوعها عن الدعوى المدنية المقامة أمام القضاء الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن تزوير عقد الإيجار واستعماله. كما أن الدعوى المدنية بطلب

فسخ عقد البيع والتعويض عن هذا الفسخ تختلف في موضوعها عن الدعوى المباشرة بطلب تعويض الضرر الناشئ عن جنحة النصب بالتصرف في عقار ليس ملكا له. كذلك فإن الدعوى المدنية أمام القضاء المستعجل لاتخاذ تدبير وقتي لا يحول دون صحة الالتجاء إلى الطريق الجنائي، وذلك لاختلاف الموضوع. كذلك فإنالدعوى التي ترفعها الزوجة أمام القضاء المدني ضد زوجها لتسليمها منقولات الزوجية تختلف عن دعواها بالتعويض عن تبديد هذه المنقولات أمام المحكمةالجنائية.

 

أما إذا كانت الواقعة التي يستمد منها الطاعن حقه في طلب التعويض في الدعويين الدعوى المدنية التي أقامها أمام المحكمة المدنية والدعوى المدنية التبعية التي أقامها أمام المحكمة الجنائية واقعة واحدة سقط حق المدعي المدني في الاختيار، ولو كان المدعي المدني يستند في طلب التعويض إلى اتفاق بينه وبين المطعون ضده، مادامت الواقعة المنشئة لحقه في التعويض واحدة في الدعويين، وهي مخالفةالقانون.

ماهو طبيعة الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي

 

متي سقط حق المدعي في اختيار الطريق الجنائي، فإن الدعوى المدنية التبعية أمــام القضاء الجنائي تكون غير مقبولة. وبالنظر إلى المصالح المدنية للمتهم التي تحميها هذه الدعوى، فإن الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي ليس من النظام العام لتعلقه بالحقوق المدنية، فهو يسقط بعدم إبدائه قبل الخوض في

موضوع الدعوى. فلا يجوز للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه، بل يتعين أن يتمسك به صاحب الشأن، وهو إما المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية

وبطبيعة الحال لا يجوز للنيابة العامة الدفع به كما لا يقبل الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.

ماهى إجراءات الادعاء المدني

ماهى اجراءات رفع الدعوى المدنية التبعية

 

إذا توافرت صفة الخصوم، فإنه يتعين لتحقيق الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي اتخاذ إجراءات معينة ليدخل هذا الادعاء في حوزة القضاء الجنائي. وهي شروط لقبول الدعوى المدنية التبعية أمام هذا القضاء. فما الجهة التي يجوز الادعاء المدني أمامها، وما كيفية هذا الادعاء؟ وما آثار قبوله؟ وأخيرا ماذا لو ترك المدعي المدني دعواه المدنية التبعية؟

ماهى الجهة التي يدعى أمامها

١ – جهة جمع الاستدلالات

يقبل الادعاء المدني بعد نشوء الخصومة الجنائية، وقد نصت المادة ٢٧/١إجراءات على أنه يجوز لكل من يدعي حصول ضرر له من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية في الشكوى التي يقدمها إلى النيابة العامة، أو إلى أحدمأموري الضبط القضائي.

 

وهنا، يلاحظ أن هذا الادعاء لا ينتج أثره مادامت الخصومة الجنائية لم تنشأ بعد، وعند مباشرة أحد إجراءات التحقيق يقرر قضاء التحقيق ممثلا في النيابة العامة بحسب الأصل قبول هذا الادعاء المدني. ولذلك نصت الفقرتان الثانية

والثالثة من المادة ٢٧ إجراءات على أنه في حالة الادعاء المدني أمام مأمور الضبطالقضائي يقوم المأمور المذكور بتحويل الشكوى إلى النيابة العامة مع المحضر الذي يحرره. وعلى النيابة العامة عند إحالة الدعوى إلى قاضي التحقيق أن تحيل معهاالشكوى المذكورة.

٢ – أثناء التحقيق الابتدائي

 

يجوز الادعاء المدني أمام النيابة العامة وقاضي التحقيق عند توليهما التحقيق. وإذا تم الادعاء أمام النيابة العامة أثناء التحقيق فإنها تفصل في قبوله خلال ثلاثة أيام من تقديم هذا الادعاء، ولمن رفض طلبه الطعن في قرار الرفض أمام

محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة خلال ثلاثة أيام من وقت إعلانه بالقرار (المادة ۱۹۹ مكررا). ولا يشترط أن يكون قبول الادعاء بقرار صريح، فيعد قبولا للدعوى المدنية إعطاء المدعي المدني كافة الحقوق المترتبة على ادعائه مثل السماح له بحضور إجراءات التحقيق (المادة ٧٧ إجراءات).

 

ولا تتقيد محكمة الموضوع بقبول الادعاء المدني أو رفضه، حيث نصت المادة٢٥٨ إجراءات على أن القرار الصادر من قاضي التحقيق بعدم قبول المدعي بالحقوق المدنية لا يمنعه بعد ذلك من الادعاء مدنيا أمام المحكمة الجنائية أو

من رفع الدعوى أمام المحكمة المدنية، ولا يترتب على القرار الصادر من المحكمة بقبول الدعوى المدنية بطلان الإجراءات التي لم يشترك فيها المدعي بالحقوق المدنية قبل ذلك، والقرار الصادر من قاضي التحقيق بقبول المدعي بالحقوق المدني لا يلزم المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى.

