جنائي

الدفوع فى جرائم المخدرات

الدفوع فى جرائم المخدرات

 

الدفوع فى جرائم المخدرات:  تحتل الدفوع فى جرائم المخدرات حيزا كبيرا أمام القضاء عند التطبيق العملي. وتشمل الدفوع فى جرائم المخدرات طائفة كبيرة من الدفوع، منها الدفع بانتفاء الركن المفترض في جرائم المخدرات، والدفع بانتفاء القصد الجنائي العام والخاص، فضلا عن الدفع بانتفاء الركن المادي في جميع جرائم المخدرات، وغيرها من الدفوع التي سوف تكون  حيزا كبيرا أمام القضاء عند التطبيق العملي.

الدفوع الموضوعية فى جرائم المخدرات

 

 

من الدفوع فى جرائم المخدرات : الدفع بانتفاء الركن المفترض في جرائم المخدرات

 

 

أولاً: النص القانوني الذي يحكم الدفع:

نصت المادة لأولى من قانون المخدرات على أنه ” تعتبر جواهر مخدرة في تطبيق أحكام هذا القانون المواد المبينة في الجدول رقم الملحق به، ويستثنى منها المستحضرات المبينة بالجدول رقم.

كما نصت المادة ٣٢ من قانون المخدرات على أنه ” للوزير المختص بقرار بصدره أن يعدل في الجداول المحلقة بهذا القانون بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب الواردة بها.

 

ثانياً: المبادئ القانونية التي تحكم الدفع:

١-أن المشرع لم يضع تعريفاً معيناً للمواد المخدرة ولكنه أورد هذه المواد على سبيل الحصر في جداول خاصة تم إلحاقها بالقانون وبلغت ستة جداول.

٢-أن الركن المفترض في جرائم المخدرات هو وجود المخدر بمعناه ومفهومه الواردين بنص المادة الأولى من قانون المخدرات وبالجداول الملحقة بالقانون، ومن ثم فإن الدفع بانتفاء الركن المفترض هو الوجه الآخر للدفع بعدم وجود جريمة في الأوراق اعتبارا بأن المادة المضبوطة ليست من الجواهر المخدرة أو لأنها من المستحضرات الطبية المباحة قانوناً.

٣- أن كمية المخدر ليست من أركان الجريمة ومن ثم فإن عدم بيان الكمية لا

يمنع من العقاب مهما كانت ضالة الكمية متى كان له كيان مادي محوس أمكن تقديره.

ولكن تثار كمية المخدر بصدد تغيير الوصف والاتهام من جناية اتجار إلى تعاطى فقط لأن الكمية المضبوطة ضئيلة بدرجة لا يمكن تصور الاتجار فيها وإن تحقق التعاطي فقط، فكمية المخدر سواء كبيرة أو صغيرة ليست ركناً في الجريمة وبالتالي لا يوجد إلزام بتحديد ومعرفة مقدارها في الحكم. ولذلك قضت محكمة النقض بأنه متى ثبت للمحكمة أن المتهم ضبط وهو يدخن الحشيش، فإن ذلك يكفي لتوافر جريمة الاحراز للمادة المخدرة دون أن يضبط معه فعلاً عنصر من عناصرها كما لا يلزم لتوافر ركن الإحراز أن تضبط المادة المخدرة مع. المتهم بل يكفي أن تثبت أن المادة كانت معه بأي دليل.

أما يصدد ضبط المخدر فلقد ذهب البعض إلى أنه ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة لأنه يجوز للمحكمة أن تكون عقيدتها من أي دليل مطروح في الدعوى حتى ولو لم يتم يضبط المادة المخدرة.

وذهب رأى آخر إلى أن ضبط المخدر ضروري ولازم لصحة الحكم بالإدانة لأن القاضي ملزم ببيان نوع المخدر وهذا البيان يتطلب الاستعانة بآراء الخبراء وهذا لن يكون إلا بضبط المادة المخدرة

ونحن نؤيد الرأي الثاني لأنه من الناحية العملية لابد من ضبط المخدر وإذا لم يضبط المخدر تكون الواقعة مشكوكاً في صحتها، كما أن ذلك يترك الأمر لمأمور الضبط القضائي في أن يتصرف كيفما يشاء. وإذا أضفنا إلى ما سبق أن الطبيعة الخاصة الجرائم المخدرات تقتضي التأكد من ثبوت الواقعة بضبط المخدر، وأن المتهم قد يدفع بأن ما أشير إليه في التحقيقات، وما لم يضبط لم يكن مخدراً على الإطلاق. وفضلاً عن ذلك فإن تلك المشكلة لن تثار إلا في جريمتي الإحراز والتعاطي فقط، أما ما عدا ذلك فلا شك أنه يلزم بيان نوع المخدر وبيان ضبط المخدر وإلا كانت المسألة مجرد تقديرات لا تزيد عن مجرد شبهات فقط لا غير. ويلاحظ أنه في هذه الحالة لا يستحق الضابط مكافأة الضبط المنصوص عليها في المادة ٥٣ مخدرات لكل من وجد أو ساهم أو أرشد أو سهل أو اشترك في ضبط جواهر مخدرة، لأنه لم يضبط المادة المخدرة وإن تم ضبط الواقعة.

الدفع بانتفاء الركن المفترض في جرائم المخدرات

وأحيانا تعتبر كمية المخدر عنصراً في الجريمة، بحيث لا تقوم إذا لم تتوافر هذه الكمية التي نص عليها القانون.

مثال ذلك المادة٤٣/٣ من قانون المخدرات التي عينت نسب فروق الزن المتسامح فيها مع الأشخاص المرخص لهم بحيازة وإحراز المواد المخدرة، والجدول رقم (٤) المحلق بقانون المخدرات الذي بين الحد الأقصى لكميات الجواهر المخدرة الذي لا يجوز للأطباء البشريين وأطباء الأسنان الحائزين على دبلوم أو بكالوريوس تجاوزه في وصفة طبية واحدة. ففي هذه الحالات يجب على القاضي أن يبين كمية المخدر في حكم الإدانة، فإذا خلا حكمه من هذا البيان كان معيباً بالقصور متعينا نقضه وكذلك ينص الجدول رقم (۱) الذي أعيدت صياغته بقرار وزير الصحة رقم ٢٩٥ لسنة ١٩٧٦ على بعض النسب الخاص ببعض المواد المخدرة، ففيما يتعلق بالأفيون تعتبر مادة مخدرة كافة مستحضرات الأفيون المدرجة أو غير المدرجة في دساتير الأدوية والتي تحتوي على أكثر من ٢,. % من المورفين (بند 9 من الجدول)، وكذلك الشأن بالنسبة للمورفين (بند ٨٨ مــن الجدول). أما بالنسبة للكوكايين فقد نص على أنه يعتبر مادة مخدرة كافة مستحضرات الكوكايين المدرجة أو غير المدرجة في دساتير الأدوية التي تحتوي على أكثر من 1% من الكوكايين سواء صنعت من أوراق الكوكا (خلاصتها السائلة أو صبغتها) أو الكوكايين، ومخلفات الكوكايين في مادة غير فعالة سائلة لو صلبه أيا كانت درجة تركيزها (بند ٧٦ من الجدول)

وبناء عليه يجب لاعتبار المادة المضبوطة من المواد المخدرة المحظورة قانوناً أن يثبت للمحكمة أنها تحتوي على نسبة من المخدر تجاوز النسبة المسموح بها قانوناً.

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بان البين من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والذي تكفل ببين المواد المعتبرة مخدرة أنه في خصوص مادة المورفين، أن المشرع قد جرم حيازة هذه المادة وكافة أملاحها وكذلك كافة مستحضرات المورفين المدرجة أو غير المدرجة في دساتير الأدوية والتي تحتوى على أكثر من ٢% من المورفين، وكذلك مخففات المورفين في مادة غير فعالة سائلة أو صلبة أياً كانت درجة تركيزها، هذا ولم يورد مادة الكودايين على أنها من المواد المعتبرة مخدرة. وإذا كان مفاد ذلك أن مادة المورفين تعتبر مخدرة إذا كانت غير مختلطة بغيرها، أما حيث تختلط بمادة أخرى فإنه يتعين التفرقة بين ما إذا كانت هذه المادة فعالة أم غير فعالة، فإن كانت الأولى وجب أن تزيد نسبة المورفين في الخليط على ٢% حتى تعتبر في عداد المواد المخدرة، أما إن كانت الثانية أي اختلطت بمادة غير فعالة فحيازتها إثم معاقب عليه قانوناً مهما كانت درجة تركيزها. وإذ كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد رد الواقعة إلى أن ما ضبط لدى الطاعن هو سائل يحتوي على مادتي المورفين والكودايين، وحصل مؤدى تقرير التحليل بما مفاده احتواء هذا السائل على مادة المورفين ودون بيان ما إذا كانت المادة المضافة إليه فعالة أم غير فعالة، وقعدت المحكمة عن تقصى هذا الأمر عن طريق الخبير الفني مع وجوب ذلك عليها حتى تقف على ما إذا كانت المادة المضبوطة تعتبر مخدرة من عدمه، فإن حكمها يكون قاصر البيان.

وقضت بان الأمزجة والمركبات والمستحضرات المحتوية على مورفين لا تعتبر من المواد المخدرة إلا إذا كانت نسبة المورفين فيها اثنين في الألف على الأقل (وهذه النسبة كانت تنص عليها المادة الأولى من القانون الملغى رقم ٢١ لسنة۱۹۲۸) وهذا يقتضي أن يبين الحكم القاضي بالعقوبة على إحراز مركب من هذه المركبات نسبة المورفين فيه وإلا كان ناقص البيان واجباً نقضه.

أما إذا لم يشترط القانون نسبة معينة من المخدر، فلا تلتزم المحكمة ببيانها حتى ولو استدلت بالكمية المضبوطة على توافر قصد الاتجار لدى المتهم.

فمثلاً لم يشترط القانون نسبة معينة من المخدر في الحشيش، فإذا خلطت مادة الحشيش بمادة أخرى فلا أثر لذلك على وقوع الجريمة مهما كان مقدار الحشيش ضئيلاً، ولا تطالب المحكمة ببيان أية نسبة له في حكمها. وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه لما كانت مادة الديكسامفتامين” وأملاحها ومستحضراتها ق أضيفت بالقانون رقم ۲۰٦ لسنة ١٩٦٠ إلى الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون تحديد نسبة معينة لها، ولك على خلاف بعض المواد الأخرى، بما مفاده أن القانون يعتبر هذه المادة من الجواهر المخدرة بغض النظر عن نسبة المخدر فيها، ومن ثم فإن القول بضرورة أن يبين الحكم بالإدانة نسبة المخدر في تلك المادة لا سند له من القانون.

٤-يجب أن تتبين المحكمة كنه المادة المضبوطة وماهيتها للتأكد من أنها مادة مخدرة، فضلاً عن إسنادها إلى أحد الجداول الملحقة بالقانون.

٥- لا تستطيع المحكمة أن تترين أن المادة مخدرة من عدمه إلا عن طريق تحليلها لأنها من المسائل الفنية البحتة التي لا يجوز للمحكمة أن تبدى رأياً فيها. بنفسها، دون الرجوع إلى طريق التحليل التخصصي.

٦- إذا تبين أن المادة المضبوطة ليست مخدرا وليست من المواد المشار إليها بملاحق القانون فإنه لا توجد جريمة في الأوراق.

٧-أن النعي على المادة ۳۲ من قانون المخدرات بعدم الدستورية لا أساس له من الصحة طبقاً لما قررته المحكمة الدستورية العليا في هذا الصدد.

٨- لا يشترط لقيام الجريمة تحليل الكمية المضبوطة بالكامل، أو أن تكون المادة المضبوطة قد تركت أثراً بالشيء المضبوط فيه، أو بيان مدى مفعول المادة المخدرة، وما إذا كانت كافية للتخدير من عدمه.

٩-نؤكد على ما سبق وأن ذكرناه من أن ضبط المادة المخدرة بعد ضرورياً ولازماً لصحة الحكم بالإدانة لأن المحكمة ملزمة ببيان نوع المخدر الذي يتطلب الاستعانة بأهل الخبرة لن يتأتى ذلك إلا عن طريق ضبط المادة المخدرة، وهذا الرأي وإن كان يخالف ما ذهبت إليه أحكام النقض وبعض الفقه. إلا أن الواقع العملي يدحض ذلك، لأن محرر المحضر غالباً ما يكون هو الشاهد الوحيد في الواقعة، وبالتالي فإن الدليل الوحيد ضد المتهم في الدعوى والمطروح أمام المحكمة يكون – غالباً – مشكوكاً فيه.

١٠ – سلك المشرع المصري مسلكاً واضحاً لمعرفة المخدر موضع التجريم حيث حصر المواد المخدرة في جداول ملحقة بالقانون. وبالتالي فإن ذلك لا يمنح للمتهمين فرص الإفلات من العقاب إذا أنكروا علمهم بطبيعة المادة المخدرة ومفعولها. إذ يكفي للعقاب أن يدرك المتهم اسم المادة ولو جهل فعلاً أو زعم جهله بمفعولها.

١١ – للوزير المختص بقرار يصدر منه أن يعدل في الجداول الملحقة سواء بالحذف أو الإضافة أو التغيير للنسب الواردة بها.

وهذا الاختصاص الممنوح للوزير عملاً بالمادة ٣٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ دستوري، ومن ثم فإن ما يخرج عن حدود الجداول المحلقة من مواد مخدرة يخرج عن دائرة التجريم، ويلاحظ أن الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية بشأن تحريم المخدرات لا يلغى ولا يعدل أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها بل إن ما يصدر عن تلك الاتفاقيات مجرد دعوة للقيام بعمل منسق لمكافحة المخدرات.

١٢ – أنواع المخدرات الأكثر شيوعاً هي الحشيش والأفيون والقات وعقاقير الهلوسة. ويجب بيان نوع المخدر في الحكم الصادر بالإدانة وإلا كان الحكم باطلاً والمحكمة في ذلك يجب أن تستعين بأهل الخبرة، وتعتمد على الدليل الفني في ذلك. ١٣ – لا جريمة إذا اختلطت مادة المورفين بمادة أخرى فعالة ولم تزيد نسبة المورفين في الخليط على ٢%، ومن ثم لا تعتبر مخدرة.

١٤ – لا يلزم لإدانة المتهم أن تكون المادة المخدرة قد تركت أثراً في الشيء الذي ضبطت به ومتى أثبتت أن المادة المضبوطة من المواد المخدرة المشار إليها بالجدول الملحق بالقانون، فلا تثريب عليها إن هي لم تبين مفعولها وما إذا كانت كافية للتخدير من عدمه.

الدفع بانتفاء العلم بالمادة المخدرة

ثالثاً: الأحكام القضائية

(أ) المواد المخدرة وردت على سبيل الحصر:

لما كان قرار وزير الصحة رقم ٧٢ لسنة ۱۹۷۱ قد نص على أن يضاف إلى الجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات مادة الجلوتتميد وأملاحها ومستحضراتها “كالدودرين” وكانت المادة الأولى من القانون المذكور تنص على أن تعتبر جواهر مخدرة في تطبيق أحكام هذا القانون المواد المبينة في الجدول رقم (1) الملحق به ويستثنى منها المستحضرات المبينة بالجدول رقم (۲)، وتنص المادة الثانية منه على ان ” يحظر على أي شخص أن يجلب او يصدر أو ينتج او يملك او يحرز أو يشترى او يبيع جواهر مخدرة أو يتبادل عليها او ينزل عنها بأي صفة كانت او ان يتدخل بصفته وسيطا في شيء من ذلك إلا في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون وبالشروط المبينة به. فإن المشرع بإضافة مستحضر “الدودرين” إلى المواد المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم ۱۸۲ لمئنة ١٩٦٠ والمعتبرة جواهر مخدرة قد دل على أن إحراز أو حيازة هذا العقار محظورة وفقاً لأحكام المادة الثانية سالفة البيان – في غير الأحوال المصرح بها في القانون، شأنه في ذلك شأن كافة المواد المعتبرة مخدرة المبينة بالجدول المذكور وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن إحراز مستحضر “الدودرين غير مؤثم إلا ان يكون بقصد الإنتاج أو الاستخراج أو النقل أو الصنع أو الجلب والتصدير دون غيرها وانتهى إلى براءة المطعون ضده لأن سلطة الاتهام لم تسند إليه إحراز العقار المذكور لأحد هذه الأغراض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن رقم ٦٢٤ لسنة ٤٩ ق جلسة ٧/١٠/١٩٧٩ سنة ٣٠ ص ٧٥١)

ولما كانت مادة الديكسامفتامين وأملاحها ومستحضراتها قد أضيفت بالقانون رقم ٢٠٦ لسنة ١٩٦٠ إلى الجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ دون تحديد نسبة معينة لها، وذلك على خلاف بعض المواد الأخرى بما مفاده أن القانون يعتبر هذه المادة من الجواهر المخدرة بغض النظر عن نسبة المخدر فيها ومن ثم فإن القول بضرورة أن يبين الحكم بالإدانة نسبة المخدر في تلك المادة لا سند له من القانون.

(الطعن رقم ٦٦١١٠ لسنة ٥٥٢ جلسة ٣٠/٣/١٩٨٣)

(ب) مبادئ كمية المخدر:

لم يعين القانون حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة، فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً، وإذن فمتى كان الثابت من الحكم أن التلوثات التي وجدت عالقة بالإحراز المضبوطة أمكن فصلها عما علقت به من الإحراز التي وجدت في مسكن المتهمة وحدها وفى حيازتها وكان لها كيان مادي محسوس أمكن تقديره بالوزن فإن الحكم الذي انتهى إلى إدانة المتهمة لإحراز المخدر يكون صحيحاً في القانون.

(الطعن رقم ٩٣٩ لسنة ۲۸ ق جلسة ٧/١٠/١٩٥٨ س ٩ ص ۷۸۲)

(ج) الدليل الفني:

ان تحديد المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها إنما هو مسألة فنية لا يصلح فيها غير التحليل، ومن ثم فإن خطأ مأمور الضبط القضائي في التعرف على نوع المادة المخدرة التي تحويها بعض اللفافات المضبوطة لا يكفي في ذاته للقول بان اللفافات التي ضبطت على ذمة القضية ليست هي التي أرسلت للتحليل.

(الطعن رقم 117 لسنة ٢٦ ق جلسة ٢١/٣/١٩٦٦ س ١٧ ص ٣٣٩)

ان ما تثيره الطاعنة من انه غير ثابت إن كان التحليل قد شمل جميع القطع المضبوطة أم بعضاً منها فقط هو منازعة موضوعية مما لا يجوز التحدي به امام محكمة النقض. فضلا عن أن اختلاف وزن تلك القطع – بفرض صحة وقوعه – ليس من شأنه ان ينفى عن الطاعنة إحرازها لكمية الحشيش التي أرسلت للتحليل فمسئوليتها الجنائية قائمة عن إحراز هذه المخدرات قل ما ضبط منها أو كثر.

(الطعن رقم ٩٩٧ لسنة ٢٨ ق جلسة ٢٨/١٠/١٩٦٨ س ١٩ ص ٨٦٤)

إذا خلطت المحكمة بين وزن قطعة المخدر التي القاها المتهم على الأرض وبين وزن القطعة التي عثر عليها في جيبه، فلا تأثير لهذا الخلط – على فرض صحته – على مسئوليته الجنائية في الدعوى مادام الحكم قد اثبت عليه انه أحرز القطعتين كلتيهما في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

(الطعن رقم ٨٨٥ لسنة ٢٧ ق جلسة ٤/١١/١٩٥٧س ٨ ص ٨٥١)

 

الدفع بانتفاء العلم بالمادة المخدرة

تمهيد:

إن الدفع بانتفاء العلم بالمادة المخدرة هو الوجه الآخر للدفع بانتقاء القصد الجنائي العام من علم وإرادة، ونعرض لهذا الدفع بحيث نتناول في البداية المبادئ القانونية التي تحكم الدفع، ثم نعرض بعد ذلك للأحكام القضائية.

أولاً: المبادئ القانونية:

لا يقوم القصد الجنائي في جرائم المخدرات إلا إذا توافر علم المتهم بكنه الشيء وماهيته باعتباره من المواد المخدرة المحظورة قانوناً، بعكس العلم بتجريم العقاب لأنها مسألة قانونية بحته لا يجوز الاعتذار بالجهل بها مثل الدفع بالجهل بأن المادة مدرجة في أحد الجداول الملحقة بالقانون أو أن يجهل الطبيب نسبة المخدر التي يصفها في الروشتة بأنها تتجاوز النسب المقررة قانونا.

لا يفترض العلم بكنه المادة المخدرة بل يجب إثباته بجميع الطرق في كل الأحوال لأن ذلك معناه إنشاء قرينة قانونية لا سند لها من القانون، ولذلك يجوز للمتهم أن يدفع بالجهل بوجود المخدر أو أنه قد تم دمته عليه وبالتالي انتفاء علمه بوجود المادة المخدرة، وللمحكمة أن تستظهر وجود العلم من ملابسات الدعوى المنظورة وظروفها وأحوال المتهم.

الدفع بانتفاء علم المتهم بالمخدر هو من الدفوع الجوهرية التي تستأهل رداً صريحاً من المحكمة بأسباب صحيحة وسائغة ومستمدة من أوراق الدعوى وخاصة عندما يوجد احتمال غالب لانتفاء العلم.

ويلاحظ أن صغر السن لا يعد إكراها على الجريمة ولا يصلح دفعاً لانتفاء الإرادة، لا عبرة في قيام القصد الجنائي بالبواعث على الجريمة أو الأغراض التي يتوخاها الجاني.

ثانيا: الاحكام القضائية

(أ)لا يجوز اقتراض العلم بكنه المادة المخدرة.

إذا كان الحكم قد اقتصر في الاستدلال على توافر جريمة الإحراز في حق الطاعنة على ما ذكره من أن المخدر ضبط في قمطر خاص بها بدليل وجود مصاغها فيه وبدليل احتفاظها بمفتاحه. وعلى ما قاله من أنه سواء أكان المخدر للمتهم الأول الذي قضى ببراءته أم لوالدة الزوجة فإن الذي لا شك فيه أن أحدهما قد مكنته صلته بالطاعنة من إيداع المخدر عندها، وأنها هي التي تولت حفظة في خزانة حليها ونقودها عارياً ظاهراً، فهذا قصور في الاستدلال يستوجب نقض الحكم.

(نقض ۲۳ مارس سنة ۱۹۷۰ – س ٢١ رقم ١١٠ ص ٤٥٤)

إذا كان المتهم قد تمسك في دفاعه بأنه لا يعلم أن الشجيرات والأوراق التي ضبطت عنده هي من المواد المخدرة فإنه يكون من المتعين على المحكمة إذا ما رأت إدانته أن تبين ما يبرر اقتناعها بعلمه بأن ما يحرزه مخدر. أما قولها بأن العلم مفروض لديه وأنه ليس له أن يدعى بأنه لا يعلم بأن المادة المخدرة فلا سند له من القانون ولا يمكن إقراره، لأن القصد الجنائي من أركان الجريمة، فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح افتراضه افتراضا لا يتفق والحقيقة في واقعة الدعوى.

(نقض ٢٠ ديسمبر سنة ١٩٤٩ مجموعة أحكام النقض رقم ۷۰ ص ۲۰۱)

لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم لا يقطع في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بكنه ما ضبط في حوزته من انه مخدر، ذلك بأن شكل العبوة لا يدل بذاته على أن ما تحويه مخدر وانه ليس بدواء كبقية الأدوية المضبوطة، فضلا عن أن الحكم لم يستظهر ما إذا كان الطاعن على علم بالقراءة حتى يمكن الاستدلال عليه بوجود كلمة الاكتدرون على ظاهرة العبوة وداخلها، وهذا من شأنه ان يجعل بيان الحكم في التدليل على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن – وهو ركن من أركان الجريمة التي دان الطاعن بها – قاصرا، الأمر الذى يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة.

(نقض ٢٥ فبراير سنة ۱۹۷۳ مجموعة أحكام النقض س ٢٤ رقم ٥٦ ص ٢٥٣)

(ب) استظهار العلم بالمخدر من أحوال المتهم والظروف والملابسات:

إذا كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافيا في الدلالة على أن الطاعنين الرابع والخامس كانا يعلمان بأن الصفائح المضبوطة تحوي مخدرا، وكان هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعنان في شأن جهلهما بكنه المادة المضبوطة يكون غير سديد.

(نقض أول فبراير سنة ۱۹۷۰ مجموعة أحكام النقض س ٢١ رقم ٤٧ ص ١٩٠)

إذا كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بأن احجار البطاريات التي ضبطت معه كانت تحوي مخدرا كافيا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغا في العقل والمنطق، فإن ما يثيره الطاعن في شان جهله بكنه المادة المخدرة ونعيه على الحكم بالفساد في الاستدلال يكون غير سديد.

(نقض ١٥ أكتوبر سنة ۱۹۷۲ مجموعة أحكام النقض س ٢٣ رقم ٢٣٥ ص١٠٥٢)

(ج) وجوب الرد على دفع المتهم بانتفاء علمه بالمخدر

لما كان الحكم قد أورد: أنه بالنسبة للمتهم الثاني فإن ركن علمه بالمخدرات مستفاد من ملازمته للمتهم الأول ثم قيادته السيارة من الإسكندرية ومن الحالة التي كانت عليها المخدرات بالسيارة، فقد عثر عليها بداخل الحقيبة الخلفية وعلى المقعد الخلفي وفى الفراغ بين هذا المقعد والمقعد الأمامي أي كانت خلف المتهم المذكور مباشرة مما يقطع بأنه كان قد علم بأمرها وشارك بصفته القائد في وضعها على هذه الصورة. وكان تقصى العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة فيما تقدم كافيا في الدلالة على أن الطاعن الثاني كان يعلم بكنه المادة المخدرة المضبوطة فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل.

(نقض ٢٦ يناير سنة ۱۹۸۱ مجموعة أحكام النقض س ٣٢ رقم ١٢ ص۷۹)

لما كان الحكم قد عرض لما دفعت به الطاعنة من نفي علمها بكنه المادة المضبوطة ورد عليه بقوله : ” وحيث أن الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى تنبئ عن علم المتهمة بأن ما تحمله عبر الحدود وإلى داخل جمهورية مصر العربية مخدر الحشيش وذلك من ارتباكها الظاهر عندما طلب منها مأمور الجمرك فتح حقائبها وإخفائها المخدر بطريقة غير ظاهرة تحت كمية من خراطيش السجاير وزجاجات الويسكي في قاع حقيبة هاندباج وإخفاء جزء آخر منها داخل حقيقة يدها بطريقة غير ظاهرة لم تظهر إلا من التفتيش الذاتي الذي أمر به رئيس الوردية وقامت به سيدتان هما … و …. فضلا عن إقرارها بمحضر الضبط بأنها تعلم بأن ما تحمله المخدر الحشيش وأنها نقلته عبر الحدود لشخص ذكرت اسمه وأنكر صلته بالمخدر، واعترافها بتحقيقات النيابة بضبط المخدر مخبأ داخل حقائبها وأنها هي التي وضعته موزعا في تلك الحقائب…. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة الثبوت وما ساقه ردا على دفاع الطاعنة يسوغ إطراحه له ويكفي في الدلالة على علم الطاعنة بكنه المخدر المضبوط، فإن منعي الطاعنة في هذا الخصوص يكون غير سديد.

(نقض ١٨ يناير سنة ۱۹۸٤ الطعن رقم ٢٥٩٥ لسنة ٥٣ ق)

(د) لا عبرة في قيام القصد بالبواعث على الجريمة أو الأغراض التي يتوخاها الجاني:

إذا تقدم شخص بنفسه إلى البوليس ومعه مدة مخدرة قاصداً دخول السجن لخلاف شخصي بينه وبين والديه كانت الجريمة مستوفية اركانها وحق عليه العقاب، ولا تصح تبرئته بزعم أنه لم يتوافر لديه أي قصد إجرامي، لأن القانون إنما أراد بأحكامه العقاب على الإحراز مهما كانت وسيلته أو سببه أو مصدره أو الغاية منه. وقد نص القانون على صور شتى للإحراز وأسبابه ووسائله وغاياته، ونقطة الارتكاز فيها كلها إنما هي الإحراز، فهو الذي يعنى القانون بمحاربته وإبعاد السبل دونه، ولن كان مجردا من كل غرض – أو على الأقل ولو لم يعلم الغرض منه – ما لم يكن بترخيص قانوني.

) نقض ۲۸ ديسمبر سنة ۱۹۳۱ مجموعة القواعد القانونية جـ ۲ رقم ۲۰۸ ص ۳۷۸)

الدفع بانتفاء القصد الجنائي الخاص

تمهيد:

إن القصد الخاص في جرائم المخدرات يشمل صوراً لربع أولها قصد التداول الجريمة جلب المخدرات، وثانيها: قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي لجريمة التعاطي، وثالثها: قصد الاتجار الجرائم الاتجار في المواد المخدرة، ورابعها قصد تسهيل التعاطي في جريمة التسهيل للتعاطي، ونعرض لكل ما سبق على التوالي.

أولاً: قصد التداول في جلب المخدرات

ان جريمة جلب المخدرات لا يكفي لقيامها مجرد إدخال المخدر مع العلم بكنهه، بل يجب أن يتوافر القصد الخاص وهو طرح المخدر وتداوله بين الناس، وذلك سواء كان الطرح والتداول داخل حدود مصر ام خارج الحدود المصرية وهو ما يسمى بقصد التداول.

كما أن القصد من التصدير يجب أن يكون طرح المخدر وتداوله بين الناس وهو ما يسمى أيضاً بقصد التداول.

فلا يكفي لقيام جريمة الجلب مجرد إدخال المخدر مع العلم بكنهه، وإنما يجب أن يتوافر القصد الخاص لدى الجالب بأنه يقصد طرح المخدر وتداوله بين الناس، سواء في مصر أو في إقليم أية دولة أخرى ينوى نقله إليها عبر الحدود المصرية. وما يقال عن القصد من الجلب يقال أيضا عن القصد من التصدير، إذ يجب أن يكون القصد من التصدير طرح المخدر وتداوله بين الناس.

ويلاحظ أن هذا القصد الخاص يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي، أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، ويدل على ذلك – فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب – أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما أستنه في الحيازة أو الإحراز.

ثانياً: قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي

تستدل المحكمة على قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي من ضالة الكمية المضبوطة طالما لم يقم دليل على توافر قصد الاتجار بتلك الكمية.

وتطبيقا لذلك حكم بأنه إذا كان الحكم قد تعرض للقصد من الإحراز فقال إن المتهم قد اعترف في محضر ضبط الواقعة بإحرازه لقطعة الأفيون التي ضبطت معه وأنه محرزها بقصد التعاط وأن الكمية المضبوطة من المخدرات ضئيلة ولم يشاهد المتهم وهو يوزع أي مخدر على أحد من رواد محله الذي كان به وحده فإن هذا الاستدلال معقول وكاف لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم من أن المتهم كان يحرز المخدر لتعاطيه. وقضت أيضاً بأنه إذا كانا الحكم قد دلل على ثبوت قصد التعاطي لدى المتهم في قوله : وترى المحكمة أن مقدار المخدر المضبوط ليس بكبير بالنسبة لشخص مدمن التعاطي وترجح أن المتهم كان يحرزه لاستعماله الشخصي، إذ أنه فضلاً عن أن سوابقه تدل على ذلك فإنه لو كان يتجر لأعد لفافات صغيرة لتوزيع المخدر وضبط معه بعض هذه اللفافات أو آلة التقطيع كمطواة وميزان، الأمر المنتفي في الدعوى، فإن ما قاله الحكم من ذلك يكفى للتدليل على إحراز المخدر بقصد التعاطي ومن شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه  وليس لازماً أن يكون استدلال المحكمة عن القصد الخاص من إحراز المادة المخدرة مصدره الدليل الذى يقدمه المتهم المحرز بنفسه، بل يكفي في ذلك أن تستقى المحكمة الدليل على هذا القصد من وقائع الدعوى أو تستنبطه من عناصر وظروف تصلح إنتاجه . كما حكم بأنه إذا كان عدد شجيرات الحشيش التي زرعها المتهم ضئيلاً، ولم يقم دليل على قصد الاتجار، فإن هذا يفيد بذاته أن الحيازة بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي. وحكم أيضاً بأن وجود المقص والميزان لا يقطعان في ذاتهما ولا يلزم عنهما حتماً ثبوت واقعة الاتجار في المخدر

ثالثاً: قصد تسهيل التعاطي:

إن جريمة تسهيل تعاطى الغير للمخدرات يتحقق بأن يكون الجاني عالماً بأن فعله يسهل له التعاطي.

ويتحقق القصد الجنائي في جريمة تسهيل تعاطى الغير للمخدرات – طبقاً القضاء محكمة النقض يعلم الجاني بأن فعله يسهل هذا التعاطي، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه مؤدياً إلى ذلك مادام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافراً فعلياً وتوافر القصد الجنائي هنا من قيام الطاعن بتقديم ” الجوزة ” وعدد من الأحجار اللازمة للتدخين، وقيام أحد المتهمين بإخراج قطعة حشيش وتجزئتها بفمه إلى قطع ووضع فوق كل حجر قطعة منها بمرأى من الطاعن الذى قام بوضع جمرات النار فوق بعض الأحجار حيث أخذ المتهمون الآخرون في تدخين الحشيش .

رابعاً: قصد الاتجار:

إن قصد الاتجار قد يستفاد من أحوال المتهم وظروف الدعوى وملابساتها وخاصة من كبر حجم كمية المخدر، واعتراف المتهم، وشهادة الضابط أو شهادة شهود الواقعة، وتحريات المباحث العامة، وتقطيع اللفافات، وتجزئتها وإعدادها للبيع، والضبط وقت البيع، ووجود آثار المخدر بالميزان أو السكين لمواد ملوثة والأدوات المستخدمة في الاتجار، مثل الميزان وأوراق السلوفان، والمبلغ الكبير من النقود، وضبط كمية تفيض عن الاستخدام الشخصي.

ولا شك أن مجرد ضبط أي دليل واحد مما سبق لن تقنع المحكمة بتوافر قصد الاتجار، إلا إذا توافرت عدة أدلة معاً، فهذا يؤكد للمحكمة توافر قصد الاتجار، بالرغم من حريتها الكاملة في ذلك في حدود سلطتها التقديرية.

ولقد ذهب بعض الفقه أن قصد الاتجار في المواد المخدرة يتحقق إذا قصد الفاعل احتراف التعامل في المخدر، أي أن يتخذ من التصرف فيه نشاطاً معتاداً له، سواء باشر فعلا هذا النشاط أو لم يبدأه بعد، طالما انصرفت نيته إلى اتخاذ هذا العمل حرفة معتادة له ويترتب على ذلك – عند أصحاب هذا الرأي – أن الاتجار في المواد المخدرة لا يتحقق إلا إذا قام المتهم لحسابه الخاص بمزاولة عمليات تجارية متعددة متخذا منها حرفة معتادة له.

وذهب رأى آخر إلى أن الاتجار في المواد المخدرة يتحقق كلما كان تقديمها للغير بمقابل، سواء كان هذا المقابل عيناً أو نقداً أو منفعة. وسايرت محكمة النقض هذا الاتجاه عندما قررت أن قصد الاتجار يتوافر ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في المواد المخدرة حرفة له، إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركنا من أركان الجريمة.

ويتحقق قصد الاتجار إذا ثبت أن اتصال المتهم بالمخدر كان بقصد تقديمه للغير بمقابل، سواء حصل فعلاً على هذا المقابل أم لا، فمثلاً من يوزع مجاناً عينة من مادة مخدرة على بعض المدمنين حتى إذا حازت إعجابهم أقدموا على الشراء منه، يعتبر قد توافر لديه قصد الاتجار دون أن يكون قد حصل فعلاً على مقابل للمادة المخدرة ما يقصده المشرع بعبارة بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأي صورة الواردة بالمادة ٣٤ من قانون المخدرات. كذلك يتوافر قصد الاتجار لدى من يقدم المادة المخدرة كرشوة إلى موظف نظير الإخلال بواجبات وظيفته، ومن يدفعها مقابل منفعة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة وتوافر قصد الاتجار من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب مادام تقديرها سائغاً تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها.

ولذلك قضى بأنه: إذا تعرضت المحكمة في حكمها للقصد من الإحراز وقالت إنه بقصد الاتجار استنادا إلى أقوال شهود الحادث وسوابق المتهم وحجم قطعة الأفيون المضبوطة، دون أن تبين ماهية السوابق التي أشارت إليها، وكيف استدلت منها على قصد المتهم، وخصوصا مع ما سبق أن أثبتته من أن تلك القطعة تزن ۹ را جراماً، فإن هذا الاستدلال على الصورة المبهمة التي ورد بها الحكم يعتبر قصوراً معيباً في التسبيب.

وأنه لما كان الحكم قد دلل على توافر قصد الاتجار بقوله: وحيث إنه عن قصد الاتجار فقد قام الدليل عليه من تحريات الشرطة السابقة على الضبط وما ثبت من معاينة النيابة من أن النباتات المخدرة كانت منزرعة بكثرة في حقول المتهمين وأنهما اللذان يباشران زراعتها بما يتوافر معه قصد الاتجار في حق كل منهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفق المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل – فيما يشتمل عليه – على بيان كاف المؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وإذ كان الحكم المطعون فيه عند تحصيله للواقعة قد أشار إلى أن هناك تحريات سابقة ولم يورد مضمون تلك التحريات ويذكر مؤداها ولم يشر إليها عند تحصيله أقوال الضابط الذى نيط به تنفيذ الإذن، كما أنه استند في تدليله على توافر قصد الاتجار إلى ما أسفرت عنه التحريات دون بيان لها أو ذكر لفحواها فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة . كما قضى بأنه حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها عرض لقصد الاتجار ونفى توافره في حق المطعون ضدهم – المتهمين الثلاثة الأول – بما مؤداه أن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام من أن إحرازهم للمخدر كان بقصد الاتجار لخلو الأوراق من الدليل عليه وعلى أنهم كانوا يحرزونه بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي – وترى المحكمة أن الإحراز بالنسبة لثلاثتهم كان بغير هذه القصود جميعاً.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر قصد الاتجار هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب مادام تقديره سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز المطعون ضدهم للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقهم واعتبرهم مجرد محرزين للمخدر وعاقبهم بموجب المادة ۳۸ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز، بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه .

كما قضى بانه من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وأن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وأن من حق المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية ايضا ان ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة  ، ولا تلتزم المحكمة بتنبيه المتهم إذا غيرت وصف التهمة من إحراز بقصد الاتجار إلى إحراز مجرد من أي قصد ، لأن ذلك لا يشكل أي تشديد ولكنه يعد تخفيفا .

كما قضى بانه : لما كان إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وكان الحكم بعد ان اثبت بما يتفق وصحيح القانون أن المادة المضبوطة التي وجدت بحوزة الطاعن هي الأفيون قد عرض لتوافر قصد الاتجار لديه بقوله “وحيث انه عن قصد الاتجار فإن المحكمة تستخلصه باعتباره واقعة مادية مما جاء بمحضر التحريات واقوال شهود الإثبات وكبر الكمية المضبوطة وتجزئتها في ثمانية أكياس مما يتبين معه توافر هذا القصد، فإن الحكم يكون قد دلل على هذا القصد تدليلا سالغا مما يضحى معه النعي في هذا الصدد في غير محله.

(الطعن رقم ٢٣٨٥٨ لسنة ٥٩ ق جلسة ٢١/٥/١٩٩١)

أ-المحكوم عليه بعقوبة جناية.

ب- المحكوم عليه في إحدى الجنح المنصوص عليها في هذا القانون.

ج- المحكوم عليه في سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو خيانة أمانة أو نصب أو إعطاء شيك بدون رصيد أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو هتك عرض وإفساد الأخلاق أو تشرد أو اشتباه، وكذلك المحكوم عليه الشروع منصوص عليه لإحدى هذه الجرائم.

د- المحكوم عليه في إحدى الجنح المنصوص عليها في الباب السابع الفصلين الأول والثاني من قانون العقوبات السوري.

ه- من سبق فصله تأديبياً من الوظائف العامة لأسباب مخلة بالشرف ما لم تنقض ثلاث سنوات من تاريخ الفصل نهائياً.

ونصت المادة الثامنة على أنه: ” لا يرخص في الاتجار في الجواهر المخدرة إلا في مخازن أو مستودعات بمدن المحافظات وعواصم المديريات وقواعد المناطق والمراكز فيها عدا محافظات ومراكز الحدود.

ويجب أن تتوافر في هذه الأماكن الاشتراطات التي تحدد بقرار من الوزير المختص، ولا يجوز أن يكون للمخزن أو المستودع باب دخول مشترك مع مسكن أو عيادة طبية أو معمل للتحاليل أو محل تجارى أو صناعي أو أي مكان آخر، ولا أن تكون له منافذ تتصل بشيء من ذلك، على أنه يجوز الجمع بين الاتجار في الجواهر والاتجار في المواد السامة في مخزن أو مستودع واحد.

ونصت المادة ۲۹ على أنه: يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشترى أو يبيع أو يتبادل أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم (٥) في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم (٦).

ونصت المادة ٣٤ على أنه: يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه:

أ-كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم ونقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو أتجر فيه بأية صورة، وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

ب- كن من رخص له في حيازة جوهر مخدر لاستعماله في غرض معين وتصر فيه بأية صورة في غير هذا الغرض.

ج-كل من أدار أو هيأ مكاناً لتعاطي الجواهر المخدرة بمقابل.

تكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في الأحوال الآتية:

١-إذا استخدم الجاني في ارتكاب إحدى هذه الجرائم من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرون سنة ميلادية أو استخدم أحداً من أصوله أو فروعه أو زوجه أو أحد ممن يتولى تربيتهم أو ملاحظتهم أو ممن له سلطة فعلية عليهم في رقابتهم أو توجيههم.

٢- إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العموميين المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات أو الرقابة على تداولها، أو حيازتها أو كان ممن لهم اتصال بها بأي وجه.

٣- إذا استغل الجاني في ارتكابها أو تسهيل السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو الحصانة المقررة له طبقا للدستور أو القانون.

٤-إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة أو دور التعليم ومرافقها الخدمية أو النوادي أو الحدائق العامة أو أماكن العلاج أو المؤسسات الاجتماعية أو العقابية أو المعسكرات أو السجون أو بالجوار المباشر لهذه الأماكن.

٥- إذا قدم الجاني الجوهر المخدر أو سلمه أو باعه إلى من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية أو دفعه إلى تعاطيه بأية وسيلة من وسائل الإكراء أو الغش أو الترغيب أو الإغراء أو التسهيل.

٦-إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (۱) المرفق.

٧- إذا كان الجاني قد سبق الحكم عليه في جناية من الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة أو المادة السابقة.

ونصت المادة ٣٧ على أنه : يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (٥) أو حازه أو اشتراه، وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وللمحكمة أن تأمر في الحكم الصادر بالإدانة بتنفيذ العقوبات المقضي بها في السجون الخاصة التي تنشأ للمحكوم عليهم في جرائم هذا القانون أو في الأماكن التي تخصص لهم بالمؤسسات العقابية.

ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى – بدلا من تنفيذ هذه العقوبة – أتأمر بإيداع من يثبت إيمانه إحدى المصحات التي تنشأن لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية، وذلك ليعالج فيها طبياً ونفسياً واجتماعيا ولا يجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ستة أشهر ولا أن تزيد على ثلاث سنوات أو مدة العقوبة المقضي بها أيهما أقل.

ويكون الإفراج عن المودع بعد شفائه بقرار من اللجنة المختصة بالإشراف على المودعين بالمصحة، فإذا تبين عدم جدوى الإبداع، أو انتهت المدة القصوى المقررة له قبل شفاء المحكوم عليه، أو خالف المودع الواجبات المفروضة عليه لعلاجه، أو ارتكب أثناء إيداعه أياً من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون رفعت اللجنة المشار إليها الأمر إلى المحكمة عن طريق النيابة العامة بطلب الحكم بإلغاء وقت التنفيذ، لاستيفاء الغرامة وباقي مدة العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها بعد استنزال المدة التي قضاها المحكوم عليه بالمصحة.

ولا يجوز الحكم بالإيداع إذا ارتكب الجاني جناية من الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة بعد سبق الحكم عليه بالعقوبة أو بتدبير الإبداع المشار إليه، وفى هذه الحالة تسري الأحكام المقررة في المادة السابقة إذا رأت المحكمة وجهاً لتطبيق المادة ۱۷ من قانون العقوبات.

كما نصت المادة ۳۸ على أنه: مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (٥) وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو لتعاطى والاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصر بها قانونا.

وتكون العقوبة بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (۱).

ثانياً: القواعد القانونية التي تحكم الدفع

القاعدة القانونية المقررة أنه إذا كن محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً عملاً بالمادة ١٣٥ من القانون المدني، وبالتالي فالبيع الذي يرد على المخدر في غير الأحوال المصرح بها بعد باطلاً بطلاناً مطلقاً، ولكن قانون العقوبات – على خلاف القانون المدني – يعتد بتلك التصرفات.

وإن إثبات قصد الاتجار لا يستلزم أن يبين الحكم كمية المخدر المضبوط ما دام قد استخلص ثبوت قصد الاتجار في حق المتهم استخلاصاً سائغاً وسليماً.

واستقر الفقه والقضاء على أنه لا يشترط لإثبات التعامل أن يثبت الحكم حصول عملية تجارية بين الجائز والمشترى، بل يكفي شهادة الشهود بأنه يتاجر في المخدرات، فضلاً عن القرائن والظروف التي تقنع القاضي بصدق الشهود. مع أننا نرى أنه يجب أن تتوافر العملية التجارية حتى يتوافر قصد الاتجار، لأن معنى الاتجار لابد أن يشمله توافر عدة عمليات تجارية وليس عملية تجارية واحدة لما كانت الوقائع المادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات في قانون العقوبات وكان التعامل أو الاتجار وباعتباره واقعة مادية يدخل في تكوين الركن المادي للجريمة، فإنه لا تسري بالتالي – في هذا الصدد – قاعدة الإثبات بالكتابة فيما يجاوز قيمته ۲۰ جنيهاً تطبيقاً للمادة ٦٠ من قانون الإثبات رقم ٢٧ لسنة ١٩٦٨.

وأن ضبط المخدر ليس شرطاً للحكم بالإدانة، لأن المحكمة لها أن تكون عقيدتها من أي دليل في الأوراق تطمئن إليه. ولكن مما لا شك فيه – عملاً – أن عدم ضبط المخدر يشكك المحكمة في الواقعة بالكامل، خاصة إذا لم تكن توجد أدلة قوية ومساندة للاتهام. ونرى أنه لابد من ضبط المخدر حتى يحكم بالإدانة.

وأن الاتجار واقعة مادية وهو من الأمور الموضوعية التي يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها مادام يقيمها على ما ينتجها، ولكن بشرط أ، يكون تقديرها سائغا تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها. ومن المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، ومن واجبها أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ولكنها ملزمة بالا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. والمجمع عليه أن كل صور التعامل في المخدر تعد داخل دائرة التجريم ولا تخرج أي منها من دائرة التجريم والعقاب ولكننا نرى أنه لابد من توافر شرط الاحتراف لتوافر قصد الاتجار.

أن صور التعامل تشمل التصرفات القانونية مثل البيع والشراء والاتجار والمناولة والتنازل والوساطة وأيضاً الأعمال المادية المتعلقة بالمخدر مثل النقل والتسليم، وأن تسليم المبيع ودفع الثمن ليس شرطاً لقيام الجريمة في البيع أو الشراء لأن التسليم معاقب عليه باعتباره جريمة إحراز.

وإذا تم الاتفاق على شراء المخدر ثم تسلمه المتهم، تقوم جريمتا الشراء والحيازة وتطبق عليه المادة٣٢/٢ عقوبات وتوقع العقوبة الأشد. واستقر الفقه على أنه لا يتحقق الاتجار إلا إذا كان بمقابل سواء كان المقابل عيناً أو نقداً أو منفعة، ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في المواد المخدرة حرفة له لأن الاحتراف ليس ركناً من أركان الجريمة. ونحن نخالف هذا الرأي لأننا نرى أن الاحتراف يعد ركناً أساسياً في جريمة الاتجار بالمخدر، وإن الاتجار في المخدر ليس إلا حيازة مصحوبة بقصد الاتجار إذ أنه ينطوي أساساً على عنصر الحيازة. وأن الصورة المألوفة الشائعة في العمل للتعامل في المخدرات هي البيع والشراء.

الدفع بانتفاء الركن المادي في جرائم الحيازة أو الإحراز

تمهيد:

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المادي في جريمة الحيازة أو الإحراز يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص، وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

أولاً: النصوص القانونية:

نصت المادة ٣٤ من قانون المخدرات على أنه: يعاقب بالإعدام أو بالأشغال السجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.

كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيه بأية صورة، وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

ب- كل من رخص له في حيازة جوهر مخدر لاستعماله في غرض معين وتصرف فيه بأية صورة في غير هذا الغرض.

ج- كل من أدار أو هيأ مكاناً لتعاطى الجواهر المخدرة بمقابل.

وتكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في الأحوال الآتية:

١-إذا استخدم الجاني في ارتكاب إحدى هذه الجرائم من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية أو استخدم أحداً من أصوله أو من فروعه أو زوجة أو أحداً ممن يتولى تربيتهم أو ملاحظتهم أو ممن له سلطة فعلية عليهم في رقابتهم أو توجيههم.

٢- إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العموميين المكلفين بتنفيذ لحكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها أو كان ممن لهم اتصال بها بأي وجه.

٣-إذا استغل الجاني في ارتكابها أو تسهيل السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو الحصانة المقررة له طبقاً للدستور أو القانون.

٤-إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة أو دور التعليم والمرافق الخدمية أو النوادي أو الحدائق العامة أو أماكن العلاج أو المؤسسات الاجتماعية أو العقابية أو المعسكرات أو السجون أو بالجوار المباشر لهذه الأماكن.

٥- إذا قدم الجاني الجوهر المخدر أو سلمه أو باعه إلى من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية أو دفعه إلى تعاطيه بأية وسائل الإكراه أو الغش أو الترغيب أو الإغراء أو التسهيل.

٦- إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم المرفق.

٧-إذا كان الجاني قد سبق الحكم عليه في جناية من الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة أو المادة السابقة.

ثانياً: المبادئ القانونية

يكفي لاعتبار المتهم حائزاً أن يكون سلطانه مبسوطاً على المخدر ولو لم يكن في حيازته المادية. وهذا هو المفهوم الواسع لمعنى الحيازة حيث يختلف عن الحيازة في القانون المدني سواء الحيازة التامة أو الكاملة، حيث يظهر العنصران المادي والمعنوي، أو الحيازة المؤقتة (الناقصة)، حيث يتوافر العنصر المادي للحائز دون العنصر المعنوي الذي يظل لصاحب الشيء مثل عقد الإيجار أو الوديعة أو الرهن أو العارية أو تواجد الشيء على سبيل الأمانة، أو الحيازة المادية العارضة)، حيث يوجد الشيء بصفة عارضة بين يدي الشخص ولا يتوافر له حق على الشيء سواء كان مالكاً أو صاحب حق عيني أو شخص أو غيره.

ويعنى الإحراز الاستيلاء المادي على المخدر مهما كان الغرض من ذلك وذلك سواء كان الإحراز عرضياً طارئاً أو أصلياً ثابتاً، ومهما كانت مدة الإحراز طويلة أم قصيرة، أي أنه لا عبرة بالباعث على الجريمة ولو قرر المتهم أنه كان ينوى تسليمه، حيث أن مجرد لمس المخدر أو الإمساك به بناء على حب الاستطلاع لا يقع به الإحراز.

واستقر الفقه على أن ضبط المادة المخدرة غير لازم لتوافر الركن المادي للإحراز لأنه قد يثبت تواجد المخدر مع المتهم بأي دليل بشرط ابتناء اقتناع المحكمة على اليقين. ونحن نخالف هذا الرأي ونرى لزوم ضبط المخدر حتى تقوم الجريمة.

أن الإحراز إذا تعددت وقائعه يعد واقعة واحدة، ولا يؤثر في ذلك أن يضبط المخدر على مرحلتين لأنها جريمة مستمرة.

والحيازة والإحراز جريمتان مستمرتان، ومن ثم لا تنقضي الدعوى الجنائية إلا من وقت انقطاع حالة الاستمرار، وبالتالي فالحكم النهائي الذي يصدر في إحدى جرائم الحيازة أو الإحراز يحول دون إعادة المحاكمة عن مرحلة الاستمرار السابقة على الحكم النهائي دون حالة الاستمرار اللاحقة له، ويجب أن تدلل المحكمة التدليل الكافي على الحيازة أو الإحراز، وإلا كان حكمها باطلاً.

إذا دفع المتهم بانتفاء العمل بالمادة المخدرة فإنه يجب على المحكمة أن ترد على هذا الدفع بأسباب سائغة، وإلا كان حكمها قاصراً.

وقصد الاتجار من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها سواء من كمية المخدر المضبوط، أو من إقرار محرر المحضر، أو واقعة البيع والشراء، أو غيرها، ويقع على عاتق المتهم إثبات أن قصده كان للتعاطي أو للاتجار الذي يستخلص من ظروف الدعوى وكمية المادة المضبوطة والقرائن الأخرى.

وأن كبر حجم كمية المخدرات لا يفيد حتماً توافر قصد الاتجار ولكن قصد الاتجار قد يؤخذ من الكمية المضبوطة مع أقوال الشهود والتحريات وضبط أدوات الجريمة والميزان والسكين والحشيش.

وقد استقر الفقه والقضاء على أن احتراف تجارة المخدرات ليس ركناً من أركان الجريمة، ومن ثم يقوم الاتجار في المخدر ولو لم يتخذ الجاني الاتجار في المواد المخدرة حرفة له. ونحن نخالف هذا الرأي ونرى عدم توافر قصد الاتجار إذا لم يتوافر احتراف التجارة.

ويلاحظ أنه لا يقدم شخص ما للاتهام بتهمة الإحراز أو الحيازة إلا بتأييد ذلك بالقصد سواء كان بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو للاتجار ولذا يقدم من حاز أو أحرز مخدراً بقصد التعاطي أو حاز أو أحرز مخدراً بقصد الاتجار ويكون الدفاع أمام فرضين، أما نفى الاتجار لبيان أن القصد هو التعاطي أو نفى الحيازة أو الإحراز أو نفى العلم بالمادة المخدرة.

أن مجرد وجود المخدرات في الحوزة المادية للشخص يكفي لتوافر الإحراز قبله مادام قد توافر لديه العلم بكنه المادة المخدرة أما إذا كان هو المالك فإنه يعتبر حائزا لها. أي أن الحيازة ترتبط بالملكية أما الإحراز فلا يرتبط بالملكية، وقد يكون المالك هو الحائز للمخدر ولو لم يكن محرزاً أي أن المخدر ملك له ولكنـــه لـــم يحرزه مادياً، وأن جريمة شراء المخدر تعد جريمة مغايرة ومختلفة عن جريمة الإحراز وإن كان هناك مجال للتقارب في أن تتوافر الحيازة أو الإحراز بتوافر فعل الشراء أو فعل البيع.

وأن التسليم لا يشترط قانوناً لانعقاد البيع أو الشراء لأن جريمة الشراء تتم بمجرد التعاقد دون حاجة إلى تسليم المخدر للمشترى، إذ لو كان التسليم ملحوظاً في هذه الحالة لكانت الجريمة دائماً إحراز.

وأن تسليم المتهم المخدر بعد تمام الاتفاق على شراؤه يتكون به جريمتان تامتان هما الحيازة التامة بوصول يده بالفعل إلى المخدر وتسليمه إليه، وأيضا الشراء التام الذى تم بالاتفاق جدياً على الشراء، حتى لو استرده منه بعد ذلك عدم وجود الثمن معه، وقد يصدر حكم البراءة لعدم معقولية تصوير الواقعة، لأنه لا يعقل أن يقف المتهم في وسط الطريق أو بالمقهى يمسك كيس مخدرات وهو يعلم أنه نصب أعين الشرطة بعد أن سبق القضاء ببراءته، كما أن التاجر يكون حذراً لا يغفل ذلك ولا يمكن أن ينتظر الضابط حتى يقبض عليه، ولا يترك باب المسكن مفتوحاً ومطروقاً للكافة.

أن إقامة شخص آخر مع المتهم تفيد الشيوع سواء زوجته أو أخوته أو والديه أو آخرين، خاصة إذا ضبطت الأشياء داخل بعض الملابس في صندوق مقفل وغير معلوم من هو المالك لتلك الملابس، وإن جريمة الإحراز أو حيازة المخدرات قد تقوم أي منهما بمفردها ولكن الواقع العملي يقرر أنها تقوم بأي قصد من القصود المرتبطة بالحيازة، ومن ثم تكون الحيازة مصحوبة بقصد الاتجار، أو بقصد التعاطي، أو بقصد الاستعمال الشخصي.

 

 

الدفع بانتفاء الركن المادي في جنح المواد ضعيفة

التخدير الواردة بالجدول (۳)

تمهيد:

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المادي في جنح المواد ضعيفة التخدير الواردة بالجدول رقم (۳) يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص، وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

أولاً: النصوص القانونية:

نصت المادة ۲۷ من قانون المخدرات على أنه: لا يجوز إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع أو إحراز أو شراء أو بيع أو نقل أو تسليم أي من المواد الواردة في الجدول (۳) وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

ونصت المادة ٤٤ من قانون المخدرات على أنه : يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع أو جلب أو صدر أو حاز بقصد الاتجار أية مادة من المواد الواردة في الجدول رقم (۳) وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة المواد المضبوطة وكما نصت المادة ٤٥ من قانون المخدرات على أنه : يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ألفى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب أية مخالفة أخرى لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له. ويحكم بالإغلاق عند مخالفة حكم المادة (۸)

وقضى تطبيقاً لذلك بـأنه: وإذ كان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمله وأنه في حالة غموض النص فإن الغموض لا يحول دون تفسير النص على هدى ما يستخلص من قصد المشرع، مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم. والأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجه صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه.

لما كان ما تقدم وكان يبين من استقراء نصوص المواد الأولى ۲۹، ۳۷، ۳۸ جميعاً أن الشارع قد أفصح في المادة الأولى من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦ عن مقصودة بالجواهر المخدرة وهي التي أثم الاتصال بها في المادة ۳۸ المار ذكرها عند انعدام القصد من هذا الاتصال، أما إحراز النباتات المذكورة في الجدول رقم (٥) بغير قصد والمحظور بمقتضى المادة ۲۹ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ – وهو الواقعة المستوجبة للعقوبة في الدعوى – فإن المشرع قد رصد لها بمقتضى المادة ٤٥ آنفة البيان عقوبة المخالفة. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٧٦ من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم ١٦٩ لسنة ۱۹۸۱ قد نصت على أن تلغى عقوبة الحبس الذي لا يزيد أقصى مدته على أسبوع في كل نص ورد في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر، وفي هذه الأحوال تضاعف عقوبة الغرامة المقررة بكل من هذه النصوص بحد أدنى مقداره عشرة جنيهات وبحد أقصى مقداره مائة جنيه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأنزل بالمحكوم عليه عقوبة تجاوز العقوبة المقررة للجريمة التي أثبتها في حق المحكوم عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

وكما نصت المادة ٤٦ من قانون المخدرات على أنه: لا يجوز وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة الجنحة على من سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفى جميع الأحوال تكون الأحكام الصادرة بعقوبة الجنحة واجبة النفاذ فوراً ولو مع استئنافها.

ويجوز للمحكمة أن تأمر بنشر ملخص الحكم النهائي على نفقة المحكوم عليه في ثلاث جرائد يومية تعينها. وقضى تطبيقاً لهذا النص بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة ٤٦ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ۱۹٦٠ قد نصت على أنه لا يجوز وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة الجنحة على من سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن صحيفة الحالة الجنائية للمطعون ضده أرفقت بالأوراق قبل نظر الدعوى، وأنها تضمنت سبق الحكم عليه في جناية لإحرازه مواد مخدرة – بالتطبيق لأحكام القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ – سالف الذكر – فإن المحكمة إذ انتهت في قضائها في الدعوى الماثلة إلى توقيع عقوبة الجنحة على المطعون ضده عن جريمة إحراز جوهر مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دانته بها وفقاً لأحكام ذلك القانون، ما كان يجوز لها أن تأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة طالما أنه قد تبين لها من صحيفة حالة المتهم الجنائية التي كانت مطروحة أمامها أنه قد سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم التي نص عليها في القانون ذاته.

وأنه متى كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أمر بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة استنادا إلى ظروف الدعوى وإلى عدم ثبوت وجود سوابق للمتهم وثبت من المفردات أنها لم ترفق بها صحيفة حالة المتهم الجنائية وأنه أنكر في التحقيقات سبق الحكم عليه في قضايا مخدرات وإن أورد الضابط في محضره وأقواله بالتحقيقات أن المطعون ضده قد سبق اتهامه والحكم عليه في عدة قضايا مخدرات.

لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تتقدم إلى المحكمة قبل الفصل في الدعوى بما يخالف هذا النظر من الأوراق أو تطلب تأجيل الدعوى لهذا الغرض فإن المحكمة إذا قضت في الدعوى بناء على الأوراق المطروحة أمامها فحسب لا تكون قد خالفت القانون في شيء ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. وأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة ٤٦ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أنه لا يجوز وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة الجنحة على من سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن صحيفة الحالة الجنائية للمطعون ضده أرفقت بالأوراق قبل نظر الدعوى وأنها تضمنت سبق الحكم عليه حضورياً بالحبس مع الشغل لمدة سنة وغرامة قدرها خمسمائة جنيه لإحراز مواد مخدرة بالتطبيق الأحكام القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ سالف الذكر فإن المحكمة إذ انتهت في قضائها في الدعوى الماثلة إلى توقيع عقوبة الجنحة على المطعون ضده عن جريمة إحراز جوهر مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونا التي دانته بها وفقا لأحكام ذلك القانون وما كان يجوز لها أن تأمر بإيقاف تنفيذ هذه العقوبة طالما أنه قد تبين لها من صحيفة حالة المتهم الجنائية التي كانت مطروحة أمامها أنه قد سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم التي نص عليها في القانون ذاته.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة فإنه يكون قد خالف القانون وأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة ٤٦ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أنه لا يجوز وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة الجنحة على من سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون”. وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن مذكرة سوابق المطعون ضده قد أرفقت بالأوراق قبل نظر الدعوى وأنها تضمنت سبق الحكم عليه حضورياً في الجنايتين…. و بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وغرامة خمسمائة جنيه لإحرازه مواد مخدرة بالتطبيق لأحكام القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ سالف الذكر كما أقر المطعون ضده بتحقيقات النيابة بهاتين السابقتين، فإن المحكمة إذ انتهت في قضائها في الدعوى الماثلة إلى توقيع عقوبة الجنحة على المطعون ضده عن جريمة إحراز جوهر مخدر في غير الأحوال المصر بها قانوناً التي دانته بها وفقا لأحكام ذلك القانون ما كان يجوز لها أن تأمر بإيقاف تنفيذ هذه العقوبة طالما أنه قد تبين لها من مذكرة سوابق المتهم التي أقر بها بالتحقيقات والتي كانت مطروحة أمامها – أنه سبق الحكم عليه في إحدى الجرائم التي نص عليها في القانون ذاته.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة فإنه يكون قد خالف القانون.

ثانياً: المبادئ القانونية:

1 – أن جوهر الركن المادي في جنح المواد ضعيفة التخدير أنها لا تقع إلا على إحدى المواد الموضحة في الجدول رقم (۳) الملحق بقانون المخدرات وهي تعتبر مواد غير مخدرة بطبيعتها وإن كانت ضعيفة التخدير ولذا لا تكون هدفاً منشوداً للباحثين عن المخدرات.

2- إن الركن المادي لتلك الجريمة يتحقق بتوافر إحدى الصور التسع المنصوص عليها وهي الإنتاج، والاستخراج، والفصل، والصنع، والإحراز والشراء، والبيع، والنقل، والتسليم.

3- تعد تلك الجريمة من الجرائم العمدية التي يلزم لها توافر القصد الجنائي. لا يجوز للمتهم أن يدفع بانتقاء علمه بإدراج المادة في الجدول الثالث لأنه لا يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون.

4- لا عبرة بما إذا كانت المادة لها تأثير مخدر أم ضار من عدمه، لأن العبرة هي بإدراجها ضمن الجدول رقم ٣.

5 – العقوبة المقررة هي الحبس مع الشغل مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تجاوز ٥٠٠ جنيه ومصادرة المواد المضبوطة، ولذا فهي في عداد الجنح.

6- إن إنتاج المادة المخدرة يكون باستحداثها وإعداد مادة مخدرة لم يكن لها وجود من قبل.

والاستخراج كما عرفته المادة الأولى من اتفاقية جنيف الموقعة في يونية سنة ١٩٣٦ يقصد به طبقاً لنصوص هذه الاتفاقية عملية فصل الجوهر المخدر من المادة أو المركب الذي يكون ذلك الجوهر جزءا منه دون أن تتضمن هذه العملية. أي صنع أو تحويل بمعناها الصحيح، أما العمليات التي يمكن بواسطتها الحصول على الأفيون الخام من رؤوس الخشخاش – أو النوم – فقد شملتها عبارة الإنتاج. ومن أمثلة الاستخراج فصل المورفين عن الأفيون.

وفصل المادة المخدرة هو استخلاص لها من مواد أخرى متصلة بها ويستوي في ذلك أن يستخدم الجاني وسيلة يدوية أو آلية لتحقيق أغراضه، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن صنع المادة المخدرة هو صورة من صور إنتاجها.

ويستخلص من نص المادة ٢٥ من قانون المخدرات – سالفة الذكر – أن كــل وسيلة من شأنها أن توصل إلى وجود جوهر أو مادة من الجواهر والمواد المخدرة الواردة بالجدول رقم (۱) المحلق بالقانون تستوجب توقيع العقاب.

الدفع بانتفاء الركن المادي في جريمة

الضبط في مكان مُعد أو مهيئ لتعاطى المخدرات

تمهيد:

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المادي في جريمة الضبط في مكان معد أو مهيئ لتعاطى المخدرات يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص، وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

أولاً: النصوص القانونية.

إن جريمة الضبط في مكان أعد أو هيئ لتعاطى المخدرات هي إحدى جرائم تعاطى المخدرات. ونصت عليها المادة ۳۹ من قانون المخدرات بقولها: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه كل من ضبط في مكان أعد أو هيء لتعاطى الجواهر المخدرة وذلك أثناء تعاطيها مع علمه بذلك.

وتزاد العقوبة بمقدار مثليها إذا كان الجوهر المخدر الذي قدم هو الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة بالقسم الأول من الجدول رقم (۱).

ولا يسرى حكم هذه المادة على زوج أو أصول أو فروع أو أخوة من أعد أو هيأ المكان المذكور أو على من يقيم فيه.

ثالثاً: المبادئ القانونية:

أن التجريم ينحصر فقط في الشخص الذي يضبط في هذا المكان، وبالتالي فإن جوهر الركن المادي هو ضبط الجاني، ولا يغنى عن ذلك شهادة أي شخص بأنه كان متواجداً ثم انصرف قبل الضبط كما لا يغنى عن ذلك الدلالة على وجود المتهم في وقت سابق على الضبط ووجود آثار أو بصمات لذلك الشخص أو تسجيلات صوتية أو صور فوتوغرافية تدل بذاتها على التواجد أثناء فترة التعاطي المكان المعد لتعاطى المخدرات هو المخصص لذلك مثل غرزة معدة لتدخين الحشيش ولكن المكان المهيأ للتعاطي هو المزود بما يجعله صالحاً لتحقيق الغاية منه مثل شقة مهيأة للحقن بالأفيون وبالتالي لا تقوم الجريمة إذا ضبط شخص مع صديق يتعاطى المخدر في منزله طالما كان المكان غير معد أو مهيا لتعاطى المخدرات بالرغم من حصول التعاطي بالفعل. لأن المستفاد من النص أن معنى الإعداد أو التهيئة للتعاطي هو أن يكون مفتوحاً للجمهور بلا ضابط ولا تمييز.

– يشترط لقيام الجريمة أن تقوم نظير مقابل يتقاضاه المعد أو مهيأ المكان لتعاطى المخدرات.

– يشترط لقيام الجريمة أن يتم الضبط وقت التعاطي ولا يغنى عن ذلك الضبط قبل التعاطي أو بعد الانتهاء منه. ولا عبرة بعدد المتعاطين أو بالصلة بين المتعاطين. سواء كانت الصلة قرابة أو صلة صداقة أو عدم وجود صلة من أساسه سوى صلة التعاطي.

–هذه الجريمة من الجرائم العمدية لا تقع إلا إذا توافر القصد الجنائي أي علم المتهم بذلك ومن ثم فإذا كان المتهم لا يعلم بأن المكان أعد أو هيئ للتعاطي فلا يقوم القصد الجنائي في جانية. ولذا يدفع المتهم بجهله وانتقاء علمه بأن المكان أعد أو هيئ للتعاطي وأنه إنما وجد فيه المناسبة ما أو على سبيل الصدفة فضلاً عن أنه لم يتم ضبطه وهو يتعاطى، الأمر الذي يؤكد انتقاء العلم بحقيقة المكان خاصة أنه لم يشتم أي رائحة للمخدر في هذا المكان وعدم رؤيته لأية أدوات تستعمل في تعاطى المخدرات، وتقوم الجريمة بمجرد الضبط في هذا المكان حتى ولم يكن المتهم قد تعاطى فعلا أية مخدرات لأن المفهوم أنه يجلس بغرض التعاطي.

–العقوبة المقررة هي الحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة من مائة إلى خمسمائة جنيه والعقوبتان وجوبيتان، وبالتالي فهي في عداد الجنح.

–يعفى من العقوبة الزوج أو الزوجة أو أصول أو فروع من أعد أو هيا المكان المذكور عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة (۳۹)، ويشمل الأصول وإن علو والفروع وإن هبطوا، ولا يستفيد من النص الأخوة وباقي الأقارب والأصهار أو قرابة الرضاع أو التبني، وأيضاً لا يشمل الإعفاء زوج أو زوجة أو أصول أو فروع المتعاطي نفسه، ولكننا نؤيد ما ذهب إليه جانب من الفقه من أن هذا القيد الأخير ليس له ما يبرره، بل يجب أن يشملهم الإعفاء أسرة بأصول وفروع وزوج وزوجة من أعد أو هيأ المكان.

الدفع بانتفاء الركن المادي في جريمة

زراعة النباتات المخدرة

تمهيد:

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المادي في جريمة زراعة النباتات المخدرة يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص، وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

أولاً: النصوص القانونية:

حظرت المادة ۲۸ من قانون المخدرات زراعة النباتات المخدرة بنصها على أنه ” لا يجوز زراعة النباتات المبينة بالجدول رقم (٥).

– ونصت المادة٣٠/١على أنه للوزير المختص الترخيص للمصالح الحكومية والمعاهد العلمية بزراعة أي نبات من النباتات الممنوعة زراعتها وذلك للأغراض أو البحوث العلمية بالشروط التي يضعها لذلك.

وللوزير المختص أن يرخص في جلب النباتات المبينة بالجدول رقم (٥) وبذورها، وفي هذا الحالة تخضع هذه النباتات والبذور لأحكام الفصلين الثاني والثالث.

–ونصت المادة ۲۹ من قانون المخدرات على أنه يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشترى أو يبيع أو يتبادل أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم (٥) في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم (٦).

ثانياً: المبادئ القانونية:

–المقصود بالزراعة هي الأفعال المتعلقة بالزراعة السابقة على إنتاج المواد المخدرة، كما يشمل ذلك أى طور من أطوار نمو النباتات كما وردت بالمدة ٣٤ ب من قانون المخدرات.

–والنباتات المحرم زراعتها والواردة بالجدول رقم (٥) الملحق بالقانون هي:

أ-القنب الهندي (كانابيس ساتيفا) ذكراً كان أو أنثى بجميع مسمياته مثل الحشيش أو الكمنجة أو البانجو أو غير ذلك من الأسماء التي قد تطلق عليه.

ب – الخشخاش بجميع أصنافه ومسمياته مثل الأفيون أو أبو النوم أو غير ذلك من الأسماء التي قد تطلق عليه.

ج – جميع أنواع جنس البابافير.

د – الكوكا (وهو يستخرج منه الكوكايين بجميع أصنافه ومسمياته

هـ -القات بجميع أصنافه ومسمياته.

وفعل الزراعة للنباتات السالف ذكرها في حد ذاته محل تأثيم، وبه تقع الجريمة كاملة، سواء نبت الزرع أو جفت شجيراته وتقع الجريمة – من باب أولى – سواء تحقق إنتاج الجوهر المخدر أو لم يتحقق ذلك لأي سبب، ولو بفعل إرادي من جانب الزارع نفسه.

٣- يستوي في العقاب على جريمة زراعة النباتات المخدرة أن تكون الأوراق أو الشجيرات لأنثى نبات الحشيش أو لذكر نبات الحشيش.

٤-يستوي للعقاب أن تكون النباتات في أي طور من أطوارها حتى ولو كانت في طور التزهير.

٥– من الدفوع الجوهرية أن يدفع المتهم بأنه لا يباشر زراعة الأرض التي وجد بها الحشيش المزروع وأنه لا يشرف عليها ولكنه يؤجرها للغير وأنه لصغر سنه لا يميز شجيرات الحشيش ويقدم المستندات الدالة على ذلك مثل عقد الإيجار أو يدفع بانقطاع صلته كلية بالأرض المزروعة.

٦- الحظر لا يشمل فقط مجرد وضع البذور فقط في الأرض، لكنه يتناول كل ما يمتد نحو البذور من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع إلى حين نضجه وقلعه.

٧-أدلة الإثبات على الزراعة قد تستفاد من الآتي:

أ – ضبط النبات المخدر بحقل المتهم أو بأرضه أو بمكانه.

ب – التأكد من أن المتهم هو الذي يقوم بخدمتها وزراعتها من أقوال الشهود.

ج – أقوال الضابط مع شخص آخر يؤكد أن المتهم هو الزارع للأرض دون حائزها.

د– المعاينة التي تثبت وجود المخدر وسط زراعات أخرى.

هـ – تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي الذي يؤكد أنه مواد مخدرة.

وبالتالي لا يتوافر الركن المادي في حق المتهم في جريمة زراعة النباتات المخدرة إذا أثبت أن الأرض أو الحقل أو مكان الزرع لا يمت له بأي صلة، أو إذا أثبت أنه مالكها ولكن لا يقوم بخدمة الأرض وزراعتها وأن شخصاً آخر يستأجرها هو الذي يقوم بذلك، وإذا تأكد ذلك من أقوال الشهود.

وتقع الجريمة تامة بمجرد وقوع فعل الزراعة، سواء نبت الزرع أو جفت شجيراته، وسواء تحقق إنتاج المادة المخدرة أو لم يتحقق ذلك لأي سبب من الأسباب ولو كان بفعل إرادي من جانب الزرع نفسه، وتختلف الزراعة عن الإنتاج من هذه الناحية، فالإنتاج لا يتم إلا بوجود المادة المخدرة، فإذا لم يتحقق ذلك وقفت جريمة الإنتاج عند مرحلة الشروع.

وزراعة النباتات المخدرة جريمة مستمرة، ولذلك فهي تخضع لأحكام هذا النوع من الجرائم في شأن التقادم وسريان القانون الجنائي وحجية الأمر المقضي فيه. ولذا استقر قضاء محكمة النقض على أن جريمة إحراز النباتات المخدرة من الجرائم المستمرة. وقد قضى بأنه: إذا كان الحكم قد أثبت أن المتهم الذي زرع نبات الحشيش ونبات الخشخاش في ظل القانون رقم ۲۱ لسنة ۱۹۲۸، أحرز هذا النبات في أطوار نموه التالية لتاريخ العمل بالقانون الجديد رقم ٣٥١ لسنة ١٩٥٢ وأنتج واستخرج وفصل من نبات الخشخاش بعد نضجه مادة الأفيون، وأن التحليل دل على أن هذا النبات وجد مجرحاً وعثر بجوار الجروح على آثار مادة داكنة تبين أنها أفيون، فإن الحكم إذا طبق المادة ۳۳ من القانون رقم ٥١، لسنة ١٩٥٢ على صور هذه الواقعة لا يكون قد أخطأ في شيء.

ثالثاً: التطبيقات القضائية:

إن القانون رقم ٤٢ لسنة ١٩٤٤ قد نص بصفة عامة على حظر زراعة الحشيش وحيازة شجيراته المقلوعة وأوراق شجيراته وبذوره، فدل بهذا الإطلاق على أنه لا يشترط للعقاب في هذه الجرائم ان تكون الشجيرات أو الأوراق لأنثى نبات الحشيش ….. إلخ. مما يشترط للعقاب على الجرائم الخاصة بالاتجار بجوهر الحشيش وإحرازه في القانون رقم ۲۱ لسنة ۱۹۲۸ الخاص بوضع نظام الاتجار بالمخدرات واستعمالها. وإذن فالمتهم الذي يعاقب بالقانون رقم ٤٢ لسنة ١٩٤٤ لا يجديه ان يطعن على الحكم بأن المحكمة لم تجبه إلى ما طلبه من استدعاء الخبير الذي أجرى التحليل لمناقشته فيما إذا كانت المادة المضبوطة من نبات الحشيش الأنثى أم الذكر، ولم ترد على هذا الطلب.

(جلسة ١٢/١٢/١٩٤٧طعن ٢١١٧ سنة ٧ق)

القنب الهندي – كما عرفته الاتفاقية الدولية التي انتهى إليها مؤتمر الأفيون الذي انعقد في مدينة جنيف هو الرؤوس المجففة المزهرة أو المثمرة من السيقان الإناث لنبات الكنابيس ساتيف الذي لم تستخرج مادته الصمغية أيا كان الاسم الذي يعرف به في التجارة. وهذا المعنى هو الذي كان ملحوظاً لدى الشارع المصري عند وضعه قانون المخدرات رقم ۲۱ لسنة ۱۹۲۸/ إذ هو قد وضعه بعد إبرام الاتفاقية المذكورة، وبعد قبول حكومة مصر العمل بأحكامها، ومع ذلك لم يشأ أن يعرف هذه المادة بغير هذا المعنى …. وإذن فإذا كانت شجيرات القنب الهندي المضبوطة لا تزال في دور التزهير الذي تكون في خلاله مادة الحشيش فلا عقاب بمقتضى قانون المخدرات المذكور على إحرازها، وإنما يصح العقاب عليها بمقتضى قانون زراعة الحشيش.

(جلسة٢٣/٦/١٩٤١ طعن رقم ١٤٦٩ سنة ١١ ق)

أن اعتراف المتهم بضبط النبات في حيازته مع إنكار علمه بأنه مخدر لا يصلح أن يقام عليه الحكم بإدانته في جريمة زراعة نبات الحشيش، دون إيراد الأدلة على أنه كان يعلم أن ما أحرزه مخدر وإلا كان الحكم قاصراً متعيناً نقضه. (جلسة ٢٦/٤/١٩٥٥طعن رقم ١٤٠ سنة ٢٥ ق)

إن للقانون رقم ٤٢ لسنة ١٩٤٤ الخاص بمنع زراعة الحشيش في مصر إذ نص في المادة الأولى على أن زراعة الحشيش ممنوعة في جميع أنحاء المملكة المصرية. وإذ نص في المادة (۲) التالية لها على أن كل مخالفة لحكم المادة السابقة يعاقب مرتكبها إلى وإذ نص في المادة (۳) على معاقبة من يضبط حائزاً أو محرزاً الشجيرات حشيش مقلوعة، أو لبذور الحشيش غير المحموسة حمساً يكفل عدم إنباتها، أو الأوراق شجيرات الحشيش سواء أكانت مخلوطة بمواد أخرى أم غير مخلوطة بشيء. إذ نص على ذلك فقد دل في غير ما غموض على انه لم يقصد ان يقصر الحظر المنصوص عليه في المادة الأولى على مجرد وضع بذور الحشيش في الأرض، بل قصد أن يتناول هذا الحظر أيضاً كل ما يتخذ نحو البذر من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع إلى حين نضجه وقلعه. لأن وضع البذور إن هو إلا عمل بدائي لا يؤتى ثمرته إلا بدوام رعايته حتى ينبت ويتم شواؤه وليس من المقبول أن يكون الشارع قصد المعاقبة على حيازة الشجيرات المقلوعة وترك الحائز للشجيرات القائمة على الأرض بلا عقاب مع أن حيازة هذه أسوا حالاً وأوجب عقاباً. ثم إن قوله في المادة الثانية كل مخالفة… إلخ”، يدل على أنه إنما قصد النظر السالف ذكره، إذ هذا القول يفيد أنه قدر أن الحظر الوارد في المادة الأولى بتعدد صور المخالفة له، والتعدد لا يكون إلا لتغاير الأفعال التي تقع بها المخالفة مع وحدة الغرض منها جميعا. ومتى كان ذلك كذلك كان من يعمل على رعاية شجيرات للحشيش إبان العمل بهذا القانون معاقبا بمقتضى المادة الأولى منه ولو كان وضع بذورها قد حصل قبل صدوره، وسواء أكان هو الذي وضع تلك البذور أم كان غيره هو الذي وضعها.

(جلسة ٢/٤/١٩٤٥طعن رقم ٧٦٣ سنة ١٥ ق)

 

 

الدفع بانتقاء الركن المادي في جرائم

الإنتاج أو الاستخراج أو الصنع أو الفصل

تمهيد:

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المادي في جرائم الإنتاج أو الاستخراج أو الصنع أو الفصل يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

أولاً: النصوص القانونية

–نصت المادة ٢٥ من قانون المخدرات على أنه: ” لا يجوز إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع أى جوهر أو مادة من الجواهر والمواد الواردة بالجدول رقم (۱).

ونصت المادة ٢٦ من قانون المخدرات على أنه: ” لا يجوز في مصانع المستحضرات الطبية صنع مستحضرات يدخل في تركيبها جواهر مخدرة إلا بعد الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة.. ولا يجوز لهذه المصانع استعمال الجواهر المخدرة التي توجد لديها إلا في صنع المستحضرات التي تنتجها وعليها أن تتبع أحكام المادتين ۱۲، ۱۳ فما يتعلق بما يرد إليها من الجواهر المخدرة، وأحكام المواد ۱۱، ۱۲، ۱۳ فيما يتعلق بما تنتجه من مستحضرات طبية يدخل في تركيبها أحد الجواهر المخدرة بأية نسبة كانت”.

ثانياً: القواعد القانونية التي تحكم الدفع

– أن جوهر الركن المادي في هذه الجرائم هي أفعال: الإنتاج واستخراج والفصل والصنع. وهذه الأفعال كلها تؤدى فى النهاية إلى ظهور المادة المخدرة إلى الوجود.

–يقصد بالإنتاج استحداث مادة مخدرة لم يكن لها وجود من قبل، مثال ذلك الحصول على الأفيون الخام من رؤوس الخشخاش، والحشيش من نبات القنب، أما الاستخراج – ويدخل في معناه الفصل – فمقصود به تحليل مادة قائمة وفصل عناصرها المكونة لها فصلاً يتم به الحصول على المادة المخدرة.

وقد عرفت اتفاقية جنيف الاستخراج بأنه فصل الجوهر المخدر من المادة أو المركب الذي يكون ذلك الجوهر جزءاً منه دون أن تتضمن هذه العملية أي صنع أو تحويل بمعناها الصحيح، ويستوي أن تكون المادة الأصلية التي حللها الجاني من المواد المخدرة أو غير المخدرة، مادام قد تمكن في النهاية من أن يفصل منها جوهراً مخدراً.

ومن أمثلة الاستخراج فصل المورفين عن الأفيون، وفصل المواد المخدرة من الأمزجة التي تدخل في تركيبها.

أما الصنع فهو كافة العمليات – خلاف الإنتاج والاستخراج والفصل – التي من شانها مزج مواد معينة يؤدى فى النهاية إلى إيجاد المادة المخدرة، مثل صنع البارابيتيورات والأمفيتامينات.

– لا عبرة في جميع الأفعال المتقدمة بالوسيلة التي يستخدمها الجاني لتحقيق أغراضه، فيستوى في نظر القانون أن تكون الوسيلة آلية أو يدوية، كما يستوي أن تكون المواد الأصلية التي يستخدمها الجاني مخدرة أو غير مخدرة، مادام أن مزجها يؤدى في النهاية إلى إبراز المادة المخدرة.

-تجدر الإشارة إلى أن المادة ٢٥ من قانون المخدرات محل البحث تتشابه مع المادة ٢٧ من قانون المخدرات ولكن أوجه الاختلاف أن المادة الأولى تعالج جنايات الإنتاج والاستخراج والنقل والفصل، في حين أن المادة الثانية تعالج جنح الإنتاج والاستخراج والنقل والفصل. والفيصل فيما إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة هي الجوهر المخدر الذي يرد عليه الفعل الإجرامي. فإذا ورد الإنتاج أو الاستخراج أو النقل أو الفصل على أحد المواد أو الجواهر المخدرة الواردة بالجدول رقم (۱) بعد ذلك جناية، أما إذا ورد على أحد المواد أو الجوهر المخدرة الواردة بالجدول رقم (۳) وهي المواد والجواهر ضعيفة التخدير اعتبر ذلك جنحة. – يجدر التنويه إلى أن المادة ۲۷ التي عالجت المواد ضعيفة التخدير أضافت أفعال الإحراز والشراء والبيع والنقل والتسليم إلى أفعال الإنتاج والاستخراج والنقل والفصل بحيث يشملها كافة تلك الصور على خلاف المادة ٢٥ التي قصرت التجريم على أفعال الإنتاج والاستخراج والنقل والفصل وذلك لأن الأفعال الأخرى منصوص عليها في صلب القانون بالمواد الأخرى وذلك بالنسبة للمواد الواردة بالجدول رقم (۱) وبالتالي جاء نص المادة ۲۷ شاملاً لكافة صور التجريم بالنسبة للمواد ضعيفة التخدير الواردة بالجدول الثالث.

الدفع بانتفاء الركن المادي في جريمة التصرف في المخدر لغير الغرض الشرعي

تمهيد:

يقتضي التعرض للدفع أن نتناول النص القانوني الذي يحكم الدفع فضلاً عن الأشخاص المرخص لهم بالاتصال بالمواد المخدرة، ثم المبادئ القانونية التي تحكم. النص.

أولاً: النص القانوني الذي يحكم الدفع:

نصت المادة ٣٤ / جـ من قانون المخدرات على أنه يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من رخص له في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في غرض من أغراض معينة وتصرف فيها بأية صورة كانت في غير تلك الأغراض.

ثانياً: الأشخاص المرخص لهم بالاتصال بالمواد المخدرة

لا تقع هذه الجريمة إلا من الأشخاص المسموح لهم قانوناً بالاتصال بالجواهر المخدرة وهؤلاء الأشخاص هم:

–الأشخاص المرخص لهم في جلب وتصدير والاتجار في المواد المخدرة.

–الأشخاص المرخص لهم في صنع مستحضرات تدخل المخدرات في تركيبها.

–الأطباء المرخص لهم في حيازة المواد المخدرة إذا باع المخدر لأحد الأشخاص للتعاطي دون أن تكون حالته الصحية تحتاج إلى المخدر. ولكن الطبيب الغير مسموح له بالحيازة من أساسه يعاقب مثل بقية الأشخاص.

–الصيادلة المرخص لهم بالتعامل في المواد المخدرة، ولكن لا يجوز لأحد الصيادلة أن يبيع مواد مخدرة لآخر دون الحصول على تذكرة طبية للحصول على الدواء أو يترك شخصاً آخر يحصل على المخدر ويتعاطاه.

–رجال الضبط القضائي الذين يضبطون المواد المخدرة.

–الموظفون المنوط بهم إتلاف المواد المخدرة المضبوطة إذا تصرفوا في

المخدر لغير الغرض المخصص له.

ثالثاً: المبادئ القانونية التي تحكم النص:

تشمل عبارة وتصرف فيها بأية صورة كانت كافة أفعال البيع والشراء والتبادل والرهن والهبة، وتعنى عبارة في غير تلك الأغراض أن الفعل المعاقب عليه هو ذلك المخالف للغرض الذي من أجله سمح بالحيازة لشخص ما، وبذلك فالمفهوم أنه عند استخدامها في ذات الغرض المسموح به أو تنفيذا له لا يعاقب الحائز، وإن إباحة حيازة بعض الطوائف للمخدرات – كما سبق – يعد حالة من حالات الإباحة، فإذا تصرف الشخص تصرفاً في المخدر في غير الغرض المخصص له يعتبر أنه قد سقطت عنه حالة الإباحة ويستحق العقاب. كما أنه يعتبر انه قد خان الأمانة، وإذا كان موظفاً عاماً يعد مختلساً.

لما كانت هذه الجرائم من الجرائم العمدية فإنه إذا انتفى ركن العمد وثبت أن التصرف في غير الغرض المخصص له، لم يكن عن عمد، بل كان على سبيل السهو أو الخطأ، لا يوقع عليه العقاب، وأهم الطوائف المشار إليها بالنص هم الأطباء والصيادلة لأنهم يحصلون بسهولة على المواد المخدرة وذلك لاستعمالها في خدمة المريض، ومن ثم يكمن الخطر في إساءة استغلال تلك المواد، ومن هذا يكون العقاب.

رابعاً: العقوبة.

العقوبة هي الإعدام أو السجن المؤبدة والغرامة التي لا تقل عن ۱۰۰۰۰۰جنيه ولا تجاوز ٥۰۰۰۰۰ جنيه، وهما وجوبيتان

الدفع بانتفاء الركن المادي في جرائم التعاطي

تمهيد:

يقتضي التعرض للدفع أن نعرض في البداية للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، ثم نتناول بعد ذلك جرائم التعاطي كلا على حدة.

ولقد نصت المادة ٣٤ من قانون المخدرات على أنه: يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبدة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.

(أ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو أتجر فيه بأية صورة، وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

(ب) كل من رخص له حيازة جوهر مخدر لاستعماله في غرض معين وتصرف فيه بأية صورة في غير هذا الغرض.

(ج) كل من أدار أو هيا مكاناً لتعاطى الجواهر المخدرة بمقابل.

وتكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في الأحوال الآتية:

– إذا استخدم الجاني في ارتكاب إحدى هذه الجرائم من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية أو استخدم أحداً من أصوله أو من فروعه أ زوجه أو احداً ممن يتولى تربيتهم أو ملاحظتهم أو ممن له سلطة فعلية عليهم في رقابتهم أو توجيههم.

– إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العمومين المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها أو كان ممن لهم اتصال بها بأي وجه.

–إذا استغل الجاني في ارتكابها أو تسهيل ارتكابها السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو الحصانة المقررة له طبقاً للدستور أو القانون.

–إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة أو دور التعليم ومرافقها الخدمية أو النوادي أو الحدائق العامة أو أماكن العلاج أو المؤسسات الاجتماعية أو العقابية أو المعسكرات أو السجون أو بالجوار المباشر لهذه الأماكن.

– إذا قدم الجاني الجوهر المخدر أو سلمه أو باعه على من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية أو دفعه إلى تعاطيه بأية وسائل الإكراه أو الغش أو الترغيب أو الإغراء أو التسهيل.

– إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق.

– إذا كان الجاني قد سبق الحكم عليه في جناية من الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة أو المادة السابقة”

كما نصت المادة ٣٤ مكرر من قانون المخدرات على أنه: يعاقب بالإعدام وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من دفع غيره بأية وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش إلى تعاطى جوهر مخدر من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (۱)

ونصت المادة ٣٥ من قانون المخدرات على أنه: يعاقب بالسجن المؤبدة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه:

(أ) كل من أدار مكاناً أو هيأه للغير لتعاطى الجواهر المخدرة بغير مقابل.

(ب) كل من سهل أو قدم للتعاطي بغير مقابل جوهراً مخدراً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً”.

ونصت المادة ٣٦ من قانون المخدرات على: استثناء من أحكام المادة ١٧ من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة ٣٨ النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة، فإذا كانت العقوبة التالية هي السجن المشدد أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات.

 

 

تقديم المخدر للغير للتعاط

القواعد القانونية التي تحكم الجريمة:

يشترك الركن المادي في جريمة تقديم المخدر للغير للتعاطي مع بعض الأفعال الأخرى إذ أنه يعتبر اتجارا كما أنه يعتبر إحرازاً، ومن ثم يوجد تعدد صوري. وقوم الجريمة بمجرد تقديم المخدر للغير للتعاطي سواء كان ذلك بمقابل أم لا، وتقوم الجريمة بمجرد تقديم المخدر للغير للتعاطي سواء تم التعاطي فعلاً أم لا. إذا لم يقم المتهم فعلاً بتقديم المخدر للغير بنفسه فلا تقوم الجريمة، ومن ثم فإن أخذ شخص من آخر قطعة حشيش فإن الأخير لا يكون قد قدم المخدر للأول للتعاطي لأن الأول هو الذي أخذها بنفسه ولم يقم الثاني بأي فعل إيجابي بل أن موقفه كان سلبياً.

تسهيل التعاط

القواعد القانونية التي تحكم الجريمة:

إن تسهيل التعاطي للغير للمواد المخدرة يتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص بقصد تعاطى المخدرات تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لتسهيل تعاطى الغير للمخدرات وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنية إلى شخص لتمكينه من تعاطى المخدرات أياً كان طريقة أو مقدار هذه المساعدة.

وقع الجريمة من الطبيب الذي يحرز تذكرة طبية لشخص معين ليس في حاجة إلى المخدر ويمكنه من الحصول بلا وجه حق على المخدر، ويتعاطاه فعلاً.

وقع الجريمة من الصيدلي الذي يسمح لمدمن المورفين بتعاطي الحقنة في مكان مستور من صيدليته تحت إشرافه.

وتقع الجريمة من الشخص الذي يمكن آخرين من تعاطى المخدرات في مسكنه ويقدم لهم المعدات اللازمة، أما إذا ثبت عدم علمه بذلك فلا تقوم الجريمة. مثال ذلك إذا كان الشخص يسكن في شقة أخيه وسمح للآخرين بالتعاطي فإن صاحب الشقة إذا لم يكن يعلم بذلك لا تقوم الجريمة في حقه.

وقوم الجريمة في حق رجل الشرطة الذي يتغاضى عن أشخاص يتعاطون المخدر في مكان يتولى حراسته، ولا تقوم الجريمة في حق الشخص العادي الذي يشاهد أشخاصاً يتعاطون جواهر مخدرة ويتغاضى عنهم أو لا يبلغ الشرطة.

وتقوم الجريمة سواء كان التسهيل بمقابل أو بدون مقابل كما أنه لا عبرة بالبواعث على التسهيل، ولا تقوم الجريمة إلا إذا حدث التعاطي فعلاً.

وأن تقديم شخص لآخر حال اجتماعهم لتناول المخدرات السيجارة المشتعلة التي تحتوي على المادة المخدرة والجوزة لا يعد تسهيلاً للتعاطي وإن عد إحرازاً للمخدر بقصد الاستعمال الشخصي وذلك بالنسبة لجميع المجتمعين.

وتقوم الجريمة إذا تغاضى صاحب مقهى عن قيام بعض الرواد بتدخين المخدرات تحت بصره، فهو هنا يتحلل من التزامه القانوني بمنع تعاطى المخدرات في محله العام، ولكن يشترط أن يكون ذلك في حضوره وتحت بصره، فإذا ثبت أنه لم يكن حاضراً وأن الفعل لم يكن تحت بصره ولم يكن بإرادته بل رغ رغماً عنه فلا تقوم الجريمة.

 

إعداد أو تهيئة أو إدارة مكان لتعاطى المخدرات

تمهيد:

نعرض في البداية لأحكام إعداد المكان، ثم أحكام تهيئة المكان، ثم إدارة المكان، وبعد ذلك نعرض للأحكام القضائية.

1 – إعداد المكان.

إعداد المكان يعنى تخصيصه لتعاطى المخدرات، سواء كان هذا التخصيص معلوماً للكافة أو مقصوراً على عدد محدد من الأفراد ويستوي أن يكون المكان مخصصاً لهذا الغرض وحده أو معداً لعدة أغراض أخرى – حقيقية أو وهمية – ومن بينها تعاطى المخدرات. كذلك يستوي أن يكون المكان مفتوحاً للجمهور بغير. تخصيص أو مقصوراً على فئة معينة من الناس.

ولا يعتد القانون بشكل المكان ولا بطريقة إعداده، فالجريمة تقع بإقامة كوخ بين الحقول، أو بإعداد مكان في منطقة جبلية أو صحراوية أو في مكان مهجور. كذلك تقع الجريمة بتخصيص غرفة في منزل أو ركن في مقهى لهذا الغرض. ولا يشترط في المكان أن يكون مبنياً، فتقع الجريمة بإقامة خيمة في الصحراء أو بمجرد تمهيد أرض وعرة أو إزالة جزء من النباتات في أرض مزروعة أو تصوير مكان مهجور، متى كان القصد من كل ذلك إعداد المكان لتعاطى المواد المخدرة.

٢ – تهيئة المكان:

يقصد بتهيئة المكان تزويده بما قد يحتاجه المتعاطون أثناء وجودهم فهي مثال ذلك الجوزة وملحقاتها بالنسبة لمن يتعاطون الحشيش، والحقنة ولوازمها بالنسبة لمن يتعاطون الأفيون والمورفين.

وكلمة “التهيئة” يجب أن تفسر تفسيراً ضيقاً بحيث يقتصر مدلولها على الأفعال اللازمة للتعاطي والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً، أما الأفعال الثانوية مثل التنظيف والإدارة والتهوية فلا تعد من أفعال التهيئة المؤثمة قانوناً. وبناء عليه فإن قيام أعد لتعاطى المخدرات مع علمه شخص – في مقابل أجر تقاضاه –بتنظيف مكان بذلك، لا يكون جريمة تهيئة المكان لتعاطى المخدرات. وعلى كل حال فإن ما يعتبر من أعمال التهيئة المؤثمة قانوناً وما لا يعتبر كذلك متروك تقديره لقاضي الموضوع بغير معقب عليه من محكة النقض.

٣- إدارة المكان:

تشمل إدارة المكان كل نشاط يقوم به الجاني متعلقاً بتنظيم وتوجيه عملية تعاطى المخدرات داخل المكان. ويستوي أن يكون المدير هو مالك المكان أو مستأجره أو أي شخص آخر يتولى الإدارة.

والإدارة من الجرائم المستمرة. ويجب لقيام جريمة إعداد أو تهيئة أو إدارة مكان لتعاطى المخدرات أن يتم ذلك بمقابل يتقاضاه الجاني.

ويترتب على اشتراط مقابل يتقاضاه من أعد أو هيا أو أدار مكاناً لتعاطى. المخدرات نتائج هامة منها:

–لا تقع جريمة الإعداد أو التهيئة إذا أعد أو هيا أحد الأشخاص لنفسه غرفة خاصة في منزله أو في مكان عمله لتعاطى المواد المخدرة بعيداً عن أعين أفراد أسرته أو مرؤوسيه في العمل، فهذا المكان ليس معداً ولا مهيئاً لاستقبال الغير.

–يستوي أن يكون استقبال الراغبين في التعاطي قد حدث بصفة عابرة لم بصفة منتظمة فترة من الزمن، فالجريمة تقع في كلتا الحالين ما دام الاستقبال كان بمقابل تقاضاه القائم على المكان.

–يستوي أن يكون المقابل نقداً أو عيناً أو منفعة. أما إذا لم يحصل الجاني على أي مقابل، كمن يدعو بعض أصدقائه لتعاطى المواد المخدرة في منزله احتفالاً بإحدى المناسبات، فإنه لا يعد مرتكباً لجريمة الإعداد المنصوص عليها بالمادة ٣٤د من قانون المخدرات، وإنما يعد مرتكباً لجريمة تقديم المخدر للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيه حسب الأحوال (مادة٣٥).

ويلاحظ أن الجرائم الثلاث السابقة تعتمد على المكان المخصص لتعاطى المخدرات اعتمادا أساسياً.

٤-التطبيقات القضائية في جريمة إعداد أو تهيئة مكان لتعاطى المخدرات بمقابل

جريمة تسهيل تعاطى المخدرات تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال إيجابية – أيا كانت – يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص بقصد تعاطى المخدرات تحقيق هذا القصد، أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لتسهيل تعاطى المخدرات وتهيئة الفرصة لذلك، أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من تعاطى المخدرات، أيا كانت طريقة المساعدة. ويتحقق القصد الجنائي في تلك الجريمة بعلم الجاني بأن فعله يسهل هذا التعاطي، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه مؤديا إلى ذلك ما دام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافرا فعليا.

(الطعن رقم ١٦٢٢ لسنة ٥٠ ق جلسة ٧/١/١٩٨١)

وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله ” أنها تتحصل في أنه يوم 1 من نوفمبر سنة ۱۹۷۳ واثناء مرور معاون مباحث قسم بولاق علم من أحد مرشديه أو مقهى. يدار لتعاطى المخدرات فاتجه إليه حيث شاهد بعض الأشخاص يجلسون به وكان المتهم (الطاعن) يقدم جوزة إليهم وأبصر أحدهم ممسكاً بجوزة مشتعلة ويقوم بتدخينها وثبت من تقرير التحليل أن المادة المضبوطة فوق الأحجار الجوهر الحشيش وأن الجوزتين المضبوطتين ومياههما وقلبيهما وغابة كل منهما بها آثار حشيش وان المادة المضبوطة فوق حجر الجوزة المشتعلة والتي كان يمسك بها أحد الأشخاص لجوهر الحشيش. لما كان ذلك وكان من المقرر ان إدارة أو أعداد أو تهيئة المكان المخصص لتعاطى المخدرات – في حكم الفقرة (د) من المادة ٣٤ من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ – إنما تكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة إعداد وتهيئة وإدارة مكان لتعاطى المخدرات” مقهى …… دون أن يستظهر توافر أركانها فإنه يكون معيبا بالقصور.

(الطعن ٥٤٦١ لسنة ٥١ ق جلسة ١٨/٥/١٩٨٢)

لما كان الحكم المطعون فيه قد طبق في حق الطاعن الأول حكم المادة٣٢/١ عقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد للجرائم التي دانه بها وهي المقررة الجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطى المخدرات، وإذ كان الحكم بالإدانة في تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان أن إدارة المكان بمقابل يتعاطاه القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وكان الحكم المطعون فيه سواء في بیان واقعة الدعوى أو سرده اقوال الشهود – قد خلا من ذكر هذا البيان فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعن الأول بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره في أوجه طعنه.

لما كان ذلك، وكانت الجريمتان اللتان دين بهما الطاعن الثاني تلتقيان في صعيد واحد مع الجريمتين الأولى والثانية اللتين دين بهما الطاعن الأول فإن نقض الحكم بالنسبة لهذا الأخير يقتضي نقضه بالنسبة للطاعن الثاني لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لأولهما وما تجر إليه أو تنتهي عنده تقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة بالنسبة للطاعنين في جميع نواحيها وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني.

(الطعن رقم ٢٢٦ لسنة ٥١ ق جلسة ١١/٦/١٩٨١)

التعاطي بدون مقابل

نعرض أولاً للنص القانوني لتلك الجرائم ثم نتناول بعد ذلك الأحكام القضائية في هذا الشأن.

أولا: النص القانوني

نصت المادة ٣٥ من قانون المخدرات على أنه: يعاقب بالسجن المؤبدة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه:

(أ) كل من أدار مكاناً أو هيأه للغير لتعاطى الجواهر المخدرة بغير مقابل.

(ب) كل من سهل أو قدم للتعاطي بغير مقابل، جوهراً مخدراً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

وقد أضاف المشرع إلى هذه المادة فقرة جديدة خاصة بصورة من صور النشاط الإجرامي في الاتصال بالمواد المخدرة يعاقب مرتكبها بالعقوبة المنصوص عليها في المادة ٣٥ وهي خاصة بكل من أدار مكاناً أو هيأه للغير لتعادى الجواهر المخدرة بغير عقاب.

ثانياً: التطبيقات القضائية:

لما كانت جريمة تسهيل تعاطى المخدرات كما هي معفرة في القانون تقتضي صدور أفعال إيجابية من مرتكبها بقصد تسهيل تعاطى الغير للمواد المخدرة وكان ما أورده الحكم في مدوناته لا يكفي للتدليل على توافر عناصر جريمة التسهيل في حق الطاعن ذلك أن مجرد علم الطاعن بتعاطي أحد رواد المقهى مخدرا بمقهاه لا يعد تسهيلا لتعاطى المخدر كما أن مجرد تقديم نرجيلة لأحد رواد المقهى لا يفيد بذاته أنه قدمها له لاستعمالها في تدخين المخدر. وإذ كان الحكم لم يورد الدليل على ما خلص إليه من أن الطاعن اذن للمتهم الثاني بحمل الجوزة بما عليها من مخدر وتقديمها للرواد، فإنه يكون قاصر البيان.

(الطعن رقم ٦٨٠٥ لسنة ٥٢ ق جلسة ٢٠/٤/١٩٨٣ لسنة ٢٤ ص ٥٧٧)

وحيث أن الحكم المطعون فيه قد حَصَلَ واقعة الدعوى في أن الرائد …. رئيس قسم مكافحة المخدرات….. انتقل ومعه الملازم أول ……….. وقوة من رجال الشرطة إلى مقهى الطاعن لتفقد حالة الأمن وما أن داهمه حتى وجد المحكوم عليهما الآخرين يجلسان في حجرة بالمقهى وأمامهما منضدة عليها بعض قطع من المواد المخدرة والأدوات الخاصة بتعاطيها وإذ شاهداه ارتبكا فقام ومرافقوه بالقبض عليهما وبمواجهتهما بالمضبوطات اقرا له بأنهما أعداها سويا بقصد التعاطي، وقد كان الطاعن بالمقهى وقت الضبط وكان تعاطى المحكوم عليهما الآخرين للمواد المخدرة تحت بصره وأن التحريات السابقة دلت على قيامه بتقديم المواد المخدرة للمدمنين المترددين على مقهاه ثم حصل الحكم اقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات في قوله: “فقد شهد الرائد ….. بأنه انتقل في يوم…….. وبرفقته الملازم أول.. وقوة من رجال الشرطة إلى مقهى المتهم الثالث. (الطاعن) لتفقد حالة الأمن بعد أن انتشرت ظاهرة تعاطى المواد المخدرة بمدينة. وقيام أصحاب المقاهي بتقديم هذه المواد للمترددين عليها وما أن داهم المقهى حتى شاهد المتهمين الأول والثاني يجلسان في حجرة تقع في نهاية المقهى على اليسار وأمامهما منضدة عليها ……. وبمواجهتهما اعترفا بإعداد تلك الحجارة للتعاطي وكان التعاطي تحت بصر صاحب المقهى المتهم الثالث (الطاعن). واحال في بيان شهادة الضابط الآخر إلى ما أورده من اقوال رئيس القسم وخلص إلى إدانة الطاعن بقوله: “وحيث ان الثابت للمحكمة أن المتهمين الأول والثاني كانا يتعاطيان المواد المخدرة في مقهى المتهم الثالث وتحت بصره وأن الجوزة والحجارة المضبوطة خاصة بالمقهى وقد ثبت من تقرير قسم المعامل الكيمائية أن الحجر …… الأمر الذي يقطع بأن المتهمين تعاطيا المواد المخدرة داخل المقهى ويكون المتهم الثالث قد سهل لهما هذا التعاطي بأن قدم لهما المكان والأدوات الخاصة بتعاطي المواد المخدرة. لما كان ذلك، وكانت جريمة تسهيل تعاطى المخدرات كما هي معرفة في القانون، تقتضي صدور افعال إيجابية من مرتكبها بقصد تسهيل تعاطى الغير للمواد المخدرة، وكان ما أورده الحكم في مدوناته – على ما سلف بيانه – لا يكفي للتدليل على توافر عناصر جريمة التسهيل في حق الطاعن ذلك أن مجرد علم الطاعن بتعاطي اثنين من رواد المقهى مخدراً لا يعد فعلاً إيجابياً منه تتوافر به جريمة تسهيل تعاطى المخدر كما أن مجرد تقديم أدوات التدخين – المعدة للاستعمال بالمقهى – لا يفيد بذاته انه قدمها لهما لاستخدامها في تعاطى المخدر. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والقول بكلمتها فيما يثيره الطاعن من خطا في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

(الطعن رقم ٢٣٥٥ لسنة ٥٤ ق جلسة ١٤/٥/١٩٨٥ السنة ٢٦ ص ٦٤٨)

حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل تعاطى المخدرات للغير قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن ما نسبه إلى الطاعن من تقديم جوزة تدخين المعسل للمحكوم عليه الآخر لا يكفى لتوافر أركان الجريمة ومع تمسك الطاعن بهذا الدفاع فقد رد الحكم عليه بما لا يسوغ هذا إلى أن الطاعن عامل بالمقهى ومن مقتضى عمله ان يضع دخان المعسل في حجارة ويقدمه للرواد وكان ذلك تنفيذاً لأمر صادر إليه من صاحب المقهى الذى يعد في مقام الرئيس الذي تجب عليه طاعته في مفهوم المادة ٦٣ من قانون العقوبات مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تسهيل تعاطى المخدرات للغير – التي دان بها الطاعن – واورد على ثبوتها في حقه ادلة مستمدة من أقوال المقدم ……… رئيس مباحث بندر ميت غمر والملازم أول ……….. ضابط المباحث وتقرير معامل التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل دفاع الطاعن بانتفاء أركان الجريمة في حقه ورد عليه بما نصه وحيث انه عما اثاره الدفاع بشأن عدم توافر أركان جريمة تسهيل تعاطى المواد المخدرة فهو في غير محله إذ الثابت من أقوال ضابط الواقعة ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة أنه كان يقوم بتقديم الجوزة للشخص السابق محاكمته ومن يجالسه وقد شاهد الأول وهو يتسلم قطعة من الحشيش من احد الجالسين ثم شاهده وهو يقوم بتقطيعها ثم انصاع لأمر السابق محاكمته واحضر الجوزة واخذ يعدها لتعاطيه المخدرات ثم عاود ذلك مرة اخرى بأن احضر طقم ثالث عبارة عن اربعة أحجرة لتعاطيهم المخدرات واختتم اعترافه بأنه كان يعلم بأن الجالسين يتعاطون المواد المخدرة، ومن ثم فإن ذلك الدفع يكون في غير محله. وكانت جريمة تسهيل تعاطى المخدرات تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال إيجابية – أيا كانت – يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص يقصد تعاطى المخدرات تحقيق هذا القصد أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من تعاطى المخدرات أيا كانت طريقة المساعدة، ويتحقق القصد الجنائي في تلك الجريمة بعلم الجاني بأن فعله يسهل هذا التعاطي، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه مؤديا إلى ذلك ما دام يتضح من مدونات حكمه توافر هذا القصد توافرا فعليا، وإذ كان ما ساقه الحكم فيما تقدم استمدادا مما اقتنعت به المحكمة من أن الطاعن أحضر “الجوزة وعديدا من الأحجار اللازمة للتدخين بناء على طلب المتهم السابق محاكمته وجليسه وانه أبصر الأول ممسكا بقطعة من الحشيش كان يقوم بتجزئتها وانه عاود تجهيز الأحجار اللازمة لتدخين الحشيش مع علمه بذلك، فإن في ذلك ما يكفى للدلالة على توافر القصد الجنائي ويافي اركان جريمة تسهيل تعاطى المخدر في حق الطاعن، وهو ما لا يجوز مصادرة محكمة الموضوع في عقيدتها بشأنه ولا المجادلة في تقديرها توافره أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أحكام المادة ٦٣ من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام ولا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.

(الطعن رقم ١٢٩٩ لسنة ٦٠ ق جلسة ١/١٠/١٩٩١)

 

 

الإكراه والغش في تعاطى المخدرات

يقتضي التعرض للإكراه والغش فى تعاطى المخدرات أن تعرض للنص القانوني الذي يحكم الدفع، ثم المبادئ القانونية على النحو التالي:

أولا: النص القانوني

نصت المادة (٣٤م) من قانون المخدرات على أنه يعاقب بالإعدام وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من دفع غيره بأية وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش إلى تعاطى جوهر مخدر من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (۱).

ثانياً: المبادئ القانونية

–تقع هذه الجريمة إذا دفع شخص غيره إلى تعاطى جوهر الكوكايين أو الهروين أو أي من المواد المخدرة الواردة في القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون استخدم في ذلك أية وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش.

–ومتعاطي المخدر في هذه الحالة يقع ضحية إكراه أو غش أو تحايل ومن البديهي أنه لا يساءل جنائياً لأن القصد الجنائي غير متوافر في حقه، والإكراه لا يتحقق إلا بتهديد من الجاني لشخص آخر بخطر محدق بنفسه أو بماله أن باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على تعاطى مخدر الكوكايين أو أي من المواد الواردة بالقسم الأول من الجدول رقم (۱) المرفق بالقانون لم يكن يقبل على تعاطيه اختيارا.

– والغش أن يستعمل الجاني في خداع شخص آخر حيله غير مشروع تجعله يتعاطى أي من الجواهر المخدرة – المبينة على سبيل الحصر في المادة ٣٤ مكرراً وهو غير عالم بذلك، كأن يدس له جوهر الكوكايين أو الهيروين في زهرة جميلة أو في شيء من متعلقاته الشخصية كمنديل مثلاً أو ينسه له خلسة في طعام أو مشروب قدمه إليه، ونظراً لأن الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة بالقسم الأول من الجدول رقم (۱) المرفق بالقانون لها آثار مدمرة على المتعاطي فضلاً عن أنها تؤدى إلى سرعة الإدمان، فإن المشرع جعل عقوبة من يدفع غيره إلى تعاطى أي منها بأية وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش، الإعدام وبغرامة لا نقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.

الدفع بانتفاء الركن المادي في جرائم

الجلب والتصدير والنقل

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المدى في جرائم الجلب والتصدير والنقل يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص، وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

 

 

أولاً: النصوص القانونية:

نصت المادة الثانية من قانون المخدرات على أنه يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينتج أو يملك أو يحرز أو يشترى أو يبيع جواهر مخدرة أو يتبادل عليها أو ينزل عنها بأي صفة أو بأن يتدخل بصفته وسيطاً في شيء من ذلك إلا في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون وبالشروط المبينة به.

كما نصت المادة الثالثة من القانون على أنه لا يحوز جلب الجواهر المخدرة وتصديرها إلا بمقتضى ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة.

ونصت المادة الرابعة من القانون على أنه لا يجوز منح إذن الجلب المشار إليه في المادة السابقة إلا للأشخاص الآتيين:

أ-مديري المحال المرخص لها في الاتجار في الجواهر المخدرة.

ب- مديري الصيدليات المرخص لها في الاتجار في الجواهر المخدرة.

ج-مديري معامل التحليل الكيميائية أو الصناعية أو الأبحاث العلمية.

وللجهة الإدارية المختصة رفض طلب الحصول على الأذن أو خفض الكمية المطلوبة، ولا يمنح إذن التصدير إلا لمديري المحال المرخص لها في الاتجار في الجواهر المخدرة.

ويبين في الطلب اسم الطالب وعنوان عمله واسم الجوهر المخدر كاملاً وطبيعته والكمية التي يريد جلبها أو تصديرها مع بيان الأسباب التي تبرر الجلب أو التصدير وكذلك البيانات الأخرى التي تطلبها منه الجهة الإدارية المختصة.

كما نصت المادة الخامسة من قانون المخدرات على أن: تسلم الجواهر المخدرة التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله.

وعلى مصلحة الجمارك في حالتي الجلب أو التصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من أصحاب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة.

ونصت المادة السادسة من قانون المخدرات على أنه لا يجوز جلب الجواهر المخدرة أو تصديرها أو وضعها داخل طرود محتوية على مواد أخرى – ويجب أن يكون إرسالها حتى ولو كانت بصفة عينة داخل طرود مؤمن عليها، وأن يبين عليها اسم الجوهر المخدر بالكامل وطبيعته وكميته ونسبته.

ونصت المادة ۲۹ من القانون على أنه: يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشترى أو يبيع أو يتبادل أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم (٥) في جميع أطوار نموها وكذلك

بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة رقم (٦)”.

ثانياً: المبادئ القانونية

– الجلب هو استيراد المادة المخدرة من خارج البلاد وإدخالها داخل الحدود الإقليمية للدولة أو الفضاء الجوي بالنظر إلى قواعد القانون الدولي العام، كما نقل – المواد المخدرة على خلاف أحكام المواد (۳، ٤، ٥، ٦) من قانون المخدرات. يستوي دخول المواد إلى إقليم الدولة بأي طريقة أو كيفية، حيث أن تقدير ذلك متروك لقاضي الموضوع.

– يتوافر الجلب وتقوم الجريمة حتى ولو لم يتم التوزيع للمواد المخدرة داخل البلاد بل اقتصر على مجرد مرورها على أراضي الدولة بقصد نقلها إلى دولة أخرى.

– تعتبر جريمة الجلب قائمة وتامة بمجرد إدخال المواد المخدرة إلى داخل إقليم الدولة. أما جريمة التصدير فإنها تعتبر تامة بمجرد إخراج المادة المخدرة من اقليم الدولة بالفعل.

– التصدير هو إخراج المواد المخدرة خارج حدود الدولة بأي وسيلة أو كيفية.

– يستوي لقيام جريمة الجلب أو التصدير أن تكون المخدرات في حيازة المتهم المادية أو تمت لحسابه أو لمصلحته وأن حيازته المادية لها. وكذلك سواء كان متواجداً داخل إقليم الدولة أو لم يكن منو جدا داخل الدولة بل كان خارج حدودها – لا تتحقق جناية الجلب أو التصدير إلا إذا كان المخدر المجلوب أو المصدر يفيض عن حاجة الشخص واستعماله الشخصي ملحوظاً في ذلك فكرة الطرح للتداول بين الناس.

– للمحكمة أن تقوم بتعديل مواد القيد من جلب أو تصدير إلى حيازة وإحراز دون أن تكون قد أضافت واقعة مادية أو عناصر جديدة عن الواقعة الأصلية.

– بعد شروعاً في التصدير ضبط المواد المخدرة قبل تمام إخراجها من داخل الدولة إلى الخارج ولكن لا يعد شروعاً في الجلب ضبط المادة المخدرة في الخارج طالما لم يتم اجتياز حدود الدولة.

– تطبق القواعد العامة في المساهمة الجنائية والاشتراك على الجريمة.

ثالثاً: تطبيقات قضائية:

أ – الجلب:

لما كان الحكم قد عرض لتوافر علم الطاعن بحقيقة جوهر المخدر المضبوط فاستدل على ذلك بما أسفرت عنه المعلومات المسبقة لضابط مكافحة المخدرات بميناء الإسكندرية من جلب الطاعن للمخدر ومما قرره الشاهد المذكور من إقرار الطاعن له بملكيته للثلاجة المضبوط بها المخدر وشرائه لها من لبنان وقدومه بها إلى مصر، ومما قرره الشاهد الثاني – مأمور الجمرك – من إقرار الطاعن بحيازته للثلاجة المضبوطة وإحضارها من لبنان وانه كانت تبدو عليه قبل التفتيش علامات الارتباك الشديد اثناء التفتيش، وما تبين لها من اختلاف روايات الطاعن في شأن الثلاجة التي ضبط بها المخدر. لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بوجود المخدر مخبأ بالثلاجة كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغا في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.

(الطعن رقم ٦٢٣٩ لسنة ٥٦ ق جلسة ٣/٣/١٩٨٧)

أن الجلب في حكم القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصورا على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دوليا، بل أنه يمتد أيضا إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجوهر المخدرة – ولو في نطاق ذلك المجال – على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 إلى ٦ التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها. فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من جهة الإدارة المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب. فضلا عن خطورة تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله، وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة، وكان البين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٦ أنه يقصد بالإقليم الجمركي الأراضي والمياه الإقليمية الخاضعة لسيادة الدولة وأن الخط الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدول المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية ضفتي قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة ، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلا بحريا في البحار المحيطة به. أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقا لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً.

(الطعن رقم ۲۱۷۲ لسنة ٥٧ ق جلسة ٢٤/٢/١٩٨٨)

لما كانت المادة ٣٩ من قانون العقوبات إذ نصت في البند (ثانياً) على أن يعتبر فاعلا في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من عدة أعمال فيأتي عمدا من الأعمال المكونة لها، فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة افعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها، فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلا مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلا بدور في تنفيذها، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم في بيان صورة الواقعة واثبته في حق الطاعن انه قد تلاقت إرادته والطاعن الأول على جلب الجواهر المخدرة وأن كلا منهما قد أسهم – تحقيقا لهذا الغرض المشترك – بدور فى تنفيذ هذه الجريمة على نحو ما بينه الحكم، فإنه إذ دان الطاعن بوصفه فاعلا أصليا في جريمة جلب الجواهر المخدرة يكون قد اقترن بالصواب، ويضحى النعي عليه في هذا المقام غير سديد.

(الطعن رقم ۳۱۷۲ لسنة ٥٧ ق جلسة ٢٤/٢/١٩٨٨)

ب – التصدير:

لما كان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، ما دام أنه يقيم حكمه على ما ينتجها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى قصد الطاعن من تصدير المخدر ورد على دفاعه أنه قصد إلى تعاطيه لا الاتجار فيه، في قوله أنه عن القصد من هذه الجريمة، فإن الثابت أن ما ضبط مع المتهم يبلغ ٢,٩٠ كيلو جرام عبارة عن أربع عشرة طرية ، فهذه الكمية تقطع بأن المتهم قصد تصديرها للاتجار فيها للتداول في الخارج، وهي تفيض عن حاجة المتهم كما زعم عند سؤاله بالشرطة وأن ادعاءه بأنه يتعاطاه ليس إلا بقصد تخفيف جريمته، فإن الحكم يكون قد استدل من ضخامة الكمية المضبوطة على أن الشروع في تصديرها إنما كان بقصد الاتجار فيها وهو رد سائغ على دفاع الطاعن تنحسر به عن الحكم دعوى القصور في خصوص القصد من التصدير.

(الطعن رقم ٣٤٣ لسنة ٥٦ ق جلسة ٣٠/٤/١٩٨٦)

الجلب والتصدير في حكم القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها أو تصديرها المنصوص عليها

في الفصل الثاني من القانون المذكور في المواد من 3 إلى ٦، إذ يبين من استقراء هذه النصوص أن الشارع اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للفئات المبينة في المادة الرابعة ولا تسلم الجواهر المخدرة التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة. ومفاد ذلك ان تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلبا أو تصديرا محظورا ، وإذ كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم تتوافر به اركان جريمة الشروع في تصدير الجواهر المخدرة كما هي معرفة به في القانون وكافيا في الدلالة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن، ولا وجه للتحدي بما خاض فيه الطاعن من أن لفظ “التصدير” لا يصدق إلا على الأفعال التي ترتكب من الفئة المبينة بالمادة الرابعة من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ ذلك بأنه ولئن كان الشارع قد اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب فإن العقاب واجب في كل حالة يتم فيها نقل المخدر على خلاف أحكام القانون المنظمة لجلب الجواهر المخدرة وتصديرها سواء وقع الفعل المؤثم من تلك الفئات التي أفردها الشارع بالحصول على ترخيص الجلب أو التصدير أو وقع من أشخاص غير مصرح لهم أصلا بالحصول على هذا الترخيص دلالة ذلك أن المادة ٣٣ من القانون سالف الذكر التي تعاقب على فعل الجلب أو التصدير جاءت عامة النص وينبسط حكمها على كل من صدر او جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة الثالثة من هذا القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير مكلفة أصلا بالتحدث عن قصد الجاني من فعل الجلب أو التصدير فإن الحكم وقد عرض مع ذلك إلى القصد واستدل من ضخامة الكمية المضبوطة على أن الشروع في تصديرها كان بقصد الاتجار فيها فإن ما يثيره الطاعن في شأن القصد من التصدير لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته اما محكمة النقض.

(الطعن رقم ٧٢٤ لسنة ٥٦ ق جلسة ٢/١٠/١٩٨٦)

من المقرر أن القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ إذ عاقب في المادة ٣٣ منه على تصدير المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بتصدير المخدر هو تصديره بالذات أو الواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس شأنه في ذلك شأن المستقر عليه في جلب المخدر – سواء أكان المصدر قد صدره لحساب نفسه أو لحساب غيره متجاوزا بفعله الخط الجمركي قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي – وهذا المعنى يلابس الفعل المادة المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه استقلالا إلا إذا كان الجوهر المصدر لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام حالة التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ التصدير أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على التصدير بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما أستنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديدا للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ التصدير بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.

(الطعن رقم ٦٠٤١ لسنة ٥٣ ق جلسة ٩/٢/١٩٨٤ لسنة ٣٥ ص ١٣١)

التصدير في حكم القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها إنما يصدق على كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة إلى خارج جمهورية مصر العربية على خلاف الأحكام المنظمة لتصديرها المنصوص عليها في القانون يستوى في ذلك أن يكون التصدير الحساب المصدر نفسه أو لحساب غيره إلا إذا كان الجوهر المخدر لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافيا في الدلالة على ثبوت واقعة الشروع في تصدير الجوهر المخدر في حق الطاعن، وكانت المحكمة غير مكلفة اصلا بالتحدث عن قصد الجاني من فعل التصدير فإن الحكم وقد عرض – مع ذلك – لذلك القصد واستدل من كبر الكمية المضبوطة على أن الشروع في تصديرها كان بقصد ترويجها في الخارج خاصة وأن المتهم – الطاعن – لم يدفع بقيام قصد آخر لديه فتكون قد انحسرت على الحكم دعوى القصور في البيان أو الفساد في الاستدلال.

(الطعن رقم ۲۸۰۲ لسنة ٥٦ ق جلسة ٣٠/١٠/١٩٨٦)

 

لا تنس مشاهدة :https://youtu.be/MqkByA7l1C0?si=7UacyCBJoJGRwCci

 

الدفع بانتفاء الركن المادي في مخالفات المخدرات

تمهيد:

إن التعرض لأحكام الدفع بانتفاء الركن المادي في مخالفات المخدرات يقتضي التعرض للنصوص القانونية التي تحكم الدفع، فضلاً عن بيان المبادئ القانونية والشروح والتعليقات الهامة على النص، وأخيراً للأحكام القضائية المتعلقة بالدفع على النحو التالي:

أولاً: النصوص القانونية

نصت المادة ٤٣ من قانون المخدرات على أنه مع عدم الإخلال بأحكام المواد السابقة يعاقب بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه كل من رخص له في الاتجار في الجواهر المخدرة أو حيازتها ولم يمسك الدفاتر المنصوص عليها في المواد ۱۲، ۱۸، ٢٤، ٢٦ من هذا القانون أو لم يقم بالقيد فيها.

ويعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز الفي جنيه كل من يتولى إدارة صيدلية أو محل مرخص له فى الاتجار في الجواهر المخدرة ولم يقم بإرسال الكشوف المنصوص عليها في المادتين ۱۳، ۲۳ إلى الجهة الإدارية المختصة في المواعيد المقررة.

ويعاقب بغرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل من حاز أو أحرز من الأشخاص المشار إليهم في الفقرتين السابقتين جواهر مخدرة بكميات تزيد أو تقل عن الكميات الناتجة من تعدد عمليات الوزن بشرط ألا تزيد الفروق على ما يأتي:

أ- ١٠% في الكميات التي لا تزيد على جرام واحد.

ب-٥% في الكميات التي تزيد على جرام حتى ٢٥ جرام بشرط ألا يزيد مقدار التسامح على ٥٠ سنتيجرام.

ج-٢% في الكميات التي تزيد على ٢٥ جرام

د- ٥% في الجواهر المخدرة السائلة أياً كان مقدارها.

وفي حالة العود إلى ارتكاب الجرائم المبينة في هذه المادة تكون العقوبة الحبس ومثلى الغرامة المقررة أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ثانياً: المبادئ القانونية:

يشتمل قانون المخدرات على ثلاث مخالفات هي عدم الإمساك بالدفاتر وعدم القيد بالدفاتر وتجاوز فروق الأوزان. وتشترك الجرائم الثلاث السابقة فيما يأتي:

1 – صفة الجاني:

لا تقوم الجريمة إلا في حق شخص الزمه القانون بإمساك الدفاع في قانون المخدرات وهؤلاء يشملهم الأشخاص المرخص لهم في الاتجار في المواد المخدرة أو المرخص لهم في إحرازها لأغراض طبية وهي أغراض قد تشمل تصنيع المستحضرات الطبية أو أغراض العلاج، ويمتد هذا أيضاً إلى كل من جريمتي عدم القيد في الدفاتر وتجاوز فروق الأوزان.

2 – الركن المادي

إن الركن المادي في جريمة عدم إمساك الدفاتر بتوافر إذا لم يتم إمساك الدفاتر والركن المادي في جريمة عدم القيد بالدفاتر يتوافر إذا لم يتم القيد بالدفاتر. والركن المادي في جريمة تجاوز فروق الأوزان يتوافر كلما تجاوزت فروق الوزن النسب التي وردت بالمادة ٤٣ من قانون المخدرات التي نصت على أنه: ….. ويعاقب بغرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل من حاز أو أحرز من الأشخاص المشار إليهم في الفقرتين السابقتين جواهر مخدرة بكميات تزيد أو نقل عن الكميات الناتجة من تعدد عمليات الوزن بشرط ألا تزيد الفروق على ما يأتي:

أ- ۱۰% في الكميات التي لا تزيد على جرام واحد.

ب-٥% في الكميات التي تزيد على جرام حتى ٢٥ جرام بشرط ألا يزيد مقدار التسامح على ٥٠ سنتيجرام

ج-٢% في الكميات التي تزيد على ٢٥ جرام.

د- 5% في الجواهر المخدرة السائلة أياً كان مقدارها.

وفي حالة العودة إلى ارتكاب إحدى الجرائم المبينة في هذه المادة تكون العقوبة الحبس ومثلى الغرامة المقررة أو بإحدى هاتين العقوبتين.

3- الركن المعنوي

أن جريمتي عدم الإمساك بالدفاتر وعدم القيد بها من الجرائم العمدية حيث يكفي لتوافر أي منهما قيام القصد الجنائي العام.

أما جريمة تجاوز فروق الأوزان فهي من الجرائم غير العمدية، لأنه إذا تعمد القائم بالوزن إحداث الفروق في الأوزان فإن فعله يعد جناية من جنايات المخدرات ولكن إذا تعمد ذلك وكانت الفروق في حدود النسب المسموح بها فإنه لا يعاقب الاستحالة إثبات قصده الجنائي من ناحية والانتفاء الركن المادي من ناحية أخرى.

4- العقوبة:

يعاقب المخالف في مخالفات المخدرات بغرامة لا تزيد على ١٠٠ جنيه وذلك عملاً بالمادة ٤٣/١، ٢ بالنسبة لجريمتي عدم إمساك الدفاتر وعدم القيد بها. ولكن في جريمة تجاوز فروق الأوزان فإن الجاني في حالة العود يعاقب بالحبس مع الشغل وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه ويجب الحكم بالعقوبتين معاً.

ولما كانت المادة ١٢ من قانون العقوبات قد أشارت إلى أن المخالفات هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقداراً على مائة جنيه، فإن تلك الجرائم تعد من المخالفات.

والملاحظ على هذه الجرائم أنها نادرة في العمل وأيضاً في التطبيقات القضائية.

فبالنسبة للمحلات المرخص لها في الاتجار في المواد المخدرة تنص المادة ١٢ على أن جميع الجواهر المخدرة الواردة للمحل المرخص له في الاتجار بها، وكذا المصروفة منه، يجب قيدها أولاً بأول في اليوم ذاته في دفاتر خاصة مرقومة صحائفها ومختومة بخاتم الجهة الإدارية المختصة، ويجب أن يذكر بهذه الدفاع تاريخ الورود واسم البائع وعنوانه وتاريخ الصرف واسم المشترى وعنوانه ويذكر في الحالتين اسم الجواهر المخدرة بالكامل وطبيعتها وكميتها ونسبتها وكذلك جميع البيانات التي تقررها الجهة الإدارية المختصة.

كما تنص المادة ١٨ من قانون المخدرات على أنه يجب قيد جميع الجواهر المخدرة الواردة إلى الصيدلية يوم ورودها، وكذا المصروفة منها، أولاً بأول في ذات يوم صرفها في دفتر خاص للوارد والمصروف مرقومة صحائفه ومختومة بخاتم الجهة الإدارية المختصة، ويذكر في القيد بحروف واضحة البيانات الآتية:

١-فيما يختص بالوارد

تاريخ الورود واسم البائع وعنوانه ونوع الجواهر المخدرة وكميته.

٢-فيما يختص بالمصروف

أ-اسم وعنوان محرر التذكرة.

ب- اسم المريض بالكامل ولقبه وسنه وعنوانه

ج- التاريخ الذي صرف فيه الدواء ورقم القيد في دفتر التذاكر الطبية، وكذا كمية الجواهر المخدرة التي تحتوي عليه ويدون بهذا الدفتر علاوة على ذلك جميع البيانات الأخرى التي يصدر بها قرار من الوزير المختص وهذا النص متعلق بالصيدليات فقط.

كما تنص المادة ٢٤ على أنه على كل شخص ممن ذكروا في المادتين ۱۱، ۱۹ رخص له في حيازة الجواهر المخدرة أن يقيد الوارد والمصروف من هذه الجواهر أولاً بأول في اليوم ذاته وفى دفتر خاص مرقومة صحائفه ومختومة بخاتم الجهة الإدارة المختصة، مع ذكر اسم المريض أو اسم صاحب الحيوان كاملاً ولقبه وسنه وعنوانه إذا كان الصرف في المستشفيات أو المصحات أو المستوصفات أو العيادات، وإذ كان الصرف لأغراض أخرى فيبين الغرض الذي استعملت فيه هذه الجواهر.

كما تنص المادة ٢٦ على أنه لا يجوز في مصانع المستحضرات الطبية صنع مستحضرات يدخل في تركيبها جواهر مخدرة إلا بعد الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة … ولا يجوز لهذه المصانع استعمال الجواهر المخدر التي توجد لديها إلا في صنع المستحضرات التي تنتجها، وعليها أن تتبع أحكام المادتين ۱۲، ۱۳ فيما يتعلق بما تنتجه من مستحضرات طبية يدخل في تركيبها أحد الجواهر المخدرة بأية نسبة كانت وهذا النص خاص بمصانع المستحضرات الطبية.

وتنص المادة٤٣/١ من قانون المخدرات على أنه مع عدم الإخلال بالمواد السابقة يعاقب بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه كل من رخص له في الاتجار في المواد المخدرة أو حيازتها، ولم يمسك الدفاتر المنصوص عليها في المواد ۱۲، ۱۸ ، ٢٤ ، ٢٦.

كما تنص المادة ٤٣/٢ من قانون المخدرات على أنه يعاقب بغرامة لا تزيد على مائة جنيه كل من رخص له في الاتجار في المواد المخدرة أو حيازتها، ولم يقم بالقيد في الدفاتر المنصوص عليها في المواد ۱۲، ۱۸، ٢٤، ٢٦.

ويجب أن يكون مرتكب الجريمتين من الأشخاص الذين ألزمهم قانون المخدرات بإمساك هذه الدفاتر، وهم الأشخاص الذين رخص لهم القانون في الاتجار في المواد المخدرة أو إحرازها لأغراض العلاج أو تصنيع المستحضرات الطبية، ويتحقق الركن المادي في الجريمة الأولى بعدم إمساك الدفاتر، وفي الجريمة الثانية بعدم القيد فيها.

ويقصد بإمساك الدفاتر الاحتفاظ بها لدى من ألزمه القانون بذلك، ويجب أن يكون الدفتر مرقوم الصفحات ومختوماً بخاتم الجهة الإدارية المختصة، فإذا لم يمسك الشخص المرخص له في الاتصال بالمخدرات هذا الدفتر اعتبر مرتكباً للركن المادي للجريمة المنصوص عليها بالمادة ٤٣/١ من قانون المخدرات، ولا يشفع له إمساك أي دفتر من نوع آخر.

وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بانه إذا كان الحكم قد أثبت على المتهم أنه أهمل الدفتر المختوم بختم وزارة الصحة لانتهاء العمل فيه، ثم استعمل دفتراً آخر غير مختوم أخذ يقيد فيه الجواهر المخدرة المنصرفة من صيدليته، فإن إدانته في جريمة عدم إمساك الدفاتر تكون صحيحة. ولا يشفع له أنه كان يقيد الجواهر المخدرة في دفتر التذاكر الطبية المختوم، أو أنه كان يتردد على مكتب الصحة ليضع له الأختام على الدفتر الذي أخذ يستعمله، أو أنه لم يحصل منه أي تلاعب في المخدرات التي في صيدليته، وذلك لأن النص صريح في إيجاب القيد في الدفتر الخاص.

أما عن القصد الجنائي فقد قضى بأن القصد الجنائي في جريمة عدم إمساك الدفاتر الخاصة يكفي فيه – كما هي الحال في سائر الجرائم – العلم والإدارة فمتى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المكون للجريمة حق عليه العقاب حتى ولو كان لم يرم من وراء فعلته إلى أن يسهل للغير مخالفة أحكام القانون في شأن المخدرات، فمتى كان الحكم قد أثبت على المتهم أنه لم يقم بواجب القيد في الدفتر فلا مفر من عقابه مادام أنه لم تحل بينه وبين القيام به قوة قاهرة.

والعبارة الأخيرة من هذا الحكم محل نقد، لأنها تفيد أن القصد الجنائي مفترض لا محل لنفيه بأي سبيل دون القوة القاهرة.

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة مصر الابتدائية بأن جريمة عدم إمساك الدفاتر تنطبق على الأطباء والصيدليين وغيرهم، وهي جريمة مستقلة تتم بمجرد مخالفة النص بعدم إمساك الدفاتر، وشأنها في ذلك شأن الجرائم الأخرى بوجه عام من حيث القصد الجنائي الذي يتوفر بمجرد إرادة الجاني أن يأتي الفعل الجنائي مع مخالفته للقانون.

ولم يرد في قانون المخدرات أية إشارة من شأنها تحديد هذا القصد الجنائي أو تقييده إلى حد النص على قصد جنائي خاص كما هي الحال في كثير من الجرائم التي يقضى قانون العقوبات بتوافره فيها كجريمة التزوير مثلاً، فجريمة عدم إمساك الدفاتر جريمة عمدية ينحصر القصد الجنائي فيها في العلم بأن عدم إحراز الدفتر مجرم قانوناً وأن القانون متى رخص للطبيب بإحراز مواد مخدرة أوجب عليه لزوم إعداد دفتر بالصفة التي نص عليها.

ولقد قضى بانه إذا كان الحكم قد أثبت على المتهم أنه أهمل الدفتر المختوم بختم وزارة الصحة لانتهاء العمل فيه – ثم استعمل دفتر آخر غير مختوم أخذ يقيد فيه الجواهر المخدرة المنصرفة من صيدليته من أول يوليه إلى 7 أغسطس سنة ١٩٤٣ – فإن إدانته بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة ٣٥ تكون صحيحة – ولا يشفع له أنه كان يقيد المواد المخدرة في دفتر التذاكر الطبية المختوم، أو أنه كان يتردد على مكتب الصحة ليضع له الأختام على الدفتر الذي أخذ يستعمله، أو أنه لم يحصل منه أي تلاعب في المخدرات التي في صيدليته. وذلك لأن النص صريح في إيجاب القيد في الدفتر الخاص.

وإن إمساك الطبيب دفتراً مبصوماً بختم مصلحة الصحة العمومية لقيد الوارد والمنصرف من المواد المخدرة واجب عليه لا محيص عنه والعقاب على التفريط في هذا الواجب أمر لا مفر منه والقصد الجنائي في هذه الجريمة مفترض وجوده بمجرد الإخلال بما يوجبه القانون من إمساك الدفتر وليس يشفع في هذه الجريمة سهو أو نسيان أو عذر آخر دون الحادث القهري.

وأن القصد الجنائي في جريمة عدم إمساك الدفاتر الخاصة المشار إليها في المادة ٣٥ يكفي فيه – كما هي الحال في سائر الجرائم – العلم والإرادة. فمتى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المكون للجريمة حق عليه العقاب حتى ولو كان لم يرم من وراء فعلته إلى أن يسهل للغير مخالفة أحكام القانون في شأن المخدرات. فمتى كان الحكم قد أثبت على المتهم أنه لم يقم بواجب القيد في الدفتر فلا مفر من عقابه، ما دام أنه لم تحل بينه وبين القيام به قوة قاهرة.

الدفع بتوافر الأعذار المعفية من العقاب

تقسيم

تنقسم الأعذار للمعفية في قانون المخدرات إلى الإبلاغ عن الجريمة، فضلاً عن تقديم المدمن للعلاج إلى المصحة. ونعرض لكل من هذين الاعفاءين في مبحث مستقل.

 

– الدفع بالإعفاء من العقاب للإبلاغ عن الجريمة

يقتضي التعرض للدفع أن نعرض لكل من النص القانوني والمبادئ القانونية فضلاً عن الأحكام القضائية في هذا الشأن.

أولاً: النص القانوني:

نصت المادة ٤٨ من قانون المخدرات على أن يعفى من العقوبات المقررة في المواد ٣٣، ٣٤ ٣٥ كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها، فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة.

ثانياً: المبادئ القانونية

– تم وضع النص تشجيعاً للكشف عن الجرائم ومكافأة عن تقديم خدمة للعدالة التي تتمثل في ضبط باقي الجناة.

– إن الإعفاء المقرر بعد مانعاً من موانع العقاب وليس مانعاً من موانع المسئولية أو أحد أسباب الإباحة.

– الإعفاء يقتصر فقط على الجنايات المنصوص عليها في المواد الثلاث أرقام ٣٣، ٣٤، ٣٥ من قانون المخدرات دون سواها. ونرى مع البعض أنه كان الأجدر

توسيع نطاق الإعفاء بحيث يشمل جميع مرتكبي جنايات المخدرات.

– الحالة الأولى من حالات الإبلاغ هي إبلاغ السلطات العامة بالجريمة قبل علمها بها، بمعنى البدء بالإبلاغ أي أن يكون الجاني في موقف المبلغ لا المعترف.

– الحالة الثانية من حالات الإعفاء هي إبلاغ السلطات العامة عن الجريمة بعد علمها بها، باعتبار الإعفاء نوع من أنواع المكافأة التشجيعية. – لا تعنى كلمة “ضبط” باقي الجناة الواردة بالنص أن يتم القبض عليهم، بل تعنى إمكانية أن تقود إلى معرفة باقي الجناة.

– تعنى عبارة باقي الجناة أن يتم التوصل إلى معرفة جميع المساهمين معه في الجناية والذي يعرفهم المتهم.

– لا يشترط اعتراف المتهم بالجريمة حتى يستفيد من الإعفاء، بل يكفي أن يدلى بمعلومات جدية وصحيحة تؤدى إلى القبض على باقي الجناة.

–الاعفاء المقرر وجوبي، ومن ثم يجب أن تقضى به المحكمة إذا تم الدفع به – أمامها. حتى لو عدل عن أقواله طالما أنها أدت إلى معرفة باقي الجناة.

–الإعفاء شخصي بطبيعته لا يستفيد منه إلا من توافرت فيه شروطه، وقد يستفيد منه أكثر من شخص في جريمة واحدة، إذا توافرت الشروط في بلاغهما.

– يجوز للنيابة العامة وسلطات التحقيق أن تصدر أمراً بالا وجه لإقامة الدعوى عند توافر شروط الإعفاء بدلاً من الإحالة للمحاكمة، لأنه وجوبي.

– لا يقبل طلب إعادة النظر المستند إلى إدلاء المتهم بمعلومات يتم عن طريقها التوصل إلى القبض على باقى الجناة باعتبار ذلك من قبيل الوقائع الجديدة التي لم تكن معلومة وقت المحاكمة.

–الإعفاء من العقاب في حد ذاته وطبيعته وشروطه وحالاته من المسائل القانونية، التي تخضع لرقابة محكمة النقض.

–تقدير صدور البلاغ من المتهم من عدمه وتقدير ما إذا كان هذا البلاغ قد أدى إلى ضبط باقي المساهمين من عدمه من المسائل الموضوعية التي لا تخضع الرقابة محكمة النقض.

–الدفع بالإعفاء من الدفوع الجوهرية ويخضع للنظرية العامة للدفوع الجوهرية.

–الإعفاء لا يؤدى إلى تخفيض العقاب، ولكن يقتضي الحكم بالبراءة.

–الدفع بالإعفاء من العقاب ليس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام. بل هو من الدفوع المتعلقة بمصلحة الخصوم.

– في حالة تعدد الجرائم وارتكاب جريمة أخرى أو أكثر إلى جانب إحدى جرائم المخدرات التي ينطبق فيها الإعفاء، فنحن نرى أنه إذا كانت الجرائم كلا منها قد ارتكبت بغرض واحد وكانت مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإن إعمال قواعد الإعفاء على جريمة المخدرات يجعل الإعفاء يسرى على الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة والتي ارتكبت لغرض واحد، إذا كانت عقوبة جريمة المخدرات هي العقوبة الأشد، عملاً بالمادة ۳۲ عقوبات، ولا تطبق تلك القاعدة إذا لم تكن الجرائم قد ارتكبت لغرض واحد أو لم يكن بينها ارتباط غير قابل للتجزئة.

–لا يجوز للمتهم تقديم طلب إعادة نظر في الحكم الصادر بإدانته استناداً إلى إدلائه بمعلومات توصل إلى باقي الجناة، وذلك لأن شروط الإعفاء تكون غير متوافرة إذ لا تفيده عندما يدلى بها بعد صدور الحكم بالإدانة.

–إن تقدير الإعفاء يعد من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دامت محكمة الموضوع قد بنت حكمها على استخلاص سائغ ومقبول وبأسباب مستمدة من أوراق الدعوى وظروفها الثابتة مسائل البحث فيما إذا كان البلاغ قد صدر من المتهم أم لا، وما إذا كان البلاغ قبل الحكم النهائي في الجريمة، وما إذا كان من شأنه أن يؤدى إلى ضبط باقي الجناة أم لا.

–يعد من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض طبيعة الإعفاء ونطاق الإعفاء وشروط الإعفاء.

ثالثاً: التطبيقات القضائية.

أ– وجوب الدفع بأسباب الإعفاء من العقاب أمام محكمة الموضوع

ان محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالا للمادة ٤٨ من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل، فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه.

(الطعن ١٥٥ لسنة ٤٧ ق جلسة ٢٢/٥/١٩٧٧سنة ٢٨ ص ٦٢٦)

محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك أمام المحكمة بسبب الإعفاء فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عنه، وإذ كان من الثابت أن الطاعن لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً للمادة ٤٨ رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض.

(الطعن ٨٥٤ لسنة ٤٢ ق جلسة ١٥/١٠/١٩٧٢ سنة ٢٣ ص ١٠٥٢)

لما كانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالا للمادة ٤٨ من القرار بقانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل، فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه، وكان مفاد نص المادة ٤٨ المشار إليها أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً منتجاً وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد ٣٣، ٢٤، ٣٥ من ذلك القانون باعتبار ان هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة، ولم يتحقق صدقة بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة إلى يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم.

(الطعن رقم ٢٦٥ لسنة ٥٤ ق جلسة ٢٢/١٠/١٩٨٤)

ب–ورود الجرائم على سبيل الحصر

مفاد نص المادة ٤٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في صريح لفظه ان الإعفاء من العقوبة لا يجد سنده التشريعي إلا في الجرائم المعاقب عليها بمقتضى المواد ٣٣، ٣٤، ٣٥ وهى جرائم التصدير والجلب والإنتاج بقصد الاتجار وزراعة نباتات الجدول رقم (٥) والتقديم للتعاطي إلى غير ذلك من الجرائم المشار إليها على سبيل الحصر في المواد سالفة الذكر، ولما كان الإحراز بغير قصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي المعاقب عليه بمقتضى المادتين ۳۷، ۳۸ من القانون المنوه عنه أنفا لا يندرج تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإعفاء المتهم من العقوبة على خلاف النظر المتقدم يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.

(الطعن ١٥٧٢لسنة ٣٩ ق جلسة ١٧/١١/١٩٦٩)

ج–مناط الإعفاء

وحيث أنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب عملا بأحكام المادة ٤٨ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل على سند من أنه أبلغ السلطات المختصة فور ضبطه أن المادة المخدرة المضبوطة تخص من يدعى. وكان يبين من المفردات المضمومة أن المتهم – الطاعن، قد قرر بذلك في محضر الشطب ثم بتحقيقات النيابة.

لما كان ذلك وكانت المحكمة قد التفتت عن تحقيق ما اثاره الطاعن وهو دفاع يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً ومؤثراً لما قد يترتب عليه – لو صح – من إثر في ثبوت تمنعه بالإعفاء المقرر بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ٤٨ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٦، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقسطه حقه وان تعهد بتحقيقه وتمحيصه بلوغا إلى غاية الأمر فيه. أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

(الطعن رقم ۱۹۳۳ لسنة ٥٥ ق جلسة ٢٢/٤/١٩٨٦)

لما كان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إعفاءه من العقاب وإطراحه في قوله : “……… فإنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة ٤٨ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلا إلى ضبط باقي الجناة، وكان زعم المتهم أنه تسلم الحقيقة المضبوطة من آخر عينه لتسليمها إلى آخر عينه كذلك لم يتحقق صدقه إذ الثابت من كتاب العقيد رئيس فرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤرخ فى ٣١/١٠/١٩٨٢ بأن التحريات التي أجريت لم تسفر عن التوصل إلى شخص يحمل اسم ……… الذي جاء بأقوال المتهم أنه يتردد على مقهى بميدان العتبة بالقاهرة ويرجح أنه اسم وهمى وكذلك الشأن بالنسبة لمن قرر المتهم أنه يدعى ….. إذ لم يتم التوصل إليه بدوره – وبالتالي فإن إبلاغ المتهم لم يوصل إلى اتهامهما وضبطهما ولا يفيد بالتالي من الإعفاء من المسئولية المنصوص عنه في المادة٤٨/٢ سالفة الذكر. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرتب الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي أسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى ضبط مهربي المخدرات والكشف عن مرتكبي الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد ٣٣، ٣٤ ٣٥ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ أنف الذكر باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحه الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة بأن كان غير جدى وعقيما فلا يستحق صاحبه الإعفاء، وكان تقدير توافر موجب الإعفاء أو انتقاله مما تفصل فيه محكمة الموضوع مادامت تقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوي وإذ كان ما أورده الحكم – فيما سلف بيانه – صحيحا في القانون سالفا في العقل والمنطق فإن ما يشيره الطاعن في شأن ذلك يكون غير قويم.

(الطعن رقم ٣٦٤٠ لسنة ٥٣ ق جلسة ٢٧/١٢/١٩٨٣ السنة ٣٤ ص ١٠٩٤)

جرى قضاء هذه للحكمة على أن مناط الأعضاء الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير مبلغ، مما مقاده الله حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولا يثبت أن عمة جناة قد ساهموا في الاشتراك الجريمة التبليغ عنها – فالعين كانوا أو شركاء. وان يقوم الحكم بإبلاغ السلطات العلامة بها فيستحق بذلك منحة الإعفاء المقابل الذى قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطيرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلا أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في ارتكاب الجريمة فلا الاعفاء الانتقاء مقوماته و علم تحقق حكمة التشريع يعلم بلوغ النتيجة التي يجرى القانون عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطيرة وإذا كانت المادة ٤٨ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠- تتفرق بين حالتين الأولى اشترط القانون فيها فضلا عن المبادرة بالإخبار الو يصدر هذا الاخبار قبل علم السلطات بالجريمة والثانية لم يستلزم القانون فيها المبادرة بالإخبار بل اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون اخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة فلان المقصود بالمبادرة في الحالة الأولى هو المبادرة بالتبليغ عن الجريمة قبل علم السلطات بيها – وذلك يقتضى أن يكون الجاني في موقف المبلغ عن جريمة لا موقف المعترف بها حين يستوجب أو يسأل فيجزى على كشفه عن مرتكبي تللك الجرائم بالإعفاء من العقاب اما في الحالة الثانية فإن موجب الإعفاء يتوافر إذا كان إخباره  السلطات  بالجريمة – يعد علمها بها – هو الذي مكنها من ضبط باقي الجناة وإذا كان ضبط هؤلاء هو الغاية التي تغياها الشارع في هذه الحالة فإنه يلزم أن يكون ذللك الاخبار قد اتسم بالجدية والكفاية ووصل بيل الفعال إلى ضابط باقي الجملة التعيين ساهموا في اقتراف الجريمة فلا يكفى أن يصدر من الجاني في حق آخرين قول مرسل عار عن الدليل و إلا انفسح المجال لإلحاق الاتهامات بهم جزافا بغية الإفادة من الإعفاء وهو ما ينأى عنه قصد الشارع فإذا كان ما أدلى به الجاني لم يحقق غرض الشارع من ضبط باقي الجناة وكشف صلتهم بالجريمة المخبر عنها فلا يحق له في الانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة ٤٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ لتخلف المقابل المبرر له.

(الطعن رقم ٥٨٤٠ لسنة ٥٣ ق جلسة ١٢/١/ ١٩٨٤ السنة ٢٥ ص ٤٣)

ان مفاد نص الفقرة الثانية من المادة ٤٨ من قانون مكافحة المخدرات الرقيم

١٨٢ لسنة ١٩٦٠ ، أنه في حالة إبلاغ السلطات العامة عن الجريمة بعد علمها بها فإن موجب الإعفاء المنصوص عليه في هذه المادة يتوافر متى كان الإبلاغ صادقاً متسماً بالجدية والكفاية ومن شأنه معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد ۳۳، ٣٤ ٣٥ من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإعفاء المطعون ضده في قوله والفقرة الأخيرة من المادة ٤٨ تتناول حالة الإبلاغ بعد علم السلطات بالجريمة وتتطلب تعدد الجناة المساهمين في الجريمة وأن يكون الإخبار صادقا ويقوم الدليل عليه وأن يكون جدي منتجا وكافيا في كشف باقي المساهمين في الجريمة ذا أثر إيجابي في تمكين السلطات من ضبط باقي المساهمين – من الناحية الواقعية والقانونية – في الجريمة غير أن ذلك لا يقتضى أن يسفر ضبط هؤلاء الأشخاص عن إحرازهم أو حيازتهم مخدرا ولا يشترط لإنتاج الإخبار أثره بالإعفاء من العقاب أن يقضى بإدانة المبلغ عنهم، إذ أن المبلغ غير مسئول عن هذا الأمر. من الثابت من الأوراق أن المتهم الأول حين ضبطت المواد المخدرة معه سارع بالكشف عن باقي المتهمين المساهمين معه في ذات الجريمة – وقدم الدليل على صحة هذا القول عن نحو ما أدى إلى إدانة المتهمين الثاني والثالث – كما أن ما أبداه في شأن المتهم الأخير قد تماثل مع ما حددها بالنسبة للمتهم الثالث والذي اقام قناعة المحكمة على نحو أدى إلى معاقبته لمساهمته في ذات جريمة المتهم الأولى والأوراق تكشف عن أن عدم الوصول إلى ذات النتيجة في شأن المتهم الرابع لا يرجع للمبلغ، وكانت محكمة الموضوع وفي حدود سلطتها التقديرية قد خلصت إلى صدق وجدية إبلاغ المطعون ضده الأول عن المساهمين معه في الجريمة ورتبت على ذلك إعفاءه من العقاب عن جريمة جلبه المواد المخدرة لعدم مسئولته عن عدم ضبط المتهم الرابع أو القضاء ببراءته من تهمة جلب مخدر الأفيون، وكان توافر موجبات الإعفاء لإبلاغ المطعون ضده الأول عن جريمة المطعون ضدهما الثاني والرابع كاف لإعفائه من العقوبة بما يعنى بحق عن توافرها في إبلاغه عن جريمة المطعون ضده الثالث (…….) ، فإن الطعن في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك وكانت جريمتا المطعون ضده الأول، وهما جلب مخدر الأفيون، وجلب جواهر فوسفات الكودايين والفانودروم والدكستروبوكستين، قد كونهما فعل واحد، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة ٣٢ من قانون العقوبات على أنه: “إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها، مفاده أن حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد، هو اعتبار المتهم إنما قصد ارتكاب الجريمة الأشد عقوبة فقط دون الجريمة أو الجرائم الأخف، فلا تصح مؤاخذة المتهم إلا عن جريمة واحدة هي الأشد عقوبة، وبصدور الحكم في الجريمة تنتهى المسئولية الجنائية عن ذلك الفعل هو وجميع نتائجه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة بعد أن خلصت إلى إدانة المطعون ضده الأول بجريمة جلب مخدر الأفيون ذات العقوبة الأشد أعفته من العقاب إعمالا لنص المادة ٤٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ ، ولم توقع عليه عقوبة عن الجريمة الأخرى ذات العقوبة الأخف، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحاً، إذ مقتضى التعدد المعنوي هو عدم قيام الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف مع قيام الجريمة الأشد، بما يترتب على محاكمة الجاني عن هذه الجريمة الأخيرة من انقضاء مسئوليته الجنائية عن الفعل بأوصافه كافة ونتائجه جميعها، ويكون منعى النيابة في هذا الصدد على غير سند.

(الطعن رقم ٤٧٨٨ لسنة ٥٤ ق جلسة ١٣/٣/١٩٨٥ لسنة ٣٦ ص٢٧١)

من المقرر أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين فى الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود البلاغ على غير مبلغ، والمادة ٤٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ تفرق بين حالتين الأولى اشترط القانون فيها فضلاً عن المبادرة بالإخبار ان يصدر هذا الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة واشترط في الثانية والتي يتم فيها الإخبار بعد علم السلطات أن يكون الإخبار هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة وإذ كان ضبط هؤلاء هو الغاية التي تغياها الشارع في هذه الحالة، فإنه يلزم أن يكون ذلك الإخبار قد اتسم بالجدية والكفاية ووصل بالفعل إلى ضبط باقي الجناة. (الطعن رقم ۲۸۹۱۷ لسنة ٥٩ ق جلسة ٢٤/١٠/١٩٩٠)

د– حالات الإعفاء

فرق القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ في المادة ٤٨ منه بين حالتين للإعفاء تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلا عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة. أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار ان يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم أن المطعون ضده أفضى بمعلومات صيحة إلى رجال الشرطة ادت بذاته إلى القبض على المتهم الثاني فيكون مناط الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية من المادة ٤٨ المذكورة قد تحقق ولا يحاج في هذا الصدد بأن أمر المتهم الثاني كان معلوما لرجال الشرطة من قبل حسبما أسفرت عنه التحريات مادام إقرار المطعون ضده قد أضاف جديدا إلى المعلومات السابقة عليه من شأنه تمكين السلطات من القبض عليه، والفصل في ذلك من خصائص قاضى الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى.

(الطعن ١٩٦٣ لسنة ٢٦ ق جلسة ٣١/١/١٩٦٧ سنة ١٨ ص ١٥٣)

جريمة إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي المعاقب عليها بمقتضى المادتين ،۳۷، ۳۸ من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ لا تندرج تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر في المادة ٤٨ من القانون.

(الطعن ٥٢٧ لسنة ٤١ ق جلسة ٨/١١/١٩٧١سنة ٢٢ ص ٦٣١)

لما كان القانون قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة ٤٨ من القانون رقم

١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلا عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. لما كان ذلك وكان مؤدى ما حمله الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ورده على دفاع الطاعن أن الطاعن لم يدل بأية معلومات جديدة أدت بذاتها إلى ضبط المتهم.. وكان الفصل في ذلك من خصائص قاضي الموضوع مادام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في رفض طلب الطاعن في الانتفاع بالإعفاء المقرر في المادة ٤٨ من قانون المخدرات ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.

(الطعن رقم ٦٥٢٤ لسنة ٦٠ ق جلسة ١/١٠/١٩٩١)

تفرق المادة ٤٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ بين حالتين الأولى: اشترط القانون فيها فضلا عن المبادرة بالإخبار أن يصدر هذا الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة، والثانية لم يستلزم القانون فيها المبادرة بالإخبار بل اشترط في مقابل الفسحة التي منحها الجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. فالمقصود بالمبادرة في الحالة الأولى هو المبادأة بالتبليغ عن الجريمة قبل علم السلطات بها، وذلك يقتضي أن يكون الجاني في موقف المبلغ عن الجريمة لا موقف المعترف بها حين يستوجب أو يسأل فيجزي على كشفه عن مرتكبي تلك الجرائم بالإعفاء من العقاب. أما في الحالة الثانية فإن موجب الإعفاء يتوافر إذا كان إخباره السلطات بالجريمة – وبعد علمها بها – هو الذي مكنها من ضبط باقي الجناة. وإذ كان ضبط هؤلاء هو الغاية التي يتغياها الشارع في هذه الحالة فإنه يلزم أن يكون ذلك الإخبار قد اتسم بالجدية والكفاية ووصل بالفعل إلى ضبط باقي الجناة الذين ساهموا في اقتراف الجريمة في يكفى أن يصدر من الجاني في حق آخرين قول مرسل عار من الدليل و إلا انفسح المجال لإلصاق الاتهامات بهم جزافاً بقية الإفادة من الإعفاء وهو ما ينأى عنه قصد الشارع، فإذا كان ما أدلى به الجاني لم يحقق غرض الشارع من ضبط باقي الجناة وكشف صلتهم بالجريمة المخبر عنها ، فلا حق له في الانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة

٤٨ من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ لتخلف المقابل المبرر له.

(الطعن ۱۸۱۹ لسنة ٤٠ ق جلسة ١٤/٢/١٩٧١ سنة ٢٢ ص ١٤٤)

ه– التزام المحكمة بإسباغ الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى

لما كان الأصل وفقا للمادة ٤٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد ۳۳ ، ٣٤ ٣٥ من ذلك القانون، وكان تصدى المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وأعمل في حقه حكم المادتين ،۳۷ ۳۸ من القانون سالف الذكر – وهو ما يخطئ الحكم في تقديره – فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة بما يضحى معه النعي على الحكم نقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.

(الطعن ١٢٩٠ لسنة ٤٦ ق جلسة ٣/٤/١٩٧٧سنة ٢٨ ص ٤٤١)

تصدى المحكمة لبحث توافر عناصر الإعفاء المنصوص عليه في المادة ٤٨ من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على الواقعة. ولما كانت المحكمة قد خلصت إلى إسباغ وصف الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي على الواقعة وأعملت في حق الطاعن أحكام المادتين٣٧/١، ۳۸ من القانون المشار إليه وأطرحت لذلك ما تمسك به المدافع عنه من إفادته من الإعفاء المنصوص عليه في المادة ٤٨ منه قولا منها بأن هذا الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة ففي المواد ۳۳، ٣٤ ٣٥ فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سديداً يحول بينها وبين بحث قيام أو انتفاء حالة الإعفاء ويدفع عنها مظنة الإخلال بحق الدفاع.

(الطعن ١٧٦١ لسنة ٢٥ ق جلسة ٣/١/١٩٩٦سنة ١٧ ص٥)

الإعفاء من العقاب للإدمان

وطلب إيداع المدمن إحدى المصحات

أولاً: النص القانوني الذي يحكم الدفع.

نصت المادة ۳۷ من قانون المخدرات على أنه : يعاقب بالسجن المشدد المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (٥) أو حازه أو اشتراه، وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وللمحكمة أن تأمر في الحكم الصادر بالإدانة بتنفيذ العقوبات المقضي بها في السجون الخاصة التي تنشأ للمحكوم عليهم في جرائم هذا القانون أو في الأماكن التي تخصص لهم بالمؤسسات العقابية.

ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى – بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة أن تأمر بإيداع من يثبت إيمانه إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية، وذلك ليعالج فيها طبياً ونفسياً واجتماعيا ولا يجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ستة أشهر ولا أن تزيد على ثلاث سنوات أو مدة العقوبة المقضي بها أيهما أقل.

ويكون الإفراج عن المودع بعد شفائه بقرار من اللجنة المختصة بالإشراف على المودعين بالمصحة، فإذ تبين عدم جدوى الإبداع، أو انتهت المدة القصوى المقررة له قبل شفاء للمحكوم عليه، أو خالف المودع الواجبات المفروضة عليه لعلاجه، أو ارتكب أثناء إيداعه أيا من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون رفعت اللجنة المشار إليها الأمر إلى المحكمة عن طريق النيابة العامة بطلب الحكم بإلغاء وقف التنفيذ، لاستيفاء الغرامة وباقي مدة العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها بعد استنزال المدة التي قضاها المحكوم عليه بالمصحة.

ولا يجوز الحكم بالإيداع إذا ارتكب الجاني جناية من الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة بعد سبق الحكم عليه بالعقوبة أو بتدبير الإيداع المشار إليه، وفى هذه الحالة تسري الأحكام المقررة في المادة السابقة إذا رأت المحكمة وجهاً لتطبيق المادة ۱۷ من قانون العقوبات.

ثانياً: القواعد القانونية التي تحكم النص.

–أن الحكم بالإيداع المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة ٣٧ من قانون المخدرات جوازي للمحكمة باعتباره بديلاً عن تنفيذ العقوبة أي يحكم بها، ومن ثم يحكم بالإيداع إلى جانب العقوبة إذا ثبت الإدمان الذي يعتبر مسألة موضوعية.

–مدة الإيداع يجب ألا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات أو مدة العقوبة أيهما أقل.

–ينتهي الإيداع إما بشفاء المدمن أو إذا ألغى وقف تنفيذ العقوبة عملاً بنص المادة ٣٧ من قانون العقوبات فقرة ثالثة.

–يحرم المدمن من الإيداع إذا ارتكب إحدى الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ۳۷ من قانون المخدرات بعد سبق الحكم عليه بالعقوبة أو الإيداع.

–لا يستفيد من النص إلا المضبوط في حالة تعاطي دون حالة اتجار وذلك من سلطات المحكمة، ولا شك أن حجم الكمية المضبوطة وعدم كبرها وضالتها دليل على حيازتها للتعاطي وليس للاتجار، فضلاً عن أن وجود المقص والميزان لا

يقطعان في ذاتهما ثبوت واقعة الاتجار، ويجب أن يطلب الدفاع احتياطيا اعتبار المتهم محرزاً للمادة المخدرة بقصد التعاطي مع إيداعه إحدى المصحات أو دور العلاج.

–أن تعديل وصف التهمة من تسهيل إلى تعاطى يقتضي لفت نظر الدفاع أثناء المحاكمة وقبل الحكم.

–تم تشكيل اللجنة المختصة بالإشراف على المودعين بالمصحة بقرار السيد المستشار وزير العدل رقم ١٧٧٤ لسنة ۱۹۹۱ بشأن لجان الإشراف على المصحات ودور علاج الإدمان والتعاطي وأصبحت لجنة قضائية بعد أن كانت تشكل تشكيلاً إدارياً.

–العقوبة للحيازة للتعاطي والاستعمال الشخصي هي السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه.

–لا تقام الدعوى الجنائية في جرائم المخدرات في الحالتين الآتيتين:

أ – إذا تقدم المدمن من تلقاء نفسه إلى اللجنة طالباً العلاج.

ب – إذا طلب زوجة أحد أصول أو فروع المدمن علاجه في أحد المصحات أو دور العلاج المنصوص عليها في المادة ٣٧ مكرر.

–يلاحظ أن المتقدم بطلب العلاج سواء كن من تلقاء نفس المدمن أو أحد أقاربه لا يكون إلا بطلب يقدم إلى اللجنة المشار إليها ولا يقدم إلى النيابة العامة حيث أن اللجنة هي التي تفصل في الطلب بعد فحصه وسماع أقوال ذوي الشأن ولها أن تطلب إلى النيابة العامة تحقيق هذا الطلب وعرض الأمر عليها بمذكرة بالرأي ولك في حالة طلب أحد الأقارب إيداع المدمن أحد المصحات.

–مغادرة المريض للمصحة أو التوقف عن التردد على دور العلاج قبل صدور قرار اللجنة يلزمه بدفع نفقات العلاج التي تحصل بطريق الحجز الإداري.

ولا يعتبر في هذا الشأن مخالفاً لنص المادة ٤٥ أي لا يوقع عليه عقاب باعتباره ارتكب مخالفة لأحكام القانون.

–لا يستفيد من حكم المادة المريض الذي يحرز مادة مخدرة داخل المصحة أو عند تردده على دور العلاج.

–أن تكرار المتقدم للعلاج وعدم استكماله لا يسقط المريض حقه في الاستفادة من النص لأن النص لم يقرر خلاف ذلك.

–أن الدخول إلى المصحة بناء على طلب أحد الأقارب لا يكون إلا بموافقة المدمن نفسه حتى لا يكون ذلك وسيلة للكيد وعند التظلم تفصل النيابة العامة في الطلب.

–نرى أنه إذا ثبت إدمان المتهم على تعاطى المخدر وكانت الدعوى ما تزال في حوزة النيابة العامة ولم تقدم إلى المحاكمة فإنه لا تقام عليه الدعوى الجنائية.

–إيداع المدمن إحدى المصحات أو دور العلاج هو أحد التدابير في حالة الحكم أكثر من مرة أو الاتهام الجدي أكثر من مرة في إحدى جنايات المخدرات وأيضاً تدابير الاشتباه فضلاً عن تدابير الحراسة على الأموال.

–أن المريض بإدمان المخدرات يعد في حكم المريض وليس في حكم المجرم ومن ثم فهو أجدر بالعلاج منه بالعقاب وبالتالي لا يثبت هذا الحق المنصوص عليه بالمدة ٣٧ إلا بالنسبة لمن ثبت إدمانه المخدرات فعلاً.

–المشرع ترك للقاضي حرية تكوين عقيدته بشأن ثبوت إدمان المخدرات من أي دليل يراه في الدعوى تطبيقاً لمبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته.

–أن جرائم الاتصال بالمخدر بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي هي الجرائم التي يكون فيها الإبداع بإحدى المصحات جوازياً للمحكمة دون عداها من جرائم المخدرات الأخرى.

–أن تقدم المتهم للعلاج من تلقاء نفسه يعد من الأعذار المعفية في العقاب.

–لا يسرى الإعفاء من العقاب على الشخص الذي يحرز مخدر ولا يقدمه إلى الجهة المختصة عند دخوله المصحة حتى لا يكون سبباً للإفلات من المسئولية ممن يسعون إلى ترويج المخدر داخل المصح العلاجي ولمنع ترويج أي شخص بذلك.

– أن الدفع الأساسي لكي يستفيد المتهم من العذر المعفى المنصوص عليه في المادة ٣٧ من قانون المخدرات بشأن التقدم للمصحة للعلاج هو الدفع بأن حيازة المخدر لم تكن بقصد الاتجار ولكن – احتياطيا – بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي، لأن اتصال المتهم بالمخدر كان شخصياً، وتستطيع المحكمة أن تقلب الواقعة من جميع جوانبها وتصل في النهاية إلى أن القصد كان للتعاطي، فإذا ثبت بعد ذلك أن المتهم الذي حاز المخدر بقصد التعاطي كان مدمناً للمخدر فإنه يستفيد من العذر المعنى، ومن ثم فإن شرطا الاستفادة من العذر المعفى هما الشرطين التاليين:

1 – أن يثبت قصد التعاطي والاستخدام الشخصي.

٢–أن يثبت إدمان المتهم للمخدر.

–أن أحكام الإيداع بالمصحة بالنسبة لمتعاطي وجد من المواد المخدرة يعد من الناحية القانونية في حكم المجنون من ناحية إعفائه من العقاب، وبالتالي قد يتشابه مع أسباب الإباحة.

ثالثاً: تطبيقات قضائية:

في ظل سريان أحكام القانون رقم ۲۱ لسنة ۱۹۲۸ ، قضت محكمة النقض بأن هذا القانون إذ رخص بالفقرة الثانية من المادة ٣٦ للقاضي في أن يحكم في جريمة إحراز الجواهر المخدرة للتعاطي أو الاستعمال الشخصي بإرسال المتهم إلى إصلاحية خاصة لمدة معينة بدلا من أن يوقع عليه عقوبة الحبس المنصوص عليها في الفقرة الأولى، إذ رخص له في ذلك لم يقصد أن يجعل له الخيار في أن يحكم على من ثبت قبله هذه الجريمة بأي من هاتين العقوبتين بلا قيد ولا شرط، بل إن المفهوم من عبارة النص ذاتها أن كل عقوبة منهما لها حالة خاصة بها بتعين إيقاعها – هي دون غيرها – فيها . والتخيير الوارد في النص لا يراد منه في الواقع إلا أن يترك القاضي الحرية في تقدير حالة كل منهم من جهة استحقاقه لهذه العقوبة أو تلك. ومتى قدر القاضي حالة المتهم فعلى أساس ما يقدره من ذلك يجب عليه ان يوقع العقوبة المقررة في القانون لهذه الحالة. فإذا رأى من وقائع الدعوى المعروضة عليه أن المتهم في حالة تستدعى العلاج والإصلاح وامر بإرساله إلى المصحة فلا يجوز الطعن على حكمه بمقولة أن مصحة المدمنين على المخدرات إذ كانت لم تنشأ بعد لم يكن للقاضي أن يختارها، بل كان عليه أن يحكم عليه بعقوبة الحبس ذلك بأن الحبس والإصلاحية ليسا – كما سلف – عقوبتين متعادلتين يحكم القاضي يأتيهما حسب مشيئته في كل دعوى بغض النظر عن حالة كل متهم وظروفه.

(نقض ٦ يناير سنة ١٩٤١ مجموعة القواعد في ٢٥ عاما جـ ٢ رقم ٥٨ ص ١٠٥٠)

لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن تقدم المكتب القاهرة التابع لإدارة مكافحة المخدرات لعلاجه من الإدمان وأحيل إلى الكشف الطبي، فقرر إحالته للمصحة للعلاج وقيد بسجل المدمنين بالإدارة حتى خلا محل في المصحة فأحيل إليها ونسب إليه إحراز المخدر وقت دخوله إليها. ولما كان الحكم لم يعن باستظهار حالة الإدمان لدى الطاعن وتقدمه من تلقاء نفسه للعلاج، وأثر ذلك على إعفائه من المسئولية في حكم الفقرة السادسة من المادة ،۳۷، مما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه والإحالة.

(نقض ١٠ مايو سنة ١٩٦٦ مجموعة أحكام النقض ص ١٧ رقم ١٠٨ ص ٦٠٨)

قانون المخدرات أجاز للمحكمة أن تأمر بإيداع الجاني المصحة واناط باللجنة المختصة ببحث حالة المودعين بالمصحات تحديد مدة بقاء المودع بالمصحة بشرط الا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز السنة (تعدلت إلى سنتين بالقانون رقم ١٦ لسنة ۱۹۷۳). ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ نص في منطوق الحكم على إيداع المطعون ضده المصحة لمدة سنة، فإنه يتعين نقضه جزئيا وتصحيحه بتطبيق القانون على وجهه الصحيح والقضاء بإيداع المتهم المصحة حتى تقرر اللجنة المختصة ببحث حالة المودعين بالمصحات الإفراج عنه.

(نقض ۲۹ مارس سنة ١٩٦٥ مجموعة أحكام النقض ص ١٦ رقم ٦٥ ص ٢٠٢)

لما كان الثابت أن المتهم قدم إلى الضابط قطعة المخدر، وطلب دخوله أحد الملاجئ دون أن يطلب إلحاقه بالمصحة ثم اعترف في تحقيق النيابة بحيازته للمخدر المضبوط وتقديمه إياه للضابط، وعلل ذلك برغبته دخول السجن لفشله في الحصول على عمل، وإذ عرض عليه وكيل النيابة دخول إحدى المصحات لعلاجه من الإدمان رفض ذلك واصر على رغبته في دخول السجن، فإن الحكم إذ اثبت أن المتهم طلب إلى الضابط إلحاقه بإحدى المصحات للعلاج يكون معيباً بالخطأ في الإسناد في واقعة جوهرية لها أثره على صحة تحريك الدعوى الجنائية، وقد أدى به هذا الخطأ إلى الخطأ في القانون، ذلك بأنه اعتبر أن تقديم المتهم المخدر للضابط من تلقاء نفسه فعل مباح لاستعماله حقا خوله له القانون وهو رغبته في العلاج بما يرفع عن فعله صفة التجريم، في حين أن ما أتاه المتهم لا يندرج تحت أسباب الإباحة، لأن المشرع إنما استحدث في الفقرة الثالث من المادة ٣٧ سالفة الذكر تدبيرا وقائيا أجاز للمحكمة الالتجاء إليه بالنسبة إلى من يثبت إدمانه على تعاطى المخدرات بأن تأمر بإيداعه إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها وذلك بدلا من العقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة. أما إذا تقدم من تلقاء نفسه للمصلحة للعلاج فلا تقام الدعوى الجنائية عليه لأن دخوله المصحة يحقق هدف الشارع من تشجيع المدمنين على الإقبال على العلاج، مما مفاده تأثيم الفعل في الحالين وإن كان جزاؤه مرددا بين العقوبة المقيدة أو التدبير الوقائي العلاجي. وإن كان الفعل مجرما في الحالين فإن أسباب الإباحة تنحصر عنه، وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر القانوني فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.

(نقض ٣٠ يناير سنة ١٩٦٧ مجموعة أحكام النقض ص ۱۸ رقم ۲۲ ص ۱۲۱)

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .