الدعوى المباشرة فى القانون 2024
Contents
- 1 الدعوى المباشرة
- 2 لماذا شرعت الدعوى المباشرة
- 3 الدعوى المباشرة :
- 4 ماهى الجرائم التي يجوز فيها تحريك الدعوى المباشرة
- 5 ماهى الجرائم التى لا يجوز فيها رفع الدعوى المباشرة
- 5.1 1- الجرائم التي يكون تحريكها أو رفعها من اختصاص النيابة العامة وحدها دون غيرها.
- 5.2 2- إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم أو أحد رجال الضبط الجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها (المادة ٢٣٢ إجراءات).
- 5.3 3- لم يسمح القانون برفع الدعوى المباشرة إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى إذا لم يستأنف المدعي هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة (المادة٢٣٢/٤إجراءات).
- 6 تكييف حق المدعي المدني في تحريك الدعوى المباشرة
- 7 النتائج المترتبة على حق المدعي المدني فى رفع الدعوى المباشرة
- 8 شروط قبول الدعوى المباشرة
- 9 إجراءات رفع الدعوى المباشرة
- 10 آثار تحريك الدعوى المباشرة
- 11 إساءة استعمال الحق في الدعوى المباشرة
الدعوى المباشرة
لماذا شرعت الدعوى المباشرة
الدعوى المباشرة :
تأثرا بالنظام الاتهامي نص قانون الإجراءات الجنائية على أن للمدعي المدني حق تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر ( الدعوى المباشرة ). وقد لاحظ المشرع في تقرير حق رفع الدعوى المباشرة تحقيق اعتبارات متعددة أهمها تحقيق توازن ضروري مع مبدأ الملاءمة في رفع الدعوى الجنائية الذي تطبقه النيابة العامة للتخفيف من حدة عدم رفع الدعوى الجنائية في بعض الحالات، وإرضاء شعور المجني عليه وهو اعتبار مهم لتحقيق مصلحة المجتمع وتجنيب الالتجاء إلى الانتقام الشخصي. وقد تردد المشرع عند وضع القانون الحالي في تقرير حق الدعوى المباشرة للمدعي المدني خشية سوء استعماله، لكن الرأي استقر على الأخذ به في حدود معينة.
لا يفوتك: اسباب تخفيف العقوبة فى القانون المصري م 17 عقوبات
ماهى الجرائم التي يجوز فيها تحريك الدعوى المباشرة
هي الجنح والمخالفات بحسب الأصل، فلا تجوز الدعوى المباشرة في الجنايات، ذلك لأنه نظرا لخطورتها أخضعها القانون لإجراءات خاصة تكفل تأمين المتهم عند المثول أمام محكمة الجنايات لمحاكمته عن جناية، والعبرة في تحديد نوع الجريمة بطبيعتها لا بالمحكمة المختصة بنظرها.
وبناء على ذلك، يجوز رفع الدعوى المباشرة عن الجنح التي جعلها القانون بصفة استثنائية من اختصاص محكمة الجنايات، وهي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس.
ماهى الجرائم التى لا يجوز فيها رفع الدعوى المباشرة
استثنى القانون طائفة من الجنح والمخالفات فلم يجز بشأنها تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر، ويتمثل ذلك في الأحوال الآتية:
1- الجرائم التي يكون تحريكها أو رفعها من اختصاص النيابة العامة وحدها دون غيرها.
مثال ذلك الجرائم التي تقع خارج الجمهورية، فالحق في تحريك الدعوى الجنائية عنها قاصر على النيابة العامة وحدها المادة ٤ عقوبات، فقد رأى المشرع أن يترك تقدير ملاءمة تحريك الدعوى الجنائية في هذا النوع من الجرائم للنيابة العامة وحدها. وكذلك الحال إذا وقع من المحامي في أثناء تأدية واجبه في الجلسة وبسببه ما يستدعي مؤاخذته جنائيا،
فإن مقتضى نص المادة ٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية والمادتين ٤٩ و٥٠ من قانون المحاماة، فإن رئيس الجلسة يحرر محضرا بما حدث ويحيله إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول. ومقتضى ذلك أن النيابة العامة وحدها هي المختصة بتحريك الدعوى الجنائية ورفعها، بما يعني امتناع الدعوى المباشرة في هذه الحالة.
2- إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم أو أحد رجال الضبط الجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها (المادة ٢٣٢ إجراءات).
وقد لاحظ المشرع في ذلك حماية الموظفين من كيد الأفراد والادعاءات غير الجدية وخاصة أن قانون العقوبات قد عامل الموظفين والمستخدمين العامين في شأن التجريم والعقاب معاملة أغلظ من غيرهم من الأفراد. وقد استهدف هذا النص حماية الوظيفة العامة من مخاطر اتهام موجه إلى شاغلها لا يقوم على أساس من ناحية الواقع أو القانون، دون أن يسقط عن هؤلاء الحق في ملاحقتهم لمحاسبتهم أمام القضاء الجنائي بواسطة النيابة العامة في هذا بالإضافة إلى أن حق الادعاء المباشر ليس إلا استثناء من أصل رفع الدعوى الجنائية بأمر من جهة قضائية.
وقد استثنى المشرع من هذا القيد الجرائم المنصوص عليها في المادة ١٢٣ عقوبات. وهي استعمال الموظف العام سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة،
وامتناع الموظف العام عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف. وقد جاء هذا الاستثناء فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام تطبيقا لما كانت تنص عليه المادة ۷۲ من دستور سنة ۱۹۷۱، التي نصت على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة.
وقد أخذ دستور ٢٠١٤ بذات النص في المادة ۱۰۰ منه وأضاف إليه أنه على النيابة العامة بناء على طلب المحكوم له تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب في تعطيله.
وقد استهدف القانون من ذلك ضمان احترام الإدارة للكانون واللوائح وأحكام القضاء وكفالة حقوق الأفراد في مواجهتها وتوفيقا بين هذا الاعتبار واحترام الوظيفة العامة أجاز القانون في هذه الحالة أن ينيب الموظف المتهم عنه وكيلا لتقديم دفاعه في غيبته، مع عدم الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصيا (المادة ٦٣/٤ إجراءات). وقد جاء هذا الترخيص استثناء من المادة ٢٣٧ إجراءات التي توجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس أن يحضر بنفسه. ولذلك يستوي أن يكون ذلك أمام محكمة أول درجة أو أمام المحكمة الاستئنافية.
ويلاحظ أن محكمة تنازع الاختصاص في فرنسا قد اتجهت إلى أن الخطأ المنسوب إلى الموظف في أثناء الوظيفة هو خطأ مرفقي وليس خطأ شخصيا، وأن هذا الخطأ المرفقي لا يستتبع مسئولية الموظف، وإنما يترتب فقط مسئولية الإدارة عن التعويض وبالتالي تكون المحكمة الإدارية هي الجهة المختصة بالتعويض وليست المحكمة الجنائية. ولكن محكمة النقض الفرنسية قضت أن رفع الدعوى المباشرة أمام المحكمة الجنائية يجعل الدعوى الجنائية دائما مقبولة بغض النظر عن قبول الدعوى المدنية، ولا يمنع قبول الدعوى الجنائية في هذه الحالة. من رفضها موضوعا.
3- لم يسمح القانون برفع الدعوى المباشرة إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى إذا لم يستأنف المدعي هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة (المادة٢٣٢/٤إجراءات).
والعلة من وراء هذا النص أن المدعي المدني لا يملك حرية تحريك الدعوى الجنائية بأكثر مما تملكه النيابة العامة، فمادامت يد النيابة العامة قد غلت عن استعمال الدعوى الجنائية بصدور الأمر بألا وجه فلا يملك المدعي المدني سوى التقيد بذلك. وفضلا عن كل ذلك فإن حق المدعي المدني في تحريك الدعوى المباشرة – كما سنبين فيما بعد – يسقط بتحريك الدعوى الجنائية من قبل النيابة العامة، وهو ما يتحقق مباشرتها أول إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي.
تكييف حق المدعي المدني في تحريك الدعوى المباشرة
يملك المدعي المدني حقا في مباشرة عمل إجرائي معين هو تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر أمام المحكمة. ويتمتع المدعي المدني بهذا الحق بصفة احتياطية لإقامة التوازن مع الحق الأصيل المقرر للنيابة العامة في تحريك الدعوى المباشرة أو عدم تحريكها في إطار الملاءمة. ومن ناحية أخرى، فإن هذا الحق له طابع مختلط (جنائي ومدني)،،،،
فتحريك الدعوى المباشرة يرمي إلى هدفين في وقت واحد، هما عقاب الجابي وتعويض المجني عليه. فإذا غلبنا الطابع الجنائي على هذا الحق وجب تحرير الدعوى المباشرة من التأثر بشروط قبول الدعوى المدنية وأسباب انقضائها، والعكس بالعكس.
والواقع من الأمر أن الطابع المختلط للحق في تحريك الدعوى المباشرة يبدو في اشتراط قبول الدعويين الجنائية والمدنية معا لتحريك الدعوى المباشرة. ومع ذلك، فإن أثر الطابع الجنائي يبدو غالبا لأن انقضاء الدعوى المدنية أو سقوطها لسبب خاص ما لا يؤثر في بقاء الدعوى الجنائية.
والخلاصة : فإن الحق في الدعوى المباشرة يتميز بخصيصتين
الأولى أنه حق احتياطي لموازنة سلطة النيابة العامة في تقدير ملائمة تحريك الدعوى الجنائية أو عدم تحريكها.
الثانية أنه ذو طابع مختلط (جنائي ومدني) مع تغليب أثر الطابع الجنائي.
النتائج المترتبة على حق المدعي المدني فى رفع الدعوى المباشرة
أولا: يتوقف استعمال الحق الاحتياطي المخول للمدعي المدني في تحريك الدعوى المباشرة على عدم استعمال النيابة العامة حقها الأصيل في تحريك الدعوى الجنائية، فإذا كانت النيابة العامة قد استعملت هذا الحق من قبل بأن حركت الدعوى الجنائية سواء بمباشرتها أحد إجراءات التحقيق، أو برفعها مباشرة أمام المحكمة، لا يجوز للمدعي المدني أن يحرك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر. فمادامت الدعوى الجنائية قد حركتها النيابة العامة أصبح تحريك الدعوى الجناية بعد ذلك واردا على غير موضوع.
فالمحل الذي يرد عليه حق المدعي المدني هـو الإجراء المحرك للدعوى الجنائية، ومادام هذا التحريك قد تم وانتهى، سقط حق المدعي المدني في مباشرة هذا الإجراء.
وبناء على ذلك، فلا يجوز للمدعي المدني في أثناء تحقيق الجنحة أن يبادر فيرفع الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحكمة. ففي هذه الحالة يتعين الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. أما إذا رفعت الدعوى المباشرة بعد مجرد تقديم بلاغ للنيابة العامة وقبل أن تبدأ في تحقيق هذا البلاغ، فإن رفع الدعوى المباشرة
يكون سليما وإذا قدم المجني عليه الشكوى للنيابة العامة في الأحوال التي يوجب القانون فيها تقديم الشكوى، فإن له أن يحرك الدعوى المباشرة مادامت النيابة العامة لم تكن قد حركت الدعوى الجنائية، قبله، لأنه – كما قالت محكمة النقض – لا يصح أن يتحمل مغبة إهمال جهة التحقيق أو تباطؤها.
ولكن ما الحل لو انتهى التحقيق بعدم رفع الدعوى الجنائية أمام المحكمة، وذلك بواسطة أمر تصدره النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة هذه الدعوى؟ هـل يجوز للمدعي المدني في هذه الحالة رفع الدعوى المباشرة أمام المحكمة؟
هذا ما حظره القانون بنص صريح في المادة ٢٣٢/٢إجراءات درءا لكل شبهة. وليس أمام المدعي المدني من فرصة إذا كان قد ادعى مدنيا في أثناء التحقيق إلا أن يستأنف الأمر بأن لا وجه أمام غرفة المشورة في حدود المادة 162 إجراءات.
ثانيا: يتقيد المدعي المدني في تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر بما تتقيد به النيابة العامة في هذا الخصوص. ومن ثم، فلا يجوز للمدعي المدني أن يحركها في الجرائم التي يعلق فيها القانون تحريكها على شكوى أو طلب أو إذن بدون استيفاء هذا الإجراء مقدما. على أنه إذا كان المدعي المدني هو المجني عليه أو وكيله الخاص فإن مجرد تحريكه للدعوى المباشرة يعد بمثابة تقديم الشكوى التي اشترطها القانون في بعض الجرائم، وهو قيد وارد على النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية لا على ما للمدعي المدني من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم.
واستيفاء القيد الإجرائي الخاص بالطلب أو الإذن في أثناء الدعوى لا يحول دون وجوب الحكم بعدم قبولها لأن العبرة هي بتاريخ تحريك الدعوى المباشرة.
ولذلك لا يجوز للمدعي المدني أن يطلب تأجيل نظر الدعوى إلى حين استيفاء هذا القيد الإجرائي، لأن دعواه غير مقبولة أصلا إذ رفعت بغير الطريق السليم.
شروط قبول الدعوى المباشرة
أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة، ويشترط لتوافر هذا العنصر توافر الشروط الآتية:
1- أن يكون حق الدعوى الجنائية قائما لم ينقض بسبب من أسباب الانقضاء كالتقادم والوفاة والعفو عن الجريمة أو التنازل عن الشكوى أو الطلب.
2 – أن تنشأ الخصومة الجنائية قانونا.
وهو ما يقتضي أن يستوفي المدعي المدني شروط تحريك الدعوى قانونا بواسطة التكليف والحضور، فإذا لم يعلن هذا التكليف لا تنعقد الخصومة.
وإذا كان الإعلان باطلا أو تم التحريك بد مضي ميعاد الشكوى أو دون تقديم الطلب أو الإذن، فإنه يترتب على ذلك عدم قبول الدعوى الجنائية. والخلاصة أنه يجب أن تستوفي الدعوى الجنائية شروط قبولها قانونا حتى يمكن تحريكها، وهو أمر توجبه القواعد العامة.
3- أن تكون الواقعة جنحة أو مخالفة في الحدود السالف بيانها. فإن لم تكن الواقعة في ظاهرها – حسب ورقة التكليف بالحضور – لا تشكل جريمة أو كانت جناية، تعين الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية. ويكفي توافر شبهة الجناية حتى تغل يد المدعي المدني عن رفع الدعوى المباشرة.
وقد ذهب رأي في الفقه إلى وجوب الحكم بعدم الاختصاص في هذه الحالة لأن البحث في الاختصاص سابق على البحث في قبول الدعوى.
ورغم وجاهة هذا الرأي لكن الحكم بعدم الاختصاص يفترض سلامة الإجراءات التي تعطي للمحكمة حق إصدار أي حكم في الدعوى، فالإجراءات السليمة هي التي تهيئ السبيل لمباشرة حق الالتجاء إلى القضاء، وبدون ذلك يكون اتصال المحكمة بالدعوى معدوما.
أولا: أن تكون المحكمة مختصة بالدعوى المدنية
ويقتضي هذا العنصر أن يمنح القانون للمحكمة الجنائية الاختصاص بالفصل في الدعوى المدنية التبعية. ومن ثم فلا تقبل الدعوى المباشرة أمام المحكمة الجنائية التي يسلب منها القانون بنص صريح هذا الاختصاص، وهي محكمة الأحداث المادة ۱۲۹ من قانون الطفل والمحاكم العسكرية (المادة ٤٩ من قانون القضاء العسكري).
ومن ناحية أخرى، فإن اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية التبعية يفترض توافر السبب والموضوع والسبب هو الضرر المترتب على الجريمة المنسوبة إلى المتهم، أما الموضوع فهو تعويض هذا الضرر وتطبيقا لذلك، لا تقبل الدعوى المباشرة من دائني المضرور من الجريمة لأن حقهم ليس مبنيا مباشرة على الجريمة. كما لا تقبل الدعوى من ورثة المجني عليه ما لم يكن سببها هو الضرر الشخصي المباشر الذي لحقهم بسبب وفاة المحني عليه.
ويكفي انعقاد اختصاص المحكمة الجنائية ابتداء بالدعوى المدنية حتى تقبل الدعوى المباشرة. ولا يحول دون ذلك سقوط حق المدعي المدني بعد ذلك في المطالبة بالتعويض بسبب سلوك المدعي المدني في ذاته، بترك الدعوى المدنية التبعية أو بسقوط حقه في الادعاء المدني بالالتجاء إلى الطريق الجنائي، أو عدم سلامة الأساس الذي بنيت عليه هذه المطالبة.
وعلة ذلك أن الطابع الجنائي يغلب. الحق في الادعاء المباشر رغم اختلاطه بالطابع المدني. وهو حق منفصل بحسب طبيعته عن مجرد الحق في المطالبة بالتعويض، فإذا تنازل المدعي المدني عـن دعـواه المدنية أو سقط حقه في الادعاء المدني أمام القضاء الجنائي – لا يؤثر ذلك على الدعوى الجنائية.
ثانيا: أن تكون الدعوى المدنية مقبولة أمام المحكمة الجنائية
يقتضي هذا العنصر توافر صفة المدعي المدني وصفة المدعى عليه، فلا تتوافر الصفة إذا رفعت الدعوى بغير توكيل منه أو كان غير أهل لرفعها، أو سقط حقه في الادعاء المدني قبل تحريك الدعوى بسبب الصلح مثلا، ويتطلب أيضا توافر أهلية المدعى عليه فلا يتوافر هذا العنصر إذا كان المدعى عليه محجورا عليه أو محكوما عليه بعقوبة جنائية.
كما يتعين أيضا توافر إجراءات الادعاء المدني، وهو ما لا يتوافر إذا خلا التكليف بالحضور من الادعاء المدني. وعلى هذا النحو، إذا لم تتوافر هذه العناصر كانت الدعوى المدنية غير مقبولة.
إجراءات رفع الدعوى المباشرة
ترفع الدعوى المباشرة بطريق التكليف بالحضور من قبل المدعي المدني (المادة ٢٣٢ إجراءات)، وبدون إعلان هذا التكليف لا تدخل الدعوى في حوزة المحكمة، فلا يستعاض عن ذلك بتوجيه التهمة في الجلسة، لأن حق توجيــه التهمة إلى المتهم بالجلسة وقبوله المحاكمة مقصور على النيابة العامة دون المدعي المدني.
هذا دون إخلال بحكم المادة ٢٦٧ إجراءات التي أجازت للمتهم أن يقيم الدعوى المباشرة على المدعي المدني بتهمة البلاغ الكاذب، وذلك بالاستغناء عن التكليف بالحضور أمام المحكمة إذا حضر المدعي المدني الجلسة ووجه المتهم التهمة إليه وقبل المحاكمة.
ويجب أن يعلن هذا التكليف قبل انعقاد الجلسة بيوم كامل في المخالفات وبثلاثة أيام كاملة على الأقل في الجنح غير مواعيد مسافة الطريق. ويجوز في حالة التلبس أن يكون بغير ميعاد ويستوفي المدعي المدني في هذا التكليف جميع البيانات الواجب توافرها في التكليف بالحضور إذا ما حركت الدعوى بواسطة النيابة العامة.
ولا مجال لتطبيق المادة ۷۰ من قانون المرافعات بشأن وجوب الإعلان خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب لأن مجال ذلك الدعاوى المدنية البحتة لا الدعوى الجنائية ولا الدعوى المدنية التبعية.
ويجب أن يتضمن التكليف بالحضور الادعاء بالحقوق المدنية، فلا يجوز إرسال تكليفين بالحضور أحدهما للدعوى الجنائية والآخر للدعوى المدنية.
ويتبع في إعلان المتهم القواعد المقررة لإعلان الخصوم والمنصوص عليها في المادة ٢٣٤ إجراءات وما بعدها.
ولا يستعاض عن التكليف بالحضور بأي إجراء آخر، فلا يجوز للمدعي المدني أن يوجه التهمة في الجلسة، ولو قبل المتهم ذلك.
آثار تحريك الدعوى المباشرة
متى حرك المدعي المدني الدعوى المباشرة وفقا للإجراءات السابقة، ترتب على ذلك ما يأتي:
1- انعقاد الخصومة الجنائية قانونا أمام المحكمة عن طريق تكليف المتهم بالحضور تكليفا صحيحا. ويستتبع ذلك اتصال سلطة المحكمة بالدعوى.
2- تدخل النيابة العامة بقوة القانون بوصفها ممثلة للاتهام.
وهنا يلاحظ أن تحريك الدعوى المباشرة من قبل المدعي المدني لا يجعله ممثلا للاتهام. فما زالت النيابة العامة تؤدي دورها خصما إجرائيا، فلها أن تقدم مــا شاءت من طلبات ولو كانت في صالح المتهم، متى كان ذلك متفقا مع الصالح العام. ولا يجوز للنيابة العامة أن تعدل في التهمة الواردة في التكليف بالحضور، وكل ما لها هو أن تطلب ذلك من المحكمة، وهو أمر خاضع لتقدير المحكمة.
كل هذا دون إخلال باعتبار الوقائع الواردة في التكليف بالحضور أساسا للدعوى الجنائية المطروحة أمام المحكمة
ولما كان التزام النيابة العامة بتمثيل الاتهام لا يتم إلا في حدود القانون، فإنه لا يحول دون واجبها في المطالبة بعدم قبول الدعوى المباشرة إذا لم تتوافر شروط تحريكها على الوجه الصحيح.
وللنيابة العامة بعد صدور الحكم في الدعوى الجنائية أن تطعن فيه بكافـــة الطرق الجائزة قانونا سواء ضد المتهم أو لصالحه حسبما تراه متفقا مع الصالح العام وطبقا للقانون.
3- متى حركت الدعوى الجنائية بالطريق المباشر اقتصر حق المدعي المدني على دعواه المدنية فحسب.
فليس له أن يطالب في الجلسة بعقوبة معينة كما يمتنع عليه التنازل عن الدعوى الجنائية، فهو أمر غير جائز قانونا للنيابة العامة مادامت الدعوى قــــد دخلت حوزة القضاء. وليس للمدعي المدني أن يطعن في الحكم الجنائي، وكل ما له من حقوق لا ترد إلا على الحكم الصادر في الدعوى المدنية.
ومن ناحية أخرى، فإن حق المدعي المدني أمام المحكمة الجنائية لا يتأثر بانقضاء الدعوى الجنائية لسبب طارئ بعد تحريكها كالوفاة ومضي المدة والتنازل عن الشكوى، فإنه لا يؤثر في بقاء الدعوى المدنية التبعية وواجب المحكمة الجنائية في الفصل فيها.
4- إذا ترك المدعي دعواه المدنية، لا يؤثر ذلك على الدعوى الجنائية (المادة ٢٦٠إجراءات) ولو كان مرفوعة بالطريق المباشر.
وقد ذهب البعض إلى أنه إذا كانت الدعوى الجنائية يعلق القانون تحريكها على تقديم شكوى من المجني عليه، فإن ترك الدعوى المدنية يتضمن التنازل عن الشكوى بناء على أن هذا الترك يؤدي إلى إلغاء صحيفة الدعوى، مما مقتضاه إلغاء الشكوى التي تضمنتها.
والواقع من الأمر أن التنازل عن الشكوى لا يُفترض، فما لم يثبت من إرادة المدعي المدني أنه عندما ترك الدعوى المدنية كان يهدف أيضا إلى التنازل عن شكواه – فلا محل للقول بأن الترك يعني التنازل عن الشكوى. فإلغاء صحيفة الدعوى كأثر للترك هو محض أثر قانوني يقتصر على ما يرد في الصحيفة بشأن الدعوى المدنية دون غيرها، أما الشكوى فهي إجراء جنائي له ذاتيته الخاصة.
إساءة استعمال الحق في الدعوى المباشرة
إذا أساء المدعي المدني استعمال حقه في تحريك الدعوى المباشرة، يجوز للمتهم أن يطالب المدعي المدني بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب ذلك، وهو أمر ينبني على القواعد العامة بشأن التعسف في استعمال الحق.
وكان المفروض أن يرفع دعوى التعويض من المتهم أمام المحكمة المدنية على هذا الأساس، لكن القانون أجاز للمتهم بنص صريح أن يرفع هذه الدعوى على المدعي المدني أمام المحكمة الجنائية في أثناء نظر الدعوى المباشرة المرفوعة منه ضده (المادة ٢٦٧ إجراءات)،
فإذا قبلت المحكمة الجنائية الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم ضد المدعي المدني وتحققت من تعسف المدعي المدني في رفع الدعوى المباشرة عليه، فإنها تقضي ببراءته أو بعدم قبول الدعوى المباشرة – عليها أن تقضي في ذات الحكم بالتعويض على المدعي المدني. وإذا ترك المدعي المدني الدعوى المدنية فإن ذلك لا يحول دون الحكم بالتعويض للمتهم من تعسف المدعي في رفع الدعوى المباشرة.
ومناط التعويض وفقا للمادة ٢٦٧ إجراءات هو أن يلحق بالمتهم ضرر بسبب الدعوى المدنية عليه أمام القاضي الجنائي. وقد قضت محكمة النقض أنه إذا رفضت محكمة الموضوع تعويض المتهم لما أقر به من أنه لم يلحق به ضــر مـــن الادعاء المباشر عليه فإنه لا يقبل منه المنازعة في ثبوت الضرر الذي لم يتسبب في رفع الدعوى المدنية عليه.
والحكم الصادر في الادعاء المدني المرفوع من المتهم قابل للاستئناف سواء منه أو من المدعي المدني وفقا للقواعد العامة.
وإذا أضاع المتهم فرصة الادعاء أمام المحكمة الجنائية في أثناء رفع الدعوى المباشرة عليه، لم يكن أمامه سوى باب المحكمة المدنية بعد الحكم ببراءته في الدعوى المباشرة.
وبالمقابل فقد أخذ قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي في المادة ٩١ منه بذات المبدأ الذي اعتنقه القانون المصري في المادة ۲٦٨ سالفة الذكر. وأكثر من ذلك، أجاز القانون الفرنسي في المادة ۳۹۲- ۱ للمحكمة الجنائية في الجنح والمخالفات أن تقضي على المدعي المدني بغرامة مدنية إذا قضت بالبراءة Décision de relaxe سواء لأن الواقعة لا تعد جريمة أو لأنها غير صحيحة أو غير ثابتة في حق المتهم، وثبت التعسف في رفع الدعوى المدنية. كما أجاز القانون الفرنسي الحكم بغرامة مدنية على التعسف في الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق إذا أصدر أمرا بألا وجه أو رفض التحقيق (المادتان ١٧٧- ٢ و٢١٢-٢ إجراءات).