 

ولا يشترط أن يعلن المدعي المدني طلبه هذا إلى المتهم، فعلمه به متحقق من كون التحقيق يجري في مواجهته ومن حقه الاطلاع عليه.

ويلاحظ أن قبول الادعاء المدني في أثناء التحقيق الابتدائي ينصرف إلى صفة المدعي المدني بوصفه المضرور من الجريمة، ولكنه لا يفصل في مدى توافر ضرر فعلي، اكتفاء بمجرد ادعاء حصول هذا الضرر، فذلك أمر يدخل في الاختصاصالموضوعي للمحكمة.

٣- مرحلة المحاكمة

لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعي مدنيا لأول مرة أمام المحكمة المنظور أمامها الدعوى وفي أية حالة كانت عليها الدعوى حتى قفل باب المرافعة. وإذا كان المضرور قد ادعى مدنيا أمام قضاء التحقيق فإن الدعوى الجنائية تحال إلى قضاء الحكم ومعها الدعوى المدنية التبعية

شروط قبول الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجنائى

على أن قبول إجراءات الادعاء المدني أمام المحكمة مشروط بالشروط الآتية:

 

1 – أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة.

فإذا كانت هذه الدعوى غير مقبولة لعدم تقديم شكوى أو إذن أو طلب في الأحوال التي يوجبها القانون، أو بسبب سبق صدور أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية فإن الدعوى المدنية تكون غير مقبولة.

 

٢-ألا يترتب على هذا الادعاءالمدنى تأخير الفصل في الدعوى الجنائية (المادة ٢٥١إجراءات).

فالدعوى الجنائية هي الدعوى الأصلية أمام القضاء الجنائي، فلا يجوز تعطيلها بسبب دعوى مدنية تابعة لها، ويتحقق هذا التعطيل إذا تأخر المدعي المدني في اللحظة التي تتأهب فيها المحكمة للنطق بالحكم وطلب تأجيل

الدعوى لتقديم مستندات وكذلك الأمر إذا كانت أدلة الدعوى الجنائية قـد توافر أمام المحكمة واقتضى فحص الدعوى المدنية إجراء تحقيقات تكميلية قد يطول أمدها. وننبه إلى أن شريطة ذلك أن يكون الادعاء المطلوب مدنيا بحتا،

فإن كان الادعاء بطلب تعويض يعد في نظر القانون عقوبة تكميلية فلا يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضي بعدم الاختصاص وتحيله إلى المحكمة المدنية للفصل فيه.

وفي جميع الأحوال لا يقبل الطعن بالنقض من المدعي المدني الذي قضت المحكمة الجنائية بإحالة دعواه المدية إلى المحكمة المدنية المختصة لانعدام صفته في الطعن في الحكم الذي اقتصر على الفصل في الدعوى الجنائية.

 

3-لا يقبل الادعاء المدني لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية.

وعلة ذلك أن هذا الادعاء يفوت على المتهم فرصة التقاضي على درجتين، وعدم جواز إضرار المتهم بسبب طعنه. كما لا يجوز الادعاء المدني لأول مرة أماممحكمة أول درجة عند نظر المعارضة.

وغني عن البيان، فإنه إذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه ولو كـــان صادرا من محكمة الجنايات) وأعادت القضية إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها، فإنه لا يجوز الادعاء مدنيا لأول مرة أمام هذه المحكمة، وذلك لأنها تتقيد بحدود الدعوى كما طرحت عليها للمرة الأولى. فضلا عن مراعاة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه إذا كانت الإعادة بناء على نقض الحكم المطعون فيه من المتهم

 

وكما بينا لا يجوز الادعاء المدني أمام محكمة الطفل (المادة ۱۲۹ من قانون الطفل). ولا المحاكم العسكرية (المادة ٤٩ من قانون القضاء العسكري). أومحاكم أمن الدولة المنصوص الطوارئ (المادة ١١ من القرار بقانونرقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨).

 

 كيفية الادعاء المدني

 

١ – (أ) يتم الادعاء المدني أثناء التحقيق الابتدائي بتقديم المضرور طلبا بذلك إلى المحقق خلال التحقيق.

ويجوز أن يتقدم بطلبه أثناء مرحلة الاستدلالات بشكوى يقدمها إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي يطلب فيها التعويض (المادة ٢٧ إجراءات). فإذا خلت الشكوى من هذا الطلب اعتبرت مجرد بلاغ بالجريمة (المادة ۲۸ إجراءات). وأيا كانت السلطة التي تلقت الطلب، فإن قضاء التحقيــق وحده هو المختص بالفصل في قبول الادعاء المدني أثناء التحقيق الابتدائي.

 

ويلاحظ أن المادة ۷۱ إجراءات قد نصت على أن يفصل قاضي التحقيق نهائيا في قبول الادعاء المدني في التحقيق. هذا بينما أعطت المادة ١٩٩ مكررا إجراءات – للنيابة العامة مهلة ثلاثة أيام للفصل في قبول هذا الادعاء. ولمن رفض طلبه الطعن في قرار الرفض أمام محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، خلال ثلاثة أيام تسري من

وقت إعلانه بالقرار وننبه إلى أن الادعاء المدني لا يتم قانونا إلا في مواجهة متهم معين، فلا يقبل في مواجهة متهم مجهول. ويجوز الطعن في القرار السلبي الصادر من النيابة العامة بعدم قبول الدعوى المدنية التبعية إذا انقضت ثلاثة أيام من تاريخ الادعاء أمامها دون أن تفصل في قبوله وحرمت المدعي المدني من حقوقه الإجرائية المترتبة على هذا الادعاء.

 

(ب) أما الادعاء المدني أثناء المحاكمة فإنه لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور قرار بإقفال باب المرافعة طبقا للمادة ٢٧٥ إجراءات، ولا يقبل منه ذلك أمام المحكمة الاستئنافية (المادة ٢٥١/١إجراءات).

 

ويرجع حرمان المضرور من الجريمة من الادعاء المدني أمام المحكمة الاستئنافية إلى حرمان المتهم من إحدى درجات التقاضي فيما يتعلق بهذا الادعاء، وهو ما لا يسري بالنسبة إلى المعارضة لأنها تعيد الدعوى إلى حالتها الأولى، فلا يحرم المتهم بذلك إحدى درجات التقاضي.

 

ويحصل الادعاء مدنيا بإعلان المتهم على يد محضر أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إذا كان المتهم حاضرا، وإلا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته. فإذا كان قد سبق قبول الادعاء المدني في التحقيق الابتدائي، فإن إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية (المادة٢٥١/٢، ٣ إجراءات).

 

ولا يجوز الادعاء بالحقوق المدنية أمام محكمة الإعادة بعد نقض الحكم الصادر في الدعوى الجنائية وإعادة المحاكمة إذا كانت المحكمة الجنائية في ذات الدعوى الجنائية قد أحالت الدعوى المدنية التبعية إلى المحكمة المدنية المختصة إعمالا لنص المادة ۳۰۹ من قانون الإجراءات الجنائية لأن

الدعوى المدنية قدخرجت من حوزة المحكمة الجنائية بسبب إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة. كما لا يجوز أصلا الادعاء المدني لأول مرة أمام المحكمة الجنائية عند نظر الدعوى الجنائية بعد إعادتها إليها من محكمة النقض عند نقض الحكم الصادر فيها.

 

٢- في كلتا الحالتين السابقتين، يجب على المدعي بالحقوق المدنية أن يدفع الرسوم القضائية (المادة ٢٥٦ إجراءات).

 

وذلك وفقا لما نص عليه المرسوم بقانون رقم ۹۰ لسنة ١٩٤٤ بشأن الرسوم القضائية فيما يتعلق بتقديم هذه الرسوم وكيفية تحصيلها (المادة ٣١٩ إجراءات). وعليه أيضا أن يودع مقدما الأمانة التي تقدرها النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو المحكمة على ذمة أتعاب مصاريف الخبراء والشهود وغيرهم. وعليه كذلك إيداع الأمانة التكميلية التي قد

تلزم أثناء سير الإجراءات (المادة ٢٥٦ إجراءات). والالتزام بسداد الرسوم القضائية أو الأمانة يمثل علاقة مديونية بين المدعي المدني، والدولة وقد ذهبت محكمة النقض إلى حد اعتبار هذا الالتزام شرطا لصحة الادعاء المدني أو إجراءات المحاكمة.

ولكن وجوب اعتباره شرطا لاستيفاء الدعوى مقومات قبولها عند دخولها حوزة المحكمة، وذلك بحسب أن ل لالتزام بسداد الرسوم القضائية أثرا إجرائيا في قبول الدعوى المدنية وليس محض التزام مدني لا يؤدي الإخلال به إلى

البطلان، مادام الهدف من الدعوى التبعية هو حماية مصالح شخصية بحتة للمدعي المدني، يدفع عنها رسوما إذا التجأ إلى الطريق المدني. ويترتب على الإخلال هذا الالتزام – في رأينا – هو عدم دخول الدعوى المدنية في حوزة المحكمة عند الفصل في الدعوى الجنائية.

وطبقا للمادتين ۳۲۰ و۳۲۱ إجراءات، إذا حكم بإدانة المتهم في الجريمة وجب الحكم عليه للمدعي المدني بالمصاريف التي تحملها وبأن يعامل المسئول عن الحقوق المدنية معاملة المتهم فيما يختص بمصاريف الدعوى.

وطبقا للمادة ١٨٤ مرافعات، إذا تعدد المحكوم عليهم جاز الحكم بقيمة المصاريف بينهم بالتساوي أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة، ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه”. إذا قضي ببراءة المتهم فلا يجوز الحكم عليه بالمصروفات المدنية حتى ولو قضت المحكمة بإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة أخرى لأن هذا الحكم الأخير لا يعدفاصلا في الدعوى المدنية.

ترك الدعوى المدنية

 

يجوز للمدعي المدني أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى المدنية التبعية المادة ٢٦٠ إجراءات). ويستوي في ذلك أن يتركها أمام قضاء التحقيق أو قضاء الحكم.

ويقصد بالترك في هذا الصدد التنازل عن الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي، دون التنازل عن الحق المدني

والترك قد يكون حقيقيا أو حكميا، فيتحقق الترك الحقيقي بكل عمل يصدر والترك قد من المدعي المدني يعبر فيه عن رغبته في التنازل عن الدعوى.

فإذا كان هذا التنازل مشوبا بالغلط، فإن ترك الدعوى المدنية التبعية يكون باطلا عدم الأثر.

 

ولا يشترط لتحقيق الترك الحقيقي أن يلتزم المدعي المدني باتباع إجراءات ترك الخصوم المنصوص عليها في قانون المرافعات، وذلك لأن قانون الإجراءات الجنائية قد أعاد تنظيم الترك بإجراءات خاصة، فنص على الترك الحكمي للدعوى، وهي صورة لا يعرفها قانون المرافعات.

 

ويتحقق الترك الحكمي – كما نصت المادة ٢٦١ إجراءات – بعدم حضور المدعي أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو بعد إرساله وكيلا عنه، وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة، والغرض من إعلان المدعي المدني

 

لشخصه هو التحقق من علمه بالجلسة. ويقوم مقامه – من قبيل القياس – أن يكون المدعي المدني حاضرا في الجلسة التي صدر فيها قرار التأجيل إلى جلسة أخرى غاب عنها المدعى المدني لأن سماعه تاريخ الجلسة بنفسه هو أقوي من الإعلان وكذلك الشأن حين يكون المدعي المدني هو الذي حدد في صحيفة دعواه الجلسة التي تنظر فيها الدعوى،

كما هي الحال في الدعوى المباشرة. وقد قضت محكمة النقض أنه لا يكفي مجرد علمه بالجلسة المستفاد من توقيع وكيله على التقرير بالاستئناف.. ولا يسري هذا الترك الحكمي على الدعوى المدنية التبعية عند نظرها أمام محكمة الجنح المستأنفة إذا كان المتهم أو المسئول عن الحقوق المستأنف لأن الدعوى المدنية التبعية تكون

مرفوعة أمام محكمة الاستئناف المدنية هو رغم إرادة المدعي المدني، فلا يفسر أي إجراء من جانبه بمعنى الترك. وإذا كان المدعي المدني هو المستأنف، فلا يجوز إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة الاستئنافية أن تقضي بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي قضى برفض دعواه المدنية.

وننبه إلى أن الترك الحكمي لا يعد تركا ضمنيا، لأن هذا الترك ينتج أثره ولو أفصح المدعي المدني عن رغبته في عدم الترك. وفي جميع الأحوال، فإن الترك الحكمي لا ينتج أثره إلا إذا قررت المحكمة إثبات هذا الترك عند عدم حضور المدعي المدني. فإذا حضر قبل نهاية الجلسة وقبل إثبات المحكمة تركه للدعوى، فإنه لا يعد تاركا لهذه الدعوى.

أثر ترك الدعوى المدنية التبعية

يترتب على ترك الدعوى المدنية التبعية التنازل عن كافة إجراءاتها التي باشرها المدعي المدني أمام القضاء الجنائي، والحصار سلطة المحكمة تبعا لذلك عن الفصل فيها بحيث تقتصر مهمتها على مجرد إثبات حصول هذا الترك.

ولا يؤثر الترك في الحق المدني، فيحوز للمدعي المدني المطالبة به أمام القضاء المدني ما لم يقرر أن يكون تركه شاملا لكل من الدعوى والحق المادة ٢٦٢ إجراءات). وإذا ترك المدعي المدني الدعوى المدنية التبعيةأمام المحكمة الجنائية سقط حقه في الدعوى المدنية التبعية أمام المحكمة الجنائية، مادامت هذه المحكمة قد حكمت بالترك، فلا يجوز له أن يعودلدعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية مرة أخرى.

 

ولا يشترط لكي ينتج الترك أثره قبول المتهم أو التمسك به أمام المحكمة، بل يتعين على المحكمة أن تقرر ثبوته من تلقاء نفسها. ولا يجوز للمتهم أن يدفع لأول مرة أمام محكمة النقض بأن المدعي المدني قد ترك الدعوى المدنية التبعية ما لم تكن الأوراق تشهد بذلك دون حاجة إلى تحقيق موضوعي. كما لا يجوز استئناف الحكم بترك الدعوى المدنية التبعية لأنه غير فاصل في الموضع.

أ-الدعوى الجنائية

 

يقتصر الترك على الدعوى المدنية التبعية فهو لا يؤثر – كما نصت المادة ٢٦٠ إجراءات) على الدعوى الجنائية. كما أنه في الجرائم التي علق فيها القانون تحريك الدعوى الجنائية على شكوى المجني عليه فلا يؤدي ترك الدعوى المدنية التبعية المرفوعة منه إلى انقضاء الدعوى الجنائية ما لم يصرح المدعي المدني بتنازله عن شكواه فيكون التنازل عن الشكوى هو سبب انقضاء الدعوى الجنائية وليس ترك الدعوى المدنية التبعية.

 
أثر ترك الدعوى المدنية التبعية في حالة الدعوى الجنائية المباشرة

 

لاحظ المشرع بالقانون رقم ١٧٤ لسنة ۲۰۰٦ أنه في حالة الادعاء الجنائي المباشر ينم ترك الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي عن رغبة المدعي المدني في عدم الاستمرار في دعواه المباشرة التي يشترط فيها وجود الدعوى المدنية التبعية، فأحدث تعديلا بالفقرة الثانية من المادة ٢٦٠ المذكورة بمقتضاه إذا كانت الدعوى الجنائية قد

رفعت بطريق الادعاء المباشر، فإنه يجب في حالتي ترك الدعوى المدنية التبعية واعتبار المدعي المدني تاركا لدعواه المدنية الترك الضمني – الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة الفصل فيها. ويترتب على الحكم بترك الدعوى الجنائية سقوط حق المدعي نفسه في الادعاء مدنيا عن ذات الفعل أمام المحكمة الجنائية (المادة ٢٦٠/٣ إجراءات).

 

وقد قضت محكمة النقض أن تعديل المادة ٢٦٠ إجراءات على النحو المتقدم بانه قد أتى بحكم إجرائي يسري على كل دعوى قائمة وقت نفاذه عملا بالمادة الأولى من قانون المرافعات. وترتيبا على ذلك قضت محكمة النقض من تلقاء

نفسها بنقض الأحكام وبعدم جواز الطعون التي يسري عليها هذا النص لمصلحةالمتهم طبقا للمادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض.

 

وبناء على ما تقدم تترتب على ترك الدعوى المدنية التبعية في حالة الدعوى الجنائيةالمباشرة الآثار الآتية: –

١-وجوب الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة الفصل في هذه الدعوى. ولا يشترط لبقاء الدعوى الجنائية في هذه الحالة قبول المتهم، بل تستمر الدعوى الجنائية مادامت قد رفعت صحيحةمن خلال إجراءات الادعاء المباشر.

٢-يترتب على ترك الدعوى المدنية التبعية استبعاد المسئول عن الحقوق المدنية من الدعوى، إذا كان دخوله فيها بناء على طلب المدعي. فلا يقي هذا المسئول بعد الترك إلا في حالتين إذا تدخل من تلقاء

نفــــــه خصما منضما إلى المتهم وفقا للمادة ٢٥٤ إجراءات، وإذا كان قد أدخل بمعرفة النيابة للحكم عليه بالمصاريف المستحقة للحكومة وفقاللمادة ٢٥٣ إجراءات.

ولا يمحو ترك الدعوى المدنية التبعية مسئولية المدعي المدني بسبب إقدامه على رفع الدعوى المدنية التبعية. ولذلك نصت المادة ٢٦٠ إجراءات على أن المدعي المدني يلتزم بدفع المصاريف السابقة على الترك مع عدم الإخلال بحق المتهم في التعويضات إنكان لها وجه.

٣-وفقا للقواعد العامة لا يترتب على ترك الدعوى المدنية التبعية أثر على الحقوق المدنية للمدعي المدني، ولكنه لا يستطيع الادعاء المدني مرة أخرى أمام المحكمة الجنائية تبعا للدعوى الجنائية التي ترفعها النيابةالعامة عن ذات الجريمة. كل ما له هو الالتجاء إلى القضاء المدني (المادة ٣٦٢ إجراءات)،

ما لم يكن حين ترك دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى كما أنه إنا طلبت النيابة العامة الفصل في موضوع الدعوى الجنائية رغم ترك المدعي المدني الادعاء المباشر ل الدعوى المدنية التبعية، ثم قضت المحكمة الجنائية بالبراءة، فإن هذا الحكم يجوز حجيته أمام القضاء المدني في الحدودالتي نصت عليها المادة ٤٥٦ إجراءات.

 

الحكم في الدعوى المدنيةالتبعية

 

متي رفعت الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية، التزمت المحكمة بالفصل في الدعويين معا بحكم واحد وأساس ذلك هو تبعية الدعوى المدنية التبعية للدعوى الجنائية. وقد أكدت المادة٢٠٩/١ إجراءات هذا المبدأ فنصت على أن كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم. وهو مبدأ عام يسري على جميع انواع المحاكم الجنائية

 

ومع ذلك، فقد قضت محكمة النقض أنه إذا ثبت أن المحكمة الجنائية حين فصلت في الدعوى الجنائية قد أغفلت الفصل في الدعوى المدنية التبعية، فإن اختصاصها بنظر هذه الدعوى المدنية التبعية يكون باقيا بالنسبة لها، وذلك طبقا لقاعدة إجرائية عامة نص عليها قانون المرافعات في المادة ۱۹۳ منه تقضي أنه إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه بالحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه ولا يجوز

له الطعن بالنقض بسبب هذاالإغفال لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية التبعية. ولا يصح القول – كما قضت محكمة النقض – بأن قضاء الحكم بالبراءة في الدعوى الجنائية يتضمن لزوما وحتما قضاء برفض الدعوى المدنية التبعية، ذلك أن مناط حجية هذا القول إن يكون القضاء بالبراءة في الدعوى الجنائية أساسه عدم ثبوت الواقعة باعتبارها الأساس المشترك للدعويين الجنائية والمدنية أو عدم صحتها.

 

ويجدر التنبيه إلى أنه إذا أخطأت المحكمة الجنائية وفصلت في الدعوى الجنائية وأجلت الفصل في الدعوى المدنية التبعية إلى جلسة أخرى لإجراء تحقيق بها، فإن هذا التأجيل لا يعد مجرد إغفال وسهو منها، بل هو خطأ إجرائي يمس واجبها في الفصل في الدعويين الجنائية والمدنية في آن واحد لكن هذا الخطأ لا يؤثر في صحة الحكم

الجنائي، كل ما هنالك أن المحكمة الجنائية يزول اختصاصها عن الدعوى المدنية التبعية فلا تملك أن تفصل فيها بعد ذلك وعليها أن تحيلها إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف.

 

ويلاحظ أيضا أنه وإن كانت المادة ٣٣٩/١إجراءات قد اقتصرت علـــى وجوب الفصل في موضوع الدعويين الجنائية والمدنية بحكم واحد، لكن مبدأ تبعيةالدعوى المدنية للدعوى الجنائية يؤدي أيضا إلى وجوب الفصل في الدعويين معا في المسائل الإجرائية المتعلقة بعدم القبول أو بعدم الاختصاص

متى يتم إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية

 

استثناء من المبدأ المتقدم نصت الفقرة الثانية من المادة ٣٠٩ إجراءات على أنه إذا رأت المحكمة أن الفصل في التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص عليه إرجاء الفصل في الدعوى، فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى المدنية التبعية إلى المحكمة المدنية بـــلا مصاريف. فإذا اقتصرت المحكمة على الحكم في هذه الحالة بعدم الاختصاص فإنها تكون

قد أخطأت لأنه كان عليها أن تحكم بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، وفي هذه الحالة يتعين على محكمة النقض عند الطعن في الحكم الصادر بعدم الاختصاص أن تصحح هذا الخطأ والحكم بمقتضى القانون.

 

ويتفق هذا النص مع ما نصت عليه المادة ٢٥١/٤ إجراءات من أنه لا يجوز أن يترتب على تدخل المدعي بالحقوق المدنية تأخير الفصل في الدعوى الجنائية، وإلا حكمت المحكمة بعدم قبول تدخله. والفرق بين النصين يبدو في أنه

إذا تبينت المحكمة قبل تحقيق الدعوى الجنائية أن الدعوى المدنية التبعية أمامها سوف يؤخر الفصل فيها، فإنها تقضي بعدم القبول. هذا بخلاف ما إذا تبينت بعد استكمال تحقيق الدعوى الجنائية أن الأمر يحتاج إلى تحقيق خاص بالدعوى المدنية، ففي هذه الحالةتقضي بإحالتها إلى المحكمة المدنية لا بعدم قبولها.

 

ويشترط للحكم بالإحالة أن يكون للمحكمة الجنائية اختصاص بالفصل في الدعوى المدنية التبعية، فإذا كانت المحكمة قد برأت المتهم من التهمة المسندة إليه لعدم ثبوتها فإن ذلك يستلزم حتما رفض طلب التعويض. ولا محل حينئذ للتمسك  بطلب إحالة دعوى التعويض إلى المحكمة المدنية لأن ذلك محله حسبما نصت عليه المادة ۳۰۹

إجراءات – أن يستلزم الفصل في التعويضات إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية. وهذا مناطه أن يكون الاختصاص بالفصل في دعوى التعويض مازال منعقدا للمحاكم الجنائية. هذا فضلا عن أنه لا محل لهذه الدعوى محل عن فعل لا يعد جريمة أو لم يثبت في حق من نسب إليه.

 

وقد قضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن بالنقض في الحكم بإحالة الدعوى المدنية التبعية إلى المحكمة المدنية المختصة، لأنه غير منه للخصومة أو مانع من السير فيها، وإن قضى بالبراءة مادامت البراءة لم تبن على عدم حصول الواقعة أو عدم ثبوتإسنادها.

 

وتقدير ما إذا كان الفصل في التعويض يستلزم إجراء تحقيق ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية يعد مسألة موضوعية من إطلاقات محكمة الموضوع مثال ذلك أن ترى المحكمة أن تقدير التعويض يستلزم إجراء تحقيق خاص لتحديد قيمة الأموال المسروقة ومقدارها بالضبط. أو لتحديد صفة المدعين بالحق المدني، وهو ما لا يتسع له وقتها.

ولا يجوز للمحكمة إحالة الدعوى المدنية إلىالمحكمة المدنية بناء على ارتباطها بدعوى أخرى منظورة أمام هذه المحكمة الأخيرة، لأن الإحالة للارتباط لم يسمح بما قانون الإجراءات ولا يجوز في هذا المجال تطبيق إحدى قواعد قانون المرافعات.

 

متى يتم الفصل في موضوع الدعوى المدنية دون الدعوى الجنائية

 

قلنا إنه عند بحث اختصاص المحكمة الجنائية ب الدعوى المدنية التبعية لابد أن تكون الدعوى الجنائية قائمة أمام المحكمة الجنائية حتى يتوافر هذا الاختصاص. وأهمية هذا المبدأ تبدو في الأحوال التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية. فهل يتعين في هذه الحالة انقضاء الدعوى المدنية التبعية تبعا لذلك؟

 

هذا هو الأصل العام، بناء على علاقة التبعية التي تربط الدعوى المدنية التبعية بالدعوى الجنائية. ولكن القانون رأى للحيلولة دون إطالة الإجراءات دون مبرر – الخروج على هذا الأصل ببعض الاستثناءات التي يجوز فيها الفصل في الدعوى المدنية وحدها رغم انقضاء الدعوى الجنائية. مما مقتضاه أن هذه الاستثناءات تفترض توافر علاقة التبعية بين

الدعوى المدنية التبعية والجنائية، فإذا لم تكن الدعوى الجنائية قد انقضت قبل رفعها إلى المحكمة فلا تكون هناك علاقة تبعية بين الدعوى المدنية التبعية والجنائية، لأنها انقضت قبل اتصال المحكمة الجنائية ب الدعوى المدنية التبعية. ومقتضى ذلك عدم جواز الفصل في الدعوى المدنية التبعية وحدها.

استثناءات

(أولا) نصت المادة٢٥٩/٢ إجراءات على أنه إذا سقطت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية التبعية المرفوعة معها.

 

ويقتضي ذلك أن تكون الدعوى المدنية التبعية قد رفعت علـــى وجــــه سليم أمام المحكمة الجنائية، ثم تنقضي بعد ذلك الدعوى الجنائية لسبب طارئ بعد رفعها من الأسباب الخاصة بها، كوفاة المتهم أو العفو الشامل عنه أو مضــــي المدة. وفي هذه الأحوال تنقضي الدعوى الجنائية بقوة القانون ويكون الحكم الصادر بانقضائها مقررا لا منشئا.

 

ويستبعد من نطاق هذه الأحوال انقضاء الدعوى الجنائية بسبب الفصل في موضوعها، فإنه يزيل عن المحكمة الاختصاص بالفصل في الدعوى المدنية التبعية. ويعد من قبيل ذلك الحكم الصادر بالبراءة بناء على قانون يجعل الواقعة غير معاقب عليها، لأن تطبيق هذا القانون الأصلح بأثر رجعي يتم وفقا لأحكام قانون العقوبات (المادة ٥ عقوبات) ولا وجه لتشبيه هذه الحالة بالعفو الشامل، لأن قانون العفو الشامل ينتج أثره في انقضاء الدعوى الجنائية

بقوة القانون، لأنه يشمل كلا من حق الدولة في العقاب وحقها في الدعوى الجنائية. هذا بخلاف القانون الذي يجعل الواقعة غير معاقب عليها، فإنه يمس حق العقاب ولا يؤدي إلى انقضاء الدعوى، بل يتعين صدور حكم فيها بتطبيق هذا القانون الجديد بأثر رجعيوفي الأحوال التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بعد رفعها دون الفصل فيها تلتزم المحكمة الجنائية بالفصل في الدعوى المدنية،

إذا كانت الدعوى قد لهيات للحكم في موضوعها طبقا للمادة ۱۳۱ من قانون المرافعات. ولا تملك إحالتها إلى المحكمة المدنية، لأن سلطتها في الإحالة لا تتوافر إلا عندما تنظر الدعوى الجنائية ويؤدي الفصل في الدعوى المدنية إلى إجراء تحقيق يعطل الفصل في الدعوى الجنائية.

(ثانيا) قد يطعن المدعي المدني أو المسئول عن الحقوق المدنية وحده في الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية، سواء بطريق الاستئناف أو النقض.

وكذلك أيضا فقد يقتصر المتهم على الطعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية فقط. وعندئذ تطرح الدعوى المدنية وحدها أمام المحكمة الاستئنافية أو أمام محكمة النقض حسب الأحوال.

 

وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن هذا الحق في الطعن جائز ولو كان الحكم في الدعوى الجنائية قد أصبح غير قابل للطعن وحاز قوة الأمر المقضي. وفي هذه الحالة فإن طرح الدعوى المدنية التبعية وحدها أمام محكمة الجنح لا يمنع هذه المحكمة من أن تعرض لبعض عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق

المتهم، وذلك لأن الدعويين الجنائية والمدنية وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد، لكن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي.

ولا يحول دون ذلك أن يترتب في النهاية تناقض بين الحكمين الجنائي والمدني في دعويين تجمعهما وحدة المصدر وهـو الجريمة. وقد وصل الأمر إلى حد أن محكمة النقض أجازت أن تبحث محكمة الجنح المستأنفة من جديد في مدى قبول الدعوى الجنائية رغم صدور حكم بات في موضوعها كل ذلك لكي تتوصل في النهاية إلى الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها بناء على دعوى جنائية غير مقبولة.

هل يجوز الحكم بالتعويض رغم الحكم ببراءة المتهم

 

لا خلاف في أنه رغم الإدانة فيجوز للمحكمة أن تقضي برفض الدعوى المدنية التبعية، لأنه لا تلازم بين العقوبة والتعويض، فقد ترى المحكمة مثلا أن المدعي المدني لم يصبه ضرر حقيقي من الجريمة. إنما يدق البحث في الصـورة العكسية حينما تقضي المحكمة بالبراءة، فهل يجوز في هذه الحالة الحكم بالتعويض؟

 

كان قانون الجنايات ينص صراحة في المادة ١٧ على أنه إذا كانت الواقعة غير ثابتة ولا يعاقب عليها القانون أو سقط الحق في إقامة الدعوى بها بمضي المدة الطويلة يحكم القاضي ببراءة المتهم ويجوز له أن يحكم بالتعويضات التي يطلبها بعض الخصوم. وجاء قانون الإجراءات الجنائية الحالي فأغفل هذا النص، فما أثر هذا الإغفال؟

 

لا صعوبة أولا بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، فكما بينا فيما م أنه لا يؤثر في سلطة المحكمة في الفصل في الدعوى المدنية التبعية، وذلك متى كان تقدم مضي المدة سببا طارئا على الدعوى الجنائية. أما بالنسبة إلى غير ذلــك مـن الأسباب، فلا يجوز كمبدأ عام السماح إلا إذا اتفقت مع القواعد العامة لاختصاص القضاء الجنائي بالفصل في الدعوى المدنية التبعية.

 

وقد سبق أن أكدنا فيما تقدم على أن هذا الاختصاص مشروط بشروط معينة هي وقوع الجريمة وتسببها المباشر في الضرر. فإذا تخلف أحد هذه الشروط أصبحت الدعوى المدنية التبعية بمنأى عن ولاية القضاء الجنائي. وهذا هو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض الفرنسية بادئ الأمر، إلى أن اتجهت بعد ذلك إلى تقرير اختصاص المحكمة بالفصل في موضوع الدعوى المدنية في هذه الحالة أسوة بالفصل في موضوع الدعوى الجنائية،

على أساس أن المدعي المدني يسهم مــع النيابة العامة في تقديم الدليل على وقوع الجريمة، ومن ثم يكون فصل المحكمة واحدا في موضوع الدعويين الجنائية والمدنية. وقد انتقد هذا القضاء على أساس أن الحكم الجنائي هو شرط مفترض لا غنى عنه لفحص اختصاص المحكمة بالدعوى المدنية.

 

والواقع من الأمر، أنه إذا كانت البراءة لا تمس شروط اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية التبعية – فلا يوجد ما يحول دون الحكم في موضوع الدعوى المدنية.

 

وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية التبعية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوعالدعوى الجنائية وصحة نسبته إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة، ولهذا فإن الحكم بالبراءة لعدم ثبوت التهمة يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم. فإذا لم يثبت للمحكمة الجنائية ارتكاب المتهم خطأ جنائيا رفعت به الدعوى – تعين عليها أن تحكم في وقت واحد ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية،

وليس لها أن تحكم بعدم الاختصاص، لأن المحكمة الجنائية كانت مختصة بالفصل في الدعوى مادام التعويض مؤسسا على جريمة منسوبة إلى المتهم، لكنها ملزمة بالحكم بعـدم الاختصاص إذا كان هناك خطأ منسوب إلى المتهم ومنفصل عن الجريمة التي لمتثبت في حقه، وهذا ما قضت به محكمة النقض.

 

هذا بخلاف ما إذا كان الحكم بالبراءة مبنيا على أن الواقعة المرفوعة بها الدعوي الجنائيةهي منازعة مدنية أساسها عقد شركة بين المدعي والمدعى عليه، فإن القضاء بالبراءة لهذا السبب يلزم عنه الحكم بعدم الاختصاص بالفصل في الدعوىالمدنية.

 

أما الأحوال التي يتصور فيها الحكم بالتعويض رغم الحكم بالبراءة، فهو توافر مانع من موانع العقاب. فعند توافر هذا المانع، يتعين الحكم بإعفاء المتهم من العقوبة رغم إدانته بثبوت الجريمة المنسوبة إليه وانعقاد مسئوليته النائية عنها ولا. بعد الحكم بالبراءة إلا إعفاء من العقوبة رخص به القانون للمحكمة

كما في المادتين ١٠٧ مكررا و٢٠٥من قانون العقوبات هذا بخلاف الحال إذا بنين البراءة على أن الواقعة المدعاة لا تعد جريمة يتعين الحكم بعدم اختصاص المحكمة المدنية بنظر التعويض المترتب على الخطأ الذي تنطوي عليه هذه الواقعة.

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .