جنائي

متى يتم انقضاء الدعوى الجنائية وحالات السقوط 2024

انقضاء الدعوى الجنائية

بداية يجب التفرقة بين انقضاء الدعوى الجنائية (التقادم) وسقوط الدعوى الجنائية، انقضاء الدعوى الجنائية (التقادم) معنى كلمة الانقضاء اي الانتهاء او الزوال لاى سبب من الاسباب و انقضاء الدعوى الجنائية أو التقادم هو مضي مدة معينة نص عليها القانون لا تتخذ النيابة أثناءها إجراء ما في الجريمة المقترنة بحثا عن مرتكبها أو أن صاحب الحق الذي يظل ساكنا لمدة معينة فيسقط حقه في اللجوء للقضاء، لانقضاء حقه بمضي المدة .

انقضاء الدعوى الجنائية

و التقادم الذي تسري مدته بشأن جريمة لم يصدر فيها حكم جنائي نهائي غير قابل للطعن، وتسري مدة تقادم الدعوى الجنائية في جريمة ما منذ اليوم التالي لوقوع هذه الجريمة أو لآخر إجراء اتخذ فيها إن كان ثمة إجراء قد تم بشأنها و تنقضي الدعوى الجنائية كما نصت المادة 15 من قانون الاجراءات الجنائية في مواد الجنايات بمضي 10 أعوام من يوم وقوع الجريمة وفى الجنح بمضي ثلاث سنوات وفى المخالفات بمضي عام

المقصود ب انقضاء الدعوى الجنائية :

يقصد ب انقضاء الدعوى الجنائية استحالة دخولها في حوزة القضاء المختص بنظرها واستحالة استمرارها في حوزته.

وبعبارة أخرى يمكن القول بأن المقصود بالأسباب التي  تؤدي الى انقضاء الدعوى الجنائية العوائق والعقبات الإجرائية التي تحول دون إمكانية تحريك الدعوى أو السير فيها إلى منتهاها وتحقيق موضوعها الذي هو إنزال العقوبة المقررة قانوناً جزاء للجرم على من ثبت ارتكابه له.

والحديث عن أسباب انقضاء الدعوى الجنائية يفترض سلفاً قيام الجريمة بأركانها وعناصرها القانونية المكونة لها وصلاحية المتهم فيها للمساءلة الجنائية وأن يكون محلاً للعقاب. ولكن ينهض سبب يعوق إتخاذ أو مواصلة السير في وسيلة اقتضاء هذا العقاب، والتي هي الدعوى الجنائية. ويمكن التمييز في مجال أسباب انقضاء الدعوى الجنائية بين «أسباب عامة» تسري على جميع الجرائم (جنايات – جنح – مخالفات)، وأخرى «خاصة».

ومن أهم الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى الجنائية؛ التنازل عن الشكوى والطلب والتصالح. أما الأسباب العامة فإن أهمها: وفاة المتهم. والحكم اليات، والتقادم بمضي المدة، والعفو العام (الشامل) عن الجريمة.

اسباب انقضاء الدعوى الجنائية

يتم انقضاء الدعوى الجنائية بحسب الأصل بصدور حكم بات فيها، وهو الحكم الذي استنفد جميع طرق الطعن فيه. ففي هذه الحالة يحوز الحكم قوة الأمر المقضي، ولا يقتصر أثر قوة الأمر المقضي على مجرد انقضاء الدعوى الجنائية، وإنما يعني أيضا افتراض صحة الحكم في كل ما تضمنه ،  فالحكم الجنائي هو عنوان الصحة والحقيقة معا، فلا تجوز المجادلة في صحته أو حقيقته متى أصبح باتا، أي لا يجوز الطعن فيه.

و انقضاء الدعوى الجنائية قد تتم بغير هذا الحكم لأسباب أخرى وهي وفاة المتهم والعفو عن الجريمة ومضي المدة، وهذه الأسباب بنوعيها تنطبق في نظام العدالة الجنائية بصورته التقليدية التي ترتكز على الدعوى الجنائية. وقد أدى تطور السياسة الجنائية إلى معرفة نظام آخر للعدالة الجنائية يسمي بالعدالة الرضائية أو التفاوضية، يتم فيه العدول عن نظام الدعوى الجنائية إلى نظام آخر لتحقيق العدالة الجنائية. وقد أخذ به المشرع المصري في جرائم معينة، كالصلح الجنائي والتنازل عن الشكوى أو الطلب في الجرائم التي يعلق فيها القانون حرية النيابة في تحريك الدعوى الجنائية أو رفعها على اتخاذ هذا الإجراء. وطبقا لهذا النظام يتم انقضاء الدعوى الجنائية إذا بوشر أحد هذه البدائل، كما سنبين فيما بعد.

انقضاء الدعوى الجنائية في الحكم الغيابي

اسباب انقضاء الدعوى الجنائية بغير حكم

انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم

مضمون الدفع ب انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم:

هو من الدفوع الشكلية التي تستند إلى نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فلقد نصت المادة (١٤) من القانون المشار إليه على وفاة المتهم كسبب لانقضاء الدعوى الجنائية.

وتكمن العلة في انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم في مبدأ شخصية الدعوى الجنائية»، وهو مبدأ يرتبط بمبدأين آخرين:

(شخصية المسئولية الجنائية)، «شخصية العقوبة»، فإذا كانت المسئولية شخصية وكانت العقوبة شخصية كذلك، تعين أن تتصف الدعوى بذلك أيضاً باعتبارها تنشأ من المسئولية وتستهدف العقوبة، وإذا كان من المسلم به أن العقوبة لا تحقق أياً من أغراضها إلا إذا نفذت في شخص معين بالذات هو المسئول عن الجريمة، فإن وفاة هذا الشخص تجعل من المستحيل تنفيذ العقوبة وتحقيق أغراضها، ومن ثم تنقضي علة الدعوى وغايتها.

نصت المادة ١٤ إجراءات على أن انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم، ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة في الحالة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة ٣٠ من قانون العقوبات إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى».

فالوفاة  تؤدي الى انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم التي لا تباشر إلا في مواجهة شخص قانوني، فإذا كان شخصا طبيعيا فمن البداهة أن يكون حيا.

على أن الوفاة سبب شخصي لانقضاء الدعوى الجنائية ، فلا يمتد إلى غيره من المساهمين في الجريمة، فتظل الدعوى قائمة بالنسبة إليهم.

أحكام الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة:

قد تحدث وفاة المتهم قبل رفع الدعوى الجنائية عليه، فتصدر النيابة العامة أمراً بحفظ الأوراق أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى.

وقد تحدث الوفاة بعد رفع الدعوى الجنائية، ولكن قبل أن يصدر القضاء حكمه فيها. فيجب على المحكمة أن تقضي بسقوط الدعوى ويمتنع عليها أن تقضي بأي عقوبة.

وإذا حدثت الوفاة بعد صدور حكم في الدعوى وقبل أن يصبح هذا الحكم باتاً، كما لو حدثت الوفاة أثناء المهلة التي حددها القانون للطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف أو النقض، فإن الحكم يمحى بسقوط الدعوى فيعتبر كان لم يكن، ولا ينفذ ما قضي به من العقوبات، وإذا كان قد قضي بعقوبات مالية كالغرامة أو المصادرة ونفذت العقوبة، وجب رد مبلغ الغرامة والأشياء التي صودرت. كذلك لا يجوز للنيابة العامة الطعن في الحكم.

وإذا حدثت الوفاة بعد أن طعن في الحكم سواء من جانب النيابة أو المتهم امتنع على المحكمة المطعون أمامها أن تستمر في نظر الطعن لأن الساقط المعدوم يمتنع قانونا إمكان النظر فيه.

وأخيراً قد تحدث الوفاة بعد صدور حكم بات في الدعوى العامة، وهذه الحالة تخرج عن نطاق بحثنا إذ يترتب على الوفاة سقوط العقوبة المحكوم بها. أما الدعوى فتسقط بمجرد صدور حكم بات فيها.

ويلاحظ أنه على الرغم من سقوط الدعوى العامة بالوفاة، فإنه يجب على المحكمة أن تحكم بالمصادرة في الحالة المنصوص عليها في المادة ٣٠/٢ وهي حالة ما إذا كانت الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة أو التي استعملت فيها أو التي من شأنها أن تستعمل فيها من الأشياء التي يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته. وإذا كان الحكم بها قد صدر قبل الوفاة وصودرت فعلا فلا

تعاد إلى ورثة المتوفي، وتفسير ذلك أن الحكم بالمصادرة لا يعتبر حكماً بالعقوبة على شخص متوفي، إنما هو حكم بتدبير احترازي واقع على الشيء الممنوع قانوناً، ولذلك يجوز الحكم به على الرغم من الحكم بالبراءة أو العفو عن الجريمة. ولكن يلاحظ أنه إذا توفي المتهم قبل رفع الدعوى العامة فلا يجوز رفعها للحكم بالمصادرة إنما تتم المصادرة في هذه الحالة بالطريق الإداري.

تأثير انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم على المساهمين في الجريمة:

وقد يحدث أن يكون المتوفي أحد متهمين عدة في جريمة معينة، بل أنه قد يكون هو الفاعل وهم الشركاء، القاعدة أن الدعوى لا تسقط إلا بالنسبة للمتوفي فحسب أما الباقون فتستمر الدعوى قائمة قبلهم ويجب أن يستثنى من هذه القاعدة حالة وفاة الزوجة الزانية أو الزوج الزاني قبل صدور حكم بات في الدعوى إذ يجب أن يستفيد الشريك أو الشريكة من سقوط الدعوى قبل الزوجة أو الزوج، ويرجع الاستثناء هنا إلى الطبيعة الخاصة لهذه الجريمة.

أثر الحكم خطأ ب انقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم:

قد تخطئ المحكمة وتقضي بناء على معلومات غير صحيحة عن وفاة المتهم بسقوط الدعوى الجنائية ثم يتبين أنه لا يزال على قيد الحياة في هذه الحالة يعتبر الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة من قبيل الخطأ المتعلق بالوقائع فيجوز الطعن في الحكم أمام المحكمة التي أصدرته لتصحيح الخطأ الذي وقعت فيه.

حالة الاستمرار في نظر الدعوى للجهل بوفاة المتهم:

كذلك قد يتوفى المتهم أثناء نظر الدعوى فتستمر المحكمة في نظرها لعدم علمها بهذه الواقعة وتصدر الحكم فيها. هذا الحكم يعتبر منعدماً ويجوز للورثة الطعن فيه أمام المحكمة التي أصدرته للعدول عنه، وهي تفعل ذلك ولو كان الحكم قد اكتسب قوة الشيء المحكوم فيه.

انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم سبب تختص به الدعوى الجنائية:

والوفاة سبب  انقضاء الدعوى الجنائية تختص به الدعوى الجنائية، أما الدعوى المدنية فيخلف المتهم المتوفي فيها ورثته. فإذا أقيمت الدعويان الجنائية والمدنية أمام المحكمة الجنائية ثم توفي المتهم؛ انقضت الدعوى الجنائية قبله، ولكن الدعوى المدنية تستمر ضد ورثته أمام هذه المحكمة. مادة (٢٥٩) من قانون الإجراءات الجنائية. وإذا توفي المتهم قبل أن ترفع الدعويان فلا يجوز إقامة الدعوى المدنية إلا أمام القضاء المدني.

تعلق الدفع  ب انقضاء الدعوى الجنائية بالنظام العام:

والدفع ب انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة شأنه في ذلك شأن سائر الدفوع التي تثار بشأن انقضاء الدعوى الجنائية، تتعلق بالنظام العام، ويترتب على ذلك الآثار المعتادة لتعلق الدفع بالنظام العام من حيث جواز التمسك به في أي مرحلة من مراحل الدعوى وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها إذا اتضح لها من مقومات الدعوى. وهو من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد في أسباب حكمها وإلا كان معيباً بالقصور المبطل

حالة وفاة المتهم قبل تحريك الدعوى الجنائية أو رفعها

إذا كانت وفاة المتهم قبل تحريك الدعوى الجنائية فلا يجوز تحريكها بعد ذلك، فإن حركت الدعوى جهلا بوفاة المتهم فلا ينتج هذا التحريك أثره ولا تنشأ به الدعوى الجنائية.

فإذا قضت المحكمة على المتهم رغم وفاته – قبل دخول الدعوى في حوزتها – يكون هذا الحكم منعدما قانونا لوروده على غير محل وفي غير دعوى جنائية ولا يحوز أدنى حجية.

وكل ما على المحكمة في هذه الحالة أن تقرر عدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها على غير الوجه الصحيح. وهذا الحكم كاشف لا منشئ لأن الدعوى الجنائية لم تدخل في حوزة المحكمة قانونا مادام المتهم قد توفي قبل ذلك.

كما يجب على النيابة العامة أن تأمر بحفظ الأوراق دون أن تحرك الدعوى الجنائية قبله، فإذا كانت قد باشرت فيها بعض إجراءات التحقيق جهلا بوفاة المتهم – فعليها أن تأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى.

حالة وفاة المتهم بعد تحريك الدعوى الجنائية أو رفعها

إذا حدثت الوفاة في أثناء المحاكمة بعد صدور الحكم وقبل الفصل في الطعن المرفوع على هذا الحكم – يتعين الحكم في الطعن ب انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم على أنه إذا كان الطعن على الحكم غير جائز، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن، لأن محال بحث انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم  من عدمه يتأتى بعد أن يتصل الطعن بالمحكمة اتصالا صحيحا بما يبيح لها أن تتصدى لبحثه وإبداء حكمها فيه وإذا حدث أن توفي المتهم أثناء نظر الطعن بالنقض ولم يعرض أمر وفاته على محكمة النقض وقضت بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة،

فلا مفر أمام محكمة الإعادة من القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية، لأنها لم تتصل بهذه الدعوى اتصالا صحيحا، فلا يتأتى لها الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية إلا بعد أن تتصل الدعوى بالمحكمة على نحو صحيح.

وفي هذه الحالة يتعين على محكمة النقض الرجوع عن حكمها السابق عند عرض الأمر عليها والحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم.

ويجب الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم في الجرائم التي ينص فيها القانون على وجوب الحكم بتعويض عن قيمة الضرائب المستحقة، وذلك استنادا إلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض حول الصفة المختلطة لهذا التعويض، حيث يختلط فيه معنى العقوبة بالتعويض المدنية للخزانة جبرا للضرر، مما يترتب عليه أنه لا يجوز الحكم به إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية، ولا يفضي به إلا على مرتكبي الجريمة فاعلين أصليين أو شركاء دون سواهم، فلا يمتد إلى ورثتهم ولا المسئولين عن الحقوق المدنية

وإذا كان الحكم المطعون فيه قاضيا بالبراءة ثم مات المتهم أثناء نظر الطعن فيه المرفوع من النيابة العامة، فيجب الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم ولا يخل الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم بالحكم بالمصادرة الوجوبي المنصوص عليها في المادة٣٠/٢عقوبات والتي نصت على أنه إذا كانت الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة ،،،

وكذلك الأسلحة والآلات المضبوطة التي استعملت أو التي من شأنها أن تستعمل فيها من التي يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته – وجب الحكم بالمصادرة في جميع الأحوال ولو لم تكن الأشياء ملكا للمتهم.

 عدم تأثير وفاة المتهم في الحكم بالرد في بعض الجرائم

استثناء من كل ما تقدم نصت المادة ۲۰۸ مكررا «د» من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم ٦٣ لسنة ۱۹۷٥ على أنه لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة – قبل أو بعد إحالتها للمحكمة – دون قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد ۱۱۲، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ١١٣ مكررا فقرة، أولى ۱۱٤، ١١٥ من قانون العقوبات.

وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصي لهم وكل من أفاده فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم نافذا في أموال كل منهم بقدر ما استفاد ويجب أن تندب المحكمة محاميا للدفاع عمن وجه إليهم الرد إذا لم ينيبوا من يتولى الدفاع عنهم، ويجب أن تتثبت المحكمة قبل الحكم بالرد من مسئولية المورث عن الجريمة التي حكم بالرد بنـــاء عليها ، وهو ما يفترض محاكمة المورث في أثناء حياته، لأنه لا يتصور قانونــــا محاكمة ميت وتقرير مسئوليته بعد وفاته،

وأن يترتب على ذلك تحمل الورثة بالالتزامات المترتبة على هذه المسئولية في حدود أنصبتهم في التركة، تطبيقا لمبدأ لا تركة إلا بعد سداد الديون وهو ما يجعل هذا النص غريبا على دولة القانون فالمسئولية عن الجريمة لا تكون بمجرد وقوعها بل لابد من إسنادها إلى مرتكبها تطبيقا لمبدأ المسئولية الشخصية .

عدم تأثير وفاة المتهم في الدعوى المدنية

لا يؤثر انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم في الدعوى المدنية المترتبة علـى الجريمة، فيجوز رفعها على الورثة أمام المحكمة المدنية، أو الاستمرار فيها أمام المحكمة الجنائية إذا كانت الوفاة قد حصلت بعد رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى الجنائية (المادة ٢٥٩/٢ إجراءات).

 

انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم

 انقضاء الدعوى الجنائية لسبق صدور حكم بات فيها

القاعدة:إذا صدر في موضوع الدعوى الجنائية حكم وطعن فيه بطرق الطعن في الأحكام الجنائية التي يتيحها القانون في خلال مدد معينة، أو مضت المدة التي حددها القانون دون أن يطعن في الحكم فإنه يصبح حكماً باتاً يمثل الحقيقة فيما قضى به، وتسقط به الدعوى الجنائية فلا يجوز بعثها أمام القضاء من جديد.

وتستند هذه القاعدة إلى اعتبارات عديدة أهمها: تحقيق الاستقرار القانوني بوضع حد للمنازعة أمام القضاء، وتحقيق الأمن للخصوم حيث تحدد مراكزهم القانونية نهائياً دون أن يهددهم خطر محاكمة جديدة من أجل ذات النزاع، وفضلاً عن ذلك يبرر هذه القاعدة الحرص على جهد القضاة ووقتهم والضن به أن يضيع في نزاع سبق أن استكمل البحث في شأنه، بالإضافة إلى ما يتطلبه الاحترام الواجب للهيئات القضائية من تجنب لتضارب الأحكام وتهيئة ما ينبغي لها من الثبات والاستقرار. وتتضمن هذه القاعدة المادتان (٤٥٤ ،٤٥٥) من قانون الإجراءات الجنائية فتنص المادة (٤٥٤) على ((أن تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة)).

وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون).

وتقرر المادة (٤٥٥) أنه: (لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة).

وتعني قوة الشيء المقضي به أن الحكم البات الذي ينهي الدعوى الجنائية قد صدر صحيحاً في كل ما قرره، فيفترض أن هذا الحكم قد صدر صحيحاً من حيث إجراءاته، وأن ما قضي به هو الحق. بعينه من حيث الموضوع، فالحكم بعد عنواناً للصحة وعنواناً للحقيقة. وبعبارة أخرى تنصب قوة الشيء المقضي على الإجراءات القانونية التي صدر الحكم على أساسها أو في ظلها فتضفي الشرعية – كقرينة بطبيعة الحال – على سائر نشاط القاضي، كما تنصب على الوقائع التي كانت أساساً للادعاء أو النزاع فتضفي على الحكم الفاصل فيها قرينة الحقيقة على صحة ما جاء فيه من قضاء، فلا يجوز أن يوضح جزء مما قرره الحكم موضع الشك، ولا يقبل النعي عليه بعيب أياً كان، ويظل افتراض صحة الحكم قائماً ولو ثبت في صورة قاطعة خطأ الحكم فيها ذهب إليه فهو افتراضي غير قابل لإثبات العكس.

وبناء على ذلك إذا رفعت الدعوى الجنائية على شخص من أجل جريمة سبق أن عرضت على القضاء ففصل فيها بحكم بات، فإن هذا الشخص يستطيع أن يدفع بعدم قبول الدعوى إستناداً إلى سبق الفصل فيها بحكم بات أي حائز لقوة الشيء المحكوم فيه أو قوة الأمر المقضي فيتجنب بهذا الدفع أن يعاد النظر في موضوع الدعوى من جديد.

شروط الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه:

يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه أن تتحقق أمور ثلاثة:

أولا: صدور حكم جنائي بات فاصل في الموضوع.

ثانياً: وحدة الواقعة.

ثالثاً: وحدة الخصوم.

الشرط الأول صدور حكم جنائي بات فاصل في الموضوع:

يتطلب هذا الشرط بدوره تحقيق أمور ثلاثة:

١-صدور حكم جنائي: فالدفع بقوة الأمر المقضي لا يقبل إلا إذا كان قد صدر بشأن الواقعة. ويعتبر الحكم جنائياً إذا صدر بشأن الدعوى الجنائية، سواء صدر من محكمة جنائية عادية أو خاصة فلا يعتبر حكماً جنائياً القرار التأديبي الصادر بمجازاة موظف، وبالتالي فهو لا يحول دون إمكان محاكمته جنائياً عن نفس الفعل إذا كان يكون جريمة، ولا يعتبر الأمر الصادر بالا وجه لإقامة الدعوى حكماً جنائياً سواء صدر عن النيابة العامة أو قاضي التحقيق، لأن هذه الجهات لا تعتبر سلطة حكم وإنما سلطة تحقيق، فهي لا تفصل في موضوع الدعوى وإنما تقدر مدى ملاءمة رفعها، ولذلك فإنه على الرغم من حجية هذا الأمر إلا أنه يجوز الرجوع فيه دائماً إذا ظهرت أدلة جديدة. كذلك لا يعتبر الأمر الصادر من النيابة بحفظ الأوراق حكماً جنائياً، فلا يجوز الدفع به، ولذلك تستطيع النيابة العامة أن تعدل عنه وتحرك الدعوى طالما أنها لم تنقض. ويستطيع المدعي بالحق المدني – رغم صدور قرار الحفظ – أن يحرك الدعوى أمام المحكمة مباشرة، أما الأمر الجنائي فيعتبر حكماً جنائياً ولو كان صادراً من وكيل النيابة من الفئة الممتازة، إذ أن المشرع قد خوله في هذه الحالة صفة القاضي.

٢- أن يكون الحكم الجنائي حكماً باتاً: وهو لا يكون كذلك إلا إذا استنفذت فيه طرق الطعن في الأحكام التي يسمح بها القانون أو مضت مواعيد الطعن دون التقدم بالطعن، أو كان الحكم قد صدر غير قابل للطعن فيه. وذلك مع مراعاة أن الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات لا يصبح حكماً باتاً إلا إذا سقطت العقوبة المحكوم بها فيه بمضي المدة وذلك وفقاً لنص المادة (٣٩٤) من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بأنه: (لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائياً بسقوطها).

٣- أن يكون الحكم الجنائي البات فاصلاً في الموضوع: يجب أن يكون الحكم فاصلاً في موضوع الدعوى، فهذا هو الحكم الذي يحوز الحجية لأنه يحسم النزاع ويفصل في الطلبات والدفوع التي عرضت أمام القاضي، أما الأحكام السابقة على الفصل في موضوع الدعوى فهي لا تحوز الحجية.

والأمر واضح فيما يتعلق بالأحكام غير القطعية فهي لا تحوز الحجية لأنها لا تحسم النزاع وإنما تقرر إجراءات وقتية لتوضيح عناصر الدعوى مثل الحكم بانتداب خبير ر، أما الأحكام القطعية السابقة على الفصل في الموضوع كالحكم بعدم الاختصاص أو بعدم القبول فهي وإن كانت تحسم المشكلة التي تفصل في موضوع الدعوى وإنما تحسم مشكلة إجرائية، ولذلك فهي لا تحوز قوة الأمر المقضي، فإذا أصدرت المحكمة حكماً بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم الشكوى التي يتطلبها القانون لتحريك الدعوى، فإنه يجوز طرح الدعوى على المحكمة مرة أخرى بعد إزالة العيب الإجرائي بتقديم الشكوى ممن يملك الحق في ذلك. وإذا أصدرت حكماً بعدم الاختصاص فلا يجوز لها أن تعود إلى النظر في الدعوى إذ تزول ولايتها عليها بمجرد صدور الحكم بعدم الاختصاص ولكنها تعود إلى نظرها إذا الغي هذا الحكم بعد الطعن فيه. كذلك لا يحوز حجية الشيء المحكوم فيه، الحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، ولذلك لأنه لا يفصل في موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة.

ولما كانت القاعدة أن قوة الحكم تتركز في منطوقة، فإنه يجب ألا يعتد إلا بهذا المنطوق وبالأسباب الجوهرية التي توضحه وتؤكده أما غير ذلك من أسباب الحكم فلا يحوز الحجية.

فإذا تحدث الحكم في أسبابه عن ثبوت التهمة في حق المطعون ضده ولم ينته في منطوقه إلى قضاء معين بالنسبة له فإنه لا يكتسب الحجية ولا يحول دون الرجوع إلى الدعوى.

ويلاحظ أن قوة الأمر المقضي تربط فقط بالمسائل التي جرى التحقيق والبت فيها فعلاً. فإذا تعرضت المحكمة أثناء نظر الدعوى الواقعة تعد جريمة وعبرت عن رأيها في شأنها فإن هذا الرأي لا يحوز قوة الأمر المقضي فلا يلزم المحكمة التي ترفع إليها الدعوى عن هذه الواقعة.

الشرط الثاني: وحدة الواقعة:

يجب لقبول الدفع بقوة الشيء المقضي أن تكون الواقعة المعروضة على القضاء هي نفسها الواقعة التي سبق أن فصل فيها بحكم جنائي بات. أي يجب أن يكون سبب الدعويين واحداً، والعبرة في ذلك بوحدة الواقعة،

كما وردت في ورقة التكليف بالحضور أو أمر الإحالة.

أما إذا كان كل من الواقعتين مستقلاً عن الآخر فلا يقبل الدفع بالحجية. حتى ولو كانت الواقعة المرفوعة عنها الدعوى من نوع الواقعة الأولى أو متحدة معها في الوصف أو كانت كل منها حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد. بشرط أن يكون الاعتداء واقعا على حقين مختلفين، أما إذا اتحد الحق المعتدي عليه فإن الدفع يكون مقبولاً.

وتطبيقاً لذلك فإنه لا يكون هناك تعارض بين سبق الحكم ببراءة المتهم من اختزانه مواد سامة بدون ترخيص والحكم بإدانته لمزاولة مهنة الصيدلة، بأن جهز أدوية بدون ترخيص في مخزنه الخاص، فإن تجهيز الدواء يصح وقوعه بمواد لم تصل إلى يد المتهم إلا وقت ارتكابه فعل التجهيز، أي أن الواقعتين مختلفتان. كذلك تختلف واقعة تزوير صحيفة دعوى مدنية عن واقعة تزوير عقد البيع موضوع هذه الدعوى إذ لكل منهما ذاتية خاصة. ولا يوجد تعارض بين تبرئة المتهم من تهمة إخفاء سلاح ناري مع علمه بأنه متحصل من جناية قتل عمد مقترن بجناية إحراز سلاح وذخيرة لعدم توافر الدليل على علمه بذلك، وبين إدانة هذا المتهم بتهمة إحراز السلاح لاستقلال كل من الجريمتين عن الأخرى في عناصرها.

وتحديد مدى وحدة الواقعة قد يثير الشك فيما يتعلق ببعض أنواع الجرائم أو بالنسبة لبعض الحالات، لذلك نرى بحث وحدة الواقعة بالنسبة إلى الجرائم المتعاقبة الأفعال، وجرائم العادة، والجرائم المستمرة، ثم حالة تغير الوصف القانوني للواقعة، وأخيراً حالة الارتباط بين جريمتين.

أولاً: الجرائم المتتابعة الأفعال:

وهي الجرائم التي تتكون من عدد من الأفعال يكون كل منها في ذاته جريمة، ولكنها تعتبر جريمة واحدة إذا ارتكبت لغرض واحد وكان الحق المعتدي عليه فيها واحداً، وتمت كلها قبل صدور حكم نهائي في الدعوى. ولذلك فإن المحاكمة عن هذه الأفعال يمنع من إعادة المحاكمة عن أي فعل سابق من ذات النوع، ولو لم يكن قد ذكر صراحة في التهمة إذ أن ظهوره فيها لم يكن يغير شيئا من وجه التهمة. أما إذا كان تكرار ذات الفعل لتحقيق غرض واحد ولكن اختلف الحق المعتدي عليه فإن وحدة الواقعة لا تتحقق في هذه الحالة.

وتطبيقاً لذلك إذا أصدر المتهم عدة شيكات بدون رصيد مقابل ثمن بضاعة اشتراها صفقة واحداً فإن هذه الأفعال المتعددة تعتبر نشاطاً إجرامياً واحدا وإن تعددت تواريخ استحقاقها فتنقضي الدعوى الجنائية بصدور حكم بات بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي شيك منها. فإذا رفعت بعد ذلك الدعوى عن إعطاء شيك آخر من هذه الشيكات يقبل الدفع بقوة الشيء المقضي لاتحاد الواقعة في الدعويين. فالحكم البات يحوز الحجية بالنسبة لجميع الأفعال التي تكون الجريمة سواء في ذلك الأفعال التي اكتشفتها النيابة العامة فقدمتها إلى القضاء أو لم تكتشفها إطلاقاً أو اكتشفتها ولكن أغفلت تقديمها إلى القضاء.

ولكن قوة الحكم البات لا تمتد إلى الأفعال السابقة عليه، فإذا قام المحكوم عليه بعد صدور الحكم البات بأفعال مماثلة للأفعال السابقة ولتحقيق نفس الغرض، فأنها تعتبر جريمة أخرى تنشأ بها دعوى جديدة ولا يقبل الدفع فيها بقوة الأمر المقضي لاختلاف الواقعتين فجريمة البناء بدون ترخيص تعتبر متتابعة الأفعال إذا توالت وتعاقبت أعمال البناء، إذ أنها تقوم حينئذ على نشاط – وإن اقترف في أزمنة متوالية – إلا أنه يقع تنفيذاً المشروع إجرامي واحد، والاعتداء فيه مسلط على حق واحد. فإذا صدر حكم بات في هذه الجريمة، ثم عاد المتهم واستأنف البناء من جديد فإنه لا يجوز قانوناً إدماج فعله الجديد فيما سبقه وأن تحقق التماثل بينهما. فإذا رفعت الدعوى عن الفعل الجديد لا يقبل الدفع بحجية الأمر المقضي الاختلاف الواقعة في الدعويين.

ثانياً: جرائم العادة:

هي الجرائم التي تتكون من تكرار فعل لا يعتبر في ذاته جريمة، وإنما يعاقب المشرع على الاعتياد على ارتكاب هذا الفعل. ولذلك تعتبر الأفعال التي تدخل في تكوين جريمة العادة عناصر في جريمة واحدة فلا تنشأ عنها إلا دعوى جنائية واحدة، ومثال هذه الجريمة جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش.

والقاعدة فيما يتعلق بحجية الأمر المقضي بالنسبة لجريمة العادة أن قوة الحكم البات – كما هو الشأن بالنسبة للجريمة المتتابعة الأفعال تمتد إلى جميع الأفعال التي تدخل في جريمة العادة والتي ارتكبت قبل صدور الحكم البات سواء أكانت محل نظر في تلك المحاكمة أم لم تكن وتسري نفس القاعدة إذا رفعت الدعوى عن فعل واحد فقضت المحكمة ببراءة المتهم استناداً إلى عدم توافر عناصر جريمة العادة بفعل واحد. ويكون لهذا الحكم حجيته ولو تبين بعد صدوره أن المتهم كان قد ارتكب فعلاً آخر أو أفعالاً أخرى تكون مع الفعل الذي سبق رفع الدعوى عنه جريمة العادة.

أما إذا ارتكب المتهم – بعد صدور الحكم البات – جريمة من جرائم العادة فيجوز رفع الدعوى عنها باعتبارها جريمة جديدة، ولكن يجب أن يلاحظ في هذه الحالة أنه لا يجوز الاعتداد بالوقائع السابقة على صدور الحكم البات للقول بتوافر العادة لدى المتهم. لأن ذلك يعتبر عودة للمحاكمة عن ذات الواقعة بعد صدور حكم بات فيها. فإذا كان المتهم لم يعقد غير قرض واحد بعد إدانته بحكم بات في جريمة اعتياد على الاقتراض، فإن الحكم يكون مخطئاً إذا أدائه إستناداً إلى أنه – وإن لم يقم إلا بقرض واحد بعد الحكم البات – إلا أن هذا منه يدل على أن عادة الاقتراض بالفوائد الربوية لا تزال متأصلة فيه. وإنما يجب لأدانته بهذه الجريمة أن يقوم بكل الأفعال التي تكون بدأتها – واستقلالاً عن الوقائع التي صدر فيها الحكم البات – جريمة العادة.

ثالثا: الجرائم المستمرة:

الجريمة المستمرة هي الجريمة التي يستغرق تحقق عناصرها زمناً طويلاً.

مثل إخفاء الأشياء المسروقة، وحيازة المواد المخدرة، واستعمال المحرر المزور.

وتعتبر حالة الاستمرار هذه جريمة واحدة فلا تنشأ عنها إلا دعوى جنائية واحدة، ويمتد الحكم البات الصادر بشأنها إلى حالة الاستمرار السابقة على صدور هذا الحكم ولو لم يشمل بعض أجزائها.

أما إذا استمر المتهم مبقيا بإرادته على الوضع المخالف للقانون فإنه يعتبر مرتكباً جريمة جديدة مستقلة عن الأولى تنشأ بها دعوى جنائية جديدة، ولا يقبل فيها الدفع بقوة الشيء المقضي لاختلاف الواقعة في الدعويين.

على أنه يجب عدم الخلط بين الجريمة المستمرة والجريمة الوقتية ذات الأثر المستمر، إذ الحكم في الجريمة الأخيرة يمنع من العودة إلى محاكمة الجاني عنها مهما استمرت آثارها. مثال ذلك إقامة بناء بدون ترخيص.

فالجريمة تتم وتنتهي بمجرد الانتهاء من إقامة البناء، فإذا حوكم من إقامة وصدر ضده حكم بات فإنه لا يجوز أن يحاكم مرة ثانية إستناداً إلى أن البناء مازال قائماً في وضعه المخالف للقانون. ذلك لأن بقاء هذا الوضع ليس إلا مجرد أثر للجريمة التي صدر في شأنها حكم بات.

رابعاً: حالة تغير الوصف القانوني للواقعة:

يثور التساؤل عن الحكم في حالة ما إذا رفعت الدعوى بشأن جريمة معينة فقضت فيها المحكمة بحكم بات، ثم تبين بعد ذلك أن للفعل وصفاً آخر، فهل يجوز رفع الدعوى مرة أخرى بالوصف الجديد؟؟ مثلا إذا حكـــم في الواقعة باعتبارها إصابة غير عمدياً هل يجوز رفع الدعوى مرة أخرى باعتبارها قتلاً غير عمدي؟ أو حكم في الواقعة باعتبارها قتلاً غير عمدي، فهل يجوز أن ترفع عنها الدعوى مرة أخرى باعتبارها قتلاً عمديا؟ وضع المشرع نصاً حاسماً إذا قرر في المادة (٤٥٥) أ. ج أنه: (لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغير الوصف القانوني للجريمة). وهذا الحل منطقي بالنظر إلى ما للمحكمة من سلطة في تغيير وصف الفعل الذي رفعت عنه الدعوى. فالمحكمة تتقيد بالفعل الذي رفعت عنه الدعوى ولكنها لا تتقيد بالوصف الذي أعطته له النيابة العامة أو المدعي المدني. فتبحث الواقعة المعروضة عليها وتحدد الوصف الحقيقي لها في ضوء نصوص قانون العقوبات.

ويطبق نفس الحكم في حالة ما ظهر بعد صدور الحكم البات ولو بالبراءة ظرف جديد أو دليل جديد على ثبوت التهمة المسندة إلى المتهم.

خامساً: حالة الارتباط بين الواقعتين:

إذا وجد ارتباط لا يقبل التجزئة بين الواقعة التي رفعت بها الدعوى

والواقعة التي اكتشفت بعد صدور الحكم البات، فالأمر لا يخرج عن أحد فرضين

الفرض الأول: أن تكون الواقعة الجديدة هي الجريمة الأخف ويكون الحكم البات قد صدر في شأن الجريمة الأشد أو أن تكون الجريمة الثانية مساوية في العقوبة للجريمة المحكوم فيها.

في هذه الحالة لا يجوز رفع الدعوى عن الواقعة الثانية لأن القاضي يلتزم وفقاً للمادة (٣٢/٢) من قانون العقوبات أن يقضي بالعقوبة الأشد، والفرض إنه قد قضى بالعقوبة الأشد وما كان عرض الجريمة الأخرى فيما لو اكتشفت منذ الملاحقة الأولى – ليغير من هذا الحكم.

الفرض الثاني: أن تكون الواقعة المكتشفة هي الجريمة الأشد أي يكون الحكم البات قد صدر بشأن الجريمة الأخف، ثم تبين بعد ذلك الجاني قد ارتكب جريمة أثناء النشاط الإجرامي وتحقيقاً للهدف منه يقر لها القانون عقوبة أشد بحيث لو شملتها الملاحقة الأولى لقضت المحكمة بعقوبتها لأنها العقوبة الأشد، مثال ذلك أن يحكم على شخص بعقوبة النصب الاستيلاء على مال المجني عليه عن طريق انتحال صفة كاذبة. ثم يتبين بعد الحكم البات أنه قد استعمل للاستيلاء على مال المجني عليه ولتأييد الصفة الكاذبة وثيقة مزورة والقانون يقرر لجريمة استعمال المحرر المزور عقوبة أشد مما يقرره لجريمة النصب.

في هذه الحالة تجوز ملاحقة الجاني عن الجريمة الأشد إذ لو كانت قد عرضت على المحكمة لقضت بعقوبتها باعتبارها أشد العقوبتين.

الشرط الثالث: وحدة الخصوم:

يشترط لقبول الدفع بقوة الشيء المقضي أن تتحقق وحدة الخصوم في الدعويين والخصوم في الدعوى الجنائية هم النيابة العامة من ناحية والمتهم من ناحية أخرى. فإذا لاحقت النيابة العامة شخصاً بجريمة معينة، وصدر في شأن هذه الملاحقة حكم بات، فإن هذا الحكم تمتد حجيته إلى خصوم الدعوى أي المدعي والمتهم دون غيرهم على التفصيل الآتي: الخصم في الدعوى الجنائية هو النيابة العامة حتى في حالة الإدعاء المباشر من المدعي بالحق المدني لأن دوره يقتصر على تحريك الدعوى ولكن النيابة العامة هي التي تقوم باستعمالها بعد ذلك. ولذلك فإنه إذا حركت النيابة العامة الدعوى فصدر فيها حكم بات فلا يجوز لعضو آخر من أعضاء النيابة أن يحركها مرة أخرى لأن الحكم البات يسقط الدعوى العامة بالنسبة للمجتمع فلا يجوز إعادة تمثيل المجتمع فيها. كذلك لا يجوز بعد الحكم البات أن يرفع المدعي بالحق المدني الدعوى المباشرة وإذا كان المدعي بالحق المدني هو الذي حرك الدعوى الجنائية فصدر فيها حكم بات لا يجوز للنيابة أن تحركها مرة أخرى قبل ذات المتهم من أجل نفس الفعل. أما فيما يتعلق بالمتهم فإنه لا يجوز العودة إلى محاكمته مرة أخرى من أجل ذات الواقعة. ويجب أن نفرق بالنسبة لباقي المساهمين بين صدور الحكم البات بالإدانة أو بالبراءة. فإذا كان الحكم صادراً بالإدانة: فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي قبل منهم آخر. فمن ناحية، لا يجوز له أن يحتج به، فإذا ارتكب شخصان جريمة ورفعت الدعوى على أحدهما دون الآخر، فصدر حكم بات بإدانته، فإن هذا الحكم لا يحوز الحجية إلا بالنسبة إلى من حكم عليه فحسب، فإذا رفعت الدعوى على المتهم الثاني فإنه لا يقبل منه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى قبله لسبق إدانة المتهم الآخر في الجريمة ذاتها. ومن ناحية أخرى، لا يجوز أن يحتج عليه بهذا الحكم، وإنما يستطيع أن يدافع عن نفسه، ويجب أن يكون القاضي – عند نظر الدعوى ضده – متحررا مما تضمنه الحكم على المتهم الآخر في نفس الواقعة غير ناظر لما يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه من تناقض بين حكمة والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر.

أما إذا كان الحكم صادراً بالبراءة: فالوضع يختلف بحسب ما إذا كان حكم البراءة مؤسساً على أسباب شخصية، أم أسباب موضوعية، فإذا كان الحكم قائماً على أسباب شخصية بمعنى أن البراءة تستند إلى سبب يتعلق الشخص المتهم مثال ذلك توافر مانع من المسئولية كعدم التمييز أو سبب مانع من العقاب أو تخلف الركن المعنوي لديه. فإن هذا الحكم لا يستطيع أن يحتج به من ترفع عليه الدعوي من المساهمين في الجريمة.

أما إذا كان الحكم مستنداً إلى أسباب موضوعية، أي لسبب يتعلق بالجريمة كما لو استندت البراءة إلى عدم ثبوت الواقعة، أو توافر سبب من أسباب إباحة الفعل، فإنه يكون حجة بالنسبة لكل المساهمين في ارتكاب الجريمة، فيستطيع من ترفع عليه الدعوى منهم بعد صدور حكم بات ببراءة الآخر أن يدفع بحجية الحكم الصادر بالبراءة إستناداً إلى أسباب موضوعية.

آثار توافر الشروط الخاصة بالدفع بقوة الأمر المقضي ومدى تعلقه بالنظام العام : متى توافرت الشروط السابقة  تعين على المحكمة التي تنظر الدعوى الجديدة أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وإذا كان الدفع قد دفع به أمام المحكمة الاستئنافية، وقبلته تحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه الذي قضى برفض الدفع واستنقذ بذلك ولايته فيه وبعدم جواز نظر الدعوى، أما إذا كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى ورأت محكمة الاستئناف إلغاءه فإنها تحكم بإلغاء الحكم المستأنف وتعيد الدعوى لمحكمة أول درجة لنظر الموضوع حتى لا تفوت على المتهم درجة من درجتي التقاضي.

والحال كذلك فيما لو دفع به لأول مرة أمام محكمة النقض. والدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها متعلق (بالنظام العام). ويترتب على ذلك أنه على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها حتى ولو تنازل المتهم عن التمسك به. وإذا دفع به تعين على المحكمة أن تحققه وترد عليه إذا تبين لها عدم توافر شروطه، وعدم ردها على ذلك أو إغفالها الرد يعيب الحكم.

وتعلق الدفع بالنظام العام يترتب عليه أيضاً أنه يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، غير أن قبوله أمام محكمة النقض لأول مرة يتوقف على مدى ما إذا كان يحتاج إثباته إلى تحقيق موضوعي من عدمه فإذا كان يحتاج إلى تحقيق موضوعي فلا يقبل الدفع بإعتبار أن محكمة النقض غير مخولة قانوناً. بإجراء مثل هذا التحقيق.

 

انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة

انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم

التقادم هو فكرة عامة في القانون، فصاحب الحق الذي يقف موقفا سلبيا تجاه حقه ولا يمارسه في وقت معين قد يخسر سبيل الالتجاء إلى القضاء لحماية هذا الحق، وفي هذه الحالة يتم انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. وتطبيقا لذلك، إذا امتنعت النيابة العامة عن تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرتها في مدة معينة فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي المدة أي انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم .

حكمة التقادم:

تنقضي الدعوى الجنائية بمضي مدة معينة من يوم وقوع الجريمة أو من يوم انقطاع المدة. ويعلل هذا بعدم قيام المصلحة في العقاب ما دامت الجريمة قد نسيت بمرور الزمن، وبصعوبة الإثبات واستحالته في بعض الأحيان.

مدة السقوط:

أن مدة السقوط في الدعوى أقصر منها في العقوبة، وتعليل ذلك أن الحكم الصادر بالإدانة يترك لدى الجمهور أثراً يطول أمدة، أما الجريمة فأسرع إلى النسيان. وتنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين، وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنين وفي مواد المخالفات بمضي سنة – هذا ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (المادة ١٥ من قانون الإجراءات الجنائية) ويمكن الرجوع إلى ذلك في موسوعتنا الجنائية الحديثة في شرح قانون الإجراءات. وتحسب هذه المدد بالتقويم الميلادي فقد نصت المادة (٥٦٠) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه (جميع المدد المبينة في هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادي.

بدء سريان المدة:

تبدأ المدة المسقطة للدعوى أما من يوم وقوع الجريمة، وإما من يوم الانقطاع، ولما كان يشترط أن تمضي المدة كاملة فمن المقرر عدم إدخال اليوم الذي تقع فيه الجريمة أو يحصل فيه الانقطاع إذ يكون ناقصاً، فتبدأ المدة من اليوم التالي ولا تستكمل إلا بانقضاء اليوم الأخير.

وفيما يتعلق بحساب المدة من يوم وقوع الجريمة يختلف الأمر باختلاف نوع الجريمة. فإذا كانت وقتية فإن المدة تحسب من اليوم التالي لوقوع الاعتداء أو البدء في تنفيذه. وقد يصعب في بعض الجرائم الوقتية تعيين يوم وقوع الجريمة كما هو الشأن في جريمة التبديد، إذ يغلب فيها أن يغير الجاني بنية حيازته دون أن يكون هناك من الأعمال المادية الظاهرة ما يدل على ذلك، وعلى القاضي عندئذ أن يتحرى عن تاريخ وقوع الاختلاس أو التبديد فهو التاريخ الصحيح للجريمة. فإن تعذر ذلك ساغ له أن يعتبر تاريخ امتناع الأمين عن رد الأمانة أو عجزه عن ردها بعد مطالبته بذلك تاريخاً لارتكاب الجريمة.

والجرائم المتتابعة الأفعال تعد صوراً من جرائم وقتية تتم على دفعات تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد كالسرقة أو الاختلاس الذي يتم على دفعات فتبدأ المدة المسقطة للدعوى فيها من اليوم التالي لآخر فعل من أفعال التنفيذ، ذلك متى اتخذ الحق المعتدى عليه.

ومن الجرائم ما يسفر عن آثار تبقى وتستمر، فمادامت الجريمة تتم وتنتهي في وقت معلوم فإن مدة سقوط الدعوى تبدأ من هذا الوقت مثل جريمة البناء بدون ترخيص.

وفي الجريمة المستمرة تبدأ المدة من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار مثل جريمة إقامة المحل بدون ترخيص هي جريمة وقتية تتم وتنتهي بإقامة المحل. ولكن إدارة المحل بدون ترخيص مستمرة.

وقد تكون الجريمة من جرائم العادة كالاعتياد على الاقتراض بفائدة

تزيد عن الحد الأقصى للقائدة القانونية، فتبدأ المدة المسقطة للدعوى فيها من اليوم التالي لآخر فعل يدخل في تكوين الجريمة.

ما يقطع المدة:

تنقطع المدة بإجراءات الاتهام أو التحقيق أو المحاكمة. وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي (المادة ۱۷ أ. ج). فتقطع المدة بكل إجراءات مباشرة الدعوى، ومن هذا القبيل تحريك الدعوى مباشرة من النيابة العامة، أو المدعي بالحقوق المدنية، وطلب النيابة ندب قاض للتحقيق وإبداء الطلبات أمامه والطعن في قراراته وإبداء الطلبات والمرافعة في جلسة المحاكمة والطعن في الأحكام، وكذلك تقطع المدة بتحريك الدعوى بمعرفة محكمة الجنايات أو النقض. ولكن لا يعتبر من إجراءات استعمال الدعوى الجنائية، ومن ثم لا يقطع المدة مجرد البلاغ أو الشكوى التي يقدمها المجني عليه للنيابة ولو ادعى فيها بالحق المدني. وإحالة الشكوى بمعرفة النيابة إلى البوليس لفحصها، فهذا التحويل لا يجعل لرجال البوليس سلطة التحقيق. إذ لا تكون لهم هذه السلطة إلا إذا كان هناك أمر صريح صادر بانتداب مأمور الضبط القضائي للتحقيق. فعندئذ يكون الأمر قاطعاً للمدة. ولما كانت الإجراءات التي يتخذها المتهم، من إبداء طلبات ومرافعة وطعن في الأمر والأحكام، لا تعتبر من إجراءات استعمال الدعوى، بل هو يبغي من ورائها الوصول إلى تبرئته. فإن هذه الإجراءات لا تقطع المدة، هذا فضلاً عن أنه لا يجوز قانوناً أن ينقلب تظلم المرء وبالاً عليه. كذلك لا تقطع المدة برفع الدعوى المدنية ولا بأي إجراء يتخذ فيها، وسواء كانت تنظر أمام القضاء المدني أو أمام القضاء الجنائي.

فطعن المدعي المدني بالاستئناف أو النقض في حكم المحكمة الجنائية لا يقطع المدة لأنه ينصرف إلى حقوقه المدنية فقط.

وتقطع المدة بإجراءات التحقيق وبأوامر التصرف فيه، سواء حصل ذلك في دور التحقيق الابتدائي أو في مرحلة المحاكمة، فتقطع المدة باستجواب المتهم وسماع الشهود وإجراء المعاينة وانتداب الخبراء والتفتيش والضبط والقبض والحبس الاحتياطي. وكذلك تقطع المدة بالأوامر الصادرة من سلطات التحقيق بالتصرف في نتيجة وبالأحكام التي تنطق بها المحكمة. فتقطع المدة بالقرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بصفتها سلطة تحقيق أو من قاضي التحقيق، وبكل حكم تصدره المحكمة غيابياً أو حضورياً، ابتدائياً أو استئنافياً، فاصلاً في الموضوع أو سابقاً على الفصل فيه، وكل ما يشترط فيه ألا يكون باتاً. إذ تنقضي به الدعوة عندئذ، وتبدأ المدة المسقطة للعقوبة. ومن هذه القواعد يستثنى القانون الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية. فبالرغم من أن هذا الحكم غير بات، إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه وتعاد الإجراءات من جديد. فإنه لا يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط الدعوى وإنما بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة. وقد روعي في هذا ألا يكون من حكم عليه غيابياً أحسن حالاً ممن حكم عليه حضورياً.

والأصل أن إجراءات التحقيق لا تقطع المدة إلا بالنسبة للواقعة التي يجري التحقيق فيها. ولكن جرى القضاء على أن أثر الانقطاع يمتد كذلك إلى الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يتجزأ.

ومقتضى القاعدة العامة أن إجراءات الضبطية القضائية في جمع الاستدلالات لا تقطع المدة. إذ هي لا تدخل في إجراءات استعمال الدعوى ولا في إجراءات التحقيق. ولكن رئي أن هذه الإجراءات قد تحدث نفس الأثر الذي تحدثه الإجراءات القاطعة، فنص القانون على أنها تقطع المدة إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها يوجه رسمي، وكذلك اعتبر الأمر الجنائي من الإجراءات القاطعة للمدة. ولو ترك للقاعدة العامة لما كان له هذا الشأن، إذ لا يعد من أعمال الإتهام أو التحقيق أو المحاكمة، ولكنه بمثابة حكم فاصل في النزاع. فرني أن يكون له أثر الأحكام في هذا الصدد. ومن الطبيعي أن المدة لا تنقطع إلا بإجراء استكمل عناصر صحته، فلا تتقطع المدة – لبطلان الإجراء – بالتكليف بالحضور الذي لم يستوف الشروط القانونية أو بأمر ندب للتحقيق لم يستوف شرائطه كأن كان صادراً لغير من يجوز ندبه، أو بإجراء اتهام أو تحقيق صدر خارج الاختصاص المركزي، وهكذا، ولكن إذا كان التكليف بالحضور صحيحاً فإنه يقطع المدة ولو كانت المحكمة التي كلف المتهم بالحضور أمامها غير مختصة. بل أن حكمها بعدم الاختصاص يقطع المدة مرة أخرى كغيره من الأحكام. فإذا أخطأت المحكمة وتعرضت لنظر الدعوى كان إجراءاتها باطلة، ولكن هذا لا يؤثر على التكليف الصحيح. وغني عن البيان أنه إذا كان بطلان الإجراءات مما يزول بعدم التمسك به فإنه يعتبر صحيحا وبالتالي يكون منتجاً أثره في قطع المدة.

آثار الانقطاع:

يترتب على الانقطاع أن تسري المدة من جديد من يوم الانقطاع (المادة١٧/١. أ.م). والجريمة في باب التقادم وحدة غير قابلة للتجزئة، لا في حكم تحديد مبدأ التقادم ولا في حكم ما يقطع هذا التقادم من إجراءات. ولهذا تنص المادة (۱۸) من القانون على أنه إذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة). وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء (المادة١٧/٢من قانون الإجراءات الجنائية).

إيقاف مدة التقادم ومدى انطباق ذلك على الدعوى الجنائية:

ويعني إيقاف التقادم إلغاء المدة التي يقف فيها التقادم دون المساس بالمدة السابقة عليه. فالإيقاف يختلف عن الانقطاع من حيث أن المدة السابقة على الإيقاف تدخل في حساب بالتقادم فتضاف إليها باقي مدة التقادم بعد زوال السبب الموقف. بينما في الانقطاع تلغى المدة السابقة على الإجراء القاطع من حساب التقادم فتبدأ بعد اتخاذ الإجراء القاطع مدة تقادم جديدة كاملة.

وأسباب إيقاف التقادم قد تكون مادية أو قانونية تحول دون رفع الدعوى أو استمرار النظر فيها. ومن أمثلة الأسباب المادية: حدوث احتلال عسكري أو ثورة داخلية أو فيضان أو وباء. ومن أمثلة الأسباب القانونية: حالة إصابة المتهم بجنون أو عته.

ولقد رفض المشرع المصري فكرة وقف التقادم إطلاقاً فـــي المواد الجنائية إستناداً إلى أنه لا يصح القياس على وقف التقادم في القانون المدني لاختلاف علة التقادم في الحالتين، فعلة تقادم الدعوى المدنية في القانون المدني هي أن عدم مطالبة الدائن بحقه طوال مدة معينة ينشئ قرينة على تنازله عن هذا الحق. وفي ضوء هذه الفكرة يفهم قبول القانون المدني وقف الدعوى المدنية حيث لا توجد هذه القرينة، وهو ما يتحقق حين يوجد مانع مادي أو قانوني يحول بين الدائن والمطالبة بحقه. أما العلة في القانون الجنائي فلا تقوم على أساس افتراض قرينة تنازل النيابة العامة عن حقها في تحريك الدعوى إذا امتنعت عن رفعها أو مباشرتها إذ النيابة لا تملك إطلاقاً التنازل عن الدعوى الجنائية، وإنما تقوم فكرة التقادم على أساس نسيان المجتمع للجريمة. وهذا النسيان يحدث سواء كان سببه إهمال النيابة أو وجود مانع مادي أو قانوني.

ولذلك نص المشرع المصري بالمادة (١٦) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: (لا يوقف سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية لأي سبب كان).

عبء إثبات الدفع بالتقادم:

قد يتبادر إلى الذهن أن القول بانقضاء الدعوى بالتقادم باعتباره يتخذ صورة الدفع – الذي هو في حقيقته وسيلة دفاع – ومن ثم يتحمل المتهم عبء إثباته، ولكن يرد على ذلك بأن التقادم مقرر للمصلحة العامة، وأن النيابة تلتزم بناء على ذلك بألا تحرك أو تباشر دعوى انقضت بالتقادم ويلتزم القضاء كذلك بألا ينظر في دعوى انقضت بالتقادم، ومن ثم تعين القول بأن النيابة تلتزم بإثبات أن الدعوى لم تنقض بالتقادم كي يكون لمطالبتها القضاء بالنظر فيها سند.

تعلق الدفع بالنظام العام والآثار المترتبة على ذلك:

الأحكام التي يخضع لها الدفع بتقادم الدعوى الجنائية تتعلق جميعها بالنظام العام، سواء في ذلك المتعلقة بمدته أو بدايتها أو انقطاعها أو امتناع إيقافها، وعلة ذلك أن الدعوى الجنائية ذاتها متصلة بالنظام العام؛ ومن ثم تتصل به أسباب انقضائها.

ويترتب على إتصال التقادم بالنظام العام النتائج المعتادة لذلك، وأهمها أنه لا يجوز للمتهم التنازل عن الدفع بالتقادم، فلا يقبل محاكمته على الرغم من انقضاء الدعوى قبله بالتقادم، وقد تكون له مصلحة في ذلك؛ إذ قد يكون لديه الأمل في أن يحصل على حكم ببراءته. ويجوز إثارة الدفع في أي مرحلة عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض طالما أن مقومات الحكم تظاهره.

ويترتب على توافر شروط الدفع بالتقادم انقضاء الدعوى الجنائية والحكم الذي يصدره القاضي في هذا الخصوص هو حكم بعدم قبول الدعوى، وليس حكماً بالبراءة.

والدفع بالتقادم ذو طابع أولي، بإعتبار أن المحكمة التي تتولى الفصل فيه هي المحكمة التي تنظر موضوع الدعوى

الدعاوى التي لا تنقضي بالتقادم

1- أورد الدستور المصري السابق لسنة ۱۹۷۱ استثناء على مبدء انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، فنص في المادة ٥٧ منة على ان كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية عنها بالتقادم، وقد أكد دستور ٢٠١٤ هذا الاستثناء في المادة ۹۹ منة.

ويكشف هذا النص عن مدى اهتمام الدستور بحماية الحرية الشخصية وتقديره ان الاعتداء عليها يجب المعاقبة علية مهما طال الامد. وقد حدد القانون رقم ۳۷ لسنة ۱۹۷۲ بتعديل قانون الاجراءات الجنائية الجرائم التي يسرى عليها هذا الاستثناء. فبمقتضى هذا التعديل خرجت من نطاق تقادم الجرائم المنصوص عليها في المواد ١١٧ و۱۳٦ و۱۳۷ و۲۸۲ و۳۰۹ مررا و۳۰۹ مكررا (أ) من قانون العقوبات.

والتي تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون (المادة١٥/٢ اجراءات المعدلة بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٧٢). وواضح ان هذا القانون قد حدد الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، فالنصوص الدستورية غير صالحة للتطبيق مباشرة بواسطة القاضي، مادام نطاقها يحتاج الى تحديد من القانون في حدود الدستور.

ذلك أن الدستور كان قد نص على ان الاعتداء على الحريات العامة يعد جريمة وهو مالا يكفي وحدة ما لم يقرر القانون له عقابا، فحسب أن الفعل لا يعد جريمة ما لم يرصد لها القانون عقوبة.

2- كما نصت الفقرة الأولى من المادة ٤٦ مكرر (أ) من القانون رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٠ في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ – على انه لا تنقضي بمضي المدة الدعوة الجنائية المنصوص عليها في هذا القانون والتي تقع بعد العمل به عدا الجناية المنصوص عليها في المادة ٣٧ من هذا القانون.

3- ونصت المادة ٧٣ من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم ٤٥ سنة ٢٠١٤ على انه لا تنقضي الدعوة الجنائية ولا المدنية الناشئة عن أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ولا تسقط العقوبة فيها مضى المدة اي انها لا تخضع الى  انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم  .

4- وقد جاء القرار بقانون رقم ٩٤ لسنة ۲۰۱٥ بصدار قانون مكافحة الارهاب فنص في المادة ٥٢ منة على انه لا تنقضي الدعوة الجنائية في الجرائم الارهابية، ولا تسقط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة.

ويرجع في تحديد الجرائم الإرهابية إلى ما نصت عليه المادة الأولى من والذي حدد نصت عليه المادة الأولى من هذا القانون في البند رقم (ج) المقصود بالجريمة الإرهابية في تطبيق أحكام القانون المذكور.

 مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم

اعتنق القانون المصري مبدأ تدرج مواعيد انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم وفقا لنوع الجرائم، فنص على أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في مواد الجنايات بمضي عشر سنين مــن يـــوم وقوع الجريمة، و انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في مواد الجنح بمضي ثلاث سنين، و انقضاء الدعوى الجنائيةبالتقادم في مواد المخالفات بمضي سنة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

العبرة في تكييف الواقعة بالوصف الذي تنتهي إليه المحكمة

العبرة في إعمال قواعد انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم هي بالوصف الذي تسبغه المحكمة على واقعة الدعوى ويكون أساسا لحكمها، وليست بالوصف الوارد في أمر الإحالة وخلافا لذلك، فإنه وفقا لقضاء محكمة النقض تكون العبرة في تكييف الواقع بالوصف الوارد في أمر الإحالة وليس بالوصف الذي تنتهي إليه المحكمة عند تطبيق قواعد الحكم الغيابي الصادر في جناية من محكمة الجنايات.

كيفية احتساب مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم 

تحسب مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بالتقويم الميلادي، فقد نصت المادة ٥٦٠ من قانون الإجراءات الجنائية على أن جميع المدد المبينة في هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادي.

بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم 

الأصل أن تبدأ مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم ابتداء من تاريخ وقوع الجريمة (المادة ١٥إجراءات) ولا يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها “. ” وكما قضت محكمة النقض فإن اعتبار يوم ظهور الجريمة تاريخا لوقوعها محله ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق، وتعيين هذا التاريخ تستقل به محكمة الموضوع فإذا أنقطع التقادم فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر اجراء من الإجراءات التي قطعت التقادم (المادة ٢/١٧ إجراءات)

وتبدأ مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في وقت واحد بالنسبة إلى جميع المساهمين في الجريمة، مهما كان نشاط أحدهم قد توقف قبل تمام الجريمة، كما هي الحال بالنسبة إلى وسائل الاشتراك ودون عبرة بتاريخ وقوع فعل الاشتراك في الجريمة، فالعبرة هي بوقت وقوع الجريمة لا وقت الاشتراك فيها.

واستثناء من هذا المبدأ لاتبدأ مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في الجرائم المنصوص عليها ما بين الباب الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وهي الرشوة واختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، والتي تقع من موظف عام – إلا منذ تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك (المادة٣/١٥ إجراءات المضافة بالقانون رقم ٦٣ لسنة ١٩٧٥) والمستبدلة بالقرار بقانون رقم ١٦ لسنة ٢٠١٥

ويلاحظ أنه في الجريمة متلاحقة الأفعال المعتبرة جريمة واحدة مثل جريمة النصب التي تقع بأفعال متلاحقة تتكون منها الطرق الاحتيالية، فإن اعتبارها جريمة واحدة يوجب احتساب مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم منذ آخر فعل صدر من الجاني.

وقد قضت الهيئة العامة للمواد الجنائية بما مؤداه أن القواعد المنظمة ل انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم تسري عليها القواعد التي وضعها القانون المدني في مادتيه السابعة والثامنة عند التنازع بين القوانين عامة، فيما لم يرد في شأنه نص خاص في قانون آخر.

وقد نصت المادة السابعة المذكورة على أن تسري النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل. على أن النصوص القديمة هي تسري على المسائل الخاصة ببدء انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم ووقفه وانقطاعه وذلك عن المدة السابقة على العمل بالنصوص الجديدة. ونصت المادة الثامنة على أنه إذا قرر النص الجديد مدة ل انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم أقصر مما قرره النص القديم سرت المدة الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد ولو كانت المدة القديمة قد بدأت قبل ذلك.

أما إذا كان الباقي من المدة التي نص عليها القانون القديم أقصر من المدة التي قررها القانون الجديد، فإن التقادم يتم بانقضاء هذا الباقي

بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم فى الجرائم الوقتية

لتحديد بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في هذا النوع من الجرائم يتعين التمييز بين الجرائم الإيجابية والجرائم السلبية. ففي الجرائم الإيجابية لا يثير بدء التقادم أيـــة مشكلة جدية، لكن قد يدق في بعض الجرائم تحديد نوع الجريمة. ومن أمثلة ذلك انه قضي بشأن جريمة البلاغ الكاذب أن التقادم يبدأ ابتداء من يوم تقدم البلاغ إلى السلطة المختصة لا من يوم إثبات كذبه.

وفي جريمة خيانة الأمانة تقع الجريمة بمجرد تغيير الحيازة من ناقصة إلى كاملة ولو استمر الجاني في وضع يده على المال.

وللقاضي مطلق التقدير في إثبات تاريخ تغيير الحيازة، فيجوز أن تثبت الجريمة بامتناع الأمين عن رد الأمانة أو ظهور عجز المتهم عن ردها إلا إذا قام الدليل على خلاف ذلك، إذ يندر في هذه الجريمة أن يغير الجاني حيازته دون أن يكون هناك من الأعمال المادية الظاهرة ما يدل على ذلك.

وفي جريمة التزوير تقع الجريمة بمجرد وقوع التزوير لا منذ تاريخ تقديم المحرر المزور، بخلاف الحال في جريمة استعمال محرر مزور

وبالنسبة إلى الجرائم التي يتراخى فيها حدوث النتيجة عن وقت مباشرة السلوك الإجرامي، يبدأ انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم منذ اليوم التالي لتوافر النتيجة، بحسب أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم لا يبدأ إلا بعد توافر جميع عناصر أركان الجريمة. وتطبيقا لذلك قضي أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في جريمة القتل أو الإصابة الخطأ لا يبدأ إلا منذ اليوم التالي لحصول الوفاة أو الإصابة.

وفي الجرائم السلبية يبدأ انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم منذ تاريخ الموعد الذي حدده القانون لمباشرة الالتزام المفروض على الجاني، مثال ذلك جريمة الإخلال بواجب تقديم شهادة الجمرك القيمية في خلال الأجل المحدد.

وقد قضى أنه في جريمة البناء بدون ترخيص فإن الإخلال بواجب البناء خلال مدة الترخيص بإقامته فإن هذا الواجب يتم بالبدء في إقامة البناء في ظل سريان وبالتالي يخرج عن دائرة التجريم إذا كان الطاعن قد بدأ في إقامة البناء في ظل سريان الترخيص

ويلاحظ أن هناك نوعا من الجرائم الوقتية تستمر فيها الاثار المترتبة عليها فترة من الزمن ولكن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يبدأ منذ تاريخ وقوعها بغض النظر عن المدة التي تستغرقها آثارها، وكذلك الحال إذا وقعت الجريمة بفعل معين (مثل بدء البناء أو الشروع فيه في جريمة التعدي على أرض زراعية بالبناء عليها) فإن الجريمة تقع عن الفعل، ولا يغير من ذلك استكمال المتهم للمباني فوق الأعمدة بعد مضي مدة التقادم منذ إنشائها، إذ لا يعد ذلك تتابعا للأفعال المكونة للجريمة

بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم فى الجرائم المستمرة (الثابتة)

تعد الجريمة مستمرة مادام الاعتداء على المصلحة التي يحميها القانون بالتجريم مستمرا، وهو ما يتطلب الاستمرار في النشاط الإجرامي للجناة. وقد يكون هذا الاستمرار ثابتا الا ان ارادة الجاني هي التي تسبب هذا الثبات مثال ذلك إخفاء الأشياء المسروقة.

وفي هذا النوع من الجرائم لا يبدأ انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم إلا بعد اليوم الذي ينتهي فيه النشاط الإجرامي. ولا صعوبة في احتساب بداية انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بالنسبة إلى الجرائم الإيجابية، لأنه يبدأ منذ انتهاء النشاط الإجرامي المستمر الذي تقع به الجريمة.

مثال ذلك جريمة استعمال المحرر المزور، فإن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يبدأ منذ تاريخ انتهاء التمسك بهذا المحرر في الغرض الذي استعمل من أجله وفي جريمة حيازة السلاح بدون ترخيص يبدأ انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم منذ تاريخ انتهاء حيازة السلاح، وفي جريمة خطف أنثى المقترنة بمواقعها بغير رضاها تعتبر جريمة مستمرة تمتد الحالة الجنائية فيها بتدخل أرادة الفاعل في بقائها بموضع اخفائها

أما الجرائم السلبية، فالفرض أن الواجب الذي فرضه القانون لا ينتهي بمضي فترة معنية، بل إنه يظل باستمرار واقعا على عاتق الشخص، وبالتالي فإن الإخلال به لا يعد جريمة وقتية وإنما هو جريمة مستمرة حي يؤدي هذا الواجب.

مثال ذلك عدم تقديم الإقرار الضريبي عن الأرباح إلى مصلحة الضرائب، فهي جريمة مستمرة ما بقي حق الخزانة في المطالبة بالضريبة المستحقة، قائما، ولا تبدأ مدة التقادم إلا منذ تاريخ تقديم الإقرار.

وكذلك الشأن في جريمة التخلف عن الإبلاغ عن الميلاد أو الوفاة في الميعاد المحدد فهي من الجرائم المستمرة ولا تبدأ مدة التقادم مادام الامتناع عن التبليغ قائما. وكذلك في جريمة التعدي على أرض أثرية، فلا يبدأ التقادم إلا منذ تاريخ انتهاء حالة الاستمرار في التعدي

بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم فى الجرائم المستمرة المتتابعة الأفعال

الحركة المتتابعة هي الي تتكون من عدة أفعال يصلح كل منها لتكوين الجريمة، لكنها نظرا لتتابعها وارتباطها فيما بينها بغرض إجرامي واحد، وأن يكون بين الأزمة التي ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى يناسب حملها على انها جميعا تكون جريمة واحدة.

مثال ذلك اللصوص الذين يسرقون منزلا على عدة أيام حيث يستولون كل يوم على جزء من الأمتعة، في هذه الجريمة لا يبدأ انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم إلا منذ تاريخ ارتكاب آخر فعل من الأفعال المكونة لها، والضابط الأساسي في هذا النوع من الجرائم هو وحده القصد الجنائي لدى مرتكب الأفعال المتعددة، وأن يكون بين هذه الأفعال التقارب المناسب لحملها على انها اجزاء من جريمة واحدة.

مثال ذلك اقامة بناء على ارض زراعية واستكماله على عدة دفعات

وتقدير توافر عناصر هذه الوحدة أمر متروك لقاضي الموضوع، لكن تكييف هذه العناصر بالوحدة يخضع الرقابة محكمة النقض بحسبانها مسألة قانون لا مسألة واقع، وهو ما يتطلب بيان ما إذا كانت الأفعال الي أتاها الجاني في المرات التي ارتكبها فيها نتيجة قصد جنائي واحد وأنه لم يمر بين هذه الأفعال وقت زمني بعيد، لبيان ما إذا كان ما ارتكبه المتهم جريمة واحدة أم جرائم وقتية متعدد وأثر ذلك على حساب مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم وبدء سريانها

بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم فى جرائم العادة

تتكون جريمة العادة من عدة، أفعال ولكن كل منها لا يصلح وحده لتكوين الجريمة، وذلك خلافا للجريمة المتتابعة الأفعال، فإن كل فعل من أفعالها يصلح لأن يكون جريمة لولا أن هذه الأفعال تقع في فترات متتابعة تنفيذا المشروع إجرامي واحد. مثال ذلك الاعتياد على الإقراض بفائدة تزيد على الحد الأقصى للفائدة القانونية.

وفي هذا النوع من الجرائم لا يبدأ انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم إلا منذ تاريخ آخر عمل تتوافر به حالة الاعتياد والعبرة هي بعقود الاقتراض ذاتها، وليست باقتضاء الفوائد.

ولا يثير هذا الموضوع أدنى صعوبة إذا كانت أفعال الاعتياد قد ارتكبت في تواريخ متعاصرة، ولكن الصعوبة تثور إذا كانت الأفعال المكونة لهذه الجريمة تنفصل عن بعضها بمدة تزيد عن المدة المقررة للتقادم. والراجح أنه يشترط في جرائم العادة ألا تمضي بين كل فعل من أفعال العادة فترة تزيد على مدة الجريمة نفسها، وبهذا استقر قضاء محكمة النقض المصرية.

والواقع أنه يمكن القول بأن حالة الاعتياد لا تتوافر قانونا إذا مضـــت بــين الأفعال مدة كبيرة تصل إلى مدة تقادم الجريمة نفسها. وهنا نكون حيال تخلف الركن المادي الجريمة الاعتياد وهو حالة الاعتياد وليس حيال تقادم الدعوى الجنائية. وهو ما يسري على الجريمة التي تقع بالأفعال المتلاحقة التي ترتكب لغرض واحد واعتداء على بحني عليه واحد.

عوارض انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم

قد تعترض سريان انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم اسباب تؤدي إلى انقطاعه أو إلى إيقافه. ويتحقق انقطاع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بسبب يؤدي إلى إسقاط المدة التي انقضت ثم احتسابها كاملة جديد. أما إيقاف انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم فيتحقق بعقبة توقف سير انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم حتى إذا ما زالت عاد انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم إلى سريانه واكتمال مدته ابتداء من التاريخ الذي كان قد توقف فيه. فما المقصود بانقطاع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم ؟ وما إيقافه؟

الإجراءات التي تقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم

نصت المادة ١٧ إجراءات على أن تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي.

۱– إجراءات الاتهام

ويقصد بها كافة إجراءات تحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها، وهي لا تعني الإجراءات التي يقصد بها إدانة المتهم، وإنما تشمل كل ما يهدف إلى إثبات الحقيقة ولو كان ذلك في صالح المتهم.

ويستوي في تحريك الدعوى الجنائية أن يكون بواسطة النيابة العامة أو المدعي المدني (كما في الدعوى المباشرة) أو المحكمة كما في أحوال التصدي وفي جرائم الجلسات.

ولا يكفي لذلك مجرد تأشيرة عضو النيابة بإحالة المتهم للمحاكمة أو بتحديد الجلسة، بل يجب أن يعلن المتهم بهذا القرار، القانون اشترط التكليف بالحضور لرفع الدعوى من النيابة البلاغ فلا قيمة لها في قطع التقادم. العامة.

ويلاحظ أن الأعمال التي تتم قبل تحريك الدعوى الجنائية كالشكوى وهنا يلاحظ أن القيود الواردة على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية (الشكوى والطلب والاذن) هي قيود على إجراءات الاتهام، ومن ثم فهي من طبيعة مختلفة عنها.

ويعد من إجراءات الاتهام كافة أعمال التصرف في التهمة إيجابا أو سلبا. مثال ذلك الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الأوراق. وكذلك الشأن في كافة الإجراءات التي تصدر من النيابة العامة لإنهاء الدعوى الجنائية بغير حكــم مــــن خلال بدائل الدعوى الجنائية كالتصالح الذي يتم قبل التحقيق، وإصدار الأوامر الجنائية، وطلب إصدار الأمر الجنائية من القاضي، وطلب ندب قاض للتحقيق من رئيس المحكمة الابتدائية طبقا للمادة ٦٤ إجراءات.

وكذلك كافة إجراءات مباشرة الدعوى الجنائية من قبل النيابة العامة كتقديم الطلبات إلى قاضي التحقيق والطعن في أوامر قاضي التحقيق أو الحكم، والتكليف بالحضور لجلسة المحاكمة والمرافعة أمامها.

أما الإجراءات التي تصدر من المتهم كالطلبات والدفوع فإنها ليست كذلك، فلا تقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بوصفها من إجراءات الدفاع.

هذا بخلاف الاعتراض على الأوامر الجنائية والطعن في الأحكام فمن شأنه إحياء الدعوى الجنائية أمام الجهة المختصة بالفصل في الطعن. وتلتزم النيابة العامة بمقتضاه بأن تأخذ دورها في الاتهام عن طريق مباشرة الدعوى الجنائية.

أما الإجراءات التي تصدر من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أثناء الفصل في الطعون في أوامر التحقيق، فإنها تقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بوصفها من إجراءات التحقيق، لأن هذه المحكمة تعد في هذه الحالة درجة ثانية لقضاء التحقيق.

ويلاحظ أن التأشير من النيابة العامة بتقديم الدعوى إلى المحاكمة هو مجرد أمر إداري إلى قلم الكتاب لإعداد ورقة التكليف بالحضور، حتى إذا ما أعدت ووقعها عضو النيابة وأعلنت قانونا اعتبرت من إجراءات الاتهام.

۲– إجراءات التحقيق

ويقصد بها الإجراءات التي يباشرها قضاء التحقيق لإثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ويستوي في هذه الإجراءات أن تباشرها سلطة التحقيق بنفسها أو بواسطة من تندبه لذلك من مأموري الضبط القضائي.

ومن أمثلة إجراءات التحقيق التي حكم بأنها تقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم  التفتيش، والضبط والإحضار، والحبس الاحتياطي، والندب للتحقيق، وندب الخبير ويعد من إجراءات التحقيق كافة أوامر التصرف في التحقيق، سواء بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بالإحالة.

ولا تعد من هذه الإجراءات التحقيقات التي تباشرها النيابة الإدارية ولو كشفت عن جرائم، فهي لا تعدو أن تكون مجرد استدلالات بناء على صفة الضبط القضائي التي يتمتع بها أعضاء النيابة الإدارية في إثبات الجرائم التي تتكشف أثناء قيامهم بعملهم (المادة ٣٧ من القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ۱۹٥٨ بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية) فيسري عليها ما يشترط في إجراءات الاستدلال حتى تقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم .

 ٣- إجراءات المحاكمة

يراد بها كل إجراءات التحقيق النهائي والقرارات والأحكام الصادرة من المحكمة سواء أكانت حضورية أم غيابية، فاصلة في الموضوع أو قبل الفصل فيه.

فمواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة غير، لازم وكذلك أيضا إجراءات الإشكال في تنفيذ الأحكام والإجراءات الخاصة بالطعن فيها. وتقطع هذه الإجراءات انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم سواء كانت في حضور المتهم أو في غيبته. ويعد إعلان المتهم للجلسة قاطعا للتقادم متى كان إعلانا صحيحا.

ويعد من إجراءات المحاكمة إذا صدر بناء على قرار المحكمة بتكليف المتهم بالحضور شخصيا. وقد اعتبرت محكمة النقض أن مباشرة الخبير الذي ندبته المحكمة في الدعوى لمهمته وحضور المتهم بشخصه أو بوكيل عنه أمام الخبير هو جميعه من إجراءات المحاكمة التي تقطع المدة، على أساس أن إجراءات المحاكمة التي عناها المشرع تشمل كل من يتعلق بسير الدعوى أمام محكمة الموضوع ومنها إجراءات التحقيق النهائي، سواء باشرتها بنفسها أو باشرها أحد الخبراء بندب منها.

ويلاحظ أن مدة الثلاث السنوات المقررة ل انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم  في الجنح تكفي لانقضاء الدعوى الجنائية إذا مضت هذه المدة على تاريخ الحكم الغيابي، أو الحكم الحضوري الاعتباري الذي تجوز فيه المعارضة – مادام باب المعارضة مفتوحا في أي من هذين الحكمين.

وفي الجنايات نص القانون على أن الحكم الصادر غيابيــا مـــن محكمة الجنايات في جناية لا يسقط بمضي المدة المقررة ل انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم   وإنما مضي المدة المقررة لتقادم العقوبة (المادة ٣٩٤ إجراءات). وعلــة هـذا الحكم الاستثنائي أن الحكم الغيابي يعد من إجراءات الخصومة الجنائية ولا تنقضي بــه الدعوى الجنائية، ومن ثم فإنه بحسب القواعد العامة يخضع لتقادم الدعوى الجنائية.

ويشترط حتى يؤتي الحكم الغيابي في جناية من محكمة الجنايات أثره في انقطاع التقادم وفي إطالة مدته لتصبح مدة تقادم العقوبة – أن يكون هذا الحكم صحيحا، فإذا كما إذا كانت المحكمة لم تتصل بالدعوى عند إصدار الحكم انعدم هذا الأثر. أما الحكم البات (غير القابل للطعن) فإنه ينهي الدعوى الجنائية وبه تبدأ مدة تقادم العقوبة.

 ٤ – الأمر الجنائي

يعد الأمر الجنائي الصادر من القاضي من بدائل الدعوى الجنائية . وقد عده المشرع من الإجراءات القاطعة للتقادم، وقضت محكمة النقض بضرورة إعلان الأمر الجنائي إلى من يصدر ضده قبل انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. أما طلب إصدار الأمر الجنائي، فهو – كما بينا – يعد من إجراءات الاتهام ويقطع التقادم وفقا لذلك.

٥- إجراءات الاستدلال

وهي الإجراءات التي يباشرها مأمور الضبط القضائي للتمهيد للخصومة الجنائية.

وقد قرر القانون أنها قاطعة للمتقادم إذا توافر أحد شرطين، أولهما أن تتم في مواجهة المتهم، والآخر أن يخطر بها المتهم على وجه رسمي. ويستوي في هذا الإخطار أن يكون قبل مباشرة الإجراء أو بعده.

وغني عن البيان أن هذه الإجراءات يجب أن تتم بعد وقوع الجريمة، فإجراءات الضبط الإداري السابقة عليها والتي تهدف إلى كشف وقوع الجريمة لا تؤثر في التقادم بطبيعة الحال.

ورغم أن هذه الإجراءات ليست من مراحل الخصومة الجنائية، فإنها تقطع تقادم يوم الدعوى الجنائية بأحد الشرطين سالفي الذكر، وذلك بحسب أن الحق في الدعوى ينشأ منذ ارتكاب الجريمة.

ويلاحظ أنه في هذه المرحلة لا تحدد شخصية المتهم، وكل من يسند إليه الاتهام يعد مشتبها به ولا يشترط أن تكون هذه الإجراءات قد بوشرت ضده بوصفه مشتبها فيه بل العبرة هي في مباشرتها تجاهه فقط ولو بصفته شاهدا. أما اكتسابه صفة المتهم فهو أمر لاحق بطبيعتـــه علـــى إجراءات الاستدلال لأنه يرتبط بتحريك الدعوى الجنائية قبله.

كل هذا بخلاف الحال في إجراءات الاتمام والتحقيق والمحاكمة والأمر الجنائي، فكلها تقطع التقادم حتى في غيبة المتهم

وقد انتهت محكمة النقض إلى أن إجراءات التحقيق التي كان يتولاها المدعي العام الاشتراكي تعد من إجراءات الاستدلال والتي تقطع المدة إذا ما اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر ها بوجه رسمي.

الشروط الواجبة في الإجراءات القاطعة للتقادم

1-يشترط في الإجراءات القاطعة للتقادم أن تكون صحيحة قانونا. ومن أمثلة ذلك أن تصدر الإجراءات من جهة غير مختصة، أو لا يكون الإجراء مستوفيا للأشكال الجوهرية المقررة بالقانون مثل إعلان المعارض بالحضور لجلسة المعارضة لجهة الإدارة، أو في مواجهة النيابة.

ولا يقطع التقادم الحكم الغيابي الباطل الصادر من محكمة الجنايات بسبب عدم إعلان المتهم ولو كان غيابيا أمام مستشار الإحالة مادامت المحكمة لم تتصل بالدعوى اتصالا صحيحا، وأيا كان إذا لم تكن محكمة الجنايات قد اتصلت بالدعوى اتصالا صحيحا لمدة عشر سنوات فإن الدعوى الجنائية تكون قد هي انقضت بمضي المدة، دون عيرة بأن مدة التقادم – إذا كان الحكم صحيحا مدة تقادم العقوبة طبقا للمادة ٣٩٤ إجراءات.

وقضت محكمة النقض أنه إذا لم يكن المتهم قد أعلن بالحضور إعلانا صحيحا فلا يعتد بعد ذلك بقرارات تأجيل جلسات المحاكمة، مادامت المحكمة تكن قد اتصلت بالدعوى اتصالا صحيحا وكان قد مضى أكثر من ثلاث سنوات منذ تاريخ انتهاء التحقيق وحتى إعلان المتهم إعلانا صحيحا بالحكم الغياب الباطل، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بالتقادم

2- ويشترط في الإجراء القاطع للتقادم أن يكون من إجراءات الخصومة الجنائية بحسب الأصل، فإذا كان من الإجراءات التمهيدية لها كالاستدلالات في غيبة المتهم – بشرط مواجهة المتهم بها وإخطاره بها على وجه رسمي ولا يقطع التقادم مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التي تقطع التقادم.

ولا يقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم إجراءات الدعوى المدنية التبعية التي تنظر وحدها أمام المحكمة الجنائية في الأحوال التي يسمح فيها القانون بذلك، كما إذا طعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية وحدها سواء من المدعي المدني أو المتهم. فلا يقطع التقادم الجنائي أي إجراء

متصل بالدعوى المدنية وحدها سواء أمام القضاء المدني أو الجنائي. وعلى ذلك، فإن جميع تصرفات المدعي بالحقوق المدنية أو المسئول عنها لا تقطع التقادم بالنسبة إلى الدعوى الجنائية.

كذا لا يقطع انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم أي إجراء إداري يصدر من النيابة أثناء التحقيق مثل الاستعلام عن محل إقامة المتهم والرد على الجهة الإدارية بعدم الممانعة في تسليم شيء إلى المتهم، أو أي إجراء إداري يصدر من مثل التأجيل الإداري للدعوى.

هذا بخلاف تأجيل الدعوى لسبب يتعلق بالتحقيق النهائي، بما في ذلك الاستجابة لطلبات الدفاع، فإنه يعد إجراء قضائيا من المحكمة إجراءات المحاكمة يقطع التقادم.

حكم مباشرة حقوق الدفاع في قطع التقادم

استقر قضاء محكمة النقض على أنه لا يجوز للمحكمة أن تستند إلى شيء من أقوال محامي المتهم في إدانة موكله على أساس أنه لا يصح في مقام الإدانة.

يؤخذ المتهم بأقوال محاميه مادامت خطة الدفاع متروكة لرأي الأخير وتقديره. وقد قضت محكمة النقض أنه لا يتأتى في المنطق والعقل استخدام دفاع المتهم دليلا عليه. ولا يتسنى الأخذ بقضاء محكمة النقض في عدم صلاحية اعتبار دفاع المتهم أو محاميه دليلا ضده لعدم الاعتداد به في قطع التقادم، إلا إذا هذا الدفاع صورة الإجراء الجنائي.

ومع ذلك، فقد اعتبرت محكمة النقض تقرير المتهم بالمعارضة أو بالاستئناف قاطعا للتقادم، وكذا تقريره بالطعن بالنقض وتقريره بالإشكال في التنفيذ.

وقد لاحظ بحق أحد فقهاء القانون الجنائي – على سبيل النقد – علـى هذه الأحكام أنها تتعارض مع مبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه. ونضيف إلى ذلك أن تقرير الطعن المقدم من المتهم هو من وسائل الدفاع التي لا يجوز أن تنقلب وبالا عليه.

آثار انقطاع التقادم 

يترتب على انقطاع التقادم أن تسقط المدة التي مضت قبل توافر سبب الانقطاع، لكي تبدأ مدة جديدة ابتداء من الإجراء القاطع للتقادم، فإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة، فإن سريان التقادم يبدأ منذ تاريخ آخر إجراء المادة١٧/٢إجراءات). ويشير موضوع الانقطاع مشكلتين هما عينية الانقطاع ومداه.

١ – عينية الانقطاع

يتميز انقطاع التقادم بأنه عيني الأثر، وهو ما يبدو فيما يأتي: ينتج الانقطاع أثره بالنسبة إلى جميع المساهمين في الجريمة أيا كانت درجة المساهمة، أي سواء بصفتهم فاعلين أصليين أو فاعلين مع غيرهم أو شركاء، وسواء كانوا معلومين أو مجهولين وسواء وجهت الإجراءات القاطعة للتقادم ضد أحدهم أو كلهم. فالجريمة في باب التقادم وحدة قائمة بنفسها، غير قابلة للتجزئة لا في تعيين مبدأ المدة ولا في قطعها.

فالإجراء الذي يقطع التقادم يوقظ الدعوى الجنائية بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم. ولو لم يكن متخذا ضدهم جميعا أي إجراء قاطع للتقادم.

وقد أكدت المادة ١٨ إجراءات هذا المبدأ فنصت على أنه إذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم يكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة.

وإذا كان انقطاع التقادم بسبب مباشرة إجراءات الاستدلال، فيكفي مواجهة أحد المتهمين بهذه الإجراءات أو إخطاره بها على وجه رسمي حتى يتوافر الانقطاع بالنسبة إليه ثم يمتد بعد ذلك إلى سائر المساهمين بناء على عينية الانقطاع.

ويلاحظ أن تحريك الدعوى الجنائية قد يتم بمباشرة التحقيق الابتدائي قبل معرفة المتهم، وفي هذه الحالة يقطع كل من إجراء تحريك الدعوى وإجراءات التحقيق تقادم الدعوى الجنائية، فلا يوجد أدنى ارتباط بين الإجراءات القاطع للتقادم ومعرفة المتهم.

يتحدد الانقطاع بالدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة التي يحصل الإجراء القاطع بشأنها، فلا يمتد إلى غيرها من الدعاوى الجنائية الأخرى المتميزة عنها ولو كانت جميعها موضوعا لإجراءات واحدة كالتحقيق أو المحاكمة.

وإذا ارتبطت الجريمة التي حصل بشأنها الانقطاع بجريمة أخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة التي نشأت عن – فقد ذهب القضاء إلى أن الانقطاع ينسحب أثره على الدعوى الجنائية هذه الجريمة. فالتقادم ينقطع لا بالنسبة إلى الجريمة التي وقع في دعواها التقادم فقط بل يمتد أثر الانقطاع إلى الجرائم الأخرى المرتبطة بها ارتباطا لا يقبل التجزئة.

وإذا حصل الإجراء القاطع للتقادم بشأن الجريمة الأشد فإنه يؤثر في تقادم الإجراءات الخاصة بالجريمة الأخف المرتبطة بها ارتباطا لا يقبل التجزئة.

وعلة ذلك أن الجريمة الأخف تندمج إجرائيا في الجريمة الاشد، ويجوز الحكم على مرتكبها بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة فالعبرة هي بوحدة الدعوى الجنائية عن الجرائم المتعددة بسبب الارتباط بينهما، ما لم يكن التقادم قد اكتمل بالنسبة إلى الجريمة الأخف كما لو كانت جنحة مرتبطة بحركة أشد (جناية)،

ففي هذه الحالة ينفك الارتباط بين الجريمتين إذا كانت الدعوى الجنائية قد انقضت بالتقادم عن الجريمة الأخف قبل التحقيق في الجريمة الأشد التي ارتكبت بعد تقادم الدعوى عن الجريمة الأخف.

هذا، وينتج الانقطاع أثره بالنسبة إلى الجريمة ولو كان قرار الإحالة أو التكليف بالحضور عن وصف آخر غير الذي قضت المحكمة بناء عليه.

۲ – مدى الانقطاع

ثار البحث في مدى انقطاع التقادم. وعندما صدر قانون الإجراءات الجنائية الحالي كانت الفقرة الثالثة. المادة ۱۷ تنص على عدم جواز أن تطول المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بسبب الانقطاع لأكثر من نصفها، وذلك حتى لا يظل المتهم مهددا بالدعوى مهما تقادم العهد على الجريمة.

لكن المشرع قرر إلغاء هذه الفقرة بالمرسوم بقانون رقم ٤٣٠ لسنة ١٩٥٢، وبذلك أصبحت المادة ١٧ إجراءات على ما هي عليه الآن تسمح بانقطاع المدة إلى ما لا نهاية، ففي كل مرة يحصل فيها الانقطاع تبدأ مدة جديدة كاملة.

ونرى أن المصلحة الاجتماعية تقتضي التدخل لتحديد مدى الانقطاع حتى لا يطول أمد الخصومة الجنائية إلى ما لا لنهاية.

ويحبذا لو عادت الفقرة الثالثة من المادة ۱۷ إلى ما كانت عليه للحث على سرعة الفصل في الدعوى الجنائية.

إيقاف التقادم

قد تتوافر عوائق مادية أو قانونية تعطل سير الخصومة الجنائية أو تحول دون تحريك الدعوى. ومثال العوائق المادية نشوب ثورة أو حصول اضطرابات دامية أو عدوان مسلح.

أما العوائق القانونية فمثالها إصابة المتهم باضطراب عقلي، أو توقف الفصل في الدعوى الجنائية على دعوى جنائية مرفوعة أمام محكمة أخرى. فما حكم القانون في هذه الحالة؟

اختلف الرأي حول هذه الحالة، فذهب البعض إلى عدم جواز وقف التقادم في هذه الحالة، بناء على أن نسيان الواقعة يحدث بمرور الزمن مهما كان السبب في عدم تحريك الدعوى أو تعطيل سيرها.

وذهب رأي آخر إلى وجوب وقف التقادم في حالة المانع القانوني فقط دون المانع المادي، وذلك احتراما لكلمة القانون الذي يحول دون استمرار الإجراءات. ورأي ثالث ذهب إلى وجوب وقف التقادم في جميع الأحوال، لأن المدة لا يمكن أن تسري ضد من لا يمكنه العمل.

وقد أخذ المشرع المصري بالرأي الأول، فنص في المادة ١٦ إجراءات على أنه لا يوقف سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية لأي سبب كان.

وخلافا لذلك فقد تأثر كل من القانون والقضاء الفرنسي بمبدأ جواز وقف التقادم المقرر في القانون المدني، فأخذ بمبدأ وقف تقادم الدعوى الجنائية، أخذا بمبدأ أن التقادم لا يسري ضد شخص لا يتمكن من التصرف الصحيح.

 

فإذا كان المحكوم عليه في الخارج وصدر ضده حكم باطل لعدم إعلانه إعلانا صحيحا بالحضور ولم يحضر عنه محام في الجنح في الحالات التي يجوز فيها هذا الحضور أو كانت التهمة جناية، ففي هذه الحالة تنقضي الدعوى الجنائية بالتقادم ولا يكون لوجود المتهم في الخارج أي أثر في وقف التقادم.

 

وهو حكم قانوني يجب إعماله فورا مادام التقادم لم يكتمل. ولا يشترط أن يكون وجود المتهم بالخارج لاحقا على نشوء حق الدولة في تنفيذ العقوبة إزاء عموم النص وعدم تخصيصه. وكذلك الشأن بالنسبة إلى الحكم الغيابي في جنحة الذي لم يعلن لشخص المتهم المقيم بالخارج، فإن المعارضة تكون جائزة حتى تنقضي الدعوى بمضي المدة المادة ٣٩٨/٢ إجراءات).

  آثار التقادم

 متى انقضت مدة التقادم انقضى معها حق الدولة في الدعوى الجنائية، وهو الحق الذي ينشأ لها مع حقها في العقاب يوم ارتكاب الجريمة ويستعين الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، ولما كانت الدعوى الجنائية في الوسيلة المحركة الخصومة الجنائية، فإن انقضاء الدعوى الجنائية يستتبع بقوة القانون انقضاء الخصومة الجنائية ومقتضى الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية ألا توقع على المتهم أي عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية.

وقد ذهب البعض إلى أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يشبه العفو الشامل أو إلغاء قانون العقوبات، وأنه يرفع عن الواقعة الإجرامية صفة التجريم، والصحيح عندنا أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يصيب مباشرة حق الدولة في الدعوى الجنائية، وبطريق غير مباشر يمس حق الدولة في العقاب بحسب أنه لا عقوبة بغير دعوى .

و انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم هو من النظام العام، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يقبل من المتهم التنازل عنه وهو من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تمحصها وترد عليها بما يفندها إذا لم تر الأخذ به.

ويجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض – لتعلقه بالنظام العام لكنه يشترط لقبول الدفع ب انقضاء الدعوى الجنائية في هذه الحالة شأنه في ذلك شأن سائر الدفوع المتعلقة بالنظام العام.

أن تكون مدونات الحكم صالحة لإثباته. فلا يحتاج من المحكمة إجراء أي تحقيق موضوعي في صحته، كما إذا كان الحكم المطعون فيه لا ينطوي على البيانات اللازمة للفصل في صحة هذا الدفع. ويلاحظ أن محكمة الموضوع لها الرأي النهائي في تحديد تاريخ الواقعة، فلا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان استخلاصها وفقا للعقل والمنطق.

وإذا انقضت مدة التقادم أثناء نظر الدعوى أمام محكمة النقض، دون اتخاذ أي إجراء قاطع، فيجب على المحكمة أن تقضي ب انقضاء الدعوى الجنائية.

وقد جاء القرار بقانون رقم ١٦ لسنة ۲۰۱٥ فأضاف إلى قانون الإجراءات الجنائية المادة ۲۰۸ مكررا (د) التي نصت على أنه لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون القضاء بأية عقوبات مالية منصوص عليها في البانين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.

وفي رأينا أن هذا التعديل يمثل خروجا على القواعد العامة ولا يتفق مع الاساس القانوني للتقادم، ويودي إلى اضطرابات قانونية لا تتفق مع طبيعة التقادم فمضي المدة إذا أدى إلى انقضاء الدعوى الجنائية لا يجوز الحكم بأية عقوبة جنائية، لأنه لا عقوبة بغير دعوى كما أنه إذا تقادمت الدعوى الجنائية أصبح التقادم سابقا على البراءة، فماذا لو صمم المتهم على الحكم ببراءته حتى يتفادى الحكم بالعقوبات المالية؟!

هنا لا مناص من الاستماع إلى دفاع المتهم، وفي هذه الحالة فإن الدعوى الجنائية تظل باقية بجميع مراحلها ولا يجوز القول بأن الدعوى الجنائية تكون باقية بالنسبة إلى العقوبات المالية، فقط لأن مؤدى ذلك تغيير أثر التقادم إلى الإعفاء من العقوبات المقيدة للحرية وليس انقضاء الدعوى الجنائية.

هل يؤثر انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم على سير الدعوى المدنية التبعية

لا يؤثر انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم على سير الدعوى المدنية التبعية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية فطبقا للفقرة الأخيرة من المادة ٢٥٩ مـن قـانون الإجراءات الجنائية.

وهذا الاستثناء مقصور على حالة انقضاء الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا يسري على حالة انقضاء الدعوى الجنائية قبل رفعها، فإذا كان ذلك فلا ولاية للمحكمة الجنائية في الحكم في الدعوى المدنية التبعية.

وتخضع الدعوى المدنية للتقادم المقرر في القانون المدني. وقد نصت المادة ۱۷۲ مدني على أن المدة المقررة لتقادم دعوى التعويض عن العمل غير المشروع هي ثلاث سنوات تبدأ منذ اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، والمقصود بالعلم هو العلم اليقيني بالصورة النهائية التي يستقر عليها الضرر، وكذلك أيضا العلم اليقيني بالمسئول عنه، وهو ما لا يتأتى إلا بالحكم البات الصدر بإدانته وتنقضي هذه الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة منذ يوم وقوع العمل غير المشروع.

فإذا كانت دعوى التعويض المذكورة ناشئة عن جريمة، وكانت الدعوى الجنائية لم تنقض رغم انقضاء المواعيد سالفة الذكر – فإن دعوى التعويض لا تنقضي إلا بانقضاء الدعوى الجنائية. والخلاصة أن انقضاء الدعوى المدنية التبعية يتحقق إما طبقا للمدة المقررة للدعوى المدنية حسبما أوضحنا، أو طبقا لمدة تقادم الدعوى الجنائية، أيهما أطول.

انقضاء الدعوى الجنائية بالعفو عن الجريمة

انقضاء الدعوى الجنائية عن طريق  العفو عن الجريمة هو العفو الشامل الذي يمحو عن الفعل وصف التجريم، وانقضاء الدعوى الجنائية بالعفو عن الجريمة  لا يكون إلا بقانون (المادة ١٤٩ من دستور سنة ۱۹۷۱ وتقابلها المادة ١٥٥/٢من دستور سنة ٢٠١٤ ولما كان حق الدولة في العقاب يتوقف على وقوع الجريمة، فإنه متى زال وصف التجريم عن الفعل انقضى هذا الحق وانقضى معه الحق في الدعوى الجنائية وقد عرفه البعض بأنه تدبير يتخذه المشرع يزيل بمقتضاه الصفة الإجرامية عن بعض الوقائع التي ارتكبت في فترة معينة.

ومن أمثلة قوانين العفو الشامل المرسوم بقانون رقم ٢٤١ لسنة ١٩٥٢ الذي نص على أن يعفى عفوا شاملا عن الجنايات والجنح والشروع فيها والتي ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي وتكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد، وذلك في المدة من ٢٥ أغسطس سنة ١٩٣٦ إلى ٢٢ يوليو سنة ١٩٥٣.

وكذلك القرار بقانون رقم ۸۹ لسنة ۲۰۱۲ بالعفو الشامل عن بعض الجرائم المرتكبة أثناء ثورة ٢٥ يناير، فقد نص على أن يعفى عفوا شاملا عن الجنايات والجنح والشروع فيها التي ارتكبت بهدف مناصرة الثورة وتحقيق أهدافها في المدة من ٢٥ يناير حتى ٣٠ يونية سنة ٢٠١٢، فيما عدا جنايات القتل العمد

ويستوي في قانون العفو أن يتحدد بالنسبة إلى جرائم معينة وقعت في تاريخ معين أو في مرحلة زمنية معينة، أو أن يتحدد بالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط الموضوعية التي يحددها القانون.

وفي هذه الحالة الأخيرة يكون نطاق تطبيق قانون العفو الشامل منصرفا إلى أشخاص معينين، هم من توافرت فيهم الشروط التي حددها القانون.

ويجب دائما أن تتوافر في قواعد هذا القانون العمومية والتجريد بحكم طابعه كقانون. وقد يشترط قانون العفو توافر واقعة معينة ل انقضاء الدعوى الجنائية، مثل دفع الغرامة أو التعويض. وفي هذه الحالة لا تنقضي الدعوى الجنائية إلا بتوافر هذا الشرط.

وقد نص دستور سنة ۲۰۱٤ (المادة١٥٥/٢) على ألا يكون العفو الشامل إلا بقانون يقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولا شك في أن اشتراط أغلبية الأعضاء وليس مجرد الأغلبية العادية يعني حرص المشرع الدستوري موافقة على التدقيق في إصدار مثل هذا القانون.

نطاق تطبيقه

يختلف نطاق تطبيق قانون العفو وفقا لنوعه. فقد يكون القانون عينيا  أو شخصيا personnel أو مختلطا. mite وقانون العفو العيني هو الذي يجعل العفو ساريا على الجريمة التي يحددها القانون إما بحسب طبيعتها أو جسامتها، وقد يحدد تاريخ ارتكابها، وفي هذه الحالة يسري على جميع المساهمين في الجريمة أيا كانت مراكزهم القانونية فيها فاعلين أو شركاء.

أما قانون العفو الشخصي فهو الذي يسري على طائفة معينة من المتهمين أو الجناة، وقد يشترط فيهم عدم توافر إحدى حالات العود للجريمة.

ولا يرتبط قانون العفو الشخصي إلا بهذه الطائفة من الأشخاص دون ارتباط بجريمة معينة ولذلك لا يسري إلا بالنسبة إليهم دون غيرهم من المساهمين في الجريمة. بخلاف الحال في قانون العفو العيني.

أثاره

يترتب على صدور قانون العفو الشامل انقضاء الدعوى الجنائية وهو ما يفترض صدوره قبل أن يصبح الحكم باتا (أي بعد استنفاد طرق الطعن فيه) فإذا صدر بعد الحكم البات ترتب عليه محو وصف التجريم عن الفعل ومحو النتائج التي يرتبها القانون على الفعل المذكور، ومنها الحكم الجنائي.

فإذا كان المتهم، محبوسا وجب الإفراج عنه فورا وإذا كان قد أدى الغرامة فيجب أن ترد إليه ما لم ينص قانون العفو على غير ذلك. ولا ينطبق عليه قانون العود إذا ارتكب جريمة أخرى، إلى غير ذلك من الآثار المترتبة على إلغاء الحكم الجنائي.

ويشترط لذلك ان يكون العفو الشامل صادرا بقانون مصري / فصدور العفو من دولة اجنبية لا يتحقق به القيد المانع من اعادة محاكمة المتهم في مصر والمنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون العقوبات

ويتساوى أثر قانون العفو الشامل مع آثار رد الاعتبار (القضائي والقانوني) إذ يترتب عليه محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية (المادة ٥٥٢ إجراءات).

ولا يجوز إعادة رفع الدعوى الجنائية على المتهم (أو المحكوم عليه الذي انطبق عليه قانون العفو الشامل على أساسي ذات الواقعة التي انقضت بشأنها الدعوى الجنائية تحت وصف قانوني آخر.

و انقضاء الدعوى الجنائية بالعفو هو من النظام العام، فيجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو قبل المتهم المحاكمة توصلا لتبرئته من الناحية الموضوعية.

ولا يتحول الحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية بسبب العفو الشامل دون الحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة طبقا للقانون ولا يؤثر العفو الشامل في الحقوق المدنية المترتبة على الفعل الضار، لأن إسقاط وصف التحريم لا يعني إسقاط وصف الخطأ المدني.

وإذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت على الوجه الصحيح أمام المحكمة الجنائية قبل صدور قانون العفو الشامل، فإن انقضاء الدعوى الجنائية بسبب العفو لا يؤثر في سير الدعوى المدنية التبعية كمؤدى المادة٧٦/٢ من قانون العقوبات، روفقا للمادة٢٥٩/٢من قانون الإجراءات الجنائية.

على أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بما فلا تأثير لذلك على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها. ويجوز للدولة وفقا للمادة ٧٦/٢عقوبات أن تقرر في قانون العفو الشامل انقضاء الدعوى المدنية التبعية أيضا إذا ما رأت أن تسدل الستار نهائية على الجريمة وآثارها وفي هذه الحالة يتعين على الدولة أن تعوض من جانبها للمضرور من الجريمة.

أما العفو عن العقوبة أو تخفيفها فإنه يقتصر على تنفيذ العقوبة دون أن يمس وصف التحريم في الفعل، ولهذا لا يكون هذا العفو عينيا. ولا يؤثر فيما نفذ من عقوبة، وإنما يؤثر فيما بقي من عقوبة فقط. ويكون هذا العفو أو التخفيف بقرار من رئيس الجمهورية وليس بقانون وقد قضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن في الحكم إذا كان قد صدر قرار بالعفو عن العقوبة.

ونحن لا نتفق مــ هذا الحكم لأن العفو عن العقوبة لا يمحو الإدانة ولا يؤثر في الحكم الصادر في الدعوى المدنية، مما يولد مصلحة للطاعن في إلغاء الحكم.

 

 

 انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح  

 

ينقسم الصلح الجنائي بمعناه القانوني الصحيح إلى نوعين، الأول التصالح ويكون بين المتهم والنيابة العامة والنوع الآخر يسمى الصلح ويكون بين المتهم والمجني عليه. وفيما يأتي نشرح هذين النوعين. ورغم اختلاف النوعين لكنهما يرتدان إلى أصل واحد هو الصلح الجنائي أيا كانت أطرافه.

– أولا: التصالح بين المتهم والنيابة العامة

نصت المادة ۱۸ مكررا من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز للمتهم التصالح في المخالفات وكذلك في الجنح التي لا يعاقب عليها وحوبا بغير الغرامة أو التي يعاقب عليها جوازاي بالحبس الذي لا يزيد حده الأقصى على ستة أشهر.

وبموجب هذه المادة أو جب القانون على محرر المحضر أو النيابة العامة – بحسب الأحوال – أن يعرض التصالح على المتهم أو وكيله ويثبت ذلك في المحضر.

وعلى المتهم الذي يرغب في التصالح أن يدفع قبل رفع الدعوى الجنائية، مبلغا يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو النيابة العامة أو إلى من يرخص له في ذلك من وزير العدل.

ولا يسقط حق المتهم في التصالح برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة إذا دفع ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر، وذلك قبل صدور حكم في الموضوع.

و انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدفع مبلغ التصالح، ولا يكون ل انقضاء الدعوى الجنائية  أثر على الدعوى المدنية.

وواضح من هذا النص لكى يحكم ب انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح ما يأتي:

1- أن نطاق التصالح ينحصر في المخالفات بغير تمييز، وفي نوع معين من الجنح، هي الجنح التي حدد لها المشرع عقوبة الغرامة فقط، والجنح التي حدد لها المشرع عقوبة الحبس الجوازي الذي لا يزيد حده الأقصى على ستة أشهر أو الغرامة.

2 – أن عرض التصالح وجوبي من محرر المحضر إذا كان من مأموري الضبط القضائي بحكم التزامهم بتحرير المحاضر طبقا للمادة ٢٤/٢ إجراءات)، أو من النيابة العامة. ولا بأس من أن يتم هذا العرض من تلقاء نفس أيهما أو بناء على رغبة المتهم. ويكون العرض على المتهم أو وكيله، على أن يثبت هذا العرض في المحضر.

3- أن تنفيذ التصالح إذا تم قبل رفع الدعوى الجنائية فعلى المتهم أن يدفع مبلغا يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، فإذا تراخى التنفيذ إلى ما بعد رفع الدعوى الجنائية فعلى المتهم أن يدفع ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر، شريطة أن يتم ذلك قبل صدور حكم في الموضوع ويستوي في ذلك أن ترفع الدعوى عن طريق النيابة العامة أو بطريق الادعاء المباشر من المدعي المدني.

ويشترط أن يكون ذلك أمام محكمة أول درجة، ويجوز التصالح في مرحلة المعارضة قبل صدور حكم في الموضوع لأن المعارضة في الحكم الغيابي تطرح الدعوى برمتها أمام المحكمة (المادة ٤٠١ إجراءات).

وعلى هذا النحو، فإن التصالح قبل تحريك الدعوى الجنائية يعد بديلا لتحريكها، فإن تم بعد هذا التحريك اعتبر بديلا عن مباشرتها.

أثر التصالح فى انقضاء الدعوى الجنائية

التصالح  يؤدي  الى انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح أي بدفع مبلغه سواء تم قبل تحريك الدعوى الجنائية أو بعده ولا يكون ل انقضاء الدعوى الجنائية أثر على الدعوى المدنية، فإذا تم التصالح أمام المحكمة قبل صدور حكم في الموضوع بقيت الدعوى المدنية وحدها أمام المحكمة الجنائية. ولا أثر للتصالح بعد صدور حكم في الموضوع.

ويشترط لإعمال أثر الصلح  وهو انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح ألا تكون المحكمة قد أعملت المادة ٣٢ عقوبات ودانت المتهم بجريمة ذات عقوبة أشد لأنه – كما قضت محكمة النقض – يكون توافر الارتباط في حكم المادة ۳۲ من قانون العقوبات عندما تكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأخرى لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتها أو نفيا.

وصدور قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى قبل الفصل فيها بحكم بات تطبيقا للمادة الخامسة من قانون العقوبات بحسب أنه أنشأ للمتهم وضعا أصلح، وهو ما يخول محكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم عملا بالمادة ٣٥ من القانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹٥٩ بشأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض، إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى مادامت لم تنته بحكم بات. فإذا ثبت التصالح المدني مع المتهم (الطاعن) لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها.

ثانيا : الصلح بين المتهم والمجني عليه

نصت المادة ۱۸ مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية على ما مؤداه أن للمحني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال، وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في المواد (٢٣٨/١، ٢ و٢٤١/١، ٢ و٢٤٢/١، ٢، ٣ و٢٤٤/١، ٢ و٢٦٥ و٣٢١ مكررا و٣٢٣ و٣٢٣ مكررا و٣٢٣ مكررا أولا و٣٢٤ مكررا و٣٣٦ و٣٤٠ و٣٤١ و٣٤٢ و٣٤٥ و٣٥٨ و٣٦٠ و٣٦١/١، ٢ و٣٦٩ و٣٧٠ و۳۷۱ و۳۷۳) .

والمخالفات المنصوص عليها في المواد ۳۷۷ (البند ۹) و۳۷۸ (البنود ٦، ٧، ۹) و۳۷۹(البند ٤) من قانون العقوبات وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.

ويجوز للمتهم أو وكيله إثبات الصلح المشار إليه في الفقرة السابقة. ويجوز الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى، وبعد صيرورة الحكم باتا. ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة.

ومن أمثلة هذا الصلح التي لم ترد في قانون الإجراءات الجنائية، ما نص عليه قانون التجارة الصادر بالقانون رقم ۱۷ لسنة ۱۹۹۹ بشأن الصلح في الجرائم المتعلقة بالشيك وذلك في المادة ٥٣٤ منه.

فقد نصت هذه المادة في بندها الرابع على أن للمجني عليه ولوكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة – بحسب الأحوال – في أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات صلحه مع المتهم.

ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر. وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، ولو بعد صيرورة الحكم باتا.

ونرى أنه مادام القانون قد نص على انقضاء الدعوى الجنائية بعد الصلح، فإن هذا الأثر القانوني لا يتوقف على طلب المجني عليه أو وكيله الخاص إثبات الصلح. فالعبرة بانعقاد الصلح ولو أثبته المتهم، لا بطلب إثباته من المجني عليه أو من وكيله الخاص.

وواضح من هذا النص ما يأتي :

1 – أن نطاق الصلح ينحصر في جنح ومخالفات محددة على سبيل الحصر في مواد بعينها. كما يجوز في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون المادة ١٨ مكررا /١ إجراءات).

2 – أن الصلح يكون بين المتهم والمجني عليه أو وكيله الخاص أو ورثته أو وكيلهم الخاص، ويكفي أن يكون الصلح مع الوكيل العام عن المتهم إذ لم يشترط القانون الوكالة الخاصة إلا عن المجني عليه أو ورثته. ويثبت الصلح في المحضر أمام النيابة العامة أو المحكمة أو بناء على طلب المحني عليه أو ورثته أو بناء على طلب المتهم.

وقد قضت محكمة النقض أنه إذا كان الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة الإشكال في التنفيذ أن وكيل المدعي بالحقوق المدنية قد حضر بتلك الجلسة وأقر بالصلح مع الطاعن في الدعوى الجنائية موضوع الطعن وأثبت تنازله عن دعواه المدنية، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قبل الطاعن قد انقضت بالصلح مع إثبات تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن دعواه المدنية.

3- ولا يشترط في الصلح دفع مبلغ معين من الغرامة المنصوص عليها، كما لا يشترط القانون دفع تعويض معين للمجني عليه أو لورثته.

4 – يجوز الصلح في أية حالة تكون عليها الدعوى أي سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الجنح المستأنفة، بل وأمام محكمة النقض، مادام القانون قد أجاز الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما يجوز الصلح بعد صيرورة الحكم باتا.

5 – نصت المادة ١٨ مكررا (أ) على إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو أمام المحكمة حسب الأحوال، على أن هذا الإثبات في المحضر ليس شرطا لانعقاد الصلح وليس شرطا مانعا من ثبوته بأي دليل، بشرط إثبات حدوثه أمام النيابة العامة أو المحكمة حسب الأحوال.

أثر الصلح
أ – في الدعوى الجنائية

المادة ٥٣٤ يختلف أثر الصلح باختلاف مرحلة انعقاده، فإذا تم قبل صيرورة الحكم باتا يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر.

أما إذا تم الصلح في مرحلة التنفيذ تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة. وقد نصت ٥٣٤ من قانون التجارة السالف الإشارة إليها على أنه يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، فإن تم التصالح بعد صور حكم بات أوقفت النيابة العامة التنفيذ.

ولا يتوقف أثر الصلح على تمام تنفيذ بنوده كما هو الحال في التصالح أو في حالات الصلح مع الجهة الإدارية المجني عليها أو مع البنك المجني عليه كما سنيين حالا وعلى هذا النحو، يختلف تكييف الصلح باختلاف المرحلة التي يُعقد فيها، فإن عُقد الصلح قبل رفع الدعوى الجنائية أو أثناء مباشرتها بعد رفعها اعتبر مـــــن بدائلها، فيؤدي إلى انقضائها ويؤدي انقضاء الدعوى الجنائية بالصلح أو التصالح في الجريمة إلى انصراف أثره إلى جميع أوصاف الواقعة المرتبطة بها.

أما إذا انعقد الصلح بعد صدور حكم بات اعتبر من أسباب وقف تنفيذ العقوبة.

ب -في الدعوى المدنية

لا يؤثر الصلح الجنائي على الدعوى المدنية التبعية ما لم يشتمل في الوقت ذاته على صلح في حقوق المضرور من الجريمة.

الفرق بين التصالح والصلح

يختلف التصالح عن الصلح في نطاق كل منهما وأطرافه وتنفيذه ومرحلة انعقاده حسبما بينا، ولا يتفقان سوى في أن كليهما يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجنائية، شريطة أن يكون التصالح قبل صدور حكم في الموضوع، بخلاف الصلح فيستوي فيه أن يتحقق في أية مرحلة كانت عليها الدعوى.

وباعتبار أن التصالح والصلح بديلان عن الدعوى الجنائية سواء في مجال تحريكها أو مباشرتها، فإنه متى تم التصالح أو الصلح ادي ذلك الى انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة إلى جميع المساهمين في الجريمة، فهو تصالح على الجريمة وليس تصالحا شخصيا، ومن ثم يكون عيني الأثر.

ولا يجوز التصالح عند تنفيذ العقوبة، ولكن الصلح جائز في مرحلة التنفيذ ويؤدي في هذه الحالة إلى وقف تنفيذ العقوبة. وفي حالتي التصالح، والصلح في الدعوى الجنائية لا مساس بالحقوق المدنية ولا بالدعوى المدنية التبعية.

التصالح في الجرائم المنصوص عليه الثاني من قانون العقوبات

صدر القرار بقانون رقم ١٦ لسنة ۲۰۱٥ بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بمقتضاه أضيفت المادة ۱۸ مكررا (ب)، وطبقا لهذه المادة المضافة يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.

ويتميز هذا التصالح عما سبقه بأنه يتم من خلال تسوية تتولاها لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر هذه التسوية يوقعه أطرافه. والمقصود بأطراف التصالح هنا هو المتهم والنيابة العامة، فلا يؤثر في ذلك أن يتم بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء،

فهذه اللجنة تحدد شروط التصالح ولكنها ليست طرفا في انعقاده، وخاصة أن تعبير (التصالح) الوارد في المادة ١٨ مكررا (ب) المضافة إلى قانون الإجراءات الجنائية لا تختلف في مدلولها عن التصالح في المادة ۱۸ مكررا والذي يتم بمعرفة النيابة هذا المحضر على مجلس الوزراء لاعتماده. ولا يكون التصالح نافذا إلا هذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقا له وبدون رسوم.

وينصرف هذا الاعتماد بطبيعة الحال إلى شروط التصالح وليس إلى انعقاده الذي يتم مع النيابة العامة، احتراما لاستقلال النيابة العامة. السلطة التنفيذية، وهو انعقاد العامة. ويعرض عن مشروط بالتسوية التي يعتمدها مجلس الوزراء.

ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة. ويترتب على هذا التصالح انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها. فإذا كان المحكوم عليه ينفذ العقوبة قبل أن يصبح الحكم باتا، تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بــه على المتهمين في الواقعة.

أما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتا وكان المحكوم عليه محبوسا إنفاذا لهذا الحكم جاز له أو لوكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعا بالمستندات المؤيدة له، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعا بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة، وذلك خلال عشرة أيام منذ تاريخ تقديمه، ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة

منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار. مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائيا إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المشار إليها.

وقد نصت المادة ١٨ مكررا (ب) المضافة على أن يكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوما منذ تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه.

وطبقا ل لمادة ١٨ مكررا (ب) المضافة والمشار إليها آنفا، فإنه في جميع الأحوال يمتد أثر التصالح إلى جميع المتهمين أو المحكوم عليهم دون المساس بمسئوليتهم التأديبية.

وقد عنى النص الجديد المشار إليه بمشكلة الأحكام الغيابية الصادرة في النوع المشار إليه من الجرائم، فأجاز للمحكوم عليه غيابيا التقدم بطلب التصالح عن طريق وكيله الخاص وأجاز لهذا الوكيل الخاص اتخاذ كافة اجراءات إعادة المحاكمة في غيبة المحكوم عليه نيابة عنه.

وقد أشارت المذكرة الايضاحية لمشروع القرار بقانون سالف الذكر إلى أنه يتسق في هذا الشأن مع حكم الدستور الحالي الذي أطلق كفالة حق الدفاع بالأصالة أو الوكالة.

ولا أن هذه الإشارة كانت تتطلب من المشرع إطلاق حكمه القانوني على جميع الأحكام الغيابية دون تمييز لوحدة العلة. وقد قضت محكمة النقض بأن انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في جريمة (الاستيلاء) التي هي اساس الواقعة فأن أثره ينصرف الى جميع اوصاف الدعوى المرتبطة بها (كالتزوير).

التصالح في جريمة الكسب غير المشروع :

نصت المادة ۱۸ من قانون الكسب غير المشروع على أن كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع يعاقب بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع، فضلا عن الحكم برد هذا الكسب.

وقد جاء القرار بقانون رقم ۹۷ لسنة ٢٠١٥ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٦٢ لسنة ١٩٧٥ في شأن الكسب غير المشروع فأجاز التصالح في هذه الجريمة على الوجه الآتي:

1- التصالح في مرحلة التحقيق الابتدائي: نص القرار بقانون المذكور في المادة ١٤ مكررا منه على أن يكون طلب التصالح من المتهم أو ورثته أو الوكيل الخاص في مرحلة التحقيق بإدارة الكسب غير المشروع برد ما تحصل عليه المتهم من الكسب غير المشروع في أية صورة كان عليها.

وتثبت هيئة الفحص والتحقيق إجراءات التصالح في محضر يوقع من رئيسها والمتهم أو ورثته أو الوكيل الخاص لأي منهما يعتمده مدير إدارة الكسب غير المشروع.

ونلاحظ في هذا الصدد أن التصالح المعروف في قانون الإجراءات الجنائية يكون بين المتهم والنيابة العامة، بينما هذا التصالح يعتمده مدير إدارة الكسب غير المشروع بعد أن تثبت إجراءاته هيئة الفحص والتحقيق، مما مفاده أن مدير هذه الإدارة أصبح طرفا في إجراءات هذا التصالح مع أنه وظيفته لا تبيح له القيام بأية أعمال فضائية،

كما أنه بوصفه جزءا من الهيكل الإداري يعتبر من التنفيذية، وذلك رغم أن من يشغل منصب مدير الإدارة هو من كبار رجال القضاء على سبيل الندب، ولكن ذلك لا يحول دون تبعيته في أداء مهام منصبه أعضاء السلطة لوزير العدل.

وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة ١٤ مكررا المشار إليها على أنه يترتب على إبرام التصالح في مرحلة التحقيق انقضاء الدعوى الجنائية والتدابير التحفظية لناشئة عن أمر المنع.

2- التصالح في مرحلة المحاكمة: نصت المادة ١٤ مكررا (أ) المضافة إلى قانون الكسب غير المشروع على أن للمتهم أو ورثته أو وكيل أي منهما الخاص في مرحلة المحاكمة طلب التصالح أمام المحكمة برد جميع ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع، وذلك في أية صورة كان عليها، والغرامة تعادل قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب، وفي هذه الحالة تمنح المحكمة طالب التصالح أحلا مناسبا لاتخاذ إجراءات التصالح.

وتتخذ إدارة الكسب غير المشروع إجراءات التصالح، وتثبت ذلك في محضر يوقع من مديرها ومقدم طلب التصالح، ويقدم المحضر للمحكمة لإلحاقه بمحضر الجلسة وتقضي المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية والتدابير التحفظية الناشئة عن أمر المنع.

وهذا النص محل نظر من زاويتين أن محضر التصالح يوقع من مدير إدارة الكسب غير المشروع رغم كونه من السلطة التنفيذية، وأن هذه الإدارة جزء من الهيكل التنظيمي لوزير العدل وتخضع لإمرته، وهو ما أشرنا له من قبل.

3- التصالح قبل صدور حكم بات صدر في ٢٠ أغسطس سنة ٢٠١٥ القرار بقانون رقم ٩٧ لسنة ۲۰۱٥ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٦٢ لسنة ۱۹۷۰ في شأن الكسب غير المشروع، وجرى سريانه من اليوم التالي لنشره (وقد نشر بالجريدة الرسمية في ذات تاريخ صدوره العدد ٣٤) ونص في المادة ١٤ مكررا (فقرة جـ) على أنه إذا كان الفعل المشكل الجريمة الكسب غير المشروع يشكل جرائم متعددة،

وصدر في أي منها قرار أو حكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح أو وقف تنفيذ العقوبة نهائيا لذات السبب يترتب على ذلك بقوة القانون انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن جريمة الكسب غير المشروع أو وقف تنفيذ العقوبة فيها نهائيا بحسب الأحوال. ويسري هذا النص من يــــوم صدوره على الدعوى طالما أنها لم تنته بحكم، بات باعتباره القانون الأصلح للمتهم وفقا للمادة الخامسة من قانون العقوبات.

4- التصالح بعد صدور حكم غير بات نصت الفقرة الأولى من المادة ١٤ مكررا (ب) المضافة إلى قانون الكسب غير المشروع على أنه مع مراعاة الإجراءات المنصوص عليها بالمادة ١٤ مكررا (أ) للمتهم أو ورثته أو وكيل أي منهما الخاص بعد صدور حكم من محكمة الجنايات المختصة وقبل صيرورته باتا أن يطلب التصالح أمام محكمة النقض أو إدارة الكسب غير المشروع في حالة عدم الطعن عليه،

وذلك برد ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع في أية صورة كان عليها وغرامة تعادل مثلي قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الأحوال يترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية والتدابير التحفظية الناشئة عن أمر المنع، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الكسب. وفي جميع التصالح في أثناء تنفيذها.

ونلاحظ على هذه المادة أنه رغم النص على أنه يتم بعد صدور حكم غير بات نص على جواز التصالح إما أمام محكمة النقض أو إدارة الكسب غم المشروع في حالة عدم الطعن على الحكم.

وهو ما يعني أن باب التصالح لا يكون مفتوحا في ذات الوقت الذي يفتح فيه باب الطعن في الحكم، وهو ما يتعين معه إذا لجأ الطاعن إلى التصالح ألا يكون هناك طعن بطريق النقض.

فإذا قدم المتهم طعنا بالنقض فلا مناص من انتظار الفصل فيه، فلا يجوز الجمع بين الطعن بالنقض وتقديم طلب التصالح إلى محكمة النقض في آن واحد وعلى المتهم أن يختار بين أحد الاثنين، ومن ثم فإنه لا يجوز عند نظر الطعن بالنقض أمام المحكمة تقدم طلبات التصالح ما لم تكن مقرونة بالتنازل عن الطعن طبقا للمادة ١٤٣ من قانون المرافعات، وهو ما أجازته محكمة النقض شريطة ألا يكون هناك طعن آخر من النيابة العامة أو من أحد المحكوم عليهم في حالة تعددهم.

ومما تجدر ملاحظته أن المحكوم عليه في هذه الحالة عليه أن يرد غرامة تعادل مثلي قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب مما لا يتناسب مع التزامه برد مثل قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب في حالة التصالح بعد أن يصبح الحكم باتا كما سنبين فيما بعد.

وبالنسبة إلى الطعون بالنقض المقدمة قبل العمل بالقرار بقانون رقم ٩٧ لسنة 2015 الذي أجاز التصالح في جريمة الكسب غير المشروع، فقد سبق لمحكمة النقض أن قضت باعتبار القانون الذي يجيز الصلح قانونا أصلح للمتهم، مما يؤدي إلى ممارسة محكمة النقض سلطتها في نقض الحكم من تلقاء نفسها.

5- التصالح بعد صدور حكم غيابي: نصت الفقرة الثالثة المادة ١٤ مكررا (ب) المضافة إلى قانون الكسب غير المشروع على أن للمحكوم عليهم أو ورثتهم أو وكيل أي منهما الخاص أن يطلب التصالح بعد صدور حكم غيابي أمام محكمة الجنايات المختصة أثناء إعادة إجراءات المحاكمة،

وذلك برد ما تحصل عليه من كسب غير مشروع في أية صورة كان عليها وغرامة تعادل قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب، ويجوز لوكيل المحكوم عليه اتخاذ كافة المتعلقة بإعادة إجراءات المحاكمة في غيبة المحكوم عليه في الأحكام الإجراءات الصادرة غيابيا.

6- التصالح بعد صدور الحكم باتا نصت الفقرة الرابعة من المادة ١٤ مكررا (ب) المضافة إلى قانون الكسب غير المشروع على أنه إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتا وكان المحكوم عليه محبوسا نفاذا لهذا الحكم يتم تقديم طلب إلى النيابة العامة لوقف التنفيذ مشفوعا بالمستندات المؤيدة له وترفع النيابة العامة الطلب إلى محكمة النقض مشفوعا بالمستندات ومذكرة بالرأي، وذلك في خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه،

ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة بغرفة المشورة لنظره، لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائيا إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة، ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ عرضه،

وبعد سماع أقوال إدارة الكسب غير المشروع والمحكوم عليه. ويكون التصالح في هذه الحالة برد ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع وغرامة تعادل مثل قيمة المبلغ المتحصل عليه.

7- الأثر العيني للتصالح: تطبيقا للأثر العيني للتصالح نصت الفقرة الأخيرة من المادة ١٤ مكررا (ب) المشار إليها على أنه في جميع الأحوال يمتد أثر التصالح إلى جميع المتهمين أو المحكوم عليهم.

يلاحظ مما سبق الآتي:

أ- أن المشرع قد نص على أنه في حالة التصالح قبل صيرورة الحكم باتا يدفع المتهم غرامة تعادل مثلي قيمة المبلغ المتحصل عليه. جريمة الكسب الفقرة الأولى من (المادة ١٤ مكررا ب)، بينما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتا يرد غرامة تعادل مثل قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب الفقرة الرابعة من المادة ١٤ ب).

وهو شذوذ في القانون، فكيف يستقيم أن تكون شروط التصالح قبل صيرورة الحكم باتا أشد قسوة من التصالح بعد صيرورة الحكم باتا، وخاصة إذا ما وضعنا

في الحسبان أنه إذا لم يكن الحكم باتا يترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية، ويتأكد أن الأصل في المتهم البراءة، وهو ما لا يترتب إذا كان التصالح بعد صيرورة الحكم باتا، إذ يترتب عليه فقط وقف تنفيذ العقوبة ونأمل أن يكون الأمر مجرد خطأ مادي يجدر تصحيحه ونشر التصحيح في الجريدة الرسمية.

ب- نص القانون في المادتين ١٤ مكررا (أ) و١٤ مكررا (ب) على أن يكون التصالح بالإضافة إلى رد ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع، دفع غرامة تعادل مثل (أو مثلي حسب الأحوال) قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب.

ولا شك في أن التعبير بالغرامة يبدو غير دقيق، بل غير جائز قانونا، لأن الغرامة عنا عقوبة لا يقضى بها إلا بحكم وكان الأصح أن يقال بدفع مبلغ يوازي مثل قيمة المبلغ المتحصل عليه من جريمة الكسب، دون وصف هذا المبلغ بالغرامة، وخاصة أنها ليست غرامة إجرائية ولا تهديدية.

 حالات أخرى حددها القانون للتصالح بين المتهم والجهة المجني عليها

نصت بعض القوانين الخاصة على حالات أخرى للتصالح بين المتهم والجهة المجني عليها والمتهم أو المحكوم عليه ومن أمثلة هذه الحالات ما يأتي.

(۱) التصالح في الجرائم الجمركية

نصت عليه المادتان ۱۱۷ و۱۱۹ من القانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٦٣بشأن الجمارك المعدل بالقانون رقم ١٦۰ لسنة ۲۰۰۰ والقانون رقم ١٣ لسنة ٢٠٠١ والقانون رقم ١٥٧ لسنة ۲۰۰۲ والقانون رقم ١٤ لسنة ٢٠٠٤ والقانون رقم ٩٥ لسنة ۲۰۰٥.

وطبقا للفقرة الثانية من المادة ۱۱۹ من هذا القانون يجوز لرئيس مصلحة الجمارك أو من ينيبه قبول التصالح في الجرائم الجمركية المنصوص عليها في المواد ١١٤ و١١٥ و۱۱٦ و۱۱۷ و۱۱۸ إلى ما قبل صدور حكم بات في الدعوى مقابل سداد ما لا يقل عن الحد الأدنى للغرامات والتعويضات ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية.

كما نصت المادة ١٢٤ من قانون الجمارك المشار إليه على أنه الرئيس مصلحة الجمارك أن يقبل التصالح في جرائم التهريب قبل صدور حكم بات فيها، وذلك مقابل أداء ما لا يقل عن نصف التعويض ويكون التعويض كاملا في حالة صدور حكم بات في الدعوى.

وفي حالة التصالح ترد البضائع المضبوطة بعد دفع الضرائب المستحقة عليها ما لم تكن من الأنواع الممنوعة أو المحظور استيرادها، كما ترد وسائل النقل والأدوات والمواد التي استعملت في التهريب. ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة الجنائية إذا تم التصالح أثناء تنفيذها. ويلاحظ أن التصالح أثناء التنفيذ غير جائز في حالة المادة ۱۱۹ من القانون نفسه.

ونصت المادة ١٢٤ من قانون الجمارك بالنسبة إلى جرائم تهريب البضائع الأجنبية بقصد الإتجار أو الشروع فيه أو حيازتها بقصد الإتجار مع العلم بأنها مهربة على أنه لوزير المالية أو من ينيبه أن يقبل التصالح في تلك الجرائم قبل صدور حكم بات فيها، ويكون التعويض ثلاثة أمثال الضريبة المستحقة في حالة صدور حكم بات في الدعوى.

وفي حالة التصالح ترد البضائع المضبوطة بعد دفع الضرائب المستحقة عليها ما لم تكن من الأنواع الممنوعة أو المحظور استيرادها، كما ترد وسائل النقل والأدوات والمواد التي استعملت في التهريب. ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم. وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة الجنائية إذا تم التصالح أثناء تنفيذها.

(٢) التصالح في الجرائم المنصوص عليها في قانون الضرائب على الدخل

نصت المادة ۱۳۸ من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥ على أنه لوزير المالية أو من ينيبه التصالح في الجرائم المنصوص عليها

في هذه المادة في أي حالة تكون عليها الدعوى قبل صدور حكم بـــات فيها، وذلك مقابل أداء

ا – المبالغ المستحقة على المخالف في الجرائم المنصوص عليها في المادة ١٣٥ من هذا القانون بالإضافة إلى تعويض مقداره ألفا جنيه.

2- المبالغ المستحقة على المخالف بالإضافة إلى تعويض يعادل نصف ف مبلغ الغرامة المقررة في المادة ١٣٦ من هذا القانون.

3- المبالغ المستحقة على المخالف في الجرائم المنصوص عليها في المادتين ١٣٣ و١٣٤ بالإضافة إلى تعويض يعادل مثل هذه المبالغ.

4- تعويض يعادل نصف الحد الأقصى للغرامة المنصوص عليها في المادة ١٣٢ من هذا القانون.

ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية والآثار المترتبة عليها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم التصالح أثناء تنفيذها.

(٣) التصالح في الجرائم المنصوص عليها في قانون الضريبة العامة على المبيعات

ميز هذا القانون بين بعض المخالفات الضريبية وبين التهرب الضريبي. فبالنسبة إلى المخالفات الضريبية نصت المادة ٤٢ من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم ۱۱ لسنة ۱۹۹۱ المعدل بالقانون رقم ۹۱ لسنة ١٩٩٦ والقانون رقم ۱۷ لسنة ۲۰۰۱ والقانون رقم ۱۱ لسنة ۲۰۰۲ والقانون رقم ٩ لسنة ۲۰۰۰ – على أنه يجوز لوزير المالية أو من ينيبه التصالح في المخالفات المبينة في المادة السابقة مقابل أداء الضريبة والضريبة الإضافية في حالة استحقاقهما،

وتعويض في حدود الغرامة المنصوص عليها في المادة السابقة، ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ووقف السير في إجراءات التقاضي وإلغاء ما يترتب على ذلك من آثار .

أما بالنسبة إلى جرائم التهرب من الضريبة فقد نصت المادة ٤٥/٢من قانون الضريبة العامة على المبيعات على أنه يجوز لوزير المالية أو من ينيبه التصالح في هذه الجرائم وذلك قبل صدور حكم بات في الدعوى مقابل سداد الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض يعادل مثل الضريبة. ويترتب مباشرة على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية وإلغاء ما يترتب على قيامها من آثار بما في ذلك العقوبة المقضي بها عليه.

(٤) التصالح في الجرائم المنصوص عليها في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار

نص المرسوم بقانون رقم ٤ لسنة ۲۰۱۲ بتعديل بعض أحكام قانون ضمانات حوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم ۸ لسنة ۱۹۹٧ على إضافة المادة مكررا إلى هذا القانون وقد نصت المادة المضافة على أنه يجوز التصالح مع المستمر في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات التي ترتكب منه بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها،

وذلك في نطاق مباشرة الأنشطة المنصوص عليها في هذا القانون وفي أية حالة تكون عليها الدعوى الجنائية قبل صدور الحكم البات فيها. ويحرر بالتصالح محضر يوقعه المستثمر أو وكيله بموجب توكيل خاص يبيح له ذلك وممثل عن الجهة. ومقتضى ذلك أن التصالح يتم بين المتهم والجهة المجني عليها.

ويشترط للتصالح أن يرد المستثمر كافة الأموال أو المنقولات أو الأراضي أو العقارات محل الجريمة أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة إذا استحال ردها العيني، على أن تحدد القيمة السوقية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل.

وفي حالة صدور حكم نهائي غير بات بإدانة المستثمر يشترط للتصالح بالإضافة غلى ما سبق إتمام وفائه بكامل العقوبات المالية المقضي بها، ويترتب على تمام التصالح وفقا لما سبق انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمستثمر ولا يمتد الانقضاء لباقي المتهمين معه في ذات الواقعة ولا يستفيدون منه ونلاحظ أن الاستثناء الوارد في نهاية هذه المادة بشأن تقييد نطاق آثار الصلح لا يتفق مع الطابع العيني للصلح ولا أهدافه في إسدال الستار الجريمة بالصلح.

(٥) التصالح المنصوص على ي قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي

ماهيته نصت المادة ۱۳۳ من القانون رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدل بالقانون رقم ١٦٢ لسنة ۲۰۰٤ على أن للبنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون التصالح في الجرائم المشار إليها في المادة ۱۳۱ منه، ولو كان قد صدر بشأنها الطلب المنصوص عليه في هذه المادة (وهو طلب رفع الدعوى الجنائية، وذلك في أية حالة تكون عليها الدعوى.

فإذا تم التصالح قبل صدور حكم بات يشترط لنفاذه إتمام الوفاء بكامل حقوق البنك وفقا لشروط التصالح، وفي حالة صيرورة الحكم باتا لا يكون التصالح نافذا إلا إذا قام المحكوم عليه بالوفاء مسبقا بمستحقات البنك.

شروطه وفي جميع الأحوال يشترط موافقة مجلس إدارة البنك الدائن على التصالح، ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على محافظ البنك المركزي مؤيدا بالمستندات للنظر في اعتماده ولا يكون التصالح نافذا إلا بهذا الاعتماد وتوثيقه، ويكون التوثيق بدون رسوم. فإذا لم يوافق مجلس إدارة البنك على التصالح رغم الوفاء بكامل حقوق البنك – يعرض الأمر بناء على طلب ذوي الشأن على مجلس إدارة البنك المركزي لاتخاذ ما يراه مناسبا ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي،

ويتولى المحافظ إخطار النائب العام به ويعد ذلك الإخطار بمثابة تنازل عن الطلب المشار إليه في المادة ،۱۳۱ ، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم التصالح قبل صيرورة الحكم باتا.

فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتا وكان المحكوم عليه محبوسا نفاذا لهذا الحكم – جاز له أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعا بالمستندات المؤيدة له، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعا هذه المستندات وبمذكرة برأي النيابة العامة في ذلك خلال عشرة أيام منذ تاريخ تقديمه ،،،

ويعرض الطلب على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات لهائجا إذا تحققت من إلمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة. ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوما منذ تاريخ عرضه، وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه.

وفي جميع الأحوال يمتد أثر التصالح من حيث انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبات إلى جميع المتهمين أو المحكوم عليهم في ذات الواقعة.

ومؤدى ما تقدم أن أثر التصالح قبل أن يصبح الحكم باتا من حيث انقضاء الدعوى الجنائية يمس الحق في هذه الدعوى، أما أثر التصالح بعد أن يصبح الحكم باتا من حيث وقف تنفيذ العقوبة بقرار من الدائرة المختصة بمحكمة النقض فإنه يمس الحق في هذا التنفيذ.

حالاته ويلاحظ على هذا التصالح أنه ميز بين إتمامه قبل الحكم البات وإتمامه بعده. ففي الحالة الأولى يشترط لنفاذه إتمام الوفاء بحقوق البنك وفقا لشروط التصالح، أما في الحالة الثانية فلا يكون التصالح نافذا إلا إذا وفي المحكوم عليـــه مسبقا بمستحقات البنك، وهو ما يعني مستحقات البنك بعيدا عن شروط التصالح.

لكن ذلك لا يحول دون أن تكون هذه المستحقات في ضوء تسوية مسبقة قام بها المحكوم عليه قبل صدور الحكم البات خارج نطاق التصالح المشار إليه في المادة ۱۳۳ من قانون البنوك. وفي الحالة الأولى يعد إخطار محافظ البنك المركزي بالتصالح بمثابة تنازل عن طلب رفع الدعوى الجنائية المشار إليه في المادة ١٣١ من قانون الجمارك،

ويترتب على ذلك أن انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح يكون بناء على التنازل عن الطلب لا بناء على التصالح وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة، إذا تم التصالح قبل صدور الحكم باتا بسبب انقضاء الحق في العقوبة الذي يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية.

أما في الحالة الثانية، فقد اعتبر المشرع التصالح بعد الحكم البات بمثابة سبب لإعادة النظر في تنفيذ الحكم البات، يجب عند توافره أن يرفع النائب العام الطلب المقدم من المحكوم عليه إلى محكمة النقض لكي تفصل فيه إحدى الدوائر الجنائية منعقدة في غرفة المشورة،

لكن هذه الحالة من حالات إعادة النظر لا يترتب عليها الحكم ببراءة المحكوم عليه كما هو الشأن في حالات إعادة النظر الأخرى لأنها تنصب لي الحق في تنفيذ العقوبة بخلاف حالات إعادة النظر في الأحكام الباتة الصادرة بالعقوبة في الجنايات والجنح المنصوص عليها في المادة ٤٤١ من قانون الإجراءات الجنائية التي تنصب على الحق في العقوبة التي قضى بها الحكم البات.

ولذلك فإن الدائرة المختصة بمحكمة النقض تقتصر على الأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائيا إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه لكافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة ۱۳۳ من قانون البنوك.

محل التصالح يلاحظ أن التصالح المشار إليه يرد على الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها. فإذا كانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية بوصف معين فيها غير الأوصاف التي تعد جرائم طبقا للمادة ۱۳۱ من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي النقد، فإن التصالح على الواقعة ينصرف إلى جميع أوصافها بما في ذلك الأوصاف التي لم ترد في المادة ۱۳۱ المذكورة.

 التنازل عن الشكوى أو الطلب كسبب لانقضاء الدعوى في بعض الجرائم

– تحديده

يخضع تحريك الدعوى الجنائية في بعض الجرائم لشكوى المحني عليه، أو يتوقف على تقديم طلب من جهة معينة. فهذا الإجراء الشكوى أو الطلب) قيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية.

ومتى ارتفع هذا القيد استردت النيابة العامة حريتها في تحريك الدعوى الجنائية، لكن حقها في الدعوى يظل مرتبطا بإرادة صاحب الحق في الشكوى أو الطلب. فيجوز لصاحب الشأن المذكور أن يتنازل عن شكواه أو طلبه في أثناء نظر الدعوى في أية مرحلة من مراحلها. وفي هذه الحالة يترتب على هذا التنازل انقضاء الدعوى الجنائية.

وعند دراسة الشكوى والطلب سوف نبين المقصود بالتنازل وأثره بشيء من التفصيل. وحسبنا في هذا المقام أن نقتصر على الإشارة إلى أن هذا التنازل يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجنائية. فإذا تم التنازل قبل تحريك الدعوى الجنائية اعتبر من بدائل تحريكها وإذا تم بعد تحريكها اعتبر من بدائل مباشرتها ممـا يــؤدي إلى انقضائها.

الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية للعفو عن الجريمة مضمون الدفع بالعفو الشامل:

نصت على العفو الشامل المادة (٧٦) من قانون العقوبات في قولها (العفو الشامل يمنع أو يوقف السير في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة، ولا يمس العفو حقوق الغير إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك) ونصت المادة (١٤٩) من الدستور على أنه: (العفو الشامل لا يكون إلا بقانون)

ويعني العفو الشامل تجريد الفعل من الصفة الإجرامية بحيث يصير له حكم الأفعال التي لم يجرمها الشارع أصلاً، والعفو الشامل بذلك يخرج الفعل من نطاق النموذج الإجرامي على الرغم من مطابقته له ومن ثم يتخذ صورة الاستثناء الوارد على نص التجريم إذ تعني أثاره عدم تطبيق ذلك النص على الفعل الذي صدر العفو عنه. وعلة العفو الشامل هي التهدئة الاجتماعية بإسداء النسيان على جرائم ارتكبت في ظروف سيئة اجتماعياً، فيريد الشارع بنسيان هذه الجرائم أن تحذف من الذاكرة الاجتماعية كي يتهيأ المجتمع أو يمضي في مرحلة جديدة من حياته لا تشوبها ذكريات هذه الظروف.

والعفو الشامل نظام موضوع باعتباره يزيل الصفة الإجرامية للفعل ويحيله إلى فعل مشروع فهو بذلك ينفي أحد أركان الجريمة وهو الركن الشرعي.

تأثير العفو العام (الشامل) على الدعوى الجنائية:

إذا صدر العفو العام قبل رفع الدعوى إلى القضاء فإنه لا لا يجوز رفعها، وإذا كانت الدعوى قد رفعت قبل صدور العفو وجب على المحكمة أن تقضي بسقوطها بسبب العفو العام، وإذا كانت الدعوى قد صدر بشأنها حكم بالإدانة فإنه يمحى بسقوط الدعوى بالعفو العام وتزول كل أثاره ويمتنع تنفيذ العقوبة التي قررها والمصاريف التي ألزم بها المحكوم عليه، وإذا كان قد دفع الغرامة أو المصاريف يجب أن ترد إليه. ولكن العفو العام، كما هو الشأن بالنسبة لوفاة المتهم، لا يمنع الحكم بالمصادرة في الحالة المنصوص عليها في المادة٣٠/٢ ع إذا كان قد صدر أثناء نظر الدعوى والحكم بالمصادرة يبرره في هذه الحالة أنها لا تكون عقوبة وإنما مجرد تدبير احترازي. أما إذا صدر العفو العام قبل رفع الدعوى الجنائية فإن المصادرة تتم بالطريق الإداري.

وسقوط الدعوى الجنائية بالعفو الشامل أمر يتعلق بالنظام العام فلا يملك المتهم أن يطالب باستمرار نظرها أمام القضاء حتى يثبت براءته ويجب أن تقضي المحكمة بسقوط الدعوى من تلقاء نفسها. وإذا سقطت الدعوى بالعفو العام عن الفعل فإنه لا يجوز إقامتها عنه مرة أخرى ولو بوصف آخر.

تأثير العفو على المساهمين في الجريمة:

العفو العام له طابع عيني إذ ينفي الصفة الإجرامية عن أفعال معينة ارتكبت قبل تاريخ معين، بغض النظر عن أشخاص مرتكبي هذه الأفعال. ولذلك يترتب عليه – على العكس من وفاة المتهم – سقوط الدعوى الجنائية بالنسبة لمرتكب الفعل وللمساهمين فيه.

تأثير العفو العام على الدعوى المدنية:

لا يترتب على سقوط الدعوى الجنائية بالعفو العام سقوط الدعوى المدنية، ومرجع ذلك أنه إذا كان الفعل قد صدر عنه العفو فانتفي عنه وصف الجريمة إلا أنه يظل فعلاً ضاراً فيكون من حق المضرور منه أن يطلب التعويض عنه. فإذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت أمام المحكمة الجنائية قبل صدور العفو العام فإنها تقضي بانقضاء الدعوى الجنائية بالعفو العام وتستمر في نظر الدعوى المدنية. أما إذا كانت الدعوى المدنية لم ترفع بعد وقت صدور العفو فإن المضرور لا يستطيع أن يرفعها.

غير أنه قد ينص قانون العفو الشامل على إعفاء مرتكبي الجرائم التي صدر العفو الشامل بشأنها من الالتزام بالتعويض المدني عن أضرارها، ولكن الغالب في مثل هذه الحالة هو أن ينص القانون على تحمل الدولة بدلاً من الجناة عبء هذا التعويض.

 

أحكام محكمة النقض فى انقضاء الدعوي الجنائية

الدفع بانقضاء الدعوى بالتصالح:

١ – حيث أن الحكم المطعون فيه صدر في ٢٣/١٠/١٩٩١ بإدانة الطاعن بجريمة الضرب البسيط تطبيقاً لحكم المادة (٣٤١) من قانون العقوبات، وكان القانون رقم ١٧٤ لسنه ۱۹۹۸ بتعديل بعض أحكام قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات الصادر بتاريخ ٢١/١٢/١٩٩٨– بعد صدور الحكم المطعون فيه – قد نص في المادة الثانية منه على إضافة (المادة ۱۸ مكرراً (أ)) إلى قانون الإجراءات الجنائية التي أجازت للمجني عليه ولوكيله الخاص في الجنحة المنصوص عليها في المادة (٣٤١) من قانون العقوبات أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم، ونصت على أنه يترتب على الصلح القضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، ولا اثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة فأقرت بذلك قاعدة موضوعيه تقيد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم، ومن ثم فان هذا القانون يسري من يوم صدوره على الدعوى طالما لم تنتهي بحكم بات بإعتباره القانون الأصلح للمتهم وفقاً للمادة الخامسة من قانون العقوبات، ولمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بما هو بمقتضى المادة (٣٥) من القانون ٥٧ لسنه ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ويتعين أن يكون مع النقض الإعادة حتى تتاح للطاعن فرصه محاكمته من جديد على ضوء أحكام القانون ١٧٤ لسنه ۱۹۹۸ سالف الذكر دون حاجه لبحث سائر أوجه الطعن.

(الطعن رقم ٦٤٠١ لسنه ٦٣ ق جلسة ٢٠/١/٢٠٠٢)

٢-حيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة اختلاس أشياء محجوز عليها إداريا المعاقب عليها بالمادتين ( ٣٤١، ٣٤٢) من قانون العقوبات وكان قد صدر بعد ذلك الحكم – القانون رقم ١٧٤ لسنه ۱۹۹۸ المعدل البعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات ونص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم (۱۸ مكرراً(أ)) إلى قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمجني عليه ولوكيله الخاص في الجنحة التي دين بها الطاعن أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم ونصت في الفقرة الثانية على أنه (يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، ولا اثر للصلح على حقوق المقرر من الجريمة) وإذا كان الثابت من محضر الجلسة الإشكال في التنفيذ تقديم الطاعن دليل سداد الدين المحجوز من أجله فإن القانون رقم ١٧٤ لسنة ١٩٩٨ يكون هو الأصلح للمتهم وقد صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات وهو الواجب التطبيق ولمحكمة النقض نقض الحكم المطعون فيه من تلقاء نفسها عملاً بما هو مخول لها بمقتضى المادة (٣٥) من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض رقم ٥٧ لسنه ۱۹۵۹ الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح.

الطعن رقم ١٧٦٤٦ لسنه ٦٤ ق جلسة ١٦/٤/٢٠٠٣

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في ١٦/١٠/١٩٩٥ بإدانة الطاعن بجريمة الإصابة الخطأ تطبيقاً لحكم المادة (٢٤٤/١) من قانون العقوبات، وكان القانون رقم ١٧٤ لسنة ۱۹۹۸ بتعديل بعض أحكام قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات الصادر بتاريخ ١٠/١٢/١٩٩٩٨ بعد صدور الحكم المطعون فيه – قد نص في المادة الثانية منه على إضافة (المادة ۱۸ مكرراً(أ) إلى قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمجني عليه ولوكيله الخاص في الجنحة المنصوص عليها في المادة (٢٤٤/١) من قانون العقوبات أن يطلب إلى النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال إثبات صلحه مع المتهم، ونصت على أنه يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة فأقرت قاعدة موضوعية تقيد حق الدولة في العقاب بتقريرها انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة فأقرت قاعدة موضوعية تقيد حق الدولة في العقاب بتقريرها انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم، ومن ثم فإن هذا القانون يسري من يوم صدوره على الدعوى طالما لم تنته بحكم بات بإعتباره القانون الأصلح للمتهم وفقاً للمادة الخامسة من قانون العقوبات، والمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بما هو مخول لها بمقتضى المادة (٣٥) من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ويتعين أن يكون مع النقض الإعادة حتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته من جديد على ضوء أحكام القانون رقم ١٧٤ لسنة ۱۹۹۸ سالف الذكر.

الطعن رقم ٧١٦ لسنة ٦٦ ق جلسة ٥/١/٢٠٠٤

الدفع بانقضاء الدعوى بوفاة المتهم:

١ – تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم عملاً بالمادة (١٤ إجراءات)، وصدور حكم بإعتبار الحكم الغيابي قائماً بعد وفاة المتهم هو خطأ في تطبيق القانون يوجب النقض والتصحيح والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية.

نقض جلسة ٢/٢/١٩٨٩ط ١٩٤١ س ٥٨ ق

٢-وفاة الطاعن قبل الفصل في طعنه بالنقض يوجب الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية، وشرط إعمال هذه القاعدة أن يكون الطعن جائز أو مقبولاً مستوفيا شرائطه. أما وفاة الطاعن بعد صيرورة الحكم المطعون فيه نهائياً واكتسابه قوة الشيء المحكوم فيه – لعدم جواز الطعن عليه بالنقض – لا يقتضي الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية ولا يمنع الحكم بعدم قبول الطعن لأن حجية الحكم الذي صار نهائياً في حق المحكوم عليه أثناء حياته لا يمكن أن تتأثر بوفاته بعد ذلك.

نقض جلسة ٥/٤/١٩٩٣ط ٢٣٦٧٤ ص ٥٩ ق

٣-إذا كان الحكم في الطعن قد صدر بعد وفاة الطاعن التي لم تكن معلومة للمحكمة وقت صدوره فإنه يتعين العدول عن الحكم المذكور والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المحكوم عليه إعمالاً لنص المادة (١٤) من قانون الإجراءات الجنائية.

نقض جلسة ٤/١٢/١٩٦٢س ۱۳ ق ۱۹۸ ص ٨٢٤

– من حيث إنه يبين من الأوراق أنه بعد التقرير بالطعن بطريق النقض وإيداع أسبابه في الميعاد توفي الطاعن المحكوم عليه، فإنه يكون من المتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة الطاعن.

نقض جلسة ٢٧/١٢/١٩٧٦س ۲۷ ق ٢٢٦ ص ١٠١٠

٥ – إذا كان الطاعن قد توفي بعد تقريره بالطعن تعين الحكم بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة إليه لوفاته.

نقض جلسة ٩/١٠/١٩٥٠س ٢ ق ١٤ ص ٣٤

٦- إذا كان الطعن بطريق النقض لم يقصد به سوى تعييب الحكم الصادر بالإدانة وتوقيع العقاب، فإنه إذا توفي الطاعن قبل الفصل في طعنه تعين الحكم بانقضاء الدعوى العمومية لوفاته من غير بحث في أوجه الطعن التي قدمت منه.

نقض ٥/١٢/١٩٣٨مجموعة القواعد القانونية ج ٤ ق ٢٩٠ ص ٣٦٩

٧-إن للطعن في الأحكام الجنائية طرقا بينها القانون هي المعارضة والاستئناف والنقض، ولكل منها مواطن وإجراءات خاصة رسمها القانون وليس فيه طريق مرسوم للطعن في تلك الأحكام بدعاوى مستقلة ترفع بصفة أصلية على النيابة العامة. وأن الطعن في الأحكام الجنائية مقصود به إما إلغاء هذه الأحكام أو تصحيحها وذلك يقتضي النظر في الأحكام ذاتها وفي صحتها من جهة الموضوع أو من جهة القانون، وإذا كانت الأحكام في حالة وفاة المحكوم عليه تسقط قانونا وتنعدم قوتها والساقط المعدوم قانونا يمتنع قانوناً إمكان إعادة النظر فيه، فالطعن بالنقض الموجه من ابن المحكوم عليه المتوفى هو طعن غير مقبول لامتناع إمكان النظر فيه بتاتاً.

نقض ٥/٣/١٩٣١مجموعة القواعد القانونية ج ٢ ق ١٩٦ ص ٢٥٥

٨-إن القانون الجنائي لا يقيم وزناً لمصلحة غير المحكوم عليه ولا يجوز لورثته التحدي بالمصلحة الأدبية بطلب إلغاء الحكم إلا استثناء في صورة معينة هي صورة إعادة النظر.

نقض ٢٠/١١/١٩٣٠مجموعة القواعد القانونية ج ٢ ق ١٠٤ ص ١٠٦

٩-الأحكام تسقط قانونا وتنعدم قوتها في حالة وفاة المحكوم عليه فالطعن فيها من والد المتوفى أو غيره لا يجوز على أنه إذا تعرض القاضي في منطوق حكمه إلى شخص غير داخل في الخصومة، فلهذا الشخص حق الطعن في الحكم الذي مسه.

نقض ٢٠/١١/١٩٣٠ مجموعة القواعد القانونية ج ٢ ق ١٠٤ ص ١٠٦

۱۰ – انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة لا يحول دون القضاء بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد (۱۱۲،١١٣/١، ۲، ٤، ۱۱۲ مكرراً، ١١٥ عقوبات).

نقض جلسة ٨/٩/١٩٩٣ط ٤٠٧٢ س ٦٢ ق

۱۱ – مفاد نص المادة (٢٥٩) إجراءات جنائية انه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه لا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها.

نقض جلسة ٥/٦/١٩٧٧س ٢٨ ق ١٤١ ص ٦٦٦

۱۲ – وفاة الطاعن بعد صيرورة الحكم المطعون فيه نهائياً واكتسابه قوة الشيء المحكوم فيه بعدم تقريره بالطعن فيه في الميعاد أو عدم تقديمه أسباب الطعن في الميعاد على الوجه الذي رسمه القانون لا يمنع من الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لان حجية الحكم الذي صار نهائي في حق المحكوم عليه أثناء حياته لا يمكن أن يتأثر بوفاته.

نقض جلسة ١٠/٤/١٩٧٧ ص ۲۸ ق ۱۰۰ ص ۱۸۱

۱۳ – من المقرر أنه إذا صدر حكم في الدعوى الجنائية بانقضائها بوفاة المتهم ثم تبين أن المتهم لا يزال على قيد الحياة، فإن ما وقعت فيه المحكمة إنما هو مجرد خطأ مادي من سلطة محكمة الموضوع إصلاحه وسبيل ذلك الرجوع إلى المحكمة التي أصدرته لتستدرك هي خطاها، إذ لا يجوز أن يلجأ إلى محكمة النقض لتصحيح مثل هذا الخطأ ذلك لأن محكمة النقض ليست سلطة عليا فيما يتعلق بالوقائع وتصحيحها ولأن طريق الطعن لديها غير اعتيادي لا يسار فيه إلا حيث لا يكون هناك سبيل المحكمة الموضوع لتصحيح ما وقع من خطأ، كما لا يصح القول بأن هناك حكماً حاز قوة الشيء المحكوم فيه لا يصح العدول عنه لأنه لا يصدر في دعوى مرددة بين خصمين معلنين بالحضور أو حاضرين بل هو يصدر غيابيا بغير إعلان لا فاصلاً في خصومه أو دعوى.

نقض جلسة ٢٤/٤/١٩٨٦ س ۳۷ ق ۱۰۲ ص ٥١٦

١٤ – الحكم الذي يصدر في الدعوى العمومية بانقضاء الحق في إقامتها بسبب وفاة المتهم لا يصح عده حكما من شأنه أن يمنع من إعادة نظر الدعوى إذا ما تبين أن المتهم لا يزال حياً، لأنه لا يصدر في دعوى مردده بن خصمين معلنين بالحضور أو حاضرين يدلى كل منهم بحججه للمحكمة ثم تفصل فيها باعتبارها خصومه بين متخاصمين بل هو يصدر غيابياً بغير إعلان، لا فاصلاً في خصومه أو دعوى، بل لمجرد إعلان من جانب المحكمة بأنها لا تستطيع بسبب وفاة المتهم إلا أن تقف بالدعوى الجنائية عند هذا الحد، إذ الحكم لا يكون لميت أو على ميت، فإذا ما تبين أن ذلك كان على أساس خاطئ فلا يصح القول بأن هناك حكما حاز قوة الشيء المحكوم فيه لا يصح العدول عنه.

نقض ١٠/١/١٩٤٥مجموعه القواعد القانونية ج ٦ ق ٤٦١ ص ٦٠٥

١٥ – إذا قضت المحكمة – بناء على ما قررته النيابة من حصول وفاة المتهم – بسقوط الدعوى العمومية لهذا السبب، ثم تبين لها أن الأساس الذي أقيم عليه الحكم غير صحيح، كان ما وقعت فيه المحكمة إنما هو مجرد خطأ مادي من سلطه محكمة الموضوع إصلاحه، إما بالطعن فيه لديها بأية طريقه من طرق الطعن العادية إذا كان ذلك ميسورا وإما بالرجوع إلى ذات المحكمة التي أصدرته لتستدرك هي خطأها.

نقض ٢٤/٤/١٩٣٩ مجموعه القواعد القانونية ج ٤ ق ٣٨٢ ص ٥٤٣

١٦ – لما كان البين من الأوراق أنه بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في الميعاد القانوني قد توفي إلى رحمه الله الطاعن – كالثابت من الصورة الرسمية من شهادة الوفاة المرفقة لما كان ذلك، وكانت المادة (١٤) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه «تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم فإنه يكون من المعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للطاعن المذكور لوفاته.

الطعن رقم ۹۸۹۹ لسنه ٦٤ جلسة ١٧/٧/١٩٩٩

١٧ – لما كان البين من قرار الوفاة والوراثة الصادر من محكمة مركز الفيوم للأحوال الشخصية رقم ۳۳۷ لسنة ۲۰۰۰ في ٢٢/٧/٢٠٠٢ أن الطاعن توفي إلى رحمة الله تعالى بتاريخ ٢٣/٥/١٩٩٧أي بعد التقرير بالطعن وإيداع الأسباب في الميعاد ومن ثم يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته عملا بالمادة (١٤) من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن رقم ٦٥١٣ لسنه ٦٥ جلسة ٣/١١/٢٠٠٣

الدفع بانقضاء الدعوى بمضي المدة:

١ – إحالة بعض الجنايات إلى محكمة الجنح في الأحوال المبينة في المادة (١١٨/١ مكرراً (أ)) عقوبات عملاً بالمادة (١١٦مكرراً) إجراءات جنائية ليس من شأنه أن يغير طبيعتها، بل تظل صفتها قائمة وتسري على سقوطها وانقضاء الدعوى الجنائية فيها المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات.

نقض جلسة ١٨/٥/١٩٨٣س ۳۳ ق ۱۲۸ ص ٦٢٣

٢-العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة هي بالوصف القانوني الذي تنتهي إليه المحكمة التي نظرت الدعوى دون التقيد بالوصف الذي رفعت به تلك الدعوى أو يراه الإتهام، وذلك في صدد قواعد التقادم التي تسري وفقاً لنوع الجريمة الذي تقرره المحكمة.

نقض جلسة ٤/١١/١٩٦٨ص ۱۹ ق ۱۷۷ ص ٨٩٦

و ١٢/٢/١٩٦٨ س ٣٧ ق ٥٥ ص ٦٤

٣-إن قواعد التقادم خاضعة لما تقرره المحكمة عن بيان نوع الجريمة.

نقض جلسة١٧/٥/١٩٥٥ س ٦ ق ٣٠١ ص ١٠٢٥

٤-إذا كان الحكم قد قضى ببراءة المتهم لانقضاء الدعوى العمومية بمضي ثلاث سنين على الحكم الصادر غيابياً بعدم إختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى لكون واقعتها جناية على أساس أن هذا الحكم هو آخر عمل من أعمال التحقيق وأن الواقعة على الرغم من صدور الحكم فيها بعدم الاختصاص لكونها جناية ومهما كانت حقيقة الواقع من أمرها، تعتبر جنحة ما دامت قد قدمت المحكمة الجنح بوصف كونها جنحة، فهذا الحكم يكون قد أخطأ من ناحيتين، الأولى أنه مع تسليم المحكمة فيه بأن الواقعة جناية من اختصاص محكمة الجنايات الفصل فيها قد قضى في موضوعها بالبراءة وهذا ما لا يجوز بحال من محكمة الجنح والثانية أن الدعوى العمومية في مواد الجنايات لا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضي عشر سنين. ووصف الواقعة خطأ في بادئ الأمر بأنها جنحة ليس من شأنه أن يغير من حقيقة أمرها، فإذا كانت حقيقة الواقعة لا تزال معلقة لأن محكمة الجنح اعتبرت الواقعة جناية ومحكمة الجنايات لم تقل كلمتها في شأنها بعد، فإن القول الفصل بأنها جنحة تسقط بمضي ثلاث سنين أو جناية مدة سقوطها عشر سنين لا يكون إلا من المحكمة صاحبة الاختصاص بالفصل في الموضوع حسبما يتبين لها عند نظره جنحة كانت أو جناية.

٨/٤/١٩٤٦ مجموعة القواعد القانونية ج ۷ ق ١٣٥ ص ۱۲۲

٥-متى كان الحكم قد صدر بالبراءة وانقضت من تاريخ تقرير النيابة العامة الطعن فيه بالنقض وبين عرض الطعن على هذه المحكمة ما يربو على السنة التي قررتها المادة (١٥) إجراءات جنائية لانقضاء الدعوى الجنائية في المخالفات دون إتخاذ أي إجراء قاطع، فتكون الدعوى قد انقضت بمضي المدة ولا جدوى من بعد من نقضه ولا مناص والحال هذه من رفض الطعن.

نقض جلسة ١٥/١/١٩٧٥ م ٢٦ ق ٢ ص ٥

٦-الدعوى الجنائية في مواد الجنح تسقط بثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة ولو جهل المجني عليه ذلك.

نقض جلسة ١٨/١١/١٩٨٧ص ۳۸ ق ۱۸۲ ص ١٠٠٤

٧-إذا كان يبين أنه انقضى على الدعوى من تاريخ التقرير بالطعن مدة تزيد على ثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون إتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة فتكون الدعوي الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبراءة المتهمة الطاعنة.

نقض جلسة ١٩/١/١٩٨٧ ط ٣٩٣٢ س ٥٦ ق

٨-مضي أكثر من ثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض حتى تاريخ نظره أمام محكمة النقض دون إتخاذ أي إجراء قاطع للمدة يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.

نقض جلسة٢٥/١٢/١٩٧٢ س ۲۳ ق ٣٢٤ ص ١٤٤٦

٩-وقف السير في الطعن المرفوع من الطاعنين حتى يصبح الحكم الغيابي الصادر ضد أحد المحكوم عليهم بإعتباره الفاعل الأصلي نهائياً، ومضى مدة أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ إعلان الأخير بالحكم الغيابي وحتى عرض الأوراق على محكمة النقض لتحديد جلسة لنظر الطعن دون معارضة المحكوم عليه في هذا الحكم أو إتخاذ أي إجراء قاطع للتقادم يوجب نقض الحكم والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبراءة الطاعنين مما أسند إليهما.

نقض جلسة١٣/٥/١٩٦٨ س ١٩ ق ١٠٦ ص ٥٤٣

۱۰ – القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط تاريخ وقوع الجريمة بالذات دون أن يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها.

نقض جلسة ٢٤/٤/١٩٧٨س ٢٩ ق ٨٥ ص ٤٤٧

۱۱ – من المقرر أن القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط تاريخ وقوع الجريمة والمقصود بذلك هو تاريخ تمامها وليس تاريخ إرتكاب السلوك الإجرامي.

نقض جلسة ٥/٦/١٩٨٦ص ٣٧ ق ١٢٤ ص ٦٢٥

۱۲ – تعيين تاريخ وقوع الجريمة مما يستقل به قاضي الموضوع بلا رقابة من محكمة النقض مادام استدلاله سائغا.

نقض جلسة ٥/٦/١٩٨٢س ٣٣ ق ١٣٥ ص ٦٥٧

۱۳ – في جرائم الاعتياد يجب الاعتداد في توافر ركن الاعتياد بجميع الوقائع التي لم يمض بين كل واحدة منها والتي تليها وكذلك آخر واقعة وتاريخ بدء التحقيق في الدعوى أو رفعها مدة ثلاث سنوات.

نقض جلسة ١٧/١/١٩٧٠س ۲۱ ق ۲۷ ص ۱۱۰

١٤ – ثبوت أن النقود المتفق عليها (للإقراض بالربا) لم يمض بين آخر عقد وبين بدء التحقيق أو رفع الدعوى إلى المحاكمة ولا بين كل عقد وآخر أكثر من الثلاث سنوات المقررة قانوناً لانقضاء الحق في إقامة الدعوى الجنائية بمضي المدة، فإن الجريمة تكون متوافرة والدعوى بها لم تنقض.

نقض جلسة ٢٠/٥/١٩٦٨س ۱۹ ق ۱۱۳ ص ٥٧٣

١٥ – في جريمة الاعتياد على الإقراض بفائدة تزيد على الحد الأقصى للفائدة المتفق عليها قانوناً يشترط لتوافر ركن الاعتياد إلا يكون قد مضى بين كل حادثة من الحوادث التي تتكون منها العادة والحوادث التي تليها الزمن الكافي لسقوط الحق في رفع الدعوى العمومية عن الحادثة السابقة.

٨/١/١٩٣١ مجموعة القواعد القانونية ج ٢ ق ١٤٤ ص ١٨٣

١٦ – من المقرر أن التقادم المسقط في دعوى البلاغ الكاذب يبدأ من اليوم التالي للبلاغ الكاذب ويوقف سريان هذا التقادم إذا أوقف نظر دعوى البلاغ الكاذب لقيام دعوى بشأن صحة الواقعة موضوع البلاغ ويستمر وقف التقادم خلال مدة الإيقاف.

نقض جلسة ٥/٦/١٩٨٦س ٣٧ ق ١٢٤ ص ٦٥٢

۱۷ – جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تنتهي بمجرد وقوع التزوير في محرر، ولذا يجب أن يكون سريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت، واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألا يكون قد قام دليل على وقوعها في تاريخ سابق.

نقض جلسة٢٤/٤/١٩٧٨س ٢٩ ق ٨٥ ص ٤٤٧

١٨-تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً – ومنها جريمة خيانة الأمانة ولا يبدأ ميعاد انقضاء الدعوى الجنائية بجريمة خيانة الأمانة من تاريخ إيداع الشيء المختلس لدى من أؤتمن عليه، بل من تاريخ طلبه والامتناع مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك المحكمة النقض. عن رده أو ظهور عجز المتهم عنه، إلا إذا قام الدليل على خلافه.

نقض جلسة٧/٦/١٩٧٩ س ٣٠ ق ١٣٧ ص ٦٤٠

و٢٩/١٢/١٩٦٩س ۲۰ ق ۳۰۷ ص ١٤٨٨

١٩ – إن خيانة الأمانة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد اختلاس المال المسلم أو تبديده، فمدة سقوط الدعوى العمومية فيها يجب أن يكون مبدؤها من هذا الوقت.

٨/٦/١٩٤٢مجموعة القواعد القانونية ج ٥ ق ٤٢٤ ص ٦٧٧

٢٠ – اختلاس الأشياء المحجوزة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع فعل الاختلاس، ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها في ذلك الوقت، واعتبار يوم ظهور الاختلاس تاريخاً للجريمة محله ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق، وإذ دفع لدى محكمة الموضوع بأن اختلاس المحجوزات حصل في تاريخ معين وأن الدعوى العمومية قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها.

نقض جلسة٤/١/١٩٧١س ۲۲ ق ه ص ۲۰

٢١ – المدة التي ينقضي فيها الحق في إقامة الدعوى الجنائية في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة إنما تحسب من يوم وقوع الاختلاس لا من يوم الحجز.

٢٥/١٠/١٩٤٨ مجموعة القواعد القانونية ج ٧ ق ٦٦٥ ص ٦٣٢

٢٢ – تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً ومنها جريمة خيانة الأمانة هو من الأمور الداخلة في اختصاص قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك المحكمة النقض، غير أن هذا مشروط بأن يبني القاضي عقيدته في هذا التعيين على الواقع الفعلي الذي يثبت لديه بالبيئة أو يستنتجه من قرائن الدعوى وظروفها لا أن يبنيها على اعتبارات قانونية أو نظرية بحتة ليس بينها وبين الواقع فعلاً أي إتصال. وجريمة خيانة الأمانة هي من الجرائم الوقتية التي تتم وتنقطع بمجرد اختلاس الشيء المودع أو تبديده، فاليوم التالي لحدوثها هو مبدأ سريان مدة سقوط الدعوى العمومية بها، ولا يصح إعتبار مجرد تحديد يوم لبيع الأشياء المحجوزة تاريخاً للحادثة ومبدأ السريان مدة سقوط، فإنه ليس بمفهوم عقلاً أن مجرد حلول هذا اليوم في الدورة الزمنية تستتبع بطبيعته أنه حصلت فيه مطالبة فعلية للحارس بتقديم الأشياء المحجوز عليها وعجز فعلاً عن تقديمها، بل إن هذا المعنى الذي تقوم به الجريمة هو معنى زائد على مجرد الحلول الزمني ومنقطع عنه تمام الانقطاع فلابد لتحقيقه في الواقع وإمكان تقرير القاضي له من دليل خاص يدل عليه.

١٤/١١/١٩٢٩مجموعة القواعد القانونية ج ١ ق ٣٢٥ ص ٣٧٠

٢٣ – إن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون، سواء كان الفعل إيجابياً أو سلبياً ارتكابا أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تداخلاً متتابعاً متجدداً، ولا عبرة بالزمن الذي يليه والذي تستمر آثاره الجنائية في أعقابه.

نقض جلسة٢/١/١٩٧٢ص ۲۳ ق ۲ ص ۸

٢٤ – جريمة عدم توريد ضريبة الدمغة هي جريمة مستمرة استمراراً متجدداً يبقى حتى رفع الدعوى عنها حتى يوم توريد الضرائب المستحقة أو يسقط حق الخزانة العامة في المطالبة بها بمضي خمس سنوات وذلك أخذاً بمقومات هذه الجريمة السلبية وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني تداخلاً متتابعاً.

نقض جلسة١/١٠/١٩٨٤س ٣٥ ق ١٣٥ ص ٦١٣

٢٥ – الإتفاق الجنائي جريمة مستمرة تظل قائمة مادام الإتفاق قائماً، ومدة سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بها لا تبتدئ إلا من وقت انتهاء الاتفاق سواء باقتراف الجريمة أو الجرائم المتفق على إرتكابها أو بعدول المتفقين عما اتفقوا عليه.

١٤/٤/١٩٤١مجموعة القواعد القانونية ج ٥ ق ٢٤٣ ص ٤٤٤

٢٦ – جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى ما بقي مقدمها متمسكاً بها، ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها – ولو ظلت في يد الجهة المستعملة لها – أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها. نقض جلسة ١٤/٣/١٩٨٣ ص ٣٤ ق ٦٩ ص ٣٤٩

۲۷ – إن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى ما بقي مقدمها متمسكاً بها، ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها.

نقض جلسة ٢٤/١١/١٩٦٩س ۲۰ ق ۲۹۹ ص ۳۲۱

۲۸ – استقر قضاء محكمة النقض على إن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة لأي جهة من جهات التعامل والتمسك بها، وتظل قائمة ما دام مقدم الورقة متمسكاً بها، فإذا كان المتمسك بالورقة قد استأنف الحكم الابتدائي الذي قضى بردها وبطلانها طالباً إلغاءه والحكم بصحتها، تظل الجريمة مستمرة حتى يتنازل عن التمسك بالورقة أو يقضي نهائياً بتزويرها ولا تبدأ مدة انقضاء الدعوى إلا من ذلك التاريخ.

نقض جلسة ٦/١٢/١٩٥٤س ه ق ٨٢ ص ٢٤٢

۲۹ – استعمال التزوير جريمة مستمرة فلا يبتدئ سريان المدة اللازمة لسقوط الدعوى العمومية بشأنه إلا من وقت تنازل المتمسك بالورقة المزورة عن التمسك بها.

٢٤/١/١٩٢٠ المجموعة الرسمية س ۲۱ ق ۷۷

٣٠ – جريمة استعمال الأوراق المزورة هي من الجرائم التي تحدث وتنتهي ويتجدد حدوثها وانتهاؤها تبعاً للأغراض المختلفة التي تستعمل فيها الورقة المزورة. وكلما استعملت مرة لغرض بعينه تحقق ركن الاستعمال ووجب بتحققه العقاب. وكل مرة تستعمل فيها الورقة تعتبر جريمة استعمالها في هذه المرة مستمرة بمقدار زمن استعمالها والتمسك بها للغرض الذي ابتدأ استعمالها من أجله. ولا تبتدئ مدة سقوط الدعوى العمومية بخصوص الاستعمال في كل مرة إلا من بعد نهاية زمنها.

٢٢/٥/١٩٣٣مجموعة القواعد القانونية ج ۳ ق ١٢٥ ص ۱۸۲

۳۱ – لا تنقطع جريمة استعمال الورقة المزورة بالطعن فيها بالتزوير أمام المحكمة المدنية والسير في إجراءات تحقيق هذا الطعن، ولا ينهي الاستعمال ويقطع استمراره إلا التنازل عن التمسك بالورقة أو صدور حكم نهائي في القضية التي قدمت عنها.

١١/١٢/١٩٣٠مجموعة القواعد القانونية ج ٢ ق ١٣٢ ص ١٦٦

و ٢١/٢/١٩٢٩ ج ۱ ق ۱۷۱ ص ۱۷۹

٣٢ – من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى هو من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز إبداؤه لدى محكمة الموضوع في أي وقت وبأي وجه وعليها أن ترد عليه رداً كافياً سائغاً وإلا كان حكمها معيباً.

نقض جلسة ١٥ / ١١ / ١٩٨٤ س ٣٥ ق ۱۷۳ ص ٧٧٥

٣٣- إذا حكم نهائياً في دعوى مدنية بتزوير ورقة فسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بشأن استعمال هذه الورقة يبتدئ من تاريخ الحكم النهائي.

٢٧/٤/١٩٠٧المجموعة الرسمية ص ٩ ق ٤

٣٤ – إذا قرر المدعي عليه في دعوى تزوير طبقاً للمادة (۲۸۱) مرافعات أنه غير متمسك بالورقة المدعي التزوير فيها فتبتدئ المدة المقررة السقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بسبب استعمال ورقة مزورة من يوم تنازله عنها.

٢٩/٥/١٩٠٩ المجموعة الرسمية س ۱۰ ق ۱۱۹

٣٥ – الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له.

نقض جلسة ٢٢/٤/١٩٧٣ س ٢٤ ق ١١١ ص ٥٣٨

٣٦ من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دفع جوهري وهو من الدفوع المتعلقة بالنظام العام.

نقض جلسة ٨/٢/١٩٧٩ص ٣٠ ق ٤٦ ص ٢٣١

٣٧- أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم تجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام، إلا أنه يشترط أن يكون في الحكم ما يفيد صحة هذا الدفع.

نقض جلسة ٦/٥/١٩٥٨ص ٩ ق ١٢٨ ص ٤٧٥

۳۸- إن مجال بحث انقضاء الدعوى الجنائية من عدمه يتأتى بعد أن يتصل الطعن بمحكمة النقض اتصالاً صحيحاً بما يتيح لها أن تتصدى لبحثه وإبداء حكمها فيه.

نقض جلسة ١٢/١١/١٩٧٩ س ۳۰ ق ۱۷۱ ص ۸۰۲

٣٩ – الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي من شأنها أن تندفع بها التهمة المسندة إلى المتهم.

نقض جلسة ٦/٤/١٩٧٠ س ٢١ ق ١٣٢ ص ٥٥٧

٤٠ – إن نصوص القانون الخاصة بالتقادم تتعلق بالنظام العام لأنها تستهدف المصلحة العامة لا مصلحة شخصية للمتهم مما يستوجب إعمال حكمها على الجرائم السابق على تاريخ صدورها، وإن كان في ذلك تسويء لمركزه ما دام لم يصدر في الدعوى حكم نهائي.

نقض جلسة ١/٢/١٩٥٥س ٦ ق ١٦٤ ص ٥٠٠

٤١ – إنه وإن كان الفصل في الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يسبق في الأصل الفصل في موضوع الدعوى، لما قد يترتب عليه فيما لو ثبت للمحكمة رفع الدعوى بعد مضي المدة من القضاء بالبراءة، دون ما حاجة لبحث مقومات الإتهام وتمحيص دلائله باعتبار أن سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة من النظام العام مما يتعين على المحكمة أن تحكم ولو من تلقاء نفسها – من غير أن يدفع المتهم بالسقوط – ببراءة كل من ترفع عليه الدعوى بعد مضي المدة، فإذا لم تفعل جاز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أنه لما كان من المقرر أيضاً أن المحكمة غير ملزمة حتماً بأن تفصل في الدفوع الفرعية قبل فصلها في الموضوع، وأن لها أن تضم هذه الدفوع إلى الموضوع وتصدر في الدعوى برمتها حكماً واحداً، فإنه لا يوجد قانوناً ما يمنعها من الحكم في موضوع الدعوى بالبراءة دون أن تلج الدفوع التي إنما رمي صاحبها من إثارتها إلى بلوغ ذات النتيجة بإثبات انقضاء الدعوى الجنائية لأي سبب من أسباب الانقضاء بما يؤدي إلى البراءة.

نقض جلسة ٢٨/٦/١٩٦٥ س ١٦ ق ٢٢ ص ٦٢٤

٤٢ – الدفع بسقوط الدعوى الجنائية دفع جوهري يستوجب التمحيص وعدم الرد عليه يعتبر خطأ.

نقض جلسة ١٨/١١/١٩٨٧س ۳۸ ق ۱۸۲ ص ١٠٠٤

٤٣ – الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام يجب على المحكمة أن تعرض له إيراداً ورداً.

نقض جلسة ١٨/٩/١٩٨٨ ط ٣٦٣٢ ص ٥٨ق

٤٤ – إذا دفع المتهم فرعياً بسقوط الحق في مقاضاته جنائياً لمضي المدة القانونية وقضت المحكمة بإدانته دون أن تتعرض لهذا الدفع أو تفصل فيه فإن الحكم يكون باطلاً واجباً نقضه.

نقض ٢١/١١/١٩٣٢مجموعة القواعد القانونية ج ۳ ق ۲۳ ص ۲۱

٤٥ – بيان تواريخ وقائع استعمال المحرر المزور إنما يكون ضرورياً عندما تكون هناك مظنة سقوط الجريمة قبل رفع الدعوى العمومية، فإذا امتنع هذا الاحتمال فلا مبرر لتحطيم ذلك البيان.

نقض ٨/١/١٩٣١مجموعة القواعد القانونية ج ٢ ق ١٥١ ص ١٩١

٤٦ – بيان تاريخ الواقعة في الحكم هو من الإجراءات التي بدونها يبطل الحكم إذ بدون هذا البيان لا يتسنى لمحكمة النقض معرفة صحة أو عدم صحة ما يدفع على المتهم من سقوط الحق وعلى ذلك فإذا تناقض البيان بحيث لا يعرف الصحيح منه من المفاسد وجب إلغاء الحكم.

نقض جلسة ٤/١/١٩٢٦المجموعة الرسمية س ۲۷ ق ۹۸

٤٧ – الغرض من ذكر تاريخ الجريمة في الحكم تمكين المحاكم العليا من التحقق بما إذا كان الفعل قد سقط بمضي المدة أو لم يسقط. ٢٧/٢/١٩١٥ المجموعة الرسمية س ١٦ ق ٧٤

و١٩/١/١٩٠٤س ٦ ق٢٥

٤٨ – يجب على المحكمة أن تبين في الحاكم الصادر بالعقوبة تاريخ حصول الواقعة أو على الأقل حصر ذلك التاريخ بحيث يمكن الجزم بأن المدة المقررة لسقوط الحق لم تمض.

نقض جلسة ١٥/١٢/١٩٠٠المجموعة الرسمية س ٢ ص ٢٠٦

٤٩ – إجراءات التحقيق والاتهام أو المحاكمة. تقطع التقادم ولو أجريت في مواجهة المتهم أو في غيبته المادتان (١٧، ١٨) إجراءات جنائية. إنقطاع التقادم عيني الأثر. ومؤدى ذلك، امتداد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في تلك الإجراءات.

الطعن رقم ٦٨٤٩ لسنة ٥٦ ق جلسة ١٢/١/١٩٨٨ لم ينشر بعد

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .