جنائي

الدفوع القانونية فى قضايا المخدرات 2024

الدفوع المتعلقة فى قضايا المخدرات

الدفوع القانونيه في قضايا المخدرات

الدفوع المتعلقة فى قضايا المخدرات

أولا: الدفوع المتعلقة بإذن التفتيش فى قضايا المخدرات

الدفع ببطلان إذن التفتيش فى قضايا المخدرات لعدم جدية التحريات

تعريف التحريات فى قضايا المخدرات :

التحريات فى قضايا المخدرات هي مجموعة من الإجراءات التمهيدية السابقة على تحريك الدعوى الجنائية تهدف إلى جمع المعلومات في شأن جريمة إرتكبت كي تتخذ سلطات التحقيق بناء عليها القرار فيما إذا كان من الجائز – أو من الملائم – تحريك الدعوى الجنائية.

ويتضح من هذا التعريف أن فحوى الاستدلال فى قضايا المخدرات وهدف إجراءاته هي (مجرد جمع المعلومات) وغاية الإستدلال هو توضيح الأمور السلطة التحقيق كي تتصرف على وجه معين وليست غايته توضيح عناصر الدعوى للقاضي كي يحكم على نحو معين فتلك مهمة التحقيق الابتدائي.

ومن ثم ساغ القول بأن سلطات الإستدلال تعمل لحساب سلطات التحقيق وتحت إشرافها، وليس لعملها اتصال مباشر بالقضاء.

وبعبارة أخرى ، عهد القانون إلى مأموري الضبط القضائي بمهمة البحث والتحري عن قضايا المخدرات ومرتكبيها، وبالتالي فهم مختصون بإجراء التحريات اللازمة للكشف عن قضايا المخدرات التي ارتكبت وعن مرتكبيها ولمأمور الضبط القضائي أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من قضايا المخدرات ما دام أنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات بدون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات.

وجوهر التحريات فى قضايا المخدرات إذن هو جمع سائر البيانات والمعلومات الصالحة للتنقيب عن قضايا المخدرات ومعرفة مرتكبيها وظروفها، من سائر المصادر المتاحة لمأمور الضبط أو لمن يعاونه من مساعديه، ولا يشترط لصحة التحريات فى قضايا المخدرات أن تكون معروفة المصدر، فلا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهمته، فالتحريات تتسم على أي حال بالطابع السري في وسائلها.

لا يفوتك:ثغرات قضايا السرقة و هل قضيه السرقة جنحة ام جناية

ما هو محضر جمع الاستدلالات فى قضايا المخدرات

يعرف محضر جمع الاستدلالات فى قضايا المخدرات بأنه وثيقة مكتوبة بمعرفة الموظفين المختصين بكتابته يتضمن إثبات واقعة تحقق كاتبه من إرتكابها ويدخل البحث عنها في نطاق اختصاصه، والغرض من تحرير المحضر فى قضايا المخدرات هو إثبات الآثار الناجمة عن إرتكاب الجريمة وتدوين ما جمع بشأنها من معلومات.

وعلى الرغم من خلو محاضر جمع الاستدلالات فى قضايا المخدرات من الضمانات القانونية التي تتوافر المحاضر التحقيق الابتدائي التي تجريها سلطة التحقيق إلا أن ذلك لا ينفي أن لذة المحاضر أهميتها التي لا يمكن إنكارها، ذلك أن مجرد كتابة محضر جمع الاستدلالات فى قضايا المخدرات ينطوي على ضمان يتمثل في ثبات المعلومات المدونة في المحضر مما يحول دون تأثيرها بعامل الزمن،

وذلك على خلاف الذاكرة التي قد يعتريها النسيان، لذلك قيل بأن المحضر هو شهادة صامتة في ورقة جامدة، كما وأن للنيابة العامة متى قدرت كفاية المعلومات المدونة في محضر جمع الاستدلالات فى قضايا المخدرات أن ترفع الدعوى بناء على ذلك المحضر في مواد الجنح والمخالفات إعمالاً لنص المادة (٦٣) إجراءات جنائية.

ومن ثم يمكن القول بأن إجراءات الاستدلال فى قضايا المخدرات هي مجموعة الإجراءات التي يباشرها مأمورو الضبط القضائي بقصد التحري عن قضايا المخدرات ومرتكبيها وجمع الدلائل والعناصر اللازمة لتمكن النيابة العامة من تقدير ملائمة تحريك الدعوى العمومية من عدمه.

وتبدو أهمية هذه المرحلة في قضايا المخدرات أن النيابة العامة لا تستطيع تحريك الدعوى العمومية إلا إذا توافرت لها مجموعة من المعلومات تمكنها من تقدير مدى ملائمة تحريكها، وهذه المعلومات يتم جمعها بمعرفة مأموري الضبط القضائي من خلال مرحلة جمع الإستدلالات،

كما أن هذه المرحلة فى قضايا المخدرات تعد بمثابة إعداد وتحضير للدعوى العمومية، فالمعلومات التي يمكن جمعها من هذه المرحلة يمكن أن تنتج أدلة في الدعوى.

وإن كان الهدف من إجراءات الإستدلال فى قضايا المخدرات هو جمع المعلومات المتعلقة ب قضايا المخدرات ومرتكبها، فإن كل وسيلة يمكن من خلالها تحقيق هذا الغرض تعد جائزة ما دام أنها لا تتنافى مع الأخلاق أو تتضمن الافتئات على حريات الأفراد،

كما أن إجراءات الاستدلال فى قضايا المخدرات لم ترد على سبيل الحصر، وإنما يكتفى بالإشارة إلى أكثر هذه الإجراءات شيوعاً في الاستخدام من جانب مأموري الضبط القضائي طالما كانت من الوسائل المشروعة.

ومشروعية إجراءات الاستدلالات فى قضايا المخدرات تتمثل فيما إذا علم مأمور الضبط القضائي بأمر قضايا المخدرات من أي طريق كان يتعين عليه إتخاذ كافة الإجراءات التي توصله إلى معرفة مرتكبيها وهو في سبيل هذا يجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى.

ولا يقتصر عمل مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات على جمع الاستدلالات في دور التحقيق الابتدائي فقط بل إن له أن يجمعها وتتقدم بها النيابة العامة او  إلى المحكمة حتى بعد رفع الدعوى، إذ لا يحرمه هذا من اختصاصه الأصيل في جمع الاستدلالات على أنه لا يجوز له إذا باشرت النيابة العامة التحقيق أن يتخذ هو أي من إجراءاته بدون ندب منها.

هل اجراء التحريات فى  قضايا المخدرات تعتبر من اجراءات التحقيق

كما أن إجراءات التحري فى قضايا المخدرات ليست من إجراءات التحقيق، بل هي مجرد إجراءات تمهيدية للكشف عن الجريمة والمجرم والتحضير للتحقيق، وتجميع عناصر الدعوى الجنائية،،،،

ومن ثم فهي لا تنطوي على أي مساس بحرية المتهم الشخصية لأنها لا تمثل حجراً أو قيداً على حرية المتهم.

فضلاً عن ذلك فإن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم فى قضايا المخدرات أن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأية كيفية كانت، ويجب أن تتضمن هذه التحريات كافة القرائن التي تفيد في معرفة الحقيقة إثباتاً أو نفياً لواقعة معينة.

الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية:

الدفع بعدم جدية التحريات في قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تعرض له ويستلزم ردها وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة ويتمتع بالأهمية المؤثرة في تحريك الدعوى الجنائية ويتغير عند الأخذ به وجه الرأي في الدعوى.

وقد عرفت محكمة النقض الدفع الجوهري بأنه ذلك الذي يترتب عليه – لو صح – تغير وجه الرأي في الدعوى، فتلتزم المحكمة فى قضايا المخدرات بأن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه دون تعليق ذلك على ما يقدمه المتهم تأييداً لدفاعه أو ترد عليه بأسباب أيضاً سائغة تؤدي إلى إطراحه

أحكام محكمة النقض فى عدم جدية التحريات  قضايا المخدرات
أحكام محكمة النقض فى عدم جدية التحريات  قضايا المخدرات

أما الدفوع غير الجوهرية فى قضايا المخدرات هي تلك الدفوع التي لا تأثير لها في ثبوت الواقعة، ولا يقصد المتهم من وراء التمسك بها إلا إثارة شبهة الدليل لم يكن من شأنها – بفرض قيامها – أن تذهب بصلاحيته القانونية،،،،

ومن ثم فهي غير منتجة في الدعوى، وتنطوي على مجرد جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، وبالتالي لا تلزم المحكمة بتنفيذها أو الرد عليها صراحة.

لا يفوتك:ثغرات قضايا السرقة و هل قضيه السرقة جنحة ام جناية

 خصائص الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات :

الدفع بعدم جدية التحريات في قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية التي تتعلق بالنظام العام.

ومن خصائص الدفوع المتعلقة بالنظام العام فى قضايا المخدرات أنه لا يجوز أن تكون محلاً لنزول صريح أو ضمني من أطراف الدعوى الجنائية، كما أنه لا يجوز لها وضع عقبة تحول بين القضاء وبين ترتيب الآثار التي يقررها القانون لها وإن كان يجوز للمتهم الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ما دامت مدونات الحكم تظاهره،،،،

ولا يتطلب تحقيقاً موضوعياً فى قضايا المخدرات ، بل تكون أسبابه مستفادة من الأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، وألا يخالطها أي عنصر واقعي، ذلك أنه لا يقبل الدفع ببطلان الإجراء، لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كان البطلان متعلقا بالنظام العام.

وإذا أغفل المتهم التمسك به، فللنيابة العامة أن تتمسك به وتعتبره الوجه الوحيد الذي تستند إليه في الطعن بالنقض، وعند إغفال المتهم والنيابة التمسك به فللقاضي إثارته من تلقاء نفسه ويستند إليه ويقضي بمقتضاه، إذ للقاضي استنباط المسائل المتعلقة بالنظام العام.

شروط التمسك بالدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات وصحته:

قلنا إن الدفع بعدم جدية التحريات في قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية المتعلق بالنظام العام، ومن ثم استلزم القانون توافر شروط التمسك بالدفع وصحته حتى يكون هناك التزاماً على المحكمة بالنظر في هذا الدفع والرد عليه وتفنيده، وذلك على التفصيل الآتي:

1- توافر شروط المصلحة في الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات وأن تكون حالة يقرها القانون :

ذلك أنه يتعين أن يكون للمتهم مصلحة في الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات تمت بمعرفة رجال السلطة العامة (مأمور الضبط القضائي) أو أي التي إجراء آخر من إجراءات الإستدلال. ذلك أن المصلحة الشخصية شرطاً لقبول الدفع، ولا تختلف المصلحة في الطعن الجنائي عن المصلحة في الدفع الجنائي،،،،

بمعنى أنه لا يوجد اختلاف كبير بين المصلحة عند نظر الطعن والمصلحة في الدفع أمام القضاء الجنائي، حيث يشترط أن يكون مبدي الدفع فى قضايا المخدرات له مصلحة شخصية في والتمسك به أمام المحكمة الجنائية. كما يتعين أن تكون المصلحة الشخصية حالة وقائمة يقرها القانون، إذ لا يقبل أي دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون،،،،

كما يعد شروط المصلحة من الدفع القانوني المتعلق بالنظام العام ولكونه مثقل بوظيفة القضاء ودوره في الحياة الاجتماعية، وهي تأبى أن يشغل إنسان وقت القضاء بما لا طائل من وراءه ولا صالح له فيه، فهو مقرر حماية لصالح عام لا لصالح شخص معين.

 2-: أن يكون إبداء الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات جازما صريحا يقرع سمع المحكمة:

ويتحقق ذلك إذا كان يشمل على بيان ما يرمي إليه ويصر عليه في طلباته الختامية إلى ما قبل إقفال باب المرافعة ودخول الدعوى في حوزة المحكمة وحجزها للحكم.

3- : أن يكون الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات جدياً منتجاً وله أصل ثابت بالأوراق :

ذلك أنه يشترط في الدفع الجوهري المتعلق بالنظام العام أن يكون جدياً في الواقع ويسانده الدليل المنتج، فإذا كان عارياً عن دليله، وكان الواقع يدحضه، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه دون أن يتناوله حكمها.

كما ينبغي أن يكون الدفع ظاهر التعلق بموضوع الدعوى، أي أن يكون الفصل فيه لازماً للفصل في الموضوع، وله وجود حقيقي في الأوراق سواء كان في محضر الجلسة أو المذكرات التي هي جزء من إجراءات المحاكمة أمام القضاء،

ومن ثم ينبغي التمسك فى قضايا المخدرات بالدفع وإثباته أمام المحكمة التي تتولى الفصل في قضايا المخدرات في مرحلة المحاكمة، ذلك لأن إثارة الدفع أمام سلطات التحقيق أو الإحالة لا تغني عن إثارته من جديد في مرحلة المحاكمة حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه قبولاً أو رفضاً على حد سواء .

4- أن يكون الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات من العناصر التي يعتمد عليها الحكم  فى قضايا المخدرات :

ذلك أنه في الدفع الجوهري فى قضايا المخدرات المتعلق بالنظام العام، حتى ينتج الأثر اللازم بالتزام المحكمة بالرد عليه قبولاً أو رفضاً بأسباب سائغة، أن تكون المحكمة قد اعتمدت في عناصر حكمها على هذا الدفع أو على أسباب هذا الدفع، أما إذا كانت المحكمة قد أدانت المتهم دون أن تعتمد في عناصر حكمها على هذا الدفع الذي أثاره المتهم، فلا يعيب ذلك الحكم.

الرقابة القضائية على الدفع بعدم جدية التحريات فى قضايا المخدرات :

الدفع بعدم جدية التحريات في قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية المتعلق بالنظام العام، وتقدير جدية التحريات فى قضايا المخدرات وكفايتها خاضع ابتداء الرقابة محكمة الموضوع التي لها أن تقضي بعدم جديتها أو عدم كفايتها لتبطل بالتالي الدليل المترتب عليها وينبغي أن يكون استنتاج محكمة الموضوع سائغاً مقبولاً، وفي هذا النطاق يخضع قضاؤها لرقابة محكمة النقض في إطار النظرية العامة التي تراقب فيها هذه الأخيرة التدليل في الأحكام المطعون فيها.

معيار جدية التحريات فى قضايا المخدرات :

معيار جدية التحريات فى قضايا المخدرات يمكن تحسه من خلال العناصر الآتية:

1– تحديد الشخص المراد القبض عليه فى قضايا المخدرات :

إذ يجب أن تتضمن التحريات فى قضايا المخدرات التي قام بها مأمور الضبط القضائي تحديد اسم الشخص أو الأشخاص المراد القبض عليهم إذ لكل شخص اسم ولقب، فيتعين أن تشتمل التحريات فى قضايا المخدرات تعيين الشخص تعييناً كافياً نافياً للجهالة ومزيلاً لكل لبس،

لأن الخطأ في اسم الشخص المراد القبض عليه أو انصراف التحريات الأشخاص غير معينين بأسمائهم تحديدا يمثل الجهل به وبالتالي عدم دقة التحريات فى قضايا المخدرات وعدم جديتها، ذلك أن تحديد اسم الشخص المراد القبض عليه تحديداً دقيقاً من شأنه أن يزيل مظن الخطأ في القبض على شخص آخر غير الشخص الصادر عنه الأمر بالقبض.

2-تحديد المكان المطلوب تفتيشه فى قضايا المخدرات :

إذ يجب أن تتضمن التحريات فى قضايا المخدرات و التي قام بها مأمور الضبط القضائي تحديد المكان المطلوب تفتيشه تحديداً دقيقاً نافياً للجهالة، ولو أن الخطأ في تحديد المكان قد لا يؤدي إلى البطلان في الإجراءات، ولهذا قضت محكمة النقض فى قضايا المخدرات بأنه متى كان الحكم قد استظهر بأدلة سائغة أن الشخص الذي حصل تفتيشه في الواقع هو بذاته المقصود بأمر التفتيش،

فإن إغفاله الرد على المأخذ الخاص بالخطأ في عنوان مسكنه لا يجدي متى اطمأنت المحكمة إلى أنه هو بذاته الشخص المقصود من إصدار الإذن  ،،،،

 3– تحديد الجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو التحقيق بشأنها :

إذ يجب أن تتضمن التحريات فى قضايا المخدرات التي قام بها مأمور الضبط القضائي تحديد الجريمة فى قضايا المخدرات التي تجمع فيها التحريات والاستدلالات أو يجرى بشأنها التحقيق، تحديداً دقيقاً بمعنى أنه يجب تحديد الجريمة وبيانها بالذات، وترجحت نسبتها إلى شخص له نشاط إجرامي معين، وأن يتوافر الإمارات ما يبيح التصدي لحرية الشخص ولحرمة مسكنه،،،،

وأن تكون قد تركزت لدى مأمور الضبط القضائي مجرى التحريات تلك العقيدة بإرتكاب الشخص للجريمة المحددة الجاري جمع الاستدلالات أو التحقيق بشأنها، ومحقق وقوعها وأن تكون التحريات من الثقة التي تبعث على الاطمئنان إليها، لأنه يشترط لجدية التحريات أن تكون الجريمة المحددة من الجرائم التي تحقق وقوعها من مقارفها وليست محتملة أو مستقبلة.

4– بيان الصلة بين الشخص المراد القبض عليه وبين الجريمة محل التحقيق فى قضايا المخدرات:

إذ يجب أن تتضمن التحريات فى قضايا المخدرات والتي قام بها مأمور الضبط القضائي بيان الصلة بين الشخص المراد القبض عليه وبين الجريمة محل التحقيق، بمعنى أنه يجب حتى توصف التحريات فى قضايا المخدرات بالجدية والدقة والكفاية أن تتضمن بيان عن مبلغ اتصال الشخص المراد القبض عليه وتفتيشه وتفتيش مسكنه بالجريمة التي تجمع الاستدلالات عنها أو يجرى التحقيق بشأنها.

5– بيان سرعة وتاريخ تحرير الإذن بالقبض أو التفتيش بعد التأكد من جدية التحريات فى قضايا المخدرات :

إذ يجب أن تتضمن التحريات فى قضايا المخدرات التي قام بها مأمور الضبط القضائي الجدية والدقة والكفاية، أيضاً يجب أن يصدر الإذن من سلطات التحقيق النيابة العامة أو قاضي التحقيق متضمنا بيان ساعة وتاريخ تحرير الإذن بالقبض أو التفتيش بعد التأكد من جدية التحريات، ذلك أن إثبات ساعة إصدار إذن التفتيش إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه.

6-بيان اسم من قام بالتحريات فى قضايا المخدرات ووظيفته واختصاصاته:

إذ يجب أن تتضمن التحريات فى قضايا المخدرات التي قام بها مأمور الضبط القضائي، بيان اسم من قام بالتحريات ووظيفته واختصاصاته، لما لذلك من أهميته في تحقيق الضمانات التي نظمها القانون في هذا الصدد.

فالمشرع منح صلاحية اتخاذ إجراءات التحريات لمأموري الضبط القضائي في المادة (۲۱) إجراءات جنائية، التي حددت مهام مأموري الضبطية القضائية فعهدت إليهم بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وهي سابقة على وقوع الجريمة وجمع الاستدلالات التي يستلزمها التحقيق، وهي تكون بعد وقوع الجريمة والإبلاغ عنها.

ومأمورو الضبطية القضائية تابعون للنائب العام وخاضعون لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم عملاً بالفقرة الأولى من المادة (۲۲) من قانون الإجراءات الجنائية.

نصت المادة (٤٩) من القانون ۱۸۲ لسنة ۱۹٦٠ المعدل بالقانون (۱۲۲) لسنة ۱۹۸۹ على أنه يكون لمديري إدارات مكافحة المخدرات وأقسامها، وفروعها، ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين، صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية …. فيما يختص بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.

على أن الاختصاص بمكافحة المخدرات لا يسلب باقي مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام اختصاصهم في هذا الشأن في نطاق الاختصاص الإقليمي لكل منهم بطبيعة الحال.

كما أسبغت المادة (٥١) صفة الضبط القضائي أيضاً على مفتشي وزارة الزراعة ووكلائهم والمهندسين الزراعيين ومساعديهم، والمعاونين الزراعيين في جرائم زراعة النباتات المخدرة وجلبها وتصديرها وتملكها والتعامل فيها.

والأصل أن مأمور الضبط القضائي إنما يباشر أعمال وظيفته في دائرة اختصاصه، ومتى باشر رجل الضبط القضائي أعماله في حدود اختصاصه والأصل في الإجراءات الصحة، فلا يكون صحيحاً ما يقوله المتهم من أن المحكمة كان عليها أن تتحرى حقيقة صفة الضابط الذي أجرى التحريات وبتحقيق تجريه، ومن ثم كان بيان اسم من قام بالتحريات فى قضايا المخدرات ووظيفته واختصاصاته من الأهمية في مسألة الاختصاص الوظيفي والمكاني.

ومن هنا يمكن القول بأن مأمور الضبط القضائي لا يتجرد من صفته في غير أوقات العمل الرسمي بل تظل وأهليته لمباشرة الأعمال التي ناطه بها القانون قائمة حتى إن كان في أجازة أو عطلة رسمية – ما لم يوقف – عن عمله أو يمنح أجازة إجبارية ومن باب أولى إذا كان الإجراء الذي قام به مأمور الضبط في فترة راحته.

ولا يقدح في ذلك أن يكون ما قام به في فترة الراحة يرفع عنه صفة الضبط القضائي. وإذا كان مأمور الضبط القضائي المحدد اختصاصه بدائرة عمله لا تكون له صفة الضبطية إلا في حدود دائرة اختصاصه المحلي، والأصل أنه خارج هذه الدائرة يتجرد من صفته ويعتبر فرداً عادياً ولا تكون له سلطة ما، إلا أنه قد تتوافر حالة الضرورة، والاضطرار فيتجاوز هذا الاختصاص فإن تصرفه صحيحاً ما دام قد بدأ الإجراء وهو مختص، كما أن الاختصاص يمتد إلى جميع من اشتركوا في الجريمة، وإن اختلفت إقامتهم.

 الدفع ببطلان الإذن فى قضايا المخدرات لضبط جريمة مستقبلة

ثانياً: الدفع ببطلان الإذن في قضايا المخدرات لضبط جريمة مستقبلة

1- استعمال عبارة ما قد يوجد لدى المتهم من مواد مخدرة في إصدار الإذن لا تنصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره إنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية.

(نقض جلسة٢٨/٥/١٩٧٢س ۲۳ ق ۱۸۳ ص ٨٠٦)

2- متى كان البين أن التحريات فى قضايا المخدرات قد أسفرت عن أن المطعون ضده وآخر يجلبان كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى القاهرة ويروجانها بها وان الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطه حال تسلمه المخدر من المرشد بإعتبار أن هذا التسليم مظهراً لنشاطه في الجلب وترويج المواد المخدرة التي يحوزها، بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة،

ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن إذن التفتيش صدر عن جريمة لم يثبت وقوعها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه بالنسبة إلى المطعون ضده.

ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وتقدير أدلتها فانه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

(نقض جلسة ١٩/٢/١٩٧٣ س ٢٤ ق ٤٩ ص ٢٢٣)

3- إذا كان ما أثبته الحكم في مدوناته يتضمن أن المطعون ضده يتاجر في المخدرات وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطه حال نقله المخدر بإعتبار هذا النقل مظهرا لنشاطه في الاتجار، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها، لا ضبط جريمة مستقبلة أو محتملة،

ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضي بأن إذن التفتيش قد صدر عن جريمة لم يثبت وقوعها قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.

(نقض جلسة ١٧/١١/١٩٦٩س ٢٠ ق ٢٥٨ ص ١٢٧٤)

ثالثاً: الدفع ببطلان الإذن لخلوه من اسم مصدره واختصاصه ومكان تنفيذه فى قضايا المخدرات 

1- لم يشترط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش فى قضايا المخدرات ، ولم يوجب النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره، وكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحا ومحددا بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختص مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه.

(نقض جلسة ٥/٢/١٩٦٨س ۱۹ ق ۲۳ ص ١٢٤)

2- إذن النيابة العامة لمأموري الضبطية القضائية بإجراء التفتيش فى قضايا المخدرات يجب أن يكون موقعاً عليه بإمضاء من أصدره، لأنه وفقاً للقواعد العامة يجب إثبات إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه لكي تبقى حجة يعامل الموظفون – الأمرون منهم والمؤتمرون – بمقتضاها، ولتكون أساساً صالحاً لما يبنى عليها من نتائج،،،،

ولا يكفى فيه الترخيص الشفوي، بل يجب أن يكون له أصل مكتوب موقع عليه ممن أصدره إقراراً بما حصل منه، وإلا فإنه لا يعتبر موجوداً ويضحي عارياً مما يفصح عن شخص مصدره، ذلك أن ورقة الإذن وهى ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها وأن يكون موقعاً عليها لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت منه على الوجه المعتبر قانوناً.

ولا يجوز تكملة هذا البيان الجوهري بدليل غير مستمد من ورقة الإذن أو بأي طريقة من طرق الإثبات، ومن ثم فإنه لا يغنى عن التوقيع على إذن التفتيش أن تكون ورقة الإذن محررة بخط الإذن أو معنونة باسمه أو أن يشهد أو يقر بصدورها منه دون التوقيع عليها ما دام الأمر لا يتعلق بواقعة صدور الإذن بإسم مصدره بل بالشكل الذي أفرغ فيه بالتوقيع عليه بخط مصدره.

(نقض جلسة ١٣/١١/١٩٦٧ س ۱۸ ق ۲۲۹ ص ۱۱۰۱)

3- من المقرر أنه لا يصح أن ينعى على الإذن عدم بيان اسم النيابة التي يتبعها مصدر الإذن إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقرونا باسم وكيل النيابة مصدر الإذن للتفتيش.

(نقض جلسة ٢٣/٣/١٩٨٧ط ٤٦٨ س ٥٧ ق)

4- صفة مصدر الإذن فى قضايا المخدرات ليست من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الإذن بالتفتيش ما دام أن المحكمة قد أوضحت أن من أعطى الإذن كان مختصاً بإصداره، والعبرة في ذلك إنما تكون بالواقع وإن تراخي ظهوره إلى وقت المحاكمة.

(نقض جلسة ٢٠/١٢/١٩٦٠ص ۱۱ ق ۱۷۲ ص ۹۲۳)

5 – إن إذن النيابة لمأمور الضبطية القضائية بالتفتيش يجب أن يكون مكتوباً وموقعاً عليه بإمضاء من أصدره. فإذا أذنت النيابة عن طريق التليفون بالتفتيش ولم يكن لإذنها هذا أصل موقع عليه ممن أمر بالتفتيش فإن التفتيش يكون باطلاً ولو كان تبليغ الإذن مثبوتاً في دفتر الإشارات التليفونية.

(نقض ٢٣/١٢/١٩٤٠مجموعة القواعد القانونية ج ٥ ق ١٧٣ ص ٣٢٤)

رابعا: الدفع بعدم الاختصاص المكاني لمصدر الإذن فى قضايا المخدرات

نصت المادة (۲۱۷) من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة، أو الذي يقيم فيه المتهم، أو الذي يقبض عليه فيه.

والبين من النص أن الاختصاص المكاني للمحكمة الجنائية فى قضايا المخدرات يتحدد بواحد من أمور ثلاث مكان وقوع الجريمة، أو إقامة المتهم، أو ضبطه وقد قصد به سهولة تحقيق العدالة بالوصول إلى الحقيقة، أي أنه أريد به تحقيق مصلحة عامة، كما وأن لكل محكمة من المحاكم الجنائية دائرة اختصاص مكاني محددة لحكمة خاصة ابتغاها المشرع، ولذا كان من المتعين تعرف متي تدخل الجريمة في ذلك الاختصاص.

وقد عالج المشرع الاختصاص المكاني أو المحلي للقضاء فى قضايا المخدرات بأن حدد لكل جهة من جهات القضاء مجالاً جغرافياً لا يجوز الخروج عنه، وقد اعتمد على عناصر معينة تربط ما بين اختصاص القضاء بالنظر في الخصومة الجنائية وهذا المجال الجغرافي، وهي مكان وقوع الجريمة، أو إقامة المتهم، أو القبض عليه.

فيتحدد الاختصاص المكاني فى قضايا المخدرات بإطار جغرافي معين، وقد استعان المشرع في تحديده لهذا الإطار المكاني أو الجغرافي أو المحلي بضوابط ثلاث يكفي توافر أحدها لينعقد الاختصاص المكاني وفكرة الاختصاص المحلي أو الإقليمي، تقوم على تقسيم إقليم الدولة إلى مناطق ثم توزيعها بين المحاكم التي تنتمي إلى ذات النوع والدرجة، وتوزيع إقليم الدولة على محاكم متعددة هو نتيجة حتمية لاتساع رقعة الإقليم واستحالة أن تختص به محكمة واحدة.

وبذلك لم يحصر الشارع الاختصاص المكاني أو المحلي أو الإقليمي للجريمة في محكمة واحدة نطاقها الإقليمي ، وإنما أشرك فيها محاكم ثلاث هي المحكمة التي إرتكبت الجريمة في نطاقها الإقليمي والمحكمة التي يقيم المتهم في نطاقها والمحكمة التي يقبض على المتهم في نطاقها، فجميع هذه المحاكم الثلاث ينعقد لها الإختصاص المكاني

1– اختصاص المحكمة بمكان وقوع الجريمة فى قضايا المخدرات :

مكان وقوع الجريمة فى قضايا المخدرات هو الأصل في الاختصاص، ذلك أن المكان الذي تقع فيه الجريمة فى قضايا المخدرات هو الذي يتحدد به الاختصاص الطبيعي عادة لأنه هو الذي كان مسرحاً للإخلال بالنظام العام، والذي اختل فيه الأمن، وتوقيع القضاء فيه على مرتكب الجريمة يفيد في إعادة الأمن إلى نصابه ،،،

فضلاً عن أن لمكان الجريمة فى قضايا المخدرات أثره في سهولة تحقيقها للوصول إلى الأدلة وإنجاز كافة إجراءات الدعوى الجنائية، كدعوة الشهود أو الإنتقال للمعاينة متى دعت الحال إلى ذلك، كما يسهل المثول أمام المحكمة وتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى.

بمعنى أن اختصاص مكان إرتكاب الجريمة فى قضايا المخدرات هو الاختصاص الطبيعي بها، ففيه اختل الأمن واضطربت المراكز القانونية التي كانت مستقرة وأهدرت حقوق يحميها القانون، ولو كان الشارع قد قدر أنه من الملائم في السياسة التشريعية أن يحدد محكمة واحدة تختص بالجريمة، لاختار المحكمة التي ارتكبت الجريمة في نطاقها.

قلنا إن مكان وقوع الجريمة فى قضايا المخدرات هو الأصل في الاختصاص، وأن العبرة في تحديد مكان الجريمة هي بوقوع الأفعال التنفيذية.

والضابط في تحديد المكان الذي ارتكبت الجريمة فيه قضايا المخدرات ، هو المكان الذي تحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن، ولا يثير تطبيق هذا الضابط صعوبة إذا تحققت جميع عناصر الركن المادي في دائرة اختصاص محكمة واحدة، إذ ينعقد لها الاختصاص.

كما أن تحديد الاختصاص فى قضايا المخدرات بمكان وقوع الجريمة، يتوقف على طبيعة الجريمة ولا صعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية التي تبدأ وتنتهي في مكان واحد، وكما إذا كانت الجريمة بسيطة تتم بفعل تنفيذي واحد، سهل تحديد مكان وقوعها، أو إذا كانت الجريمة تتكون من عدة أفعال ووقعت كلها في دائرة محكمة واحدة (1).

أما إذا تجزأت عناصر هذا الركن المادي بين دوائر اختصاص محاكم متعددة كما لو ارتكبت الفعل في دائرة اختصاص محكمة وتحققت النتيجة في دائرة اختصاص محكمة أخرى، فإن المحكمتين تختصان معاً بالجريمة بل أنه إذا كانت بعض الحلقات السلبية قد تحققت في دائرة اختصاص محكمة ثالثة، كانت هذه المحكمة كذلك مختصة،،،،

وإذا كانت الجريمة تتكون من جملة أفعال وارتكب كل فعل منها في دائرة اختصاص محكمة معينة أو كان الفعل الواحد الذي تقوم به ارتكبت في دوائر اختصاص محاكم متعددة، فإن هذه المحاكم جميعاً تكون مختصة بالجريمة فى قضايا المخدرات ذلك أن العبرة في تحديد مكان إرتكاب الجريمة هي بعناصر الركن المادي دون ما يسبقها من نشاط لا يدخل في كيان هذا الركن أو ما يلحق بها في آثار لا تدخل في هذا الكيان كذلك، ومن ثم فإن المكان الذي ارتكبت فيه الأعمال التحضيرية للجريمة، والمكان الذي أخفيت فيه آثار الجريمة لا يحددان مكان ارتكاب الجريمة.

فقد يحدث أن تقع الأعمال التنفيذية للجريمة وتتم نتيجتها في دائرة محكمتين جنائيتين، كما إذا أطلق شخص عياراً نارياً على آخر وهو في دائرة محكمة غير التي كان بها المجني عليه، فالاختصاص ينعقد لكل من المحكمتين لأن الفعل التنفيذي هو انطلاق العيار بيد الجاني استمر سريانه حتى أصيب المجني عليه،

وقد بدأ في دائرة محكمة وانتهى في دائرة أخرى، أي أنه تم في دائرة كل من المحكمتين، فإذا رفعت الدعوى إلى أحد المحكمتين، فإن هذا لا يمنع من رفعها أمام المحكمة الأخرى لأنها مختصة أيضاً بالفصل فيها، بيد أنه إذا صدر حكم من أيهما وأصبح نهائياً امتنع على الأخرى الحكم في الدعوى لسبق الفصل فيها.

والفرض العملي المطروح أنه قد تتكون الجريمة فى قضايا المخدرات من عدة أفعال تنفيذية تتم في دوائر محاكم مختلفة وهي حالة لم يكن قانون تحقيق الجنايات الأهلي يتضمن نصاً ينظم الاختصاص فيها ،

فاستحدث المشرع في قانون الإجراءات الجنائية أحكاماً لها ضمنها المادة (۲۱۸) التي نصت على أنه في حالة الشروع تعتبر الجريمة أنها وقعت في كل محل وقع فيه عمل من أعمال البدء في التنفيذ، وفي الجرائم المستمرة يعتبر مكاناً للجريمة كل محل تقوم فيه حالة الاستمرار، وفي جرائم الاعتياد والجرائم المتتابعة يعتبر مكاناً للجريمة كل محل يقع فيه أحد الأفعال الداخلة فيها.

2– اختصاص المحكمة بمكان إقامة المتهم فى قضايا المخدرات :

قلنا إن مكان وقوع الجريمة هو الأصل في الاختصاص فى قضايا المخدرات ، ذلك أن المكان الذي تقع فيه الجريمة هو الذي يتحدد به الاختصاص الطبيعي عادة.

وتختص المحكمة التي يقيم المتهم في دائرتها بنظر الدعوى الجنائية ولو كان مكان وقوع الجريمة في دائرة محكمة أخرى، فقد يسهل في ذلك المكان تعرف حالة المتهم وسوابقه، كما أنه قد ييسر عليه سبل المحاكمة والانتقال لا سيما في الجرائم البسيطة، فضلاً عن احتمال ألا يكون محل الجريمة معروفاً بوجه محدد، وعملاً تجرى محاكمة المتهم في محل إقامته بالنسبة إلى جرائم المخالفات حتى لا يكلف عبء مصروفات الانتقال إلى محكمة أخرى.

والمقصود بمحل إقامة المتهم، محل الإقامة الذي يرتبط فيه المتهم بمعاملاته وعلاقاته العائلية، أي هو محل إقامة عادي في الدائرة التي يعمل فيها وتوجد بها ثروته، فلا يكفي في ذلك الإقامة المؤقتة، ولا تشترط الإقامة الدائمة وإذا كان للمتهم محلي إقامة جازت مباشرة الإجراءات الجنائية في أي واحد منهما.

فقد نص المشرع على أن المحكمة التي تقيم المتهم في دائرة اختصاصها فى قضايا المخدرات تكون مختصة كذلك بالنظر في جريمته، إذ نص على اختصاص المحكمة بالمكان الذي يقيم فيه المتهم، أي اختصاص محكمة محل الإقامة دون محكمة الموطن، وثمة فرق في المدلول القانوني للتعبيرين،،،

فعلى حين يعني محل الإقامة المكان الذي يقيم فيه المتهم فعلا، فإن الموطن يعني المكان الذي انصرفت نية المتهم إلى الإقامة فيه على نحو منتظم مستقر، وقد لا يكون مقيماً فيه فعلاً، وفي العادة يتحدد المكانان، فإن اختلفا كانت العبرة بمحل الإقامة دون الموطن.

كما وأن ميزة اختصاص محكمة محل الإقامة فى قضايا المخدرات أنه المكان الذي يمكن أن يستقي فيه المعلومات المتعلقة بشخص المتهم وعلاقاته العائلية والاجتماعية بوجه عام ويمكن التعرف على سوابقه الإجرامية، وهو المكان الوحيد الذي يحدد الاختصاص قى قضايا المخدرات  إذا كان المكان الذي ارتكبت الجريمة فيه، والمكان الذي قبض على المتهم فيه مجهولين، أو كانا غير محددين، وتحديد محل إقامة المتهم هو فصل في مسألة موضوعية.

وإذا تعددت محال إقامة المتهم كانت جميع المحاكم التي تتبعها هذه المحال مختصة بالجريمة، وإذا غير المتهم محل إقامته في الفترة بين ارتكابه الجريمة وبين البدء في إتخاذ الإجراءات الجنائية ضده، فالعبرة بالأخير، ويعني ذلك أنه إذا كان مكان إرتكاب الجريمة ثابتاً، فإن محل إقامة المتهم قابل للتغيير.

فالعبرة في تحديد محل الإقامة هو وقت بدء إجراءات المحاكمة، فلا يؤثر عليه انتقال المتهم بعد ذلك، وإلا كان في مكنته تعطيل إجراءاتها.

ويرى الدكتور رؤوف عبيد بأن مكان إقامة المتهم مقصود به مسكنه المعتاد وقت ارتكاب الجريمة لا وقت المحاكمة، ولا يقصد به موطنه القانوني، وإذا تعددت أمكنة إقامته فتصح محاكمته أمام أي محكمة كان يسكن في دائرتها.

وإذا تعدد المتهمون في الدعوى، وأقام أحدهم في مكان معين يختلف عن المكان الذي يقيم فيه غيره من المتهمين، تمشياً مع مبدأ وحدة الدعوى الجنائية وعدم تجزئتها، فإن الاختصاص فى قضايا المخدرات بالنسبة لسائر المتهمين ينعقد صحيحاً في المكان الذي يقيم فيه أحدهم.

3– اختصاص المحكمة بمكان القبض على المتهم فى قضايا المخدرات :

قلنا إن مكان وقوع الجريمة فى قضايا المخدرات هو الأصل في الاختصاص، ذلك أن المكان الذي تقع فيه الجريمة هو الذي يتحدد به الاختصاص الطبيعي عادة. ويجوز أن تتخذ الإجراءات الجنائية في المكان الذي يقبض فيه على المتهم، لأنه قد يكون من الميسور فيه جمع الأدلة التي تتعلق بالدعوى أو بشخص المتهم،،،،

كما أنه قد يكون من مصلحة العدالة محاكمته في مكان ضبطه فى قضايا المخدرات إعمالا للسرعة الواجبة في الإجراءات الجنائية وعدم تحميل الدولة مصروفات نقله ومن هنا جعل المشرع محكمة المكان الذي يقبض على المتهم فيه مختصة كذلك بجريمته، وهذه المحكمة هي التي ينعقد لها وحدها الاختصاص إذا كان مكان إرتكاب الجريمة غير معين،

وكان محل إقامة المتهم مجهولاً ذلك أن مكان ضبط المتهم تظهر أهميته في الاختصاص إذا تعذر تحديد مكان وقوع الجريمة، وكذلك إذا لم يكن للمتهم محل إقامة معروف، وهي كذلك التي تفضل سلطات الإتهام إقامة الدعوى أمامها إذا كانت الجريمة بسيطة، فلم تكن الإجراءات في شأنها تستأهل مصاريف نقل المتهم من مكان القبض عليه إلى محكمة مكان جريمته أو محكمة محل إقامته، وتحديد مكان القبض على المتهم هو فصل في مسألة موضوعية .

خامسا: الدفع بعدم الاختصاص النوعي فى قضايا المخدرات

تنص المادة (٢١٥) من قانون الإجراءات الجنائية على أن (تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة، عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد).

كما تنص المادة (۲۱٦) من قانون الإجراءات الجنائية على أن (تحكم محكمة الجنايات في كل فعل بعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس وغيرها من الجرائم الأخرى التي ينص القانون على اختصاصها بها.

ومن هذين النصين يتضح أن المشرع نظر الوقائع الجنائية على نسق واحد بل أنه فرق بينها، فمنها ما يجعل الفصل فيها يتم على درجة واحدة ومن الجرائم ما ينظر على درجتين كما أنه لم يوحد بين المحاكم فتقضي في جميع الجرائم بل منها ما يختص بنظر أنواع لا يختص بها البعض الآخر.

ويتحدد الاختصاص النوعي بحسب نوع الجريمة المرتكبة وجسامتها، ففرق المشرع بين الجنايات من ناحية والجنح والمخالفات من ناحية أخرى، واضعاً في اعتباره جسامة الجريمة، وجعل الجنايات من اختصاص محكمة الجنايات، أما الجنح والمخالفات فقد جعلها من اختصاص المحاكم الجزئية.

كما أخذ أيضاً بهذا المعيار بالنسبة لقضاء الإحالة، فالجنايات لا تحال إلى محكمة الجنايات إلا بمعرفة مستشار الإحالة بينما الجنح والمخالفات تحال إلى المحكمة الجزئية بواسطة النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو مستشار الإحالة، وحتى في إطار سلطة التحقيق اعتد المشرع بنوع الجريمة فيما يتعلق بالأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في الجناية فإنه لا يصدر إلا من رئيس النيابة.

وتحديد نوع الجريمة فى قضايا المخدرات يتوقف على طبيعتها وفقاً لما استخلصته المحكمة من وقائع الدعوى، أما وضعها القانوني الوارد بأمر الإحالة فإنه يخضع لتقدير المحكمة، فلا يكفي لاختصاص المحكمة الجزئية بالدعوى أن تكون النيابة العامة أو سلطة الإحالة قد أحالتها إليها بوصف الجنحة، بل يجب على المحكمة الجزئية إذا تبينت أن الواقعة في حقيقتها جناية أن تحكم بعدم الاختصاص.

وبذلك يتحدد الاختصاص النوعي للمحاكم فى قضايا المخدرات وفقاً لجسامة الجريمة التي رفعت بها الدعوى فى قضايا المخدرات، وقد حدد المشرع مدى جسامة الجرائم وفقاً للعقوبات المقررة لها بالقانون.

فالاختصاص النوعي فى قضايا المخدرات هو الاختصاص من حيث الواقعة أن تكون الجريمة من حيث تكييفها داخلة في اختصاص المحكمة وضابط الاختصاص النوعي هو تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات، وقد أنشأ المشرع نوعين من المحاكم تتوزع بينهما هذه الأنواع من الجرائم، المحاكم الجزئية وتختص بالمخالفات والجنح، ومحاكم الجنايات وتختص أساساً بالجنايات.

تنص المادة (٢١٥) من قانون الإجراءات الجنائية على أن تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل بعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة، عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد.

والبين من النص أن المشرع قد جعل من الاختصاص النوعي للمحاكم الجزئية فى قضايا المخدرات وهي المشكلة من قاضي واحد أن تختص بالفصل في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة وكل فعل بعد بمقتضى القانون جنحة، عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد والأحكام التي تصدر من المحكمة الجزئية في مواد المخالفات والجنح تقبل الطعن أمام المحكمة الإبتدائية مشكلة بهيئة مخالفات وجنح مستأنفة.

فإذا تبينت المحكمة الجزئية أن الواقعة المطروحة عليها جناية تعين عليها الحكم بعدم الاختصاص ، ولكن إذا رأت أن الوصف القانوني للواقعة هو جنحة أو مخالفة تعين عليها الفصل فيها حتى لو كان نظرها للجنحة مثلاً أثناء انعقادها للنظر في المخالفات، إذ لا معنى لأن يقضي بعدم الاختصاص ثم تعرض الدعوى بعد هذا على ذات القاضي بالمحكمة،

وقد خصه المشرع بالفصل في كل فعل بعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة.

كما تنص المادة (٢١٦) من قانون الإجراءات الجنائية على أن (تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس وغيرها من الجرائم الأخرى التي ينص القانون على اختصاصها بها).

والبين من النص أن المشرع قد جعل من الاختصاص النوعي لمحاكم الجنايات هي المشكلة من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف أن تختص بالفصل في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية والجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا المضرة بأفراد الناس والجنح التي قدمت إليها على إعتبار أنها جناية ثم تبين لها بعد التحقيق إنها جنحة طبقاً للمادة (۳۸۲) إجراءات جنائية،،،،

والجرائم الأخرى التي ينص القانون على اختصاصها بها، ومثالها الجنح التي تحال على محكمة الجنايات لارتباطها بجناية والأحكام التي تصدر من محكمة الجنايات لا تستأنف إنما تقبل الطعن بطريق النقض الجنائي .

وإذا كان ضابط الاختصاص النوعي هو ذاته ضابط التمييز بين الجنايات والجنح والمخالفات، فإنه يتعين عند تطبيق ضابط هذا الاختصاص الاحتكام إلى القواعد التي تحدد أسلوب تطبيق ضابط التقسيم الثلاثي للجرائم وتحسم المشاكل التي يثيرها.

فإذا اقترنت جريمة هي في أصلها جناية بعذر قانوني مخفف فصارت بذلك جنحة كان الاختصاص بها المحكمة الجنح، كاختصاص محكمة الجنح بجريمة القتل العمد التي تنص عليها المادة (۲۳۷) من قانون العقوبات ولكن إذا اقترنت الجناية بظرف مخفف أو اقترنت الجريمة التي يقررها لها القانون في الأصل عقوبة الجنحة بظرف مشدد وجوبي أو جوازي يجعل لها عقوبة الجناية، فالاختصاص بها يكون المحكمة الجنايات.

وقد يحدد المشرع حالات معينة ينص على اختصاص محكمة الجنايات فيها بنظر جرائم من نوع معين رغم أنها من الجنح، في هذه الحالة يكون الاختصاص بنظرها نوعيا لتوقفه على نوع الجريمة المرفوعة عنها الدعوى العمومية.

وإن كانت العبرة في تحديد المحكمة المختصة نوعياً هو بالوصف الذي ترفع به الدعوى، ولكن هذا التحديد الذي يقترحه الإدعاء لوصف الواقعة لا يلزم القضاء الذي يجوز له أن يحكم بعدم اختصاصه، ولا تلتزم محكمة الطعن بالوصف الذي نسبته للواقعة محكمة الدرجة الأولى واستندت إليه في تقرير اختصاصها أو نفيه، وإنما يكون لها أن تذهب في هذا الشأن مذهباً مختلفاً.

سادساً: الدفع بعدم الاختصاص الشخصي فى قضايا المخدرات

المبدأ العام في التشريع الإجرائي الحديث هو خضوع جميع الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة وأصبح لديهم قضايا المخدرات من نوع معين لذات القضاء، فلا تفرقة بين الناس تبعاً لجنسياتهم أو مراكزهم الاجتماعية من حيث الخضوع لقضاء معين، ويعد هذا المبدأ نتيجة حتمية لمبدأ المساواة بين الناس لدى القانون،،،،

ويقرر المبدأ بذلك زوال جميع الامتيازات القضائية، ويقرر إنكار الدفع بعدم الاختصاص لصفة المتهم، ولكن هذا المبدأ غير مطلق، فثمة اعتباراً لا يتعارض مع التشريع الحديث قد أملت على المشرع الاعتداد بصفة المتهم في تحديد القضاء المختص بمحاكمته.

والأصل أن لمحاكم الدولة ولاية الفصل في الوقائع الجنائية التي تقع في الجمهورية وبالنسبة إلى جميع الأشخاص الموجودين فيها، وتلك القاعدة العامة يرد عليها استثناءات.

ويتحدد الاختصاص القضائي الشخصي، إذ ينبغي أن تكون للمحكمة المطروحة عليها الدعوى ولاية الفصل فيها بالنسبة إلى شخص المتهم الماثل أمامها، أي أن تكون مختصة قانوناً بمحاكمته، لأن المشرع قد يعفي بعض الأفراد من الخضوع لمحاكم الدولة أو يجعل محاكمته أمام محكمة تشكل على نحو خاص لحكمة يريد تحقيقها.

بمعنى أنه كقاعدة عامة في المسائل الجنائية لا اعتداد بشخص المتهم أو صفته أو وضعه أو حالته، إلا أن المشرع راعى في بعض الأحوال أنه لإمكان تحقيق العدالة الجنائية لابد وأن تراعى الظروف الخاصة ببعض المتهمين حتى ييسر لهم الإجراءات التي تتفق وحالتهم الشخصية بما يكفل تطبيق الجزاء المناسب والمتلائم من ظروفهم، فتتحقق بذلك الأهداف المبتغاة من سياسة الدفاع الاجتماعي.

ومن ثم يتحدد الاختصاص الشخصي بالنظر إلى الحالة الشخصية للمتهم، ويتحقق ذلك بالنظر إلى سن المتهم أو وظيفته أو غير ذلك من عناصر الشخصية، وعلة ذلك في القوانين الحديثة هي ما تقتضيه هذه الحالة الشخصية من إجراءات خاصة، لإعطاء المتهمين نوعاً من المزايا، وإنما من أجل تحقيق محاكمة عادلة قادرة على أن توقع الجزاء الجنائي الملائم الشخصية المحكوم عليه، وهو من مستلزمات السياسة الجنائية الحديثة.

ويمكن القول بأن تختص المحاكم الجنائية العادية بنظر كل دعوى عن جريمة وقعت في مصر من مصريين أو أجانب طبقاً لقاعدة إقليمية للقوانين الجنائية، إلا أنه يراعى استثناء بعض الهيئات وبعض طوائف المتهمين مرجعها قوانين خاصة.

سابعا: الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم تسبيبه فى قضايا المخدرات

تسبيب أمر التفتيش:

نصت المادة (٤٤) من الدستور المصري الصادر سنة ١٩٧١ على أنه لا يجوز دخول المساكن ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون. ولهذا نصت المادة (٩١/٢) إجراءات بعد تعديلها بالقانون رقم ٣٧ لسنة ۱۹۷۲ على أنه في كل الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً.

وهذا التسبيب ضمان لتوافر العناصر الواقعية التي يتوافر بها سبب التفتيش بالمعنى الذي حددناه فيما تقدم. فهو على هذا النحو يضمن جدية اتخاذ هذا الإجراء ويحول دون الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين دون موجب أو اقتضاء.

على أنه لا يشرط أن تكون الأسباب مفصلة مسهبة بل يكفي أن تكشف عن جدية الأمر وأنه صدر بناء على تمحيص للوقائع التي تبرر إصداره. وهو أمر يقدره المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع.

ولا يشترط هذا التسبيب بالنسبة إلى أمر تفتيش الشخص. وغني عن البيان أن إشتراط تسبيب أمر التفتيش يعني ضمناً وجوب أن يكون هذا الأمر مكتوباً.

 

ثامنا: الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات للتعسف في تنفيذه 

تتعلق القواعد الخاصة بتنفيذ التفتيش فى قضايا المخدرات بتحديد من يجوز له إجراؤه وبيان الأشياء التي يستهدف التفتيش البحث عنها، واشتراط حضور أشخاص معينين إجراء التفتيش؛ والقواعد الخاصة بضبط الأشياء التي يسفر التفتيش عن العثور عليها.

من يجوز له إجراء التفتيش فى قضايا المخدرات ؟

لا يجوز فى قضايا المخدرات أن يفتش المسكن إلا مأمور الضبط القضائي، فلم يخول الشارع الرجال السلطة العامة الذين ليست لهم صفة الضبط القضائي إجراء التفتيش فى قضايا المخدرات . ويعلل ذلك بخطورة التفتيش، والحرص على أن يجريه شخص تتوافر فيه ضمانات كافية.

ولكن يجوز طبقاً للقواعد العامة أن يجريه مساعد مأمور الضبط القضائي طالما أن ذلك يجري بإشرافه المباشر.

ولـــم يقيد الشارع مأمور الضبط القضائي بكيفية أو أسلوب معين لإجراء التفتيش فى قضايا المخدرات ، وإنما ترك ذلك لمحض فطنته، وما يراه أدنى إلى تحقيق غرض التفتيش في ضبط أشياء معينة. وكل ما ألزمه القانون به هو ألا يلتجئ في تنفيذ التفتيش إلى عمل يخالف القانون في نصوصه أو مبادئه العامة.

الأشياء التي يستهدف التفتيش و البحث عنها فى قضايا المخدرات :

حددت هذه الأشياء المادة (٥٠) من قانون الإجراءات الجنائية في قولها: (لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الإستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها، ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها).

ويقرر الشارع في هذا النص مبدأ تخصص التفتيش بجريمة معينة، هي التي يجري في شأنها الإستدلال أو التحقيق.

وعلة هذا المبدأ أن التفتيش إجراء من إجراءات دعوى جنائية يحددها نشوؤها عن جريمة معينة، ومن ثم ينبغي أن ينحصر اتجاهه فيما يفيد في كشف الحقيقة في شأن هذه الجريمة.

وتطبيقا لذلك، يجب على مأمور الضبط القضائي أن يستهدف بالتفتيش الذي يجريه ضبط الأشياء المتعلقة بهذه الجريمة؛ أما إذا استهدف البحث عن أشياء تتعلق بجريمة مختلفة فعثر عليها ثم ضبطها كان ضبطها باطلاً: فإذا فتش مأمور الضبط القضائي مسكناً في شأن جريمة سرقة بقرة أو حيازة تماثيل أثرية غير مرخص بحيازتها ففتح درجاً صغيراً عثر فيه على مادة مخدرة، أو وضع يده في جيب سترة حائز البيت فعثر فيه على نقود مزيفة، كان ضبط المخدر أو النقود المزيفة باطلاً.

ويتصل بذلك أنه إذا حقق التفتيش غرضه تعين إنهاؤه، فإذا استمر فيه مع ذلك مأمور الضبط القضائي فعشر على شيء تعد حيازته جريمة فضبطه كان ضبطه باطلاً.

ولكن إذا كشف مأمور الضبط القضائي أثناء إجرائه التفتيش وجود شيء تعد حيازته جريمة، وكان ذلك عرضا ودون بحث خاص يستهدف هذا الشيء، فإن ضبطه له يكون صحيحاً، ذلك أنه لم يتعسف في تنفيذ التفتيش، إذ لم يتحول به عن غرضه.

وتطبيقا لذلك، فإنه إذا أجرى مأمور الضبط القضائي التفتيش للبحث عن سلاح غير مرخص به أو لضبط مال مسروق فعثر عرضاً في الخزانة أو الدولاب أو الكيس الذي فتحه للبحث عن ذلك على مادة مخدرة، كان ضبطه لها صحيحاً. وتطبيقاً للقواعد السابقة، فقد نصت المادة (٥٢) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:

(إذا وجدت في منزل المتهم أوراق مختومة أو مغلقة بأية طريقة أخرى فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفضها). فله أن يضبط هذه الأوراق، ولكن لا يجوز له أن يفضها، وإنما الاختصاص بفضها والاطلاع عليها هو السلطة التحقيق وقد يتبين بالاطلاع عليها ارتكاب جريمة.

تفتيش المتهم أو شخص أثناء تفتيش المسكن فى قضايا المخدرات :

نصت (المادة ٤٩ من قانون الإجراءات الجنائية) على أنه : (إذا قامت أثناء تفتيش منزل منها قرائن قوية ضد المتهم أو شخص موجود فيه على أنه يخفى معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة جاز المأمور الضبط القضائي أن يفتشه).

يقرر هذا النص حالة خاصة لتفتيش الأشخاص فى قضايا المخدرات ترتبط بتفتيش المساكن وتعتبر أثراً له فإذا أجرى مأمور الضبط القضائي تفتيش المسكن وفقاً للقانون، ثم قامت لديه أثناء التفتيش قرائن قوية ضد المتهم الموجود في المنزل أو شخص سواه موجود به كذلك على أنه يخفي شيئا يفيد في كشف الحقيقة كان له أن يفتشه.

وحالات تفتيش مأمور الضبط القضائي للمسكن فى قضايا المخدرات يدخل فيها التفتيش بالرضاء ،والتفتيش بناء على الندب والقرائن القوية على إخفاء شيء يفيد في كشف الحقيقة هي الأمارات التي سبق تحديد مدلولها، ويختص بتقديرها مأمور الضبط القضائي، وتراقبه في تقديره النيابة العامة ثم محكمة الموضوع، ومن أمثلتها محاولة ذلك الشخص الفرار، أو محاولته إلقاء أو إخفاء شيء يحمله في يده، أو انتفاخ ملابسه.

إجراءات تنفيذ التفتيش فى قضايا المخدرات :

وضع الشارع إجراءات لتنفيذ التفتيش هدف بها إلى التنسيق بين اعتبارين: تمكين مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات من توجيه التفتيش إلى غرضه في ضبط الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة؛ وحصر المساس بحرمة المسكن الذي يجري فيه التفتيش في النطاق الذي يقتضيه تحقيق غرضه؛ وبعض هذه القواعد نص القانون عليها، وبعضها يستخلص من مبادئه العامة.

ولمأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات أن يتذرع بالحيلة أو القوة لدخول المسكن إذا رفض حائزه السماح له بذلك. وله أن يأمر حائز المسكن وجميع من فيه بعدم مغادرته أو عدم التحرك أو عدم تغيير الأوضاع المادية به، وذلك حتى يتم تفتيشه على النحو الذي يتحقق به غرضه، ولا يعد هذا الأمر قبضاً، وإنما هو مجرد إجراء تحفظي الهدف منه إتاحة الظروف المادية لإجراء التفتيش.

(ولمأمور الضبط القضائي أن يضعوا الأختام على الأماكن التي بها آثار أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة، ولهم أن يقيموا حراساً عليها، ويجب عليهم إخطار النيابة العامة بذلك في الحال، وعلى النيابة إذا ما رأت ضرورة ذلك الإجراء أن ترفع الأمر إلى القاضي الجزئي لإقراره) (المادة ٥٣ من قانون الإجراءات الجنائية).

وهذا الإجراء تحفظي ومؤقت وموضوعه العقارات التي بها آثاراً أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة، وهدفه الاحتياط لكيلا تضيع هذه الآثار. ويفترض هذا الإجراء أحد أمرين: إما أنه لا يستطاع مادياً نقل هذه الآثار، وإما أن مأمور الضبط القضائي ليست له السلطة في ذلك. ويلتزم مأمور الضبط القضائي الذي اتخذ هذا الإجراء بإخطار النيابة العامة فوراً.

فإذا رأت له مبرراً سعت إلى إقراره بطلب تتقدم به إلى القاضي الجزئي. وقد خول الشارع حائز العقار الذي اتخذ هذا الإجراء بالنسبة له أن يتظلم منه إلى القاضي الذي أصدره بعريضة يقدمها إلى النيابة العامة التي يتعين عليها أن ترفع إلى القاضي هذا التظلم فوراً (المادة ٥٤) من قانون الإجراءات الجنائية.

وفي سبيل الحرص على حصر خرق حرمة المسكن في أضيق نطاق نصت المادة ٥٢ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: (إذا وجدت في منزل المتهم أوراق مختومة أو مغلقة بأية طريقة أخرى، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفضها).

ويقرر الشارع بذلك حرمة خاصة للأوراق المغلقة أو المختومة فى قضايا المخدرات ، إذ قد تحوي أسراراً على جانب من الأهمية، وقد يكون ذيوعها في نطاق واسع مصدر ضرر لا تقتضيه مصلحة الاستدلال أو التحقيق: فلمأمور الضبط القضائي أن يضبط هذه الأوراق، ولكن ليس له أن يفضها ويطلع عليها، وإنما عليه أن يسلمها إلى سلطة التحقيق التي يحق لها وحدها الإطلاع عليها (المادة ۹۷ من قانون الإجراءات الجنائية).

وحرصاً على تفادي تعسف مأمور الضبط القضائي في إجرائه التفتيش فى قضايا المخدرات ، فقد نصت المادة ٥١ من قانون الإجراءات الجنائية على أن: يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا فيجب أن يكون بحضور الشاهدين، ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، ويثبت ذلك في المحضر».

وهدف هذا النص كما قدمنا هو الاحتياط لتفادي التعسف، إذ أن مأمور الضبط القضائي يتردد في التعسف إذا كان يجري التفتيش في حضور المتهم أو نائبه، أو شاهدين. وإغفال هذا الإجراء يترتب عليه البطلان النسبي للتفتيش.

أحكام محكمة النقض فى قضايا المخدرات

أولاً: بالنسبة للأشياء التي يستهدف التفتيش البحث عنها فى قضايا المخدرات قضت محكمة النقض بأنه:

١- إذا كان لرجل الضبطية القضائية أن يفتش عن سلاح، فانه له أن يضبط كل جريمة تظهر له عرضاً في أثناء تفتيشه عن السلاح دون سعي من جانبه في إجراء التفتيش بحثاً عن هذه الجريمة التي لم يؤذن بالتفتيش من أجلها، فإذا هو تجاوز عن هذه الحدود وفتش لغير الغاية التي أبيح له التفتيش من أجلها كان عمله باطل.

فإذا كان الثابت بالحكم أن الضابط الذي كان يفتش عن سلاح قرر أنه مجرد أن امسك بمحفظة المتهم شم رائحة الأفيون تنبعث منها ففتشها، فهذا معناه أن تفتيشه الحافظة لم يكن مبنياً على أنه اشتبه في وجود شيء مما يبحث عنه وإنما فتشه لأنه اكتشف الأفيون بها.

وإذن فإذا كانت محكمة الموضوع قد اعتدت في إجازة التفتيش على حق الضابط في البحث عن السلاح الذي كان يبحث عنه، فإنه كان عليها أن تقول كلمتها فيما دفع به المتهم من أن التفتيش كان بقصد ضبط المخدر لا البحث عن السلاح، لا أن تكتفي في القول بصحته على حق الضابط في التفتيش عن السلاح، وهذا منها قصور يستوجب نقض حكمها.

(نقض ٢٧/١١/١٩٥٠المجموعة الرسمية س ٤٢ رقم ٤٠ ص ٦٨)

2-إذا كان البين من الحكم أن المحكمة ألمت بالظروف والملابسات التي ضبط فيها المخدر واطمأنت إلى أن ضبطه قد وقع في أثناء التفتيش عن الأسلحة والذخائر ولم يكن نتيجة سعي رجل الضبط القضائي للبحث عن جريمة إحراز المخدر فى قضايا المخدرات وإنما كان عرضا ونتيجة لما يقتضيه البحث عن الأخيرة، فلا يصح في مجادلتها فيما خلصت إليه من ذلك. ومن ثم يكون الضبط قد وقع صحيحا في القانون.

(نقض ١١/٥/١٩٦٥س ١٦ ص ٤٥٢)

3-إذا كان ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى مفيداً أن دخول ضابط المباحث المقهى إنما كان بسبب ما شاهده من وجود أشخاص يلعبون الورق، وأنه لما دخل رأى عرضاً ومصادفة زجاجة بها بعض الخمر في مكان البيع من هذا المحل الممنوع بيع الخمر فيه بمقتضى القانون فإن هذه الجريمة الأخيرة تكون في حالة تلبس بغض النظر عن أن الضابط لم يشاهد بيعاً، إذ لا يشترط في التلبس أن يثبت أن الواقعة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة فيها عناصر الجريمة.

وإذن يكون للضابط أن يجري التفتيش وأن يضع يده على ما يجده في طريقه أثناء عملية التفتيش سواء في ذلك ما يكون متعلقا بالجريمة التي يعمل على كشف حقيقة أمرها أو بأية جريمة أخرى لم تكن محل بحث وقتئذ، فإذا هو عثر في هذه الأثناء على مخدر كان للمحكمة أن تعتمد على ذلك في إدانة المتهم بإحرازه.

(نقض ١٤/٣/١٩٥٠مج س ١ رقم ١٧٣ ص ٣٩٦)

 

ثانياً: بالنسبة لكيفية تنفيذ إذن التفتيش فى قضايا المخدرات قضت محكمة النقض بانه : –

1-متى استبانت المحكمة من وقائع الدعوى ومن عبارة إذن التفتيش أن من أذن به لم يقصد أن يقوم بتنفيذه واحد معين بالذات بل هو أصدره مرسلاً دون تعيين مكان لكل واحد من مأموري الضبطية القضائية أن ينفذه.

(نقض ٢/٢/١٩٤٨ مجموعة القواعد القانونية ج ٧ ق ٥٢٥ ص ٤٨٦)

2 – لا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي ما دام الإذن لم يعين مأمورا بعينه، والقضاء ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تعيين من يقوم بتنفيذه خطأ في تطبيق القانون.

(نقض جلسة ٢٢/٥/١٩٧٢س ۲۳ ق ۱۷۷ ص ٧٨٦)

3- التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق فى قضايا المخدرات ، فمن حق النيابة العمومية أن تتولى بنفسها تفتيش مسكن المتهم وشخصه وأمتعته.

(نقض جلسة ٨/١٠/١٩٥١س ٣ ق ٧ ص ١٣)

4- الأصل أنه لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب.

(نقض جلسة ١٦/٦/١٩٦٩ص ۲۰ ق ۱۷۸ ص ۸۹)

5 – لمأموري الضبط القضائي إذا ما صدر إليهم إذن من النيابة بالتفتيش أن يتخذوا لتنفيذه ما يرونه كفيلاً بتحقيق الغرض منه دون أن يلتزموا في ذلك طريقة بعينها ما دام لا يخرجون في إجراءاتهم على القانون، ومن ثم فإن التفتيش فى قضايا المخدرات الذي يقع تنفيذاً لإذن النيابة يكون صحيحاً إذا قام واحد به من المندوبين له ما دام أن قيام من أذن لهم به معاً ليس شرطاً لازماً لصحته.

(نقض جلسة٢٩/٥/١٩٧٢س ۲۳ ق ۱۷۸ ص ۸۳۰)

ثالثا: بالنسبة لضمانات عدم التعسف في التفتيش فى قضايا المخدرات قضت محكمة النقض بأن:

1- مجال تطبيق المادة (٥١) إجراءات جنائية هو عند دخول مأموري الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم القانون فيها ذلك، أما التفتيش فى قضايا المخدرات الذي يقومون به بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فتسري عليه أحكام المواد (۹۲ و۱۹۹ و۲۰۰) من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك.

(نقض جلسة ١٩/٦/١٩٧٢س ۲۳ ق ۲۰۹ ص ٩٣٦)

2-من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان، ذلك أن القانون لم يجعل حضور المتهم التفتيش الذي يجري في مسكنه شرطاً جوهرياً لصحته، ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون.

(نقض جلسة ٥/٩٦/١٩٧٧س ٢٨ ق ١٤٥ ص ٦٩١)

3- لم يجعل القانون حضور المتهم شرطاً جوهريا لصحة التفتيش في أحوال لتلبس.

(نقض جلسة ٩/١٢/١٩٧٣س ٢٤ ق ۲۹۹ ص ۱۱۷۷)

4-إن التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه قانوناً بطلانه، فإن حضور المتهم التفتيش الذي يجربه في مسكنه، وإن كان واجباً حين تسمح به مقتضيات التحقيق وظروفه نظراً لما فيه من زيادة ثقة في الإجراء وما يتبعه من فرص المواجهة وما إلى ذلك. لم يجعله القانون شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش.

(نقض جلسة ٨/١٢/١٩٤٧مجموعة القواعد القانونية ج ٧ ق ٤٤٧ ص ٤١٥)

5- حصول التفتيش بحضور شاهدين إعمالاً لنص المادة (٥١) إجراءات جنائية لا يكون إلا في حالة غياب المتهم.

(نقض جلسة ٩/٢/١٩٦٠س ۱۱ ق ۳۲ ص ١٥٨)

6– خرج المشرع على قاعدة سرية إجراءات التحقيق بالنسبة إلى تفتيش المنازل فنص في المادة (٥١) إجراءات جنائية على أن يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين، ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين.

(نقض جلسة ٩/١١/١٩٥٩ص ۱۰ ق ۱۸۳ ص ٨٥٧)

7-النص في المادة (٥١) إجراءات على حصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه كلما أمكن ذلك وإلا بحضور شاهدين مجال تطبيقه دخول مأموري الضبط القضائي المنازل وتفتيشها وفقاً للمادة (٤٧) إجراءات الحكم بعدم دستورية المادة (٤٧) إجراءات أثره ورود المادة (٥١) من القانون ذاته على غير محل حضور المتهم أو من ينيبه عنه شاهدين ليس شرطاً لصحة التفتيش الذي يجري في مسكنه.

(الطعن رقم ١٩٦١٥ لسنة ٦٢ ق جلسة ٢٦/٩/١٩٩٤)

الدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس فى قضايا المخدرات

القبض على إنسان ولو لمدة ساعات قليلة إجراء خطير لما فيه من اعتداء على حريته الشخصية. وهو من إجراءات التحقق لا الاستدلال. لذا لا يكون بحسب الأصل إلا بأمر من سلطات التحقيق دون غيرها (راجع المواد من 40 إلى 43).

وكان قانون الإجراءات الجنائية في المادة (34) قبل تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972يتوسع في حالات القبض بمعرفة مأموري الضبط القضائي أسوة بقانون تحقيق الجنايات الملغي، فكانت هذه المادة تشمل حالات يجوز فيها القبض عند توافر التلبس بالجريمة. وحالات أخرى يجوز فيها القبض بغير تلبس.

ولكن بعد صدور دستور سنة 1971 بما نص عليه في المادة 41 منه رؤي قصر القبض القانوني بمعرفة مأموري الضبط القضائي من غير أعضاء النيابة على حالات التلبس وحدها، فنصت المادة (34) معدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 على أنه “لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو بالجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه”.

ثم أردفت المادة (35) معدلة بنفس القانون قائلة إنه: “إذا لم يكن المتهم حاضراً في الأحوال المبنية السابقة جاز لمأموري الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره، ويذكر ذلك في المحضر.

وفي غير الأحوال المبنية في المادة السابقة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة بالقوة والعنف جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يطلب فوراً من النيابة أن تصدر أمراً بالقبض عليه.

وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد المحضرين أو بواسطة رجال السلطة العامة”.

ولتفهم مراد الشارع من هاتين المادتين خصوصاً بعد التعديل العام الذي لحقها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 الخاص “بضمن حريات المواطنين في القوانين القائمة” ينبغي الكلام ابتداء في مدلول القبض كما استقر في بلادنا.

ثم في التمييز بين القبض وإجراء آخر قد يلتبس به وهو الاستيقاف الذي ينبغي أن يدخل في إطار الإجراءات التحفظية المناسبة التي تحدثت عنها المادة (35) بعد تعديلها. والتي يجوز اتخاذها في الجرائم المبينة بها. عند توافر الدلائل الكافية على نسبة وقوعها إلى المتهم.

تعريف القبض :

القبض على متهم عبارة عن حجزه لفترة من الوقت لمنعه من الفرار، وتمهيداً لسماع أقواله بمعرفة الجهة المختصة. وقد عرفته محكمة النقض بأنه “عبارة عن مجموعة احتياطات وقتية صرف للتحقق من شخصية المتهم وإجراء التحقيق الأولى.

وهي احتياطات متعلقة بحجز المتهمين ووضعهن في أي محل كان تحت تصرف البوليس لمدة بضع ساعات كافية لجمع الاستدلالات التي يمكن أن يستنتج منها لزوم توقيع الحبس الاحتياطي، وصحته قانونا” كما عرفته بقولها أنه “إمساك المقبوض عليه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول دون أن يتعلق الأمر على قضاء فترة زمنية معينة”

وبذلك يكون القبض غير الحبس الاحتياطي، لأن هذا الأخير يكون لسؤاله مثلاً عن اسمه وعنوانه ووجهنه، وهو أـمر مباح لرجال الحفظ عند الشك في أمر عابر سبيل.

وله شروط ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي – على حد تعبير محكمة النقض – أن يضع الشخص نفيه طواعية منه واختياراً في موضع الشبهات والريب، وأن ينبئ هذا الوضع عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته.

وهو عمل لا يتنافى مع طبائع الأمور ولا يؤدي إلى ما يتطلب القبض من مظاهر تبرره. فإن الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساسا في القانون فهو باطل.

لذا قضى أكثر من مرة بأنه إذا استوقف رجل الحفظ شخصاً لما رابه من أمره، ولما يعلمه من حيازته مخدراً، فألقى هذا الأخير ما معه من مادة مخدرة على الفور فليس في ذلك ما يمكن من عده من إجراءات القبض أو التفتيش الباطل قبل ظهور المخدرـ بل تكون الحالة حالة تلبس صحيحة.

كما قضى بأن استيقاف الدورية الليلية لأشخاص سائرين على الأقدام في الليل انحرفوا عنم خط سيرهم العادي بمجرد رؤية أفراد الدورية، وظهروا أمامهم بمظهر الريبة مما يستوجب الإيقاف للتحري عن أمرهم، لا يعد قبضاً.

وأنه إذا كان الثابت من الحكم أن المتهم أسرع بوضع ما يشبه علبة “الصفيح” في فمه بمجرد رؤية المخبر، ومضغها بأسنانه محاولاً ابتلاعها، فإنه يكون قد وضع نفسه بإرادته واختياره موضع الريب والشبهات مما يبرر لرجال السلطة استيقافه للكشف عن حقيقة أمره.

وكذلك الشأن أيضاً في استيقاف ضابط الشرطة لعابر سبيل لطلب البطاقة منه لاستكناه أمره، فإنه يعد استيقافاً لا قبضاً. ويكون تخلي المتهم بعد ذلك عن الكيس الذي انفرط وظهر ما به من مخدر قد تم طواعية واختياراً، بما يوفر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش.

وكذاك الشـأن أيضاً في استيقاف سيارة وفتح بابها بحثاً عن محكوم عليه فار من وجه العدالة فإنه لا يعد تفتيشاً، بل أمراً داخلاً في نطاق تنفيذ المهمة التي كلف المخبر بها والتي تبيح له استيقاف السيارة كما قضى حديثاً بأن ملاحقة المتهم أثر فراره لاستكناه أمره بعد استيقافاً.

كما توسعا محكمة النقض في تطبيقات الاستيقاف في بعض أحكام لها، فذهبت إلى أن الاستيقاف متى توافرت مبرراته يسمح لرجال الحفظ – ولو من غير مأموري الضبط القضائي – باصطحاب المتهم الذي وضع نفسه موضع الريبة والظن اختياراً إلى قسم البوليس لاستيضاحه والتحري عن أمره. وأن ذلك لا يعد قبضاً

لذا قضت مثلاً بأنه متى كان رجل البوليس باعتباره من رجال السلطة العامة قد أيقن بحق، لظروف الحادث وملابساته، أن من واجبه، أن من واجبه أن يستوقف المتهم ويتحري أمره، فلما أثارت شبهته فيه رأى أن يستصحبه إلى قسم البوليس، واعترف المتهم أمام الضابط بأن ما في الحقيبة ليس مملوكاً له فقام بتفتيشه،

فإن الدفع ببطلان التفتيش لا يكون له محل كما ذهبا إلى أن ما قام به رجال الهجانة من اقتياد السيارة التي كان يركبها المتهم وبها هذا الأخير إلى نقطة البوليس، بعد هروب راكبين منهت يحملان سلاحاً نارياً في وقت متأخر من الليل، لا يعدو أن يكون من صور الاستيقاف اقتضته بادئ الأمر ملابسات جدية هي سير السيارة بغير نور فلا يرقى إلى مرتبة القبض وكذل الشأن إذا كان المتهم يسير بسيارته مخالفاً اللوائح بسيره في شوارع المدينة بسرعة أكبر مما يستلزمه حسن القيادة في مثل هذه الظروف، فإن استيقاف السيارة لاتخاذ ما يلزم بشأنها يكون صحيحاً.

أما إذا وقع الاستيقاف دون توافر شروطه، وهو أن يضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع شبهة أو ريبة ظاهرة بما يستلزم تدخل رجال السلطة للكشف عن حقيقة الأمر، فهو يكون باطلاً لا سند له في القانون، لا يوصف استيقافاً ولا بوصفه قبضاً، لأن القبض يتطلب – من باب أولى – توافر مبرراته على ما سيرد فيما بعد. وتقدير توافر هذه المبررات أو انتفاءها من اختصاص قاضي الموضوع الذي يستقل به ما دام لاستنتاجه وجه يسوغه.

لكن محكمة النقض عادت بعد ذلك وقضت بأنه إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن مخبرين من قوة الشرطة اشتبها في أمر المتهم الذي كان جالساً على مقعد برصيف المحطة، وبجواره حقيبتان جديدتان من الجلد سألاه عن صاحبهما وعما تحويانه فتردد في قوله،

وحينئذ قويت لديهما الشبهة في أمره، فضبطا الحقيبتين واقتاداه إلى مكتب الضبط القضائي الذي فتح الحقيبتين فوجد بإحداهما ثلاث بنادق صغيرة وبالأخرى طلقات نارية. فإن ما أتاه رجلا الشرطة – وهما ليس من مأموري الضبط القضائي – على تلك الصورة إنما هو القبض بمعناه القانوني الذي لا تجيزه المادة (34) إجراءات إلا لرجال الضبط القضائي.

فإذا كان الحكم قد اعتبر أن ما وقع من رجال الشرطة ليس قبضاً على الرغم مما انطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون على وجهه الصحيح، ويكون ما أسفر عنه تفتيش الحقيبتين باطلاً كذلك، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قاموا بهذين الإجراءين الباطلين، مما يتعين معه نقض الحكم وبراءة المتهم ومصادرة الأسلحة والذخيرة المضبوطة.

كما ذهب الحكم إلى أن الاستيقاف قانوناً لا يعدو أن يكون مجرد إيقاف إنسان وضع نفسه موضع الريبة في سبيل التعرف على شخصيته. وهو مشروط بألا تتضمن إجراءاته تعرضاً مادياً للمتحرى عنه يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو اعتداء عليها. وبالتالي أبطلت محكمة النقض هذا الإجراء وما أعقبه من تفتيش المتهم.

الفرق بين القبض والاستيقاف

الإستيقاف يختلف عن القبض من جملة نواح :

أولاهما: أنه يجوز إجراءه بمعرفة أي شخص من رجال السلطة العامة لو لم يكن من رجال الضبط القضائي، حين لا يجوز القبض – بمعناه الفني الدقيق – إلا من رجال الضبط القضائي وحدهم.

وثانيها: أنه لا يشترط فيه التلبس اللازم – لإمكان القبض الصحيح، بل يجوز عند الاشتباه في توافر أية جناية أو جنحة.

وثالثها: أنه لا يجيز بذاته تفتيش شخص المتهم، على عكس القبض القانوني الصحيح الذي يجيز بذاته هذا التفتيش.

ورابعها: أنه لا يعد كالقبض من إجراءات التحقيق بمعناه الضيق، فهو أدى إلى أن يكون من إجراءات الاستدلال أو حفظ الأمن التي يملكها رجال السلطة العامة. ويمكن اعتباره أيضاً من الإجراءات التحفظية المناسبة التي أشارت إليها المادة (35/2) بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972.

وخامسها: أنه إذا كان القبض يبيح احتجاز المتهم لمدة لا تتجاوز 24 ساعة بمعرفة رجال الضبط القضائي، فإن الاستيقاف لا يبيح – على أوسع الآراء – أكثر من اصطحاب المتهم المشتبه به إلى أقرب مأموري الضبط القضائي للتثبت من شأنه ولاستيضاحه.

وتوسع بعض أحكام النقض في أحوال الاستيقاف قصد به – على الأرجح – تمكين رجال السلطة العامة من ضبط كثير من الجرائم التي تنبني عنها شبهات قوية ظاهرة.

ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ولا تحت إشرافهم المباشر. لكن يخشى أن يؤدي هذا التوسع – في نهاية المطاف – إلى إهدار ضمانات القبض، بما يتضمنه من مساس بحرمة الأشخاص التي كفلتها الدساتير كافة، وبما يتجاوز مراد الشارع الإجرائي من تعيين شروطه وأحواله تعييناً محدداً يتجاوز مراد الشارع الإجرائي من تعيين شروطه وأحواله تعييناً محدداً صريحاً في المادتين (34، 35)،

خصوصاً وأن سلطة الاستيقاف أصبحت تسمح – في ضوء هذا الاتجاه المتوسع – باصطحاب المتهم إلى قسم الشرطة، أي أنها أصبحت تقارب في جوهرها سلطة القبض القانوني، فيما خلا بعض آثار طفيفة لا تزال تفرق بين الأمرين على النحو الذي بيناه.

والأمر الذي قد يصدر من مأمور الضبط القضائي لأشخاص موجودين في مكان ما بعدم التحرك هو إجراء تنظيمي يقصد به أن يستقر النظام في المكان الذي يدخله حتى تتم المهمة التي حضر من أجلها، كأن تكون قبضاً على متهم أو تفتيشاً للمكان، أو تفقداً لحالة الأمن أو للبحث عن المحكوم عليهم والمشبوهين وهو على هذا النحو لا يعد قبضاً ولا استيقافاً،

فلا يتطلب حتى توافر دلائل كافية قبل الأشخاص الموجودين في هذا المكان. ولا تجيز مخالفته بذاتها القبض ولا التفتيش، ما لم تنشأ حالة تلبس بارتكاب الجريمة، أو بالأقل ظهور دلائل كافية مما يبيح طلب القبض على شخص المتهم طبقاً للمادة 35، ثم تفتيشه طبقاً للمادة 46.

القبض على المتهم الحاضر :

لا شك أن القبض على المتهم هو أهم الإجراءات التي يملكها مأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجريمة فى قضايا المخدرات . إذا أن القبض إجراء من إجراءات التحقيق وليس من إجراءات الاستدلال، فلا يملكه إلا سلطة التحقيق ولكن استثنيت حالة التلبس بنص المادة (41) من الدستور،

فنصت على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل بأمر تسلتزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص او النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي”؟

والقبض المخول لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس مشروط بأن تكون الجريمة التلبس بها جناية معاقب عليها الحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر وأن تتوافر فوق ذلك دلائل كافية على اتهام الشخص الذي يوقع عليه القبض بارتكاب هذه الجريمة.

ويلاحظ هنا أن وجود دلائل كافية على اتهام الشخص بارتكاب الجريمة فى قضايا المخدرات ، لا يعني الدلائل على اتهامه بصفته فاعلاً للجريمة فقط، بل أيضاً بصفته شريكاً فيها، لأن التلبس وصف يلحق الجريمة لا المجرم. وتقدير كفاية تلك الدلائل معقود لمأمور الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق محكمة الموضوع،

وعلى ذلك فإن التلبس بجنحة معاقب عليها بالحبس ثلاثة أشهر فأقل أو بالغرامة فقط لا يخول مأمور الضبط القضائي سلطة القبض على المتهم. وكذلك التلبس بالمخالفات لا يجيز القبض على المتهم بارتكابها. ويشترط فوق ذلك أن يكون المتهم حاضراً، أي يكون حاضراً في محل الواقعة حتى يكون في الاستطاعة القبض عليه فوراً.

نطاق المادتين (34، 35) إجراءات:

طبقاً للمادة (34) إجراءات المعدلة بالقانون 37 لسنة 1972 يجوز لمأموري الضبط القضائي القبض بنفسه على المتهم الحاضر عند توافر حالة تلبس بالجنايات أو بالجنح التي يتجاوز حدها الأقصى عقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر، والغالبية العظمى من الجنح بطبيعة الحال ينطبق عليها هذا الوصف.

وطبقاً للمادة (35) المعدلة بالقانون سالف الذكر يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة وأن يطلب فوراً من النيابة العامة بارتكاب أية جناية، أو بارتكاب جنحة سرقة، أو نصب، أو تعد شديد، أو مقاومة رجال السلطة العامة بالقوة والعنف.

ويستوي أن تكون الجناية أو الجنحة جريمة تامة أم مجرد شروع فيها بشرط أن يكون الشروع معاقباً عليه، ويستوي أن يكون الحبس وجوبياً أم جوازياً، كما يستوي أن يكون المتهم فاعلاً أصيلاً أم مجرد شريك.

ولا يجوز التعرض للمتهم في المخالفات إلا في النطاق الضيق الذي رسمته المادة (28/2)، أي عندما تكون المخالفة متلبساً بها ولا يمكن معرفة شخصية المتهم.

وهي تبيح عندئذ لرجال السلطة العامة إحضار المتهم وتسليمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي، وذلك بطبيعة الحال لمجرد التحقق من شخصيته لا لاحتجازه لمدة طالت أم قصرت، فهي لا تبيح القبض بالمعنى الدقيق المفهوم من الكلمة ولا حتى الاستيقاف إلا إذا لم يكن معرفة شخصية المتهم.

الدلائل الكافية:

التزمت المادة (35/2) توافر دلائل كافية قبل المتهم في جميع أحوال القبض، وكذلك اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة التي منها الاستيقاف. وكان قانون تحقيق الجنايات الملغي (م15) يتطلب وجود دلائل خطيرة والتعبيران لا يختلفان كثيراً، وإن كان التعبير الجديد أكثر مرونة واتساعاً.

والدلائل يقصد بها العلامات المستفادة من ظاهر الحال، دون ضرورة التعمق في تمحيصها وتقليب وجوه الرأي فيها، وهي لا ترقى إلى مرتبة الأدلة، وضعفها يقوم من استنتاجها من وقائع لا تؤدي إلى ثبوت التهمة بالضرورة ولا بحكم اللزوم العقلي.

ولا يجوز القبض على المتهم بغير توافر دلائل كافية ولو كان تمهيداً لاستصدار أمراً من النيابة بتفتيشه، وإلا كان القبض باطلاً كما لا يعد التبليغ عن الجريمة وحده من قبيل الدلائل الكافية للقبض على المتهم. إنما ينبغي أن يقوم مأمور الضبط بعمل تحريات بشأن ما اشتمل عليه التبليغ. فإذا أسفرت عن توافر الدلائل الكافية جاز له القبض على المتهم وإلا فلا.

وظهور الحيرة والارتباط على المتهم وضع يده في جيبه عندما شاهد رجلي الحفظ أمور لا تعتبر دلائل كافية على وجود اتهام مبرر للقبض عليه وكذلك مجرد كون المتهم من عائلة الشخص المطلوب القبض عليه في جناية قتل وارتباكه عند رؤيته رجال القوة وجريه عند المناداة عليه. فإنه لا يكفي لتوافر الدلائل الكافية التي تبرر القبض عليه وتفتيشه.

ولكن إذا ألقى المتهم بورقة من جيبه وهو يجري في الطريق حتى لا يقع في قبضة الضابط الذي كان يتابعه بعد أن اشتبه في أمره فإن ذلك يسبغ طلب القبض عليه طبقاً للمادة (35) إجراءات وكذلك إذا كان المتهم قد شوهد في منتصف الليل يحمل شيئاً، وما أن رأى سيارة البوليس تهدئ من سرعتها حتى قفل راجعاً يعدو بعد أن خلع حذاءه ليسهل له الجري، فإن ذلك تتوافر فيه الدلائل الكافية التي تبرر طلب القبض عليه طبقاً للقانون.

وتقدير كفاية الأدلة المسوغة لطلب القبض من شأن مأمور الضبط وعلى مسئوليته. ويكون خاضعاً لمراقبة النيابة، ومحكمة الموضوع التي لها أن تقضي بعدم كفايتها، لتبطل بالتالي الدليل المترتب على القبض الباطل.

ولا يشترط تحرير محضر بالدلائل التي تبرر طلب القبض. بل يكفي عمل تقرير بتحريات مأمور الضبط في صدد التبليغ المقدم إليه.

كفاية الدلائل شرط لكل إجراء ماس بحرمة الشخص أو المسكن:

توافر دلائل كافية قبل المتهم شرطاً لا غنى عنه لاتخاذ أي إجراء يتضمن معنى المساس بحرمة الشخص أو المسكن، وهو الأمر الذي يبرر وحده هذا الأساس، وإلا كان الإجراء تعسفياً باطلاً. ذلك أنه عندما تشير الدلائل الكافية إلى أن شخصاً معيناً قد ارتكب جناية أو جنحة معينة وقعت بالفعل، فإنه لا مناص من تضحية حق الفرد في كفالة حرمة شخصه أو مسكنه لحساب حق المجتمع في الوصول إلى الجاني وعقابه.

فالدلائل الكافية شرط لا غنى عنه لصحة استيقاف المتهمين، والقبض عليهم، أو طلب القبض، وتفتيش الأشخاص والمساكن، والحبس الاحتياطي، وفي الجملة لاتخاذ أي إجراء ماس بهم.

والدلائل وصف يشير إلى الشبهات أو العلامات الخارجية التي ينبغي أن توجه بذاتها إصبع الاتهام وتوافرها يجعل الإجراء صحيحاً، حتى ولو تبين فينا بعد أنها كانت شبهات ظالمة لا أساس لها من واقع الأمور، متى كان لها ما يبررها في ذهن الجهة التي أنرت بالإجراء، وهي التي قدرت توافرها فللمحكمة إذن أن تبطل الإجراء إذا لم تبرره دلائل كافية،

وأن تبطل بالتالي كل ما يكون قد أسفر عنه من نتائج في شأن ظهور أدلة معينة أو غيرها مراعية في ذلك أن الدلائل التي قد تبيح اتخاذ أي إجراء ماس بشخص المتهم لا يلزم أن تكون في قوة الأدلة التي تبني عليها الأحكام بالإدانة. فإن “الأعمال الإجرائية – بحسب تعبير محكمة النقض – تجري على حكم الظاهر، وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما قد يتكشف من أمر الواقع”.

فإذا توافرت الدلائل الكافية فإن إجراء القبض والتفتيش صحيح حتى إذا تبين بعد التحقيق الدقيق أن هذه الدلائل كانت في غير محلها وأنها كانت مجرد شبهات ظالمة. ولذلك قيمته العلمية إذا ظهرت عرضاً جريمة أخرى.

والدفع بانتفاء الدلائل أو بعدم كفايتها موضوعي ينبغي أن يثار ابتداء أمام محكمة الموضوع. فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، متى كان يتطلب تحقيقاً في الموضوع وبحثاً في الظروف التي سبقت الإجراء المطعون في صحته أو عاصرته.

وهو في نفس الوقت دفع جوهري ينبغي التعرض له إثباتاً أو نفياً بأسباب منطقية سائغة مستمدة من ظروف الإجراء وملابساته الثابتة في الأوراق. أما تجاهل الدفع كلية، والفصل في الدعوى في ضوء صحة الإجراء المدفوع ببطلانه لانتفاء الدلائل أو لعدم كفايتها، فهو قصور في تسبيب الحكم مبطل له، بشرط أن يكون الحكم قد استمد هذا الإجراء بالذات عنصراً أو أكثر من العناصر التي أقيم عليها القضاء في الدعوى.

متى يجوز الأمر بضبط المتهم وإحضاره:

إذا لم يكن المتهم حاضراً رغم توافر الشروط والدلائل الكافية التي تبيح القبض عليه جاز لمأمور الضبط أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ويذكر ذلك في المحضر، وينفذ هذا الأمر بوسطة أحد المحضرين أو رجال السلطة العامة (م 35) ولم ينص القانون على المدة التي قد يبغاها نافذاً الأمر بالضبط والإحضار الصادر في هذه الحالة،

حين نص على أن الأمر بالضبط والإحضار الصادر من النيابة أو من قاضي التحقيق لا يكون نافذاً بعد مضي ستة أشهر من تاريخ صدوره ما لم يعتمد لمدة أخرى (م 139/2 معدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 و 201/2) إلا أن قيد الستة الأشهر هذا يسري على أمر الضبط والإحضار الصادر من مأمور الضبط، إذ لا يمكن أن تتجاوز سلطته ما تملكه سلطات التحقيق.

والظاهر أن الأمر لا يعدو أن يكون سهواً من التشريع، أو أنه يكتفي بتحديد المدة في المادتين 139/2، 201/2 باعتبار أنها غير عامة تسري على كل أمر بالضبط والإحضار.

ماهى الاجراءات التى تتم بعد القبض فى قضايا المخدرات :

بعد القبض على المتهم يجب على المأمور الضبط أن يسمع أقواله فوراً، أي أن يثبت روايته للواقعة المسندة إليه إجمالا ودون أن يستجوبه فيها، إذ أن الاستجواب يتطلب مواجهة المتهم بالأدلة القائمة قبله، ومناقشته فيها تفصيلاً توصلاً إلى الحصول على اعترافه، وهو لا يكون إلا بمعرفة سلطات التحقيق الأصلية وطبقاً لقواعد معينة.

وإذا لم يأت المتهم بما يبرئه أمام مأمور الضبط وجب على هذا الأخير أن يرسله في مدى أربع وعشرين ساعة إلى النيابة المختصة. وهذه تجري سماع أقواله في ظرف أربع وعشرين ساعة أخرى ثم تأمر بالقبض عليه أو بإطلاق سراحه (م36).

هذا وقد أوجبت المادة (139/1) إجراءات معدلة بالقانون 37 لسنة 1972 أن يبلغ فوراً كل من يقبض عليه بأسباب القبض. ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع، والاستعانة بمحام. ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه.

وهذا النص الجديد مقتضاه ضرورة تسبيب الأمر بالقبض وإلا كان باطلاً وكان ينبغي تحديد ميعاد للتبليغ بأسباب القبض، وبالتهم الموجهة إلى المتهم. ولكن إزاء سكوت النص على هذا التحديد ينبغي القول بأن الميعاد تقديري متروك لسلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع.

وبعد أن حدد القانون نطاق القبض القانوني الصحيح في المادتين (34،35) إجراءات عاد في المادة (40) معدلة بالقانون 37 لسنة 1972، فتص على أنه “لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً”. وهذا حكم بديهي مقرر في كافة الشرائع.

وقد نصت على نفس هذا المبدأ المادة (42/1) من الدستور الدائم مقرة أن “كل مواطن يقض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته بأي قيد، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان. ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، كما لا يجوز حجزه أو حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون”.

ومن ثم ينبغي القول بأن ضمانات القبض ضمانات دستورية أحاطها الدستور الدائم بسياج خاص من الاعتبار، ولذا فإن مخالفتها ينبغي أن تؤدي إلى بطلان القبض بكل ما قد يترتب عليه من آثار، وهذا مبدأ مستقر في بلادنا منذ عهد الإصلاح القضائي في سنة 1882.

ما يترتب على بطلان القبض فى قضايا المخدرات :

يترتب على بطلان القبض على شخص المتهم بطلان محضر سماع أقواله، كذلك بطلان تفتيشه أو اعترافه الذي قد يقع تحت تأثير القبض أو التفتيش الباطلين، وأيضاً بطلان التلبس إذا أدى القبض الباطل، وبطلان الحبس الاحتياطي إذ بنى على الأدلة الباطلة.

وفي المجملة يبطل كل ما يكون قد أسفر عنه القبض الباطل من أدلة أيا كان سب البطلان، انتفاء أحوال القبض بانتفاء الدلائل الكافية في الجرائم التي عينها القانون. أو انتفاء التلبس إذا كان القبض بمقتضى المادة 34، أو انتفاء أمر سلطة التحقيق، أو بطلان هذا الأمر لعيب فيه، لمثل صدوره في غير نطاق قواعد الاختصاص العامة.

ماهى السلطة التي يجوز لها اصدار الأمر بالقبض :

نصت المادة (40) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:

“لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً”.

كما نصت المادة (41) من الدستور على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون”.

وهذا المبدأ الذي ينص عليه دستور جمهورية مصر العربية وجد صداه في قانون الإجراءات الجنائية حيث نص فيه في المادة محل التعليق على أنه “لا يجوز القيض على أي إنسام أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً”. والقاعدة في القانون أن بطلان القبض لعدم مشروعيته ينبغي عليه عدم التعويل في الأوراق على أي دليل يكون مترتباً عليه أو مستمد منه.

القبض على المتهمين وتفتيشهم :

أعطت المادة (34) لمأموري الضبط في أحوال التلبس سلطة القبض على المتهمين من غير إذن من سلطة التحقيق بأي مكان كان في حدود اختصاصهم المكاني (ومع مراعاة إمكان امتداد الاختصاص تحقيقاً لبعض الاعتبارات) مثل قاعدة أن الفرع يتبع الأصل، وفي أي وقت ما دامت حالة التلبس قائمة.

وقد أجازت هذه المادة (معدلة بالقانون 37 لسنة 1972) لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو بالجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه.

واستلزام توافر الدلائل الكافية هنا عبارة عن تحصيل حاصل باعتبار أن توافر التلبس يتضمن بذاته توافر الدلائل الكافية، وهو بطبيعته أقوى منها لأنه يقوم كما سبق القول على المشاهدة الشخصية بمعرفة نفس مأمور الضبط القضائي الذي قام بإجراء القبض. ولأنه يتطلب درجة من التثبت والظهور قد لا تتطلبها الدلائل الكافية، التي هي عبارة عن مجرد شبهات لها ما يبررها.

وفيما عدا الأحوال المنصوص عليها في المادة 9 فقرة ثانية، فإنه إذا كانت الجريمة المتلبس بها يتوقف رفع الدعوى العمومية فيها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم، إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها، ويجوز أن تكون الشكوى لمن يكون حاضراً من رجال السلطة العامة (م39).

وتنطبق هنا أيضاً المادة (35) إجراءات التي تبيح لمأموري الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبط المتهم وإحضاره إذا لم يكن حاضراً. وكذلك ما يلي القبض من الإجراءات المختلفة وهي جواز تفتيشه (م 46) وأيضاً سماع أقواله فوراً، وإذا لم يأت ما يبرئه يرسله في مدى أربع وعشرين ساعة إلى النيابة المختصة (م 36/1) ،،،

كما يجب على هذه الأخيرة أن تسمع أقواله في ظرف أربع وعشرين ساعة ثم تأمر بالقبض عليه أو بإطلاق سراحه (م 36/2) وفي الحالة الأولى ينبغي تبليغه فوراً بأسباب القبض.

كما يلزم إعلانه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه (م 139 معدلة بالقانون 37 لسنة 1972) فهذه الإجراءات اللاحقة للقبض على المتهمين بمعرفة مأموري الضبط القضائي عامة على جميع أحوال القبض، فلا تعرف شذوذاً ولا استثناء.

تسليم المتهم المتلبس فى قضايا المخدرات إلى رجال الضبط القضائي أو السلطة العامة:

أباح القانون لكل إنسان شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة – ولو كان من أحاد الناس – أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه، بشرط أن تكون الجريمة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي (م37) كما أباح المشرع لرجال السلطة العامة، ولو من غير رجال الضبط القضائي، في الجنح المتلبس بها التي يجوز فيها الحكم بالحبس أن يحضروا المتهم ويسلموه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي، وكذلك أيضاً في الجرائم الأخرى المتلبس بها إذا لم يمكن معرفة شخصية المتهم (م38)، أي ولو كانت الواقعة مخالفة.

وإحضار المتهم المتلبس لتسليمه إلى أقرب مأموري الضبط القضائي بمعرفة أحد الأفراد أو أحد رجال السلطة العامة لا يعد قبضاً بالمعنى الدقيق للكلمى لأنه لا يتضمن احتجازاً للمتهم، بل هو تعرض مادي له فحسب بالقدر اللازم لتسليمه إلى أحد رجال الضبط القضائي أو السلطة العامة، فلا يترتب بذاته آثار القبض الصحيح.

وكان بعد قضاء النقض قد ذهب أنه يجوز لمن يقبض على المتهم متلبساً بالجريمة، ولو كان فرداً من أحاد الناس، أن يفتشه تفتيشاً صحيحاً لأن التفتيش من توابع القبض. ولأن ترك المقبوض عليه بلا تفتيش قد يؤدي إلى انعدام الفائدة من القبض عليه إلا أن نص المادة (46) من قانون الإجراءات الحالي عبارته واضحة في أنه “في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه”.

وهو ما يصح أن يفسر بانصراف نية واضعه إلى تخصيص مأمور الضبط القضائي بسلطة التفتيش في هذه الحالة دون غيره من الأفراد، ويشجع على هذا التفسير الأمور الآتية:

الأول: أن هذا النص جاء بعد نص المادتين (37، 38) المتعلقتين بحق الأفراد ورجال السلطة العامة، من غير مأموري الضبط القضائي، في إحضار المتهم المتلبس وتسليمه، ولقد جاء خلواً من تقرير سلطة تفتيش المتهم لمن يفعل ذلك من الأفراد أو من رجال السلطة العامة من غير مأموري الضبط القضائي.

والثاني: أن المادة (46) هذه لا تسمح للأفراد عند تسليم الجاني المتلبس بأكثر من ضبط جسم الجريمة دون تفتيش.

والثالث: أن تسليم المتهم بعد إحضاره بمعرفة أحد الأفراد أو أحد رجال السلطة العامة من غير مأموري الضبط القضائي ليس قبضاً قانونياً كما قلنا، بل هو مجرد تعرض مادي فحسب مما لا تنصرف إليه عبارة المادة 46 التي تتحدث عن سلطة التفتيش عند القبض القانوني دون غيره.

وقصارى القول إذاً أنه ليس لرجال السلطات العامة – من غير مأموري الضبط القضائي المختصين – سلطة تفتيش المتهم المتلبس بجناية أو بجنحة لكن هذا لا ينفي أن لرجل السلطة العامة كالعسكري أو المخبر أن يحتفظ على جسم الجريمة أو السلاح المستعمل فيها الذي يكون قد شاهده مع المتهم في حالة التلبس، كما يسلمه بدوره إلى مأمور الضبط القضائي

“بشرط أن يكون هذا الجسم قد كشفت عنه حالة التلبس التي شاهدها، لا أن يكون قد سعى إلى خلق الحالة المذكورة. والقول بغير ذلك يعرض أدلة الدعوى للضياع وهو ما يتجافى ومراد الشارع”.

أحكام محكمة النقض بشأن القبض (حالاته ومبرراته وصوره) : –

1-القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حريته في التجول كمل يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.

(نقض جلسة 9/6/1969 س20 ق171 ص853)

2-من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق.

(نقض جلسة 9/4/1973 س 24 ق105 ص506)

3- المادة (34) إجراءات جنائية بعد تعديلها لا تجيز القبض على المتهم إلا في أحوال التلبس.

(نقض جلسة 10/10/1988 س39 ق140 ص420)

4-الاستدعاء الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي إبان جمع الاستدلالات ولا يتضمن تعرضاً مادياً لا يعد قبضاً.

(نقض جلسة 21/4/1980 س31 ق102 ص534)

5-من المقرر أن الأمر بعد التحرك الذي يصدره الضابط إلى الحاضرين بالمكان الذي يدخله بوجه قانوني هو إجراء قصد به أن يستقر النظام في هذا المكان حتى تتم المهمة التي حضر من أجلها.

(نقض جلسة 15/5/1977 س28 ق125 ص591)

6-لا يقدح في أن المتهم تخلى باختياره وإرادته عما في حوزته من مخدر أمر الضابط لرواد المقهى – ومن بينهم المتهم – بعدم التحرك حتى ينتهي من المهمة التي كان مكلفاً بها – وهي ضبط أحد تجار المخدرات وتفتيشه – إذ المقصود بهذا الأجراء هو مجرد المحافظة على الأمن والنظام دون تعرض لحرية المتهم أو غيره، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم من أمر الضابط بعدم التحرك يعد قبضاً بغير حق أرهبه وجعله يلقي المخدر يكون غير سديد.

(نقض جلسة 8/12/1969 س20 ق288 ص1404)

7-الأمر بعدم التحرك الذي صدر من الضابط أو من الكونستابل الذي يرافقه، إجراء قصد به أن يستقر النظام في المكان الذي دخله مأمور الضبط حتى يتم المهمة التي حضر من أجلها والتي كانت واقعة الدعوى تفقد حالة الأمن والبحث عن المحكوم عليهم والمشبوهين.

(نقض جلسة 6/2/1961 س12 ق26 ص170)

8-الأمر الذي يصدره الضابط إلى بعض رجال القوة المرافقة له بالتحفظ على أفراد أسرة المتهم المأذون بتفتيش شخصه ومنزله ومن يتواجدون معهم هو إجراء قصد به أن يستقر النظام في المكان الذي دخله مأمور الضبط حتى يتم المهمة التي حضر من أجلها على اعتبار أن هذا الإجراء هو من قبيل الإجراءات التنظيمية التي تقتضيها ظروف الحال تمكيناً له من أداء المأمورية المنوط بها.

(نقض جلسة 21/2/1966 س17 ق32 ص175)

9-حصول مفتش الأغذية في حدود الإجراءات الصحيحة على عينة من اللبن الذي شاهد الطاعن يبيعه مما يدخل في خصائص عمله فلا يعتبر قبضاً أو تفتيشاً.

(نقض جلسة 12/1/1959 س10 ق10 ص35)

10-متى كانت الواقعة كما أثبتها الحكم هي أنه عقب حصول السرقة أمر صاحب المتجر بإغلاق أبواب المحل فوراً وأعلن بين الموجودين أنه سيقوم بالتفتيش، فلما أحست المتهمة بذلك وأيقنت أن فعلتها سينكشف أمرها

الدفوع المتعلقة بالتفتيش فى قضايا المخدرات

أولا: الدفوع المتعلقة بتفتيش الأشخاص فى قضايا المخدرات

تعريف التفتيش:

تفتيش الشخص فى قضايا المخدرات يعني التنقيب عن دليل الجريمة في جسمه أو ملابسه أو ما يحمله، والأصل في تفتيش الشخص أنه عمل تحقيق، ولذلك كان الأصل أن تباشره سلطة التحقيق، وإذا حوله القانون المأمور الضبط القضائي فهو يخوله له باعتباره عمل تحقيق يختص به استثناء. وتفتيش الشخص ينطوي على مساس بحريته الشخصية وحصانة جسمه،

ولذلك حرص الدستور على إحاطته بذات الضمانات التي أحاط بها القبض (المادة٤١): فلا يجوز إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويشترط أن يصدر الأمر بذلك من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون. والأصل ارتباط تفتيش الشخص بالقبض عليه، فحيث يجوز القبض على شخص يجوز كذلك تفتيشه.

ولكن ثمة حالات أخرى للتفتيش فى قضايا المخدرات لا يرتبط فيها بالقبض، بل ولا يكون إجراء تحقيق: فقد يكون التفتيش إجراء استدلال؛ وقد يستند إلى (محض الضرورة الإجرائية)؛ وقد يكون سنده الرضاء الصريح؛ بل قد يكون سنده (الرضاء المفترض). ونرى أن نعرض لهذه الحالات جميعاً حتى نخلص إلى نظرية عامة لتفتيش الأشخاص».

ونلاحظ أن ثمة اختلافاً كبيراً بين تفتيش الأشخاص وتفتيش المساكن، فجواز أحدهما لا يعني بالضرورة جواز الآخر؛ ومع ذلك فإن بينهما ارتباطاً: فتفتيش مسكن قد ينبني عليه تفتيش شخص موجود فيه (المادة ٤٩ من قانون الإجراءات الجنائية)، ونبحث في هذه الحالة عند دراسة تفتيش المساكن.

تفتيش الشخص مرتبط بالقبض عليه:

نصت المادة (٤٦) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: (في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه) ويقرر الشارع في هذا النص قضايا المخدرات الارتباط بين مجالي القبض والتفتيش: فحيث يكون القبض على شخص جائزاً يكون تفتيشه كذلك جائزاً. ويعلل هذا الارتباط بأن التفتيش يفترض مساساً بالحرية الشخصية أقل مما يفترضه القبض: فإذا كان المساس الأكثر جائزاً فإن المساس الأقل يكون من باب أولى جائزاً).

وغنى عن البيان أن التفتيش قضايا المخدرات الذي يجيزه القانون في هذه الحالة هو التفتيش كإجراء تحقيق يستهدف التنقيب عن أدلة الجريمة،

وليس مجرد التفتيش الوقائي فى قضايا المخدرات الذي يقتصر غرضه على تجريد المقبوض عليه من شيء خطر يحمله، ذلك أن القول بقصر هذا التفتيش على التفتيش الوقائي (هو خروج بالنص من مجال التعميم الذي تدل عليه عبارته إلى نطاق التخصيص الذي لا موقع له من موضع النص ولا من صيغته التي أحال فيها بصورة مطلقة على الأحوال التي تجيز القبض قانوناً على المتهم).

ولا يقرر الشارع بهذا النص التلازم بين القبض والتفتيش، بحيث يشترط لجواز التفتيش فى قضايا المخدرات أن يكون قد سبقه، قبض، وإنما كان ما قرره هو وحدة شروطهما ومجاليهما، وتطبيقاً لذلك كان متصوراً أن يفتش شخص دون أن يقبض عليه إذا لم ير مأمور الضبط القضائي لذلك مقتضياً.

ولكن يلاحظ أن تنفيذ التفتيش فى قضايا المخدرات يقتضي الحد من حرية المتهم بالقدر اللازم لتفتيشه، وقد يعني ذلك قبضاً فعلياً اقتضاه تنفيذ التفتيش. ومؤدى ذلك أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم المتلبس بالجريمة، بل يجوز فى قضايا المخدرات تفتيش المتهم الذي صدر ضده الأمر بالضبط والإحضار، إذ أن هذا الأمر هو في حقيقته أمر بالقبض.

ويترتب على الارتباط بين القبض والتفتيش أنه إذا ثبت بطلان القبض على المتهم فى قضايا المخدرات ترتب على ذلك بالضرورة بطلان تفتيشه باعتباره أثراً له. وإذا كان جواز القبض على شخص يجيز كذلك تفتيشه، فإنه لا يجيز تفتيش مسكنه للاختلاف في شروط ومجال نوعي التفتيش.

تفتيش الأشخاص كإجراء استدلال فى قضايا المخدرات :

قد لا يكون التفتيش إجراء تحقيق يفترض جريمة ارتكبت ويستهدف التنقيب عن دليلها، وإنما يكون إجراء استدلال يستهدف مجرد التحري في شأن جريمة محتملة. ويدخل في هذا النطاق التفتيش في حالة الضرورة والتفتيش الإداري، والتفتيش المستخلص من علاقة تعاقدية تتضمن الرضاء المفترض به.

تفتيش الأشخاص في حالة الضرورة فى قضايا المخدرات :

ومثاله التفتيش الذي يجريه رجل الإسعاف إذا ما استدعى لنقل مصاب فقد الوعي في حادثة بالطريق العام، إذ يحق له أن يفتشه تحفظاً على ما قد يوجد لديه من أشياء قد تتعرض للسرقة أو الضياع، أو يكون احتفاظه خطراً عليه على سائر المرضى في المستشفى الذي سينقل إليه.

وسند هذا التفتيش حالة الضرورة التي ترتبت على فقد الوعي، ولكن هذه الحالة تتسع لغير المثال السابق. ولما كان التفتيش في حالة الضرورة إجراء مشروعاً فإنه إذا ترتب عليه معاينة جريمة، كما لو عثر رجل الإسعاف عند تفتيشه في جيوب المصاب أو حقيبته على مادة مخدرة أو سلاح غير مرخص به تحققت بذلك حالة التلبس.

التفتيش الإداري للأشخاص فى قضايا المخدرات :

نعني بالتفتيش الإداري أن يخول الشارع الموظف عام أن يفتش شخصاً في وضع معين لكي يتحرى ما إذا كان قد ارتكب جريمة ما؛ وهذا التفتيش في حقيقته أدنى إلى اختصاص الضبطية الإدارية. وأبرز أمثلة ذلك التفتيش الذي يجريه رجال مصلحة الجمارك في ملابس وحقائب من يغادرون أو يصلون إلى أرض الوطن،

والتفتيش الذي يجريه رجال مصلحة السجون استناداً إلى المادة التاسعة من قانون تنظيم السجون التي نصت على تفتيش كل مسجون عند دخوله السجن، ولما كان هذا التفتيش مشروعاً،

فإنه إذا عثر الموظف الذي خول له هذا التفتيش على شيء تعد حيازته جريمة، كما لو عثر موظف المسافر على أسلحة غير مرخص بها أو على آثار مهربة أو نقود مزيفة، أو عثر مأمور السجن على مخدرات في ملابس المسجون، فإن حالة التلبس تتحقق بذلك.

التفتيش المستند إلى علاقة تعاقدية يستخلص منها الرضاء المفترض به:

قد تربط بين المتهم وشخص آخر علامة تعاقدية – أو علاقة قانونية أياً كان مصدرها – يستنتج منها رضاؤه مقدماً بأن يفتشه في أوقات أو في ظروف معينة؛ وفي هذه الحالات يعد التفتيش صحيحاً، إذ الرضاء به يعني نزولا عن الحصانة التي اقتضت إحاطة التفتيش بالقيود والإجراءات التي يقررها القانون،

مثال ذلك التفتيش الذي يجريه رب العمل – أو من يمثله على العمال لدى انصرافهم يومياً من العمل للتحقق من أن أحدهم لم يأخذ معه – شيئاً من أموال المصنع؛ ورضاء العامل بالتفتيش مستخلص من قبوله العمل وفق النظام الموضوع له الذي يقرر لرب العمل هذا التفتيش. ولما كان التفتيش صحيحاً، فإنه إذا عثر رب العمل في ملابس العامل أو أمتعته على شيء بعـــد حيازته جريمة – كما لو عثر على مادة مخدرة – تحققت بذلك حالة التلبس.

تفتيش الشخص برضائه فى قضايا المخدرات:

القواعد التي نظم بها الشارع تفتيش الأشخاص ووضع بها القيود على سلطة مأمور الضبط القضائي في إجرائه إنما استهدف بها – كما قدمنا – حماية حصانة الشخص وحريته، فإذا نزل عن حقه في هذه الحماية كان تفتيشه صحيحاً، ولو جاوز المجال الذي صرح به القانون أو خرج على القواعد التي قررها لذلك.

فإذا رضي شخص موضع ريبة بأن يفتشه مأمور الضبط القضائي، فلما فتشه عثر في ملابسه أو بين أمتعته على شيء تعـد حيازته جريمة، كان التفتيش صحيحا وتحققت حالة التلبس بذلك. بل أنه لا يشترط لصحة التفتيش بالرضاء أن يكون من يجريه مأمور الضبط القضائي، فقد يكون الرئيس الإداري للمتهم، بل قد يكون فرداً عادياً.

ويتعين أن تتوافر في الرضا شروط كي ينتج أثره في جعل التفتيش صحيحاً. وترد هذه الشروط إلى فكرة واحدة هي أن يكون الرضاء تعبيراً صحيحاً عن إرادة النزول عن الحصانة التي قررها القانون وإنني عليها إحالة التفتيش بالقيود التي قررها فيتعين أن يصدر الرضاء عن ذي الصفة في ذلك، أي من الشخص الذي يجري تفتيشه، فلا عبرة برضاء شخص سواه أياً كانت صلته به.

ويتعين أن يكون الرضا تعبيراً عن إرادة صحيحة، وتكون الإرادة كذلك إذا كانت مميزة وحرة، فلا عبرة برضاء شخص غير مميز أو خاضع لإكراه مادي أو معنوي أياً كان مقداره، ولا عبرة برضاء صدر تحت تأثير الغلط، فإذا كان الرضاء بالتفتيش تحت تأثير التهديد بقبض غير قانوني فلا عبرة بهذا الرضاء.

ويتعين أن يكون الرضاء سابقاً على إجراء التفتيش: فإذا ثبت بطلان التفتيش وقت إجرائه فى قضايا المخدرات ، فلا يصححه رضاء لا حق به. والأصل في الرضاء أن يكون صريحاً، إذ هو الرضاء الواضح اليقيني الذي لا يدع مجالات لشك في صدوره تحت تأثير الغلط أو الإكراه، فالغالب في الرضاء الضمني أن يكون استسلاماً وليد الخوف؛ ولكن إذا استطاعت المحكمة أن تستخلص رضاء ضمنياً صحيحاً من دلائل مؤدية إليه تعين عليها أن تعتد به.

التفتيش الوقائي فى قضايا المخدرات:

التفتيش الوقائي فى قضايا المخدرات هو الذي يستهدف البحث عن شيء خطر يحمله المتهم توقياً لاحتمال استعماله في الاعتداء على غيره أو في الإضرار بنفسه. وهذا التفتيش مشروع طالما بقي في نطاق، غرضه، أي اقتصر على تحري وجود الشيء الخطر. أما إذا جاوز ذلك، فاستهدف ضبط شيء تعد حيازته جريمة كمخدر فهو باطل.

وإذا حقق هذا التفتيش غرضه فثبت أن المتهم لا يحمل شيئاً خطراً فإن الاستمرار فيه يكون بدوره عملاً غير مشروع. وأبرز مجال للتفتيش الوقائي هو تفتيش المتلبس بالجريمة الذي يجريه من تعرض له لتسليمه إلى السلطات العامة وفقاً للمادتين (۳۷،۳۸) من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك من أجل تجريده من الشيء الخطر الذي يحمله.

ولما كان التفتيش الوقائي مشروعاً، فإنه إذا أسفر عرضاً عن كشف شيء تعد حيازته جريمة، كمادة مخدرة أو سلاح غير مرخص به، فإن التلبس يتحقق بذلك.

تنفيذ التفتيش فى قضايا المخدرات :

موضوع التفتيش فى قضايا المخدرات هو في الأصل جسم المتهم فيجوز فض يده أو فتح فمه لإخراج ما يخفيه فيهما ؛ ولكن موضوعه كذلك ملابسه خارجية كانت أو داخلية وموضوعه كذلك ما يحمله من لفائف وصناديق وحقائب وموضوعه سيارته الخاصة أو عربته أياً كان نوعها، ودابته التي يعتليها أو يقودها،

وفي عبارة عامة موضوع التفتيش فى قضايا المخدرات هو الجسم، فإنه يشمل بالضرورة أعضاءه الداخلية إذا كان التعرض لها لا يمس الحقوق التي يقررها القانون للمتهم فيجوز إجراء غسيل لمعدة المتهم لاستخراج محتوياتها وتكشف آثار المادة المخدرة التي ابتلعها، ويجوز أخذ عينة من دمه للتعرف على ما إذا كان سكراناً،

ويجوز فى قضايا المخدرات إخراج المادة المخدرة من الموضع الحساس من جسمه. ولما كان التفتيش إجراء تحقيق فإن تنفيذه ليس متروكاً لخيار المتهم، فإذا لم يخضع له طواعية أكره على ذلك،

ومن ثم كانت القاعدة جواز (استخدام الإكراه بالقدر اللازم لتنفيذ التفتيش) ويفهم من ذلك أن ما جاوز هذا القدر من الإكراه يكون غير مشروع، ويبطل الدليل الذي أسفر عنه هذا القدر الزائد. وتطبيقا لذلك، فإن تنفيذ التفتيش يجيز تقييد حرية المتهم بالقدر اللازم لذلك، ولو لم يكن ثمة أمر بالقبض لما بين الإجرائين من تلازم.

تفتيش الأنثى فى قضايا المخدرات :

أخضع القانون تفتيش الأنثى لشرط خاص، فقد نصت المادة (٤٦) من قانون الإجراءات الجنائية (في فقرتها الثانية) على أنه (إذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي).

وعلة هذا الشرط صيانة الآداب العامة وحماية القيم الأخلاقية، وصيانة عرض المرأة ولو كانت متهمة، ويتصل هذا النص بالأفكار الحديثة في الإجراءات الجنائية، وهي وجوب أن تنحصر هذه الإجراءات في المجال الذي لا يمس كرامة الإنسان، ولا يسلبه حقوقه التي لا يجرده منها تعرضه للاتهام.

وعلة هذا النص تقيد نطاق تطبيقه فما يحظر على مأمور الضبط القضائي هو أن يتعرض في تفتيش المتهمة لأجزاء من جسمها تعد عورة فيه، فهذه الأجزاء هي التي يعد تعرضه لها انتهاكاً للآداب ومساساً بالعرض.

ويتحدد مفهوم العورة وفق مدلول، عرفي، وتطبيقاً لذلك، فإنه إذا كانت المتهمة تخفي المخدر في صدرها، فمد مأمور الضبط القضائي يده إلى صدرها وأخرج المخدر منه، كان ضبطه باطلا.

ولكن إذا تعرض مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات لعضو في جسم المتهمة لا بعد عورة فيه فإن التفتيش يكون صحيحا: فإذا فض يدها ليستخرج المخدر الذي تخفيه في قبضتها، أو التقط لفافة المخدر التي طالعته في وضعها الظاهر بين أصابع قدم المتهمة وهي عارية، فعمله في الحالتين صحيح، فليست اليد أو القدم عورة.

ولا بطلان في عمل مأمور الضبط القضائي إذا كلف المتهمة بأن تخرج الشيء الذي تعد حيازته جريمة من الموضع الذي أخفته فيه من جسمها، ففعلت ذلك، سواء استترت أو لم تستتر.

فإذا كان متعينا تفتيش موضع في جسم المتهمة بعد عورة، فإنه يجب على مأمور الضبط القضائي أن يندب لذلك أنثى تقوم بذلك، ولا يشترط أن يكون هذا الندب كتابياً.

ولم يتطلب القانون في هذه الأنثى شروطاً معينة ولا يشترط أن تكون موظفة عامة، ولكنها تعتبر حين أدائها هذه المهمة مكلفة بخدمة عامة.

ولم يتطلب القانون أن تحلف هذه الأنثى يميناً قبل أدائها مهمتها، (إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع شهادتها بيمين).

ويجب أن يذكر المأمور في محضره اسم هذه الأنثى، كي يتاح استدعاؤها للشهادة في مراحل الدعوى التالية، ولا يجوز تكليف طبيب بأن يجري هذا التفتيش، فلا محل للقول بأن (الطبيب يباح له بحكم مهنته ما لا يباح لغيره من الكشف على الإناث).

ولكن إذا كان تفتيش الأنثى فى قضايا المخدرات في موضع العورة من جسمها يتخذ صورة عمل طبي، لأنه يحتاج إلى خبرة طبية خاصة، فإنه يجوز تكليف الطبيب به، إذ لا تستطيع الأنثى غير الطبيبة أن تقوم به، ويعد الطبيب في هذه الحالة خبيراً.

مثال ذلك أن تخفي المتهمة المخدر في موضع حساس من جسمها على نحو لا يعود معه ممكنا إخراجه بغير الاستعانة بالخبرة الطبية. وهذه القاعدة تتصل بالنظام العام.

ثانياً: تفتيش المساكن فى قضايا المخدرات 

تعريف تفتيش المساكن فى قضايا المخدرات:

تفتيش المسكن هو التنقيب فيه عن أدلة في شأن جريمة ارتكبت، ومن ثم كان تفتيش المسكن بطبيعته عمل تحقيق. وقد عرفته محكمة النقض بأنه (البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها).

وتفتيش المسكن إجراء خطير لأنه ينطوي على خرق لحرمته، وهي حق يحرص الدستور والقانون على صيانته، ولذلك فقد نظم القانون التفتيش فأخضعه لشروط وأحاطه بقيود فالمادة (٤٤) من الدستور نصت على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون».

ونصت المادة (۹۱) من قانون الإجراءات الجنائية على أن (تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة او باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز الأشياء تتعلق بالجريمة والقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً).

وهذا النص اعتبر التفتيش فى قضايا المخدرات عمل تحقيق دائماً، ومقتضى ذلك أنه لا يجوز أن تجريه إلا سلطة التحقيق. ولكن يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يجريه في حالتي رضاء حائز المسكن بذلك، وندب سلطة التحقيق له.

ونقتصر فيما يلي على دارسة التفتيش الذي يجريه مأمور الضبط القضائي.

ونرى أن نميز بين تفتيش المكان والدخول فيه، ونحدد الحالات التي يجوز فيها لمأمور الضبط القضائي تفتيش المساكن.

ونعرض في النهاية القواعد الخاصة ببطلان التفتيش وآثار هذا البطلان، والقواعد المشتركة بين تفتيش المساكن وتفتيش الأشخاص.

١-الفرق بين تفتيش المكان والدخول فيه

معيار التفرقة بين تفتيش المكان والدخول فيه:

تفتيش المكان – كما قلنا – هو تنقيب عن الدليل فيه، وذلك في شأن جريمة ارتكبت، وهو يفترض بالضرورة الدخول فيه، ولكنه لا يقتصر على مجرد الدخول؛ ومن ثم كان التفتيش مفترضاً جريمة ارتكبت، وكان “إجراء تحقيق في شأنها.

ويفترض التفتيش بطبيعته أنه قد أعقب الدخول في المكان فحص محتوياته لضبط الأشياء التي يستخلص منها الدليل في شأن الجريمة التي يجرى التحقيق فيها.

أما دخول المكان فيقتصر على مجرد تخطي حدوده والظهور فيه، وما يرتبط بذلك من إلقاء النظر على محتوياته دون معاينتها أو فحصها. ولا يقتصر الدخول على المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة، ومن ثم لم يكن بالضرورة إجراء تحقيق، فقد يكون إجراء استدلال، بل أنه قد يتجرد من هذا الطابع كذلك.

وإذا حدد القانون غرضاً للدخول في المكان، فلا يصح أن يستهدف الدخول غرضاً سواه. ولما كان دخول المكان طبقاً للقانون عملاً مشروعاً، فإنه إذا ما عاين الداخل جريمة ترتكب فيه تحقق التلبس بذلك. وتقتضي دراسة دخول الأماكن التفرقة بين دخول المساكن ودخول الأماكن العامة.

دخول المساكن أو الأماكن الخاصة فى قضايا المخدرات :

نصت المادة (٤٥) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون، أو في حالة طلب المساعدة من الداخل، أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك.

وقد حدد الشارع في هذا النص حالات ثلاث يجوز فيها دخول المساكن هي:

الأحوال المبينة في القانون؛ وطلب المساعدة من الداخل؛ وحصول كارثة في الداخل كالحريق أو الغرق.

ويوحي ظاهر النص بحصر الشارع هذه الحالات، ولكن العبارات الواسعة التي استعملها تجعلها في الحقيقة غير محصورة فالأحوال المبينة في القانون عديدة، وهي موزعة على عدد كبير من النصوص.

وأهم هذه الأحوال تعقب المتهم في داخل مسكن بقصد تنفيذ أمر القبض عليه؛ وسنده نظرية الضرورة الإجرائية” التي أقرها الشارع.

وذكر الشارع للحريق والغرق قد ورد كأمثلة لكوارث تقع في المسكن، وتقاس عليهما أية كارثة. واستظهار الحالات المبينة في القانون يقتضي – على ما قدمنا – الرجوع إلى قواعد القانون المختلفة. وطلب المساعدة من الداخل تستوي أسبابه فقد تطلب المساعدة لأن مريضاً يشرف على الموت أو لقيام تهديد بارتكاب جريمة أو لاكتشاف حيوان خطر كأفعى في داخل البيت.

وإشارة الشارع إلى الحريق والغرق وهي – كما قدمنا – على سبيل المثال، فقد أردف الشارع إشارته إليها بعبارة (أو ما شابه ذلك). وهذا الدخول كما قدمنا ليس تفتيشاً، وقد وصفته محكمة النقض بأنه (مجرد عمل مادي اقتضته حالة الضرورة)؛ وهو إجراء مشروع، باعتبار أن القانون قد صرح به.

دخول الأماكن العامة فى قضايا المخدرات :

الأماكن العامة هي الأماكن التي يباح لجمهور الناس الدخول فيها بغير تمييز، سواء أكان ذلك بغير شروط أم كان بشرط كأداء رسم. ولا يخضع دخول الأماكن العامة لذات القواعد التي يخضع لها الدخول في المساكن، فهذه الأخيرة روعي فيها ما للمساكن من حرمة، أما المكان العام فالأصل أنه لا حرمة له. ونرى أن نميز بين نوعين من الأماكن العامة: الأماكن العامة بطبيعتها، والأماكن العامة بالتخصيص أو المصادفة.

 الأماكن العامة بطبيعتها:

يراد بالأماكن العامة بطبيعتها أماكن لها الصفة العامة على وجه دائم، فيستطيع أي شخص أن يدخل فيها أو يمر منها في أي وقت شاء، ومثالها الشوارع والحدائق العامة والحقول؛ ومن ثم فإنه يحق لمأمور الضبط القضائي أن يدخل ويتجول في المكان العام بطبيعته ويتفحص ما يكون فيه من أشياء باعتباره فرداً عادياً، ولا يعد ذلك تفتيشاً، وإنما هو( ضرب من ضروب التحري)، أو هو بصفة عامة (عمل استدلال) يستهدف تحري ما إذا كانت جريمة قد ارتكبت،

فإذا عثر مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات في الطريق العام على سلة ألقيت به فبحث في محتوياتها فوجد بها مخدراً تحققت حالة التلبس بذلك، فإذا استدل على حائزها الذي تخلى عنها، كان له أن يتخذ إزاءه الإجراءات التي يقررها القانون في حالة التلبس . وإذا فتش مأمور الضبط القضائي كمية من القش ملقاة في الطريق العام إلى جوار منزل فعثر فيها على مادة مخدرة، وتحقق أنها لمالك هذا المنزل توافرت بذلك حالة التلبس.

وتعتبر الحدائق والحقول والمزارع الواقعة على جانب الطريق العام والتي لا تتصل بمسكن ما، بحيث لا يمكن القول بأن لها حرمته، أماكن دون قيود، فإذا عاين فيها جريمة، كما لو عاين شجيرات مادة مخدرة تحقق عامة بطبيعتها؛ ومن ثم كان جائزاً لمأمور الضبط القضائي الدخول فيها التلبس بذلك.

الأماكن العامة بالتخصيص فى قضايا المخدرات :

يراد بالأماكن العامة بالتخصيص أماكن يباح لجمهور الناس الدخول فيها خلال أوقات معينة وفي أجزاء معينة منها، مثال ذلك المطاعم والمقاهي والحانات ودور اللهو. وحق مأمور الضبط القضائي في أن يدخل في هذه الأماكن لا شك فيه، ولحقه سندان فهو يدخله باعتباره أحد الأفراد، إذ لا يعقل أن تكون حقوق مأمور الضبط القضائي أقل من حقوق شخص عادي؛ وهو يدخله باعتباره مكلفاً بتنفيذ القوانين واللوائح التي يخضع لها القانون هذه الأماكن.

ولما كان دخول مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات في هذا المكان مشروعاً، فإنه إذا عاين جريمة ترتكب فيه، كما لو عاين مــواد مخدرة وضعها مدير المقهى على منضدة على مرأى من رواد مقهاه، أو عاين في الملهى أفعالاً مخلة بالحياء تحقق التلبس بذلك. ولكن حق مأمور الضبط القضائي في دخول المكان العام بالتخصيص مقيد بقيود عديدة، فإن جاوزها كان دخوله غير مشروع، فإن عاين جريمة فإن التلبس بها لا يتحقق.

فلا يجوز له أن يدخل في أجزاء المكان التي لا يصرح لجمهور الناس بالدخول فيها: فإذا اتخذ مدير المحل العام غرفة فيه لتكون مكتباً خاصاً له أو غرفة بنومه كانت هذه الغرفة مكاناً خاصاً. ولا يجوز لمأمور الضبط القضائي الدخول في المكن العام بالتخصيص في غير الأوقات التي يجوز فيها لجمهور الناس الدخول فيه، فإذا أغلق المقهى أبوابه بعد انصراف رواده صار مكاناً خاصاً، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي الدخول فيه.

ويتعين على مأمور الضبط القضائي أن يلتزم الغرض الذي من أجله خوله القانون الدخول في المكان، فإذا خوله الدخول فيه كي يتحقق من أنه لا تقدم فيه خمور أو لا ترتكب فيه أفعال مخلة بالحياء، فلا يجوز له أن يفتش أحد رواده، أو أن يفتح درج مكتب مدير المحل، أو يفض لفافة محكمة الغلق موضوعه على مكتبه، فإن فعل ذلك كان متعسفاً، فإذا عاين جريمة، كما لو عثر على مخدر فيما فتشه على النحو السابق فإن حالة التلبس لا تتحقق بذلك.

وقد أجملت محكمة النقض هذه القيود في قولها إن حق مأمور الضبط القضائي لا يتناول من حيث المكان ما كان منها سكناً، ولا يشمل من حيث الزمان إلا أوقات العمل دون الأوقات التي تغلق فيها، ولا من حيث الغرض إلا بالقدر الذي يمكنه من التحقيق من تنفيذ القوانين واللوائح دون التعرض للأشياء والأماكن الأخرى التي تخرج عن هذا النطاق.

تحول المسكن إلى مكان عام بالتخصيص:

يتحول المسكن إلى مكان عام بالتخصيص إذا كان حائزه قد خصصه أو خصص جزءاً منه لغرض يقتضي إباحة الدخول فيه لجمهور الناس دون تمييز: فإذا أعد حائز المنزل غرفة فيه لتكون مطعماً يدخل فيه أي راغب في تناول الطعام، أو أعدها لتكون محلاً عاماً للعب القمار، أو لتكون عيادة يستقبل فيها دعي الطب ضحاياه، فإن هذا المكان يعتبر – بالنظر إلى حقيقة وضعه الواقعي، وبصرف النظر عن تخصيصه الأول – مكاناً عاماً، فلا تكون له حرمة المسكن، ويخضع الدخول فيه للقواعد التي تحدد حالات الدخول في الأماكن العامة بالتخصيص.

۲– ماهى حالات تفتيش المساكن فى قضايا المخدرات 

لمأمور الضبط القضائي أن يفتش المسكن في حالتين : ندبه لذلك من سلطة التحقيق، ورضاء حائز المسكن بذلك. وقد نصت المادة (٤٧) من قانون الإجراءات الجنائية على تخويل مأمور الضبط القضائي سلطة تفتيش المسكن في حالة التلبس بالجريمة، ولكن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستوريه هذا النص، مما ينبني عليه عدم جواز تطبيقه (المادة ٤٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا، الفقرة الثالثة).

ونبحث في عدم دستورية تفتيش المسكن في حالة التلبس، وتفتيشه برضاء حائزه؛ أما تفتيشه بناء على الندب لذلك فنحيل إلى الموضع المخصص لندب مأمور الضبط القضائي للتحقيق الابتدائي.

أ – عدم دستورية المادة ٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية 

في شأن تفتيش المسكن فى قضايا المخدرات في حالة التلبس

شروط تفتيش المسكن فى قضايا المخدرات بناء على التلبس وفقا للمادة ٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية:

نصت المادة (٤٧) من قانون الإجراءات الجنائية على أن المأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يتفش منزل المتهم، ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة إذا اتضح من أمارات قوية أنها موجودة فيه.

والشروط التي تطلبتها المادة (٤٧) من قانون الإجراءات الجنائي لتخويل مأمور الضبط القضائي سلطة تفتيش المسكن هي توافر حالة التلبس على أنه توجد في المسكن أشياء أو أوراق تفيد في كشف الحقيقة.

ويضاف إلى هذه الشروط شرط رابع نصت عليه المادة من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى في قولها (لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها).

قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة ٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية:

قضت المحكمة الدستورية العليا في ٢ يونية سنة ١٩٨٤ بعدم دستورية المادة ٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية. وقد استندت في ذلك إلى تعارضها مع المادة ٤٤ من الدستور التي نصت على أن للمساكن حرية فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون».

واستخلصت من ذلك أنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات في حالة التلبس بالجريمة أن يفتش من تلقاء نفسه مسكن المتهم، وإنما عليه أن ينتظر صدور أمر قضائي مسبب بنديه لذلك.

واستندت المحكمة كذلك إلى المقابلة بين المادة ٤١، والمادة ٤٤ من الدستور: فالمادة ٤١ من الدستور التي وردت في شأن القبض على الشخص وتفتيشه وحبسه وتقييد حريته ومنعه من التنقل قد اشترطت أن يصدر أمر بذلك من القاضي المختص أو النيابة العامة؛ ولكنها استثنيت من هذه الضمانات «حالة التلبس»،

ومؤدى ذلك جواز القبض فى قضايا المخدرات على الشخص وتفتيشه – دون أمر من القاضي المختص أو النيابة العامة – في حالة التلبس بالجريمة. أما المادة (٤٤) من الدستور التي وردت في شأن تفتيش المساكن، فقد اشترطت صيغة عامة صدور أمر قضائي مسبب، ولم تستثن من ذلك حالة التلبس، مما مؤداه بالضرورة اشتراط صدور الأمر القضائي المسبب، حتى في حالة التلبس بالجريمة.

نطاق الآثار المترتبة على تقدير عدم دستورية المادة ٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية:

اقتصر قضاء المحكمة الدستورية العليا على تقرير عدم دستورية المادة (٤٧) من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم لا ينصرف هذا القضاء إلى ما عدا هذا النص من نصوص قانون الإجراءات الجنائية.

وبناء على ذلك، فإنه لا مساس لهذا القضاء بالمادة (٤٥) من قانون الإجراءات الجنائية التي أجازت لرجال السلطة العامة الدخول في المساكن في الأحوال المبينة في القانون، وحالة طلب المساعدة من الداخل، وحالة الحريق والغرق وما شابه.

فإذا ترتب على دخول مأمور الضبط القضائي في مسكن وفقاً للمادة (٤٥) من قانون الإجراءات الجنائية أن عاين جريمة في حالة تلبس، كان ضبطه لها صحيحاً.

وغني عن البيان أنه لا مساس لهذا القضاء بحق مأمور الضبط القضائي في دخول الأماكن العامة ومعاينة ما يجري فيها، يستوي في ذلك أن يكون المكان عاما بطبيعته أو بالتخصيص أو بالمصادفة.

وهذا القضاء يقتصر على تفتيش المساكن فى قضايا المخدرات ، أما تفتيش أي مكان خاص آخر فلا شأن لهذا القضاء به، وتفصيل ذلك أنه إذا كان المسكن بطبيعته مكاناً خاصاً، فإن كل مكان خاص ليس بالضرورة مسكناً.

وإنما يتميز المسكن بتخصيصه للإقامة، أي أن حائزه قد أعده لإقامته، أي لنومه وسائر مظاهر الحياة التي يحرص على حجبها عن إطلاع الغير عليها. أما إذا كان المكان خاصاً ولكنه ليس مسكناً، كمكتب أو متجر أو عيادة طبيب، فلا تطبق عليه القواعد الخاصة بتفتيش المساكن، وإنما يرتبط تفتيشه بتفتيش شخص حائزه: فكلما كان تفتيشه جائزاً كان تفتيش المكان الخاص الذي يحوزه جائزاً كذلك.

ولكن يسري قضاء المحكمة الدستورية العليا على كل ما يعتبر مسكناً للمتهم. وقد تقدم تعريف المسكن بأنه كل مكان خصصه حائزه لإقامته، أي لنومه وسائر مظاهر حياته الخاصة.

ولا يشترط أن يكون حائز المسكن هو مالكه، فقد يكون مجرد مستأجر أو مستعير له. وتطبيقاً لذلك، فإن غرفة استأجرها شخص في فندق تعتبر مسكنا له. وليس بشرط أن يكون المسكن عقاراً مبنياً على النحو المتعارف عليه، وإنما يعد مسكناً أو مكان خصصه حائزه لإقامته، فقد يكون كوخا من القش أو خيمة أو سفينة. وفي جميع الأحوال التي يعتبر فيها المكان مسكناً يسري عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا.

ب – تفتيش المسكن فى قضايا المخدرات برضاء حائزه

علة اعتبار رضاء حائز المسكن سنداً قانونياً لصحة تفتيشه:

إذا فتش مأمور الضبط القضائي مسكن شخص برضاء صحيح منه كان تفتيشه صحيحاً، دون توقف على شروط أخرى. وعلة اعتبار الرضاء سنداً لجواز التفتيش أن القواعد التي وضعها القانون للتفتيش إنما إستهدف بها حماية حرمة المسكن الذي يجري التفتيش فيه، فإذا نزل من له الحق في حرمة المسكن عن حقه برضائه بتفتيشه اقتضى ذلك بالضرورة صحة هذا التفتيش. ويترتب على هذا التفتيش أنه إذا عاين مأمور الضبط القضائي أثناء إجرائه شيئاً تعد حيازته جريمة تحققت بذلك حالة التلبس.

ممن يصدر الرضا؟

يصدر الرضاء من صاحب الحق في حرمة المسكن، وهو الشخص الذي وضعت قواعد التفتيش حماية لحقه. وصاحب هذا الحق هو حائز المسكن، وليس شرطاً كما قدمنا أن يكون مالك المسكن، فقد يكون مستأجراً أو مستعيرا له. وإذا تغيب حائز المسكن عنه مؤقتاً، فإن من يحل محله في حيازته يكون له أن يرضى بتفتيشه،

وتطبيقاً لذلك، كان رضاء زوجة حائز المسكن بتفتيشه سنداً لصحة هذا التفتيش. وللابن المقيم في المنزل، ووالد حائز المنزل المقيم فيه صفة الرضاء بالتفتيش كذلك. ولكن مجرد صلة القرابة أو الزوجية أو المصاهرة إذا لم تقترن بها الإقامة الفعلية في المسكن، وما يرتبط بها من حيازة له، ونيابة عن حائزه عند غيابه لا تخول صفة الرضاء بتفتيشه.

شروط صحة الرضاء بتفتيش المسكن:

لما كان الرضاء بتفتيش المسكن فى قضايا المخدرات تعبيراً عن إرادة النزول عن الحق في كفالة حرمته، فإنه يتعين أن تتوافر له الشروط التي تجعل منه تعبيراً صحيحاً عن الإرادة: فيتعين أن يكون من صدر عنه الرضاء مميزاً، ويتعين أن يكون حر الاختيار وقت رضائه، أي لا يكون خاضعاً لإكراه مادي أو معنوي أياً كان قدره، ويتعين أن يكون على بينة من الأمر حين رضائه.

أي ألا يكون واقعاً في غلط أو متأثراً بتدليس فيتعين أن يكون عالماً بصفة من يقوم بالتفتيش وغرضه من إجرائه، وأن يكون عالماً بأنه لا يلتزم بالخضوع للتفتيش، أي أنه ليس بصدد حالة يقرر فيها القانون التفتيش جبراً.

ويتعين أن يكون الرضاء سابقاً على التفتيش، فليس من شأن الرضاء اللاحق أن يزيل البطلان عن تفتيش ثبت بطلانه، ويتعين أن يكون الرضا صريحاً، فثمة احتمال غالب في أن يكون الرضاء الضمني منبعثاً عن الخوف والاستسلام. ولكن لا يشترط ثبوت الرضا كتابة.

خصائص الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات :

خصائص الدفع ببطلان التفتيش في قضايا المخدرات أنه من الدفوع الجوهرية ذات الطبيعة القانونية الدقيقة، ذلك أن جوهر التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق هو البحث عن أدلة الجريمة موضوع التحقيق وكل ما يفيد في كشف الحقيقة من أجل إثبات إرتكابها أو نسبتها إلى المتهم، فما لم توجد هذه الأدلة فلا محل للتفتيش.

فالتفتيش فى قضايا المخدرات يعد عمل من أعمال التحقيق، فيجب أن تكون هناك ثمة جريمة قد وقعت بالفعل، ويؤدي التفتيش إلى التوصل إلى جسم هذه الجريمة والتعرف على حقيقة صلة مرتكبيها بالواقعة الإجرامية، كما وأنه يترتب على هذه الخصيصة أن التفتيش عمل قضائي لا يجوز أن يأتيه إلا من خوله القانون صفة الضبطية القضائية.

كما وأن التفتيش إجراء يتضمن القيام بعمل معين بغية الحصول على أدلة الجريمة القائمة تمهيداً لممارسة حق الدولة في توقيع العقاب على الجاني، وهو كعمل إجرائي واقعة قانونية يرتب عليها القانون أثراً إجرائياً.

وبذلك يمكن القول بأن التفتيش فى قضايا المخدرات هو إجراء من إجراءات التحقيق تقوم به سلطة حددها القانون يستهدف البحث عن الأدلة المادية لجناية أو جنحة تحقق وقوعها في محل خاص يتمتع بالحرمة بغض النظر عن إرادة صاحبه.

وتفصيل ذلك أن التفتيش فى قضايا المخدرات وإن كان يلتقي وكافة إجراءات التحقيق الجنائي من حيث الغاية من الإجراء وهي الحصول على الدليل، إلا أنه ليس بدليل، ذلك أنه يتميز بخصائص تميزه عن غيره من الإجراءات الجنائية.

فالتفتيش فى قضايا المخدرات إجراء ينطوي على قدر من الإكراه في التعرض المادي لحرية الشخص حال تفتيش شخصه أو لحرمة مسكنه في الدخول فيه قهراً عن صاحبه، كما أنه يمس حق الشخص في سره ومستودع هذا السر، وهو ما يعبر عنه في قوانين الشريعة العامة للحق في الخصوصية، أو حق الشخص في أن يترك وشأنه.

ومن ثم يمكن استخلاص خصائص الدفع ببطلان التفتيش في قضايا المخدرات بأن كل إجراء لا يتضمن مساساً بحق السر لا يعد تفتيشاً، فالتفتيش الذي يقع على شيئاً مكشوفاً ظاهراً للعيان كالمزارع المفتوحة والمنقولات التي توجد بالطريق في غير حيازة شخص معين بذاته لا يعتبر تفتيشاً بالمعنى المقصود.

ويتميز التفتيش فى قضايا المخدرات كذلك بأنه وسيلة للبحث عن الأدلة المادية للجريمة وإن كان يثغيا ذات الهدف بكافة الإجراءات الجنائية من الوصول إلى الدليل إلا أنه إلى حرية كاملة في إبدائها، بينما التفتيش إجراء يتضمن إكراها.

يختلف عن الأدلة القولية كالاستجواب والاعتراف والشهادة في استنادها وعلى ذلك فاعتبار التفتيش فى قضايا المخدرات في طبيعته إجراء من إجراءات التحقيق يتطلب أن تكون هناك جريمة قارفها الجاني بالفعل وفقاً لنص يجرم الفعل ويعاقب مقارفة ويشترط أن تكون هذه الجريمة جناية أو جنحة طبقاً لنصوص قانون العقوبات،

أما المخالفة فليس في وقوعها ما يبرر مباشرة هذا الإجراء، إذ هي من ضالة الشأن بحيث لا تتوافر لها الخطورة التي توجب إهدار لحرمة الحق في الخصوصية، فالإجراء لابد وأن تتوافر له مقتضيات المصلحة الاجتماعية.

شروط التمسك بالدفع ببطلان التفتيش وصحته فى قضايا المخدرات :

الدفع ببطلان التفتيش في قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية، وإذا لم يستجمع التفتيش شروط صحته كان باطلاً، بمعنى أنه إذا لم يتوافر في التفتيش شرط من الشروط التي استلزمها القانون لصحته كان باطلاً، ذلك على التفصيل الآتي:

١-توافر شرط المصلحة في الدفع، وأن تكون حالة يقرها القانون، ذلك أنه يتعين أن يكون للمتهم مصلحة في الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات :

المقرر أن الدفع ببطلان مخالفة قاعدة تتعلق بالنظام العام يكون لكل ذي مصلحة التمسك بها، وللقاضي أن يقضي به من تلقاء نفسه، أما إذا تعلق البطلان بمصلحة الخصوم، فلابد أن يدفع به الشخص صاحب المصلحة في الدفع.

ويشترط لتقرير الدفع ببطلان إجراء التفتيش فى قضايا المخدرات أن تكون هناك فائدة أو منفعة بمعنى المصلحة لموقفه في الخصومة الجنائية، فالمصلحة هي مناط الحق في الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات وتكون منصرفة إلى الأثر الذي ترتب على هذا الإجراء بما يعود على الطاعن بمنفعة، وتتوافر المصلحة في الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات إذا أسفر هذا التفتيش عن ثمة دليل قبل الطاعن.

وتنتفي المصلحة في الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات إذا لم يسفر هذا التفتيش عن دليل يساق به الطاعن إلى المحاكمة الجنائية أو أن تكون محكمة الموضوع قد أدانته أو تأثرت به في تكوين عقيدتها في الحكم، كان تقيم المحكمة حكمها على دليل غير المستمد من التفتيش الباطل.

ومن ثم لا يقبل الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات إلا ممن شرع البطلان لمصلحته فلا يقبل من غيره ولو كان يستفيد من تقرير البطلان، إذ أن استفادته من ذلك إنما تكون على سبيل التبعية، بمعنى أنه لا يقبل الاحتجاج ببطلان تفتيش شخص إلا من الشخص الذي جرى تفتيشه، ولا يقبل الدفع ببطلان تفتيش مسكن إلا من حائز المسكن الذي فتش.

وبعبارة أخرى لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة له إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم، فيصح الاستشهاد بالدليل الذي أسفر عنه التفتيش على غير من فتش شخصه أو مسكنه، ولو كان هذا التفتيش مشوباً بما يبطله، ما دام لم يقدم الطعن في صحته ممن وقع التفتيش على شخصه أو في بيته.

فإذا قام مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات بتفتيش شخص بغير إذن من سلطة التحقيق وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، فعثر على مخدر، فإن لهذا الشخص مصلحة قانونية وحالة في الدفع ببطلان التفتيش الواقع عليه، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بقاعدة موضوعية جوهرية من النظام العام.

ويرمي الدفع في هذه الحالة إلى تحقيق مصلحة للطاعن هي عدم الأخذ بالدليل المستمد من هذا التفتيش المعيب، ويكون له وحده هذا الحق، وليس من حق من يمكنه الاستفادة بالتبعية من التقرير ببطلان التفتيش على الشخص الذي وقع عليه التفتيش الباطل، ولإنتاج الدفع أثره أن يتم في صورة صريحة واضحة.

فإذا قعد المتهم عن التمسك بالدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات متى تعلق بمصلحة له، فلا يجوز للمتهم هذا الحق في الدفاع، وإن كانت هناك فائدة تعود على الأخير من التقرير ببطلان التفتيش أو التمسك بالدفع ببطلان التفتيش.

فضلاً عن ذلك، فإن للزوجة أن تتمسك بالدفع ببطلان تفتيش مسكن زوجها ، ذلك أنها حائزة له بالاشتراك مع زوجها، متى لم يمس التفتيش حقها، بل أن للزوجة أن تدفع ببطلان تفتيش منزل الزوجية، ولو لم يكن للزوج مصلحة في التمسك بهذا البطلان، بل ولو كانت مصلحته في عدم التمسك به، بل ولو رضي بالتفتيش.

وبذلك فالدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان ومن ثم فإن التمسك به لا يقبل من غير حائزه، وإذا ما كان الشخص يدعي ملكية أو حيازة المكان الذي جرى تفتيشه فإنه لا يقبل منه أن يتذرع بانتهاك حرمته.

٢- توافر شرط تحديد الشخص والمكان الخاص والمسكن الجائز للتفتيش قانوناً، إذ يجب مراعاة الشروط التي استلزمها القانون لصحة التفتيش وإلا كان باطلا

التفتيش يقع مساساً بحق الإنسان في أسرار حياته الخاصة التي يودعها في شخصه أو في مسكنه، فلا ينصرف التفتيش إلى الأشياء المعلنة التي يمكن للكافة الاطلاع عليها، وتتعدد المجالات التي يودع فيها الإنسان أسرار حياته الخاصة، ومن أهم هذه المجالات الشخص والمكان الخاص، وكل منهما يصلح محلاً لكي يرد عليه التفتيش.

والمقصود بالشخص كمحل قابل للتفتيش كل ما يتعلق بكيانه المادي وما يتصل به ويشمل هذا الكيان المادي أعضاءه الخارجية والداخلية.

والمقصود بالمكان الخاص أو المسكن، أن للإنسان حق في حرمة مسكنه بوصفه مجالاً من مجالات حياته الخاصة، فلا قيمة لحرية الحياة الخاصة ما لم تمتد إلى مسكنه الذي يهدأ فيه لنفسه ويحيا فيه لشخصه ويودع فيه أسراره، فبدون حرية المسكن تكون الحياة الخاصة مهددة غير آمنة.

وحرمة المسكن ضمان دستوري، وقد كفله دستور مصر الدائم ۱۹۷۱ بالنص صراحة في المادة (٤٤) منه على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون.

ويشترط في التفتيش بوصفه عملاً إجرائياً أن يرد على محل محدد أو قابل للتحديد، ولا يشترط في سبيل هذا التحديد أن يذكر اسم الشخص أو صاحب المسكن، بل يكفي مجرد قابليته للتحديد عن طريق الظروف المحيطة بأمر التفتيش، ذلك أن الأمر بالتفتيش العام لمجموعة غير محدودة من المنازل أو الأشخاص هو أمر باطل لعدم تحديد محله.

ومتى صدر أمر التفتيش فى قضايا المخدرات محدداً، فيجب الاقتصار على من ورد بشأنه القاضي المختص أو النيابة العامة، وصدر القانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٧٢ بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية حتى تتفق مع مبادئ الدستور.

وبمقتضى هذا القانون أصبحت سلطة مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم من تلقاء نفسه قاصرة على أحوال التلبس بالجنايات أو بالجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر (المادة ٣٤)، وهكذا تكون سلطة مأمور الضبط القضائي في تفتيش الأشخاص والأماكن الخاصة قاصرة على حالة التلبس وحدها بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون.

كما يختص مأمور الضبط القضائي بإجراء هذا التفتيش لضبط الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة، إذا أتضح له من أمارات قوية أنها موجودة فيه، إذ لا يكفي مجرد وقوع الجريمة في حالة تلبس ما لم تتضح المأمور الضبط أدلة كافية على أن بالمكان الخاص أشياء تفيد في تحقيق هذه الجريمة.

إلا أنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات أن يخلق حالة التلبس لتبرير التفتيش، كما إذا حرض المتهم أو اتفق معه على إرتكاب الجريمة بقصد ضبطه، حتى إذا ما أبرز جسم الجريمة كشف مأمور الضبط النقاب عن نفسه وضبطه متلبساً، فهذه الحالة هي وليدة عمل غير مشروع.

فإذا لم يكن حق مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم قد نشأ قانوناً فلا يجوز له القبض على المتهم، كما لا يجوز له تفتيشه، إلا إذا كانت النيابة المختصة قد أصدرت أمر بتفتيش المتهم، إذ لا يجوز في تلك الحالة القبض عليه إلا في حدود القدر اللازم لإجراء التفتيش.

وعلى ذلك فإن مشاهدة الجريمة في حالة تلبس يجب أن تسبق التفتيش فلا يجوز خلق حالة التلبس بإجراء تفتيش غير قانوني، وإذا قبض مأمور الضبط القضائي على شخص وهو سائر في الطريق وأجرى تفتيشه لمجرد الظن أو الاشتباه في أنه يحرز مخدراً فإن هذا التفتيش الحاصل بغير إذن النيابة يكون باطلاً.

وإذا اقتاد مأمور الضبط القضائي منهم إلى مكتب المباحث لما اشتهر عنه من الإتجار في المخدرات يعد قبضاً باطلاً، ثم حصل رئيس المكتب على إذن من النيابة بتفتيشه وفتشه فوراً فعثر على قطعة من الأفيون داخل حذائه، فلا يجوز الاستناد إلى ضبط المادة المخدرة معه، لأن إذن النيابة بالتفتيش لم يصدر إلا بعد أن قبض على المتهم فعلاً بصفة غير قانونية ،،،

وفي ذلك ما يدل على أن استصداره لم يكن إلا للحصول على دليل لم يكن ليوجد لولا هذا القبض. وعلى العكس إذا اقتاد مأمور الضبط القضائي المتهم لنقطة البوليس لتفتيشه بها وذلك خشية تجمع الأهالي وإعادة حصول التفتيش على الوجه الأكمل، كان لذلك ما يسوغه.

٣- أن يكون الأمر بالتفتيش أمراً قضائياً مسبباً وفقاً لأحكام القانون وإلا يكون باطلا

دستور مصر الدائم ۱۹۷۱ بالنص في المادة (٤٤) منه على أنه لا يجوز دخول المساكن ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون، ولهذا نصت المادة (٩١/٢) من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم ٣٧ لسنة ۱۹۷۲ على أنه في كل الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً.

وهذا التسبيب ضمان لتوافر العناصر الواقعية التي يتوافر بها سبب التفتيش، فهو على هذا النحو يضمن جدية اتخاذ هذا الإجراء ويحول دون الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين دون موجب أو اقتضاء، على أنه لا يشترط أن تكون الأسباب مفصلة مسببة بل يكفي أن تكشف عن جدية الأمر، وأنه صدر بناء على تمحيص للوقائع التي تبرر إصداره، وهو أمـــر يقدره المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع.

ومن ثم يقع التفتيش باطلاً فى قضايا المخدرات إذا تم في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو صدر الأمر بالتفتيش غير مسبباً وفقاً لأحكام القانون، بمعنى أنه يشترط أن يكون الأمر القضائي بالتفتيش مسبباً ومكتوباً وموقعاً عليه ممن أصدره وفقاً للقواعد العامة في الإثبات الجنائي.

٤- أن يكون تفتيش المتهم  فى قضايا المخدرات بما لا يمس الحق في سلامة الجسم بدنيا ومعنويا وإلا يكون باطلا:

ليس من شك أن تفتيش المتهم فى قضايا المخدرات يقتضي الحد من حريته الشخصية بالقدر اللازم لتنفيذه، وذلك بإعتبار أن القهر عنصر لا غنى عنه للقيام بهذا الإجراء.

ولما كان التفتيش لا يمس إلا الحق في سرية الحياة الخاصة، فلا يجوز أن يمتد إلى الحق في سلامة الجسم أو غير ذلك من الحقوق الملازمة للشخصية، والتي تكون جوهر الحرية الشخصية.

ولما كان المبدأ أن طريقة تنفيذ التفتيش فى قضايا المخدرات متروكة لتقدير القائم به تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، كما أن للقائم بالتنفيذ أن يستخدم الإكراه إذا اقتضاه الأمر، ما دام بالقدر اللازم لاتخاذ الإجراءات إلا أن هذه السلطة مقيدة بمبدأ دستوري عام بحكم طريقة تنفيذ الإجراءات الجنائية كافة، وهو ما قررته المادة (٤٠) إجراءات جنائية بأنه تجب معاملة المتهم بما يحفظ عليه كرامة الإنسان،

ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، وبالتالي لا يجوز حصول التفتيش بعنف لا تستوجبه الظروف، أو باستخدام وسائل جارحة للكرامة الإنسانية أو مؤلمة بدنيا أو معنوياً.

فإذا أخفى المتهم الشيء المقصود ضبطه على ضوء إجراء التفتيش فى قضايا المخدرات في موضوع العورة منه لا يجوز المساس بهذه الصورة لما ينطوي عليه هذا الفعل من هتك عرض المتهم،

وهو ما لم يجزه القانون حماية للآداب العامة وحفظ كرامة الإنسان ومع ذلك فيجوز الإلتجاء إلى الطبيب بالمستشفى لإخراج هذا الشيء وذلك بوصفه خبيراً يقدم خبرته في ضبط الدليل بوسيلة لا يستطيع القيام بها مأمور الضبط القضائي ولا يستطيع عليها الشخص العادي.

٥- لمأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات سلطة التفتيش في حدود القانون، بشرط ألا يكون متعسفا في إجراءه وألا يكون باطلاً:

وضع الشارع إجراءات لتنفيذ التفتيش هدف بها إلى التنسيق بين اعتبارين 

– تمكين مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات من توجيه التفتيش إلى غرضه في ضبط الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة،

– حصر المساس بحرمة المسكن فى قضايا المخدرات الذي يجرى فيه التفتيش في النطاق الذي يقتضيه تحقيق غرضه، بمعنى أن يجرى التفتيش بأسلوب التحقيق يكون متفقاً مع مقتضيات الغاية المنشودة من حسب نوعية الجريمة الجاري بشأنها التحقيق.

وحرصا على تفادي تعسف مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات في إجرائه التفتيش، فقد نصت المادة ( ٥٠/٢ )إجراءات جنائية على أنه إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى،

جاز لمأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات أن يضبطها، وإذا كانت الأشياء مما تعد حيازتها جريمة فيجوز ضبطها طالما تم عرضا أثناء التفتيش مما يعتبر في حالة تلبس،

و يتوقف صحة هذا الضبط على ثبوت أن الأشياء المضبوطة قد ظهرت عرضاً أثناء التفتيش المتعلق بالجريمة موضوع التحقيق ودون سعي يستهدف البحث عنها وأن العثور عليها لم يكن نتيجة التعسف في تنفيذ التفتيش بالبحث عن أدلة جريمة أخرى غير التي يدور التحقيق بشأنها.

مثال ذلك أن يفتح مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات علبة صغيرة فيجد بها مخدراً أثناء بحثه عن بندقية بدون ترخيص، ففي هذه الحالة يكون الضبط باطلاً والتفتيش باطلاً.

وأيضاً لتفادي تعسف مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات في إجرائه التفتيش نصت المادة (٥١) من قانون الإجراءات الجنائية على أن يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين،

ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، ويثبت ذلك في المحضر. وهدف هذا النص هو الاحتياط لتفادي التعسف، إذ أن مأمور الضبط القضائي يتردد في التعسف إذا كان يجرى التفتيش في حضور المتهم أو نائبه أو شاهدين وإغفال هذا الإجراء يترتب عليه بطلان التفتيش.

وفي سبيل الحرص على حصر خرق حرمة المسكن في أضيق نطاق ،نصت المادة (٥٢) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه (إذا وجدت في منزل المتهم أوراق مختومة أو مغلقة بأية طريقة أخرى، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفضها).

ويقرر الشارع بذلك حرمة خاصة للأوراق المغلقة أو المختومة، إذ قد تحوي أسراراً على جانب من الأهمية، وقد يكون ذيوعها في نطاق واسع مصدر ضرر لا تقتضيه مصلحة الاستدلال أو التحقيق، ذلك أن المأمور الضبط القضائي أن يضبط هذه الأوراق، ولكن ليس له أن يفضها ويطلع عليها، وإنما عليه أن يسلمها إلى سلطة التحقيق التي يحق لها وحدها الاطلاع عليها، طبقاً لنص المادة (۹۷) من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على ،،،،

(أن يطلع قاضي التحقيق وحده على الخطابات والرسائل والأوراق الأخرى المضبوطة، على أن يتم هذا إذا أمكن بحضور المتهم والحائز لها أو المرسلة إليه وبدون ملاحظاتهم عليها، وله عند الضرورة أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة بفرز الأوراق المذكورة، وله حسب ما يظهر من الفحص أن يأمر بضم تلك الأوراق إلى ملف القضية أو بردها إلى من كان حائزاً لها أو المرسلة إليه).

الرقابة القضائية على الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات :

الدفع ببطلان التفتيش في قضايا المخدرات من الدفوع الجوهرية والمتعلق بالنظام العام، وتقدير توافر حالات التفتيش من عدمه من سلطة التحقيق تحت إشراف القضاء، وللقضاء سلطة تقدير الأدلة.

والدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات إذا تعلق البطلان بالنظام العام، فيجوز الاحتجاج به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولكن لا يجوز مع ذلك الاحتجاج به لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك لأن هذا الدفع من الدفوع التي يختلط فيها القانون بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً لا تختص به محكمة النقض.

كما وأن كل ما يقتضيه بطلان التفتيش فى قضايا المخدرات هو استبعاد الأدلة المستمدة منه لا الوقائع التي حدثت يوم إجرائه، بمعنى أن هذا البطلان لا يستتبع بطلان إجراءات التحقيق الأخرى، والأخذ بالأدلة الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التفتيش، ومن هذه الأدلة والعناصر هي الاعتراف اللاحق للمتهم لحيازته ذات المخدر الذي ظهر من التفتيش وجوده لديه.

فإذا كانت المحكمة قد أقامت الدليل على وقوع الجريمة من أدلة أخرى لا شأن للتفتيش الباطل بها وكان الإثبات بمقتضاه صحيحاً لا شائبة فيه.

وطالما كانت هذه الإجراءات منقطعة الصلة بالتفتيش الباطل، فإن مصلحة المتهم فيما يثيره من بطلان التفتيش منتفية، والنعي على إجراءات التفتيش بالبطلان لا محل له.

مفاد ما تقدم أنه إذا ثبت بطلان التفتيش وبطلان الدليل المستمد منه فإن ذلك لا يحول دون الاعتداد بالأدلة الأخرى في الدعوى التي تكون مستقلة عن التفتيش، فلا يلحقها بطلانه، ومن ثم تكون الإدانة المستندة إليها صحيحة على الرغم من بطلان التفتيش. وسوف نستعرض جميع الدفوع المتعلقة ببطلان التفتيش على النحو التالي:

الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما :

من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، كما أنه يتعين على المحكمة أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، وكان دفاع الطاعن – بطلان القبض والتفتيش لحصولها قبل إذن النيابة العامة بدلالة ما أثبته بلكامين القسم من خروج الضابط والقوة المرافقة له قبل ساعة من صدور الإذن – يعد دفاعاً جوهرياً إذ قصد به تكذيب شاهد الإثبات،

ومن شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فقد كان لزاماً على المحكمة أن تمحصه وتقسطه حقه بتحقيق تجريه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو أن ترد عليه بما يدحض إن هي رأت إطراحه أما وقد أمسكت عن تحقيقه واكتفت في الرد عليه بقالة الاطمئنان لأقوال شاهد الإثبات وأن ما أثبت في دفتر الأحوال مجرد خطأ مادي وأن سائر شواهد الدعوى تقطع بوقوع هذا الخطأ فهو رد غير سائغ لما انطوى عليه من مصادرة لدفاع الطاعن قبل أن ينحسم أمره فضلاً عن تجهيل الحكم الماهية شواهد الدعوى التي تقطع بوقوع هذا الخطأ،

فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن إخلاله بحق الطاعن في الدفاع مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه.

(الطعن رقم ۸۸۹٥ لسنة ٦٨ ق جلسة ١/١١/٢٠٠١)

الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من غير مأموري الضبط القضائي فى قضايا المخدرات :

أن الدفع ببطلان القبض فى قضايا المخدرات لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به.

وإذ كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه أبدى أي دفع ببطلان القبض بقالة وقوعه من شرطي سري – وهو من غير مأموري الضبط القضائي – وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

(الطعن رقم ٤٣٨ والطعن رقم ۱۳۸۸ لسنة ٤٨ قضائية نقض جلستي ۲۹ أكتوبر و۱۸ نوفمبر سنة ۱۹۷۸ ق ١٤٨، ۱۹۸ س ۲۹ ص ۷۳۸، ص ٩٥٥)

وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأنه لا جدوى للطاعنة من النعي على الحكم إقراره صحة القبض على المتهمات من الثانية إلى الخامسة، لأنه على فرض أن القبض عليهن وقع باطلاً فإنه لا يستفيد من بطلانه سوى صاحب الشأن فيه ممن وقع القبض عليه باطلا – وهو غير الطاعنة – ومن ثم فلا شأن لها في طلب هذا الإجراء.

(الطعن رقم ۱۸۱۳ لسنة ٣٦ قضائية نقض جلسة ١٤ فبراير سنة ١٩٦٧ س ۱۸ ق ٤٢ ص ۲۱۹)

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لإجرائه من مأمور ضبط قضائي غير مختص مكانياً:

إختصاص مأموري الضبط القضائي ذوي الإختصاص المكاني المحدود مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم، إذ لا تتوافر لهم صفة الضبطية القضائية إلا في دوائر اختصاصهم المحلي الذي يتعين إما بمكان وقوع الجريمة أو بالمكان الذي يقيم فيه المتهم أو يضبط فيه،

فإذا جاوز المأمور هذه الحدود وخرج عن دائرة اختصاصه زالت عنه صفته وكانت إجراءاته معيبة باطلة، غير أن هذا البطلان نسبي فيجب التمسك به أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض  ويسري شرط الاختصاص أيضاً بالنسبة للمجال النوعي، فإذا كان مأمور الضبط القضائي ذا إختصاص نوعي محدد، تعين عليه أن يلزم حدود اختصاصه النوعي،

فلا يجوز له أن يتخذ إجراء في شأن جريمة لا يختص بها. أما إذا كان مأمور الضبط القضائي ذا إختصاص نوعي عام فإنه يتعين عليه أن يلتزم حدود اختصاصه الإقليمي.

امتداد الاختصاص لمأمور الضبط القضائى فى قضايا المخدرات :

إذا كان مأمور الضبط القضائي مختصاً وفقاً لمعيار من المعايير السابقة كان الإجراء الذي وقع منه صحيحاً حتى ولو تم في دائرة أخرى بعيدة عن دائرة اختصاصه المكاني، إذ يكفي أن يكون مختصاً بمباشرة الإجراءات المتعلقة بالجريمة التي وقعت في دائرة اختصاصه أو كان المتهم يقيم بها أو تم ضبطه بها فيمتد اختصاصه في هذه الحالة إلى جميع من اشتركوا في الواقعة موضوع الدعوى المذكورة أو اتصلوا بها أينما كانوا ويكون له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخوله له القانون من إجراءات، سواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين به.

ولذلك فقد قضت محكمة النقض بامتداد الاختصاص لمأمور الضبط القضائى فى قضايا المخدرات حتى في الحالة التي لم تكن فيها الإجراءات قد بدأت بعد في دائرة الاختصاص المكاني المأمور الضبط القضائي متى دعت الضرورة إلى ذلك، فقالت أنه من المقرر أنه إذا صادف مأمور الضبط القضائي المتهم المأذون بتفتيشه قانونا أثناء قيامه لتنفيذ إذن التفتيش على شخصه في مكان يقع خارج دائرة اختصاصه المكاني،

وبدا له منه ومن المظاهر والأفعال التي أتاها ما تم عن إحرازه جوهراً مخدراً ومحاولته التخلص منه فإن هذا الظرف الاضطراري المفاجئ يجعله في حل من مباشرة تنفيذ أمر النيابة بالتفتيش قياماً بواجبه المكلف به والذي ليست لديه وسيلة أخرى لتنفيذه، إذ لا يسوغ مع هذه الضرورة أن يقف مأمور الضبط القضائي مغلول اليدين إزاء المتهم المنوط به تفتيشه لمجرد أنه صادفه في غير دائرة اختصاصه .

وعلى من يدفع ببطلان الإجراء الذي يباشره مأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات لانعدام اختصاصه المكاني أن يقدم الدليل على ذلك للمحكمة، لأن الأصل في الإجراءات الصحة، بل ولا تلتزم المحكمة بتحري صفة الضابط الذي أجرى التفتيش لمجرد قول المتهم ذلك دون تقديم دليل عليه.

تبعية مأموري الضبط القضائي للنيابة العامةفى قضايا المخدرات :

تنص المادة (٢٢/١) إجراءات جنائية على أن يكون مأمورو الضبط القضائي تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفته.

ويلاحظ أن هذه التبعية وظيفية بحتة، وليست تبعية إدارية، فمأمور الضبط القضائي يتبع رؤساءه الإداريين ويخضع لتعليماتهم، أما تبعيته للنيابة العامة فهي مقصورة على وظيفة الضبطية القضائية من حيث الإستدلال والتحقيق، ولذلك فإنه ليس للنائب العام أن يأمر بمجازاة أحد مأموري الضبط القضائي إدارياً،

وتقتصر سلطة النائب العام على طلب مؤاخذة مأمور الضبط القضائي إذا وقع منه مخالفة لواجباته، أو تقصير في عمله، وله أن يطلب من جهة عمله رفع الدعوى التأديبية عليه، ولا يحول ذلك دون رفع الدعوى الجنائية إذا كان ما أخل به مأمور الضبط يشكل جريمة جنائية.

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لإجرائه من غير المندوب له:

إذا كان الضابط المأذون بالتفتيش فى قضايا المخدرات مصرحاً له بتفتيش مسكن الطاعن ويندب غيره من مأموري الضبط القضائي لذلك، فإن تفتيش المسكن بمعرفة الضابط الذي اسند إليه تنفيذه من المأذون أصلا للتفتيش يكون قد وقع صحيحاً إذ أن الأصل أنه لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش فى قضايا المخدرات أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب

والمعنى المقصود من الجمع بين المأذون المسمى باسمه في إذن التفتيش وبين من يندبه هذا الأخير من رجال الضبط القضائي لا يفيد بمؤدى صيغته لزوم حصول التفتيش منهما مجتمعين، بل يصح أن يتولاه أولهما أو من يندبه من مأموري الضبط طالما أن عبارة الإذن لا تحتم على ذلك المأذون بالتفتيش قيامه بشخصه بإجرائه أو ضم من يسري ندبه إليه في هذا الإجراء.

 الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لوقوعه على غير المتهم: –

أنه وإن كان المأمور الضبط القضائي فى قضايا المخدرات أن يفتش المتهم أو غيره من الموجودين بالمكان المأذون له بتفتيشه، إلا أن شرط ذلك أن توجد قرائن قوية على أن هذا الغير يخفي شيئا يفيد في كشف الحقيقة، أو كان وجوده يلم عن احتمال اشتراكه في الجريمة أو كانت الأحوال التي أحاطت به توحي بأنه له اتصالا بها بحكم ظاهر صلته بالمتهم الضالع فيها

(نقض٢١/٢/١٩٦٦ مجموعة المكتب الفني س ۱۷ ق ۱۷٥)

 

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لحصوله بغير حضور المتهم:

١- مجال تطبيق المادة (٥١) إجراءات جنائية هو عند دخول مأموري الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم القانون فيها ذلك، أما التفتيش الذي يقومون به بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فتسري عليه أحكام المواد (۹۲، ۱۹۹، ۲۰۰) من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك.

(نقض جلسة١٩/٦/١٩٧٢ص ۲۳ ق ۲۰۹ ص ٩٣٦)

٢- من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان، ذلك أن القانون لم يجعل حضور المتهم التفتيش الذي يجري في مسكنه شرطاً جوهرياً لصحته، ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون.

(نقض جلسة٥/٩٦/١٩٧٧ص ٢٨ ق ١٤٥ ص ٦٩١)

٣- لم يجعل القانون حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش في أحوال لتلبس.

(نقض جلسة ٩/١٢/١٩٧٣ص ٢٤ ق ۲۹۹ ص ۱۱۷۷)

٤-إن التفتيش فى قضايا المخدرات بغير حضور المتهم لا يترتب عليه قانوناً بطلانه، فإن حضور المتهم التفتيش الذي يجريه في مسكنه، وإن كان واجباً حين تسمح به مقتضيات التحقيق وظروفه نظراً لما فيه من زيادة ثقة في الإجراء وما يتبعه من فرص المواجهة وما إلى ذلك. لم يجعله القانون شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش.

(نقض جلسة ٨/١٢/١٩٤٧مجموعة القواعد القانونية ج ٧ ق ٤٤٧ ص ٤١٥)

٥– حصول التفتيش فى قضايا المخدرات بحضور شاهدين إعمالاً لنص المادة (٥١) إجراءات جنائية لا يكون إلا في حالة غياب المتهم.

(نقض جلسة٩/٢/١٩٦٠س ۱۱ ق ۳۲ ص ١٥٨)

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لعدم الرضاء به:

١-من المقرر أن القيود الواردة على تفتيش المنازل والحماية التي أحاطها بها الشارع تسقط عنها حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها رضاء صريحاً حراً لا لبس فيه حاصلاً منهم قبل الدخول وبعد إلمامهم بظروف التفتيش والغرض منه وبعدم وجود مسوغ يخول له من يطلبه سلطة إجرائه ويستوي بعد ذلك أن يكون ثابتاً بالكتابة أو تستبين المحكمة ثبوته من وقائع الدعوى وظروفها.

(نقض جلسة ٣/٤/١٩٨٤ س ٣٥ ق ۸۲ ص (۳۷۹)

٢- يجب بمقتضى القانون للأخذ برضاء صاحب المنزل بدخول رجال البوليس أو غيرهم منزله لتفتيشه أن يكون هذا الرضاء صريحاً حراً حاصلاً منه قبل الدخول وبعد إلمامه بظروف التفتيش الذي أجرى في منزل المتهم بناء على ما ذكرته من أن الزوجة أجازته بعدم اعتراضها عليه لا يكون كافيا لتبرير ذلك التفتيش والاعتماد على ما تحصل منه.

(جلسة ١١/١١/١٩٤٦مجموعة القواعد القانونية ج ۷ ق ۲۲ ۱ص٢٠٥)

٣– يجب في الرضاء الحاصل من صاحب المنزل بدخول رجل البوليس منزله لتفتيشه فى قضايا المخدرات أن يكون حراً حاصلاً قبل الدخول وبعد العلم بظروف التفتيش وبأن من يريد إجراءه لا يملك ذلك قانوناً.

(جلسة ١٧/٤/١٩٣٩مجموعة القواعد القانونية ج ٤ ق ٣٧٧ ص ٥٣٠)

الدفع ببطلان تفتيش الأنثى لعدم إجرائه بمعرفة أنثى:

١-مجال إعمال حكم المادة (٤٦/٢) إجراءات جنائية أن يكون ثمة تفتيش قد وقع على الأنثى في موضع من جسمها لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليه ومشاهدته باعتباره من عورات المرأة التي يخدش حياءها إذا مس.

(نقض جلسة ٧/٣/١٩٦٦س ۱۷ ق ٥١ ص ٢٥٨)

٢- وتنفيذ الإذن بتفتيش الأنثى دون الاستعانة بأنثى لا يعيب إجراءات التفتيش طالما اقتصر على مواضع لا تعتبر من عورات المرأة التي يجوز لرجل الاطلاع عليها.

(نقض جلسة ١٤/١/١٩٨٦ ص ٣٧ ق ١٤ ص ٦٤)

٣-ومراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى عندما يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها هو الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست.

) نقض جلسة ١٢/٣/١٩٧٢ ص ۲۳ ق ٨١ ص ٣٥٩)

٤-الكشف عن المخدر في مكان حساس من جسم الطاعنة بمعرفة طبيب المستشفى لا تأثير له على سلامة الإجراءات، ذلك أن قيامة بهذه الإجراءات إنما كان بوصفه خبيرا، وما أجراه لا يعدو أن يكون تعرضاً للطاعنة بالقدر الذي تستلزمه عملية التداخل الطبي اللازمة لإخراج المخدر من موضع إخفائه في جسم الطاعنة.

(نقض جلسة ٤/١/١٩٧٦س ۲۷ ق ۱ ص ۹)

٥- لا تستلزم المادة (٤٦) إجراءات جنائية أن تحلف الشاهدة التي ندبت لتفتيش أنثى من مأمور الضبط القضائي وأثبت اسمها في محضر ضبط الواقعة اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماعها بيمين طبقا للقاعدة التي وضعتها المادة ۲۹ إجراءات جنائية.

(نقض جلسة٢٩/٥/١٩٧٢س ۲۳ ق۱۸۷ ص ٨٢٥)

٦- إن القول بأن الطبيب يباح له بحكم مهنته ما لا يباح لغيره من والكشف على الإناث وانه لا غضاضة عند استحالة تفتيش متهمة بمعرفة أنثى أن يقوم هو بإجراء التفتيش المطلوب، ذلك تقدير خاطئ في القانون.

(نقض جلسة١١/٤/١٩٥٥س ٦ ق ٢٤٩ ص ٨٠٧)

٧-لم يوجب القانون على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عند انتقاله لتنفيذ إذن تفتيش أنثى، إذ أن هذا الإلزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في مواضع تعتبر من عورات المرأة. وجذب الضابط المخدر من الطاعنة ليس فيه مساس بعورة المرأة مما لا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة أنثى.

(نقض جلسة ٣١/١/١٩٨٤ص ٣٥ ق ۱۹ ص ٩٥)

الدفع ببطلان تفتيش السيارات الخاصة والأجرة والخالية فى قضايا المخدرات :

١-التفتيش فى قضايا المخدرات المحظور هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون، أما حرمة السيارة الخاصة فمستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها، وإذن فما دام هناك أمر من النيابة بتفتيش شخص المتهم فانه يشمل بالضرورة ما يكون متصلاً به، والسيارة الخاصة كذلك، ومن ثم فلا وجه لما ينعاه الطاعن من بطلان.

(نقض جلسة ٤/٢/١٩٨٤س ٣٥ ق ٣٠ ص ١٤٩)

٢ – القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش فى قضايا المخدرات بالنسبة إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة تحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها.

(٣/١/١٩٦٦أحكام النقض س ۱۷ ق ۲ ص ٥)

٣-التمسك ببطلان تفتيش سيارة لا يقبل من غير حائزها.

(نقض جلسة ١/١٢/١٩٨٨ص ۳۹ ق ۱۸۱ ص ١١٥۹)

٤-لما كان التفتيش فى قضايا المخدرات الذي يحرمه القانون على رجال الضبطية القضائية هو الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن فيما عدا أحوال التلبس والأحوال الأخرى التي منحهم فيها القانون حق القبض والتفتيش بنصوص خاصة،

على أن القيود الواردة علـــى حـق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش فى قضايا المخدرات بالنسبة للسيارات إنما تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها،

أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار – كالسيارة التي ضبط بها المخدر – فإن من حق مأمور الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور.

(نقض جلسة ١٠/١١/١٩٨٣س ٣٤ ق ١٨٧ ص ٩٤٠)

.

أما بالنسبة للسيارة المعدة للإيجار – كالسيارة التي ضبط بها المخدر – فإن من حق مأمور الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور،

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نقلاً عن أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات أن ضبط هذا الأخير للجوهر المخدر كان بعد تخلى المطعون ضده عن اللفافة التي كان يضعها على فخذيه أثناء ركوب السيارة وأن أمر ضبط هذه الجريمة إنما جاء عرضا ونتيجة لما اقتضاه البحث بين ركاب السيارة عن الشخص المأذون بتفتيشه مما جعل الضابط حيال جريمة متلبس بها،

فإن الحكم المطعون فيه إذا التفت عن هذا النظر وقضى ببطلان القبض والتفتيش، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

(نقض٢٠/١١/١٩٧٥مج س ٢٦ ص ٧٧٨)

(ونقض ٢٤/٢/١٩٨٤مج س ٣٦ ص ١٤٩)

الدفع ببطلان إذن التفتيش فى قضايا المخدرات لعدم تحديد الشخص المراد تفتيشه:

١-لما كان الثابت أن المحكمة أبطلت إذن التفتيش فى قضايا المخدرات تأسيساً على عدم جدية التحريات لما تبيته من أن الضابط الذي استصدره لو كان قد جد في تحرياته عن المتهم المقصود لعرف حقيقة اسمه،

أما وقد جهله فذلك لقصوره في التحري مما يبطل الأمر الذي استصدره ويهدر الدليل الذي كشف عنه تنفيذه، ولم يبطل الأمر لمجرد الخطأ في ذلك الاسم، وهو استنتاج محتمل تملكه محكمة الموضوع.

(نقض جلسة ١٨/٣/١٩٦٨ص ۱۹ ق ٦١ ص ۳۲۱)

٢- إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في منطق سائغ سليم أن مسكن الطاعنة هو ذات المسكن المقصود بأمر التفتيش فى قضايا المخدرات الذي وصف في الأمر أنه المسكن الملاصق لمسكن المتهم الآخر الذي يشغله بعض أفراد أسرته، مما مؤداه أن أمر التفتيش قد انصب على الطاعنة باعتبارها إحدى قريباته وأن التحريات دلت على أنها تشاركه في حيازة الجواهر المخدرة. فانه لا حاجة عندئذ لاستصدار إذن من القاضي بتفتيش مسكنها.

(نقض ١٣/٢/١٩٦١ مجموعة القواعد القانونية س ۱۲ ص ۲۰۹)

٣- من المقرر أن تقدير جدية التحريات فى قضايا المخدرات كفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ،،،

ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن للتفتيش تأسيسا على عدم جدية التحريات لما تبين من أن الضابط الذي استصدره لو كان قد جد في تحريه عن المتهم المقصود لعرف حقيقة اسمه وعرف حقيقة التجارة التي يمارسها خاصة والمتهم معروف باسمه الحقيقي المسجل في ملفه بمكتب مكافحة المخدرات وسبق ضبطه في قضية مماثلة،،،،

فإن ما انتهى إليه الحكم لم يكن أساسه مجرد الخطأ في اسم المقصود بالتفتيش وإنما كان مرجعه القصور في التحري بما يبطل الأمر ويهدر الدليل الذي كشف عنه تنفيذه، وهو استنتاج سائغ تملكه محكمة الموضوع ومن ثم فإن منعي الطاعن يكون في غير محله.

(نقض ٢٦/١١/١٩٧٨مجموعة القواعد القانونية ص ۲۹ ص ۸۳۰)

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لحصوله بعد إنتهاء مدة الإذن:

١-لما كان الشارع لم يشترط لصحة الإذن بالتفتيش فى قضايا المخدرات الذي تصدره النيابة العامة أن يكون تنفيذه خلال مدة محددة، فإذا ما رأت النيابة تحديد المدة التي يجب إجراء التفتيش خلالها فإن ذلك منها يكون إعمالاً لحقها في مراعاة مصلحة المتهم وعدم تركه مهدداً بالتفتيش إلى وقت قد يجاوز الوقت المحدد،،،،

وإذا لم تحدد النيابة العامة أجلاً لتنفيذ الإذن الذي أصدرته، فإن هذا الإذن يعتبر قائماً، ويكون التفتيش الذي حصل بمقتضاه صحيحاً قانوناً طالما أن الظروف التي اقتضته لم تتغير وأن تنفيذه تم في مدة تعتبر معاصرة لوقت صدور الإذن.

(نقض جلسة ٣/١/١٩٨٠ص ۳۱ ق ٥ ص ٣٤)

٢- إذا كان إذن النيابة في تفتيش منزل المتهم قد نص فيه على أن يكون تنفيذه خلال ثماني وأربعين ساعة من تاريخ صدوره فإن اليوم الذي صدر فيه الإذن لا يحسب في الميعاد طبقاً للقواعد العامة بل يجب احتساب الساعات ابتداء من اليوم التالي.

(جلسة ١٦/٥/١٩٤١مجموعة القواعد القانونية ج ٥ ق ٢٨١ ص ٥٤٩)

٣-إن المادة ١٦ مرافعات عبرت عن قاعدة عامة واجبة الاتباع في كل الأحوال وفى جميع المواد، وهى أنه إذا كان الميعاد المقدر أو المقرر لإجراء عمل من الأعمال أو مباشرة إجراء من الإجراءات قد عين الأيام فإن حسابه يجب أن يكون بالأيام أيضا لا بالساعات،

وعلى أساس عدم إدخال اليوم الأول في العدد ومباشرة العمل أو الإجراء في اليوم الأخير وإذن فالحكم الذي يقول بصحة التفتيش الذي أجرى يوم ١٤ من شهر كذا تنفيذا للإذن الذي صدر به من النيابة بتاريخ ۱۱ من هذا الشهر والمشترط فيه وجوب إجراء التفتيش في مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام من صدور هذا الحكم يكون صحيحاً.

(جلسة ١٢/١/١٩٤٨ مجموعة القواعد القانونية ج ٧ ق ٤٩٤ ص ٤٥٤)

٤- – إثبات ساعة إصدار الإذن بالتفتيش فى قضايا المخدرات إنما يلزم عند احتساب ميعاد لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وما دام أن الحكم قد أورد أن التفتيش قد تم بعد صدور الإذن به وقبل نفاذ أجله، فلا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره.

(نقض جلسة ٢٠/١٢/١٩٦٠ ص ۱۱ ق ۱۸۲ ص ۹۳۳)

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات داخل الدائرة الجمركية:

١-أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وأمتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الإداري الذي يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذي عناه الشارع بالمادة ٤١ من الدستور.

(نقض جلسة ٣/٤/١٩٨٥ س ٣٦ ق ٨٨ ص ٥٢٤)

٢-جرى قضاء هذه المحكمة على أن تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون الدائرة الجمركية أو يخرجون منها أو يمرون بها هو ضرب من قيامهم بتأدية وظائفهم لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة الكشف عن أفعال التهريب استهدف به الشارع صالح الخزانة،

ويجريه موظفو الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبطية القضائية أثناء المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشتراط وجود الشخص المراد تفتيشه في إحدى الحالات المقررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في هذا الشأن.

(نقض جلسة ١٦/١١/١٩٧٨س ٢٩ ق ١٦١ ص ٧٨٥)

٣- القضاء ببطلان تفتيش المتهم داخل الدائرة الجمركية لانتفاء ما يجيزه طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية دون أن يعرض الحكم لحق مأموري الضبط القضائي من رجال الجمارك في التفتيش لقيام مظنة لتهريب هو خطأ في تطبيق القانون.

(نقض جلسة ١٦/١١/١٩٧٨س ۲۹ ق ١٦١ ص ٧٨٥)

٤- البين من استقراء نصوص المواد من (٢٦ إلى ۳۰) من القانون رقم ٦٦ لسنة ۱۹٦٣ بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق.

وان الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراطه وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور،

بل أنه يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها – في الحدود المعرف بها في القانون – حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها في القانون العام فانه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة،

لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ نتج عن التفتيش الذي اجري دليلاً يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً.

(نقض جلسة٥/٢/١٩٧٣ص ٢٤ ق ۳۰ ص ۱۳۰)

 

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لتجاوز الغرض منه: –

لما كان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الإفتات على حريات الناس والقبض عليهم بدون حق وأنه ولئن كان تقدير الشبهة التي تخول التفتيش بقصد الطوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه التماس للفرار أن يتعدى على غيره مما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع ،،،

إلا أن حد ذلك أن يكون القبض قد تم في الحالات التي يجيزها القانون وأن يكون التفتيش بقصد الطوقي مقيد بالغرض منه وليس للضابط أن يتجاوز هذا الغرض إلى تفتيش لغرض آخر.

لما كان ذلك، وكان الثابت مما حصله الحكم وأورده في مدوناته أن المحكوم عليه لم يصدر أمراً بالقبض عليه وإنما توجه الضابطان لتنفيذ الغرامة المحكوم بها عليه في قضية أخرى –

وإذ كان تحصيل الغرامة لا يقتضي القبض – وليس في وضع المتهم يده في فتحه جلبابه ما يقوم بها بذاته داعي التخوف من استعمال السلاح في مواجهة الضابطين ،،،

لما كان ذلك، وكان من غير المتصور أن يقتضي بحث الضابط على سلاح مع المتهم عند تفتيشه له تفتيشاً وقائياً أو عن أشياء تساعده على الهرب إن جاز له القبض أن يقوم بالبحث عن ذلك داخل لفافة من الورق المسطر بداخلها خمس لفافات من مخدر الهيروين وزنها ۱۲,۷۲ جرام) وهي لا تصلح لأي منها داخلها فإن ذلك التفتيش من الضابط بالكيفية التي تم بها يكون في غير حالاته التي تستوجبه وجاء متجاوزاً للغرض الذي شرع من أجله إذا استطال لغرض آخر ،،،

وهي سعي من إجراء للبحث عن جريمة لا صلة لها بهذا النوع من التفتيش والأمر الذي يكون معه الدفع ببطلانه سديداً في القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه.

وحيث أنه متى كان التفتيش الذي تم على المتهم لما سلف باطلاً فإن الدليل المستمد منه يضحي باطلاً ويستطيل هذا البطلان إلى كل ما ضبط مع المتهم من مخدر نتيجة لذلك الإجراء الباطل ويتعين استبعاد كل دليل نتج عن هذا التفتيش الباطل بما في ذلك شهادة من أجراه ومن ثم تكون الدعوى قد خلت من أي دليل صحيح على مقارفة المحكوم على مقارفة المحكوم عليه للجريمة المسندة إليه ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءته دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن من المتهم أو النيابة العامة.

(الطعن رقم ٥١٦ لسنة ٦٥ ق – جلسة ٦/١/١٩٩٨)

الدفع ببطلان التفتيش فى قضايا المخدرات لحصانة بعض الأمكنة والأشخاص: –

أولا: في القانون الداخلي

حصانة بعض الموظفين:

تنص قوانين الدول على حصانات لبعض الأشخاص تميزهم بأحكام خاصة منها ما يتعلق بقانون العقوبات كإباحة القذف لأعضاء مجلس الشعب عند إبداء أفكارهم وآرائهم في المجلس أو في لجانه المادة ٩٨ من الدستور).

ومن الامتيازات ما يتعلق بالإجراءات الجنائية. كالحصانة البرلمانية المقررة في المادة ۹۹ من الدستور لأعضاء مجلس الشعب، والحصانة القضائية المقررة في المادة ٩٦ من قانون السلطة القضائية والإجراءات الخاصة باتهام ومحاكمة الوزراء المادة ١٥٩ من الدستور)  وحصانة الموظفين فيما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها (المادة ٦٣ – ٣ أ.ج.).

وهؤلاء لا يعفون من تطبيق نصوص قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، وكل ما هناك أنه يتبع بشأنهم بعض الأحكام الخاصة. وسنوجز فيما يلي هذه الأحكام.

الحصانة البرلمانية:

نصت المادة (۹۹) من الدستور على أنه: «لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس، وفي غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس. ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء».

ومن المقرر أن القانون إذا اشترط إذناً فإنه يجوز قبل صدور هذا الإذن اتخاذ جميع الإجراءات الجنائية في الدعوى إلا فيما يتعلق بالإجراءات الموجهة ضد المتهم سواء بالنسبة إلى شخصه أو منزله وبناء على هذا تشمل الحصانة البرلمانية: تكليف عضو مجلس الشعب بالحضور والقبض عليه وحبسه احتياطياً وتفتيشه وتفتيش مسكنه أو محله وضبط المراسلات الصادرة منه أو المرسلة إليه ورفع الدعوى بطبيعة الحال.

أما الإجراءات الأخرى كسماع الشهود والمعاينة وندب الخبراء فيجوز اتخاذها قبل الإذن، لأنها لا تمس شخص العضو ولا تعوقه عن أداء واجباته النيابية. على أن إعتبار التفتيش من الإجراءات الماسة بشخص العضو لم يخل من النقاش. فالراجح كما قلنا إنه كذلك سواء وقع على الشخص أو في مسكنه.

الحصانة القضائية:

فرقت المادة (٩٦) من قانون السلطة القضائية في مدى الحصانة بين التلبس وغيره، ففي حالات التلبس بالجريمة – جناية أو جنحة – أجاز القانون للنائب العام أن يقبض على القاضي أو يحبسه احتياطياً وأوجب عليه أن يرفع الأمر إلى اللجنة المنوه عنها في المادة (٩٤) في مدة أربع وعشرين ساعة من تنفيذ الأمر، وفي غير حالات التلبس لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه إلا بإذن من اللجنة.

وفي حالات التلبس وغيرها لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي، عدا ما ذكر، أو رفع الدعوى الجنائية عليه إلا بإذن من اللجنة وبناء على طلب من النائب العام. والمقصود بإجراءات التحقيق ما يمس شخص القاضي كتفتيشه وتفتيش مسكنه أو استجوابه ومواجهته بالشهود. ولكن من الجائز اتخاذ الإجراءات الأخرى كسماع الشهود وإجراء معاينة، كما تقدم.

حصانة الموظفين:

نصت الفقرة الثالثة من المادة (٦٣) من قانون الإجراءات على ما يأتي: فيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة ۱۲۳ من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط الجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها».

فقبل الإذن يمكن اتخاذ إجراءات التحقيق التي لا تمس شخص الموظف أو مسكنه، أما بعد الإذن فيسترد أعضاء النيابة كامل الحرية في اتخاذ جميع الإجراءات ومنها رفع الدعوى العمومية.

قيود إدارية على تفتيش بعض الأبنية :

في الحالات السابقة يبطل التفتيش الذي يحصل بغير إذن أو في غير حالات التلبس في بعض الأحوال، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن البطلان متعلق بالنظام العام. ولكن قد يكون قيد الإذن مجرد قيد إداري أو من قبيل الإرشاد أو التوجيه أو المجاملة فلا يترتب على إغفاله بطلان التفتيش، إلا إذا نص القانون على اعتباره جوهرياً.

ثانيا: في القانون الدولي

إعفاء بعض الأجانب من الخضوع للقضاء الوطني:

من المقرر أن بعض الأجانب يتمتعون بامتيازات أو حصانات خاصة بناء على نصوص في القانون الداخلي أو في معاهدات أو بناء على عرف دولي من هؤلاء رؤساء الدول الأجنبية وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقناصل وموظفو المنظمات الدولية والإقليمية، ومن إليهم. وهؤلاء لا يعفون من تطبيق قانون العقوبات وإنما فقط من تطبيق قانون الإجراءات الجنائية.

١- رئيس الدولة الأجنبية: من الثابت في العرف الدولي أنه لا يخضع القضاء دولة أجنبية يزورها أو يمر بها، وسيان كانت الجريمة تتعلق بوظيفة رئيس الدولة أو كانت تتعلق بحياته الخاصة. والغالب في الفقه أن أفراد أسرة رئيس الدولة والموظفين والمستخدمين الذين يكونون في صحبته يعاملون معاملة المبعوثين السياسيين.

٢- أعضاء البعثات الدبلوماسية: أبرمت بشأنهم اتفاقية فيينا في ١٨ إبريل سنة ١٩٦١، وعمل بها في ٢٤ إبريل سنة ١٩٦٤، وصدقت عليها مصر في ٩ يونية سنة ١٩٦٤ ونصت المادتان ۲۹، ۳۱ من هذه الاتفاقية على عدم جواز اتخاذ أي إجراء جنائي قبل أعضاء البعثات الدبلوماسية وعلى إعفائهم من القضاء المحلي.

وجاء في الماد٣٦/٢من اتفاقية فيينا أن حقائب المبعوث السياسي تعفى من التفتيش إلا إذا وجدت أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بوجود أشياء فيها لا يسري عليها الإعفاء أو محظور تصديرها أو استيرادها أو مما يخضع للحجر الصحي وفقاً لقوانين الدولة. وفي هذه الحالات يجري التفتيش بحضور المبعوث أو من يمثله.

٣- القناصل: نصت المادة (٤٣) من اتفاقية العلاقات القنصلية المبرمة في فيينا ٢٤ ابريل سنة ١٩٦٣ على أن الموظفين والمستخدمين القنصليين لا يخضعون للقضاء المحلي فيما يأتونه من أعمال تتعلق بوظائفهم. ينتج عن ذلك أنه لا حصانة لهم فيما يجرونه في حياتهم الخاصة وحصانتهم بذلك أضيق نطاقاً من حصانة رؤساء الدول وأعضاء البعثات الدبلوماسية.

٤- المنظمات الدولية والإقليمية في ۱۳ فبراير سنة ١٩٤٦ أبرمت الأمم المتحدة اتفاقاً بشأن امتيازات وحصانات العاملين فيها. وقد اقتبست جامعة الدول العربية من ذلك امتيازات وحصانات العاملين فيها. وقد اقتبست جامعة الدول العربية من ذلك الاتفاق الذي أبرمته في ١٠ مايو سنة ١٩٥٣.

وبمقتضاه يكون لممثلي الدول الأعضاء والأمين العام ومساعديه. وكبار موظفي الجامعة وعائلاتهم حصانة البعثات الدبلوماسية، أما غيرهم من الموظفين فلهم حصانة وظيفية فحسب، وللأمين العام أن يرفع الحصانة عنهم.

ولمجلس الجامعة العربية أن يرفع الحصانة عن كبار الموظفين. ولا تسري الحصانة المذكورة داخل الدولة التي ينتمي إليها الممثل أو الموظف وإنما خارجها فقط .

الدفع ببطلان الاستيقاف فى قضايا المخدرات

تعريف الاستيقاف :

الاستيقاف عبارة عن مجرد إيقاف عابر السبيل لسؤاله مثلاً عن اسمه وعنوانه ووجهته، وهو أمر مباح لرجال الحفظ عند الشك في أمر عابر سبيل. وله شروط ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي – على حد تعبير محكمة النقض – أن يضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الشبهات والريب،

وأن ينبئ هذا الوضع عن ضرورة تسلتزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته. وهو عمل لا يتنافى مع طبائع الأمور ولا يؤدي إلى ما يتطلبه القبض من مظاهر تبرره. فإن الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون فهو باطل.

لذا قضى أكثر من مرة بأنه إذا استوقف رجل الحفظ شخصاً لما روعى من أمره، ولما يعلمه من حيازته مخدراًـ فألقى هذا الأخير ما معه من مادة مخدرة على الفور فليس في ذلك ما يمكن عده من إجراءات القبض أو التفتيش الباطلة قبل ظهور المخدر، بل تكون الحالة حالة تلبس صحيحة.

كما قضى بأن استيقاف الدورية الليلية لأشخاص سائرين على الأقدام في الليل انحرفوا عن خط سيرهم العادي بمجرد رؤية أفراد الدورية، وظهروا أمامهم بمظهر الريبة مما يستوجب الإيقاف للتحري عن أمرهم، لا يعد قبضاً.

وأنه إذا كان الثابت من الحكم أن المتهم أسرع بوضع ما يشبع علية “الصفيح” في فمه بمجرد رؤية المخبر، ومضغها بأسنانه محاولاً ابتلاعها، فإنه يكون قد وضع نفسه بإرادته واختياره موضع الريب والشبهات، مما يبرر لرجال السلطة استيقافه للكشف عن حقيقة أمره.

وكذلك الشأن أيضاً في استيقاف ضابط الشرطة لعابر سبيل لطلب البطاقة منه لاستكناه أمره، فإنه يعد استيقاقاً لا قبضاً. ويكون تخلي المتهم بعد ذلك عن الكيس الذي انفرط وظهر ما به من مخدر قد تم طواعية واختياراً، بما يوفر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش.

وكذلك الشأن أيضاَ في استيقاف سيارة وفتح بابها بحثاً عن محكوم عليه فار من وجه العدالة فإنه لا يعد تفتيشاً، بل أمراً داخلاً في نطاق تنفيذ المهمة التي كلف المخبر بها والتي تبيح له استيقاف السيارة كما قضى حديثاً بأن ملاحقة المتهم أثر فراره لاستكناه أمره يعد استقافاً.

كما توسعت محكمة النقض في تطبيقات الاستيقاف في بعض أحكام لها، فذهبت إلى أن الاستيقاف متى توافرت مبرراته يسمح لرجال الحفظ – ولو من غير مأموري الضبط القضائي – باصطحاب المتهم الذي وضع نفسه موضع الريبة والظن اختياراً إلى قسم البوليس لاستيضاحه والتحري عن أمره. وأن ذلك لا يعد قبضاً.

لذا قضت مثلاً بأنه كان رجل البوليس باعتباره من رجال السلطة العامة قد أيقن بحق، لظروف الحادث وملابساته، أن من واجبه أن يستوقف المتهم ويتحرى أمره، فلما اثارت شبهته فيه رأى أن يستصحبه إلى قسم البوليس،،،،

واعترف المتهم أمام الضابط بان ما في الحقيبة ليس مملوكاً له فقام بتفتيشه، فإن الدفع ببطلان التفتيش لا يكون له محل كما ذهبت إلى أن ما قام به رجال الهجانة من اقتياد السيارة التي كان يركبها المتهم وبها هذا الأخير إلى نقطة البوليس، بعد هروب راكبين منها يحملان سلاحاً نارياً في وقت متأخر من الليل، لا يعدو أن يكون من صور الاستيقاف اقتضته بادئ الأمر ملابسات جدية هي سير السيارة بغير نور فلا يرقى إلى مرتبة القبض وكذلك الشأن إذا كان المتهم يسير بسيارته مخالفاً اللوائح بسيره في شوارع المدينة بسرعة أكبر مما يستلزمه حسن القيادة في مثل هذه الظروف، فإن استيقاف السيارة لاتخاذ ما يلزم بشأنها يكون صحيحاً.

أما إذا وقع الاستيقاف دون توافر شروطه، وهو أن يضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع شبهة أو ريبة ظاهرة لما يستلزم تدخل رجال السلطة للكشف عن حقيقة الأمر، فهو يكون باطلاً لا سند له في القانون، لا بوصفه استيقافاً ولا يوصفه قبضاً، لأن القبض يتطلب – من باب أولى – توافر مبرراته على ما سيرد فيما بعد. وتقدير توافر هذ المبررات أو انتفاءها من اختصاص قاضي الموضوع الذي يستقل به ما دام لاستنتاجه وجه يسوغه.

لكن محكمة النقض عادت بعد ذلك وقضت بأنه إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن مخبرين من قوة الشرطة اشتبها في أمر المتهم الذي كان جالساً على مقعد برصيف المحطة، وبجواره حقيبتان جديدتان من الجلد سألاه عن صاحبهما وعما تحويانه فتردد في قوله، وحينئذ قويت لديهما الشبهة في أمره،،،،

فضبطا الحقيبتين واقتاداه إلى مكتب الضابط القضائي الذي فتح الحقيبتين فوجد بإحداهما ثلاث بنادق صغيرة وبالأخرى طلقات نارية. فإن ما أتاه رجلا الشرطة – وهما ليس من مأموري الضبط القضائي – على تلك الصورة إنما هو القبض بمعناه القانوني الذي لا تجيزه المادة 34 إجراءات إلا لرجال الضبط القضائي.

فإذا كلن الحكم قد اعتبر أن ما وقع من رجال الشرطة ليس قبضاً على الرغم مما انطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون على وجهه الصحيح، ويكون ما أسفر عنه تفتيش الحقيبتين باطلا كذلك، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قاموا بهذين الإجراءين الباطلين، مما يتعين عليه نقض الحكم وبراءة المتهم ومصادرة الأسلحة والذخيرة المضبوطة.

كما ذهب حكم إلى أن الاستيقاف قانوناً لا يعدو أن يكون مجرد إيقاف إنسان وضع نفسه موضع الريبة في سبيل التعرف على شخصيته. وهو مشروط بألا تتضمن إجراءاته تعرضاً مادياً للمتحري عنه يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو اعتداء عليها. وبالتالي أبطلت محكمة النقض هذا الإجراء وما أعقبه من تفتيش المتهم.

الفرق بين القبض والاستيقاف

وعلى أية حال فإن الاستيقاف يختلف عن القبض من جملة نواح:

أولاها: أنه يجوز إجراؤه بمعرفة أي شخص من رجال السلطة العامة ولو لم يكن من رجال الضبط القضائي، حين لا يجوز القبض – بمعناه الفني الدقيق -إلا من رجال الضبط القضائي وحدهم.

وثانيها: أنه لا يشترط فيه التلبس اللازم – لإمكان القبض الصحيح، بل يجوز عند الاشتباه في توافر أية جناية أو جنحة.

وثالثها: أنه لا يجيز بذاته تفتيش شخص المتهم، على عكس القبض القانوني الصحيح الذي يجيز بذاته هذا التفتيش.

ورابعها: أنه لا يعد كالقبض من إجراءات التحقيق بمعناه الضيق، فهو أدنى إلى أن يكون من إجراءات الاستدلال أو حفظ الأمن التي يملكها رجال السلطة العامة. ويمكن اعتباره أيضاً من الإجراءات التحفظية المناسبة التي أشارت إليها المادة (35/2) بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972.

وخامسها: أنه إذا كان القبض يبيح احتجاز المتهم لمدة لا تتجاوز 24 ساعة بمعرفة رجال الضبط القضائي، فإن الاستيقاف لا يبيح – على أوسع الآراء – أكثر من اصطحاب المتهم المشتبه فيه إلى أقرب مأموري الضبط القضائي للتثبت من شأنه ولاستيضاحه.

وتوسع بعض أحكام النقض في أحوال الاستيقاف قصد به – على الأرجح – تمكين رجال السلطة العامة منضبط كثير من الجرائم التي تنبني عنها شبهات قوية ظاهرة0 ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ولا تحت إشرافهم المباشر. لكن يخشى أن يؤدي هذا التوسع – في نهاية المطاف – إلى إهدار ضمانات القبض، بما يتضمنه من مساس بحرمة الأشخاص التي كفلتها الدساتير كافة،،،،

وبما يتجاوز مراد الشارع الإجرائي من تعيين شروطه وأحواله تعييناً محدداً صريحاً في المادتين 34، 35، خصوصاً وأن سلطة الاستيقاف أصبحت تسمح – في ضوء هذا الاتجاه المتوسع – باصطحاب المتهم إلى قسم الشرطة، أي أنها أصبحت تقارب في جوهرها سلطة القبض القانوني، فيما خلا بعض آثار طفيقة لا تزال تفرق بين الأمرين على النحو الذي بيناه.

والأمر الذي قد يصدر من مأمور الضبط القضائي لأشخاص موجودين في مكان ما بعدم التحرك هو إجراء تنظيمي يقصد به أن يستقر النظام في المكان الذي يدخله حتى تتم المهمة التي حضر من أجلها، كأن تكون قبضاً على متهم أو تفتيشاً للمكان، أو تفقداً لحالة الأمن أو البحث عن المحكوم عليهم والمشبوهين وهو على هذا النحو لا يعد قبضاً ولا استيقافاً،،،،

فلا يتطلب حتى توافر دلائل كافية قبل الأشخاص الموجودين في هذا المكان. ولا تجيز مخالفته بذاتها بالقبض ولا التفتيش، ما لم تنشأ حالة تلبس بارتكاب الجريمة، أو بالأقل ظهور دلائل كافية مما يبيح طلب القبض على شخص المتهم طبقاً للمادة (35)، ثم تفتيشه طيقاً للمادة (46).

القبض على المتهم الحاضر :

لا شك أن القبض على المتهم هو أهم الإجراءات التي يملكها مأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجريمة. إذ أن القبض إجراء من إجراءات التحقيق ولبس من إجراءات الاستدلال، فلا يملكه إلا سلطة التحقيق ولكن استثنيت حالة التلبس بنص المادة 41 من الدستور، فتصت على أن

“الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه مت التنقل بأمر تسلتزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي”.

والقبض المخول لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس مشروط بأن تكون الجريمة التلبس بها جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر وأن تتوافر فوق ذلك دلائل كافية على اتهام الشخص الذي يوقع عليه القبض بارتكاب الجريمة.

ويلاحظ هنا أن وجود دلائل كافية على اتهام الشخص بارتكاب الجريمة، لا يعني الدلائل على اتهامه بصفته فاعلاً للجريمة فقطـ بل أيضاً بصفته شريكاً فيها، لأن التلبس وصف يلحق الجريمة لا المجرم.

وتقدير كفاية تلك الدلائل معقود لمأمور الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق ومحكمة الموضوع، وعلى ذلك فإن التلبس بجنحة معاقب عليها بالحبس ثلاثة أشهر فأقل أز بالغرامة فقط لا يخول مأمور الضبط القضائي سلطة القبض على المتهم. وكذلك التلبس بالمخالفات لا يجيز القبض على المتهم بارتكابها. ويشترط فوق ذلك أن يكون المتهم حاضراً، أي يكون حاضراً في محل الواقعة حتى يكون في الاستطاعة القبض عليه فوراً.

نطق المادتين (34، 35) إجراءات:

طبقاً للمادة (34) إجراءات المعدلة بالقانون 37 لسنة 1972يجوز لمأموري الضبط القضائي القبض بنفسه على المتهم الحاضر عند توافر حالة التلبس بالجنايات أو بالجنح التي يتجاوز حدها الأقصى عقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر، والغالبية العظمى من الجنح بطبيعة الحال ينطبق عليها هذا الوصف.

وطبقا للمادة (35) المعدلة بالقانون سالف الذكر يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة وأن يطلب فوراً من النيابة العامة أن تصدر أمراً بالقبض على المتهم إذا وجدت قبله دلائل كافية على اتهامه بارتكاب أية جناية، أو بارتكاب جنحة سرقة، أو نصب أو تعد شديد، أو مقاومة رجال السلطة بالقوة والعنف.

ويستوي أن تكون الجناية أو الجنحة جريمة تامة أم مجرد شروع فيها بشرط أن يكون الشروع معاقباً عليه، ويستوي أن يكون الحبس وجوبياً أم جوازياً، كما يستوي أن يكون المتهم فاعلاً أصلياً أم مجرد شريك.

ولا يجوز التعرض للمتهم في المخالفات إلا في النطاق الضيق الذي رسمته المادة (28/2)، أي عندما تكوت المخالفة متلبساً بها ولا يمكن معرفة شخصية المتهم.

وهي تبيح عندئذ لرجال السلطة العامة إحضار المتهم وتسليمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي، وذلك بطبيعة الحال لمجرد التحقق من شخصيته لا لاحتجازه لمدة طالت أم قصرت، فهي لا تبيح القبض بالمعنى الدقيق المفهوم من الكلمة ولا حتى الاستيقاف إلا إذا لم يمكن معرفة شخصية المتهم.

الدلائل الكافية :

استلزمت المادة (35/2) توافر دلائل كافية قبل المتهم في جميع أحوال القبض، وكذلك اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة التي منها الاستيقاف. وكان قانون تحقيق الجنايات الملغي (م15) يتطلب وجود دلائل خطيرة والتعبيران لا يختلفان كثيراً، وإن كان التعبير الجديد أكثر مرونة واتساعاً.

والدلائل يقصد بها العلامات المستفادة من ظاهر الحال، دون ضرورة التعمق في تمحيصها وتقليب وجوه الرأي فيها، وهي لا ترقى إلى مرتبة الأدلة، وضعفها يقوم من استنتاجها من وقائع لا تؤدي إلى ثبوت التهمة بالضرورة ولا بحكم اللزوم العقلي.

ولا يجوز القبض على المتهم بغير توافر دلائل كافية ولو كان تمهيداً لاستصدار أمراً من النيابة العامة بتفتيشه، وإلا كان القبض باطلاً كما لا يعد التبليغ عن الجريمة وحده من قبيل الدلائل الكافية للقبض على المتهم، إنما ينبغي أن يقوم مأمور الضبط بعمل تحريات بشأن ما اشتمل عليه التبليغ، فإذا أسفرت عن توافر الأدلة الكافية جاز له القبض على المتهم وإلا فلا.

وظهور الحرية والارتباك على المتهم ووضع يده في جيبه عندما شاهد رجلي حفظ أمور لا تعتبر دلائل كافية على وجود اتهام مبرر للقبض عليه.

وكذلك مجرد كون المتهم من عائلة الشخص المطلوب القبض عليه في جناية قتل وارتباكه عند رؤية رجال القوة وجريه عند المناداة عليه، فإنه لا يكفي لتوافر الدلائل الكافية التي تبرر القبض عليه وتفتيشه.

ولكن إذا ألقى المتهم بورقة من جيبه وهو يجري في الطريق حتى لا يقع في قبضة الضابط الذي كان يتابعه بعد أن اشتبه في أمره فإن ذلك يسيغ طلب القبض عليه طبقاً للمادة (35) إجراءات وكذلك إذا كان المتهم قد شوهد في منتصف الليل يحمل شيئاً، وما أن رأى سيارة البوليس تهدئ من سرعتها حتى قفل راجعاً يعدو بعد أن خلع حذائه ليسهل له الجري، فإن ذلك تتوافر فيه الدلائل الكافية التي تبرر طلب القبض عليه طبقاً للقانون.

وتقدير كفاية الأدلة المسوغة لطلب القبض من شأن مأمور الضبط وعلى مسئوليته. ويكفي خاضعاً لمراقبة النيابة ومحكمو الموضوع التي لها أن تقضي بعدم كفياتها، لتبطل بالتالي التي ترتب على القبض الباطل.

ولا يشترط تحرير محضر بالدلائل التي تبرر طلب القبض. بل يكفي عمل تقرير بتحريات مأمور الضبط في صدد التبليغ المقدم إليه.

كفاية الدلائل شرط لكل إجراء ماس بحرمة الشخص أو المسكن:

توافر دلائل كافية قبل المتهم شرط لا غنى عنه لاتخاذ أي إجراء يتضمن معنى المساس بحرمة الشخص أو المسكن، وهو الأمر الذي يبرر وحده هذا المساس، وإلا كان الإجراء تعسفياً باطلاً. ذلك أنه عندما تشير الدلائل الكافية إلى أن شخصاً معيناً قد ارتكب جناية أو جنحة معينة وقعت بالفعل، فإنه لا مناص من تضحية حق الفرد في كفالة حرمة شخصه أو مسكنه لحساب حق المجتمع في الوصول إلى الجاني وعقابه.

فالدلائل الكافية شرط لا غنى عنه لصحة استيقاف المتهمين، والقبض عليهم، أو طلب القبض، وتفتيش الأشخاص والمساكن، والحبس الاحتياطي، وفي الجملة لاتخاذ أي إجراء ماس بهم.

والدلائل وصف يشير إلى الشبهات أو العلامات الخارجية التي ينبغي أن توجه بذاتها إصبع الاتهام إلى المتهمين وتوافرها يجعل الإجراء صحيحاً، حتى ولو تبين فيما بعد أنها كانت شبهات ظالمة لا أساس لها في واقع الأمور، ومتى كان لها ما يبررها في ذهن الجهة التي أمرت بالإجراء،،،،

وهي التي قدرت توافرها فللمحكمة إذن أن تبطل الإجراء إذا لم تبرره دلائل كافية، وأن تبطل بالتالي كل ما يكون قد أسفر عنه من نتائج في شأن ظهور أدلة معينة أو غيرها مراعية في ذلك أن الدلائل التي قد تبيح اتخاذ أي إجراء ماس بشخص المتهم لا يلزم أن تكون في قوة الأدلة التي تبني عليها الأحكام بالإدانة.

فإن “الأعمال الإجرائية – بحسب تعبير محكمة النقض – تجري في حكم الظاهر، وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما قد يتكشف من أمر الواقع. “فإذا توافرت الدلائل الكافية فإن إجراء القبض والتفتيش صحيح حتى إذا تبين بعد التحقق الدقيق أن هذه الدلائل كانت في غير محلها وأنها كانت مجرد شبهات ظالمة. وذلك قيمته العلمية إذا ظهرت عرضاً جريمة أخرى.

والدفع بانتفاء الدلائل أو بعدم كفايتها موضوعي ينبغي أن يتأثر ابتداء أمام محكمة الموضوع. فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، متى كان يتطلب تحقيقاً في الموضوع.

فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، متى كان يتطلب تحقيقاً في الموضوع وبحثاً عن الظروف التي سبقت الإجراء المطعون في صحته أو عاصرته.

وهو في نفس الوقت دفع جوهري ينبغي التعرض له إثباتاً أو نفياً بأسباب منطقية سائغة مستمدة من ظروف الإجراء وملابساته الثابتة في الأوراق.

أما تجاهل الدفع كلية، والفصل في الدعوى في ضوء صحة الإجراء المدفوع ببطلانه لانتفاء الدلائل أو لعدم كفايتها، فهو قصور في تسبيب الحكم مبطل له، بشرط أن يكون الحكم قد استمد من هذا الإجراء بالذات عنصراً أو أكثر من العناصر التي أقيم عليها القضاء في الدعوى.

متى يجوز اصدار  الأمر بضبط المتهم وإحضاره:

إذا لم يكن المتهم حاضراً رغم توافر الشروط والدلائل الكافية التي تبيح القبض عليه جاز لمأمور أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره. وبذكر ذلك في المحضر، وينفذ هذا الأمر بواسطة أحد المحضرين أو رجال السلطة العامة (م35) ولم ينص القانون على المدة التي قد يبغاها نافذاً الأمر بالضبط والإحضار الصادر في هذه الحالة،

حين نص على أن الأمر بالضبط والإحضار الصادر من النيابة أو من قاضي التحقيق لا يكون نافذاً بعد مضي ستة أشهر من تاريخ صدوره ما لم يعتمد لمدة أخرى (م139/2 معدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 و201/2) إلا أن قيد الستة الأشهر هذا يسري على أمر الضبط والإحضار الصادر من مأمور الضبط،

إذ لا يمكن أن تتجاوز سلطته ما تملكه سلطات التحقيق. والظاهر أن الأمر لا يعدو أن يكون سهواً من التشريع، أو أنه يكتفي بتحديد المدة في المادتين 139/2، 201/2 باعتبار أنها غير عامة تسري على كل أمر بالضبط والإحضار.

ماذا يتم من اجراءات بعد القبض على المتهم  :

بعد القبض على المتهم يجب على مأمور الضبط أن يسمع أقواله فوراً، أي أن يثبت روايته الواقعة المسندة إليه إجمالاً ودون أن يستجوبه فيها، إذ أن الاستجواب يتطلب مواجهة المتهم بالأدلة القائمة قبله، ومناقشته فيها تفصيلاً توصلاً إلى الحصول على اعترافه،

وهو لا يكون إلا بمعرفة سلطات التحقيق الأصلية وطبقاً لقواعد معينة. وإذا لم يأت المتهم بما يبرئه أمام مأمور الضبط وجب على هذا الأخير أن يرسله في مدى أربع وعشرين ساعة إلى النيابة المختصة. وهذه تجري سماع أقواله في ظرف أربع وعشرين ساعة أخرى ثم تأمر بالقبض عليه أو بإطلاق سراحه (م36).

هذا وقد أوجبت المادة (139/1) إجراءات معدلة بالقانون 37 لسنة 1972 أن يبلغ فوراً كل من يقبض عليه بأسباب القبض. ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع، والاستعانة بمحام. ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه.

وهذا النص الجديد مقتضاه ضرورة تسبيب الأمر بالقبض وإلا كان باطلاً. وكان ينبغي تحديد ميعاد للتبليغ بأسباب القبض، وبالتهم الموجهة إلى المتهم.

ولكن إزاء سكوت النص على هذا التحديد ينبغي القول بأن الميعاد تقديري متروك لسلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع. وبعد أن حدد القانون نطاق القبض القانوني الصحيح في المادتين (34، 35) إجراءات عاد في المادة 40 معدلة بالقانون 37 لسنة 1972، فنص على أنه

“لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً”. وهذا حكم بديهي مقرر في كافة الشرائع.

وقد نصت على نفس هذا المبدأ المادة 42/1من الدستور الدائم مقررة أن “كل مواطن يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته بأي قيد، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان. ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، كما لا يجوز حجزه أو حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون”.

ومن ثم ينبغي القول بأن ضمانات القبض ضمانات دستورية أحاطها الدستور الدائم بسياج خاص من الاعتبارـ ولذا فن مخالفتها ينبغي أن تؤدي إلى بطلان القبض بكل ما قد يترتب عليه من آثار، وهذا مبدأ مستقر في بلادنا منذ عهد الإصلاح القضائي في سنة 1883.

مايترتب على بطلان القبض:

يترتب على بطلان القبض على شخص المتهم بطلان محضر سماع أقواله، كذلك بطلان تفتيشه أو اعترافه الذي ق يقع تحت تأثير القبض أو التفتيش الباطلين، وأيضاً بطلان التلبس إذا أدى القبض الباطل إلى ظهوره، وبطلان تفتيش المسكن إذا جرى بسبب التلبس الباطل، وبطلان الحبس الاحتياطي إذ بنى على الأدلة الباطلة.

وفي المجملة يبطل كل ما يكون قد ما يكون قد أسفر عنه القبض الباطل من أدلة أيا كان سبب البطلان، انتفاء أحوال القبض بانتفاء الدلائل الكافية في الجرائم التي عينها القانون. أو انتفاء التلبس إذا كان القبض بمقتضى المادة (34)، أو انتفاء أمر سلطة التحقيق، أو بطلان هذا الأمر لعيب فيه، لمثل صدوره في غير نطاق قواعد الاختصاص العامة.

أحكام محكمة النقض في الاستيقاف

١-الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة، إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة (٢٤) من قانون الإجراءات الجنائية، والفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه.

(نقض جلسة٧/٦/١٩٨٧س ۳۸ ق ۱۳۳ ص ٧٤)

٢- من المقرر أن الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة، إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة (٢٤ أ.ج).

(نقض جلسة٥/١/١٩٧٦س ٢٧ ق ٤ ص ٣٣)

 

الدفع ببطلان الاستجواب والمواجهة فى قضايا المخدرات

تعريف الاستجواب:

الاستجواب هو مناقشة المتهم تفصيلاً في الأدلة والشبهات القائمة ضده ومطالبته الرد عليها، إما بإنكارها وإثبات، فسادها، وإما بالتسليم بها، وما يتبعه ذلك من اعتراف بالجريمة ويفترض الاستجواب على هذا النحو المناقشة التفصيلية والأسئلة الدقيقة، وتكشف ما بين إجابات المتهم من تناقض، وذلك بغية استخلاص الصحيح من هذه الإجابات وطرح الفاسد منها.

ويستهدف المحقق بالاستجواب استظهار الحقيقة من وجهة نظر المتهم، أو تفسيره للأدلة والشبهات القائمة ضده، وقد يستهدف المحقق بذلك الحصول على اعترافه بالجريمة، أو إتاحة فرصة الدفاع له كي يدحض هذه الأدلة والشبهات.

ويختلف الاستجواب بذلك عن السؤال، إذ الأخير يعني مجرد استيضاح المتهم أمر جريمته، والاستماع إلى إجابته، ومطالبته بجلاء الغموض في أقواله، ولا يتضمن ذلك مناقشة تفصيلية أو مواجهة بأدلة الاتهام.

تعريف المواجهة:

المواجهة هي الجمع بين متهم وآخر، أو بين المتهم وشاهد لكي يدلي كل منهما بأقواله في مواجهة الآخر، فإن كان بينها تناقض طولب كل منهما بتفسيره. ويستهدف المحقق بالمواجهة أن يستخلص من مجموع الأقوال التي تصدر عمن يواجه بينهم القدر الذي يرجح، صحته، ويهدر ما عداه.

وبين الاستجواب والمواجهة صلة وثقة، فيغلب أن يعقب الاستجواب المواجهة التي تكون الوسيلة التي تحرى صحة أقوال المتهم: فهو يدلي بأقواله أثناء استجوابه، فيتبين للمحقق الاختلاف أو التناقض بينها وبين أقوال شاهد إثبات أو متهم آخر، فيريد المحقق أن يعرف جانب الصواب في أقوال المتهم مستعينا بأقوال المتهم الآخر أو الشاهد، فيواجه بينهما، فقد يرجع المتهم عن بعض أقواله،

وقد يرجع المتهم الآخر أو الشاهد عن بعض أقواله، فيحتجز المحقق ما يقدر صحته في أقوال من واجه بينهم. والمواجهة إجراء خطير فقد يترتب عليها ارتباك المتهم واضطرابه. وقد يشعر بالرهبة أو الخجل ممن يواجهه المحقق به فيتورط في أقوال لم تكن تصدر عنه بغير هذه المواجهة. ولخطورة المواجهة فقد أحاطها الشارع بذات الضمانات التي أحاط الاستجواب بها.

حقوق المتهم والتزاماته عند استجوابه:

الوضع العادي أن يجيب المتهم على أسئلة المحقق، ويتجاوب معه في المناقشة التي يجريها معه، وأن يقول الحقيقة كما يتصورها من وجهة نظره، إذ بذلك يدافع عن نفسه في إطار النظام القانوني، ويتحقق التعاون الذي يتطلبه القانون بين المحقق والمتهم، وذلك من أجل كشف الحقيقة كاملة على النحو الذي يضع الأساس السليم لعمل القضاء.

ولكن هل من حق المتهم أن يلتزم الصمت فيرفض الإجابة على أسئلة المحقق؟

وهل من حقه الكذب في إجاباته إذا قدر أن مصلحته في الدفاع تقتضي ذلك؟

نصت المادة (١١٤) من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي على أنه يجب على المحقق أن يخطر المتهم بأنه: (حر في ألا يدلي بأي تصريح)، أي أن له أن يصمت عند استجوابه؛ وأضاف ذلك بعض الفقهاء بأن للمتهم الحق في الكذب؛ واعتدل آخرون فقالوا: (أن المتهم – وإن لم يكن له حق في الكذب – إلا أنه لا يلتزم بذكر الحقيقة).

والآراء السابقة غير صحيحة: فالمتهم يلتزم بأن يتخذ موقفاً إزاء الأدلة والشبهات التي ثارت ضده فأما أن يدحضها بوسائل الدفاع التي يحوزه؛ وأما أن يسلم بها ويعترف بجريمته، ثم يقتصر على الاحتجاج بأسباب الإعفاء من المسئولية أو التخفيف منها. والنتيجة الحتمية لذلك أنه ليس للمتهم الحق في الصمت، وليس له من باب أولى الحق في الكذب.

وإنما تنحصر حقوقه في أن يطالب بالضمانات التي أحاط الشارع بها الاستجواب، فإن وفرها له المحقق التزم بأن يجيب ويذكر الحقيقة. ولكن لا وجود لوسيلة قانونية لإرغام المتهم على الكلام أو ذكر الحقيقة، إذ أن تقرير هذه الوسيلة يهدر الحقوق والرخص الإجرائية للمتهم.

ويعني ذلك أن التزامات المتهم عند استجوابه ليس لها جزاء قانوني مباشر من إكراه أو عقوبة؛ ولكن لها جزاء إجرائي غير مباشر يتمثل في ضعف مركز المتهم أمام المحقق، ثم أمام المحكمة إذا صمت أو حاد عن ذكر الحقيقة.

 مدى جواز الاستجواب فى قضايا المخدرات :

الاستجواب غير جائز في مرحلة الإستدلال؛ بل أنه لا يجوز ندب مأمور الضبط القضائي لكي يجري الاستجواب. وفي مرحلة المحاكمة لا يجوز استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك (المادة ٢٧٤ من قانون الإجراءات الجنائية).

أما في مرحلة التحقيق الابتدائي، فالاستجواب متروك لتقدير المحقق، فله أن يجريه إذا قدر أن مصلحة التحقيق تقتضيه، فمن ناحية لا ترتهن سلطة المحقق في إجرائه بقبول المتهم، فله أن يجريه على الرغم منه؛ ومن ناحية ثانية لا يلتزم المحقق بإجرائه، ولو طلب المتهم ذلك، فلا يبطل تحقيق خلا من استجواب المتهم. ولكن ثمة حالات أوجب الشارع فيها الاستجواب.

حالات وجوب الاستجواب فى قضايا المخدرات :

جعل الشارع الاستجواب وجوبيا في حالتين:

– حالة القبض على المتهم .

– حالة الحبس الاحتياطي .

أولاً: الاستجواب في حالة القبض على المتهم :

نصت على الاستجواب في حالة القبض على المتهم المادة ١٣١ من قانون الإجراءات الجنائية في قولها:

(يجب على قاضي التحقيق أن يستوجب فوراً المتهم المقبوض عليه، وإذا تعذر ذلك يودع في السجن إلى حين استجوابه، ويجب ألا تزيد مدة إيداعه على أربع وعشرين ساعة.

فإذا مضت هذه المدة، وجب على مأمور السجن تسليمه إلى النيابة العامة. وعليها أن تطلب في الحال إلى قاضي التحقيق استجوابه، وعند الاقتضاء تطلب ذلك إلى القاضي الجزئي أو رئيس المحكمة أو أي قاض آخر يعينه رئيس المحكمة، وإلا أمرت بإخلاء سبيله).

ويربط الشارع في هذا النص بين القبض على المتهم واستجواب فيقرر أن غرض القبض هو الاستجواب، ومن ثم يكون استجواب المتهم وجوبياً في حالة القبض عليه، فيلتزم قاضي التحقيق باستجواب المتهم فور القبض عليه؛ فإذا تعذر ذلك يودع في السجن، ولكن لا يجوز بحال ما أن يبقى في السجن مدة تزيد على أربع وعشرين ساعة.

فعلى قاضي التحقيق أن يستجوبه خلال هذه المدة، ويستتبع الاستجواب أحد أمرين : أما إخلاء سبيل المتهم، وإما إصدار الأمر بحسبه احتياطياً. فإذا مضت هذه المدة دون أن يستجوب قاضي التحقيق المتهم، فقد أوجب الشارع على مأمور السجن إخراج المتهم منه وتسليمه إلى النيابة العامة،،،،

ويجب عليها أن تطلب في الحال من قاضي التحقيق استجوابه، فإن لم يوجد فالقاضي الجزئي أو رئيس المحكمة أو أي قاض يعينه رئيس المحكمة، فإن لم تجد وجب عليها إخلاء سبيل المتهم فوراً.

ويقرر هذا النص ضماناً هاماً للحريات الفردية، إذ يحظر القبض التعسفي على الأفراد، أي يحظر القبض الذي تطول مدته دون سند من القانون، فالمقبوض عليه يجب أن يتحدد مصيره في خلال أربع وعشرين ساعة، فإما أن يطلق سراحه، وإما أن يصدر ضده الأمر بالحبس الاحتياطي، والاستجواب هو الوسيلة إلى تقرير هذا المصير.

سلطة المحقق في تحديد وقت الاستجواب:

من المناسب التمهل في إجراء التحقيق كي يتمكن المحقق من جمع الأدلة التي يعتقد أنه في طريقه إليها، والتي يستطيع مواجهة المتهم بها ومناقشته في تفصيلاتها، بدلاً من ضياع الوقت في عمل هناك ما هو أبدى منه.

كما أنه في بعض الظروف يكون من الخطر على سلامة سير التحقيق كشف مستندات معينة للمتهم لم تستكمل بعد، لوجود أوراق أو أشياء أخرى متعلقة بها جار ضبطها. فتقضي المصلحة هنا بإبقاء الأمر سراً بصفة مؤقتة حتى ينتهي من اتخاذ الإجراءات اللازمة المتصلة بهذا الشأن؛ لاسيما وأن القانون يوجب وضع ملف الدعوى بجميع محتوياته تحت تصرف محامي المتهم للاطلاع عليه قبل استجوابه.

كما أن له القيام به في أي ميعاد يراه مناسباً لذلك، أيام العمل وأثناء العطلات نهاراً أو ليلاً؛ وإن كان هناك من يرى عدم إجراء استجواب المتهم ليلاً، وقد أخذت بعض التشريعات بهذا الاتجاه.

القيود التي ترد على حرية المحقق:

هناك قيدان على سلطة المحقق المتعلقة بهذا الشأن أملتهما مصلحة الدفاع عن المتهم، وتأخذ بهما معظم التشريعات الجنائية.

الأول: خاص بالمقبوض عليه، حيث يجب استجوابه فوراً، وإذا تعذر فيلزم أن يتم ذلك خلال أربع وعشرين ساعة على الأكثر (المادة ۱۳۱ إجراءات).

الثاني: عند حبس المتهم احتياطياً أو مد حبسه، فإنه يلزم استجوابه فوراً ما لم يكن هارباً (المادتان ١٣٤، ١٤٢ إجراءات).

لذلك يكون من الواجب أن تحدد مقدماً جميع المواعيد الخاصة بالضبط والإحضار والاستجواب حتى لا يحدث أي إخلال في ضمانات الدفاع المتعلقة بهذا الشأن. أما إذا كان المتهم مطلق السراح، فإنه عادة لا يشترط مدة معينة لاتخاذها هذا الإجراء أثنائها.

فترة الاستجواب:

المدة التي يستغرقها المحقق في إجراء استجواب المتهم تخضع أيضاً لتقديره الخاص، ولكن بشرط ألا تطول عن الحد المعقول الذي يؤدي إلى إرهاق المتهم وتكديره، فتصبح نوعاً من الإكراه الذي يترتب عليه البطلان.

تأجيل الاستجواب:

إذا لم يتمكن المحقق من أن ينهي استجواب المتهم على مرحلة واحدة أو إذا رأى لسبب ما أن يكمله بعد عدة ساعات من نفس اليوم فله ذلك، لاسيما إذا كان مضطرا إليه بسبب العمل.

ويكفي في هذه الحالة أن يكون قد راعي الشكليات والضمانات في أول استجواب أجراه، لكي تسري بالنسبة لجميع ما يليه من استجواب حتى لو كانت محررة في محاضر منفصلة وذلك دون حاجة إلى تكرارها؛

ولكن هذا كله بشرط أن تكون جميعها قد تمت في يوم واحد، على أن تفصل فترة زمنية للراحة بين كل منها. أما إذا رأى أنه من الأفضل أن يؤجله ليوم آخر معين، أو أن يجزئه على عدة أيام مختلفة – فإن له الحق في ذلك، مع مراعاة الضمانات الخاصة بكل استجواب يقوم به.

ولكن من ناحية أخرى، فإن المحقق غير ملزم بإجابة طلب المتهم الخاص بتأجيل الاستجواب لحين حضور محاميه، كما أنه لا يكلف بتسبيب قراره المتعلق بالرفض، لأن ذلك يدخل في سلطته التقديرية. وهذا فيما عدا الحالات التي يستلزم فيها القانون حضور المدافع لصحة الإجراء، حيث يجب وحينئذ إما انتداب محام أو تحديد موعد آخر للمحامي المختار وإعلانه به.

عدد الاستجوابات:

للمحقق أن يعيد استجواب المتهم فى قضايا المخدرات كلما رأى ضرورة لذلك؛ حتى يسير في الإتجاه الصحيح الذي يفيد التحقيق. ويمكنه في المرات التالية أن يجعله يشمل جميع النقاط السابق سؤال المتهم فيها أو يقصره على بعض ما يحتاج إلى زيادة إيضاح عنها، وتقدير ذلك يخصه وحده وفقا لما تحتاج إليه ظروف الدعوى؛ حيث إن المشرع لا يحدد عدد الاستجوابات التي يمكنه القيام بها، وترك هذا لفطنته.

ومن ناحية أخرى يكون للمتهم الحق في أن يضيف أقوالاً جديدة في كل مرة يستجوب فيها، وأن يعدل عن كل أو بعض ما أدلى به من التصريحات. كما أن له المطالبة بإعادة اتخاذها هذا الإجراء، ولكن المحقق غير ملزم بهذا ما دام قد سبق له القيام به.

ثانياً: الاستجواب في حالة الحبس الاحتياطي فى قضايا المخدرات :

جعل الشارع استجواب المتهم فى قضايا المخدرات شرطاً لإصدار الأمر بحبسه احتياطياً (المادة ١٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية). ومؤدى ذلك أن يبطل الأمر بالحبس الاحتياطي الصادر ضد متهم لم يستوجب. ويعتبر الاستجواب بذلك وضمانا للحبس الاحتياطي، فلخطورة الحبس الاحتياطي تطلب الشارع أن يتعرف المحقق على وجهة نظر المتهم ليقدر مدى ملاءمة حبسه.

ضمانات الاستجواب فى قضايا المخدرات :

لما كان الاستجواب إجراء خطيراً، فقد أحاطه الشارع بالعديد من الضمانات: فيتعين أن تجريه السلطة المختصة بالتحقيق؛ ويتعين دعوة محامي المتهم للحضور أثناء إجراء الاستجواب ويتعين إخطار المتهم بالشبهات القائمة ضده؛ ويتعين كفالة حرية كاملة للمتهم أثناء استجوابه. لا يجوز أن يجري الاستجواب غير السلطة المختصة بالتحقيق:

لم يجز الشارع إجراء الاستجواب فى قضايا المخدرات إلا لسلطة مختصة بالتحقيق، أي قاضي التحقيق أو عضو النيابة العامة، فاستبعد أن يكون موضوعاً لندب مأمور الضبط القضائي لإجرائه (المادة ۷۰ من قانون الإجراءات الجنائية).

ويعلل ذلك بأن خطورة الاستجواب واحتمال أن يفضي إلى (اعتراف) قد تكون له أهمية حاسمة في الدعوى يقتضيان ألا تقوم به غير سلطة تتوافر فيها الثقة في أن تهيئ للمتهم أثناء استجوابه الضمانات التي قررها القانون.

ويرد على هذا الأصل استثناء : فقد أجاز الشارع المأمور الضبط القضائي أن يجري الاستجواب إذا كان مندوباً لعمل من أعمال التحقيق، وذلك في الأحوال التي يخشى فيها من فوات الوقت متى كان متصلاً بالعمل المندوب له ولازماً في كشف الحقيقة (المادة ۷۱ من قانون الإجراءات الجنائية، الفقرة الثانية.)

دعوة محامي المتهم إلى الحضور أثناء استجوابه :

نصت المادة (۱۲٤) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه (في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محامية للحضور إن وجد.

وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز المحامية أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان.

ولا يجوز للمحامي الكلام إلا إذا أذن له القاضي، وإذا لم يأذن له وجب إثبات ذلك في المحضر). يقرر الشارع بهذا النص ضماناً هاماً للمتهم يتمثل في حقه ألا يستجوب إلا بعد دعوة محاميه للحضور، ويستتبع ذلك في الغالب أن يحضر المحامي الاستجواب.

وأن يكون له دور إجرائي محدود بينه القانون. وعلة هذا الضمان – كما تقول محكمة النقض – أنه تطمين للمتهم وصون الحرية الدفاع عن نفسه، وفي تعبير آخر فإن حضور المحامي إلى جانب المتهم أثناء استجوابه يبعث الهدوء والاطمئنان إلى نفسه، فيجعله يحسن الرد والمناقشة؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن المحامي قد يقترح على المحقق توجيه أسئلة معينة إلى المتهم، وقد يكون اقتراحه مفيداً للتحقيق فيأخذ به المحقق وفي الأمرين مصلحة للتحقيق.

ويتعين بعد ذلك بيان ماهية التزام المحقق، ثم مجاله، فما يلتزم به المحقق هو دعوة محامي المتهم للحضور أن وجد. ويعني ذلك أن المحقق لا يلتزم بأن يخطر المتهم بحقه في أن يكون له محام، فذلك علم بالقانون مفترض.

ولا يلتزم المحقق بأن يعين محامياً للمتهم بجناية قبل استجوابه.

وذلك فرق أساسي بين مرحلتي التحقيق والمحاكمة. ويعني ذلك أن حضور المحامي أثناء الاستجواب هو من شأن المتهم؛ فلا يلتزم المحقق بشيء إذا كان المتهم لم يعين محامياً له.

وليعلم المحقق باختيار المتهم محامياً له، فقد أوجب الشارع عليه أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، ويعني ذلك أن على المتهم أن يسلك أحد هذين الطريقين اللذين حددهما القانون على سبيل الحصر كي يلتزم المحقق بدعوة محاميه.

ولكن في نطاق كل طريق على حدة لم يفرض القانون على المتهم شكلاً معيناً في تقريره. وقد أجاز الشارع للمحامي أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان بدلاً من المتهم.

أما مجال هذا الالتزام فمقتصر على المتهم بجناية، فلا يلتزم المحقق بدعوة محامي المتهم بجنحة للحضور أثناء استجوابه، وأخرج الشارع من نطاق هذا الالتزام حالتي (التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة)، فيجوز للمحقق فيهما أن يستجوب المتهم بجناية دون دعوة محاميه للحضور،،،،

إذ الفرض فيهما أن الاستجواب يجب أن يجري على الفور أو على الأقل في خلال وقت قصير، وقد يترتب على الالتزام بدعوة المحامي أن يتأخر إجراؤه عن الوقت الملائم الذي تقتضيه مصلحة التحقيق والمحقق هو الذي يقدر تحقق (السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة)، وتراقب محكمة الموضوع تقديره.

وهذا الالتزام مقرر لمصلحة المتهم دون المدعي المدني.

وقد رسم الشارع للمحامي دوراً إجرائياً محدوداً حين يحضر مع المتهم أثناء استجوابه، وقد بينه في قوله: ولا يجوز للمحامي الكلام إلا إذا أذن له القاضي، وإذا لم يأذن له وجب إثبات ذلك في المحضر).

فليس للمحامي أن يوجه من تلقاء نفسه سؤالاً إلى المتهم أو من يواجهه المحقق بهم، وليس له أن يدخل في نقاش مع المحقق أو يدلي بدفاع لمصلحة المتهم، وإنما عليه أن يطلب الإذن من المحقق في الكلام،،،،

فإذا لم يأذن له تعين على المحقق أن يثبت هذه الواقعة في المحضر، أي واقعة عدم الإذن له، وهذا البيان يعين محكمة الموضوع على تحديد أهمية ما كان المحامي يريد قوله، وعلى تقدير قيمة الاستجواب تبعاً لذلك.

وحرصاً على تمكين المحامي من أداء هذا الدور، فقد أوجب الشارع تمكينه من الإطلاع على ملف التحقيق.

تمكين محامي المتهم من الإطلاع على التحقيق فى قضايا المخدرات 

نصت المادة (١٢٥) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:

(يجب السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر القاضي غير ذلك.

وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق).

وعلة هذا النص – كما قدمنا هي تمكين المحامي من العلم بإجراءات التحقيق التي اتخذت والأدلة التي استخلصت منه كي يستطيع أداء دوره الذي أناطه القانون به.

ويقتصر التزام المحقق على مجرد تمكين المحامي من الإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة، أي وضع ملف التحقيق تحت تصرفه في ذلك الموعد، ويستوي بعد ذلك أن يطلع المحامي فعلاً على الملف أو ألا يطلع عليه. ويلتزم المحقق بتمكين المحامي من الإطلاع على التحقيق ولو كان قد جرى في غيبة المتهم.

ولكن الشارع احتاط للحالات التي يرى فيها المحقق ملاءمة عدم إطلاع المحامي على التحقيق، فأجاز له أن يقرر عدم إطلاعه عليه. ونرى أن المحكمة الموضوع أن تراقب تقدير المحقق في ذلك، فإذا لم تقره عليه بطل الاستجواب.

وقد أردف الشارع ذلك بتقريره أنه في جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق، أي أنه إذا قرر المحقق عدم إطلاع المحامي على التحقيق، فإنه يتعين عليه مع ذلك دعوته إلى الحضور أثناء إجراء الاستجواب.

المحامي الذي يدعى لحضور الاستجواب :

يشترط أن يكون المتهم هو الذي اختاره أو طلب تعيينه، أما إذا قام أحد المحامين بإرسال خطاب للمحقق يخبره فيه أنه قد عهد إليه بالدفاع في الدعوى، فإن هذا لا يلزم المحقق بالتنبيه عليه بالحضور وقت الاستجواب.

كما أنه إذا لم يطلب من المتهم تأكيد تلك الوكالة، فإن هذا لا يعيب إجراءاته.

وإذا كان المحامي الأصلي قد أناب غيره، فإن المحقق لا يكون مكلفاً بدعوته إلا بعد إخطاره بذلك؛ على أن يكون هناك متسع من الوقت للقيام بدعوته.

ولم يأخذ القانون الفرنسي، بالاقتراحات التي طالبت بأن يسمح للمحامي بالحضور في جميع إجراءات التحقيق، رغم أن مشروع الحكومة المقدم سنة ۱۸٧١ قد نص عليه.

كما أن غرفة التحقيق لم يفتح بابها إلا بالنسبة للمحامين، وبعض القوانين قد ساوى بهم وكلاء الدعاوي فيما يتعلق بهذا الشأن سواء أثناء التحقيق أو المحاكمة.

ولكن لا يباح لغيرهم من الأقارب أو الأصدقاء أو أي أشخاص آخرين حضور الاستجواب في المرحلة الأولى للدعوى.

ولكن من ناحية أخرى، يجب أن يراعي تنفيذ هذا الضمان في كل المرات التي يجري فيها المحقق مناقشة مع المتهم. ففي جميع الحالات التي يوجه فيها أسئلة ويتلقى إجابات منه – سواء أكان مقبوضاً عليه أو مطلقا سراحه – يلزم دعوة محاميه قبل ذلك.

وفي حالة تعدد المحامين المختارين فإن المحقق لا يكون ملزماً قانوناً إلا باستدعاء واحد منهم وفقاً للظروف، وعادة يفضل القريب من مكان التحقيق، وجرى العرف القضائي بذلك منذ فترة طويلة.

دعوة المحامي قاصرة على الاستجواب:

لا يلزم المحقق بدعوة محامي المتهم للحضور إلا بالنسبة للاستجواب أو المواجهة التي تأخذ حكمه بالمعنى القانوني السابق الإشارة إليه، وليس للدفاع أن يتمسك بذلك في باقي إجراءات التحقيق.

فإذا كان كل ما سيقوم به المحقق هو عبارة عن عرض مضبوطات على المتهم لسماع إيضاحاته بشأنها، أو مجرد إجراء معاينة لمحل الحادث أو تمثيل الجريمة، فإن له القيام به فوراً دون دعوة المحامي، ولا يكون تصرفه عرضة للبطلان

وليس معنى وجوب دعوة المحامي أنه يشترط ضرورة حضوره حتى يكون الاستجواب صحيحاً، فيكفي مجرد إخطاره في الوقت المناسب بالموعد المحدد لاتخاذ الإجراء.

فالمحامي الذي أرسل له خطاب الدعوة لا يكون مقيداً به، لأن الأمر يخضع لتقديره الشخصي وفقاً لظروف التحقيق وما تقتضيه مصلحة موكله.

تخلف المحامي لا يؤثر على صحة الإجراء:

إذا كان قد تم دعوة المحامي للحضور وفقاً للأصول القانونية الواجب أن يقوم مراعاتها، ولكنه رغم ذلك تأخر أو تخلف فيجوز للمحقق بالاستجواب في الوقت المحدد، ولا يعطل إجراؤه، لاسيما إذا كان هذا من شانه أن يضر بسير التحقيق.

فهو غير ملزم بانتظاره بعد الموعد السابق إعلانه به في الإخطار.

كما أنه غير مكلف بالبحث عن الأسباب التي أدت إلى عدم حضوره. ولا يترتب على إغفال إثبات ذلك بالمحضر أي بطلان. والمتهم لا يمكنه أن يطعن في صحة الإجراءات استناداً إلى رفض تأجيل استجوابه لغياب محاميه، مادام قد سبق دعوته.

كما أن المحقق غير ملزم بتعيين مدافع آخر له لكي يحضر معه الاستجواب بدلاً من المحامي الأصيل الذي تغيب، ولكن من ناحية أخرى، عدم حضور المحامي لا يعفي من واجب إعلانه بالنسبة إلى الاستجوابات التالية.

بطلان الاستجواب فى قضايا المخدرات :

سوف نتناول بالتفصيل بطلان الاستجواب حالاته وأنواعه وآثاره زعلى النحو التالي: –

أولاً: حالات بطلان الاستجواب: –

يجب أن تكون حالات البطلان واضحة في القانون حتى يمكن وضع حد لتحكم القضاة، ويعلم كل أطراف الدعوى على سبيل اليقين بكل ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات. فيمكنهم التمييز بين القواعد المكلفين بمراعاتها على وجه الإلزام، والتي نص عليها لمجرد التنظيم والإرشاد.

والمعيار في ذلك هو الجزاء الذي يرتبه المشرع. كما يعلم المحقق بالمصير الذي ستتعرض له إجراءاته في حالة الخروج عما تقضي به تلك القواعد.

ولكن رغم تقدير أهمية هذا الاتجاه، فإن العمل القضائي قد أثبت عدم كفايته لتوفير الحماية الكافية لجميع الأحكام الجوهرية التي نص عليها القانون ولم يضع جزاء لمخالفتها كبعض الضمانات المتعلقة بحقوق الدفاع.

وسنتكلم في هذا الموضوع عن نوعين من البطلان، هما:

– البطلان القانوني.

– البطلان الذاتي.

أ- البطلان القانوني فى قضايا المخدرات :

عمل المشرع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية على أن يتجنب ذلك النقض فضمن أحكامه القاعدة الخاصة بتقرير البطلان. ولكنه لم يتبع خطة القانون الفرنسي في هذا الشأن، حيث لم يشر إلى حالات البطلان القانوني واقتصر على الأخذ بنظرية البطلان الذاتي.

فقرر في المادة (۳۳۱) هذا الجزاء عند عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري سواء أكان ذلك في مرحلة التحقيق الابتدائي أم أثناء المحاكمة. وفي ذات الوقت منح قاضي الموضوع سلطة واسعة في تقدير ما إذا كان الإجراء يعتبر جوهرياً أم لا.

ونرى أنه من الأفضل لو أن القانون المصري ينص صراحة على الحالات الأساسية التي تستوجب مخالفتها تقرير البطلان، لا سيما ما تعلق منها بالاستجواب، نظراً لخطورته والأهمية التي يتصدرها في الدعوى الجنائية، حتى يرفع كل لبس بشأنه، خاصة وأن القاضي في بعض الحالات لا يقدر تماماً الحكمة التي توخاها المشرع عندما أملى قاعدة قانونية معينة إذا لم ينص صراحة على جزاء محدد لها.

فينظر إليها أحياناً على أنها لا تتضمن تكليفاً جوهرياً في حين أنه يتعلق بها مصلحة حيوية لها اعتبارها. فمثلاً المادة (١٢٣/١) إجراءات التي تنص على أنه عند حضور المتهم لأول مرة أمام المحقق يجب عليه أن يثبت شخصيته، ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه، ويدون أقواله في المحضر ؛

فإنه رغم ما يوجد بها من قواعد هامة، حتى إنه يصعب تصور وجود دعوى جنائية دون أن يمر فيها المتهم بتلك المرحلة التي يحضر فيها لأول مرة أمام المحقق، وما يترتب على ذلك من ضرورة إحاطته علماً بالاتهام المنسوب إليه لمنحه فرصة مناسبة لتحضير دفاعه بعد زوال أثر مفاجأة الموقف عنه – لم يستدل على حكم واحد خلال فترة تطبيق القانون المذكور تعرض لهذه القاعدة أو استند على مخالفتها لتقرير البطلان،

ؤمما يوحي بأن القضاء لم يعتبر أنها تتضمن قاعدة جوهرية لا يصح إهمالها أو التقليل من شأنها لاتصالها بحقوق الدفاع ومما يؤكد وجهة النظر المتعلقة بهذا الشأن أن الفقه  قد نبه إلى أهمية ذلك، حيث اعتبر من المصالح الجوهرية للمتهم إحاطته علماً قبل استجوابه في غير غموض بالتهمة المنسوبة إليه، وأنه يترتب على المخالفة بطلان من النوع المقرر لمصلحة الخصوم.

كما يضيف الدكتور / محمود مصطفى أنه من الأمور غير الواضحة عدم نص المشرع على ترتيب جزاء البطلان على مخالفة المحقق للقواعد الخاصة بمساعدة المحامي واستجواب المتهم.

إلى جانب أنه إذا أخذ بالتطوير الذي يجب إدخاله على تلك المادة يجعلها تشمل أيضاً تكليف المحقق بالتنبيه على المتهم بحقوقه المتعلقة بمساعدة المحامي، وعدم التزامه بالإجابة على الأسئلة التي توجه إليه وضرورة إثبات ذلك بمحضر استجوابه – فإن الأمر يقتضي وجوب النص على جواز البطلان في حالة مخالفة هذه القواعد؛ حتى لا تصبح موضع خلاف

كما أنه من باب أولى تطبق نفس السياسة بالنسبة للضمانات الأخرى الخاصة بالاستجواب الموضوعي. وهي دعوة محامي المتهم للحضور ووضع ملف الدعوى تحت تصرفه في اليوم السابق للإجراء، مع إثبات ذلك بالمحضر. فيترتب البطلان على المخالفة استناداً إلى نص القانون الصريح، لاتحاد العلة في جميع هذه الفروض.

وبهذا ينتهي الوضع إلى رفع كل ليس يتعلق بهذا الشأن، مما يؤدي إلى استقرار الأحكام على مبادئ معينة، دون أي اضطرار إلى الاجتهاد في التفسير.

ورغم أن نظرية البطلان الجوهري قد صدت كثيراً من النقض، فإن الحاجة ما زالت تدعو المشرع إلى ضرورة التدخل بالنص الصريح الذي يحدد حالات البطلان، خاصة بالنسبة للاستجواب.

ب- البطلان الذاتي:

بصدور قانون الإجراءات الجنائية اتسعت نظرية البطلان الذاتي، حيث نص على بعض الضمانات الخاصة بالاستجواب، واعترف للمتهم بحقوق معينة لكي تمكنه من مباشرة دفاعه بحرية.

وفي نفس الوقت لم يذكر الجزاء المترتب على مخالفة تلك القواعد. فقد ألزم المحقق بمقتضى المادة (۱۲۳) إجراءات بأن يحيط المتهم علماً بالاتهام المنسوب إليه، والمادة (۱۲٤) بدعوة محامية إذا كان متهما بجناية، والمادة (١٢٥) بالسماح للمحامي بالاطلاع على ملف الدعوى في اليوم السابق للاستجواب.

هذا بالإضافة إلى الضمانات العامة المتعلقة بالتحقيق الابتدائي مثل حق المتهم في حضور جميع إجراءاته ما لم يكن سرياً، وعدم جواز الفصل بينه وبين محاميه لأي سبب في جميع الحالات المادة ۷۷) إجراءات).

وكذلك ما ذهبنا إليه من وجوب تمكين المتهم من أن يدلي بإيضاحاته ما لم يكن هارباً سواء أكان محبوساً أو مطلق السراح. وهذا ما دعانا للقول بضرورة الاستجواب واعتباره عملاً جوهرياً لازماً للدعوى لتعلقه بمصلحة الدفاع.

خاصة وأنه يعد الفرصة الوحيدة التي تساعده على إبداء تبريراته ومناقشة والأدلة والقرائن القائمة ضده، مما يقتضي أن يترتب على إهماله البطلان.

والمشرع المصري لم يتبع خطة القانون الفرنسي في النص صراحة على القواعد التي توجب مخالفتها تقرير البطلان واكتفى بنظرية البطلان الذاتي، حيث نص في المادة ۳۳۱ إجراءات على أنه (يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري).

وهذا الحكم يسري على جميع قواعد الإجراءات الجنائية المتعلقة بالمحاكمة أو بالتحقيق الابتدائي.

ورغم أن القانون لم يقرر جزاء صريحاً على مخالفة المواد الخاصة بالاستجواب، فإن أهميتها ليست محل شك لارتباطها بحقوق المتهم المتعلقة بالدفاع، وبذا تعتبر من القواعد الجوهرية مما عنته المادة (۳۳۱) إجراءات والسابق الإشارة إليها.

وقد دعم القضاء وجهة النظر هذه وحكم بأن (القانون لا يرتب البطلان إلا على عدم السماح بغير مقتض لمحامي المتهم بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على استجواب المتهم أو مواجهته بغيره، أو بالاطلاع على التحقيق أو الإجراءات التي أجريت في غيبته).

ومعنى ذلك أنه في غير حالة إصدار قرار بجعل التحقيق الابتدائي سرياً يترتب على حرمان محامي المتهم من الإطلاع على ملف الدعوى في اليوم السابق للاستجواب أو المواجهة بطلان الإجراءات.

وفي حكم آخر قررت محكمتنا العليا أنه (لا محل لدفع المتهم ببطلان التحقيق ما دام لم يزعم بأنه عين محامياً عنه وقت الاستجواب، أو أن محاميه تقدم للمحقق مقرراً الحضور معه وقت هذا الاستجواب).

ويتضح من هذا أنه إذا كان للمتهم في تلك الدعوى محام وأعلن به المحقق، ولكنه أغفل دعوته أو لم يسمح له بالحضور، فإنه يترتب عليه بطلان الإجراء المذكور.

النقد الموجه لنظرية البطلان الذاتي:

عيوبها: لم تسلم نظرية البطلان الذاتي من بعض الاعتراضات الموجهة لها، على اعتبار أنها تؤدي إلى مصاعب ليست قليلة الشأن. فالأمر لا يكون سهلاً دائماً لعمل تفرقة واضحة المعالم بين الإجراءات الجوهرية التي يجازي عليها بالبطلان وتلك التي ينظر إليها على أنها أقل أهمية.

إلى جانب أن هذا الاتجاه يحتمل أن يؤدي إلى نتائج خطيرة؛ إذ بناء عليه ستهمل القواعد المعتبرة غير أساسية ولا يعمل بها، ما دام ليس هناك جزاء محدد من قبل يترتب على مخالفتها.

وذلك يتعارض مع رغبة المشرع الذي لا يملي أحكامه لكي تهدر قيمتها، بل يقصد بها تحقيق مصلحة حيوية وإلا لما كان هناك حاجة للنص عليها.

أهميتها: ولكن من ناحية أخرى، لا يمكن حصر جميع حالات البطلان في قواعد تشريعية محددة. خاصة وأن كثرة التفصيلات المتعلقة بها من الجائز أن يكون لها أثر عكسي، فتؤدي غالباً إلى نتائج لا تقل خطوة عن الحالة الأولى.

وبالتالي لا تتفق مع مصلحة التحقيق؛ لأن الأمر سينتهي إلى شكليات ليس لها مبرر وتعقيدات تعطل من سير الدعوى. فيضيع كل أثر للمجهودات القضائية التي تبذل في هذا السبيل بمجرد مخالفة قد لا تستوجب مثل تلك النتائج القانونية الجسيمة.

ضرورة الأخذ بها إلى جانب البطلان القانوني:

لذلك من الحكمة الأخذ بحل وسط فلا يترك الوضع جميعه دون توضيح الفروض الأساسية التي تستلزم مخالفتها تقرير البطلان، وفي نفس الوقت يجب ألا يقتصر الحكم المذكور على الحالات المعينة بالذات، لأنه يوجد هناك أيضاً مسائل فرعية لا تقل أهمية عنها،

ولكن لا ينص على جزاء لها لصعوبة حصرها ودخولها في جزئيات دقيقة من غير المناسب أن يتعرض لها المشرع بالتحديد، وعليه أن يترك أمرها للتطبيق القضائي لكي يفصل في كل منها على حدة، فيقرر ما إذا كانت القاعدة جوهرية أم وإرشادية.

ومن هذا يتضح أن الضرورة تقتضي الجمع بين النظرتين المذكورتين في نظام قانوني واحد، فإلى جانب النص على حالات معينة للبطلان وعلى وجه خاص بالنسبة للأحكام التي تحمي مصالح معتبرة لدفاع مثل شروط وضمانات الاستجواب، ينص على قاعدة عامة لنظرية البطلان الذاتي تقرره عند مخالفة أية قاعدة جوهرية لتدارك كل نقص يتعلق بذلك الشأن.

متى يكون الإجراء جوهريا:

رغم أن هناك اتجاهاً قضائياً يهدف إلى إعطاء فكرة الإجراء الجوهري معنى ضيقاً يعتمد على حماية حقوق المتهم فحسب؛ فإنه يجب أيضاً ألا تهمل مصلحة المجتمع في حسن سير الدعوى الجنائية وتحقيق العدالة على الوجه الأكمل؛ نظراً لأنها بدورها تتطلب مراعاة بعض القواعد الجوهرية التي تقتضي مخالفتها تقرير البطلان، مثل ما يتعلق بالتنظيم القضائية حيث إنها لا تقل عن النوع الأول أهمية.

وهذا يدفعنا إلى القول بأن الإجراء يعتبر في حكم القانون عملا جوهرياً إذا لم يكن القصد منه مجرد الإرشاد والتوجيه، بل يهدف إلى حماية مصلحة هامة، سواء اتصلت بحقوق المجتمع أو الفرد.

ولكن ليس معنى ذلك أن يكون المحقق في الموقف الذي يسمح له بتقرير ما إذا كان الإجراء أو الشكل التي نص عليه القانون يترتب على مخالفته إضرار بحقوق جوهرية أم لا؛ حيث يجب عليه دائماً أن يراعي تنفيذ الأحكام المنصوص عليها في القانون، بصرف النظر عن عدم وجود جزاء لمخالفتها خاصة وأن هذا يجعله في مأمن من احتمالات تعريض عمله للبطلان.

ثانيا: أنواع البطلان فى قضايا المخدرات :

البطلان نوعان:

الأول: مقرر لحماية مصالح خاصة ويسمى بطلان مقرر لمصلحة الخصوم.

الثاني: يقصد به حماية مصلحة المجتمع ويسمى بطلان متعلق بالنظام العام.

وتقتضي الضرورة هنا وضع المعيار الذي يساعدنا على التمييز وبينهما؛ لأنه يترتب على تلك التفرقة نتائج قانونية هامة تتأثر بها الدعوى الجنائية في جميع مراحلها.

ولكن ليس معنى ذلك أن هذا التقسيم يؤثر على المعنى القانوني للبطلان، حيث أن النتيجة النهائية إذا ما تحقق تكون واحدة في الحالتين.

أ-البطلان المقرر المصلحة الخصوم:

القواعد المتصلة بهذا الشأن مقررة لحماية مصلحة خاصة بالمتهم تتعلق بحماية حقوق الدفاع؛ وتشمل جميع الشكليات الواجب مراعاتها أثناء استجواب الحضور الأول من إعلان المتهم بالاتهام القائم ضده وتنبيهه إلى حريته في الإدلاء بما يشاء من الأقوال أو الامتناع عن ذلك وحقه في مساعدة المحامي،،،،

والضمانات الخاصة بالاستجواب الموضوعي وهي دعوى محامي المتهم للحضور واطلاعه على ملف الدعوى في اليوم السابق للإجراء، وأخيرا حقوق الدفاع الأخرى التي أهمها السماح للمتهم بالاتصال بمحاميه بحرية دون أي رقابة في حالة ما إذا كان محبوساً وإعلانه وبالقرارات التي يصدرها المحقق المتعلقة بسير التحقيق والتصرف فيه.

ب- البطلان المتعلق بالنظام العام:

أما الأحكام الأخرى المتعلقة بالنظام العام فهي مقررة لمصلحة المجتمع. وتشمل جميع القواعد التي لا تخص الحماية المباشرة للمتهم مثل الأحكام المتصلة بالتنظيم القضائي، كعدم جواز اشتراك القاضي في الحكم بالنسبة للقضية التي يكون قد قام بإجراء تحقيق فيها.

وتلك التي رغم تعلقها بحقوق الدفاع فإنها تتصل على وجه أهم بالمبادئ العليا الواجب مراعاتها حتى ولو لم يكن هناك نص صريح يشير إليها، مثل عدم جواز تحليف المتهم اليمين قبل استجوابه، وتحريم وقوع أي إكراه عليه أو إغرائه أو خداعة، أو استعمال وسائل البحث الحديثة على وجه غير مشروع كان يتم ذلك بغير موافقة صريحة منه.

ومن باب أولى إذا كان العمل يكون جريمة كالاعتداء على المتهم لحمله على الاعتراف، أو فيه خروجا عن قاعدة دستورية أو الإخلال بالضمان الأساسي للدفاع كعدم استجوابه إطلاقاً أثناء مرحلة التحقيق الابتدائي.

وبالإضافة إلى ذلك يمكن القول بصفة عامة بأن مخالفة الأحكام الأساسية وتلك التي لها صفة العمومية بالنسبة للتحقيق هي التي يترتب عليها بطلان من النظام العام؛ بينما مخالفة القواعد للخاصة بإجراء معين يترتب عليها بطلان من النوع المقرر لمصلحة الخصوم.

ولكن من ناحية أخرى يجب ملاحظة أن البطلان المقرر لمصلحة المتهم في الحالات المشار إليها لم يقصد به مجرد منع الضرر عنه، لأنه يهدف أيضاً في النهاية إلى حماية مصلحة المجتمع.

الحكمة من التفرقة :

السبب في التمييز بين تلك القواعد وجعل بعضها يترتب على مخالفته بطلان من النوع المقرر لمصلحة الخصوم والآخر بطلان من النظام العام هو ما جرى عليه العرف القضائي والفقه من وجود أحكام معينة رغم اتصالها مباشرة بحماية حقوق الأفراد؛ فإنها تحتل مكانة أبعد من هذا وأشمل، حيث تمس على عمق أكبر النظم الأساسية التي تقوم عليها فكرة العدالة، فيعتبر كل ما يصيبها من اعتداء أنه قد وقع على المجتمع في صورة أشد جسامة وأبلغ معنى مما يترتب عليه ضرورة تمييزها ببعض الأحكام التي لا يتمتع بها النوع الأول.

الوضع في القانون المصري:

عندما صدر قانون الإجراءات الجنائية أوضح ضمنياً هذه التفرقة؛ إذ بعد النص في المادة (۳۳۲) على بعض حالات البطلان المتعلقة بالنظام العام مثل عدم مراعاة الأحكام الخاصة بتشكيل المحكمة أو بولايتها للحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها،

أورد في المادة التالية لها (۳۲۳) قاعدة عامة تدل بطريقة غير مباشرة بأن الخروج على خلاف ذلك من الأحكام المتصلة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة بالنسبة للجنح والجنايات – يترتب عليه البطلان النسبي؛ لأنها نصت على سقوط الحق في الدفع بالبطلان في تلك الحالات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره دون اعتراض منه؛

أما في المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحا إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يكن معه محام في الجلسة. وكذلك يسقط الحق بالنسبة للنيابة إذا لم تتمسك به في وحينه.

من ذلك يتضح أن المشرع قد أخذ بما استقرت عليه أحكام القضاء الفرنسي في ظل تطبيق قانون ۸ ديسمبر ۱۸۹۷ من أن الضمانات الخاصة بالاستجوابات تعتبر من القواعد التي يترتب على مخالفتها بطلان من النوع المقرر لمصلحة الخصوم.

وهذا على عكس القواعد التي لا تحمى حقاً خاصاً بالمتهم المتصلة بمصالح عليا مثل تلك المتعلقة بالتنظيم القضائي والأصول التي تقوم عليها مبادئ الإجراءات الجنائية والشروط الموضوعية لها؛ فإنه يترتب على مخالفتها بطلان من النظام العام. ويؤيد هذا الرأي كثير من الفقهاء.

ولكن ذهب اتجاه إلى أن الضمان الخاص بدعوة محامي المتهم بجناية لحضور الاستجواب أو المواجهة المنصوص عليه في المادة (١٢٤) إجراءات يتعلق بالنظام العام لاتصاله بحرية الدفاع.

ويستند في ذلك إلى أن المشرع قد استمد تلك القاعدة من المادة ۱۲ من قانون ۸ ديسمبر ۱۸۹۷ الفرنسي التي تقضي به.

بالإضافة إلى ما جاء بالمذكرة التفسيرية عن المادة (۳۱۹) إجراءات وما بعدها من مشروع القانون بأن الأحكام المتصلة بحرية الدفاع بصفة عامة وبحضور مدافع عن المتهم في الجنايات بوجه خاص تتعلق بالنظام العام.

هذه النظرة إلى الضمان المذكور فيها ترجيح لمصلحة المجتمع في حين إنه يقصد به قبل كل شيء مصلحة المتهم وحده، وخير دليل على هذا أنه يمكنه التنازل عنه ولا أحد يستطيع إلزامه على الاستعانة بالمحامي الذي له أن يتخلف دون أن يؤثر ذلك في صحة الإجراءات.

كما أن المادة (۳۳۳) إجراءات صريحة في أنها ترتب على مخالفة القواعد الخاصة بالتحقيق الابتدائي بطلاناً من النوع المقرر لمصلحة الخصوم.

وذلك على عكس التحقيق النهائي أثناء المحاكمة؛ حيث إن وجود المحامي عندئذ يعد أمراً جوهرياً؛ لأنه مكمل لتشكيل هيئة محكمة الجنايات.

وتخلفه في هذه الحالة يجعل إجراءات المحاكمة معيبة ويلحق بها بطلانا من النظام العام لا يجوز للمتهم أن يتنازل عنه وليس من سلطة المحكمة تصحيحه. وهذا ما يتناسق مع أحكام القانون المتعلقة بالبطلان.

وبصفة عامة يجب ملاحظة أنه من الصعوبة بمكان وضع تعريف قاطع يمكن بمقتضاه تحديد كل ما يجب اعتباره من النظام العام على وجه مطلق، حيث إنه يكون فكرة مرنة تختلف وفقاً للزمان والمكان.

فما يعد في وقت معين متعلقا به قد لا يكون كذلك في ظروف أخرى. وليس أدل على هذا من أحكام التفتيش عندنا؛ إذ كان ينظر إليها في ظل قانون تحقيق الجنايات على أنها متصلة به، ثم عدل عن تلك الفكرة وأصبحت تعتبر دائماً من النوع المقرر لمصلحة الخصوم.

لذا تتحاشى التشريعات عادة تعريف النظام العام أو حصر حالاته، بل إن بعضها قد لا يذكر حتى أي تعداد له على سبيل المثال، كما فعل مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

وقد ساعد على ذلك أن أهمية التفرقة المتعلقة بهذا الشأن تكاد تنحصر في مجال التمسك بالبطلان على الوجه الذي سنتعرض له بالتفصيل.

أهمية التفرقة بين نوعي البطلان :

التفرقة بين البطلان المتعلق بالنظام العام والبطلان المقرر لمصلحة الخصوم يترتب عليها أهمية كبيرة، حيث إن لها نتائج قانونية تتأثر بها الدعوى الجنائية في جميع مراحلها.

البطلان المتعلق بالنظام العام:

إذا كان البطلان من هذا النوع، لاتصاله مثلاً بمخالفة قواعد التنظيم القضائي، أو لاتخاذ إجراءات غير مشروعة ضد المتهم أثناء استجوابه كتحليفه اليمين، أو أن العمل يكون جريمة كتعذيبه لحمله على الاعتراف فإنه يجوز لأي طرف في الدعوى أن يطالب به حتى ولو لم تتأثر مصلحته بذلك..

فالمتهم الذي لم يرتكب في حقه أي مخالفة له أن يتمسك ببطلان الاستجواب الذي وقع فيه تعذيب على شريكه. كما أن المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها أثناء نظرها القضية دون أن يطالبها أحد بهذا.

كما أنه ليس للخصوم التنازل عنه ويجوز الطعن به في جميع مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. وذلك لأن مصلحة العدالة تقتضي سرعة الكشف عنه.

البطلان المقرر لمصلحة الخصوم :

وهو على عكس البطلان المتعلق بالنظام العام، مثل حالات الإخلال بالضمانات الخاصة باستجواب الحضور الأول والاستجواب الموضوعي والمواجهة.

ونظراً لاتصال معظم أحكام الاستجواب بهذا النوع الأخير من البطلان، وما يترتب عليه من نتائج عميقة الأثر، نتكلم عن الموضوع بشيء من التفصيل.

الدفع بالبطلان قاصر على صاحب الشأن:

المتهم صاحب الشأن :

لا يجوز أن يتمسك بالبطلان المقرر لمصلحة الخصوم أي طرف في الدعوى، حيث إن حق الدفع به قاصر على صاحب الشأن، وهو الشخص الذي تقررت القاعدة التي خولفت من أجله، أي المستفيد من الحماية القانونية الذي أضر بحقوقه ترك أو إهمال الإجراء أو الشكلية المعنية بالأمر؛ لأن البطلان هنا يكون الجزاء على ذلك.

ومن هذا يتضح أن دائرة أصحاب الحق في الاحتجاج به تضيق تبعاً لكون من لهم مصلحة فيه محصورين نسبياً.

المتهم الذي لم ترتكب مخالفة في حقه:

ليس للمتهم أن يطالب ببطلان الاستجواب على أساس أن إحدى ضماناته قد أهدرت بالنسبة لشريك له اعترف عليه؛ كأن يكون ملف الدعوى لم يوضع تحت تصرف محامي ذلك الشخص في اليوم السابق، لأن البطلان في هذه الحالة مقرر لمصلحة الذي ارتكبت المخالفة ضده، ولا يصح لغيره أن يثيره حتى ولو كان هناك فائدة تعود عليه من وراء ذلك وحيث إن البطلان مقرر هنا لمصلحة لا تتعلق بالنظام العام.

المسئول مدنيا:

كما أن المسئول مدنياً لا يمكنه أيضاً التمسك بالبطلان المقرر لمصلحة المتهم. ولكن إذا كان هذا الأخير قد دفع به، فإنه يستطيع في تلك الحالة التدخل في الدعوى.

تعدد المتهمين:

إذا تعدد المتهمون وتنازل أحدهم عن حقه في التمسك بالبطلان بالنسبة لواقعة معينة تخصه، كان يكون قد استجوب دون دعوة محاميه للحضور؛ فإن باقي زملائه الذين لم يصبهم ضرر مباشر من تلك المخالفة لا يحق لأحدهم إثارته.

وكذلك الحال إذا كانت المخالفة المذكورة فيها اعتداء على حقوق الشركاء، ولكنهم لم يطالبوا بالبطلان اعتماداً على الدفع الذي قدمه المتهم المتعلق بنفس الشأن؛ فإنه في حالة رفضه لسبب معين خاص به لا يكون لباقي المتهمين الحق في التضرر في هذا الأمر.

كما لا يمكنهم الطعن من جديد بالبطلان إلا إذا كانت جميع الشروط اللازمة لذلك متوافرة أهمها والمدة المحددة له.

وقصر التمسك بالبطلان على صاحب الشأن يرجع إلى قاعدة عامة تقضي بأن الأحكام المقررة في القانون لمصلحة خاصة لا يجوز أن يستفيد منها إلا الشخص الذي يصيبه ضرر مباشر من عدم اتباعها.

الشخص الذي تسبب في البطلان:

كانت المادة ۳۲۳ من مشروع الحكومة لقانون الإجراءات الجنائية الحالي تنص على أنه لا يجوز للشخص الذي تسبب في وقوع البطلان أن يتمسك به، وليس لأي خصم الدفع بأوجه البطلان المتعلقة بأحكام مقررة المصلحة الغير.

وحذف هذا النص على اعتبار أنه يتضمن بديهيات مسلما بها.

وأخذ مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد بتلك القاعدة صراحة في المادة ۳۲۲. ولكن أعترض على ذلك استناداً إلى أنه ليس من العدالة حرمان صاحب المصلحة من التمسك بالبطلان إذا كان قد تسبب فيه دون قصد. ولتلافي هذه النتيجة اقترح إضافة عبارة (سوء نية) إلى نهاية المادة المذكورة؛ لكي يستطيع المتهم إذا كان حسن النية أن يدفع بالبطلان حتى ولو كان هو السبب في وقوعه.

وكيل النيابة:

أما بالنسبة لوكيل النيابة، فإن له الحق في المطالبة بالبطلان رغم كونه مقرراً لمصلحة الخصوم فحسب، فإذا أهمل المحقق مراعاة إحدى ضمانات الاستجواب يصبح للنيابة الحق في التمسك به بصرف النظر عن رغبة صاحب الشأن.

جواز التنازل عن البطلان:

المتهم غير ملزم على التمسك بالبطلان:

نظراً لأن هذا البطلان مقرر لمصلحة الخصوم وعلى وجه خاص الحماية حقوق المتهم. فمن المنطقي ألا تفرض عليه تلك الوصاية رغم إرادته أو يكره على الخضوع لأحكامها حيث لا يصح أن يكون لها صفة مطلقة.

فله أن يتنازل عن الضمانات المقررة لمصلحته في الاستجواب ويطلب سؤاله فوراً دون انتظار الدعوة محاميه ووضع ملف الدعوى تحت تصرفه للاطلاع عليه، ما دام يرى أن هناك فائدة تعود عليه من وراء ذلك، كان يكون على ثقة من استطاعته إثبات براءته فوراً بمجرد سماعه بالاتهام القائم ضده حتى يطلق سراحه في الحال.

خاصة وأنه قد يترتب – أحياناً – على التمسك بالشكليات إطالة الإجراءات ومد حبسه الاحتياطي مما يسبب له أضراراً كان يمكنه أن يتجنبها ببساطة.

ومن المسلم به أنه إذا كان المتهم يستطيع التنازل قبل استجوابه، فإنه يتمتع بذلك أيضاً عقب اتخاذ الإجراء معه؛ إذ إن الحكمة والنتيجة واحدة في كل من الحالتين.

ولكن ليس لغير المقرر لمصلحته البطلان أن يتنازل عنه. ويجب أن تتوفر لديه الإرادة المتعلقة بهذا الشأن على وجه لا يحتمل أي شك. وهي لا تعتبر قائمة إلا بعد أن يعلم بوجود العيب ويظهر من الدلالة ما يؤكد رغبته في ذلك المسلك.

تعدد أصحاب الحق في التنازل:

أما إذا كان هناك أكثر من شخص ممن له حق التمسك بذات البطلان فإن التنازل يجب أن يصدر منهم جميعاً حتى يزول كل أثر يتعلق به بالنسبة للإجراء. وفي حالة صدوره من بعضهم، فإنه لا يسري في تلك الحالة إلا في حقهم وحدهم.

حق المحامي في التنازل:

وقد اختلف الرأي حول حق المحامي في التنازل نيابة عن موكله فذهب اتجاه إلى أن الوكالة العامة تعطيه ذلك، ولكن هناك من يرى أنه لا يجوز إلا بتوكيل خاص.

والقضاء في فرنسا متواتر على جواز التنازل المتعلق بهذا الشأن من محامي المتهم. ولكن نرى أن التنازل عن الحقوق يجب أن يكون قاصراً على صاحب الشأن نفسه طبقاً للمبادئ العامة التي تسود القانون.

خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أنه في هذه الحالة يصحح الإجراءات، مما لا يتيح فرصة أخرى للمتهم للعودة إلى التمسك بالبطلان في جميع مراحل الدعوى. وكثيراً ما يترتب على ذلك نتائج لا يمكن تجنب آثارها.

نطاق التنازل:

من ناحية أخرى لا يشمل التنازل إلا الضمان المقرر لمصلحة الخصوم مباشرة الذي تعلق به حقهم وبالنسبة للاستجواب المعين فقط. وإذا لم يحدد ذلك، فإنه يسري على الإجراء الذي تم قبله دون غيره، ما لم يستفد من صبغته أنه قد قصد به كل ما يليه من إجراءات. وتنازل المتهم عن مساعدة المحامي يشمل بصفة عامة جميع الضمانات الخاصة بالاستجواب والموضوعي التي نص عليها القانون.

يجب أن يكون التنازل صريحا:

لنفس السبب يجب أن يكون التنازل صريحاً، حتى يمكن التأكد على وجه قاطع بأن إرادة المتهم قد انصرفت إلى عدم الرغبة في الاستفادة من الضمانات المقررة لصالحه. فلا يصح أن يكون ضمنياً يستدل عليه من صمت المتهم، أو من مجرد عدم اعتراضه على الإجراء المخالف للقانون.

ويمكن تعريفه بأنه السلوك الذي يصدر من صاحب الشأن ويدل على قبوله للنتائج القانونية المترتبة على الإجراء المعيب المتخذ في حقه. وهذا ما أكدته المادة (١٧٠/٢) إجراءات فرنسي حين نصت على وجه خاص بالنسبة للتنازل اللاحق بأن يكون صريحاً، وأضافت شرطاً لتأكيد تنفيذ ذلك ،،،،

وهو عدم جواز تمامه إلا في حضور محامي المتهم أو على الأقل استدعى وفقاً للأصول المرعية. ومن البديهي أنه لا يوجد ضرورة لهذا القيد إذا كان قد سبق له أن تنازل عن تلك المساعدة.

أما قانون الإجراءات الجنائية المصري، فإنه على خلاف ما ذهب إليه المشرع الفرنسي لم يشترط أن يتم التنازل صراحة، فيجوز أن ضمنياً مستفادا من تصرف صاحب الحق في التمسك به،،،،

كأن لا يدفع به في الوقت والظروف المحددة لذلك، مثل أن يكون الإجراء المعيب متعلقاً صريحا: أو التحقيق الابتدائي وتم في حضور محامي المتهم دون أن يطعن فيه.

وفي المخالفات يكتفي بعدم اعتراض المتهم ولو لم يحضر معه محامياً. ويسقط حق النيابة إذا لم تتمسك به في حينه.

وقد أخذ بذلك أيضاً مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد في المادة (٣٢٤)، حيث سمح بالتنازل الضمني. ولكن يعترض على ذلك بأنه إذا كان من الجائز افتراض علم المحامي أو عضو النيابة بالعيب الذي شاب الإجراء، فإنه يصعب تصور هذا بالنسبة للمتهم وخصوم الدعوى المدنية.

عرض التنازل على المتهم:

إذا رأى المحقق أثناء قيامه باستجواب المتهم أن هناك عيباً قد وقع في الإجراءات مما يسبب بطلاناً من النوع المتعلق بمصلحة الخصوم، كان يكون ملف الدعوى لم يوضع تحت تصرف المحامي للاطلاع في اليوم السابق،،،،

فإنه له – وفقا للرأي الراجح أن يطلب من المتهم رسمياً ما إذا كان يرغب في التنازل صراحة عن حقه في الطعن بالبطلان، وعند موافقته يثبت هذا في المحضر وتواصل الإجراءات، حتى يكون في مأمن من المفاجآت.

وكذلك الحال أثناء مرحلة المحاكمة، حيث يكون لصاحب الشأن الحق دائماً في أن يتنازل عن التمسك بالبطلان، فيزول كل أثر له إذا لم يكن متعلقاً بالنظام العام، على أن يثبت بمحضر الجلسة، ثم تستمر المحكمة في نظر الدعوى.

ثالثاً: آثار بطلان الاستجواب فى قضايا المخدرات : –

إذا كان الاستجواب معيباً لخروج إجراءاته عن القواعد العامة المتعلقة بالتحقيق أو المحاكمة أو لوجود خلل في إحدى الضمانات الخاصة به؛ فإن هذا وحده ليس بكاف لاعتباره باطلاً وإهدار كل قيمة قانونية له، فينظر إليه في تلك الحالة باعتباره صحيحاً منتجاً لجميع آثاره حتى يتقرر بطلانه من الهيئة القضائية المختصة. وعندئذ فقط تزول كل قيمة له ويعتبر كأن لم يكن، وبالتالي يتأثر ما ترتب عليه من أدلة أو قرائن.

ولكن من ناحية أخرى يمكن للقضاء بدلاً من تقرير بطلانه أن يقوم بتصحيحه في بعض الحالات إذا توافرت شروط معينة.

وسوف نعرض لهذا الموضوع من ثلاثة جوانب:

الأول : الجهة المختصة بتقرير البطلان

الثاني : ما يترتب على تقرير البطلان.

الثالث : تصحيح البطلان.

١- الجهة المختصة بتقرير البطلان فى قضايا المخدرات :

وفقاً لأحكام القانون المصري لا يجوز لقاضي التحقيق تقريب البطلان إذا ما اتضح وجود عيب في الإجراء. ولكن لسلطة التحقيق في تلك الحالة إعادته على الوجه الصحيح كلما أمكن ذلك.

فإذا كان المتهم قد استجوب دون دعوة محاميه للحضور، فإن للمحقق أن يقوم باستجوابه مرة أخرى بعد أن يستوفي الضمان. وهذا طبعاً مشروط بوجود الدعوى في حوزته، أما إذا أحيلت إلى المحكمة، فإنه لا يكون له سلطة عليها، ولا يستطيع القيام بأي إجراء فيها، حيث تصبح كل الأمور المتعلقة بها من اختصاص تلك الجهة.

متى تختص سلطة التحقيق استثنائيا بتقرير البطلان :

جرى العمل على منح سلطة التحقيق حق تقرير البطلان رغم عدم وجود نص يقضي به إذا كان لها الإشراف على اختصاص المحقق الذي قام بالإجراء المعيب.

الطعن بالبطلان في قرارات المحقق :

رغم أن المادة (١٦١) إجراءات قد نصت على أن للنيابة استئناف جميع الأوامر التي يصدرها المحقق ولو لمصلحة المتهم، فإنه لم يسمح للخصوم بذلك الحق إلا بالنسبة لمسائل الاختصاص، على ألا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق.

ومن هذا يتضح أن النص المصري قاصر عن توفير ضمان كـاف للمتهم يتيح له فرصة الطعن في قرارات المحقق التي أضرت بحقوقه وصدرت على وجه معيب.

مما يستدعي تعديل المادة المشار إليها حتى يمكن لباقي أطراف الدعوى استئناف القرارات المذكورة، فتصبح هناك مساواة بين حقوق كل من الاتهام والدفاع، ويتجنب الاستمرار في اتخاذ إجراءات معرضة للبطلان.

اختصاص المحكمة في تقرير البطلان فى قضايا المخدرات :

أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت المحكمة الجنح والمخالفات، فإنه يخصها وحدها النظر في تقرير البطلان المترتب على الخروج عن أحكام الاستجواب والقواعد المتعلقة بالحضور الأول للمتهم أمام المحقق وجلسة سماع أقوال المدعي بالحق المدني، سواء أكان هذا بناء على طلب النيابة أو المتهم، أو المدعي بالحقوق المدنية أو المسئول عنها، أو حتى من تلقاء نفسها.

وكذلك المحكمة الاستئنافية عندما يتبين لها وجود العيب الذي يؤدي إلى البطلان؛ فإنه يمكنها التصدي للموضوع والفصل فيه دون حاجة إلى إحالة الدعوى للنيابة.

ولكن لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تقرر بطلان الاستجواب لوجود مخالفة في إجراءاته أثناء قيام المحقق به، لأن مجرد صدور قرار الإحالة وعدم الطعن فيه بالنقض يغطي جميع العيوب التي تقتضي البطلان في مرحلة التحقيق الابتدائي.

فتعتبر إجراءات الدعوى كأنها قد تمت على الوجه الصحيح ولا يكون هناك محل لإثارة البطلان المتعلق بالاستجواب إلا إذا كان ذلك العيب لم يلحق به إلا أثناء التحقيق التكميلي الذي تم بعد صدور قرار الإحالة، أو أنه يتعلق باستجواب رئيس محكمة الجنايات للمتهم عقب وصول ملف الدعوى إليه.

أما بالنسبة لمحكمة النقض، فإنها لا تتعرض للبطلان إلا إذا كان متصلا بالنظام العام أو مقرراً لمصلحة الخصوم وسبق إثارته أمام محكمة الموضوع، على أن تكون العيوب الموجودة في الاستجواب مستفادة من الأوراق التي المعروضة عليها.

هل للمحكمة تقرير البطلان المتعلق بمصلحة الخصوم؟

الرأي الراجح في مصر أن محكمة الموضوع بصفة عامة لا يمكنها من تلقاء نفسها أن تقرر بطلان الاستجواب في حالة مخالفة المحقق لإحدى ضماناته الخاصة، على اعتبار أن البطلان هنا يعتبر من النوع المتعلق بمصلحة الخصوم الذي يجب أن يدفع به المتهم صاحب الشأن.

ولكن استناداً إلى سلطتها التقديرية في الاقتناع لها أن تستبعد الدليل المستمد من الاستجواب المعيب دون حاجة إلى الحكم ببطلانه وهذا الاتجاه يقبل المناقشة لعدة اعتبارات أهمها:

للمحكمة الولاية العامة على الدعوى :

أصبحت القاعدة المذكورة تمت إلى الشكليات التقليدية أكثر من تعلقها بالأسباب الموضوعية، لأن المحكمة عند نظرها للدعوى يجب أن يكون لها جميع السلطات التي تمكنها من بحثها ومراجعة مدى صحة وشرعية إجراءاتها.

فلا يجوز هنا حرمانها من التعرض لما قد يساعدها على الوصول إلى هدفها وتحقيق العدالة المطلوبة. فمتى تأكدت من وجود مخالفة للقانون في إجراء ما عليها أن تحكم بالبطلان من تلقاء نفسها سوءا تعلق بمصلحة الخصوم أو بالنظام العام؛ حيث إن رائدها مبدأ واحد في جميع الحالات.

وبذلك يختلف القضاء الجنائي عن المدني الذي يعتبر دائما محدودا بمصلحة الأطراف بصرف النظر عن باقي الظروف.

وإذا كان البطلان مقررا لمصلحة المتهم، فإنه لا ينازع أحد في حقه الخاص بالتمسك به، ولكن من ناحية أخرى لا يصح أن ينال ذلك من ولاية المحكمة في تقدير الأدلة المعروضة عليها، سواء أكانت لمصلحة الخصوم أو ضدها.

ويجب أن تبقى لها السلطة التي تخولها تقرير البطلان كلما اتضح لها أن هناك مخالفة لأحكام القانون حتى ولو لم يدفع صاحب الشأن به

جهل المتهم بوجود حق الطعن :

كما أنه في أغلب الحالات لا يكون المتهم على المستوى الذي يسمح له بمعرفة المبادئ القانونية العامة، خاصة ما تعلق منها بمسائل متفرعة مثل ضمانات الاستجواب وحقوق الدفاع، فيحال إلى المحاكمة وقد يدان فيما هو منسوب إليه رغم وجود عيب في الإجراءات، وذلك استناداً إلى أن المحكمة ليس لها أن تقضي من تلقاء نفسها بالبطلان المقرر لمصلحة الخصوم.

فتضيع عليه فرصة التمسك بهذا الدفع ولا يشفع له جهله بوجوده.

٢- ما يترتب على البطلان فى قضايا المخدرات :

أخذ المشرع المصري موقفاً موحداً بالنسبة لجميع الأحكام التي قررها في هذا الشأن ولم يجر بينها أي تفرقة، فنص في المادة (٣٣٦) إجراءات على أن البطلان لا يلحق إلا الإجراء المعيب والآثار المترتبة عليه مباشرة.

فمثلاً في الحالات التي أوجب فيها المشرع استجواب المتهم لإمكان حبسه احتياطياً، فإن إغفال هذا الإجراء لا يترتب عليه في هذه الحالة غير بطلان الحبس الاحتياطي وما قد يكون قد نتج عنه من أدلة مباشرة، أما باقي الإجراءات الأخرى فإنها لا تتأثر به

كما أن بطلان الاستجواب – وفقاً لرأي أغلب الفقهاء المصريين – لا يترتب عليه بطلان التحقيق بأكمله، على اعتبار أن القانون لم ينص على ذلك، فلا يتأثر به إلا ما نتج عنه مباشرة كالاعتراف.

كذلك إذا استجوب المتهم بناء على عمل باطل؛ كان يكون قد تم على أثر قبض معيب – في غير الحالات الجائزة قانوناً – فأقر بما هو منسوب إليه، فنظراً إلى أن القبض قد وقع باطلاً، فإن الاستجواب والاعتراف المترتب عليه يكون أيضاً باطلاً.

أما الإجراءات التالية التي لا يوجد بينها وما سبقها علاقة سببية مثل سماع الشهود وإجراء المعاينة وندب الخبراء؛ فإنها تظل صحيحة وفقا للاتجاه المشار إليه.

وكذلك الحال بالنسبة للإجراءات التي تسبق الاستجواب الباطل؛ فإنها لا تتأثر به. وهذا مبدأ متفق عليه تمليه القواعد العامة دون حاجة إلى النص عليه.

وقد طبقت محكمتنا العليا تلك القاعدة بشقيها في حكم واضح لها حيث قررت أن البطلان طبقاً للمادة (٣٣٦) من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة، وهو لا يعلق بما سبقه من إجراءات، كما أنه لا يؤثر في قرار النيابة بإحالة الواقعة إلى غرفة الإتهام أو قرار غرفة الإتهام بإحالة الواقعة إلى محكمة الجنايات.

مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد:

وقد أخذ مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد بذلك على وجه تفصيلي، فنص في المادة (٣٢٨/٢، ٣) على أنه: (إذا كان الإجراء باطلاً في شق منه، فإن هذا الشق وحده هو الذي يبطل. ولا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه والإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه).

فمثلاً عند تفتيش مكتب المحامي المتهم بجريمة معينة، فإن ضبط الخطابات المرسلة له من موكله يكون باطلاً لتعلقها بحرية الدفاع، أما باقي الأشياء المتصلة بالاتهام المنسوب إليه فضبطها يعتبر صحيحاً.

وهذا مبدأ مسلم به لا يحتاج لقاعدة قانونية لكي تقرره ومن ناحية أخرى بالنسبة للفقرة الثالثة من المادة المذكورة لا يوجد ضرورة – كما سبق أن أوضحنا – للنص على الإجراءات السابقة، حيث إنها وفقاً للمبادئ المتبعة لا تتأثر بالعيب المترتب عليه بطلان ما لحقها، ما لم يكون ذلك راجعاً لمخالفة حكم عام من النوع الذي يؤثر في الدعوى جميعها.

لذلك يكون من الأوفق أن يقتصر النص على أثر الإجراء الباطل، بأنه يتناول جميع النتائج المترتبة عليه مباشرة على النحو الذي أتبعه القانون الحالي في المادة (٣٣٦) إجراءات.

ضرورة قيام علاقة السببية فى قضايا المخدرات :

من القواعد المتفق عليها فقها فيما يتعلق بالمعيار الذي يحدد على أساسه وجود تلك العلاقة السببية المشار إليها، أنه كلما كان الإجراء مرتبطاً بعمل آخر باطل مثل اتصال النتيجة بالسبب، فإنه يترتب على ذلك بطلانه.

ويعتبر من أهم التطبيقات العملية التي استقر عليها القضاء في هذا الشأن هو ما اتبعه بالنسبة للتفتيش، حيث أجمعت كل الأحكام سواء في فرنسا أو مصر على أن بطلان التفتيش لا يتأثر به سوى الدليل المستمد منه مباشرة، وليس بلازم أن يبطل استجواب المتهم أو اعترافه الذي أعقبه ما دام قد صدر مستقلاً عنه.

والفكرة التي يستند إليها عادة في توضيح قوة العلاقة المذكورة هي الفترة الزمنية التي تفصل بين الإجراءين، والمكان الذي اتخذ فيه كل منهما، والشخص القائم بهما.

فكلما كانت تلك الفترة طويلة نسبياً أو أن هناك ظروفاً أخرى تفصل بينهما، واختلف المكان والمحقق في الحالتين؛ أمكن القول باستقلالهما عن بعضهما، وبالتالي يكون الاستجواب الذي أعقب التفتيش أو القبض صحيحاً.

مع ملاحظة ضرورة توضيح انقطاع رابطة السببية في الحكم، وأن الاعتراف الذي تم في هذا الفرض لم يكن نتيجة مباشرة للإجراء المعيب الباطل السابق له.

أما إذا كان العكس واستجواب المتهم فوراً على أثر التفتيش الباطل وبمعرفة المحقق ذاته في نفس الظروف التعسفية التي اتخذ فيها الإجراء المعيب الأول، فمما لا شك فيه أن دائرة البطلان تتسع هنا لتشمل ليس التفتيش المشار إليه فحسب، بل أيضاً الآثار القانونية المترتبة عليه مثل اعتراف المتهم.

وتخرج من ذلك أن الأمر يتعلق بمسألة موضوعية تخضع للتقدير المحكمة التي لها وحدها أن تقرر ما إذا كان العمل يعتبر نتيجة ضرورية لما سبقه ويتأثر به أم لا.

أما إذا كان الاستجواب باطلاً لمخالفته قاعدة أساسية للتحقيق كعدم ولاية المحقق الذي قام به لكونه مثلا غير مستوف شروط التعيين؛ فإنه من البديهي أن البطلان في هذه الحالة يلحق بكل ما قام به من إجراءات سابقة أو تالية للإجراء الباطل الذي وقع منه.

تقييم الوضع:

يتضح من هذه الدراسة المقارنة أن قصر البطلان على الإجراء المعيب وحده وعدم تأثر باقي الإجراءات اللاحقة به لا يتفق مع الحكمة من تقريره باعتباره جزاء ينبه المحقق إلى بذل مزيد من العناية عندما يدرك بأن عمله عرضة للانهيار، لكيلا يتمادى فيه.

كما أن الخروج عن المبدأ المذكور يتعارض مع المنطق القانوني.

ولكن من ناحية أخرى إذا قلنا ببطلان جميع الإجراءات التي تلي الواقعة المعينة، فإن ذلك يؤدي إلى إهدار مبادئ العدالة، حيث تظل الدعوى بأكملها لفترة طويلة معلقة نتيجة لتأخير سير التحقيق فيها.

وإلى جانب أن هذا يضر بالصالح العام ويسبب مشغولية كبيرة للمحققين، وشك وقلق على مصير مجهوداتهم؛ فإنه قد يترتب عليه أيضاً نتائج في غير مصلحة المتهم؛ إذ يظل الإتهام مسلطاً عليه ويمتد حبسه الاحتياطي إلى فترات طويلة.

كما أن مجرد وجود إجراء باطل يستطيع أن يدفع به صاحب الشأن ليس معناه أنه يرغب دائماً في زوال كل قيمة لباقي الإجراءات التي اتخذت، فقد يكون في بعضها مصلحة تحرص على تحقيقها العدالة كما يعود عليه أيضاً بالفائدة التي تتعارض معها إعادتها.

ففي الوقت الذي تقتضي فيه المصلحة العامة تقرير البطلان بالنسبة للواقعة المعيبة وما يترتب عليها من إجراءات ونتائج قانونية، فإنها توجب عدم المغالاة في هذا الشأن وإبطال الدعوى جميعها.

والمسلك المتزن الواجب اتباعه هو ألا يترتب البطلان إلا بالنسبة للإجراء الذي يرتبط بالواقعة المعيبة، بحيث يمكن اعتباره نتيجة مباشرة لها على أن تظل باقي الإجراءات صحيحة.

وقد أخذ على هذا الاتجاه أنه يترك للقاضي سلطة غير محدودة في تقدير مدى البطلان بالنسبة للإجراءات اللاحقة، في حين أنه يجب إلزامه بقواعد واضحة لا يخرج عنها.

ولكن الرأي المذكور يتعارض مع المبدأ المسلم به في منح محكمة الموضوع سلطة تقديرية بمقتضاها لا تأخذ إلا بما تقتنع به من وقائع الدعوى وإجراءاتها وأدلتها، سواء أكان ذلك من الناحية الموضوعية أو والقانونية.

وبناءً عليه يمكنها أن تهمل ما يعرض عليها إذ لم تطمئن له أو تقرر بطلانه إذا كان معيباً.

وليس معنى ذلك أنه لا يوجد معيار يهتدي به القاضي في تقرير أثر البطلان على ما يليه من الإجراءات، حيث إن الرأي الراجح هو قيام علاقة السببية بينهما على أساس يتطلب اعتبار العمل الباطل شرطاً لازماً لوجود الإجراء المترتب عليه، ويعد التسبب الرئيسي للقيام به مثل استجواب المتهم وقبل حبسه احتياطياً.

وبصفة عامة يجب على المحكمة أن تبحث عناصر الدليل المطروح عليها في حد ذاتها مع تقدير مدى تأثير الإجراءات المعيبة عليه والاستجواب أو الاعتراف على وجه خاص لا يخضع للتفتيش أو القبض الباطل الذي تقدمه ما دام قد تم على وجه مستقل عنه، خاصة وأنه لا يشترط أن تكون إقرارات المتهم تالية لإجراء صحيح، والذي يلزم فقط ألا يكون العمل السابق له من شأنه أن يعيب إرادته، حيث لا يوجد ما يمنعه من أن يعترف بجريمته اختيارياً بعد اتخاذ إجراء معيب معه.

استثناء الاستجواب فى قضايا المخدرات :

يجب أن يؤخذ في الاعتبار ما أشرنا إليه من وجود بعض القواعد التي لها أهمية خاصة لتعلقها بالمبادئ العامة الأساسية التي يلزم مراعاتها ويترتب على إهمالها بطلان الدعوى الجنائية، سواء أكانت مخالفتها تقتضي بطلاناً من النظام العام أم بطلاناً لمصلحة الخصوم.

ومن هذا القبيل ما ذهبنا إليه من أن عدم استجواب المتهم بعيب الدعوى ويجعلها عرضة أغفل إجراء جوهرياً يضر بمصلحة الدفاع. للبطلان، على اعتبار أنه قد ولا يؤثر في ذلك أن القانون لم ينص على الجزاء المذكور صراحة، إذ إن التشريع الفرنسي الذي أخذنا عنه تلك الأحكام لا يوجد به نص يتعلق بهذا الشأن ولو ضمنياً.

وذلك أيضاً ما جرى عليه العمل في بلجيكا دون قيام قاعدة تشريعية تقضي بالبطلان عند المخالفة. ونفس الوضع بالنسبة لمعظم الدول الأخرى التي تتبع نظام للبحث والتحري على أساس أن الاستجواب يعتبر المناسبة الوحيدة التي تتيح للمحامي فرصة الإطلاع على الدعوى والقيام بدور إيجابي فيها، كما يستطيع المتهم أن يقدم دفاعه.

ويلاحظ أن المحقق غير مكلف بتطبيق هذه القاعدة بالنسبة لباقي إجراءات جمع الأدلة، فلا يترتب على ترك بعضها أي عيب يمكن أن يبطل الدعوى، نظراً لأن المحكمة مكلفة بأن تبني اقتناعها على التحقيقات التي تجريها بنفسها في الجلسة، ما لم تكن قد أخذت في تقديرها تلك الإجراءات التي تمت في مراحل سابقة قبل إحالتها إليها.

وفي هذا الصدد قررت محكمتا العليا أن (بطلان التحقيق الذي يتأثر به الحكم هو الذي يلحق التحقيق الحاصل أمام المحكمة، أو هو بحسب الأصل الأساس الذي تكون منه المحكمة عقيدتها. أما العيوب التي تشوب التحقيقات والأولية، فإنها لا تؤثر في الحكم ما دامت المحكمة لم تستند إليها).

استبعاد الإجراء الباطل من ملف الدعوى فى قضايا المخدرات :

نظراً لعدم وجود نص في قانون التحقيق الجنائي الفرنسي يتعلق بكيفية التصرف في الأوراق التي تتضمن الإجراءات الباطلة الموجودة بملف الدعوى؛ فقد صدرت أحكام متعارضة في هذا الشأن.

فالبعض ذهب إلى عدم ضرورة نزع تلك المستندات من الملف والآخر قرر أهمية ذلك.

والرأي الأول يستند إلى أن أوراق القضية مرتبطة ببعضها وحذف جزء منها يجعلها غير واضحة وفي صورة مفككة غير كاملة بالإضافة إلى أن القاضي له بمقتضى سلطته التقديرية بأن يرجع إلى الوقائع التي تتضمنها كمعلومات خاصة إذا تعلقت بعناصر إثبات بتعذر إعادتها، مثل محضر أقوال الشاهد الذي توفي، لأنه قد يحتوي على عناصر دليل تفيد في كشف الحقيقة، ويرجع سبب بطلانه إلى عيب شكلي ليس له أثر على موضعيته.

ومن البديهي أن هذا كله مشروط بضرورة مراعاة عدم الاستناد لأي قرينة مما يتعلق بذلك الشأن. ولكن رغم الفائدة العملية التي يحققها هذا الرأي مع التحفظ الوارد به؛ فإنه من الأفضل الأخذ بالاتجاه الآخر. ففي ظل النظام القانوني المبني على الاقتناع الشخصي الحر يخشى دائماً أن يكون للإجراء المعيب وما أسفر عنه من أدلة مباشرة تأثير على القاضي أثناء تكوينه لرأيه، مما لا يمكن معه معرفة ما إذا كان قد وضع في اعتباره الإجراء الباطل أم لا.

لذلك لم يتردد المشرع الفرنسي في الأخذ بتلك القاعدة صراحة فنص في المادة (۱۷۳) من قانون الإجراءات الجنائية على حكم جديد قطع به كل خلاف من ملف الدعوى، على أن تودع في قلم كتاب المحكمة الاستئنافية مع تحريم إفشاء أية معلومات تتعلق بها أو إثارتها أثناء المناقشات. ويعاقب من يخالف ذلك من القضاة باعتباره مرتكباً لجريمة الغدر وتقام الدعوى التأديبية بالنسبة للمدافعين.

ولكن يجب ملاحظة أنه إذا كان قضاء الحكم هو الذي أبطل الإجراءات المعيبة، فإنه لا يمكن بداهة في هذه الحالة نزعها من ملف الدعوى. وعليه فقط استبعادها من كل عمل أو مناقشة.

ورغم عدم وجود نص صريح في القانون المصري، فإن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه الدكتور محمود مصطفى بشأن الأخذ بحكم المادة (۱۷۳) إجراءات فرنسي، حيث إن ذلك يتفق مع المبادئ العامة للعدالة. خاصة وأن محكمتنا العليا قررت ذلك صراحة في ظل قانون تحقيق الجنايات الذي لمزيكن يتضمن قواعد تنظيمية للبطلان.

ولم يشتمل قانون الإجراءات الجنائية الحالي نصاً يتعلق بهذا الشأن؛ ولكن هذا لا يمنع من الأخذ بما أشرنا إليه. ولحسم أي خلاف في الرأي يجب على المشرع أن يتدخل صراحة بالنص عليه.

٢-تصحيح البطلان فى قضايا المخدرات :

أجازت المادة (٣٣٥) من قانون الإجراءات الجنائية المصري صراحة للمحقق أن يصحح ولو من تلقاه نفسه كل إجراء يتضح له بطلانه كلما أمكن ذلك.

وقد أخذ مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد بنفس هذا الاتجاه مع بعض التفصيل، حيث نص في المادة (۳۲۷) على أنه: (يجوز تجديد الإجراء الباطل ولو بعد التمسك بالبطلان على أن يتم ذلك في الموعد المقرر قانونا لاتخاذ الإجراء، فإذا لم يكن له ميعاد مقرر في القانون حددت المحكمة ميعاداً مناسباً لتجديده، ولا يعتد بالإجراء إلا من ذلك التاريخ).

من هذا يتضح أنه لم يكتف بالنص على جواز تصحيح الإجراء المعيب، بل أباحه حتى ولو بعد التمسك بالبطلان إذا كان هذا ممكناً والميعاد قائماً. وذلك على خلاف ما تقضي به القواعد العامة من ضرورة أن يتم التصحيح قبل الدفع؛ لأنه إذا قدم شخص طلباً تتحدد حقوقه بهذا الوقت وليس بتاريخ الحكم، لكيلا تضار مصلحته.

نقد نظام التصحيح :

رغم أن وقوع الإجراء الباطل لا يؤثر في اختصاص المحقق، ولا يمنعه من الناحية القانونية الشكلية من إعادة القيام بنفس العمل بعد أن يستوفي شروط صحته، وأن تجديده ليس معناه إلغاء الأول الذي لم يتقرر بعد بطلانه خاصة وأنه لا يؤخذ بنظام السحب في مجال الإجراءات الجنائية.

ويظل الأمر معروضاً على المحكمة وخاضعاً لتقديرها، فتأخذ بكامل حريتها من الأدلة المطروحة عليها وفقاً لاقتناعها الشخصي، سواء الناتجة عن الإجراء الأول الذي لم تر بطلانه أو الثاني الذي لم يباشر إلا على مظلة وجود عيب في قرينه السابق له.

وهذا الاتجاه له ناحية عملية مفيدة، حيث يوفر تطويل الإجراءات ويؤدي في حالات كثيرة إلى تدارك أسباب البطلان، مما يتفق مع الرغبة التي تدعو إلى التقليل من حالات التقرير.

فإنه من الناحية الموضوعية لا يصح منطقياً أن يعهد إلى ذات الشخص الذي وقع في خطأ وخالف ما تقضي به أحكام القانون بنفس العمل مرة أخرى عقب انتهائه منه مباشرة؛ إذ معنى ذلك أن نقيمه قاضيا يحكم في مدى صلاحية أعماله المتعلقة بالتحقيق وإجراءاته، مما يترتب عليه إخلال بضمانات الدفاع.

خاصة وأن المحقق سبق أن كون رأياً في الموضوع وتقيد معنوياً بفكرة معينة لخط سيره يصعب عليه دائماً الخلاص منها.

كما أن الأخذ بذلك المبدأ يؤدي إلى ضياع الغرض الذي يهدف إليه المشرع من وراء النص على قواعد البطلان؛ لأنه يعني بها فكرة الجزاء على الإجراءات التي فيها خروج عن الأحكام القانونية الواجبة الاتباع، فإذا وقعت المخالفة وجدب توقيع الجزاء المقرر لها، حيث لا يجوز حرمان صاحب الشأن من حقه في التمسك بالبطلان بمجرد أن تتوافر أسبابه.

ومن الواضح أن المحقق لن يستطيع أن يكون عادلاً تماماً قيامه بتصحيح الإجراء المعيب الذي قام به إذا وضعنا في الاعتبار أنه أيضا يمثل سلطة الاتهام في ظل نظامنا القضائي، مما يوجد لديه ميلاً طبيعياً إلى رفع كل شبهة عن تصرفاته.

والأسباب التي دفعت المشرع إلى حرمانه من سلطة تقرير بطلان إجراءات التحقيق المعيبة السابق قيامه بها أجدر وأولى بالرعاية لمنعه من إعادتها بعد استيفاء شروط صحتها.

بالإضافة إلى أن تقديره لهذا الأمر يكون دائماً محل نقد، حيث إنه سبق له عدم احترام القانون أثناء قيامه بالإجراء في المرة الأولى.

 الدفع ببطلان إجراءات التحريز فى قضايا المخدرات

من المقرر أن إجراءات التحريز فى قضايا المخدرات إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، فيكفي أن تقتنع المحكمة بأن المضبوطات لم يحصل بها عبث.

فالهدف الذي قصد إليه الشارع من وجوب مراعاة الإجراءات الخاصة بضبط الأشياء وتحريزها التي تنص عليه في الإجراءات الجنائية هو الاشتياق من عدم حصول عبث بالمضبوطات فإذا اطمأنت المحكمة إلى ذلك فيكون قصد الشارع قد تحقق ولا يقبل إذن الدفع ببطلان الإجراءات بسبب إغفال هذه الإجراءات.

 الدفع بانتفاء جريمة الجلب فى قضايا المخدرات

القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم (٤٠) لسنة ١٩٦٦ إذ عاقب في المادة (۳۳) منه على جلب المواد المخدرة فقد دل ذلك على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في دليل طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الحظر الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي ،،،

وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه استقلالاً إلا إذا كان الجوهر المخدر المجلوب لا يفيض عن حاجته الشخصية أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام حالة التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له ويدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب،

ذلك أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما أسنده في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل ما ينزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه (.

 الدفع بالجنون أو العاهة العقلية كدفع فى قضايا المخدرات

بين المشرع الحكم الموضوعي للجنون في المادة (62) من قانون العقوبات، كما بين الأحكام الإجرائية التي تتخذ حيال المجنون الذي يرتكب فعلاً يعد جريمة في المواد (328) إلى (342) والمادة (487) من قانون الإجراءات الجنائية.

وتنص المادة (52) عقوبات على أنه : ” لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، إما لجنون أو عاهة في العقل ….”.

ويفيد هذا النص أنه لكي تمتنع المسئولية يجب توافر شرطين:

1) ثبوت الجنون أو عاهة العقل .

2) أن يترتب عليه فقد الشعور (الإدراك) أو الاختيار وقت ارتكاب الفعل .

الجنون أو عاهة العقل كدفع فى قضايا المخدرات :

لم يشأ المشرع أن يعبر عن حالات اضطراب القوى العقلية بتعبير طبي كدفع فى قضايا المخدرات ، إذ أن أي تعبير طبي لن يكون شاملاً لكافة الحالات التي تضطرب فيها القوى العقلية. وهذا المسلك سليم من الناحية التشريعية، فهو لا يكلف القاضي البحث في توع المرض العقلي المصاب به المتهم، فيكفي أن يتحقق من ثبوت الاضطراب في القوى العقلية أيّاً كان نوع المرض، ما دام هذا الاضطراب يؤدي إلى فقدان الإدراك أو الاختيار.

وتحديد المقصود بالجنون أو عاهة العقل من شأن الأطباء والمتخصصين، على أنه يمكن القول بأن الجنون يشمل الحالات الذهانية وهي الأمراض الناتجة عن خلل في العقل، والحالات العصبية وهي الأمراض الناشئة عن اضطراب الجهاز العصبي، ولذلك فهو اعتقادنا أوسع نطاقاً من تعبير عاهة العقل الذي يشير إلى النوع الأول فقط .

وعلى أية حال فليس من الضروري أن ينشأ الجنون أو عاهة العقل عن مرض عضوي، فقد يرجع إلى مرض نفسي. وأكثر حالات اضطراب القوى العقلية انتشاراً هي:

1- الضعف العقلي كدفع فى قضايا المخدرات :

ويعني وقوف الملكات في نموها دون النضج الطبيعي وهو على درجات، أحطها العته ثم البله ثم الحق أي الغباء الشديد، ولا ينفي الحمق القدرة على الإدراك أو الاختيار ولكن يخفف منها.

2- الصرع كدفع فى قضايا المخدرات :

ويتخذ صورة نوبات يفقد المصاب خلالها شعوره وإرادته فلا يسيطر على أعضاء جسمه وتعرض له قبل النوبة دوافع لا يستطيع مقاومتها وقد تحمله على ارتكاب الجرائم. ومن الصرع نوع لا يتخذ فيه المرض عوارض جسدية، وإنما يقتصر تأثيره على القوى الذهنية، ولذلك يسمى الصرع النفسي.

3- الفصام كدفع فى قضايا المخدرات :

وهي نوع من الهستيريا، يعاني المصاب بها من ازدواج الشخصية، ولا يذكر المصاب وهو في إحدى الشخصيتين ما اقترفه من الأفعال حينما تكون له الشخصية الأخرى.

4- جنون العقائد الوهمية كدفع فى قضايا المخدرات :

وفي هذه الحالة يعاني المريض من أفكار تتسلط عليه ولا يستطيع مقاومتها ومن أمثلة ذلك أن يعتقد المريض أنه ضحية اضطهاد أو أنه نبي مرسل أو يتقمص شخصية تاريخية معروفة. وهذا النوع من الجنون يدفع إلى ارتكاب الجرائم تحت تأثير الأفكار المتسلطة، فمن يعتقد أنه ضحية اضطهاد قد يقتل من يعتقد أنه يضطهده.

5- جنون السرقة:

وهذا المرض يدفع المصاب إلى ارتكاب السرقات بالرغم من علمه بما يقدم عليه ولكنه لا يستطيع كبح جماح رغباته. ومن أنواع هذا الجنون جنون الحريق وجنون العرض، فيهما يدفع المريض إلى حرق الأشياء أو على عرض أعضائه التناسلية.

هل يعدم التنويم المغناطيسي المسئولية فى قضايا المخدرات ؟

التنويم المغناطيسي هو افتعال حالة نوم غير طبيعي، تتغير فيها الحالة الجسمانية والنفسية للنائم ويتغير خلالها الأداء العقي الطبيعي، ويتقبل فيها النائم الإيحاء دون محاولة منه لتبريره أو إخضاعه للمنطق وتنقسم حالة التنويم المغناطيسي باستعداد ظاهر لقبول الإيحاء، لأنها تقتصر الاتصال الخارجي للنائم على شخص المنوم وتخضعه له بارتباط إيحائي.

وتتم عملية التنويم المغناطيسي من شخص لديه خبرة في هذا المجال، بواسطة طرق مختلفة، مثل تثبيت العينين على أجسام متوهجة، أو تثبيتها على عيني المنوم، أو بالإيحاء بالاسترخاء، أو بواسطة إغلاق العينين، وفي ذلك من الطرق.

وتتميز ظاهرة النوم المغناطيسي بالتعقيد الشديد، فليس كل فرد يمكن تنويمه مغناطيسياً، فالبعض يمكن أن يُنوم بدرجة يسيرة، وآخرون يمكن تعميق درجة نومه إلى مدى متفاوت.

ومن المعروف أنه من 80% إلى 90% من الأفراد لديهم قابلية للنوم المغناطيسي من الدرجة اليسيرة، وأن حوالي 15% فقط يمكن الوصول بهم إلى درجة النوم العميق.

ويعتمد مدى الارتباط الإيحائي بين المنوم والنائم أساساً على درجة عمق النوم المغناطيسي، بمعنى أنه كلما تمكن المنوم من تعميق درجة النوم زاد احتمال قبول النائم للإيحاء، دون محاولة منه لتقرير قبوله أو رفضه.

والنوم المغناطيسي العميق يمكن أن يتيح ارتباطاً إيحائياً بين المنوم والنائم يستمر بعد الاستيقاظ من حالة النوم ويسمى النوم المغناطيسي اللاحق وفيها ينفذ الشخص وهو في حالة اليقظة الأمر الذي أوحى له به المنوم وهو نائم وعندما ينفذ هذا اِلأمر لا يعي أن المنوم قد أوحى له به وإنما يجد نفسه مسوقاً إليه محاولاً إيجاد تبرير ذاتي له.

والنوم المغناطيسي من الدرجة اليسيرة لا يسلب النائم القدرة على الإدراك والاختيار، فهو يستطيع أن يمتنع عن تنفيذ ما يوحي إليه به من المنوم إذا كان لا يتفق مع رغبته. أما النوم المغناطيسي العميق فهو يؤدي إلى إفقاد النائم هاتين القدرتين، وينفي بالتالي مسئوليه الجنائية.

وإذا قيل الشخص أن ينوم حتى يشجعه ذلك على ارتكاب جريمة، فإن حكمه يكون حكم السكران باختياره، فيظل مسئولاً عنها.

إثبات الجنون أو عاهة العقل فى قضايا المخدرات :

لا شك أن الكشف عن اضطراب القوى العقلية ليس بالأمر الهين، خصوصاً إذا كان الجنون من النوع الهادي، وقد يتظاهر البعض بالجنون تخلصاً من المسئولية، ولذلك فإن القضاء يلجأ عادة لأهل الخبرة للاسترشاد بآرائهم.

ولهذا تنص المادة (338) إجراءات جنائية على أنه : ” إذ دعا الأمر إلى فحص حالة المتهم العقلية يجوز لقاضي التحقيق أو القاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة أمامها الدعوى حسب الأحوال أن يأمر بوضع المتهم إذا كان محبوسا احتياطياً تحت الملاحظة في أحد المحال الحكومية المخصصة لذلك لمدة أو لمدد لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يوماً بعد سماع أقوال النيابة العامة والمدافع عن المتهم إن كان له مدافع

ويجوز إذا لم يكن المتهم محبوساً احتياطياً أن يؤمر بوضعه تحت الملاحظة في أي مكان آخر”. وإذا ثبت للمحكمة أن المتهم غير مجنون وحكمت عليه بعقوبة فإن المدة التي يقضيها تحت الملاحظة أو في الحجز تخصم من مدة العقوبة التي يحكم بها عليه (المادة 341 إجراءات).

وإثبات الجنون أمر موضوعي يفصل فيه قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض. وللمحكمة أن تتحقق بنفسها من توافر حالة الجنون، فهي ليست ملزمة بندب خبير لفحص حالة المتهم إذا طلب ذلك، على أنه يتعين عليها إذا رفضت هذا الطلب أن ترد عليه بأسباب كافية وإلا كان حكمها مشوباً بعيب القصور في التسيب والإخلال بحق الدفاع.

والمحكمة غير مقيدة برأي الخبير، فرأيه استشاري، تطبيقاً لمبدأ “القاضي هو خبير الخبراء”.

الآثار الإجرائية المترتبة على توافر شروط الدفع بجنون المتهم وسلطة المحكمة في إثباته والرد عليه:

1) إذا توافرت شروط الدفع بالجنون في الدفع بالجنون في المتهم امتنعت مسئوليته الجنائية لانتفاء الركن المعنوي. وبطبيعة الحال فإن من حق المحامي أن يدفع بجنون المتهم أو بشذوذه العقلي.

وهو دفع جوهري ويلزم أن يتعرض له الحكم عند قبوله أو رفضه بأسباب مستمدة من الأوراق، وباستنتاج منطقي سائغ متى أصر عليه المحامي وتمسك به بصيغة صريحة جازمة؛ وبشرط عدم التنازل عنه صراحة ولا ضمناً قبل إقفال باب المرافعة.

2) والدفع بالجنون فى قضايا المخدرات دفع موضوعي؛ ومن ثم فهو لا يتعلق بالنظام العام ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع من قبل.

والتحقق من توافر شروط امتناع المسئولية من شأن قاضي الموضوع، إذ يتطلب بحثاً في وقائع الدعوى وظروفها، ولا فرق في ذلك بين الشروط المختلفة لامتناع المسئولية؛

فسواء أن يتعلق البحث بالعاهة أو بما يترتب عليها من فقد الشعور أو الاختيار أو بمعاصرة ذلك الفعل، ويترتب على ذلك أنه لا رقابة لمحكمة النقض على ما يثبته قاضي الموضوع في ذلك سواء أقبل الدفاع بامتناع المسئولية أم رفضه، بشرط أن يكون قد سبب حكمه تسبيباً كافياً.

وفي غالب الأحوال يقتضي التحقق من امتناع المسئولية الاستعانة برأي خبير مختص.

3) ليس من شأن الخبير أن يقرر ما إذا كان المتهم مسئولاً جنائياً عن أفعاله أم غير مسئول، وإنما تقتصر مهمته على بيان ما إذا كان المتهم يعاني انحرافاً متعلقاً بميدان خبرته؛ ومدى خطورة هذا الانحراف، وعلى القاضي أن يستخلص من تقرير الخبير ما لإرادة المتهم من قيمة قانونية دون أن يكون ملزماً بما أثبته الخبير من وقائع أو انتهى إليه من نتائج فليس القاضي ملزماً بأن يستعين بخبير؛

فقد يرى الأمر من الوضوح بحيث يستطيع البت فيه بنفسه، كما لو كانت مظاهر المرض واضحة لديه أو قدر أن الدفع بامتناع المسئولية للجنون غير جدي؛ لأن القرائن تكذبه. ويتقيد القاضي حين يرفض الاستعانة بخبير أو يرفض الدفع بامتناع المسئولية بأن يسبب رفضه تسبيباً كافياً.

ومن ثم لم يكن له أن يقتصر على الرفض غير المسبب أو المسبب بتسبيب غير سائغ ومن حق القاضي أن يقرر امتناع مسئولية المتهم ولو لم يدفع بذلك، إذ من واجبه أن يتحقق من توافر كل أركان الجريمة وعناصر المسئولية عنها حتى يكون من حقه أن ينطق بالعقوبة.

4) لا يلام القاضي حين يغفل الإشارة إلى تمتع المتهم بقواه العقلية؛ إلا إذا دفع المتهم دفعاً جدياً بامتناع المسئولية لجنون أو عاهة في العقل، باعتبار أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع.

5) قرر المشرع نوع التدابير الاحترازية عند ثبوت صحة الدفع بامتناع المسئولية لجنون المتهم أو إصابته بعاهة في العقل، وتثبت في الوقت نفسه خطورته بارتكابه جريمته. فنص في المادة (342) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه

“إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو حكم ببراءة المتهم وكان ذلك بسبب عاهة في عقله تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن تأمر الجهات المختصة بإخلاء سبيله”.

وهذا التدبير يقي المجتمع خطورة هذا الشخص، وعلى الرغم من انطوائه على سلب الحرية فهو ليس عقوبة. إذا لا محل لعقوبة إذا امتنعت المسئولية وإنما هو تدبير احترازي، والأمر بهذا التدبير إلزامي، فإذا أغفل الحكم ببراءة المتهم عن الأمر به كان معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

وغني عن البيان أنه لا محل لهذا التدبير إلا إذا ثبت من التحقيق الابتدائي أو الإنتهائي ارتكاب المجنون الجريمة، وإلا ما كان للسلطة القضائية شأن به، وكان أمره للسلطة الإدارية شأنه شأن أي مجنون.

الدفع فى قضايا المخدرات بالغيبوبة الناشئة عن تناول عقاقير مخدرة إذا تناولها الشخص من غير اختيار منه

نص المشرع على هذا السبب المانع من المسئولية الجنائية في المادة (62) من قانون العقوبات فقرر أنه “لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيّاَ كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم بها”.

وقد حدد الشارع في هذا النص شروط امتناع المسئولية فتطلب أن يكون السكر غير اختياري واشترط أن يترتب عليه فقد الشعور أو الاختيار في العمل وأن يعاصر ذلك وقت ارتكاب الفعل.

ويتضح بذلك أن الحكم الذي يقرره هاذ النص خاص بالسكر غير الاختياري، أما السكر الاختياري فلم يبين القانون حكم صراحة.

وقد أشار الشارع إلى على امتناع المسئولية، وهي فقد “الشعور” أي التمييز، أو فقد “الاختيار” أي حرية الاختيار وهما الشرطان المتطلبان لتكون الإدارة ذات قيمة قانونية، فيؤدي انتفاؤها إلى أن تتجرد من القيمة فلا يتوافر الركن المعنوي للجريمة.

متى يعد السكر غير اختياري:

نص المشرع على صورتين يكون السكر فيهما غير اختياري: الأولى أن يتناول المتهم المادة المخدرة قهراً عنه، والثانية أن يتناولها على غير علم منه بها.

فالصورة الأولى تفترض أن تناول المادة كان تحت تأثير إكراه مادي أو معنوي أو استجابة لضرورة كعلاج مرض أو التهيؤ لجراحة؛

والصورة الثانية تفترض الوقوع في غلطـ، أي تناول المادة المخدرة اعتقاداً بأنه ليس من شأنها التخدير.

سلطة القضاء في إثبات السكر:

التحقق من وجود المتهم في حالة سكر وتحديد نوع سكره وما إذا كان اختيارياً أو غير اختياري وبيان تأثيره على الشعور والاختيار، كل ذلك من شأن قاضي الموضوع دون رقابة تباشرها عليه محكمة النقض، فإذا فصل في هذه الأمور وانتهى بناء أدلة سائغة إلى مسئولية المتهم أو عدم مسئوليته فلا محل للطعن في حكمه.

ويلزم القاضي بالرد على دفع المتهم بانعدام مسئوليته بناء على السكر، فإن أغفل الرد أو رد عليه دون استناد إلى أدلة سائغة كما لو أغفل بيان ما إذا ” كان المتهم فاقد الشعور والاختيار بسبب حالة السكر أم لا” فحكمه قاصر التسبيب، ولا محل لهذا الالتزام إذا كان المتهم لم يدفع بانعدام مسئوليته بسبب سكره، ولا يقبل منه هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض طالما أن الحكم المطعون فيه لا يبين منه أن المتهم كان فاقد الشعور أو الاختيار بسبب السكر.

مكتب سعد فتحي سعد للمحاماة

مكتب إستشارات قانونية، مستشار قانوني لكبري الشركات الاستثمارية، متخصص في كافة المجالات القانونية والمكتب يضم محامين ومستشارين وأساتذة جامعات .